logo
"سلمى وقمر" و"عثمان في الفاتيكان" يتصدران جوائز مهرجان أفلام السعودية

"سلمى وقمر" و"عثمان في الفاتيكان" يتصدران جوائز مهرجان أفلام السعودية

الجزيرة٢٤-٠٤-٢٠٢٥

أسدل مهرجان أفلام السعودية الستار على دورته رقم 11 التي أُقيمت في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بمدينة الظهران، خلال الفترة من 17 إلى 23 أبريل/نيسان الجاري.
وشهد الحفل الختامي حضور عدد من صنّاع السينما والنقاد، بعد أسبوع من العروض والفعاليات انتهى بالإعلان عن منح "النخلة الذهبية" لـ7 أفلام ضمن المسابقات الرسمية.
وقدّم حفل الختام كل من عائشة كاي وخالد صقر، في حضور درامي أعاد شخصيتي "أم إبراهيم" و"أبو إبراهيم" من مسلسل "شارع الأعشى" الذي عُرض في مارس/آذار الماضي.
تكريم الحساوي
ومن أبرز مشاهد ختام النسخة الـ11 من مهرجان أفلام السعودية تكريم الممثل والمخرج والمنتج السعودي إبراهيم الحساوي، تقديرًا لعطائه الفني الممتد في المسرح والدراما ودوره الداعم لصناعة السينما المحلية، وتتويجًا لمسيرة فنية بدأها منذ عقود وبالتحديد منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكان خلالها حاضرًا في أعمال شكلت جزءًا من الذاكرة الفنية السعودية.
وفي كلمة ألقاها خلال الحفل، أعرب الحساوي عن امتنانه للمخرجين وصنّاع الأفلام الذين منحوه الفرصة للمشاركة في أعمالهم، وخص بالشكر زوجته التي وقفت إلى جانبه طوال سنوات العمل. وقال "شاركت في العديد من المهرجانات، لكن هذا التكريم يحمل نكهة مختلفة، فقد كنت شاهدًا على المهرجان منذ انطلاقته الأولى".
إعلان
الجوائز
كما شهد الحفل توزيع جوائز "النخلة الذهبية" على نخبة من الأعمال المميزة، احتفاءً بإبداع صناع السينما من السعودية وخارجها.
وفي المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، فاز فيلم "سلمى وقمر" للمخرجة عهد كامل بجائزة أفضل فيلم.
بينما نال مشعل المطيري جائزة النخلة الذهبية لأفضل ممثل، وذلك دوره في فيلمي "هوبال" و"ثقوب" بمهرجان أفلام السعودية. كما حصل الفيلم العراقي "أناشيد آدم" على جائزة أفضل فيلم روائي خليجي.
وقد منحت لجنة التحكيم تنويهات خاصة لعدد من الأفلام تقديراً لمقارباتها البصرية والدرامية، حيث شملت "ثقوب" للمخرج عبد المحسن الضبعان، و"هوبال" لعبد العزيز الشلاحي، و"سوار" لأسامة الخريجي.
أما في فئة الفيلم الروائي القصير، فقد فاز "ميرا ميرا ميرا" للمخرج خالد زيدان بجائزة "النخلة الذهبية" متفوقًا على منافسيه في هذه الفئة.
أما جائزة "عبد الله المحيسن" للعمل الأول، فكانت من نصيب فيلم "شرشورة" للمخرج أحمد النصر، بينما حصد "وهم" للمخرج عيسى الصبحي جائزة أفضل فيلم روائي خليجي قصير.
كما منحت لجنة التحكيم تنويهاً خاصاً لفيلم "انصراف" تقديرًا لتميزه الفني ضمن الأعمال المشاركة.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، حصل "عثمان في الفاتيكان" للمخرج ياسر بن غانم على جائزة "النخلة الذهبية" بعد منافسة قوية مع أفلام أخرى.
أما جائزة "جبل طويق" لأفضل فيلم يتناول مدينة سعودية، فقد فاز بها "قرن المنازل" للمخرج مشعل الثبيتي.
وفي فئة الفيلم الوثائقي الخليجي، توج "الجانب المظلم من اليابان" للمخرج عمر فاروق بالجائزة الأولى. كما منحت لجنة التحكيم تنويهيْن خاصين لكل من فيلمي "دينمو السوق" و"عين السبعين" تقديرًا لمحتواهما المتميز.
قصص تُرى وتُروى
وركزت النسخة رقم 11 من مهرجان أفلام السعودية على أفلام تتناول قضايا الذاكرة والانتماء من وجهات نظر شخصية واجتماعية، والتركيز على محوري "قصص تُرى وتُروى" و"سينما الهوية".
وقد اتسم برنامج الأفلام بتنوع يعكس تداخل الواقع والخيال وطرح أسئلة جمالية وفكرية. وفي كلمته الختامية، توجه مدير المهرجان أحمد الملا إلى الحضور بالقول "كل عام، تضيفون لمهرجاننا قصة جديدة. اليوم، نحتفل بالإبداع الذي صنعناه معًا".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'الجمهور أكثر استعدادا مما نظن لتلقي سينما حقيقية'.. حوار مع مخرج الفيلم السعودي 'هوبال'
'الجمهور أكثر استعدادا مما نظن لتلقي سينما حقيقية'.. حوار مع مخرج الفيلم السعودي 'هوبال'

