logo
رافائيل غروسي.. تاريخ حافل لدبلوماسي أرجنتيني وسط الملفات النووية

رافائيل غروسي.. تاريخ حافل لدبلوماسي أرجنتيني وسط الملفات النووية

الجزيرة١٨-٠٤-٢٠٢٥

رافائيل غروسي دبلوماسي أرجنتيني وُلد عام 1961، وحصل على الماجستير في العلاقات الدولية، ثم الدكتوراه في التاريخ السياسي الدولي من جامعة جنيف.
تولى مناصب عدة في وزارة الخارجية الأرجنتينية، وبرز دوليا بخبرته في نزع ومنع انتشار الأسلحة النووية، ثم ترأس عام 2019 الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وقاد مفاوضات بشأن ملفات هامة مثل أزمة محطة زاباروجيا الأوكرانية و البرنامج النووي الإيراني.
المولد والنشأة
وُلد رافائيل ماريانو غروسي يوم 12 مارس/آذار 1961 في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، من والدين إيطاليين مهاجرين.
كان والده صحفيا بينما عملت والدته نحاتة. وله 8 أبناء من زواجين، آخرهما من الدبلوماسية الأرجنتينية سينثيا إتشافاريا.
الدراسة والتكوين العلمي
التحق غروسي بالجامعة الكاثوليكية الأرجنتينية، وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية عام 1983، ثم تلقى تدريبا في الأكاديمية الدبلوماسية.
حصل على الماجستير في العلاقات الدولية والدكتوراه في التاريخ السياسي الدولي من جامعة جنيف. ويجيد اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية.
التجربة العملية
انضم غروسي إلى وزارة الخارجية الأرجنتينية عام 1985، وعمل في قسم الشؤون النووية، ثم شغل منصب سفير الأرجنتين لدى بلجيكا والنمسا وسلوفاكيا وسلوفينيا.
في عام 1993 شارك بصفته مفاوضا عن الأرجنتين في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية التي وقعت ذلك العام.
وبين عامي 1998 و2001، أصبح ممثل الأرجنتين لدى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتولى في العام التالي منصب رئيس هيئة الموظفين بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي.
أصبح غروسي عام 2007 مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأرجنتينية حتى عام 2009، ثم شغل منصب المدير العام المساعد للسياسات بالوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى 2013.
كما عمل في لجنة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة ، وشملت مهامه بعثات إلى كوريا الشمالية لمراقبة المنشآت النووية، وكذلك المفاوضات مع إيران بشأن تجميد برنامجها النووي.
في العام نفسه، عُين ممثلا للأرجنتين لدى وكالة الطاقة الذرية وغيرها من المنظمات الدولية الموجودة في العاصمة النمساوية فيينا.
تولى عام 2014 رئاسة "مجموعة موردي المواد النووية"، التي تسعى إلى المساهمة في الحد من انتشار الأسلحة النووية.
في عام 2015، أصبح رئيس المؤتمر الدبلوماسي بشأن اتفاقية الأمان النووي، الذي دُعي إليه بعد كارثة مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان عام 2011.
كان من المقرر أن يتولى غروسي رئاسة مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 2020، لكنه اُنتخب رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 3 ديسمبر/كانون الأول 2019، خلفا ليوكيا أمانو الذي توفي بشكل مفاجئ.
بصفته مديرا للوكالة، أجرى نقاشات محورية بشأن التوترات النووية الخطيرة حول العالم، خاصة ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وما أثير من مخاوف بشأن تطوير إيران أسلحة نووية.
في عام 2020، التقى غروسي بالرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني لمناقشة طلب وصول الوكالة إلى موقعين نوويين في إيران، إذ كانت تتحقق من تنفيذ طهران التزاماتها المتعلقة بالبرنامج النووي بموجب اتفاق " خطة العمل الشاملة المشتركة".
في عام 2022، تدخل غروسي في الخلاف بين روسيا و أوكرانيا ، عندما تعرضت محطة "زاباروجيا" الأوكرانية للتهديد بالاحتلال من الجانب الروسي، إذ قاد مفاوضات بين الطرفين بشأن إنشاء منطقة أمان تضمن سلامة واستقرار المحطة، ما قوبل بإشادة دولية واسعة.
وفي مارس/آذار 2023، زار غروسي طهران بعد أيام من إعلان الوكالة العثور على جزيئات يورانيوم مخصبة بمستوى يقترب من النسبة اللازمة لإنتاج قنبلة نووية ، والتقى بالرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين. وقالت مصادر حينئذ إن زيارة غروسي إلى طهران تهدف لإعادة إطلاق الحوار بشأن النشاط النووي الإيراني.
أعيد انتخاب غروسي مديرا لوكالة الطاقة الذرية في سبتمبر/أيلول 2023 لفترة جديدة مدتها 4 سنوات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أجرى مباحثات في طهران بشأن البرنامج النووي الإيراني، وناشد حكومة البلاد اتخاذ خطوات لحل القضايا العالقة منذ وقت طويل مع الوكالة.
وزار غروسي طهران في 16 أبريل/نيسان 2025 والتقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، واصفا اللقاء بـ"المهم"، ومؤكدا أن "التعاون مع وكالة الطاقة الذرية أمر لا غنى عنه لتوفير ضمانات موثوقة بشأن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، في وقت أصبحت فيه الدبلوماسية مطلوبة بشكل عاجل".
الجوائز والأوسمة
حصل غروسي على العديد من الجوائز والأوسمة، منها:
وسام الاستحقاق من البرازيل.
الميدالية الوطنية من كازاخستان.
وسام الشرف الذهبي الكبير من النمسا.
وسام الاستحقاق من إيطاليا.
كما مُنح درجات أكاديمية فخرية عدة من بينها:
كرسي الجامعة البابوية الكاثوليكية بالأرجنتين.
دكتوراه فخرية في القانون من جامعة بوينس آيرس.
درجة فخرية في الهندسة النووية من جامعة ميلانو التقنية.
دكتوراه فخرية في الدراسات العالمية من جامعة بوسان للدراسات الأجنبية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أورانو الفرنسية تبحث بيع أصولها بعد خلافات مع النيجر
أورانو الفرنسية تبحث بيع أصولها بعد خلافات مع النيجر

