logo
سفر الأعمال الأمريكي يتعثر بفعل التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية

سفر الأعمال الأمريكي يتعثر بفعل التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية

الاقتصادية١٦-٠٥-٢٠٢٥

تراجع عدد ركاب الخطوط الجوية والسفن الذين دخلوا الولايات المتحدة باستخدام تأشيرات عمل في أبريل، بنسبة 9% في إجمالي عدد الزيارات، بحسب بيانات حكومية جديدة من المكتب الوطني للسفر والسياحة.
يأتي ذلك وسط عدم اليقين الاقتصادي والرسوم الجمركية وسياسات الحدود التي تنتهجها إدارة ترمب.
ووفقا لمقال من قناة "يورونيوز"، كان الارتفاع الوحيد من نصيب القادمين من منطقة الشرق الأوسط، بزيادة 9.4% مقارنة بأبريل 2024، لكنها لم تكن كافية لتعويض الانخفاضات الحادة من مناطق أخرى، أبرزها أوروبا الغربية التي تراجعت 17.7%.
كما انخفضت أعداد الوافدين جوا من المكسيك لأغراض العمل 11.8%. وسجلت كندا انخفاض 20% في الرحلات الجوية و35% في البرية، حسب هيئة الإحصاء الكندية.
انعكس هذا الاتجاه في أبريل، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تأخر عيد الفصح، حيث قفزت أعداد الوافدين بتأشيرات سياحية بنسبة 13.8%.
أظهر السفر لأغراض العمل أداء أقوى من الترفيه في الربع الأول من العام، بأكثر من 1.2 مليون مسافر من يناير إلى مارس، بزيادة 7% عن العام السابق. في المقابل، انخفض عدد المسافرين بتأشيرات سياحية 6%.
لكن انعكس هذا الاتجاه في أبريل، وذلك لإجازة عيد الفصح على الأرجح، حيث قفزت أعداد التأشيرات سياحية 13.8%، ومن غير الواضح ما إن كان سيستمر هذا الاتجاه.
ذكرت شركة تحليلات الطيران "سيريوم" أن الحجوزات المسبقة من أوروبا إلى 14 مدينة أمريكية رئيسة خلال الفترة من يونيو إلى أغسطس انخفضت 12% على أساس سنوي.
وردًا على تقلبات السوق، سحبت شركات طيران أمريكية توقعاتها المالية، مشيرة إلى ضعف إقبال المسافرين بغرض الترفيه ذوي الميزانية المحدودة.
ويتوقع خبراء القطاع استمرار انخفاض السفر بغرض العمل خلال الأشهر المقبلة.
ورجحت ليزلي أندروز، رئيسة قسم السفر العالمي في شركة "جي إل إل" وعضو مجلس إدارة مؤسسة رابطة سفر الأعمال العالمية، أن سفر الشركات إلى الولايات المتحدة سيتباطأ في الربعين الثاني والثالث من العام مع تفاقم التأثير الكامل للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية.
وبحسب سوزان نيوفانج، الرئيسة التنفيذية لرابطة السفر العالمية للأعمال، أظهر استطلاع رأي شمل أكثر من 900 عضو الشهر الماضي أن ثلثهم توقعوا انخفاضًا في أحجام السفر العالمية هذا العام.
قد يمثل انخفاض رحلات العمل ضربة مضرة لصناعة السفر الأمريكية والمدن التي تستضيف المؤتمرات والمعارض التجارية الدولية.
وذكر بريت ستيرنسون، رئيس شركة "هوتيل لوبييستس" في واشنطن، وهي شركة تدير حجوزات الفنادق للاجتماعات والمؤتمرات، بأنه يخسر عملاء دوليين وسط تحذيرات من زيارة الولايات المتحدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يؤجل موعد فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي
ترمب يؤجل موعد فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي

الشرق للأعمال

timeمنذ 35 دقائق

  • الشرق للأعمال

ترمب يؤجل موعد فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيمدد الموعد النهائي الذي سيفرض فيه رسوماً جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي حتى التاسع من يوليو، وذلك عقب مكالمة هاتفية أجراها مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وأضاف ترمب للصحفيين يوم الأحد أثناء عودته إلى واشنطن: "أجرينا مكالمة لطيفة جداً، ووافقت على تأجيل الأمر". وكانت فون دير لاين قد نشرت في وقت سابق من يوم الأحد منشوراً على منصة "إكس" قالت فيه إن "أوروبا مستعدة للمضي سريعاً وبشكل حاسم في المحادثات"، لكنها أضافت أن "إبرام اتفاق جيد سيستغرق وقتاً حتى 9 يوليو". وهذا التاريخ هو نهاية فترة التجميد التي حددها ترمب لرسومه الجمركية المعروفة بـ"الرسوم المتبادلة"، والتي كانت مدتها 90 يوماً. وكان من المقرر أن يخضع الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية بنسبة 20% بموجب تلك الرسوم التي أُعلن عنها في أبريل، في إطار ما أطلق عليه ترمب اسم "يوم التحرير". تهديد برسوم أعلى لكن ترمب هدّد يوم الجمعة بفرض رسوم أعلى، تصل إلى 50%، متهماً التكتل بتأخير المفاوضات عمداً، وباستهداف الشركات الأميركية بشكل غير عادل من خلال الدعاوى القضائية والتنظيمات. وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم الأسبوع الماضي مقترحاً تجارياً محدثاً إلى الولايات المتحدة، في محاولة لدفع المحادثات قدماً، كما أجرى مفوّض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، اتصالاً هاتفياً يوم الجمعة مع نظيره الأميركي جايمسون غرير. وبحسب تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس"، فإن التهديد الأخير من ترمب بفرض رسوم جمركية على التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تبلغ قيمتها 321 مليار دولار، سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنحو 0.6%، وزيادة الأسعار بأكثر من 0.3%.

الواردات الأميركية من الطماطم المكسيكية تتجاوز ثلاثة مليارات دولارات«معركة الطماطم» تشعل نزاعاً تجارياً بين أميركا والمكسيك
الواردات الأميركية من الطماطم المكسيكية تتجاوز ثلاثة مليارات دولارات«معركة الطماطم» تشعل نزاعاً تجارياً بين أميركا والمكسيك

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

الواردات الأميركية من الطماطم المكسيكية تتجاوز ثلاثة مليارات دولارات«معركة الطماطم» تشعل نزاعاً تجارياً بين أميركا والمكسيك