الجزيرة

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

'الجمهور أكثر استعدادا مما نظن لتلقي سينما حقيقية'.. حوار مع مخرج الفيلم السعودي 'هوبال'

انتهت قبل أيام الدورة الحادية عشرة من مهرجان الأفلام السعودي، التي أجريت بين 17-23 أبريل/ نيسان، بمركز الملك عبد العزيز الثقافي 'إثراء' في الشرقية. وهو أقدم مهرجان سينمائي في المملكة، ويخرج هذه المرة تحت شعار 'قصص تُرى وتُروى'. تتنافس هذا العام مسابقات وثائقية تجمع 7 أفلام طويلة وأعمالا قصيرة، وفي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة 8 أفلام، تمثل طيفا متنوعا من التجارب السعودية والعربية، لعل أهمها فيلم 'هوبال' الذي نتناوله تحليليا في هذا المقال. ومضات من أبرز أفلام المهرجان قبل الحديث عن 'هوبال'، نمر سريعا على الأعمال الطويلة التي شاركت هذه الدورة، وربما دون تنافس كبير، فمنها فيلم 'أناشيد آدم' للمخرج العراقي عدي رشيد، الشاعر والرسام وعازف الغيتار والسيناريست والمصور الفوتوغرافي والمخرج الذي صبر سنوات لصناعة هذا الفيلم، وهو أفضل أفلام الدورة على الإطلاق. إنه عمل يتقاطع فيه الفني مع السياسي، فلا يختص بالعراق التي خرج منها، بل هو مرثية عربية شاملة تدعو للتأسف على الحال، ويحمل قدرا كبيرا من الأصالة المحلية، التي تجعل كل مُشاهد ينخرط في أحداثه، سواء أكان يقيم داخل العراق أو خارجه. يدفعنا الفيلم إلى إعادة التفكير في الخطاب السينمائي، عندما لا يتجاوز الظرف التاريخي الزماني والمكاني، من دون أن يعيد تفكيك الأسئلة الأصيلة الأكثر صعوبة، ويطرحها في سياق وجودي، يورّط الجميع في التعاطف ومحاولة الإجابة. نرى في الفيلم قصة عربية لطفل يتوقف عن الكبر في السن، فيعيش العمر طفلا محاصرا بطفولته. إنها قصة خيالية أشبه بقصة فيلم 'طبل الصفيح' (Die Blechtrommel) للمخرج 'فولكر شلوندورف' (1979)، وهو مأخوذ عن رواية بذلك العنوان للكاتب 'غونتر غراس'، وقد حصد بسببها الأوسكار. أما هذه المرة فالقصة عربية مناسبة تماما لمجتمعات تحتاج أن تكبر. إنها مجاز سياسي مثالي وحالم بلا مباشرة. وقد عُرضت في المهرجان أفلام أخرى أيضا، منها: 'إسعاف' للمخرج 'كولين تيغ'، وقام ببطولته الممثل إبراهيم الحجاج. ومنها فيلم الإثارة النفسية 'ثقوب' للمخرج عبد المحسن الضبعان، وقد بدا أكثر تجريبية في مساحة الاعتماد على الصورة، واتخاذها بطلا موازيا لقصة نفسية معقدة أكثر من السيناريو المكتوب. ومنها فيلم 'سلمى وقمر' للمخرجة السعودية عهد كامل، وفيلم 'رفعت الجلسة' للمخرج الكويتي محمد المجيبل، وفيلم 'فخر السويدي' للمخرج المصري هشام فتحي والسعوديين عبد الله بامجبور وأسامة صالح، وفيلم 'سوار' للمخرج السعودي أسامة الخريجي. ثنائية المخرج والمؤلف بالتوازي مع العرض في المهرجان، سيطر فيلم 'هوبال' للمخرج عبد العزيز الشلاحي والكاتب