
الأكراد و"شبح السويداء"..هل يعيد التاريخ نفسه في شمال سوريا؟
ورغم الرواية الرسمية التي تحدثت عن "اشتباكات مع عصابات"، إلا أن وجود دبابات وراجمات وصواريخ ومسيرات لدى الطرف المهاجم دفع بكثيرين للتشكيك في طبيعة ما جرى.
وفي هذا السياق، تساءل مدير مؤسسة "كرد بلا حدود"، كادار بيري، خلال حديثه إلى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية" عن طبيعة هذه "العشائر المسلحة"، مشيرا إلى أن ما جرى لا يمكن تفسيره بمنطق الخلافات المحلية، بل هو "أكبر من ذلك"، ويرتبط بمحاولات فرض نموذج حكم من داخل النظام وليس خارجه، وهو ما يعكس فشل الدولة المركزية في كسب الشرعية الداخلية.
الملف الكردي يعود للواجهة.. والمشهد يزداد تشابكا
تتزامن تطورات السويداء مع إعادة طرح الملف الكردي في شمال وشرق سوريا، خاصة بعد لقاء مبعوث الرئيس الأميركي، توماس باراك، مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، والذي ناقش مستقبل " قسد" في سوريا، وأكد فيه المسؤول الأميركي مجددا أن واشنطن لا تدعم إقامة كيان مستقل للأكراد.
هذا اللقاء، الذي قالت مصادر إنه عقد في عمّان، مثّل علامة فارقة في رؤية الإدارة الأميركية لملف الإدارة الذاتية، خصوصا مع الإصرار المتكرر على "وحدة سوريا" وعدم القبول بأي شكل من أشكال التقسيم الطائفي أو القومي.
ولكن اللافت في تصريحات باراك – وفق بيري – أنه تحدث عن "عدم دعم دولة علوية أو درزية أو كردية"، دون أن يكون أي من تلك الأطراف قد طالب رسميا بدولة مستقلة، ما يُفهم أنه رسالة ضغط وقائية تجاه الكرد تحديدا، في ضوء التوترات الجارية.
قوات سوريا الديمقراطية، التي شكّلت الذراع العسكرية للإدارة الذاتية والمدعومة أميركيا في قتال داعش، لم تقف صامتة حيال ما جرى في السويداء، حيث اعتبرت في بيان رسمي أن ما يحدث "انتهاك لتطلعات السوريين"، ودعت إلى "ضمان عدم تكرار هذه الهجمات"، مؤكدة على "ضرورة المبادرات الوطنية الجامعة".
لكن في المقابل، لا تخفي "قسد" قلقها من طبيعة الحوار مع الحكومة السورية، والتي – وفق بيري – ما تزال تماطل في الحوار الجاد، وتكتفي بمحاولات شكلية أقرب إلى "فرض الأوامر"، وسط غياب الضمانات السياسية أو الاعتراف الدستوري بالإدارة الذاتية.
وأضاف بيري أن أي حوار يستمر لساعات مع أكثر من 600 شخص، ويمنح كل شخص دقيقتين فقط، لا يمكن اعتباره حوارا، بل شكلا من "الاستعراض"، مشيرا إلى أن "الحكومة السورية لا تزال مصرة على نموذج مركزي أثبت فشله".
هل تتكرر سيناريوهات الفوضى في الشمال؟
تكرار سيناريو السويداء في شمال سوريا ليس فرضية عبثية، بل احتمال قائم، خاصة مع تعاظم حملات التحريض ضد الإدارة الذاتية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وظهور شبكات إلكترونية مزورة – بحسب تقارير – تعمل على بث الفتنة بين العشائر و"قسد".
ويشير بيري إلى أن الحملات الأخيرة التي حاولت توصيف ما جرى سابقا في دير الزور على أنه "ثورة عشائرية ضد قسد" تبيّن لاحقا أنها مدعومة من "النظامين الإيراني والأسدي"، عبر فيلق القدس والميليشيات الطائفية، وهي السيناريوهات نفسها التي تتكرر حاليا في السويداء تحت شعارات مختلفة.
الفيدرالية.. هل تكون الحل؟
في خضم كل هذه التوترات، يتجدد الجدل حول شكل الدولة السورية المستقبلية. هل تكون مركزية كما كانت؟ أم تعتمد النموذج الفيدرالي كحلّ سياسي يضمن مشاركة عادلة وواقعية لكل المكونات؟
يقول بيري: "لا أعلم لماذا الدولة الفيدرالية تشكل مشكلة؟"، مشيرا إلى أن الفيدرالية، حين تقوم على الشراكة الحقيقية والتمثيل المحلي، يمكن أن توفر حلا دائما، يحول دون تكرار مشاهد القتل على الهوية، ويمنع استفراد أي جهة بالقرار الأمني أو السياسي.
