
هل ينجح نتنياهو في رؤية "إسرائيل الكبرى"؟
تغلّب نتنياهو حتى الآن على جملة من التحديات الداخلية، ونجح في المضي بكيانه على حدّ السيف في خضم مخاطر حقيقية منذ ما قبل السابع من أكتوبر، وتحديداً لحظة سعيه مع ائتلافه اليميني للتغلب على القضاء الإسرائيلي، ومواصلة ذلك وسط أطول حرب إسرائيلية يخوضها الكيان منذ ولادته، على الرغم من فشله حتى الآن في تحقيق النصر المطلق على غزة وهي ميدان الحرب الرئيس، وقد عاد مجدداً ليطرح شروطه الخمسة في هذه الحرب، وهي تحمل في أحشائها الاعتراف الضمني بالفشل.
تطلق نجاحات "إسرائيل" الأمنية بزعامة نتنياهو، سواء تلك التي تحققت في الضفة أو غزة ولبنان وسوريا وحتى في المواجهة مع إيران، فضاءات واسعة وفرصاً عديدة تفتح باب "إسرائيل الكبرى" عبر ممر داود السوري، ما يشير أن ثمة عوامل حقيقية واقعية لرؤية مشروع أخطبوطي قاتل كهذا، فما هي هذه العوامل؟
أولاً: قدرة نتنياهو طوال الأعوام الماضية أن يلعب بالصراعات الداخلية بما يوجهها نحو تحقيق أهدافه، ما جعله ينجح في تغيير النظام الإسرائيلي بشكل جوهري في مصلحة مشروعه التوسعي، فـ"الجيش" في عصر نتنياهو لم يعد هو الحاكم الفعلي في" إسرائيل"، كما جرت العادة منذ عقود، بل المستوى السياسي يلزم "الجيش" ويعزل وزير الدفاع ورئيس الأركان بشكل سلس، ويتدخل في تعيينات كبار الضباط، ويتصل بالضباط خارج التسلسل القيادي.
واستطاع نتنياهو عزل رئيس جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" رون بار، وتجاوُزَ استعصائه ودعم المحكمة العليا له، واختار بديلاً من خارج الجهاز قائداً عسكرياً هو ديفيد زيني، وهو لا يعرف المخابرات، وبدأ نتنياهو مشواره الأصعب في عزل المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف، على الرغم من التجاوزات القانونية والدستورية في ذلك، حتى إنه عزل لجنة تعيين كبار الشخصيات بشكل صريح ليضمن عدم الاعتراض على تعييناته الجديدة، وقد نجح في ذلك كله، وهذا النجاح مع ما يحمل في داخله من مخاطر تهدد بنية الدولة ومؤسساتها الديمقراطية، إلا أن مجرد نجاح زعيم ما في فرض وقائع كهذه يشير إلى قدرته على تحقيق نقلات كبيرة في واقعها، وإن ضمن مضاعفات حذرة وخطرة.
يضاف إلى ما سبق نجاح نتنياهو في تجاوز قضية بالغة الحساسية مثل قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتعريضهم للخطر الدائم الذي قتل بعضهم، وعددهم الكبير الذي لم يسبق في تاريخ "إسرائيل"، في وقت يصرّ على أولوية هزيمة غزة وإيران على حساب الوصول إلى صفقات سياسية تضمن إطلاق الأسرى، وهي صفقات يؤيدها معظم الإسرائيليين على نطاق واسع، مع الزج بمئات الآلاف من جنود الاحتياط في حروب طويلة تعرضهم للقتل والإصابات الجسمية والنفسية، مع فقدان أعمالهم ووظائفهم، وما يطال الاقتصاد الإسرائيلي من استنزاف هائل يمس مجالات اقتصادية أساسية كالبناء والزراعة والهايتك.
حافظ نتنياهو على جمهور يقف خلفه بصلابة وسط تحديات مهولة، وإن كان جمهوراً ضيقاً لا تتجاوز نسبته 30% من الشارع الإسرائيلي، إلا أنه جمهور عقائدي حاقد تحركه نزعات تاريخية، لذا لم يتراجع حتى الآن عن وجهته التي يؤمن بها في ذبح العرب وتوسيع الاستيطان وتحدي العالم، وعلى الرغم من تصاعد التهرب من "الجيش" وارتفاع نسبة الانتحار، فإن النواة الصلبة في "جيش" الاحتلال ومنظومته الأمنية ما زالت متماسكة في تحقيق أهداف نتنياهو حتى الآن، وإن كانت مرشحة للتصدع ضمن ظروف معينة مختلفة. اليوم 09:08
اليوم 08:34
ثانياً: تجاوز نتنياهو الخلافات مع حكومة بايدن السابقة في واشنطن، على الرغم من خروجها للعلن مرات عديدة، ثم انسجامه الحالي مع زعامة ترامب، والأخير يؤمن بحق "إسرائيل" أن تتوسع كونها دولة صغيرة مقارنة مع تاريخها وعدد سكانها، وهذا عامل مستقر ضمن السنوات الراهنة في تشجيع نتنياهو للمضي في رؤية "إسرائيل الكبرى".
ثالثاً: التراخي الأوروبي والأممي في مواجهة الإجرام الإسرائيلي، وما يحصل في غزة ثم الضفة شاهد حيّ على هذا التراخي، رغم ضجيج التوعد بالاعتراف بدولة فلسطينية كسيحة في أيلول القادم، كون الأوروبي فشل في الإجماع حتى الآن في تكوين أدنى ضغط على "إسرائيل"، وإن حاول ذلك عبر بعض الدول الأوروبية في طرح مقترح فض مشروع الشراكة الاقتصادية، بل فشل حتى في الضغط على "إسرائيل" لتعيد أموال المقاصة المحجوزة والمستحقة لمصلحة السلطة الفلسطينية وفق اتفاق باريس الذي رعته أوروبا ذاتها، وتقف عاجزة أمام تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة، على الرغم من دفعها لأجهزة السلطة في العمل على ضمان الأمن الإسرائيلي.
رابعاً: ارتهان أنظمة التطبيع من القاهرة حتى أنقرة مروراً بعمان ودبي والرباط والدوحة ورام الله، وتحركها الدائم وفق الأجندة الإسرائيلية رغم الشعارات الخادعة التي تطلقها أحياناً ضد التهجير والذبح والضم، إلا أنها وأمام كل منعطف سياسي أو ميداني تصطف دفاعاً عن "إسرائيل".
خامساً: تراجع أثر التحديات في الضفة ولبنان وسوريا واليمن وإيران، على الرغم أن الحرب مفتوحة في هذه الجبهات، لكنها تأتي وفق إيقاع إسرائيلي غالباً، وإن كان اليمن يمثل استثناء إلا أن تأثيره ظل ضمن سقف بعده الجغرافي، أمّا إيران فالحرب معها تستجلب لـ"إسرائيل" دعماً أميركياً وأوروبياً وعربياً غالباً، وإن كانت "إسرائيل" لم تحقق أهدافها في العدوان عليها، إلا أن نتنياهو حافظ على جعلها ساحة محتملة مفتوحة في ظل الموقف الإيراني بعدم المبادرة بالتصعيد، وهو ما يستغله نتنياهو في ضبط إيقاع المواجهة معها وفق توقيته السياسي والميداني.
سادساً: عزل الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 في ظل ارتهان قواه السياسية وخاصة الحركة الإسلامية بشقيها، واستغلال ضعف المقاومة في الضفة بعد تدمير مخيمات الشمال وخاصة مخيم جنين، وارتهان السلطة للمشاريع الإسرائيلية الأمنية، ما يساعد على تحقيق كل أهداف نتنياهو في الضفة وهي في عين عاصفة الحرب، واستثمار نتائج الحرب مع حزب الله والنجاح الإسرائيلي في مواصلة الاغتيالات هناك من دون رد حتى الآن منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي لم تتقيد به "إسرائيل"، خاصة مع القرار اللبناني الرسمي المدعوم إقليمياً وعالمياً في نزع سلاح حزب الله.
سابعاً: تحويل ميدان الحرب في غزة إلى نقطة ضعف فلسطينية في ظل المذابح اليومية وانتشار المجاعة، وهي مذابح تعجز المقاومة وحلفاؤها عن لجمها، كما يصمت المحيط والعالم إزاءها عملياً.