الجزيرة

timeمنذ 5 أيام

  • الجزيرة

أورانو الفرنسية تبحث بيع أصولها بعد خلافات مع النيجر

نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن مصادر مطّلعة أن شركة أورانو المملوكة للدولة الفرنسية والمتخصصة في الوقود النووي تبحث بيع أصولها من اليورانيوم في النيجر، بعد انهيار علاقتها مع السلطات العسكرية التي تحكم البلاد منذ انقلاب 26 يوليو/تموز 2023. وقالت الشركة الفرنسية -التي تعد ثالث أكبر منتج لليورانيوم المخصّب في العالم- إن أولوياتها الآن هي التركيز على عملية التحكيم الدولي الجارية مع الحكومة في نيامي، وأضافت أن "عدة أطراف أبدت اهتمامها بأصول المجموعة في النيجر، ولديها الحرّية في تقديم عروضها إذا رغبت في ذلك". وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت "أورانو" أنها بدأت في إجراءات التحكيم الدولي مع حكومة النيجر ، احتجاجا على سحب رخصة منجم إيمورارين، مشيرة إلى أنها لجأت إلى ذلك الخيار بعد أن استنفدت جميع الجهود الحسنة التي من شأنها أن تؤدي إلى حلول وتفاهمات حول إمكانية العودة إلى الحوار. وفي يونيو/حزيران 2024، سحب المجلس العسكري الحاكم في النيجر رخصة تشغيل منجم إيمورارين -الذي تقدّر احتياطاته بـ200 مليون طن من اليورانيوم- من شركة أورانو، متهما إياها بعدم الوفاء بالتزاماتها تجاه البلاد. وكانت الشركة الفرنسية أعلنت الثلاثاء الماضي رفع دعوى قضائية أمام محاكم النيجر بسبب ما وصفته بـ"الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني" لموظفيها، والمصادرة الجائرة للممتلكات. والأسبوع الماضي، قالت الشركة إنها لم تستطع التواصل مع مدير عملياتها في النيجر إبراهيم كورمو بسبب اعتقاله من طرف السلطات في نيامي ، ونقله إلى مقر جهاز المخابرات الخارجية.

