يزيدنا غير يزيدكم
الكاتب أضاء على الفارق بين "يزيد حزب الله"، الذي اعتبره غارقًا في الحروب والدماء والعيش في الماضي، وبين "يزيد السعودية" المتمثّل بالأمير يزيد بن فرحان، الحامل رسائل إصلاح وبناء وسلام، معتبرًا أنّ على اللبنانيين أن يختاروا طريق الدولة والمؤسّسات بدل طريق الحروب.
وفي هذا السياق، تناول المقال دور المملكة العربية السعودية ومبعوثها في الدفع نحو الاستقرار الدستوري وإعادة بناء الدولة، في مقابل مأزق "الحزب" الذي ما زال أسيرًا لسلاحه وخطابه.
وفيما يلي نص المقال كاملًا:
"يزيدنا غير يزيدكم. يزيدكم تحدّد مواصفاته وفقاً لمراجعكم بالحقد والقتل والدماء. أمّا يزيدنا فيستند إلى سرديّة نعيشها اليوم، سرديّة حزم وعزم وإعادة بناء. يزيدنا ينادي بالدولة ومؤسّساتها ووحدة الكيانات وسيادتها. أمّا يزيدكم فمغمّس ببحر من الدماء، وأيّ دماء، دماء يعود نسبها إلى خاتم الأنبياء.
غريب أمر 'الحزب' وإعلاميّيه وبعض الناشطين الشتّامين. ألا يوجد من عاقل يقول لهم إنّ المملكة العربية السعودية هي دولة مرجع للعرب والمسلمين، والأهمّ الأهمّ مرجع للتسويات التي تجلب السلام، وإعادة الإعمار بعد وقوع المصائب وارتكاب المغامرات الخاطئة التي توصل إلى الخراب.
البحث عن عاقل
أليس هناك من عاقل غير الرئيس نبيه برّي صاحب 'النبض الوطني' الدائم ينصت لصوت العقل في داخله، ليصرخ بناسه قائلاً: 'تعالوا نفكّر كيف نعيد البناء ليس الحجر فقط، ولا تأهيل الطرقات فقط. بل بناء الإنسان وفقاً لآليّات جديدة وأنماط مبتكرة'، بعدما ثبت فشل كلّ ما سبق من استراتيجيات الصواريخ والمسيّرات والانتحاريّين والصراخ في الطرقات.
أليس هناك من عاقل يضع النقاط على حروف المأزق الذي يعيشه 'الحزب'، الذي فقد حرف 'ز' من اسمه النقطة التي تتوّجه فبات الاسم 'حرب'، ولا شيء خارج الحرب قبل الهزيمة وفي الهزيمة وبعدها وعند توقيع الاتّفاقات.
يزيدنا غير يزيدكم. يزيدكم تحدّد مواصفاته وفقاً لمراجعكم بالحقد والقتل والدماء. أمّا يزيدنا فيستند إلى سرديّة نعيشها اليوم، سرديّة حزم وعزم وإعادة بناء
عندما صعد وليد جنبلاط إلى سوريا بعد الاجتياح الإسرائيلي. عضّ على جرحه ليلتقي قاتل والده حافظ الأسد، الذي بدأ اللقاء بالتنظير عن لبنان وقياداته ومسار الحرب فيه، محاولاً تبرير ما لا يبرّر. فإذا بالزعيم الشابّ في حينه بحضور حكمت الشهابي وعبدالحليم خدّام والوفد الجنبلاطي الذي رافق الوليد يقاطع حافظ الأسد قائلاً: 'السيّد الرئيس فلنتكلّم بالخلاصات. لقد خسرنا نحن وأنتم الحرب أمام الإسرائيلي في لبنان. تعال نفكّر كيف نعيد توازن القوى لنخوض بها معارك المستقبل'. تعجّب الحضور وبخاصّة حكمت الشهابي الذي التفت إلى مروان حمادة سائلاً هامساً: 'هل شرب شيئاً وليد بك'، فسمعه حافظ الأسد فنظر إليه قائلاً: 'الحقّ معه لقد انهزمنا في لبنان'. هل هناك من يتعلّم من التاريخ الحديث؟
تتركّز أزمة 'الحزب' اليوم في نقطتين:
1- أنّه لا يغادر الماضي وما يزال في كربلاء. لا بل أكثر من ذلك كما قال محمد رعد يريد العودة إلى كربلاء. لا يغادر أيّ فاصلة من الماضي. لا يريد الاعتراف أنّه خسر زينة رجاله وقادته من السيّد وصولاً إلى آخر مستهدَف بالطائرات المسيّرة على طريق كربلاء. وأتانا الأمين العامّ الذي يبشّرنا بالحرب الأهلية.