مفرج المجفل على شباك التذاكر في صالات السينما السعودية، وقد جنى أكثر من 20 مليون ريال منذ بدء عرضه حتى اليوم، وهو يتصدر أكثر الأفلام مبيعا منذ بضعة أسابيع. وتبدو تلك النقطة الأولى للحديث عن الفيلم، فقد بدا العمل غير جماهيري على الإطلاق، بل محطة للنقاش وتبادل الآراء عن القصة السعودية، التي تحاول أن تفرض مكانا لنفسها مع الانفتاح الحديث. على خلفية عرض الفيلم في المهرجان، قابلت الجزيرة الوثائقية المخرج عبد العزيز الشلاحي، وكان المنطلق الأول في الحوار معه هو الحديث المبدئي عن التعاون الثنائي بينه وبين مؤلف الفيلم، فقد بدا أنهما يتحركان معا في عدة مشروعات قديمة وحديثة. يقول المخرج في حواره: أجد في العمل مع مفرج المجفل حالة نادرة من الانسجام الفني، فنحن نتشارك شغف التفاصيل، ونتفق في الالتقاطات تجاه الشخصيات والبيئة المحيطة بها، ولدينا ثقة كاملة، فكل واحد يحترم مساحة الآخر الإبداعية، وهذا ما يجعل النقاش بيننا -مهما كانت الاختلافات- واعيا وصادقا، ويفتح آفاقا جديدة تجاه العمل، وأنا أرى أن التعاونات الثنائية الحقيقية والصادقة والجادة التي لها هدف وهاجس واحد، ستصنع أفلاما أكثر تماسكا، لأن العمل الفني حوار مستمر بين عوالم متعددة. مجاز يفتح آفاقه من تقليد حُداء الإبل تسمية الفيلم 'هوبال' ملفتة للأنظار، وكذلك سياق حبكة القصة عموما، فهوبال هو الحدّاء الذي يحدو الإبل ويغني لها كي تجد في السير، وذلك تقليد عريق يتمثل في إنشاد شعري، يحفّز الإبل على السير بطريقة معينة، أو إيجاد مكان الراعي الذي يناديها. تتخذ تلك التسمية البيئة مجازا أوسع يجمع بين الإنسان والحيوان، فالجميع منضبط برغم الشتات. يبدأ المشهد الأول في الفيلم من نداء الجد للإبل بتلك الطريقة، ومما يلفت النظر أنه نداء للجميع للبقاء في حوزته، كصفارة إنذار تحذيرية من خطر يحلّق بالجميع. يفتتح 'هوبال' قصته بالوقوف في صحراء قاحلة، تظهر القسوة التي ينطبع بها أغلب شخصيات الفيلم. ويظهر الجد إبراهيم الحساوي في دور مذهل، يناسب تكوينه الجسدي، وتفصيلات وجهه المنحوتة من أثر الزمن. وتبدأ الأحداث مع بداية حرب الخليج، فيُسمع النداء الصادر إلى الإبل في مجاز أوسع، لتحذير الكل مما هو قادم، فالعالم كله في خطر الحرب التي قد تدمر الخليج عام 1990. يتخيل الجد هنا أنهم باتوا في نهاية الزمن، وأن القيامة اقتربت، وعليهم الرحيل من المدينة الظالمة، للإقامة في الصحراء التي يتساوى فيها الجميع. تبدو الصحراء هنا مكانا أكثر طهارة، يصلح لاستقبال النهاية، وأرضية جيدة لقصة فناء عربية أصيلة، قادمة من رحم تصورات دينية متأصلة في وعي كل عربي ولا وعيه، ففي الصحراء يتساوى الحيوان مع الإنسان، بعيدا عن الفساد الذي لحق بالمدينة. 