إيران تؤكد تمسكها بالدبلوماسية وتدافع عن "حقها الكامل" في تخصيب اليورانيوم
إيران تؤكد تمسكها بالدبلوماسية وتدافع عن "حقها الكامل" في تخصيب اليورانيوم

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

إيران تؤكد تمسكها بالدبلوماسية وتدافع عن "حقها الكامل" في تخصيب اليورانيوم

صرح مستشار المرشد الإيراني الأعلى بأن المفاوضات غير المباشرة الجارية مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني "قد تصل إلى نتيجة وربما لا تصل"، مؤكدا أن "الأمر يعتمد على عقلانية الطرف المقابل"، في إشارة إلى واشنطن. وشددت الخارجية الإيرانية -في تصريحات رسمية- على أن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي أكد "استعداد طهران لمواصلة التفاعل مع الأطراف الأوروبية"، مشيرة إلى أن عدة جولات من المحادثات أُجريت خلال العام الماضي مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وأكدت الخارجية أن عراقجي أطلع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على آخر مستجدات المفاوضات، مجددا تمسك طهران بنهج "اختيار مسار الدبلوماسية لحل القضية المصطنعة بشأن برنامجها النووي السلمي". من جانبها، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إن طهران "لا تشارك في المفاوضات النووية لإضاعة الوقت، بل للتوصل إلى نتيجة"، مؤكدة أن بلادها "لا ترغب في نزاع جديد بالمنطقة"، وهو ما يبرر -حسب قولها- خوض هذه المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن. لكنها شددت في الوقت ذاته على أن إيران "سترد بقوة على أي تهديدات إسرائيلية بقصف منشآتها النووية". تخصيب اليورانيوم كذلك، دافعت إيران عن "حقها الكامل" في تخصيب اليورانيوم، إذ قال عراقجي -في منشور على منصة إكس- إن "إيران من الموقعين منذ فترة طويلة على معاهدة حظر الانتشار النووي"، ومن ثم فإن "لها كل الحق في امتلاك دورة الوقود النووي الكاملة". وأضاف أن هناك دولا عديدة موقعة على المعاهدة تخصب اليورانيوم، بينما ترفض تطوير الأسلحة النووية بشكل كامل، مشيرا إلى أن "حق إيران في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض". وتخصب إيران حاليا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي (3.67%)، لكنها لا تزال أقل من 90% المطلوبة للاستخدام العسكري. ووفقا للوسيط العُماني، تأجلت الجولة الرابعة من المحادثات بين طهران وواشنطن -التي بدأت يوم 12 أبريل/نيسان الماضي- لأسباب لوجستية. وتعد المحادثات الحالية أعلى مستوى اتصال بشأن البرنامج بين الطرفين منذ انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018. ضغوط وتهديدات غربية في المقابل، صعّدت العواصم الغربية من لهجتها تجاه طهران، إذ صرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن الدول التي تخصب اليورانيوم "إما تمتلك أسلحة نووية أو تسعى لحيازتها"، داعيا إيران إلى "التراجع الفوري" والسماح للمفتشين، بمن فيهم خبراء أميركيون، بالوصول إلى منشآتها النووية. وقال إن طهران يجب أن تتوقف أيضا عن دعم الحوثيين في اليمن الذين تستهدف هجماتهم إسرائيل والسفن في البحر الأحمر. وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن إيران "على وشك امتلاك سلاح نووي"، مضيفا أن هذا قد يستدعي إعادة تفعيل عقوبات الأمم المتحدة إذا اعتُبرت أنشطة طهران النووية تهديدا للأمن الأوروبي. وقد رفضت طهران التصريحات الفرنسية ووصفتها بأنها "سخيفة". وفي السياق ذاته، صرح رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ، الأربعاء، بأن المواد المخصبة "تمكن إذابتها بسهولة" أو "شحنها إلى خارج" إيران، في حين قالت مهاجراني الشهر الماضي إن "نقل المواد المخصبة خط أحمر". كذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "أي اتفاق نووي موثوق يجب أن يقضي تماما على قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية"، إلى جانب منع تطوير الصواريخ الباليستية. واتهم عراقجي نتنياهو بمحاولة "إملاء إرادته على السياسة الأميركية". وتصر طهران على أن المحادثات مع واشنطن تتناول فقط البرنامج النووي ورفع العقوبات، مستبعدة إجراء مفاوضات بشأن نفوذها الإقليمي وقدراتها العسكرية.

