
داود عمر داود : خيارات سوريا تجاه إسرائيل
أخبارنا :
منذ أن التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، في الرياض، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منتصف شهر مايو ايار الماضي، لم تنقطع الأخبار والتحليلات عن تناول الحديث عن الثمن المفترض أن تدفعه سوريا مقابل رفع العقوبات الأمريكية. وكان الإيحاء في كثير من التعليقات التي انتشرت، خاصة ممن انزعجوا من تحرر سوريا من يد إيران، أن حكومة دمشق تتجه نحو "اتفاقية تطبيع" مع إسرائيل. فما هي حقيقة الأمر؟ .
لقاء الشرع – ترامب:
قيل بعد لقاء الشرع – ترامب، إن الرئيس الأمريكي وضع مجموعة شروط لرفع العقوبات عن سوريا، من بينها مطالبته أن تنظم سوريا الى اتفاقيات "إبراهام" التطبيعية مع إسرائيل. وقيل أيضاً إن الرئيس الشرع أجاب ترامب، بدبلوماسية وحجة قوية، أنه من غير الممكن الالتزام بأية اتفاقيات سياسية خلال فترة الحكم الانتقالية. ما يعني أنه طلب تأجيل الأمر كله لمدة خمس سنوات قادمة، لما بعد انتهاء الفترة الانتقالية، واستقرار الحكم في البلاد.
ماذا تعني اتفاقية "عدم الاعتداء" بين سوريا وإسرائيل؟:
وبعد ذلك، بحوالي اسبوعين، زار دمشق مبعوث ترامب الى سوريا، اللبناني الأصل "توماس باراك"، بغرض إعادة افتتاح دار السفير الأمريكي في دمشق، ولقاء الرئيس الشرع. وبعد زيارته أدلى "باراك" بتصريح قال فيه: "إن رؤية الرئيس ترامب أن تعقد سوريا مع إسرائيل اتفاقية عدم اعتداء".
لكن جاء ما يؤكد أن سوريا لا تتجه نحو "التطبيع" مع إسرائيل. فقد صرح الرئيس ترامب بنفسه، (في 29/6/2025)، لقناة "فوكس نيوز" الأميركية، "إنه لا يعلم موقف الحكومة السورية بشأن الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل". مضيفاً أنه من جانبه رفع العقوبات عن سوريا.
ونلاحظ هنا أن مطلب الإدارة الأمريكية قد تغير من "التطبيع" إلى "عدم الاعتداء"، إلى "عدم الاكتراث"، إن كانت سوريا تريد "التطبيع" أم لا. وعليه يمكن الاستنتاج من تصريح ترامب أن موقف الشرع، خلال لقاء الرياض، ما زال قائماً وانه تم أخذه بعين الاعتبار، من قبل الإدارة الأمريكية، وعليه يجري التغاضي عن موقف سوريا الآن حيال "التطبيع"، إلى حين استقرار نظام الحكم.
الفرق بين "اتفاقيات التطبيع" وبين "اتفاقيات السلام":
هناك فرق كبير بين "اتفاقيات التطبيع" مع إسرائيل وبين "اتفاقيات السلام". فاتفاقيات السلام كانت بين دول المواجهة المحيطة بفلسطين المحتلة، التي كانت في حالة حربٍ مع إسرائيل. وقد كانت أولها اتفاقية "كامب ديفيد"، بين مصر وإسرائيل، التي جرى التوقيع عليها عام 1978، وجاءت بعد سنواتٍ من التفاوض، بدأت بمفاوضات سرية، برعاية أمريكية، بعد حرب عام 1973، ثم أصبحت مفاوضات علنية بعد زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس المحتلة، عام 1977.
و"كامب ديفيد" هي أول "اتفاقية سلام" بين بلد عربي وإسرائيل، إثر 4 مواجهات عسكرية خاضها الجانبان، بداية من حرب نكبة فلسطين عام 1948، إلى عام 1956 متمثلة بالعدوان الثلاثي، ثم حرب عام 1967، وكان آخرها حرب عام 1973.
