
قلبنا عليك يا سورية
ذلك هو حال سورية منذ عقود، انقلابات وصراعات وسجون وضحايا ومناف وانقسامات، ولكن هذه أول مرة يخرج فيها النظام بذاته إلى المنفى الروسي ليتبدل المشهد على مستوى التقسيمات الجهوية والاجتماعية الداخلية، وعلى مستوى التوازنات الإقليمية والدولية، فتتصاعد حدة العدوان الإسرائيلي عليها، وتنفتح شهية تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ أو تأثير مباشر على تفاعلات الأحداث بما من شأنه تمزيق نسيجها الاجتماعي، ووحدة شعبها وترابها الوطني ما لم يتم التفاهم بين القوى العظمى وخاصة روسيا وأميركا على الشكل النهائي للحالة الراهنة من منظور المصالح المتبادلة، وما لم يتصالح السوريون فيما بينهم، وما لم تدفع الدول العربية في اتجاه الحفاظ على وحدة سورية وأمنها واستقرارها وعودتها إلى الحاضنة العربية كدولة مشاركة ولو في الحد الأدنى من العمل العربي المشترك!وقف الاعتداءات الإسرائيلية الذي تم يوم السبت الماضي تحت عنوان (وقف إطلاق النار بين سورية وإسرائيل)، ووقف القتال بين العشائر العربية والدروز في السويداء تطور مهم إذا تمت المحافظة عليه لمنح النظام الجديد فرصة تسوية الأوضاع الناجمة عن الصفة الطائفية التي حكمت سورية لفترة طويلة من الزمن وذلك من أجل بناء الدولة المدنية، واستعادة الوطنية السورية أساسا للعلاقة الثابتة بين الدولة والشعب، بعيدا عن التمايز أو الامتياز الطائفي أو المذهبي.ما جرى في السويداء دليل على كثير من المثالب والندوب التي شوهت وجه سورية على مراحل مختلفة، أما الاقتتال الذي وقع مؤخرا بين العشائر العربية والدروز فليس حديثا، حيث النزاعات حول الأراضي والمراعي قائمة منذ عهد قديم، وهناك الخلافات التي يمكن أن تحدث بين شخصين لأي سبب فتنحاز كل جماعة إلى ابنها ويتسع نطاق الخلاف حد تبادل إطلاق النار، ولم يكن يضبط هذا الواقع سوى بعض العقلاء ووجود سلطة صارمة لأجهزة أمن الدولة، ونظامها العام.لا يمكن البناء على تطورات الساعات الماضية للشعور بالارتياح تجاه مستقبل سورية القريب أو البعيد، ولكننا في الأردن– ونحن أقرب الناس للشعب السوري الشقيق– نتأثر كثيرا بالحالة السورية منذ خمسينيات القرن الماضي، ولا نكاد نتذكر استقرارا طويلا للعلاقات الثنائية بيننا بسبب محاولات التدخل في شؤوننا الداخلية والمزايدات الفارغة علينا، ورغم ذلك كله فإن علاقة الأردنيين بالسوريين ظلت عروبية متينة وأصيلة، والأدلة على ذلك كثيرة، أقربها ذلك اللجوء بمئات الألوف من السوريين الأشقاء إلى الأردن نتقاسم معهم رغيف الخبز وشربة الماء.وفي مشهد آخر وقف جيشنا العربي ووقفت أجهزتنا الأمنية وما تزال في مواجهة محاولات الاختراق المشبوهة لتهريب السلاح والمخدرات، وفي الحقيقة لم يتغير شيء بالنسبة لدواعي حماية حدودنا وأجوائنا من الجماعات الإرهابية، ولا بالنسبة لأملنا في استقرار سورية، وقيام نظام جديد قادر على أن يجمع السوريين من حوله لوضع حد لمأساتهم وإعادة بناء بلدهم، وحفظ كرامتهم وتحقيق طموحاتهم، وضمان مستقبل أجيالهم.لقد دافع جلالة الملك عبدالله الثاني طوال تلك السنوات التي عاشت سورية ويلاتها عن حق السوريين في الأمن والأمان والاستقرار، وفي سبيل ذلك كان أول من أقام اتصالا من خلال وزير الخارجية مع رئيسها الجديد، لتقديم كل ما باستطاعة الأردن من مساعدات من أجل إقامة سورية الجديدة التي قلبنا عليها، ولعل مساهمتنا في إطفاء حرائق غابات سورية تكون فأل خير لإطفاء جميع حرائقها، لنشم معا رائحة الياسمين الدمشقي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 33 دقائق