لا يراهن بيري على الخارج كثيرا، رغم أهمية الدور الأميركي كوسيط، بل يحمّل السوريين أنفسهم مسؤولية تقرير مصيرهم: "على السوريين أن يقرروا ماذا يريدون من دولتهم"، مشيرا إلى أن النظام لم ينجح في فرض سيطرته لا في الساحل ولا في السويداء، فكيف بالشمال الشرقي.
ويتابع قائلا: "منذ 14 عاما، والكرد يتهمون بالانفصالية، فليأتِ أحدهم بدليل على أن حزبا كرديا طالب بالانفصال"، مؤكدا أن الإدارة الذاتية لم تطرح مشروع دولة مستقلة، بل تسعى إلى نظام سياسي تعددي يضمن الحقوق ويمنع عودة الاستبداد.
سواء تكرر مشهد السويداء في شمال سوريا أم لا، فإن الواقع السوري يُجمع على حقيقة واحدة: لا حلول حقيقية دون حوار، ولا سلام بلا اعتراف بالحقوق، ولا وحدة بلا شراكة.
الرهان على إسكات الهويات المحلية بالسلاح أو الخطابات المركزية لن ينجح، والفرصة ما تزال قائمة لبناء سوريا جديدة، تُدار بالتوافق، لا بالولاء.
لكن كل ذلك رهن بإرادة السوريين، وقدرتهم على تحويل الجراح إلى بداية جديدة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

البيان
منذ 40 دقائق
- البيان
اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري في حلب
قالت قوات سوريا الديمقراطية اليوم الاثنين إن مقاتليها اشتبكوا مع قوات حكومية في محافظة حلب بشمال البلاد، في أحدث واقعة تلقي بظلالها على الاتفاق التاريخي الذي وقعه الطرفان في مارس. كانت قوات سوريا الديمقراطية القوة القتالية الرئيسية المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا خلال العمليات القتالية التي انتهت بإلحاق الهزيمة بـ "داعش" 2019 . وفي مارس، وقّعت قوات سوريا الديمقراطية اتفاقا مع الحكومة الجديدة للانضمام إلى مؤسسات الدولة السورية، عقب الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر . ويهدف الاتفاق إلى توحيد بلد مزقته حرب أهلية استمرت 14 عاما، مما يمهد الطريق للقوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على ربع مساحة سوريا للاندماج مع دمشق، إلى جانب الهيئات الكردية التي تدير هذه المناطق. وقال المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية في بيان "في تمام الساعة الثالثة من فجر اليوم الاثنين، أقدمت فصائل تابعة لقوات الحكومة الانتقالية السورية على تنفيذ هجوم ضد أربعة مواقع لقواتنا في قرية الإمام التابعة لمنطقة دير حافر، وقد تعاملت قواتنا مع الهجوم، وردت عليه بما يلزم دفاعا عن مواقعها ومقاتليها، حيث نشبت اشتباكات استمرت 20 دقيقة متواصلة". وأضاف البيان "نؤكد أن هذا الاعتداء المتكرر يمثل تصعيدا مدبرا ويهدد الاستقرار في المنطقة، ونحمل حكومة دمشق المسؤولية الكاملة عن هذا التصرف، ونؤكد أن قواتنا مستعدة اليوم أكثر من أي وقت مضى لاستخدام حقها في الرد المشروع بكل قوة وحزم". وفي وقت سابق هذا الأسبوع، تبادلت الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية الاتهامات بشأن هجوم على مدينة منبج المجاورة، واتهمت وزارة الدفاع السورية قوات سوريا الديمقراطية بشن هجوم صاروخي على موقع عسكري في الريف. وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها ردت على قصف مدفعي غير مبرر استهدف المدنيين.