أُوسلو ووادي عربة:
أما ثاني "اتفاقية سلام"، بين العرب وإسرائيل، فكانت "اتفاقية أُوسلو"، عام 1993، التي وقعتها "منظمة التحرير الفلسطينية"، كممثلٍ عن الشعب الفلسطيني، صاحب القضية. وجاءت هذه الاتفاقية إثر نضال طويل خاضه الشعب الفلسطيني، قبل النكبة، وبعد نكسة 1967، خاصة العمليات الفدائية ضد إسرائيل، انطلاقاً من الاردن، التي كانت تقوم بها المنظمات الفدائية الفلسطينية، ثم من لبنان فيما بعد، ومن الداخل الفلسطيني، ومن الخارج.
أما ثالث اتفاقية سلام فكانت بين الاردن وإسرائيل، عام 1994، عُرفت بـ "اتفاقية وادي عربة، نسبةً إلى المكان الذي شهد عملية التوقيع. وجاءت الاتفاقية إثر مواجهات عسكرية بين الجانبين خلال النكبة الفلسطينية، ثم حرب عام 1967، ثم معركة الكرامة عام 1968.
"اتفاقيات التطبيع":
وما يميز اتفاقيات السلام مع إسرائيل، أنها تمت بينها وبين دول عربية مجاورة لفلسطين المحتلة، كانت في حالة حربٍ معها. أما "اتفاقيات التطبيع"، التي رعتها وأشرفت عليها إدارة ترامب الأولى، عام 2020، فشملت دولاً عربية لا تربطها حدود جغرافية مع فلسطين، ولم تشارك في أية حروب أو مواجهات عسكرية مع إسرائيل، وهي دولة الامارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، ومملكة المغرب.
سوريا دولة مواجهة وخاضت حروباً مع إسرائيل:
أما سوريا، التي يجري الحديث عنها حالياً، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتحررها من الاحتلال الإيراني، فهي دولة مواجهة مع إسرائيل، ما زالت في حالة حربٍ معها، ولها حدود جغرافية مباشرة تربطها بفلسطين. وكان الجيش السوري قد شارك في حرب عام 1948، وحرب عام 1967، التي خسرت سوريا خلالها هضبة الجولان، ثم حرب عام 1973، بالاشتراك مع مصر. وسوريا هي الدولة الوحيدة بين دول المواجهة التي لم توقع اتفاق سلامٍ مع العدو الإسرائيلي.
اتفاقية "فض الاشتباك" لعام 1974:
العلاقة الرسمية الوحيدة، بين سوريا وإسرائيل، هي اتفاقية الهدنة، التي جرى التوقيع عليها بعد حرب اكتوبر، سُميت بـ "اتفاقية فض الاشتباك" لعام 1974، كان الغرض منها الفصل بين القوات المتحاربة، وفك الاشتباك بينها، بإشراف قوات دولية.
وبقيت الهدنة صامدة طوال الخمسة عقود الماضية حتى استغلت إسرائيل حالة الفوضى، التي رافقت انهيار نظام بشار الأسد، ومجيء النظام الجديد، وأعلنت بنفس يوم سقوط دمشق بيد الثوار، أنها تعتبر تلك الاتفاقية لاغية، وقامت باحتلال الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري، بموجب الاتفاق.
وجاء في المادة الثامنة من اتفاقية الهدنة "أنها ليست اتفاقية سلام، بل خطوة نحو السلام العادل والدائم على أساس قرار مجلس الأمن رقم 338"، الذي يدعو الى تطبيق القرار 242 لعام 1967، بانسحاب القوات الإسرائيلية من هضبة الجولان المحتلة.
خيارات سوريا: بقاء الهدنة، اتفاق "عدم اعتداء"، إستعادة الجولان باتفاق سلام:
ولا تملك سوريا إلا ثلاث خيارات للتعامل مع هذه المعضلة. الأول هو أن تتمسك بـ "حالة الحرب مع إسرائيل"، وتصر على استمرار وضع الهدنة، استناداً لاتفاقية "فض الاشتباك" لعام 1974.
