
مسؤول أميركي سابق لـ«تحيا مصر»: إسرائيل لن تتمكن من تدمير قدرات إيران النووية إلا بمساعدة أمريكا
تشهد منطقة الشرق الأوسط حراك عسكري جديد، بعد أن شنت
الشرق الأوسط.. وطوفان من الصراعات العسكرية
تحول المشهد الإقليمي برمته إلى طوفان من الصراعات في مختلف الجبهات منذ أن شنت حركة حماس هجوم مباغت على إسرائيل، لتبدأ الحرب في الاتساع وتشمل لبنان وتغيرات سياسية في سوريا، وتصعيد عسكري في البحر الأحمر، وصولاً إلى حرب مباشرة مع إيران.
الهجمات الإسرائيلية الإيرانية، رغم أنها موجهات عسكرية وضربات متبادلة ليلاً ونهاراً، لكن يمكن القول أن الهدف ردع أكثر من خوض حرب مدمرة، وهذا ما وهو ما تعمل عليه إسرائيل حيث نجحت في إفشال المفاوضات بين واشنطن وطهران، إلى جانب حشد صوت دولي معارض وضغوط ضد إيران وتخويف الرأي العام العالمي أن إيران على بعد خطوات من امتلاك قنبلة نووية.
إيران والسلاح النووى.. هاجس إسرائيل الأمني
الجدير بالذكر، أسطوانة امتلاك إيران قنبلة نووية ليست وليدة هذه الأيام فعلي مدار عقود تهلل وتصيح إسرائيل وتصرخ في وجه العالم أن إيران باتت تمتلك سلاح نووي، وتنفذ سلسلة اغتيالات وعمليات تخربية في عمق إيران.
المشهد الذي نراها حالياً هو ليس جديد في تاريخ الصراع الإيراني الإسرائيلي، فهذا كان معتاد في حرب الظل، الجديد هنا هو تحول هذه الحرب إلى مواجهة علنية بدل اكتفاء لغة الصمت التي كانت تقوم بها إسرائيل ضد إيران بعد أن تنفذ عملية اغتيال أو تخريبية.
اليوم، وفي لحظات فارقة في الشرق الأوسط، تحركات الولايات المتحدة وتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بضرب منشآتها النووية الإيرانية، بات يطرح سؤال ملح هل نحن أمام حرب جديدة وهل ترامب على استعداد للغوص في وحل صراعات الشرق الأوسط؟ ام أن هذه التحركات العسكرية شبيه بتحركات الجنود على رقعة شطرنج، ومناورة سياسية للضغط على إيران للموافقة على شروطها بشأن المفاوضات النووية..؟!
يرى، باري دوناديو عضو سابق في جهاز الخدمة السرية الأمريكي للبيت الأبيض في إدارتي بوش وأوباما في خلال حوار خاص مع
أن إسرائيل ستربح الحرب بالفعل، والنظام الإيراني على حافة الانهيار.
مسؤول أميركي سابق لـ «تحيا مصر»: إسرائيل ستنتصر في الحرب ضد إيران
وقال:" لقد حققت إسرائيل تفوقًا جويًا على الإيرانيين منذ الساعات الأولى لهذا الصراع. ستواصل إسرائيل تدمير الأهداف الإيرانية المكشوفة خلال حملتها الجوية. لذا، في نهاية المطاف، سيطرت إسرائيل على إيران خلال هذا الصراع. وقد دُمرت معظم منصات إطلاق الصواريخ الباليستية التي تمتلكها إيران حتى الآن".
وأشار إلى ضعف الرد الإيراني على الضربات الإسرائيلية وقال:" ترد إيران بصواريخها الباليستية بشكل أقل فأقل يومًا بعد يوم. لأنها ببساطة تنفد منها، وليس لديها منصات إطلاق".