'أتخذ موقع التصوير أحد أبطال القصة' يظهر المكان بطلا موازيا في الفيلم، فلدينا خصوصية صحراوية قاتمة تناسب الحدث، وتُظهر بصمت كيف يعيش هؤلاء، كما تقول شيئا عن الخصوصية العربية. يقول المخرج: أتعامل دائما مع موقع التصوير كأنه أحد أبطال القصة، وأبحث عن أماكن تتنفس الحكاية، ولا تبدو مفروضة عليها. أما فريق العمل، فاختياره يأتي أولا من فهمهم لغة المشروع، وثانيا من قدرتهم على الإيمان به، لا تنفيذه فقط. يصل الفيلم إلى ذروة قصته حين تمرض إحدى الحفيدات، فيرفض الجد رفضا قاطعا كل محاولة للذهاب بها إلى المدينة، التي يراها فاسدة محرّمة على أسرته، فيخضع الكبار لحكمه، لكن يتجرأ أحد الأحفاد على تدبير محاولة للهروب إلى المدينة. تبدو المدينة محطة الفرار والوصول سؤالا رئيسيا لكل جيل على حدة، أحدهم يمثّله الجيل الأكبر البعيد، والآخر الأصغر 'البِكر' الذي لم يتلوّث بعد. وربما يبدو ذلك تساؤلَ الفيلم الآخر، عن التعارض بين جيلين سعوديين، أحدهما وُلد مع أزمة الخليج. 'هوبال'.. لماذا كل تلك الشهرة؟ على المستوى الخطابي الذي اختاره الفيلم، ربما خلقت تلك المعضلة التي تبدو قريبة الشبه بأفلام الفناء الأمريكية تعاطفا وتشويقا، لكنها كانت في الوقت ذاته أكثر حميمية وقربا من كل عربي، فربما يصلح ذلك تفسيرا أوّليا للضجة التي أثارها العمل من لحظة عرضه. نحن أمام رحلة أبطال ثنانية؛ من المدينة إلى الصحراء التي تشبههم أكثر من غيرها، ومن الفردية إلى التساؤل مرة أخرى عن المكان الذي عليهم الاهتمام به أكثر، فقصة تحتويها الصحراء ويتصدرها الحيوان، يصبح فيها الإنسان ضيفا عليه أن يعيد تعريف نفسه وفق المعطى الجديد. يقول المخرج: لا أرى 'هوبال' محاولة لعرض قصة ذات طابع تراثي فقط، بل أراها رحلة إلى جوهر الهوية الأصلية، من خلال البادية بتفاصيلها القاسية والإنسانية، تلك البيئة التي شكلت جزءا أصيلا من روح الإنسان في المكان، وأرى أن الأصالة في السينما ينبغي أن لا تأتي من استنساخ الماضي، بل من إعادة اكتشافها بلغة فريدة، تتسم بالدهشة واحترام الجذور. ثم يقول: حاولنا في 'هوبال' تقديم الإنسان في بيئته كما هو؛ بسيطا معقدا صامدا حالما، وهذه خصائص تشبه كثيرا من الأفلام الأصيلة، حين تكون في أصدق حالاتها. كما يوضح أن السينما اليوم تمتلك الطاقات والرؤية وسهولة الوصول، لكن ينقصها الإيمان والثقة؛ الإيمان لدى الصانع في البحث عن مساحات أوسع للتجريب دون خوف من توقعات السوق، وثقة أكبر من الجميع بخصوصيتنا الثقافية، وأظن الأصالة هي مفتاحنا للآخر لا التقليد. 