يعد الأميركيون من أكثر شعوب العالم حباً للطماطم، حيث تحتل المرتبة الأولى بين المنتجات الطازجة المستوردة من الخارج، وبالرغم من هذا الحب الجارف للطماطم، إلا أن هذه التجارة باتت معرضة للخطر، بعد أن أحيت إدارة ترمب جهوداً دامت ثلاثة عقود للحد من الواردات، وتساهم واردات الطماطم بشكل كبير في الاقتصاد الأمريكي من خلال تحقيق مبيعات بمليارات الدولارات، ودعم آلاف الوظائف، كما تعزز الأسعار التنافسية التي تعود بالنفع على المستهلكين والشركات على حد سواء، وقد تُعرض قيود الاستيراد الجديدة كل ذلك للخطر، لأن الإنتاج الأمريكي لا يلبي الطلب المحلي، والسؤال: ما الذي سيحرزه هذا التغيير؟ هل ستصبح الطماطم الأميركية أغلى ثمناً؟ هل ستُضطر الشركات للبحث عن بدائل؟ هل سيُؤثر هذا التغيير على الوظائف التي يُوفرها هذا القطاع المزدهر؟ إغراق الأسواق الأميركية بدأ الصراع على الطماطم في تسعينيات القرن العشرين، حيث دفع النمو غير المسبوق في واردات الطماطم من المكسيك، المنتجين الأمريكيين إلى مطالبة إدارة كلينتون بالتحقيق فيما إذا كانت تُباع بأسعار منخفضة بشكل غير عادل، وهذا يعني وجود انتهاك لقواعد منظمة التجارة العالمية والسياسة التجارية الأميركية، وردت واشنطن بإجراء تحقيق لمكافحة الإغراق، أجرته وزارة التجارة ولجنة التجارة الدولية الأميركية، حيث كُلفت الهيئتان بفحص ما إذا كانت الواردات تُباع في الولايات المتحدة بأقل من قيمتها السوقية العادلة، وهو ما يُعرف بالإغراق. يُلحق الإغراق الضرر بالمنتجين المحليين من خلال خفض الأسعار المحلية لمنافسة الواردات، مما يُسبب ضائقة مالية، وتُعتبر رسوم مكافحة الإغراق في جوهرها تعريفة جمركية، وأصدرت وزارة التجارة حكمًا ضد المنتجين المكسيكيين، إذ وجدت أنهم مارسوا سياسة الإغراق، لكنها توصلت إلى اتفاق معهم، حيث وافق مصدرو الطماطم المكسيكيون على تحديد حد أدنى للأسعار، مما دفع الولايات المتحدة إلى إلغاء التحقيق، وعقب ذلك، أبرمت واشنطن ومكسيكو سيتي، سلسلة من اتفاقيات التعاون على مر السنين، وتم تنفيذ أول تعريفة جمركية في عام 1996، ودخلت أحدث تعريفة جمركية حيز التنفيذ في عام 2019 خلال ولاية ترمب الأولى، بعد أن هددت إدارته بفرض تعريفة جمركية على الطماطم المكسيكية بنسبة 17.5 %. الانسحاب من اتفاقية الطماطم في أبريل الماضي، انسحبت وزارة التجارة الأميركية من أحدث اتفاقية لتعليق استيراد الطماطم، وأعلنت فرض رسوم إغراق بنسبة 21 % على الطماطم الطازجة المستوردة من المكسيك، بدءًا من يوليو المقبل، وليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كان المستوردون والمستهلكون الأميركيون سوف يتحملون العبء الكامل لهذه التعريفات، أو ما إذا كان المصدرون المكسيكيون للطماطم سوف يتحملون هذه التكلفة، ومن المفترض أن تفيد هذه الخطوة المنتجين الأميركيين، ومعظمهم في ولاية فلوريدا، مع وجود عدد أقل بكثير منهم في كاليفورنيا، ومع ذلك، تهدد الرسوم الجمركية بإلحاق الضرر بموزعي المنتجات، وتجار الجملة والتجزئة، بالإضافة إلى المستهلكين الأميركيين. اعتاد الأميركيون على شراء الطماطم الطازجة بكميات كبيرة لإضافتها إلى سلطاتهم وحشوها في شطائرهم، رغم أنه لا يمكن حصاد الطماطم إلا في الأشهر الأكثر دفئًا من العام، ولا يتعلق النزاع بجميع الطماطم التي يتناولها الأميركيون، إذ يُقسم إنتاج الطماطم في الولايات المتحدة إلى فئتين رئيسيتين، الأولى هي فئة الطماطم الطازجة، وهي التي يدور الخلاف حولها، أما الفئة الثانية، فهي معالجة الطماطم، التي تستخدمها الشركات لصنع معجون الطماطم، والطماطم المعلبة أو المطهية، والصلصة، وتتصدر كاليفورنيا الولايات المتحدة في معالجة إنتاج الطماطم، وعلى عكس الطماطم الطازجة، تحقق الولايات المتحدة فائضًا تجاريًا في منتجات الطماطم المصنعة. عندما تم تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية في يناير 1994، كان إنتاج الطماطم الطازجة في الولايات المتحدة أكثر من أربعة أمثال كمية الطماطم الطازجة المستوردة أي 1.7 مليون طن متري منتجة، مقابل 400 ألف طن متري فقط مستوردة، وقد تدهور