سكاي نيوز عربية
منذ 5 ساعات
- سكاي نيوز عربية
من فرنسا إلى السويداء.. كيف تحوّلت زيارة عائلية إلى مأساة؟
وبحسب إذاعة فرنسا الدولية، قررت أمجاد وزوجها فراس مغادرة البلاد واللجوء إلى فرنسا رفضا لقمع نظام بشار الأسد منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، حيث أنهيا دراستهما بين عامي 2005 و2011. استقر الزوجان في شمال غرب فرنسا عام 2014، ونالا الجنسية الفرنسية سريعا، فراس يعمل في مجال المعلوماتية، وأمجاد أستاذة رياضيات. من مدينتهما الفرنسية روان ، تابعت العائلة سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، قررا حينها قضاء عطلة الصيف في مسقط رأسيهما، مدينة السويداء، برفقة طفليهما البالغين من العمر 5 و15 عاما. تروي أمجاد: "سافرنا في 5 يونيو، وصلنا إلى دمشق، ثم انتقلنا إلى السويداء ، حيث خططنا للبقاء شهرين". بداية المأساة: 13 يوليو تقول أمجاد: "قضينا شهرا جميلا برفقة العائلة، لكن فجأة، في يومين فقط، انقلب كل شيء. كان ذلك في 13 يوليو"، في ذلك اليوم، اندلعت اشتباكات دامية بين مجموعات بدوية ومقاتلين محليين في السويداء. سبق هذه الأحداث مواجهات مماثلة في أبريل ومايو، انتهت باتفاقات محلية بين القيادات الدينية والسلطات لاحتواء التصعيد، ودمج المقاتلين الدروز في الهياكل الجديدة للسلطة، لكن هذه التهدئة لم تدم. مع تفاقم العنف، وجدت أمجاد نفسها مع طفليها عالقة في منزل عائلة زوجها في قلب المدينة. وتقول: "بدأ الأطفال يشعرون بالخوف، وطلب مني زوجي أن أغادر معهم إلى منزل والديّ في قرية قنوات شمال المدينة"، وصلوا إلى القرية، حيث استقبلهم والدها مؤقتًا، على أمل أن تهدأ الأوضاع. لكن الأمور لم تتحسن. بقي فراس عالقا في المدينة، وسط إطلاق نار كثيف وشوارع تعج بالمركبات المليئة بالنازحين. وبحسب أمجاد احتمى فراس وشقيق زوجته في غرفة بالمنزل، ثم أرسل في 16 يوليو رسالة نصية قال فيها إن الدبابات وصلت الحي، لكن الوضع لا يزال تحت السيطرة. وبعد ساعة أرسل رسالة إلى مجموعة الحي مفادها: "نحن محاصرون هنا، نحتاج للمساعدة"، انقطعت الاتصالات عند الساعة 10:30 صباحًا. قُتل فراس وشقيق أمجاد برصاص مباشر، ثم تعرض المنزل لخمس ضربات بقاذفات صواريخ قبل أن يُحرق بالكامل. في اليوم التالي، علمت أمجاد بالخبر من جيران تمكنوا من الاختباء. في 17 يوليو، عُثر على بقايا جثة شقيقها وساعة فراس بين الأنقاض. لم تتمكن العائلة من العودة إلى المدينة إلا بعد أسبوع، وسط أوضاع أمنية كارثية، واحتمت بمنزل أحد الأعمام. تقول أمجاد: "بقينا عالقين أسبوعين تقريبًا. لا وسيلة للعودة إلى دمشق ، ولا إلى المطار. المدينة كانت محاصرة لا ماء، لا غذاء، لا دواء. الجثث منتشرة، خاصةً حول المستشفى". رغم إعلان وقف إطلاق النار في 20 يوليو، بقيت الأوضاع متوترة. أقامت القوات الحكومية حواجز على الطرق المؤدية إلى المدينة، ولم تسمح إلا بمرور المركبات المصرح لها. بمساعدة أحد أصدقاء العائلة، وبفضل جوازات السفر الفرنسية، تمكّن الصليب الأحمر السوري من إخراج أمجاد وطفليها من المدينة في 30 يوليو. معهم غادر العديد من الدروز القادمين من فنزويلا ودول أخرى، بعدما استغلوا فرصة سقوط الأسد لزيارة وطنهم لأول مرة منذ سنوات. في 31 يوليو، وصلت أمجاد وطفلاها إلى باريس مرورا بإسطنبول، بينما بقي معظم أفراد أسرتها في السويداء.

البيان
منذ 13 ساعات
- البيان
تجدد العنف بالسويداء وتوتر في منبج
وقُتل ثلاثة عناصر من قوات الأمن في اشتباكات مع فصائل درزية «على محور تل حديد في الريف الغربي للمحافظة»، بحسب المرصد الذي أفاد قبل ذلك عن مقتل أحد عناصر الفصائل الدرزية وإصابة آخرين في منطقة تل حديد. واستعادت القوات الحكومية السيطرة على تل حديد بعد الاشتباكات الصباحية، بحسب المرصد، الأمر الذي أكده مصدر أمني للتلفزيون الرسمي السوري. وقال الجيش إن قواته «أكملت الليلة (قبل) الماضية مهمة شملت استجواباً ميدانياً لعدد من المشتبه بهم في تهريب أسلحة في منطقة حضر جنوب سوريا» قرب الجزء المحتل من مرتفعات الجولان.