'كانت الصعوبات تصنع طاقة إضافية' كان الأمثل لاستكمال هذا الحوار هو الانطلاق إلى نقطة أكثر عمقا وخصوصية لصنّاع الفيلم؛ ألا وهي الطريقة التي اختاروها للعمل على القصة. يقول المخرج: بعد الانتهاء من الكتابة، أبدأ بمرحلة بناء الفريق حول روح النص، لأني أؤمن بأن الفيلم لا يصنعه فرد، بل جماعة لها روح واحدة، وتؤمن بعمل واحد، فمن الطبيعي أن يلاقي كل مشروع سينمائي صعوبات، لا سيما حين تحاول أن تقدم شيئا خارج حدود المألوف إنتاجيا. وفي 'هوبال'، كانت التحديات كبيرة جدا، لكن أهمها هو التصوير في بيئة لا حدود لها، تحكمها عوامل خارجية لا سبيل للسيطرة عليها مثل الظروف الجوية، وأيضا التعامل مع شخصيات متعددة وممثلين من أجيال متفاوتة، ناهيك عن عقبة التعامل مع حيوانات الفيلم، فقد كنتُ حريصا على تنفيذ المشاهد دون لجوء للحلول التقنية. لكن هذه الصعوبات كانت جزءا من الرحلة، بل أحيانا كانت تصنع طاقة إضافية للفيلم، تجعلنا نتغلب عليها بكل يسر. عند تلك المرحلة، كانت النقطة الأكثر محورية هنا في حديثنا تخص المسار الرقابي العربي عموما، لا السعودي فقط، فذلك أمر يفكر فيه كل صانع أفلام، وقد حاولنا أن نفهم أكثر كيف يرى ذلك فنان سعودي. يقول المخرج إن الرقابة هاجس يفكر فيه كثيرا صانعو الأفلام، ومن المهم الوعي لهذه المرحلة، ووضعها بالاعتبار قبل تنفيذ العمل، وليس بالضرورة أن تكون رغبات، بل أحيانا قوانين وتنظيمات وتشريعات يجب احترامها، لكنني أرى أن الذكاء الفني يستطيع تجاوز المحظورات دون خيانة للفكرة. لكن في سياق صناعة هذا الفيلم تحديدا شيئا أكثر خصوصية، يقول المخرج: أثناء العمل على 'هوبال'، كنت حريصا على أن أكون صادقا في رواية القصة، مع مراعاة السياق الثقافي، من دون أن أفرّط في الرقابة الذاتية، وتوقعت أن أجد تحديات في بعض أماكن العرض، لا سيما مع اختلافات أنظمة الرقابة، لكنني أؤمن أن طريقة التناول الفني وأسلوب الحكاية والموازنة بين ما تقول وما تحمل من أفكار هي أقوى وسيلة لكسب ثقة الجمهور، وما ينبني عليها من عدم ممانعة الرقابة. وصفة النجاح التي يبحثها عنها السينمائيون حتى الآن لا يزال 'هوبال' يحمل ثنائية صعبة التحقق، وربما يبحث عنها المنتجون في العالم كله، ألا وهي التوازي بين العنصر الفني المتخصص، وبين العنصر الجماهيري الأوسع على الإطلاق. وربما حقق 'هوبال' ذلك بشكل لم يكن في حسبان صنّاعه. يقول عبد العزيز الشلاحي للجزيرة الوثائقية: كانت ردود الفعل مليئة بالمفاجآت، فقد شعرت أن الجمهور كان متعطشا لرؤية قصته وبيئته ولغته البصرية، بشكل مختلف عن النماذج المعتادة. أما أنا فأبرز ما أدركته أن الجمهور السعودي والخليجي أكثر استعدادا مما نظن لتلقي سينما حقيقية وجريئة وعميقة، وأنك حين تقدم لهم عملا صادقا، تجد صدى يتجاوز كل التوقعات. ربما كان 'هوبال' الفيلم الأنضج في هذه الدورة من المهرجان، وهو تجربة سعودية عربية، لكنها تحتاج قليلا من الإضافات، حتى تستطيع المنافسة عالميا. إنه عمل يفهم الوسيط السينمائي جيدا ليجعله يحتوي البشري والحيواني، ويتناص بين الزمان والمكان لعمل قصة عربية أصيلة، برغم بعض الملاحظات اليسيرة، وأما ندرة الموسيقى فهي نتيجة قسوة الصحراء التي لا تحتمل آخر، ومحاولة جيدة لتقديم فكرة عربية عن نوع سينمائي عالمي.