السلاح النووي الباكستاني.. برنامج الردع الذي كادت تقصفه الهند وإسرائيل
السلاح النووي الباكستاني.. برنامج الردع الذي كادت تقصفه الهند وإسرائيل

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

السلاح النووي الباكستاني.. برنامج الردع الذي كادت تقصفه الهند وإسرائيل

باكستان هي سابع أكبر قوة نووية في العالم، ويُقدر مخزون ترسانتها إلى حدود عام 2025 بحوالي 170 رأسا نووية، تعضدها بنية نووية تحتية واسعة قادرة على تخصيب المزيد من اليورانيوم، والعديد من المفاعلات لإنتاج البلوتونيوم، مع منظومة إطلاق متطورة ومتعددة. وتعد باكستان واحدة من 9 دول نووية على مستوى العالم، وأول دولة إسلامية تملك سلاحا نوويا، ولطالما أُشير إلى سلاحها النووي بـ" القنبلة الذرية الإسلامية"، منذ انضمامها رسميا إلى الدول النووية في العام 1998، عقب عدد من التجارب النووية الناجحة. ورغم مواجهتها تدقيقا دوليا وخضوعها لعقوبات اقتصادية وعسكرية، تصر على الاحتفاظ بسلاحها النووي وتطويره، إذ تؤمن بضرورة تأمين "الحد الأدنى من الردع"، والذي تحول إلى مبدأ "الردع الشامل" لمواجهة تهديد سلامة أراضيها من قبل عدوتها وجارتها النووية الهند، في ظل صراعهما المستمر حول إقليم كشمير. النشأة بدأت باكستان مشروعها النووي بغرض الاستخدامات المدنية منذ خمسينيات القرن الـ20، مستفيدة من مبادرة الرئيس الأميركي السابق دوايت آيزنهاور"الذرة من أجل السلام"، التي أطلقها عام 1953، بغرض تطوير الطاقة الذرية في العالم لاستخدامها في الأنشطة السلمية. وقد أبدت الولايات المتحدة الأميركية رغبة في دعم المشروع النووي المدني الباكستاني عام 1955، عبر اتفاقية تعاون بين البلدين، وقدمت تمويلا لبناء مفاعل بحثي صغير، ومواد انشطارية لتزويده بالوقود، ووفرت برنامجا تدريبيا للعلماء والمهندسين. وفي عام 1956، تأسست الهيئة الباكستانية للطاقة الذرية، وفي العقد التالي سارت البلاد قُدما في تطوير البرنامج النووي، إذ تم بالفعل بناء أول مفاعل بحثي، وبدأ تشغيله عام 1965، وأصبح لدى الهيئة ما يربو على 100 عالم ومهندس نووي، ممن تلقوا تدريبا في الخارج، وفي عام 1971، باشرت أول محطة للطاقة النووية عملها بمساعدة كندية. ولكن الخسارة التي تكبدتها باكستان بانفصال شرق باكستان (بنغلاديش)، عقب حربها مع الهند في نهاية عام 1971، فضلا عن مساع هندية حثيثة لإنتاج قنبلة نووية ، دفعت رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك ذو الفقار علي بوتو في مطلع عام 1972 إلى اتخاذ قرار بتطوير سلاح نووي. وباشرت باكستان برنامجها النووي، الذي أُطلق عليه "المشروع 706″، وبدأت بتطويره عبر إنشاء مراكز بحثية ومنشآت إنتاجية نووية، رغم العقوبات والضغوط الأميركية، التي أخذت تتضاءل في أواخر السبعينيات من القرن الـ20 بعد تحالف باكستان مع الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي وضد غزوها أفغانستان. تخصيب اليورانيوم سرّعت إسلام آباد خطواتها لتطوير سلاح نووي عام 1974، مدفوعة بقيام الهند بأول تفجير نووي لها بالقرب من الحدود الباكستانية، وأولت اهتماما بالغا لهذا الجانب، وكان تعيين العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان رئيسا للبرنامج النووي الباكستاني عام 1976 عاملا مهما في تعزيز المشروع وتطويره. وكان خان قد اطلع على تصاميم أجهزة الطرد المركزي السرية أثناء عمله لدى اتحاد شركات "يورينكو" الأوروبية