الإنتاج المحلي الأميركي من الطماطم بشكل مطرد منذ ذلك الوقت، بينما ازدادت الواردات، وأصبحت الطماطم الطازجة المستوردة الآن أكثر وفرة بمرتين، حيث تم زراعة مليون طن متري في الولايات المتحدة عام 2024، مقارنةً بمليوني طن متري مستوردة، وقد حدث هذا في الوقت الذي أصبح فيه الأميركيون يأكلون الطماطم الطازجة بكميات أكبر من أي وقت مضى، حيث بلغت حصة الفرد الأميركي سنوياً من الطماطم 9 كيلوغرامات في عام 2024. زيادة المعروض والأسعار في عام 2024، بلغ إجمالي الواردات الأميركية من الطماطم الطازجة 3.6 مليار دولار، منها 3.1 مليار دولار من المكسيك، ويمثل هذا زيادة بنسبة 367 ٪ منذ دخول اتفاقية نافتا حيز التنفيذ، ونظراً لانخفاض تكاليف إنتاج العديد من المنتجات الطازجة في المكسيك، بفضل قلة تكاليف العمالة عن نصف مستوياتها في الولايات المتحدة، فقد بقيت أسعار الطماطم منخفضة في السوق الأميركية، من جهة أخرى، يفيد تقييد استيراد الطماطم المكسيكية، منتجي الطماطم الأمريكيين في ضبط أسعارهم، إلا أن هناك عوامل أخرى يجب مراعاتها، حيث تلعب الواردات دورًا حاسمًا في تعزيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل، ووفقًا لدراسة حديثة، فقد حققت هذه الواردات أثرًا اقتصاديًا إجماليًا تجاوز 8 مليارات دولار. تأتي الـ5 مليارات دولار الإضافية من جميع أنشطة القيمة المضافة المرتبطة بنقل هذه المنتجات من الحدود إلى المستهلكين، ويدعم هذا الأثر الاقتصادي الإجمالي حوالي 47 ألف وظيفة أمريكية مرتبطة بتخزين الطماطم وتوزيعها وتجارة الجملة والتجزئة، ومن المتوقع أن تؤدي رسوم مكافحة الإغراق على الطماطم الطازجة المستوردة إلى ارتفاع الأسعار، وتقليص كمية الطماطم الطازجة التي يمكن للأمريكيين شراؤها، كما سيُخفف ذلك بعض الآثار الاقتصادية، ويلغي بعض الوظائف التي حفزتها طفرة استيراد الطماطم. خيارات المنتجين المكسيكيين مع قرب فرض ضريبة أميركية على الطماطم المكسيكية في منتصف يوليو، يضغط المزارعون المكسيكيون بشدة ضد هذا الإجراء الذي يقولون إنه سيضر بالبلدين، ويعترفون بأن الأمر صعب للغاية، وفي الأسبوع الأول من شهر مايو الحالي، التقى مصدرو الطماطم المكسيكيين في واشنطن، بوزير الزراعة المكسيكي خوليو بيرديغي، ووزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز، بالإضافة إلى مشترين وموزعين وتجار تجزئة أمريكيين يعارضون رسوم الاستيراد الأميركية، ويمارس المصدرون المكسيكيون، والمستوردون الأمريكيون، المتضررون من كلا الجانبين ضغوطًا على أعضاء الكونجرس لإلغاء أو تخفيف هذه الرسوم. يواجه منتجو الطماطم المكسيكيون مخاطر كبيرة، إذ يُصدرون أكثر من نصف محصول الطماطم المكسيكية إلى الولايات المتحدة، وهذا يمثل دخل سنوي يتجاوز 3 مليارات دولار، وفقًا لوزارة الاقتصاد المكسيكية، وقد شهدت صادرات المكسيك من الطماطم ارتفاعًا حادًا في السنوات الأخيرة مع توسع إنتاج الصوبات الزراعية، واليوم، تُزود ​​المكسيك، الولايات المتحدة بما يقارب 7 من كل 10 طماطم طازجة يستهلكها الأمريكيون، ويدرس مصدرو الطماطم المكسيكيون جميع الخيارات، الدبلوماسية، والتجارية، ويبرع المكسيكيون في إنتاج مجموعة متنوعة من الطماطم لسوق التصدير، بما في ذلك طماطم الكرز، وطماطم الهيرلوم، الصغيرة، وطماطم العنب الناضجة. من ناحيتها، هددت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، بأن حكومتها قد ترد على رسوم الطماطم، بفرض رسوم انتقامية على واردات الدجاج الأميركية، وتتهم بورصة فلوريدا للطماطم، المزارعين المكسيكيين بالإغراق، من خلال استغلال انخفاض تكاليف العمالة وبيع منتجاتهم بأسعار أقل من أسعار السوق الأميركية، ويدرك المكسيكيون أن المزارعين في ولاية فلوريدا الأميركية لا يستطيعون المنافسة لأنهم يفتقرون إلى التكنولوجيا، والمياه، والمناخ الملائم، والقوى العاملة، وبخصوص التكنولوجيا، فقد استثمر المزارعون المكسيكيون بشكل كبير في تكنولوجيا الصوب الزراعية، مما سمح لهم بزراعة طماطم متخصصة، في حين كانت صناعة الطماطم في فلوريدا تقليدية، حيث تعتمد بشكل رئيسي على الطماطم المستديرة.