باري دوناديو عضو سابق في جهاز الخدمة السرية الأمريكي للبيت الأبيض في إدارتي بوش وأوباما
مسؤول أميركي سابق لـ «تحيا مصر»: الولايات المتحدة ستضرب إيران بحملة جوية مكثفة
أما بالنسبة لدخول الولايات المتحدة في الحرب، فقال المسؤول الأميركي السابق:" من المرجح أن الولايات المتحدة ستتدخل وستضرب إيران بحملة جوية مكثفة ما لم يحدث أمر حاسم.. وإذا انتفض الشعب الإيراني واستعاد وطنه وأقام ديمقراطية، بعيدًا عن النظام الحالي، فسيتوقف العمل العسكري أيضًا. إن الاستسلام الكامل غير المشروط للنظام، وهو ما طالب به دونالد ترامب، هو أيضًا سبيل آخر لتجنب العمل العسكري من الولايات المتحدة".
وتابع قائلاً:" الولايات المتحدة ستضرب إيران لتوجيه ضربة إلى نقطة يفقد فيها النظام الإيراني قدرته على العمل. وعلينا أن نتذكر، من وجهة نظر أمريكية، أن هذا مستمر منذ عام 1979. لم يكن هذا النظام معاديًا لإسرائيل فحسب، بل للولايات المتحدة أيضًا.. وكانت هناك محاولات على مر السنين لبناء علاقات دبلوماسية، لكنها لم تُثمرعن نتائج إيجابية".
مسؤول أميركي سابق لـ«تحيا مصر»: إسرائيل لن تتمكن من تدمير قدرات إيران النووية إلا بمساعدة أمريكا
وحول قدرة إسرائيل العسكرية لضرب لتدمير قدرات إيران النووية قال:" إسرائيل لن تتمكن من تدميره بكفاءة الولايات المتحدة. لدينا معدات عسكرية وقنابل أكثر تطورًا وقنابل أكبر حجمًا، من شأنها، أن تمنع القوات البرية من الحاجة لدخول منشأة فوردو، على سبيل المثال، وغيرها من المنشآت التي قد تكون مدفونة في أعماق الأرض".
وتابع باري دوناديو:" إذا أرسلت عشرات وعشرات الجنود، وقادت هجومًا بريًا لاقتحام المنشأة النووية والاستيلاء عليها، فبإمكانها ذلك بالتأكيد، ويمكنها تدميرها بالمتفجرات. ستكون هذه مهمة طويلة وخطيرة، لكنها ممكنة. أمريكا ببساطة تستطيع القيام بذلك من خلال حملة جوية واستخدام قنابل ربما تكون من بين أكبر القنابل في الولايات المتحدة".
وأكد المسؤول الأمريكي السابق في تصريحات خاصة أن:" الولايات المتحدة وإسرائيل، ليس لديهما مشكلة مع الشعب الإيراني. نحن نُعجب بالسكان المدنيين. هناك العديد من الفرس هنا في الولايات المتحدة. هناك دائمًا تفاعل إيجابي معهم. لذا، ليست لدينا مشكلة مع الشعب الإيراني. المشكلة فقط مع النظام نفسه، والذي يتمثل في الواقع في المرشد الأعلى الإيراني. وأعتقد أن تقاعده أو رحيله أو إقالته ستكون عاقبة ذلك".
وأشار إلى أن النظام الإيراني سينهار ببساطة وقال:" لا أعتقد أن النظام سيكون لديه قيادة يتبعها بعد أن قضت إسرائيل على بعض كبار الجنرالات الإيرانيين. إذن، الأمر أشبه بلعبة انتظار لنرى ما سيحدث مع المرشد الأعلى لإيران".