في هولندا، والذي كان يُشغّل محطات تخصيب يورانيوم لشركات الكهرباء في العالم. وفي ذلك العام أسست الدولة مختبرات "كاهوتا" للأبحاث بالقرب من لاهور، وفي غضون عامين فقط بدأ تخصيب اليورانيوم ، وفي مطلع الثمانينيات أصبحت باكستان قادرة على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، ونجحت في تجربة أول اختبار بارد لجهاز نووي. ووفق خدمة أبحاث الكونغرس، فقد باتت قدرة باكستان على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب كافية في عام 1987 لإنتاج قنبلة واحدة سنويا، وأفاد تقرير للاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) عام 1991 بأن باكستان كان لديها تصميم أسلحة نووية قابل للتطبيق منذ نهاية الثمانينيات. وقد شكل التعاون مع الصين المحور المركزي في تطوير القدرات النووية الباكستانية، وارتكز هذا التعاون على الشراكة وتبادل المنافع، إذ كانت باكستان تمتلك أيضا خبرات نظرية وعملية في المجال النووي. وزودت الصين باكستان بمواد وخبرات نووية، وساهمت بشكل فعّال في بناء بعض المنشآت النووية الباكستانية، وشملت المساعدات الصينية في تسعينيات القرن الـ20 المساعدة في بناء مفاعل إنتاج البلوتونيوم وتقديم آلاف المغناطيسات الحلقية لبرنامج تخصيب اليورانيوم. ولاحقا تعاون البلدان في العديد من المشاريع النووية، منها: توقيع اتفاقية عام 2013، وبموجبها ساهمت الصين في بناء محطة كراتشي، وفي عام 2017، وقعت المؤسسة الوطنية النووية الصينية اتفاقية مع هيئة الطاقة الذرية الباكستانية للتعاون الفني في مجال استكشاف وتطوير موارد اليورانيوم. وكانت باكستان قد استفادت في بداية برنامجها النووي من الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا الغربية، إذ قدمت لها دول من تلك المنطقة معدات ومواد ذات صلة بالمجال النووي ومواد ذات استخدام مزدوج. تجارب السلاح النووي بدأت باكستان تشغيل مفاعل نووي قادر على إنتاج البلوتونيوم اللازم لصنع الأسلحة في العام 1996، وبعد ذلك بعام، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك نواز شريف أن بلاده أصبحت تمتلك سلاحا نوويا. وفي أعقاب نحو أسبوعين من تجارب نووية هندية، نفذت باكستان في مايو/أيار 1998 أول اختبار لسلاحها النووي، فأجرت 6 تفجيرات نووية، لتصبح آنذاك سابع دولة تُجري اختبارا رسميا لسلاح نووي. وقال وزير الخارجية الباكستاني في ذلك الوقت إن الغرض من التجارب إظهار مصداقية باكستان في الردع النووي. وواصلت باكستان توسيع برنامجها النووي وتطويره، ففي عام 2009 أصبحت لديها 4 مفاعلات نووية، بعد أن حصلت على مفاعلين إضافيين من الصين يعملان بالماء المضغوط. وفي عام 2015، أعلنت عن نجاحها في تطوير أسلحة نووية تكتيكية، يمكن استخدامها في ساحة المعركة، كما عملت على تطوير قدرات الإطلاق النووي البحري، إذ أجرت عام 2017 تجربة صاروخية من منصة تحت الماء. العقيدة النووية الباكستانية تتمحور العقيدة الإستراتيجية النووية الباكستانية، وفق تصريحات السلطات، حول مبدأين أساسيين: إذ تعتبر باكستان السلاح النووي قوة ردع عسكري، وهو ما يعني اعتماد سياسة التهديد باستخدام القوة لمنع الآخر من الهجوم، وتعلن إسلام آباد بشكل مستمر أن هدفها من امتلاك سلاح نووي هو تحقيق "حد أدنى معقول لردع" تهديدات الهند لأراضيها، ومواجهة التفوق العسكري الهندي التقليدي، وكبح أي تصعيد عسكري. ولا يمكن ضبط الحد الأدنى المعقول للردع