مؤشر مديري المشتريات
مؤشر مديري المشتريات

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

مؤشر مديري المشتريات

في عالم تتسارع فيه التحولات الاقتصادية، وتتعدد فيه مصادر المعلومات والإشارات الاستثمارية، يبرز مؤشر مديري المشتريات بوصفه إحدى أكثر الأدوات رصانة وعمقاً في استقراء اتجاهات الاقتصاد، ليس بوصفه انعكاساً آنياً للواقع فحسب، بل كعين تستشرف ملامح ما المستقبل، فهذا المؤشر، الذي يُستخرج شهرياً من استطلاعات ميدانية تُوجّه إلى مسؤولي المشتريات في كبريات الشركات، لا يعتمد على الحسابات اللاحقة ولا على البيانات الجامدة، بل على تفاعلات حية ومباشرة مع السوق، تُقاس من خلال 5 محاور دقيقة: الطلبيات الجديدة، الإنتاج، التوظيف، تسليم الموردين، والمخزون، ومن خلال نمذجة إحصائية متقدمة، يُنتج المؤشر رقماً مركباً يُشير إلى ما إذا كان الاقتصاد يتوسع أم ينكمش، بناءً على القراءة المحورية البالغة خمسين نقطة، تعد الخط الفاصلَ بين النمو والانكماش، فما هي خصائص مؤشر مديري المشتريات؟ وكيف أثبتت الأحداث التاريخية جدواه؟ وكيف تستفيد منه الحكومات والشركات والمستثمرون في اتخاذ القرارات؟ إن توقيت ومضمون مؤشر مديري المشتريات هما أكبر ما يميّزه، ففي زمن تُعلن فيه المؤشرات الرسمية بعد أشهر من وقوع الحدث، يجيء مؤشر مديري المشتريات ليُعلن عن التوجه الاقتصادي قبل أن تبدأ الحكومات بتدوين ملاحظاتها، وقبل أن تتحرك البنوك المركزية في مساراتها النقدية، ومن هنا، لم يكن غريباً أن تثبت التجربة التاريخية لهذا المؤشر أنه أكثر من مجرد أداة تحليل، بل رادار اقتصادي بالغ الحساسية، لطالما رصد الخلل قبل أن تتضح ملامحه الكاملة. فعلى سبيل المثال، وحين تهاوت الأسواق العالمية في عام 2008، لم يكن العالم قد استوعب بعد حجم الكارثة المالية التي ستعصف بالنظام المصرفي الدولي، لكن المؤشر، في صيف ذلك العام، بدأ يُرسل إشارات متوالية بانكماش حاد في الطلبيات والإنتاج، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا، وتراجعت قراءاته إلى ما دون الخمسين نقطة (وهو الحد الفاصل بين النمو والانكماش)، حتى قبل أن يُعلن إفلاس بنك «ليمان براذرز»، وفي الصين، حيث يعتمد الاقتصاد على التصدير الصناعي، سجل المؤشر تراجعاً صاعقاً في أواخر عام 2008، ما دلّ على أن الركود بات عالمياً، قبل أن تعلن المنظمات الدولية ذلك رسمياً بشهور. وفي مطلع عام 2020، وبينما كانت وسائل الإعلام لا تزال تتعامل مع فيروس «كورونا» كحادثة محلية في (ووهان)، أطلق المؤشر أول إنذاراته من قلب الاقتصاد الصيني، ففي فبراير (شباط)، تهاوت قراءته إلى