أخيراً والأهم: الفراغ الراهن في سوريا وهي تأتي في عمق مشروع رؤية "إسرائيل الكبرى"، حيث جاء سقوط نظام الأسد بعد استنكافه عن المشاركة في "طوفان الأقصى"، وارتهانه لمصلحة السياسة الروسية العالمية التي تعطي ملف أوكرانيا الأولوية، ليمثل أكبر انتصارات نتنياهو ويفتح شهيته نحو "إسرائيل الكبرى" عبر تعبيد ممر داود من الجولان السوري حتى أم العرب الكردية في وجه تركيا، وهو نجاح تضاعف مع طبيعة النظام الجديد في سوريا، وحرصه على تقديم أوراق اعتماده للسعودي والأميركي والإسرائيلي وبأيّ ثمن، وهو حرص بدأ يظهر مع تبريد الشعور السوري القومي والإسلامي ضد "إسرائيل"، حتى وهي تقصف دمشق وتتوغل في معظم جنوبه، وتشجع الأقلية الدرزية على الانسلاخ، ما يجعل طريق "إسرائيل الكبرى" عبر السويداء، ما يفتح الأفق الإسرائيلي للمضي بجنود "الجيش" الإسرائيلي وليس عبر عملائهم فقط، للشرب من مياه الفرات، بانتظار خلق فضاءات أخرى في وقت لاحق على الجهة المقابلة هناك نحو سيناء ومصر باتجاه نهر النيل، حيث رؤية نتنياهو التوراتية "دولة إسرائسل من النيل إلى الفرات".
هذه عوامل النجاح الإسرائيلية لرؤية "إسرائيل الكبرى" وغالبها بين هلالين، ما يجعل غالبها غير مستقر كعامل نجاح ثابت، يمكن أن يعرضها للارتداد العكسي ضمن ظروف ومعطيات قد تتغير ما دمنا في قلب حرب لا تبقي ولا تذر، وهو ما يمكن تناوله في المقالة القادمة بإذن الله حول العقبات التي تعترض مشروع رؤية "إسرائيل الكبرى" رغم كل المعطيات السالفة الذكر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 44 دقائق
- الميادين
مصادر "القاهرة الإخبارية": مصر لم تقترح نقل سلاح حركة حماس إلى أراضيها
نفت مصادر مصرية، تحدثت لقناة "القاهرة الإخبارية"، اليوم الثلاثاء، ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن وجود مقترح مصري بنقل سلاح حركة حماس إليها. وأكّدت المصادر أن المقترح الذي قدّمته مصر وقطر ووافقت عليه حركة حماس يتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً. كما أشارت المصادر إلى أن مفاوضات التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ستبدأ في اليوم الأول من دخول الاتفاق حيز التنفيذ. اليوم 22:37 اليوم 22:14 المصادر المصرية أوضحت للـ "القاهرة الإخبارية" أن مقترح الوسطاء الذي قبلته حماس سيكون بضمانة أميركية وبرعاية الرئيس دونالد ترامب. وأفادت بأن "إسرائيل لم ترسل ردها على مقترح الوسطاء الذي قبلته الحركة، رغم مرور 24 ساعة على تسلمها المقترح". كذلك، اعتبرت المصادر أن الحكومة الإسرائيلية أمام اختبار حقيقي لإنقاذ الأسرى، مشدّدةً على أنه "لا سبيل لخروج الأسرى إلّا من خلال المفاوضات على أساس مقترح ويتكوف". وأكّدت المصادر المصرية، لـ "القاهرة الإخبارية" أنّ "المقترح يضمن التوصل لصفقة شاملة تؤدي لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة". وكانت وزارة الخارجية القطرية قد أكّدت، من جانبها، في وقت سابق اليوم، أن اقتراح وقف إطلاق النار الأحدث في غزة، الذي وافقت عليه حماس، وسائر الفصائل الفلسطينية، يكاد يتطابق مع مقترح سابق للمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.