بقدر محدد، وفق المسؤولين الباكستانيين، بسبب تعلقه بمتطلبات الردع، التي ترتبط بالزيادة المحتملة في ترسانة الهند النووية، مما يجعل باكستان مضطرة لزيادة قدراتها النووية، وتوسيع مخزون ترسانتها باطراد، تحسبا من التعزيزات المحتملة للقوة النووية الهندية. ومع إدراك باكستان أن قواتها النظامية أضعف من القوات الهندية، انتقل المسؤولون الباكستانيون لاحقا للحديث عن ضرورة تحقيق "ردع شامل"، وهو ما يتطلب ترسانة أكبر حجما، وتنوعا أوسع في كل من الرؤوس الحربية وأنظمة الإطلاق، كما يتطلب مستويات استعداد عملياتي أعلى نسبيا من الردع الأدنى. وتحقيقا لهذا المفهوم، تصر باكستان على امتلاك أنواع 3 من الأسلحة النووية: الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية، تمكنها من ضرب الأهداف على كامل الأراضي الهندية، وتشمل نطاق تغطية تصل إلى 2750 كيلومترا. علاوة على ذلك، يتطلب الردع الشامل أن يكون مخزون الأسلحة التي تمتلكها باكستان قادرا على "الانتقام الشامل المضاد"، بما يعادل على الأقل الشدة نفسها، التي قد تتلقاها من الطرف الآخر، إضافة إلى حفاظها على حرية الاختيار من بين مجموعة كاملة من الأهداف داخل الهند لتشمل القيمة المضادة والقوة المضادة وأهداف ساحة المعركة. تؤكد السلطات الباكستانية على الالتزام بموقف نووي دفاعي، وعدم البدء باستخدام الأسلحة النووية ضد دول لا تملك قوة نووية، لكن المسؤولين يلوحون دوما بإمكانية البدء باستخدام القوة النووية في حالة التعرض لهجوم من دولة نووية مثل الهند. الترسانة النووية تعتبر الترسانة النووية الباكستانية سابع أكبر ترسانة نووية في العالم، ومع أن الحكومة الباكستانية لا تصرح بحجم ترسانتها النووية، فإن العديد من المصادر، بما فيها اتحاد العلماء الأميركيين ومركز الحد من التسلح ومنع انتشار الأسلحة النووية، تقدر مخزون السلاح النووي الباكستاني للعام 2025، بنحو 170 رأسا نووية. وقدّرت الهيئة الدولية للمواد الانشطارية في مطلع عام 2023 أن باكستان تملك مخزونا من المواد الانشطارية يكفي نظريا، إذا تم استخدامها بالكامل، لإنتاج نحو 188 إلى 436 رأسا حربية أحادية المرحلة اعتمادا على اليورانيوم عالي التخصيب، وما بين 55 و134 رأسا حربية أحادية المرحلة اعتمادا على البلوتونيوم. ومع ذلك هناك العديد من العوامل الخارجية التي قد تزيد أو تقلل من إنتاجية المواد الانشطارية، وهو ما يعني احتمال زيادة أو تقليص عدد الرؤوس النووية التي يمكن إنتاجها، وفقا لكمية المواد الانشطارية المتاحة. أنظمة التوصيل طورت باكستان منظومة واسعة ومتنوعة من منصات التوصيل، القادرة على حمل رؤوس نووية برا وجوا، إضافة إلى مراحل متقدمة في تطوير منصات توصيل بحرية. تمتلك إسلام آباد العديد من الصواريخ الباليستية المتحركة برا، القادرة على حمل رؤوس نووية، وتشمل أنواعا متعددة، منها قصيرة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى، أشهرها: صاروخ حتف 3 (غزنوي): بمدى يتراوح بين 250 و290 كيلومترا. صاروخ حتف-4 (شاهين): بمدى 750 كيلومترا. صاروخ حتف-5 (غوري): بمدى 1250 كيلومترا. صاروخ حتف-6 (شاهين-2): بمدى يصل إلى 2000 كيلومتر. صاروخ شاهين-1 آي: بمدى 900 كيلومتر. صاروخ شاهين-3: بمدى 2750 كيلومترا. صاروخ حتف-2 (عبدلي): بمدى 180 كيلومترا. صاروخ أبابيل: بمدى 2200 كيلومتر. وفضلا عن ذلك طورت باكستان مجموعة متنوعة من الأسلحة النووية غير الإستراتيجية (الأسلحة النووية التكتيكية)، وهي أسلحة قصيرة المدى ومنخفضة العائد، كالصاروخ الباليستي قصير المدى حتف-9، الذي يتراوح مداه بين 60 و70 كيلومترا. وهذه الأسلحة قادرة على حمل رؤوس نووية ذات قوة تدميرية بدقة عالية، صُممت لمجابهة جميع أنظمة الدفاع الصاروخي التكتيكية المضادة، ويُعتقد أنها أُنتجت للاستخدام الدفاعي في ساحة المعركة، لمواجهة عمليات استباقية هندية، وصد ضربات عسكري تقليدية واسعة النطاق، أكبر حجما وأكثر تفوقا، أو توغلات هندية داخل الأراضي الباكستانية. لدى باكستان عشرات الرؤوس الحربية للمنصات الجوية النووية، التي يمكن إطلاقها باستخدام الطائرات الحربية، مثل: طائرات إف-16 بأنواعها المختلفة، وطائرات ميراج 5 وميراج 3، ويملك سلاح الجو الباكستاني أسرابا عدة من كل نوع، إضافة إلى صاروخ كروز "رعد" عالي الدقة، قادر على حمل رؤوس نووية، ويمكن إطلاقه من الجو، ويبلغ مداه أكثر من 350 كيلومترا. نجحت تجارب باكستانية عام 2017، في اختبار صاروخ بابور-3، بإطلاقه من منصة مغمورة، ويعتبر بابور-3 النسخة البحرية من صاروخ بابور-2 ذي القدرة النووية، والذي يُطلق برا. المنشآت النووية شيدت باكستان العديد من المنشآت النووية، التي تُستخدم للأغراض المدنية والعسكرية، وبحسب الجمعية العالمية للطاقة النووية، لا تفصل باكستان كثيرا بين منشآت النوعين، ورغم ذلك فقد جاء على موقع الجمعية نفسها، ذكر منشآت خاصة بالاستخدام العسكري. وتضم المنشآت النووية العسكرية الباكستانية مفاعلات نووية ومراكز بحث ومستودعات تخزين، وأبرزها: يقع في منطقة خوشاب بولاية البنجاب، على بُعد نحو 200 كيلومتر جنوبي العاصمة الباكستانية إسلام آباد ، ويضم 4 مفاعلات نووية، إضافة إلى مصنع صغير للماء الثقيل. وتعمل المفاعلات الأربعة بالماء الثقيل، وتُسهم بشكل كبير في زيادة قدرة البلاد على إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في الأغراض العسكرية. وقد تم تشغيل المفاعلات الثلاثة الأولى في الأعوام 1998 و2006 و2013، وتُقدر طاقة كل واحد منها بما يتراوح بين 30 و50 ميغاوات، أما الرابع فقد بدأ تشغيله عام 2015، ويعد أكبرها، إذ تبلغ طاقته التشغيلية 90 ميغاوات. مختبرات خان للأبحاث (كاهوتا) وهو المختبر الرئيسي للأسلحة النووية في باكستان، تأسس عام 1976 في منطقة كاهوتا في البنجاب، بدعم من سلاح المهندسين ب الجيش الباكستاني ، وكانت المختبرات تحمل عند تأسيسها اسم مختبرات أبحاث الهندسة، وفي عام 1981 أُعيد تسميتها تكريما لعبد القدير خان. وتضم المختبرات معهد بحوث وتطوير لهندسة الأسلحة، ومختبرا للأبحاث النووية، إضافة إلى مركز تطوير الصواريخ بعيدة المدى، ومنشأة لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. محطة كراتشي (كانوب) وهي أول محطة طاقة نووية في باكستان، بُنيت بمساعدة كندية عام 1972، وتعمل بالماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي. وتقع في مدينة راولبندي القريبة من إسلام آباد، وفيها يُعاد معالجة الوقود المستهلك وتخصيب البلوتونيوم. يقع في مدينة راولبندي، ويستخدم لتطوير وإنتاج الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية وقاذفاتها المتنقلة. وينقسم المجمع إلى قسمين: القسم الغربي لتطوير وإنتاج واختبار إطلاق الصواريخ ومحركات الصواريخ، والقسم الشرقي لإنتاج الناقلات والقاذفات المتحركة المصممة لنقل وإطلاق الصواريخ. تقع شمال غرب ولاية البنجاب، وتعمل