مسؤول أميركي سابق لـ«تحيا مصر»: على خامنئي الاتصال ببوتين للحصول على منزل صغيرة هذه فرصته الوحيدة للحفاظ على حياته
واختتم قائلاً:" لست متأكدًا تمامًا مما سيفعله. المرشد الإيراني يبلغ من العمر 86 عامًا. قد يرغب في الموت ويقرر الخروج بمجد، وربما يكون هذا بمثابة مغامرة انتحارية له، وسيقاتل الأمريكيين والإسرائيليين حتى آخر رمق. لكن لو كنت مكانه، لكان الأمر بسيطًا للغاية. كل ما عليه فعله هو الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإجراء مكالمة هاتفية، ثم عليه التقاعد وعيش حياة سعيدة إلى الأبد في منزل صغير، وفي منزل تقاعدي. هذه هي فرصته الوحيدة للحفاظ على ما تبقى من حياته".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 26 دقائق
- بوابة الأهرام
نقاط سوداء على جبين أمريكا
لطالما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» فى مجلس الأمن للتأثير على قضايا الشرق الأوسط، خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراعات الإقليمية. فقد حرصت الولايات المتحدة على دعم إسرائيل باستخدام حق الفيتو عشرات المرات لمنع صدور قرارات تدينها وتطالبها بالانسحاب من الأراضى المحتلة أو وقف الاستيطان. فمنذ عام 1972 استخدمت أمريكا ــ وهى واحدة من 5 أعضاء دائمى العضوية بمجلس الأمن ــ حق الفيتو أكثر من 50 مرة لمنع قرارات تدين إسرائيل أو تعرقل طموحاتها الاستيطانية غير المشروعة أو تطالبها بوقف القتال أو بإجراء تحقيقات دولية فيما ترتكبه من جرائم أو تهدف للاعتراف بالدولة الفلسطينية. فعلى سبيل المثال لا الحصر.. فى عام 2011، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع قرار يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات فى الضفة الغربية، باعتبارها مخالفة للقانون الدولي، رغم دعم 14 دولة من أصل 15 فى المجلس للقرار. وفى عام 2017، حينما تقدمت مصر بمشروع قرار «يرفض قرار دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ويرفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ويعتبر القدس عاصمة لدولة فلسطين»، استخدمت أمريكا الفيتو ضد القرار رغم تصويت 14 دولة لصالح مشروع القرار المصري. وفى عام 2018، حينما استخدمت إسرائيل العنف ضد المتظاهرين فى احتجاجات «مسيرة العودة الكبرى»، عُرض قرار فى مجلس الأمن يدين استخدامها للقوة المفرطة ضد الفلسطينيين إلا أن الولايات المتحدة لم تتردد فى اللجوء للفيتو لعدم المساس بحليفتها. سبات الضمير واستكمالا لدعمها الفج غير المحدود، والذى بات وصمة عار على جبينها.. فمنذ أكتوبر 2023، بينما ترتكب إسرائيل المجازر فى حق الشعب الفلسطينى على مرأى ومسمع العالم، لم تتوان الولايات المتحدة الأمريكية - التى لطالما تشدقت بكونها راعية الديمقراطية وخط الدفاع الأول عن الحريات وحقوق الإنسان - فى الدفاع عن إسرائيل وجرائمها حتى إنها استخدمت حق الفيتو بشكل متكرر لمنع أى قرار يدعو إلى وقف فورى وغير مشروط للقتال أو يسعى لمساءلة إسرائيل، معللة قراراتها المتحيزة بأنه «حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها». ورغم ما أظهره المجتمع الدولى من غضب واستياء لما تقوم به إسرائيل إلا أن الولايات المتحدة لم تتراجع، وكأن الضمير الأمريكى بات فى سبات لا نهاية له. ففى 18 أكتوبر 2023، قدمت البرازيل قرارا يدعو إلى «وقف إنسانى مؤقت» للقتال فى غزة وإدخال المساعدات، ووافقت عليه 12 من أصل 15 دولة بالمجلس إلا أن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو، مدعية أن القرار لم يذكر صراحة «حقوق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها». وفى ديسمبر 2023، لجأت أيضا الولايات المتحدة للفيتو ضد قرار يدعو إلى وقف فورى للقتال وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم أن القرار حظى بتأييد 13 دولة. وقد وصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» القرار الأمريكى أنذاك بأنه «يخاطر بالتواطؤ فى جرائم الحرب» لدوره فى منع الأمم المتحدة من القيام بدورها، بينما أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نيتانياهو وعدد من المسئولين الإسرائيليين عن بالغ امتنانهم للدعم القوى الذى تقدمه لهم واشنطن. وفى فبراير 2024، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو على قرار جزائرى كان يدعو إلى «وقف إنسانى فوري» ودخول المساعدات بشكل كامل، وكذلك إطلاق جميع الرهائن، رغم تأييد 13 دولة للقرار. وكان آخر استخدام لها لحق الفيتو فى 4 يونيو الحالى، حينما تم تقديم مشروع قرار لدعم وقف فورى ودائم وغير مشروط لإطلاق النار فى غزة قدمته الدول الـ 10 غير دائمة العضوية بالمجلس، وقد صوت لصالحه 14 عضوا، بينما كانت أمريكا الصوت الوحيد المعارض له، مما أدى إلى تعطيله. آثار ونتائج كارثية خلف الدعم الأمريكى للكيان الصهيونى آثارا ونتائج يمكن وصفها بالكارثية: أولها: إطالة أمد الاحتلال الإسرائيلى ومنح إسرائيل الضوء الضوء الأخضر لاستكمال جرائمها دون رادع، بل ومنحها «غطاء دبلوماسيا» لاستمرار عملياتها العسكرية فى غزة دون مساءلة من مجلس الأمن. ثانيا: فشل الأمم المتحدة فى تنفيذ قراراتها حيث إنه بسبب الفيتو الأمريكى تصبح قرارات مجلس الأمن مجرد حبر على ورق. ثالثا: تشجيع الإفلات من العقاب حيث إن دولا إقليمية باتت على يقين من أن إسرائيل والولايات المتحدة تتمتعان بالحماية من المساءلة الدولية، مما سيعنى استمرار الانتهاكات وغياب العدالة. رابعا: زيادة انعدام الثقة فى النظام الدولى وتلاشى الإيمان بدور المنظمات الدولية فى الحفاظ على السلم والأمن وحماية الحقوق، وسط يقين بأن الأمم المتحدة باتت أداة بيد الدول الكبرى، خصوصا أمريكا. ومن ثم، يمكن القول إن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو كأداة استراتيجية لحماية مصالحها ومصالح حلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل، وهو ما أدى إلى إضعاف دور مجلس الأمن فى حماية شعوب الشرق الأوسط من العدوان والانتهاكات الجسيمة. فهذه السياسة، إلى جانب التدخلات العسكرية والدبلوماسية، أسهمت فى تفكيك دول وظهور الفوضى وتعقيد الصراعات.


بوابة الأهرام
منذ 26 دقائق
- بوابة الأهرام
النصر المستحيل فى حرب إسرائيل وإيران!