2- أنّه يحاور ويناقش ويعادي انطلاقاً من قرار حصريّة السلاح، فيما لا يناقش أسباب هذا القرار والحدث الذي أوصلنا إلى هذا القرار. النقاش الدائر سببه 'حرب الإسناد'. لا يريد الاعتراف بالخطأ الاستراتيجيّ الذي تمّ ارتكابه، وبحتميّة دفع ثمن هذا الخطأ في الاستراتيجيات.
ليس يزيد بن فرحان من اتّخذ قرار 'حرب الإسناد'، ولا هو من قال لقيادة قوّة الرضوان أن تجتمع في شقّة مكشوفة أمنيّاً لتغتالها إسرائيل ظهيرة يوم من الأيّام
البحث عن عدوّ
يبحث 'الحزب' عن عدوّ جديد. لا يقوى على الإسرائيلي، ولا يقوى على الأميركي والتصويب عليهما لم يعد مفيداً ولا إمكانية 'لصرفه' شعبياً بعد نتائج الحرب الأخيرة. فوجد ضالّته بالمملكة العربية السعودية بشخص الأمير يزيد بن فرحان.
بدايةً اسم يزيد أزعج 'الحزب'، فكيف إن كان هذا اليزيد هو ابن فرحان الذي لا يهوى الإعلام ولا كاميرات الإعلاميين، ولا التصريح ولا قصائد مدح السلطان. صبّوا عليه جمام أحقادهم وانفعالاتهم وارتباكاتهم ونسوا أنّه يحمل معه لهم قبل غيرهم طوق النجاة.
ليس يزيد بن فرحان من اتّخذ قرار 'حرب الإسناد'، ولا هو من قال لقيادة قوّة الرضوان أن تجتمع في شقّة مكشوفة أمنيّاً لتغتالها إسرائيل ظهيرة يوم من الأيّام، ولا هو من قال للسيّد هاشم صفيّ الدين أن يلتزم مخبأه الذي لم يعد سرّياً بالمنطق الأمنيّ بعدما تمّ اغتيال السيّد حسن نصرالله قبل أيّام.
حمل بن فرحان معه تعليمات وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
– أوّلها، ضمان الاستقرار الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تلتزم المعايير الدولية والعربية من أجل بداية الخروج من الانهيار الاقتصادي.
– ثانيها، ضمان استعادة الدولة سيادتها وقرارها الحر، وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بأمن واستقرار لبنان. والأهمّ تأكيد استمرار الدور السياسي لـ'الحزب' شريكاً في كلّ المؤسّسات الدستورية وفي صناعة مستقبل البلد وعدم التصرّف بمنطق 'العزل' السياسي تجاهه أيّاً كانت الظروف.
– ثالثها، تنظيم العلاقات اللبنانية مع النظام السوري الجديد، والأهمّ بداية ضبط الحدود بين البلدين فلا تكون مصدراً للتهريب أو للتهديد لأيّ من البلدين. وهذا ما يرعاه الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي ويحضر اجتماعاته الأمير يزيد.
وصل بن فرحان إلى بيروت ليبدأ حفر جبل الفوضى السياسية بإبرة الحكمة والصبر والاستماع إلى كلّ وجهات النظر المتناقضة. وللدقّة لا بدّ من القول إنّه استعمل 'المعول' مرّة واحدة في مسار الحفر حماية لقرار 'الخماسية' التي يمثلها.