على إعادة معالجة الوقود للاستخدام في الأغراض العسكرية. المعاهدات الدولية رفضت باكستان المصادقة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية لعام 1968، وكذلك معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عام 1996، لأنه سيتعين عليها تدمير أسلحتها النووية وفقا لخطة ملزمة قانونا ومحددة زمنيا، وهو أمر ترفض باكستان الانصياع له طالما احتفظت الهند بترسانتها النووية. وتؤكد باكستان تأييدها لعالم خالٍ من الأسلحة النووية، غير أنها ترى أنه يجب أن يتحقق على نحو شامل ودون تمييز بين الأطراف، فهي ترى أن المعاهدتين غير عادلتين، ولا تخلوان من العيوب الإجرائية والموضوعية الواضحة، وتنتقد عدم التزام الدول النووية الكبرى بنزع السلاح النووي، ومواصلتها تطوير وتوسيع ترساناتها. الموقف الدولي حاولت دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والهند إجهاض مشروع السلاح النووي الباكستاني منذ بداياته، فعارضت الولايات المتحدة المشروع وتجسست عليه، وأوقفت مساعداتها العسكرية والاقتصادية عام 1978، بعد رفض باكستان التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وفي عام 1979، أجهضت السلطات الباكستانية عملية خططت لها الاستخبارات الأميركية كانت تستهدف العلماء والمهندسين المرتبطين بالبرنامج النووي الباكستاني. وحاولت إسرائيل مرارا إقناع الهند بالتعاون معها لضرب المنشآت النووية الباكستانية، وفي أوائل الثمانينيات من القرن الـ20، أعد الطرفان خطة مشتركة للهجوم على منشأة كاهوتا، لكنها باءت بالفشل. وتوقفت تلك المحاولات بعد اتفاق بين الهند وباكستان عام 1988، يحظر هجمات أي منهما على المنشآت النووية للأخرى، ومنذ ذلك العام يتبادل البلدان سنويا قائمة بالمنشآت النووية، على الرغم من أن القوائم المتبادلة اعتُبرت غير دقيقة تماما، وفق الجمعية العالمية للطاقة النووية. وقد أثار البرنامج النووي الباكستاني قلقا دوليا بعد اختبارات عام 1998، إذ أدانت كل من بريطانيا والصين و فرنسا و روسيا التجارب، وعلقت كندا والدانمارك واليابان والسويد مساعدات تنموية بملايين الدولارات. أما الولايات المتحدة، فقد فرضت مجموعة من العقوبات بموجب قانون منع الانتشار النووي لعام 1994، أبرزها حظر تصدير جميع التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، ووقف جميع المساعدات العسكرية والاقتصادية، ومنع البنوك التجارية الأميركية من إقراض الحكومة الباكستانية، ومعارضة تقديم ديون لها من قبل المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولكن تلك العقوبات تم رفعها بعد هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001. وكانت الصين هي الدولة الوحيدة التي تحدّت العقوبات المفروضة على باكستان، وعملت على تعزيز تعاونها النووي معها، لا سيما منذ التنازلات الدولية التي قادتها الولايات المتحدة لصالح الهند عام 2008. وفي عام 2004، اتهمت الولايات المتحدة عبد القدير خان بإدارة شبكة لنشر التقنيات والمواد النووية، وتزويد تصاميم ومواد متعلقة بتخصيب اليورانيوم لدول مثل: ليبيا و كوريا الشمالية و إيران. وعلى إثر ذلك، وُضع خان قيد الإقامة الجبرية ، بعد اعترافه تحت ضغوط مورست عليه، بتورطه في نشر التكنولوجيا النووية، لكنه عاد لاحقا وتراجع عن اعترافه، وقال إنه لم يُقدم سوى نصائح ضئيلة جدا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store