- الرأي
المعايطة يبحث مع أبو الغيط في القاهرة سُبل تعزيز التعاون الانتخابي العربي
بحث رئيس مجلس مفوّضي الهيئة المستقلة للانتخاب، رئيس المنظّمة العربيّة للإدارات الانتخابيّة، المهندس موسى المعايطة، مع الأمين العامَّ لجامعة الدول العربيّة أحمد أبو الغيط، في مقرِّ الأمانة العامّة للجامعة بالقاهرة، سبل تعزيز التعاون في المجال الانتخابيّ. وبحسب بيان للهيئة، اليوم الثلاثاء، جرى خلال اللّقاء الذي حضره مندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير الأردني في القاهرة أمجد العضايلة، استعراض آفاق تطوير العلاقة بين المنظّمة العربيّة للإدارات الانتخابيّة وجامعة الدول العربيّة، بما يكرّس التعاون المؤسّسيَّ ويعزّز تبادل الخبرات الفنيّة بين الدول العربيّة، دعمًا لمسارات الديمقراطيّة والعمل العربيِّ المشترك في المجال الانتخابيّ. وأكّد الجانبان أهمّية الاستمرار في التنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما في ظلِّ التحدّيات الإقليميّة الراهنة. وأشاد المعايطة بالتطوّر الملحوظ في مستوى التعاون بين جامعة الدول العربيّة والمنظّمة العربيّة للإدارات الانتخابيّة خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى المشاركة الفاعلة للجانبين في مختلف الفعاليات الانتخابيّة التي عُقدت في عدد من الدول العربيّة. كما أعرب عن تطلّعه إلى توسيع هذا التعاون خلال الفترة المقبلة، ليشمل مجالات أكثر اتساعاً واستدامة، لافتا إلى التقدّم الذي أحرزته المنظمة العربيّة للإدارات الانتخابيّة خلال الفترة الماضية. وأشار إلى تزايد عدد الدول العربيّة الراغبة في الانضمام إلى عضوية المنظمة، الأمر الذي يعكس الثقة المتزايدة بدورها ومكانتها في دعم وتطوير الأداء الانتخابي في الوطن العربي. من جهته، أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أبو الغيط، انفتاح الجامعة الكامل على دعم الجهود المؤسسية الهادفة إلى تطوير الإدارات الانتخابية في الدول العربية، مشيداً بمستوى التعاون البنّاء والشراكة المتنامية بين الجامعة والمنظمة العربية للإدارات الانتخابية.


الغد
منذ 11 ساعات
- الغد
مؤتمر حل الدولتين في مواجهة نهج "القوة هي الحق" الإسرائيلي
اضافة اعلان تناولت في مقال سابق غضب فرنسا من السلوك الإسرائيلي العدواني، ومخططاتها الرامية لتغيير قواعد القوة في المنطقة، مما قد يضعف النفوذ الفرنسي، لذلك شهدنا تحركا فرنسيا عالي السوية غايته عرقلة المشروع الإسرائيلي وإيقافه ومنعه من التمدد، أخذ التحرك الفرنسي منحيين الأول سوري برفض تقسيم سورية، والثاني فلسطيني، تجسد بإعلان النية للاعتراف بدولة فلسطين، والعودة للقرارات الدولية كان عنوان التحرك الفرنسي، هذا الزخم الفرنسي لم يواجه بمعارضة بريطانية ألمانية، مما يعني أن الثقل الأوروبي بات أقل حماسة لتبني وجهة النظر الإسرائيلية، التي ترى أن حل الدولتين فاته القطار.على الجانب الآخر كان هناك فيض من الغضب العربي، يتوسع ويتعمّق بسبب ما تقوم به إسرائيل في غزة من تدمير وتجويع وقتل، دون اكتراث بأي قانون دولي أو إنساني، هذا الغضب بدا جلياً بالنسبة للمملكة العربية السعودية والتي وضعت ثقلها الخليجي والعربي والإسلامي، باعتبارها دولة قيادية في هذا الفضاء بالإضافة إلى ثقلها الدولي، في ميزان سلام مع اسرائيل مقابل دولة فلسطينية كاملة السيادة، غير أن التغاضي الأميركي عن هذا المطلب السعودي والتفاوض دونه بكثير، والرد الإسرائيلي غير المحترم على دولة لها ثقلها ووزنها السياسي والاقتصادي، فضلاً عن جرائمها في غزة، أغضب السعودية وجعلها تخطط مع حلفائها العرب والدوليين لقلب الطاولة.