"سلمى وقمر" و"عثمان في الفاتيكان" يتصدران جوائز مهرجان أفلام السعودية
"سلمى وقمر" و"عثمان في الفاتيكان" يتصدران جوائز مهرجان أفلام السعودية

الجزيرة

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

"سلمى وقمر" و"عثمان في الفاتيكان" يتصدران جوائز مهرجان أفلام السعودية

أسدل مهرجان أفلام السعودية الستار على دورته رقم 11 التي أُقيمت في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بمدينة الظهران، خلال الفترة من 17 إلى 23 أبريل/نيسان الجاري. وشهد الحفل الختامي حضور عدد من صنّاع السينما والنقاد، بعد أسبوع من العروض والفعاليات انتهى بالإعلان عن منح "النخلة الذهبية" لـ7 أفلام ضمن المسابقات الرسمية. وقدّم حفل الختام كل من عائشة كاي وخالد صقر، في حضور درامي أعاد شخصيتي "أم إبراهيم" و"أبو إبراهيم" من مسلسل "شارع الأعشى" الذي عُرض في مارس/آذار الماضي. تكريم الحساوي ومن أبرز مشاهد ختام النسخة الـ11 من مهرجان أفلام السعودية تكريم الممثل والمخرج والمنتج السعودي إبراهيم الحساوي، تقديرًا لعطائه الفني الممتد في المسرح والدراما ودوره الداعم لصناعة السينما المحلية، وتتويجًا لمسيرة فنية بدأها منذ عقود وبالتحديد منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكان خلالها حاضرًا في أعمال شكلت جزءًا من الذاكرة الفنية السعودية. وفي كلمة ألقاها خلال الحفل، أعرب الحساوي عن امتنانه للمخرجين وصنّاع الأفلام الذين منحوه الفرصة للمشاركة في أعمالهم، وخص بالشكر زوجته التي وقفت إلى جانبه طوال سنوات العمل. وقال "شاركت في العديد من المهرجانات، لكن هذا التكريم يحمل نكهة مختلفة، فقد كنت شاهدًا على المهرجان منذ انطلاقته الأولى". إعلان الجوائز كما شهد الحفل توزيع جوائز "النخلة الذهبية" على نخبة من الأعمال المميزة، احتفاءً بإبداع صناع السينما من السعودية وخارجها. وفي المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، فاز فيلم "سلمى وقمر" للمخرجة عهد كامل بجائزة أفضل فيلم. بينما نال مشعل المطيري جائزة النخلة الذهبية لأفضل ممثل، وذلك دوره في فيلمي "هوبال" و"ثقوب" بمهرجان أفلام السعودية. كما حصل الفيلم العراقي "أناشيد آدم" على جائزة أفضل فيلم روائي خليجي. وقد منحت لجنة التحكيم تنويهات خاصة لعدد من الأفلام تقديراً لمقارباتها البصرية والدرامية، حيث شملت "ثقوب" للمخرج عبد المحسن الضبعان، و"هوبال" لعبد العزيز الشلاحي، و"سوار" لأسامة الخريجي. أما في فئة الفيلم الروائي القصير، فقد فاز "ميرا ميرا ميرا" للمخرج خالد زيدان بجائزة "النخلة الذهبية" متفوقًا على منافسيه في هذه الفئة. أما جائزة "عبد الله المحيسن" للعمل الأول، فكانت من نصيب فيلم "شرشورة" للمخرج أحمد النصر، بينما حصد "وهم" للمخرج عيسى الصبحي جائزة أفضل فيلم روائي خليجي قصير. كما منحت لجنة التحكيم تنويهاً خاصاً لفيلم "انصراف" تقديرًا لتميزه الفني ضمن الأعمال المشاركة. وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، حصل "عثمان في الفاتيكان" للمخرج ياسر بن غانم على جائزة "النخلة الذهبية" بعد منافسة قوية مع أفلام أخرى. أما جائزة "جبل طويق" لأفضل فيلم يتناول مدينة سعودية، فقد فاز بها "قرن المنازل" للمخرج مشعل الثبيتي. وفي فئة الفيلم الوثائقي الخليجي، توج "الجانب المظلم من اليابان" للمخرج عمر فاروق بالجائزة الأولى. كما منحت لجنة التحكيم تنويهيْن خاصين لكل من فيلمي "دينمو السوق" و"عين السبعين" تقديرًا لمحتواهما المتميز. قصص تُرى وتُروى وركزت النسخة رقم 11 من مهرجان أفلام السعودية على أفلام تتناول قضايا الذاكرة والانتماء من وجهات نظر شخصية واجتماعية، والتركيز على محوري "قصص تُرى وتُروى" و"سينما الهوية". وقد اتسم برنامج الأفلام بتنوع يعكس تداخل الواقع والخيال وطرح أسئلة جمالية وفكرية. وفي كلمته الختامية، توجه مدير المهرجان أحمد الملا إلى الحضور بالقول "كل عام، تضيفون لمهرجاننا قصة جديدة. اليوم، نحتفل بالإبداع الذي صنعناه معًا".

مسلسل "النُّص".. حين يصبح "النشال" بطلا قوميا
مسلسل "النُّص".. حين يصبح "النشال" بطلا قوميا