أدنى مستوياتها التاريخية، في إشارة إلى شللٍ شبه تام في النشاط الصناعي، ولم تمضِ أسابيع حتى بدأت المؤشرات الأوروبية والأميركية تلحق بها، مؤكدة بذلك المؤشر بوصفه أول شاهد على حالة التباطؤ العالمي في تلك الجائحة، وكانت هذه القراءات حينها سبباً في استعجال الحكومات التي لم تكن لتتحرك بتلك السرعة لولا المؤشرات الصريحة التي قدمها هذا المقياس. ولا يقتصر دور المؤشر على مراقبة النشاط العام، بل يمتد إلى التقاط إشارات التضخم قبل أن يظهر في مؤشرات الأسعار الاستهلاكية، ففي عامي 2021 و2022، حين بدأت أسعار المواد الخام بالارتفاع نتيجة اختناقات سلاسل الإمداد، عكست مكونات مؤشر مديري المشتريات هذا التحول بوضوح، من خلال ارتفاع أسعار المدخلات وزيادة زمن تسليم الموردين، ما دفع البنوك المركزية الكبرى إلى إعادة تقييم سياساتها النقدية والبدء في رفع أسعار الفائدة، حتى قبل أن يظهر التضخم الكامل في بيانات المستهلكين. ولأن السياسات الاقتصادية لا تُبنى على الانطباعات، بل على القراءات الدقيقة، فقد أصبح المؤشر جزءاً أصيلاً في عمليات صنع القرار لدى صناع السياسات، خصوصاً في فترات الغموض أو التحول، فحين يترنح قطاع الخدمات مثلاً، ويُظهر المؤشر تراجعاً في التوظيف أو الطلب، تُعاد صياغة أولويات الإنفاق العام، وتُوجّه الموارد نحو دعم القطاعات المتأثرة، أما في زمن الانتعاش، فيكون المؤشر بمثابة تأكيد مبكر لجدوى سياسات التحفيز، ما يمنح صانع القرار ثقة إضافية في الاستمرار أو التوسعة. على الجانب الآخر، لا يغفل المستثمرون عن قراءة هذا المؤشر، إذ يُعد من الإشارات المفضّلة لدى الأسواق المالية لاتخاذ القرارات المرتبطة بالأسهم والسندات والعملات، إذ إن استمرار نمو الطلب وتوسع الإنتاج يعني غالباً زيادة في الأرباح التشغيلية، فيُترجم ذلك مباشرة إلى حركة في أسعار الأسهم، كما أن تراجع المؤشر في دولة ما قد يدفع المستثمرين إلى تقليل تعرضهم لذلك السوق، أو البحث عن أسواق بديلة تُظهر قراءاتٍ أكثر تفاؤلاً. إن المتابع للاقتصاد بشكل عام، يدرك أن مؤشر مديري المشتريات يتجاوز وظيفته الظاهرية كمقياس لحركة الاقتصاد، فهو أداة تحليل متقدمة، ومحرّك للقرار، ومؤشرٌ على الاتجاهات قبل أن تتحول إلى واقع، وهو بذلك يعد مرآة للاقتصاد لا في انعكاسه فقط، بل في استبصاره، وفي قراءته للمجهول، وفي منحه لأولئك الذين يُصغون إليه إمكانية التفاعل مع الزمن الاقتصادي لا في أعقابه، بل في لحظته وما قبلها، ولا غنى لصانعي السياسات أو المستثمرين عن الاطلاع بشكل مستمر على هذا المؤشر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store