نجح المبعوث السعودي في ضمان الاستقرار الدستوري وعاد إلى بلاده ليتابع التطوّرات، مؤكّداً ثلاثيّة ما كُلّف به دون أن يتدخّل مباشرة إلّا إذا طلب منه الجانب اللبناني ذلك.
هذه الوقائع عمرها سبعة أشهر وكأنها معركة لا تتوقّف بين دبيب النمل السياسي الحكيم وبين فائض الجنون المنتشر بعد فقدان فائض القوّة، دون أن يلاحظ 'الفاقد' أنّ موجة الصراخ العالية هي خسارة إضافية واستراتيجية له.
لذلك كلّه يزيدنا غير يزيدكم. ربّما أخطأتم بقراءة التاريخ ومقاربته، حيث يكتب التاريخ اسم يزيدين: الأوّل يزيد بن أبي سفيان فاتح بلاد الشام، والثاني يزيد بن معاوية المتّهم وفقاً لرواياتكم بقتل الإمام الحسين، واليوم هناك يزيد ثالث لا تنفع معه المقاربات التاريخية لأنّه يتحدّث عن الغد. يحثّ بتوجيهات من ولي العهد السعودي اللبنانيّين والسوريّين على صناعة المستقبل".
المقال على موقع أساس ميديا:
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 7 دقائق
- الديار
عن "اليونيفيل" والتمديد وأهالي الجنوب...
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في كل موعد لتجديد مهمة قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، تُثير أميركا وإسرائيل بلبلة للّعب بمهامها لناحية تعديلها بما يخدم مصلحتهما المشتركة، ففي آب عام 2022 نجحوا في تمرير قرار تعديل في جلسة مجلس الأمن يُتيح لليونيفل حرية الحركة في الجنوب بمعزل عن الجيش اللبناني، إلا أنهم وقتذاك لم يستطيعوا تطبيقه على الأرض، لكن هذا العام على ما يبدو تجد إسرائيل أن هناك فرصة يجب استغلالها، فطالبت في البداية بوقف عمل اليونيفل نهائياً، مطالبة سُرِّبت بداية كقرار اتخذته واشنطن ومعها تل أبيب، لكن فيما بعد نفته أميركا، إلا أن "إسرائيل" ما زالت تُصر عليه لدرجة أنها تُمارس ضغطاً كبيراً بهذا الاتجاه وتريد خوض معركة ديبلوماسية، ورغم ذلك هذا لا يُعتبر تبايناً بينهما إنما من الممكن أن يكون توزيع أدوار للوصول الى قرار يحقق لهما مكسباً، فالتنسيق بينهما واضح ليس في هذا الملف فحسب وإنما في كل الملفات. تسريب المخطط وقتذاك ترافق مع ذكر السبب الذي فضح الهدف والنيات الأميركية والإسرائيلية تحديداً الذي يقول إن التنسيق مع الجيش اللبناني فعّال ولا ضرورة لوجود قوات اليونيفل التي اتهمتها "إسرائيل" بالتقصير وبعدم القيام بمهامها كما يجب خاصة في ما يتعلّق بتسليح حزب الله وبناء قدراته في ظل وجودها، ما يعني أنهم يريدون وضع الجيش اللبناني بوجه المقاومة، لكن النفي الأميركي لا يعني أن الهدف تَغيَّر وإنما من الممكن أن يكون الأسلوب أو المخطط هو الذي تَغيَّر، تقول المصادر، كما أن ذلك لا يعني أيضاً أن مهمة اليونيفل ستبقى كما هي وإنما سيسعى الأميركي مع الإسرائيلي لإحداث تغيير ما يصب في مصلحتهما. كلما اقترب موعد التجديد لقوات اليونيفل الذي يُصادف الواحد والثلاثين من آب، يزداد الضغط الأميركي باتجاه إدخال تعديلات على مهمتها، فما تريده واشنطن الآن هو الاتي: ١- التمديد لليونيفل لسنة جديدة. ٢- تقليص عديدها العسكري والمدني. ٣- تعديل دورها وتوسيعه. هذه التعديلات يرفضها لبنان تحديداً لجهة الدور، لذا لجأ لوساطة