لقد التقى الطموح السعودي فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية مع الغضب من إسرائيل وسلوك الولايات المتحدة، مع غضب فرنسي من تهميش دورها الإقليمي، وتجاوز إسرائيل حدود المسموح تجاه دولة بحجم فرنسا، فضلاً عن الغضب من منح ترامب لإسرائيل عباءة القوة الأميركية، واعتبارها الوكيل الأميركي في المنطقة، كما التقت خشية الدولتين من أن تصبح إسرائيل هي التي تقرر مستقبل المنطقة، هذا التقاطع ولد رغبة قوية حركت السعودية وفرنسا للإسراع في تدارك الموقف قبل أن يذهب بعيداً، وتتمكن إسرائيل من فرض أجندتها على الجميع، ولما لفرنسا من ثقل دولي وما للسعودية من ثقل سياسي واقتصادي، تحرك الطرفان فرنسا، مدعومة بعدم معارضة بريطانية ألمانية، والسعودية مدعومة بموقف ملفت من الأردن ومصر واللذين سارا معها كتفاً بكتف.عُقد المؤتمر متكئاً على مبادئ أساسية تشاركت بها كل الأطراف، أول هذه المبادئ أن الولايات تخلت عن التزاماتها السابقة تجاه القضية الفلسطينية، وتحولت إلى شريك كامل لإسرائيل، وثانيها؛ رفض إقصاء الأطراف الإقليمية الكبرى مثل السعودية ومصر والأردن، والدولية كفرنسا المعتدة بقوتها والرافضة لاختصار دورها على هامش المبادرات الأميركية، لكن أبرز ما ميز المؤتمر هو الرفض غير المسبوق للمبدأ الإسرائيلي القائل بأن «القوة هي الحق»، ولذلك وضع المؤتمر بنداً أساسياً في مواجهة هذا التصور الإسرائيلي، وهو إعادة وضع القضية الفلسطينية في إطارها القانوني الأصلي، وكان رهان المؤتمر الأول والإستراتيجي هو تعبئة المجتمع الدولي ككتلة ضاغطة مضادة للهيمنة الأميركية.نحن إذاً بعد هذا المؤتمر، أمام صراع بين منطقين، منطق تسعى فيه الولايات المتحدة لإعادة تدوير إسرائيل برغم كل جرائمها، بلغة جديدة تستند إلى إعادة فرض الحقائق بالقوة، ومنطق آخر هو منطق الشرعية الدولية الذي يتمسك به العرب وأوروبا ودول أخرى، بالتالي فإن المؤتمر لم يكن استجابة لحالة الغضب وحدها، بل جاء كتتويج لمسار تراكم فيه الشعور الإقليمي، بأن أميركا لم تعد حليفاً ضامناً بل أصبحت خصماً لطموحات السلام الذي تنشده المنطقة، لذلك تمكنت السعودية ودول المنطقة من استثمار المخزون الدبلوماسي المتراكم لفرنسا، ودفعها لتستعيد دورها كقوة وكوسيط مستقل لا تديره أي قوة أخرى.ما جرى في نيويورك في مؤتمر حل الدولتين ليس النهاية، بل بداية لمسار دبلوماسي جديد، يعيد تعريف من هو صاحب الحق في تحديد مستقبل القضية الفلسطينية، ورفض الجميع في هذا المؤتمر أن تبقى هذه القضية رهينة للمزاج السياسي في واشنطن أو حسابات إسرائيل إستراتيجية كانت أو داخلية، كما أن التقاء الكلمة بين السعودية وحلفائها العرب مع فرنسا، على قاعدة القانون، لا القوة المجردة يمنح الأمل بإمكانية كسر الحلقة المفرغة من التفاوض العبثي، ويمنح الفلسطينيين والعالم فرصة لتصحيح البوصلة؛ من منطق التفاوض تحت قوة الرصاص والصواريخ، إلى منطق الحلول القائمة على الحق والعدالة والكرامة الإنسانية.لا شك أن هذا الزخم الإقليمي والدولي سيواجه بمعارضة أميركية في الجمعية العامة ومجلس الأمن، لكنه دون شك سيضع الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة تيار دولي جارف، يحُدّ من قدرتهما على المناورة والاستئثار بالقضية الفلسطينية وحلولها، ويضع حدوداً للمدى الذي يمكنهما الذهاب إليه في تغيير واقع المنطقة وفق منهج «القوة هي الحق».