سؤال افتتاحى قد يمهد لنا سبيلا إلى مشهد النهاية لهذه الحرب والمنتصر فيها، بعيدا عن الدعايات الغربية التى تفرد وتتوسع فى تحليل التفوق الإسرائيلي، وبعيدا عن الدعاية الإيرانية التى لم تستطع أن ترتق الثغرات المهينة فى نظام الأمن الإيراني، بالرغم من كل ما أحدثته إيران فى إسرائيل من خسائر جسيمة! السؤال هو: إذا كانت إسرائيل قد ألحقت ضررا بالغا بالبرنامج النووى الإيرانى وإعادته إلى الخلف سنوات، فلماذا لا تتوقف عن غاراتها طالما حققت الهدف المطلوب؟، وإذا كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يتحفنا بأقواله اللوذعية عن سماء طهران المفتوحة ونجاح إسرائيل الباهر فى ضرب مشروع إيران النووي، فلماذا يهدد إيران بأن تستسلم بلا شروط قبل أن يلاحقها الدمار الشامل؟ بمعنى إذا كانت إسرائيل نجحت فى تنفيذ أسباب عدوانها على إيران، فلماذا تستمر فى حرب تدفع فيها ثمنا باهظا لم يحدث أن تكبدته مدنها أبدا، الى الحد الذى تحولت أجزاء منها إلى « قطاع غزة»، خاصة فى تل أبيب وحيفا، ومازالت تسقى الإسرائيليين مرارة الدمار الذى كانوا يهللون له فى غزة، وهو أشد تأثيرا على الحالة النفسية والعقلية للإسرائيليين من الخسائر العسكرية فى المعدات والجنود؟! هل هى حرب عبثية؟، نعم إذا كانت قد تجاوزت أهدافها الإستراتيجية إلى مجرد «القتل والدمار»، أو قد تكون الأضرار التى أوقعتها إسرائيل بالمنشآت النووية الإيرانية، لم تصل إلى الدرجة الهائلة التى قالت عنها، وتستطيع إيران أن تعالجها فى بضعة أسابيع، لتعاود نشاطها النووى كاملا! فقط يمكن أن نقول إن هذه الحرب أثبتت أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو هو مجرم حرب فعلا، خطورته على إسرائيل نفسها لا تقل عن خطورته على الفلسطينيين وجيرانه العرب سواء كانوا إبراهيميين أو غير إبراهيميين!، وأتصور أن التاريخ اليهودى سوف يصنفه فى مستقبل الأيام، مثلما صنف الألمان أدولف هتلر فى تاريخ ألمانيا! المدهش حقا أن إيران بدأت برنامجها النووى فى عام 1957، بمساعدة الولايات المتحدة، ثم راحت تطوره فى منتصف السبعينيات، لكن بعد الثورة الإسلامية فى عام 1979 سحبت واشنطن دعمها، ثم ظهرت مخاوف من أن تعدل إيران البرنامج السلمى إلى أسلحة ذرية، فعمل الإيرانيون على تبديد قلق أمريكا والغرب بأنهم ملتزمون بتوقيعهم على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية! ظل الجذب والشد قائما بين الطرفين، بسبب قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، وهى عملية ضرورية لإنتاج وقود محطات الطاقة، ويمكن استخدامها أيضا فى صنع قنبلة نووية، وارتفعت درجة التوتر حين أعلن مفتشون دوليون عن عثورهم على آثار يورانيوم عالى التخصيب فى منشأة «نطنز» (من المنشآت التى ضربتها إسرائيل). بعد إعلان المفتشين أوقفت إيران التخصيب سنوات، ثم عادت إلى استئنافه فى 2006، بعد اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن الغرب لم يقبل الأمر، وفرض على إيران عقوبات تصاعدية، دون أن يغلق باب المفاوضات معها، حتى توصلا لاتفاق فى عام 2015، بتخفيض درجة التخصيب، وتقليص مخزونها من اليورانيوم مع تدابير أخرى، مقابل تخفيف هذه العقوبات! بالطبع لعبت الولايات المتحدة الدور الرئيسى فى كل هذه المفاوضات، حتى انسحب منها ترامب فى عام 2018. من هنا نفهم أسباب سخرية المذيع الأمريكى جون ستيوارت فى برنامجه الشهير، من الهجمات الإسرائيلية على إيران، وهو يسأل: لماذا الآن؟، وأتى بالإجابات على لسان نيتانياهو، فى ثلاثة مواقف: الأول، كان نيتانياهو واقفا أمام رسم لقنبلة مقسمة إلى أجزاء، ويقول: بحلول الربيع المقبل، وعلى الأكثر مع الصيف، سيكونون قد انتهوا من التخصيب المتوسط، وهو يعادل 90% من صناعة القنبلة، أى أصبحوا على بعد شهور منها.. كنا فى سنة 2012! الموقف الثاني، وهو يقول تليفزيونيا: إيران خطيرة للغاية، وعلى بعد أسابيع من امتلاك المواد الانشطارية اللازمة لترسانة كاملة من القنابل النووية..