أما الخيار الثاني، أن تأخذ بالطرح الأمريكي القاضي بتوقيع "اتفاقية عدم اعتداء" مع إسرائيل، وتؤجل الأمر برمته انتظاراً لظروف أفضل تفاوض فيها من مركز القوة، وليس من حالة الضعف، كما هو الحال اليوم.
أما الخيار الثالث والأصعب، فهو أن تدخل بمفاوضات ماراثونية مهلكة، مع العدو الإسرائيلي، للتفاوض على استعادة هضبة الجولان المحتلة، والعودة الى حدود الخامس من حزيران 1967، مقابل اتفاق سلامٍ، كما فعلت دول المواجهة الاخرى. وهذا مستبعد لأن إسرائيل تعلن ليل نهار أنه لن تتخلى عن الجولان. وهذا ما أفشل التوصل لاتفاق سلام مع النظام السابق.
خلاصة القول: معضلة حكومة الشرع تجاه إسرائيل:
وفي ظل هذه الظروف، التي ورثتها الحكومة الجديدة في دمشق، وتعرضها لضغوط دولية كبيرة كي تُنهي "حالة الحرب" مع الاحتلال الإسرائيلي، فإنها في موقف لا تُحسد عليه أبداً. فهي من ناحية تحتاج كل مساعدة تأتيها من أجل إحياء البلاد التي خربها نظام الأسد، ومن ناحية اخرى حريصة على أن لا تفرط بحقوق سوريا، باستعادة أراضيها المحتلة منذ عام 1967.
والجانب الإيجابي أن سوريا ما زالت تحتفظ بحقها في استعادة أراضيها المحتلة، بموجب قرارات دولية ملزمة. وهذا سيضيف زخماً كبيراً لموقفها التفاوضي لتخفيف الضغوط الدولية، التي يجري ممارستها عليها للإسراع في التوجه نحو السلام مع إسرائيل.
إلا أن تصريح الرئيس الأمريكي ترامب بالأمس حول "عدم معرفته بنية دمشق حول العلاقة مع إسرائيل"، ربما يمكن فهمه أنه تغاضي أمريكي متعمد نابعٌ من تفهمٍ للوضع الحالي في سوريا، لإعطاء فسحة للحكومة السورية كي تركز على النهوض بالبلاد، بعد ستة عقود من النظام العلوي البغيض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وطنا نيوز
منذ ساعة واحدة
- وطنا نيوز
إعلام إسرائيلي: ترامب تجاوز الخط الأحمر بتدخله في محاكمة نتنياهو
وطنا اليوم:في سابقة خطيرة من وجهة نظر سياسية دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب القضاء الإسرائيلي إلى إلغاء محاكمة نتنياهو، معتبرا أن هذه المحاكمة تلحق الضرر بمصالح إسرائيل القومية. ولم يكتف بذلك بل أتبع دعوته هذه بتهديد يتضمن معاقبة إسرائيل إذا لم تستجب لدعوته بتعليق تزويدها بالأسلحة. وقال محللون إسرائيليون إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ضرورة وقف محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية )، تجاوزت الخط الأحمر وذلك إلى التهديد بوقف المساعدات الأميركية لإسرائيل إن استمرت المحاكمة ووجهت هذه الدعوة الأنظار في إسرائيل إلى طبيعة العلاقة بين أميركا وإسرائيل، خصوصا أن البعض حاجج بأن ترامب ليس أول رئيس أميركي يتدخل في الشأن الداخلي الإسرائيلي. وهناك من رفض دعوة ترامب وحذر منها، لأن إسرائيل في نظره ليست 'جمهورية موز'. ومع ذلك ذهبت السجالات حول الأمر إلى فضاءات مختلفة، بينها المقارنة بين إدارة بايدن التي أنقذت إسرائيل فعلا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبين إدارة ترامب التي تحاول إنقاذ نتنياهو من براثن 'العدالة' الإسرائيلية. وقد برر ترامب تدخله الفظ في مجريات القضاء الإسرائيلي عندما كتب في تغريدة