الغد
منذ 12 ساعات
- الغد
اضطرابات السويداء تهبط بعودة السوريين 28%
سماح بيبرس اضافة اعلان عمان- قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تقرير نشر مطلع الشهر الحالي، إن اندلاع أعمال العنف في منطقة السويداء، أدى لانخفاض بعدد اللاجئين السوريين العائدين خلال الأسبوع الماضي.وتابعت، في الفترة من 20 إلى 26 تموز 'يوليو' الماضي، عاد ما يقرب 4200 لاجئ من الأردن لسورية، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 28 % مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، والذي شهد عودة ما يقرب من 5900 لاجئ.وحتى الـ26 من تموز'يوليو'، عاد أكثر من 123 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية من الأردن إلى سورية منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 'ديسمبر' الماضي، حتى الشهر الماضي.وظلت التركيبة السكانية للعائدين كما هي في السابق، حيث مثلت النساء والفتيات ما يقرب 48 % من إجمالي اللاجئين العائدين، وشكل الأطفال ما يقرب 43 %، والرجال في سن التجنيد '18-40 عاما' ما يقرب 20 % من إجمالي العائدين، فيما ما تزال غالبية اللاجئين العائدين يأتون من المجتمعات المضيفة، وخاصة من عمان وإربد.وفي الفترة من 29 إلى 31 تموز 'يوليو'، سهلت المفوضية نقل ما يقرب 430 لاجئًا عائدًا من عمّان والمفرق وإربد ومخيم الأزرق.وأشارت المفوضية إلى 'أن عددا من اللاجئين استمروا بطلب تأجيل عودتهم بسبب انعدام الأمن في السويداء، مفضلين الانتظار ورؤية تطورات الوضع'، كما انخفض عدد مكالمات خط المساعدة المتعلقة بمساعدة العودة، من أكثر من 500 مكالمة خلال أسبوع إلى ما يقرب 280.وبشكل عام، منذ بدء مبادرة النقل في 20 كانون الثاني 'يناير' الماضي، دعمت المفوضية ما يقرب من 6600 لاجئ للعودة لسورية.من جهة أخرى ذكرت المفوضية، أنه منذ سقوط حكومة الأسد، أعرب العديد من اللاجئين السوريين عن أملهم بالعودة لديارهم، على الرغم من أن الكثيرين ما يزالون حذرين، وفي الفترة ما بين 8 ديسمبر 'كانون الأول' والـ 12 تموز 'يوليو' الماضي، عاد 114,662 لاجئا سورية مسجلين لدى المفوضية طواعية إلى سورية.كما بلغ اجمالي العائدين منذ أكتوبر 'تشرين الأول' 2018 منذ إعادة فتح الحدود 168.4 ألف لاجئ، وخلال العام 2024 بلغ 12.4 ألف، والعام الحالي عاد ما يقرب 110.4 ألف لاجئ.وأكدت على أنّ 'مكتب المفوضية في الأردن يتعاون مع الشركاء ومجتمعات اللاجئين لتعزيز جهود التوعية والتواصل والإرشاد، مما يضمن حصول اللاجئين على معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب حول العودة، كما تقدم المفوضية مساعدة محدودة في مجال النقل لتسهيل العودة الطوعية، إلى جانب توسيع نطاق المراقبة والإرشاد والدعم على حدود الأردن مع سورية'.وأكدت على احترامها للقرارات الفردية التي يتخذها اللاجئون الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم، وتقدم المشورة للاجئين الذين هم في مرحلة صنع القرار لضمان اتخاذ القرارات بطريقة مستنيرة وطوعية.