كنا فى سنة 2015! الموقف الثالث، أمام خريطة لصاروخ مشيرا بأصبعه نحوه: هذا هو الصاروخ وهذه هى القنبلة داخله..كنا فى 2018، السنة التى انسحب فيها ترامب من المفاوضات! إذن تبدو قنبلة إيران الذرية أقرب إلى تهديد بالردع، تهديد تبتز به الغرب والولايات المتحدة للحصول على مكاسب أعلى فى أى مفاوضات بينهما، وحين واجهت ترامب وهو سمسار محترف لم تفلح لعبتها، فعاقبها بأن أوعز لنيتانياهو ضرب منشآتها النووية، وهو ما كانت ترجوه إسرائيل لتبين مدى هيمنتها العسكرية على الشرق الأوسط الجديد! نعود إلى السؤال الافتتاحي، أو إلى سؤال حضارى مرتبط به: هل يعرف الرئيس ترامب مكونات الشخصية الإيرانية ليطلب من إيران أن تزحف عائدة إلى مائدة المفاوضات دون شروط؟، أظنه لا يختلف عن نيتانياهو الذى تصور أن قتل قادة عسكريين كبار وعلماء ذرة أو حتى المرشد الأعلى يمكن أن يدفع إيران إلى الاستسلام؟ إيران أمة ذات جذور حضارية عميقة، تأسست أول إمبراطورياتها سنة 550 قبل الميلاد، أى مرت الشخصية الإيرانية لآلاف السنين بأحداث كبرى متنوعة شكلت القيم والهوية، وغرست شعورا بالفخر والعظمة والقدرة على الصمود والتحمل، ومواجهة التحديات والنفوذ الأجنبي. أى أن قدرة إيران على تحمل الضربات والخسائر أعلى كثيرا من قدرة إسرائيل، التى يستحيل أن تكسب الحرب بالتفوق الجوى فقط، ولهذا تستميت لتوريط أمريكا معها، والأهم أن ضربات إيران للداخل الإسرائيلى أكثر إيلاما ووجعا. باختصار لا تتوافر لإسرائيل شروط كسب هذه الحرب، ولن تسمح أمريكا بخسارة إسرائيل لها ويظل السؤال الأهم معلقا: هل فهمت «طوائف» العرب رسالة نيتانياهو؟


بوابة الأهرام
منذ 26 دقائق
- بوابة الأهرام
خرافة الرابح الوحيد
هل يمكن لشخص أن يقبل بأن يفقد إحدى ساقيه، مُقابل فقدان الآخرين كامل سيقانهم ليظل هو الأقوى. للأسف مع دخول العالم للعقد الثانى من القرن الحادى والعشرين تنامت أفكار اليمين المُتطرف التى تزايد تأثيرها على القرار السياسى للقوى الكبرى فى العالم، حيث لم يعد لتك القوى أن تتفهم واقع سقوط بعض ثمار العولمة على الآخرين، ليدفع الاقتصاد العالمى ثمن الانقلاب الخفى على آليات الحرية الاقتصادية، وتعمد بعض القوى فرض اضطرابات تعصف بما تحقق لغيرها من مكاسب حتى لو كان الثمن هو تعرضها لآثار سلبية. ومع استمرار التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، التى مازالت نشأتها وإدارتها تتسم بالغموض والانتهازية، استمرت أيضا سياسات الضغط على الاقتصاد الصيني، وإنهاك الاقتصاد الروسى بحرب استنزاف فى أوكرانيا، وانتهاز عملية حماس فى 7 أكتوبر 2023 لتأجيج الصراع فى المنطقة من أجل هدف مُستحيل، وهو الرغبة فى البقاء والاستمرار دون الآخرين. وأخيراً أتت حرب إسرائيل ضد إيران لتصب مزيدا من الوقود على النار الملتهبة، فبعد أن شهدت نهاية عام 2024 تراجعاً ملحوظاً فى أسعار الغذاء والطاقة عالمياً، وتزايدت الآمال بأن يشهد عام 2025 مزيدا من الانخفاض يعوض الخسائر التى تحملها العالم من ارتفاع أسعار مُبالغ فيه لكل شيء، نجد أنفسنا أمام حالة اقتصادية خارج نطاق التفسير، وحرب غير تقليدية بين طرفين لا تربطهما حدود مُشتركة، وقواعد اشتباك غير مُحددة المعالم، تؤكد وجود