فرنسية كي يضغطوا على الأميركي صاحب القرار النهائي بهذا الملف من أجل بقاء المهام كما هي، فالفرنسي يريد التمديد دون تعديل الصلاحيات. أما الموقف اللبناني فهو متمسّك بوجود اليونيفل. أولاً: كقوّة دولية تؤمِّن للبنان دعماً معنوياً رغم ادائها بوجه الإحتلال الإسرائيلي. وثانياً: تريد بقاء اليونيفل دون أي تعديل. فعدم الالتزام بهذه النقطة بالتحديد يؤدي الى الصدام مع الأهالي الذين لا يتقبّلون دخول اليونيفل الى أحيائهم دون وجود عناصر من الجيش اللبناني معهم، لكن هذا لا يعني رفضهم بالمطلق تقول المصادر، بخاصة أن وجودهم بات جزءاً من اقتصاد المنطقة الذي يعود بالاستفادة لأهل الجنوب. إذاً، لا يُخفى على أحد أن واشنطن ومعها تل أبيب تستخدمان هذه الورقة للضغط على لبنان والمقاومة لتنفيذ الشروط الأميركية، فحتى خفض العديد تستخدمه أميركا كوسيلة للضغط على لبنان بينما خلفيته أنه ضمن سياسة تحديد الإنفاق لترامب التي اعتمدها من بداية ولايته، كما أن الكل يعلم أن القرار النهائي يأتي من أميركا لكن العبرة بالتطبيق الذي واجهه وسيبقى يواجهه أهالي الجنوب الذين منعوا تكريس قواعد جديدة...

القناة الثالثة والعشرون
منذ 7 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
تقريرٌ جديد عن "سلاح حزب الله".. سؤال محوري يُطرح
نشرت صحيفة "arabnews" تقريراً جديداً طرحت فيه سؤالاً أساسياً وهو: "لماذا لا يمكن تأجيل نزع سلاح حزب الله في لبنان؟". ويقولُ التقرير إنّ "لبنان يقفُ عند مفترق طرق حاسم"، مشيراً إلى أنَّ "الخيار حتمي وقاطع، وهو استعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة، أو مشاهدة تآكل الدولة البطيء الذي لا رجعة فيه"، وأضاف: "تكمنُ في قلب هذه الأزمة ترسانة حزب الله الذي شكل قوة عسكرية موازية تعمل خارج نطاق سلطة الحكومة، وتخضع لهيكل قيادة خارجي، وتتمتع بنفوذ كافٍ لنقض القرارات الوطنية متى شاء".. وأضاف: "لعقود، بُرِّر سلاح حزب الله تحت شعار المقاومة، الذي وُضِعَ في البداية كدرعٍ ضروريٍّ ضد العدوان الإسرائيلي، إلا أن هذا السرد قد اندثر منذ زمنٍ بعيد. ما بدأ كموقفٍ دفاعيٍّ تحوّل إلى جهازٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ يحتجز الدولة اللبنانية رهينة، ويُقوّض المؤسسات الديمقراطية، ويُشكّل ذراعاً لاستراتيجيةٍ إقليميةٍ لقوةٍ أجنبية. اليوم، لم يعد سلاح حزب الله يحمي لبنان، بل يحمي قدرة الحزب على إملاء مستقبل البلاد". وتابع: "أساس أي دولة ذات سيادة هو احتكارها استخدام القوة. في لبنان، يُنتهك هذا المبدأ. يحتفظ حزب الله بترسانة دائمة، وهيكل قيادة مستقل عن الجيش الوطني، وقدرة على شن الحرب أو السلام من دون استشارة الدولة، وهذا النظام الأمني المزدوج يُقوّض فكرة السيادة ذاتها". واعتبر التقرير أنَّ "عواقب هذا الخلل العسكري ليست نظرية"، مشيراً إلى أنَّ "كل تصعيد إقليمي يُنذر بجرّ لبنان إلى المواجهة، سواءً من خلال تبادلات عسكرية مع إسرائيل أو عمليات سرية على الأراضي اللبنانية"، وأضاف: "هذا الخطر الدائم يجعل البلاد ورقة تفاوض في صراعات جيوسياسية لا تستطيع السيطرة عليها ولا ينبغي لها أن تتحملها". وذكر التقرير أن "المنطقة نفسها تتجه نحو نموذج مختلف"، وأضاف: "العواصم العربية تنخرط في الدبلوماسية وتعطي الأولوية للتعافي الاقتصادي على المواجهة الأيديولوجية. ومع ذلك، لا يزال لبنان عالقاً في موقف متشدد يعزله عن هذه الفرص". وأكمل: "بدلاً من الاستفادة من الشراكات الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية والاندماج في نظام إقليمي مستقر، يبقى لبنان هشاً وتحت عزلة إقتصادية ناهيك عن أنه يواجه قيوداً دبلوماسية بالإضافة إلى الشلل السياسي". ورأى التقرير أنَّ "سلاح حزب الله لا يُمثل مشكلة أمنية داخلية فحسب، بل يُمثل عائقًا هيكليًا أمام إعادة اندماج لبنان في الشرق الأوسط المتغير"، وأضاف: "كثيراً ما يجادل مؤيدو تسليح حزب الله بأن هذه الأسلحة تُشكّل رادعاً للعدوان الإسرائيلي. عملياً، لم تمنع الصراع، بل أدّت إليه. كل جولة تصعيد تُدمّر البنية التحتية اللبنانية، وتُشرّد المدنيين، وتُعمّق الأزمة الاقتصادية. إن تدمير جنوب لبنان في المواجهات السابقة، واستمرار خطر تجدد الحرب، دليلٌ على أن هذا الرادع، في أحسن الأحوال، ليس سوى درع مؤقت ذي ثمن باهظ". وتابع: "علاوة على ذلك، تحوّل التوازن العسكري بشكل يُضعف القيمة الاستراتيجية لحزب الله. لقد تطورت قدرات إسرائيل التكنولوجية والاستخباراتية، مما جعل ترسانة حزب الله أقلّ ردعاً وأكثر عبئاً.. وعليه، فإن الأسلحة ليست لحماية لبنان من التهديدات الخارجية، بل للحفاظ على نفوذ حزب الله في ميزان القوى الداخلي". وأكمل: "خارج ساحة المعركة، يُشوّه وجود فصيل مسلح خارج سيطرة الدولة العملية الديمقراطية في لبنان. لا يمكن لأي حكومة أن تعمل بحرية عندما يدعم طرف سياسي واحد مطالبه بالتهديد الضمني - أو الصريح - باستخدام القوة. قرارات مجلس الوزراء والمناقشات البرلمانية والمبادرات السياسية، كلها تُعقد في ظلّ نفوذ حزب الله العسكري". وأردف: "هذا الخلل يجعل الإصلاح الحقيقي شبه مستحيل. على القادة السياسيين، حتى المعارضين منهم لنفوذ حزب الله، أن يحسبوا مواقفهم ليس فقط بناءً على المصلحة العامة، بل أيضاً على خطر إثارة رد فعل مسلح. والنتيجة نظامٌ تتسم فيه المساءلة بالانتقائية، والحوكمة بالشلل، والفساد يزدهر في غياب ضوابط وتوازنات حقيقية". وذكر التقرير أنه "بسبب الشلل السياسي، تفاقم الانهيار الاقتصادي المطول في لبنان، والذي اتسم بانخفاض قيمة العملة، وإفلاس البنوك، والهجرة الجماعية، وقال: "لقد أوضح المانحون الدوليون أن المساعدات والاستثمارات تعتمد على الاستقرار السياسي ، والشفافية، ووجود دولة فاعلة. مع هذا، لا يمكن تحقيق أيٍّ من هذه الأمور في ظل وجود جماعة مسلحة تعمل خارج إطار قيادة الجيش اللبناني". وأكمل: "كلما طال تأجيل قضية نزع السلاح، غرق لبنان في دوامة التبعية والانقسام. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، ستتقلص قدرة الدولة على فرض وجودها، مما يزيد من صعوبة نزع السلاح في نهاية المطاف. وعملياً، يُواجه البلد خطر الوصول إلى مرحلة يصبح فيها الوضع الراهن المسلح متجذراً لدرجة لا يمكن تفكيكه إلا من خلال الأزمة، لا بالإجماع". أمام ذلك، رأى التقرير أنَّ "نزع سلاح حزب الله لن يكون سهلاً"، متحدثاً عن ضرورة إقرار "استراتيجية وطنية منسقة تجمع بين التوافق السياسي والدبلوماسية الإقليمية والدعم الدولي"، وقال: "يجب على الدولة اللبنانية أن تُعيد تأكيد وجودها باعتبارها السلطة الشرعية الوحيدة على السلاح داخل حدودها. هذا ليس مجرد إجراء أمني، بل هو شرط أساسي للنهضة الوطنية". وتابع: "تتطلب هذه العملية شجاعةً من الطبقة السياسية اللبنانية، ووحدةً بين مؤسساتها المتصدعة، ورسالةً واضحةً للجهات الفاعلة المحلية والدولية مفادها إنه يجب أن ينتهي عصر السيادة المنقسمة. كذلك، يجب على الشركاء الإقليميين إدراك أن لبناناً مستقراً وموحداً يخدم مصالح الشرق الأوسط بأكمله. من دون دعمهم - السياسي والمالي والدبلوماسي - ستواجه الدولة اللبنانية صعوبةً في التحرر من دائرة التبعية والإكراه". وختم: "في النهاية، لا يقتصر الجدل حول سلاح حزب الله على نزع السلاح فحسب، بل يتعلق أيضاً بما إذا كان لبنان يختار أن يكون دولة حقيقية أم أداة جيوسياسية.. الخيار مُلِحّ، والتأخير لن يؤدي إلا إلى زيادة التكلفة وتفاقم العواقب. نزع السلاح ليس منّةً للقوى الأجنبية، ولا عملاً عدائياً تجاه طائفةٍ واحدة. إنه عملٌ لحفظ الذات، وهو السبيل الوحيد لاستعادة سيادة لبنان، وتأمين مستقبله، واحترام حق شعبه في العيش في دولةٍ تُمارس فيها السلطة بيد قادةٍ مُنتخبين، لا بقوة السلاح". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 7 دقائق
- بيروت نيوز
خطة إيرانية في دولة عربيّة.. تقريرٌ أميركي يكشفها
نشرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات 'FDD' تقريراً جديداً قالت فيه إنَّ 'إيران تسعى إلى تعزيز نفوذها في العراق'. ]]> وذكر التقرير الذي ترجمهُ 'لبنان24' أنَّ 'إيران ما زالت تسعى لفرض قوّتها في الشرق الأوسط، ليس فقط من خلال تسليح وكلائها وتهريب النفط، بل وأيضاً من خلال تشكيل البرلمانات والسياسات الإقليمية'. وأضاف: 'في 11 آب الجاري، زار علي لاريجاني ، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الجديد بغداد، لتوقيع اتفاقية أمنية مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي. يسعى لاريجاني أيضاً إلى حشد الدعم لتشريع يُقنن استقلالية قوات الحشد الشعبي في العراق'. وقال: 'تُعتبر قوات الحشد الشعبي رسمياً جزءًا من جهاز الأمن العراقي، إلا أنها تضم ميليشيات تعمل باستقلالية كبيرة، ويعمل العديد منها بإيعاز من طهران. مع هذا، تأتي زيارة لاريجاني في أعقاب زيارات متعددة قام بها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي إسماعيل قاآني بهدف تعزيز نفوذ طهران في البلاد'. وأكمل: 'تُعزز قوات الحشد الشعبي أجندة الجمهورية الإسلامية في العراق من خلال التدخل السياسي. على سبيل المثال، ضمِن حلفاء قوات الحشد الشعبي البرلمانيون زيادة المخصصات المالية للمقاتلين المدعومين من إيران في الموازنة الاتحادية لعام 2023. وبالمثل، في تموز 2025، أطلقت كتائب حزب الله، وهي ميليشيا تابعة لقوات الحشد الشعبي، والمُصنّفة إرهابياً في الولايات المتحدة، النار على وزارة الزراعة لعرقلة انتقال القيادة'. وتابع: 'تستخدم قوات الحشد الشعبي