له: أن 'مأساة المحاكمة هذه ستعيق المفاوضات مع إيران وحماس. بعبارة أخرى، ما يفعله المدعون العامون الخارجون عن السيطرة مع بيبي نتنياهو هو ضربٌ من الجنون. تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات سنويا -أكثر بكثير من أي دولة أخرى- للدفاع عن إسرائيل ودعمها. لن نتسامح مع هذا. لقد حققنا للتو نصرا عظيما مع رئيس الوزراء بيبي نتنياهو وقيادته، وهذا يضرّ كثيرا بانتصارنا. دعوا بيبي يتحرك، لديه عمل عظيم ليقوم به'. وردا على تغريدة ترامب الأولى ضد محاكمته، كتب نتنياهو: 'شكرا لك أيها الرئيس ترامب على دعمك المؤثر لي ودعمك الهائل لإسرائيل والشعب اليهودي'. وفي وقت لاحق من الرد وبعدها ربط نتنياهو بين الدعوة وما قد يكون 'صفقة شاملة' منسقة قائلا 'سنواصل العمل معا لهزيمة أعدائنا المشتركين، وتحرير رهائننا، وتوسيع دائرة السلام بسرعة'. دولة مستقلة وتقريبا تجنب الساسة في إسرائيل الوقوف في وجه ترامب أو انتقاد دعوته بحدة، بل إن قلة منهم اختارت التعليق على الدعوة وأغلب هؤلاء من جانب الموالين لنتنياهو ممن يتفقون على أن المحاكمة سياسية وأنها كان ينبغي ألا تكون. لكن زعيم المعارضة ورئيس حزب 'هناك مستقبل'، يائير لبيد، ألمح في مقابلة مع 'يديعوت أحرونوت' إلى أنه 'مع كل الاحترام لترامب، لا ينبغي له التدخل في عملية قانونية في دولة مستقلة. أفترض أن هذا تعويض يُقدمه ترامب لنتنياهو لأنه سيُخضعه في قضية غزة ويُنهي الحرب. هذا يُناسب ترامب'. وانتقد عضو الكنيست ماتان كهانا بشدة تصريح الرئيس ترامب بشأن المحاكمة. بحسب قوله، ورغم الاحترام الذي تكنّه إسرائيل لرئيس الولايات المتحدة، ينبغي عليه الامتناع عن التدخل في النظام القانوني الإسرائيلي: 'هذا كل شيء. دعوا النظام القانوني الإسرائيلي وشأنه. لسنا جمهورية موز، بل دولة مستقلة ذات نظام قانوني قوي، لذا كفوا أيديكم عن النظام القانوني الإسرائيلي'. وكانت افتتاحية 'هآرتس' في أول يوم من دعوة ترامب لإلغاء محاكمة نتنياهو قد حذرت من التجاوب مع هذه الدعوة. وكتبت 'اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطوة بارزة، التدخل الفظ في شؤون إسرائيل الداخلية بأن يدعو إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو منحه العفو. رأي ترامب بشأن سلطة القانون والمؤسسات الديمقراطية في الولايات المتحدة معروف للجميع، وعليه فليس مفاجئا أن يكون أحد ما -ويمكن التخمين من هو- حرص على أن يقنعه بالتدخل لإلغاء المحاكمة'. ورأت الصحيفة أن 'ترامب أخطأ حين قرر التدخل في هذا الموضوع، سواء لأن في ذلك ما يضعف جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي ويعمق الاستقطاب في داخلها، أم لأن تدخله الفظ يرسم صورة إسرائيل كدولة تابعة للولايات المتحدة'. وإذا كانت افتتاحية 'هآرتس' تركت الباب مواربا تجاه من حث ترامب على إعلان هذه الدعوة فإن المراسل العسكري للصحيفة، عاموس هارئيل فتح الباب وكتب: 'رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول تجنيد الرئيس الأميركي لابتزاز جهاز القضاء في إسرائيل بالتهديد، والتوصل إلى إلغاء الإجراءات الجنائية ضده، من دون إدانة أو إقرار بالذنب'. ولاحظ هارئيل أن نتنياهو وترامب يريان نفسيهما شركين في نجاح الهجوم على إيران ومنشآتها النووية، وأن 'ترامب يريد استخدام هذا الإنجاز في إيران لصالح إنهاء الحرب في غزة وإعادة المخطوفين والتطبيع بين إسرائيل والسعودية فإنه يوجد لنتنياهو طلب صغير آخر وهو 'ساعدني على التخلص من المحاكمة'. فظيع وأوضح أن ترامب استجاب لذلك من خلال التصريحات الأكثر عنفا، فكتب 'فظيع ما يفعلونه لبيبي نتنياهو. إنه بطل حرب عمل بشكل رائع مع الولايات المتحدة للتخلص من التهديد النووي الخطير في إيران. الآن هو في خضم مفاوضات حول الصفقة مع حماس التي ستعيد المخطوفين. كيف يمكنهم إجباره على الجلوس في قاعة المحكمة طوال اليوم على لا شيء. هذه حملة تصيد وهي تشبه كثيرا ما أجبروني على أن أمر به'. وقد هدد الرئيس الأميركي حتى بوقف المساعدات الأمنية لإسرائيل إذا استمر 'هذا الجنون'، حسب رأيه. ولم يقتصر الأمر على هآرتس والمعلقين فيها بل تخطاها إلى كل الصحف الإسرائيلية وخصوصا 'يديعوت أحرونوت'. وكتب بتسلئيل لافي في موقع 'زمان إسرائيل' أن 'لا شيء يضاهي تدخل الرئيس دونالد ترامب السافر وغير المسبوق في محاكمة بنيامين نتنياهو للإدلاء بشهادته حول وضع دولة إسرائيل في العصر الحالي. لقد أظهرت إسرائيل قوتها العسكرية وجبروتها على مدى عامين تقريبا في ساحة المعركة. قوتها السياسية محدودة بسبب اعتمادها الكبير على لسان الرئيس الأميركي. والآن، يُلقي هذا الرجل بظلاله الكبيرة على النظام القانوني الداخلي أيضا، وهو فعل لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد، ومشكوك بوجوده حتى على الساحة العالمية. وفي نظره 'تكمن الخطورة هنا في دخول الفيل إلى متجر الخزف ومحاولته تدمير ما بداخله. من وجهة نظره، يتعامل ترامب مع النظام القانوني الإسرائيلي كما يتعامل في بلده، أي أنه يتصرف وفقا لفهمه. إن الدعم الذي يحظى به من المحكمة العليا الأميركية، ومعظم أعضائها محافظون ويشاركونه آراءه، يُمثل نقطة انطلاق له للتصرف بحرية غير مسبوقة في التاريخ الأميركي'. وتحت عنوان 'بالون اختبار' أم تأييد لنتنياهو: ما وراء 'هوس' ترامب بإلغاء المحاكمة؟ كتب المراسل السياسي لـ'يديعوت أحرونوت' إيتمار آيخنر أن تكرار ترامب دعوته لإلغاء محاكمة نتنياهو دفع المؤسسة السياسية والدبلوماسية للتساؤل عن سبب 'هوس' الرئيس بهذه القضية. وقال إنهم يتساءلون عما دفع ترامب للاستيقاظ صباحا والمطالبة بإلغاء محاكمة نتنياهو، وما علاقة ذلك بخطط ترامب لإنهاء الحرب، وإعادة الرهائن، وتوسيع اتفاقيات إبراهيم. قدرة ترامب وكتب آيخنر أن 'المؤسسة السياسية صُدمت بتغريدة ترامب الليلة، التي هدد فيها ضمنيا بتجميد المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل إذا لم تُلغَ محاكمة نتنياهو، وبالربط الذي عقده بين الأمرين. في السابق، قُدِّر أن ترامب قادر حتى على فرض عقوبات على قضاة نتنياهو، كما فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، وعلى قضاة المحكمة. ترامب يُحب سلاح العقوبات، لكن تجميد المساعدات لدولة بسبب معاملتها لرئيس وزرائها؟ لم يحدث مثل هذا من قبل'. وبعد أن يشرح آيخنر موقف معارضين يرون أن دعوة ترامب جاءت بطلب من نتنياهو يشير إلى أن 'هناك في المؤسسة السياسية من يُثير احتمال أن تكون هذه مبادرة من ترامب، من دون طلب نتنياهو، أو بعبارة أخرى نوع من 'التوبيخ' لرئيس الوزراء. المقصود هو أن ترامب يوجه رسالة إلى نتنياهو بأنه يساعده في إلغاء محاكمته، حتى لا يتمكن رئيس الوزراء من رفض طلبات الرئيس بإنهاء الحرب في غزة، وإعادة الرهائن، وتوسيع اتفاقيات إبراهام، مع كل الشروط التي سيطلبها من إسرائيل'. وفي كل حال، هناك في الحلبة السياسية الإسرائيلية من يرى في دعوة ترامب محاولة أميركية لاختبار الوضع في إسرائيل، وهو بمثابة 'بالون اختبار'، في الوقت الذي تريد فيه واشنطن معرفة ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لمثل هذه الخطوة التاريخية لإقامة دولة فلسطينية، فالدعوة لإلغاء محاكمة نتنياهو مرتبطة بهذا، وترامب يختبر حدود صلاحياته. تجدر الإشارة إلى أن لترامب أيضا 'قاعدته' الخاصة، وليس من المؤكد أنه سيرغب في إثارة غضب الإنجيليين الذين لن يرحبوا بمحاولة فرض دولة فلسطينية على إسرائيل. وأيا يكون الأمر، من الواضح أن المجتمع الإسرائيلي منقسم على نفسه تجاه دعوة ترامب وتجاه أي محاولة لتمييز نتنياهو. فالجمهور المؤيد لنتنياهو يؤيد الدعوة، بينما الجمهور الليبرالي يعارضها بشدة لأسباب كثيرة، بينها أنه حتى لو أقر نتنياهو بالذنب فإن تحريره من التهم من دون عقاب يخلق إحساسا بـ 'الإنفاذ الانتقائي' مما يضعف الردع الجماهيري. كما أن صفقة كهذه سينظر إليها كتنازل سياسي أو كضعف من جهاز القضاء، مما يمس بشكل متزايد ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة. إضافة إلى ذلك، فإن السير إلى صفقة كهذه مع شخص بمكانة نتنياهو ستطلق رسالة إشكالية إلى السياسيين والشخصيات العامة الأخرى وتخلق نمط سلوك يتمثل بانعدام المسؤولية. وأخيرا، سترى أجزاء كبيرة من الجمهور في الصفقة 'تسوية' غير عادلة، مما يخلق لديهم إحساسا بخيبة الأمل أو اليأس، بخاصة بعد سنوات طويلة جدا من الإجراءات القضائية. قضاء جبان عموما ينظر إلى أداء القضاء الإسرائيلي في محاكمة نتنياهو على أنه قضاء غير شجاع وإن لم يكن جبانا. واعتبر يوسي فيرتر في صحيفة 'هآرتس' أن دعوة ترامب هي 'القشة الأخيرة'، خصوصا أن محاكمة نتنياهو 'آخذة في التلاشي أمام أنظارنا. لم يعد من الواضح إذا كان يوجد لها أي فائدة. هذه المحاكمة تحولت إلى نكتة، أيضا في السابق هي لم تتميز بجدية كبيرة. هيئة القضاء صادقت أمس على تأجيل المحاكمة أسبوعا. وفي الأسبوع القادم سنرى ماذا سيحدث. وفي الأسبوع الذي يليه يخطط المتهم الأول، بصفته رئيس الحكومة، للذهاب إلى صديقه دونالد ترامب الذي بالتأكيد سيقول بصوته ما غرد به حتى الآن ضد المحاكمة وجهاز القضاء في إسرائيل'. وأضاف 'من المحتمل أن يكون ما فعله ترامب هو القشة الأخيرة، قبل لحظة من سحق ما بقي من احترام للمحكمة بشكل نهائي'. وأشار إلى أنه أمام أنظار جو بايدن كان هناك الخطر الذي سيحدثه الانقلاب النظامي لأمن إسرائيل'. وأضاف أن 'الرئيس الصهيوني الأخير تجند لإنقاذ إسرائيل من التفكك. ترامب في المقابل تم تجنيده لإنقاذ بيبي من التفكك على مقعد الاتهام'.