خسائر ضخمة لطرفى النزاع، وللاقتصاد العالمي، لكن يعجز الجميع عن تحديدها بدقة، فى ظل غموض سيناريوهات المُستقبل. وإذا كانت التقديرات تُشير إلى أن إسرائيل قد خسرت بالفعل خلال حربها فى غزة، ما يزيد على 67 مليار دولار حتى نهاية 2024 إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تُشعل حرباً جديدة مع إيران تُكلفها ما يزيد على 725 مليون دولار يومياً، تلك الحرب التى تخسر فيها إيران أيضاً ما بين 300 إلى 600 مليون دولار يومياً، مع توقعات بخسائر أكبر للطرفين مُستقبلاً. والأمر يتعدى ذلك، حيث نجد أن سوق البترول والغاز قد أُصيب باضطراب شديد دفعها إلى تذبذب يومى فى مسار تصاعدى مُرتبط بتطور الصراع لتسجل أسعار البترول ارتفاعاً بنحو 10%، مع توقعات بأنه فى حالة إغلاق مضيق هُرمز أن تتجاوز أسعار البترول حاجز الـ100 دولار للبرميل، وقد حذر البنك الدولى من احتمال وصولها إلى نحو 150 دولارا للبرميل. وهو الأمر الذى سيدفع التضخم العالمى لمُستويات قياسية جديدة، لاسيما مع ارتفاع مُتوقع لأسعار الغذاء عالميا التى تتأثر تكاليف إنتاجها بأسعار الطاقة، والنقل، والخدمات اللوجستية، ويتأثر توافرها بمدى انتظام سلاسل الإمداد، وقد بدأت إرهاصات ذلك بالفعل بارتفاع أسعار القمح عالميا بنحو 2%، وزيت الصويا بنحو 11% فى ظل ترقب بورصات الغذاء لتطور الحرب، ومدى استمرارها. والأصعب فى رصد تلك الحرب هو الإجابة عن سؤال، متى ستنتهي؟ الاقتصاد العالمى قادر على امتصاص الآثار السلبية لتلك الحرب إذا انتهت خلال أيام فى مُستوى قواعد الاشتباك الحالية، أما استمرار العمليات لأسابيع وتطورها لمُستويات أكثر خطورة بما فيها التأثير على الملاحة فى مضيق هُرمز، أو مضيق باب المندب، أو كليهما فإن ذلك سوف يُشعل التضخم فى جسد الاقتصاد العالمى المُثقل بالجراح. وإذا كان الرئيس الأمريكى ترامب قد وعد فى برنامجه الانتخابي، وفى تصريحاته مُنذ بداية ولايته أنه سيدفع نحو أسعار طاقة عادلة، إلا إنه بدا يتعامل مع الأسواق بمنطق التاجر حيث يُطلق تصريحات تهدئة تتراجع بها الأسعار فى لحظة يُحددها تستغلها بعض الكيانات للشراء، ثم يعود ويُطلق تصريحات تُحفز على الحرب فترتفع الأسعار بما يُساعد من قام بالشراء على البيع بمكاسب كبيرة. لا يُمكن أن يُدار الاقتصاد بمنطق التُجار، ومن المُستحيل أن يحصل طرف على كل الغنائم، ولا يترك شيئاً للآخرين، ربما تأثر البعض بفكر المالتوسيين الجدد الذين يرون فى الحروب إحدى وسائل ضبط التركيبة السكانية للكوكب، ولكن يبقى السؤال هو أنه إذا كان الأثر الأساسى لحالة الحروب والإفقار لدول العالم وخفض الدخول الحقيقية لمواطنيها، فمن سيقوم بشراء مُنتجات القوى الكبرى التى تُنتجها مصانعها؟. فشلت نظرية الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر وفشل بناء خط بارليف كحائط صد فى تأمين إسرائيل، وفشلت أيضاً القبة الحديدية فى حماية مُجتمعها المُغلق، ومازالت إسرائيل تبحث عن بناء أمنها القومى خصماً من حقوق الآخرين، مهما تكلف الأمر من فقدان لأرواح، وأرزاق البُسطاء فى العالم. لن تنعم إسرائيل بالأمان، والاستقرار، والرخاء وحدها، ولن ينعم أى طرف فى العالم بذلك وحده، فالعالم أصبح قرية صغيرة تعيش مرحلة تحول، وتبحث عن مُستقبل عادل، فى عالم يتشكل مُستقبله بصورة عشوائية مُلوثة بالدماء، البقاء فيها سيكون للأكثر صموداً.