الميادين
منذ 44 دقائق
- الميادين
الجامعة العبرية: تراجع دافع جنود الاحتياط الإسرائيليين.. و47% يعبّرون عن استياء من حكومة نتنياهو
أظهرت دراسة للجامعة العبرية أنّ نحو ربع جنود الاحتياط الإسرائيليين فقدوا حافزهم بشكل كبير للمشاركة في الحرب على غزة، فيما عبّر قرابة النصف عن مشاعر سلبية تجاه الحكومة وطريقة إدارتها للحرب وملف الأسرى. وأجريت الدراسة على أكثر من 300 جندي احتياط يخدمون حالياً في الحرب، حيث أفاد 25.7% من المشاركين بأن دوافعهم انخفضت بشكل كبير منذ بداية الحملة العسكرية، بينما قال 10% إن دوافعهم انخفضت قليلاً. في السياق، وعندما سُئلوا عن مشاعرهم تجاه الحملة، عبّر 47% عن مشاعر سلبية تجاه الحكومة وطريقة تعاملها مع الحرب ومع المفاوضات الخاصة بالأسرى. اليوم 22:49 اليوم 22:14 وأضافت وكالة "رويترز" أنه بعد ما يقارب عامين من القتال في غزة، ومع استعداد "الجيش" الإسرائيلي للتصعيد في القطاع، بدأت مشاعر خيبة الأمل تتسرّب إلى صفوفه. وذكر موقع "واي نت" العبري في آذار/مارس أن عدد الملتحقين بالخدمة من جنود الاحتياط بات أقل بنسبة 30% من العدد المطلوب من جانب القادة العسكريين. في شأنٍ متّصل، قال روني زهافي، وهو طيّار في الاحتياط توقّف عن الخدمة بعد انهيار وقف إطلاق النار الأخير، لـ"رويترز": "هذه الحرب سياسية بحتة، ليس لها هدف سوى إبقاء بنيامين نتنياهو رئيساً للوزراء.. هو مستعد للتضحية بالأسرى والجنود والمواطنين حتى يبقى في السلطة.. هذه مأساة إسرائيل". من جهته، أكّد ضابط من القوات الخاصة، لوكالة "رويترز"، أن القيادتين السياسية والعسكرية لم تضعا خطة واضحة لليوم التالي للحرب، مضيفاً: "هناك قصور في الرؤية سواء لدى القيادة السياسية أو العسكرية العليا. إنه قصور حقيقي". ولا يزال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يواجه انتقادات واسعة لإخفاقه في التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس ووقف الحرب واستعادة الأسرى، رغم جهود الوساطة المتكرّرة.


الديار
منذ 44 دقائق
- الديار
يديعوت أحرونوت: نتنياهو أجرى في الساعات الأخيرة مشاورات بعد وصول رد حماس، وهو لا يريد صفقة جزئية رغم أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال، ومقربون من نتنياهو ألمحوا إلى أنه يرغب فقط بصفقة شاملة.
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يتم قراءة الآن الأكثر قراءة قوات أميركيّة بين لبنان و "إسرائيل"؟ باراك يعد لبنان ولا يضمن اقناع «اسرائيل» بمبدأ الخطوة بخطوة... ويعود قريبا عون «نحن عملنا اللي علينا»... والموفد الاميركي للرؤساء الثلاثة: «لبنان قام باكثر مما هو مطلوب منه» مصير قوات اليونيفيل على كف الادارة الاميركية... والاوروبيون مع التمديد لعام اضافي هل ينفجر الوضع بين لبنان وسوريا الجديدة؟ واشنطن "تخفي" الردّ "الإسرائيلي" عن بيروت اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 22:30 يديعوت أحرونوت: نتنياهو أجرى في الساعات الأخيرة مشاورات بعد وصول رد حماس، وهو لا يريد صفقة جزئية رغم أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال، ومقربون من نتنياهو ألمحوا إلى أنه يرغب فقط بصفقة شاملة. 22:29 الرئاسة الفرنسية: التحليل بأن الاعتراف بفلسطين يفسر تصاعد معاداة السامية بفرنسا خاطئ ومشين ولن يمر دون رد. 21:54 وزير الخارجية السويسري لسي إن إن: منفتحون على استضافة محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا بحضور بوتين. 21:53 القناة 12 "الإسرائيلية": وزير الدفاع كاتس يعقد اجتماعا مع رئيس الأركان زامير للتصديق على خطط احتلال مدينة غزة، والمؤسسة الأمنية تحذر من مخاطر تطور العملية العسكرية بغزة وتقول إن إمكانية هزيمة حماس ليست مؤكدة. 21:53 بوليتيكو عن مسؤول بإدارة ترامب ومصدر مقرب: البيت الأبيض يخطط لعقد القمة الثلاثية في بودابست عاصمة المجر. 21:52 الإليزيه: ربط نتنياهو بين الاعتراف بفلسطين ومعاداة السامية "دنيء" و"مبني على مغالطات".