الجزيرة

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • الجزيرة

مسلسل "النُّص".. حين يصبح "النشال" بطلا قوميا

تكمن خطورة الدراما في قدرتها على إضفاء البطولة على أي شخصية حتى ولو كان سارقا أو قاتلا، ولعل انقلاب الهرم في العالم وفي الغرب بصفة خاصة يعود في جزء كبير منه إلى موجة الأفلام الهوليودية التي انحازت إلى زعماء العصابات، وأشهرها "العراب" 1972 للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، و"رفاق طيبون" 1990 لمارتن سكورسيزي. وفي تاريخ الفن المصري تعد ملحمة "أدهم الشرقاوي الإذاعية" 1962 واحدة من أكثر حالات سوء الفهم التي سببتها الدراما حين اقتحمت عالم "أدهم الشرقاوي" الغامض وأظهرته بطلا ومناضلا وطنيا خالصا، في حين أكد عدد من معاصريه أنه لم يكن إلا شخصا منحرفا أسال الدماء في قريته وقتل الكثير من الأبرياء. ويلعب الفارق الزمني والاجتماعي بين حالتي القاتل أدهم الشرقاوي والنشال عبد العزيز النص بطل مسلسل "النُّص" لصالح الأول فنيا، لكنه يسجل حقيقة جديدة لصالح النشال التائب ولصالح الجمهور أيضا، وهي ذلك النضوج الذي تلقى جمهور المشاهدين به العمل، واعتبار أنه لم يكن إلا عملا فنيا جيدا. نشال في سبيل الوطن يعتمد مسلسل "النُّص" -الذي يُعرض منذ بداية رمضان- على تكييف درامي لعمل صحفي/ أدبي مستوحى من "مذكرات نشال" التي كتبها الصحفي المصري أيمن عثمان، مستندا إلى نصوص تعود إلى المعلم عبد العزيز النُّص، وهو نشال سابق عاش في مصر خلال عشرينيات القرن الماضي. ونُشرت هذه المذكرات لأول مرة عام 1927 في جريدة "لسان الشعب"، وأثارت حينها جدلا واسعا نظرا لطبيعتها الفريدة، إذ تسرد تفاصيل تجارب شخصية حقيقية لنشال يصف مغامراته في عالم الجريمة بأسلوب غير مألوف. وشارك في كتابة سيناريو المسلسل كل من عبد الرحمن جاويش وسارة هجرس ووجيه صبري، في حين قدّم أحمد أمين دور البطل عبد العزيز النُّص، ليضفي على العمل طابعا خاصا. تميز المسلسل بأسلوبه المختلف عن المعتاد، إذ وظف أمين فكرة تقديم معلومات مكتوبة توضح المفردات الاجتماعية والتاريخية المستخدمة في حوار كل حلقة، مما جعل المشاهدة أشبه بتجربة قراءة كتاب، فيتنقل المشاهد بين متن الحكاية وهوامشها لفهم أبعادها التاريخية والاجتماعية بعمق أكبر. ورغم أن نشال العمل الأصلي -الذي قدمه المؤلف أيمن عثمان في كتابه- لم يكن صاحب دور وطني في مقاومة الإنجليز إبان احتلالهم مصر فإن المسلسل حوّله من مجرد نشال إلى "نشال في سبيل الوطن"، وهو أمر يبدو مخيفا في ظل التداخل القيمي بين سلبية صورة "النشال" الذي هو سارق يستحق العقاب والاحتقار الاجتماعي وبين القيمة الإيجابية لمن يناضل في سبيل وطنه، وبالتالي يمكن ببساطة أن يغفر له نهبه الأبرياء والمساكين مقابل عمله من أجل الوطن. يثبت أحمد أمين في "النُّص" مكانته بصفته مبدعا شاملا، وليس مجرد ممثل فقط، ويؤكد رغم اقتصار عمله على الدراما التلفزيونية دون السينما أنه يقف في مقدمة صناع الدراما المشرقة التي تقدم التشويق والإثارة بشكل ناضج لا مراهقة فيه، كما تقدم الترفيه والمعرفة دون مبالغة أو تعقيد. تدور أحداث مسلسل "النُّص" في النصف الأول من القرن الـ20 حينما كان المجتمع المصري منقسما اقتصاديا بين طبقتين واضحتين: الأولى تضم الملك وحاشيته والإنجليز الذين ينعمون بالثراء والسلطة، في حين تتألف الطبقة الثانية من الأغلبية الفقيرة من الشعب المصري التي تكافح من أجل لقمة العيش. عبد العزيز النُّص -وهو نشال تائب- يعمل "كمسري" (محصّل التذاكر) في ترام القاهرة، ويتولى رعاية شقيقه الأصغر الذي يدرس بكلية الحقوق، لكن سرعان ما تتعقد حياته عندما يُقبض على شقيقه بسبب انتمائه إلى تنظيم فدائي سري يقاوم الاحتلال البريطاني. يحاول عبد العزيز بكل الطرق تأمين الإفراج عن أخيه، لكنه يجد أن راتبه من عمله الشريف لا يكفي لتغطية أتعاب