أيضاً هجماتها على الأفراد الأميركيين لردع أي ضربات أميركية محتملة على إيران، مثل غارة بطائرة مُسيّرة في كانون الثاني 2024 على البرج 22 في الأردن، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة عسكريين. وبالمثل، تُشكّل أراضي الميليشيات ممراً رئيسياً لنقل الأسلحة إلى وكلاء إيرانيين آخرين'. وأضاف: 'تُغسل فصائل الحشد الشعبي رواتب موظفي الدولة عبر بطاقات مسبقة الدفع لأعضاء وهميين، مستغلةً تقلبات أسعار صرف العملات لتوليد مئات الملايين من الدولارات سنوياً لشبكة إيران. أيضاً، تسيطر هذه الفصائل على حقول نفط مربحة، وتُموّل أنشطتها من خلال التهريب الذي يُحوّل جزءاً كبيراً من عائدات النفط العراقي. وفي تموز 2025، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شبكة تُخفي النفط الإيراني على أنه نفط عراقي، مما يُثري فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني'. ويُكمل التقرير: 'لقد أحيا البرلمان العراقي مداولات قانون ، قُدّم لأول مرة في آذار 2025، ثم أُجّل لاحقًا، من شأنه ترسيخ قوة الحشد الشعبي كمؤسسة أمنية مستقلة. يمنح القانون المقترح القوة استقلالاً مالياً، ويحدد هيكلها التنظيمي، ويرفع رئيسها إلى مستوى وزير. كذلك، يُحدد القانون مهمة القوة في الأمن والدفاع الوطني'. وتابع: 'إن التشريع الحالي المُخوّل للحشد الشعبي موجز وغامض، مما يُمكّن الميليشيات من العمل باستقلالية، ومع ذلك، فإنه يترك الباب مفتوحاً أمام الإصلاح من قِبَل حكومة راغبة.. إن تدوين الهيكل المؤسسي وتمويل قوات الحشد الشعبي بموجب القانون المقترح من شأنه أن يحول دون نزع سلاح قوات الحشد الشعبي في المستقبل أو دمجها في الجيش العراقي – وهي إجراءات تهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني – ما لم يقر البرلمان المزيد من التشريعات'. وقال: 'سبق للبرلمان العراقي سحب القانون بسبب خلافات داخلية. لقد اختلف أعضاء الائتلاف الشيعي الحاكم حول إدراج سن التقاعد الإلزامي، الذي اعتبره المعارضون وسيلةً لإقصاء قادة الحشد الشعبي، بمن فيهم رئيسه الحالي، فالح الفياض. إضافةً إلى ذلك، احتجت كتل سنية وكردية على التشريع بسبب مخاوف من أن الميليشيات التابعة للحشد الشعبي، المدعومة من إيران، تعمل خارج نطاق توجيهات بغداد'. وأضاف: 'في صدى لتحذيرات السنة والأكراد، أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن قلقه من أن التشريع قيد الدراسة من شأنه أن يؤسس للنفوذ الإيراني والجماعات الإرهابية المسلحة التي تقوض سيادة العراق'. وأكمل: 'ينبغي على أميركا فرض عقوبات على قيادة الحشد الشعبي ومكاتبه المالية. كذلك، ينبغي على واشنطن فرض عقوبات على المؤسسات المالية التي تتعاون مع الحشد الشعبي في دعم المنظمات الإرهابية الأجنبية المدعومة من إيران'. وختم: 'الأمر الأكثر أهمية هو أنه إذا تم ترسيخ قوات الحشد الشعبي في المشهد الأمني العراقي، فيتعين على الولايات المتحدة إعادة تقييم تمويلها العسكري الأجنبي للعراق، والذي بلغ 1.25 مليار دولار على مدى العقد الماضي، لضمان عدم تمكين واشنطن للقادة العراقيين من تسليح ودعم الإرهابيين المدعومين من إيران'.