المحامي، فيجد نفسه مضطرا للعودة إلى عالم النشل لجمع المال اللازم. ومع عودته إلى مهنته السابقة يعيد عبد العزيز إحياء علاقاته القديمة في عالم الجريمة، لكنه يلتزم بمبدئه الأساسي: عدم سرقة الفقراء، وخلال إحدى عملياته يسرق رجلا إنجليزيا ثريا، ليجد نفسه لاحقا في مواجهة غير متوقعة، إذ يستعين به ضابط شرطة وطني في خطة تهدف إلى إحباط عمليات تهريب الآثار المصرية من قبل قوات الاحتلال. وهكذا يتحول عبد العزيز من نشال عادي إلى نشال وطني مستخدما مهاراته لخدمة المقاومة، ويلتحق به آخرون ممن يرغبون في المشاركة في النضال بأسلوبهم الخاص. أحمد وأسماء وحمزة شهد مسلسل "النُّص" مباراة في الأداء التمثيلي كان طرفاها أحمد أمين بطل العمل والممثل ذو الألف وجه حمزة العيلي الذي جسّد دور "درويش" صاحب الطموحات الفنية بلا قدرات، والذي يعمل على هامش الفن في مخزن ملابس أحد المسارح، لكنه يرى أن مكانه هو خشبة المسرح، في حين لا يستطيع أن يتحدث بشكل سليم. يشكل "درويش" أو حمزة العيلي تلك المفارقة الأبدية بين الأحلام والقدرات التي تؤدي بصاحبها إلى أن يتحول إلى مسخ في أنظار الآخرين، وقد نجح حمزة دون افتعال في إتقان تقديم الشخصية في حالاتها المختلفة بشكل آسر ومفجع. وعلى العكس، قدمت أسماء أبو اليزيد دور رسمية المحتالة الجميلة، لتبدو بين أجواء العمل كما لو كانت قادمة من المستقبل، فقد أكد إيقاع حديثها وأدائها وحركتها أنها تنتمي إلى اللحظة الحالية، ويبدو غياب دور المخرج معها واضحا. إعلان وقدّم الممثل عبد الرحمن محمد دور "زقزوق" ابن زوجة "النص" ورفيقه في رحلة النهب والوطنية بشكل مميز، ويعد بكوميديان جيد في المستقبل. الانسحاب إلى الماضي لطالما اتبعت الدراما المصرية نهج "الموجات"، إذ يؤدي نجاح عمل معين إلى ظهور مجموعة من الأعمال المشابهة في المواسم اللاحقة، فعندما يحقق مسلسل تاريخي نجاحا تمتلئ الشاشات في رمضان التالي بعدد من المسلسلات التي تسير على النهج ذاته. ومن أبرز هذه الظواهر "موجة دراما الطرابيش" التي اجتاحت الدراما المصرية في العقد الأول من القرن الـ20، تماما كما يحدث في السينما، إذ تتحول الاهتمامات الإنتاجية بين مواضيع مختلفة، من أفلام تجارة المخدرات إلى أفلام المغامرات بحسب النجاح الذي يحققه كل نوع. وفي هذا السياق، جاء مسلسل "عمر أفندي" من تأليف مصطفى حمدي وبطولة أحمد حاتم ورانيا يوسف وآية سماحة ومصطفى أبو سريع، وإخراج عبد الرحمن أبو غزالة، ليعيد إحياء روح "دراما الطرابيش" لكن بأسلوب مختلف. فبينما كانت هذه الدراما في السابق تدور حول قصور الباشوات ونواديهم الفاخرة اختار "عمر أفندي" أن ينقل الأحداث إلى عالم البسطاء، مقدما رؤية أكثر التصاقا بالحياة اليومية لعامة المصريين، وهو ما ساعده في تحقيق نجاح كبير عند عرضه في سبتمبر/أيلول الماضي. أما مسلسل "النُّص" فقد اتخذ طريقا أكثر عمقا في تصوير المجتمع المصري، إذ لم يكتفِ بتقديم أماكن وبيوت تعكس حياة تلك الفترة، بل أعاد إحياء القاموس اللغوي للثلاثينيات، مما أضفى على العمل طابعا كوميديا خاصا، إذ بدت المصطلحات التي يستخدمها الأبطال وكأنها قطع أثرية لغوية مستخرجة من متحف التاريخ. هذا الاهتمام بالتفاصيل جعل العمل ثريا بصريا ولغويا، وأتاح للمشاهدين فرصة الغوص في أجواء زمن ماضٍ، ربما بدافع الحنين إليه أو للهروب من قسوة الحاضر، خاصة في ظل التحولات الحادة التي شهدها المجتمع المصري منذ الثلاثينيات وحتى الآن. بهذا الشكل، نجح مسلسل "النُّص" -وهو تعبير عامي يشير إلى "النصف"- في حجز مكانه على قمة دراما رمضان، ليس فقط بسبب ارتفاع نسب مشاهدته، بل لأنه قدّم عملا يحترم عقل المشاهد ويمنحه تجربة درامية تتجاوز حدود اللحظة الآنية، في زمن بات أكثر قبحا وتعقيدا، ليصبح بمثابة نافذة على ماضٍ أكثر دفئا وأصالة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store