وطنا نيوز
منذ ساعة واحدة
- وطنا نيوز
ترامب لـ ماسك: لولا دعم أمريكا لأغلقت مصنعك وعدت لأفريقيا
وطنا اليوم:شنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هجوماً لاذعاً على الملياردير إيلون ماسك في تدوينة نشرت على منصة تروث سوشيال، متهماً إياه بالاعتماد بشكل كبير على الإعانات الحكومية ومهاجماً ما سمّاه 'تفويض السيارات الكهربائية' وهي إجبار الناس على شراء هذا النوع من السيارات، مضيفاً أنه كان على إدارة الكفاءة الحكومية فحص الدعم الذي تلقته شركات ماسك. وقال ترامب، إن أميركا ستوفر ثروة طائلة إذا لم نطلق الأقمار الصناعية وننتج السيارات الكهربائية. وأضاف أن ماسك كان على الأرجح سيغلق مصانعه ويعود لجنوب أفريقيا من دون الحصول على الدعم. تأتي تدوينة ترامب في سياق تصاعد التوترات بين الرجلين حول قضايا اقتصادية وسياسية خلال الفترة الماضية، وعقب توجيه ماسك انتقادا شديدا لقانون ترامب بشأن الضرائب، وتحذيره من تمويل حملات ضد أعضاء الكونغرس. وفي منشوره، لم يتوانَ ترامب عن وصف ماسك بأنه 'ربما يحصل على دعم أكثر من أي إنسان في التاريخ، وبفارق كبير'، مشدداً على أن شركات ماسك العملاقة مثل تسلا وسبيس إكس لن تتمكن من البقاء 'ولن تطلق صاروخاً واحداً أو قمراً صناعياً واحداً أو تنتج سيارة كهربائية واحدة' لو لم تحصل على هذا الدعم. وأضاف ترامب بلهجة حادة: 'لو لم يكن لديه ذلك، لكان قد أغلق متجره وعاد إلى جنوب إفريقيا'، في إشارة واضحة إلى أصول ماسك. ولم تقتصر انتقادات ترامب على الجانب المالي، بل امتدت لتشمل 'تفويض السيارات الكهربائية'، وهو ما أشار إليه على أنه 'جزء رئيسي من حملتي الانتخابية'. وأوضح ترامب وجهة نظره قائلاً: 'السيارات الكهربائية جيدة، ولكن لا ينبغي إجبار الجميع على امتلاك واحدة'. ويعكس هذا الموقف سعيه لجذب قاعدة انتخابية واسعة، خاصة تلك التي قد تشعر بالضغط من السياسات البيئية أو التي تعمل في الصناعات التقليدية المرتبطة بالوقود الأحفوري. يُظهر ترامب بذلك رفضه للتشريعات التي يعتبرها قسرية وتحد من حرية الاختيار الفردي. وفي جزء مثير للفضول من تدوينته، ألمح ترامب إلى 'DOGE دوج'، متسائلاً 'ربما يجب أن تنظر 'DOGE' بجدية في الإعانات المقدمة لماسك قائلا: أموال طائلة يمكن توفيرها!'. ويُرجح أن ترامب كان يشير هنا إلى مبادرته السابقة التي تحمل نفس الاسم، وهي اختصار لـ 'وزارة الكفاءة الحكومية' (Department Of Government Efficiency)، والتي أطلقها بهدف تقليص الهدر الحكومي وتحقيق الكفاءة. ومن خلال هذه الإشارة، يعزز ترامب صورته كشخص يسعى لترشيد الإنفاق الحكومي والتخلص من الإعانات التي يعتبرها غير مبررة أو مفرطة. ويأتي هذا الهجوم في ظل تقلبات في العلاقة بين ترامب وماسك، والتي كانت تتأرجح بين التعاون والانتقاد. ويُفهم أن التدوينة تمثل محاولة من ترامب لاستغلال الخلافات الأخيرة مع ماسك حول مشروع قانون 'الجميل الكبير'، الذي أقره ترامب، والذي انتقده ماسك بشدة. ويستخدم ترامب هذه المنصة لتعزيز سرديته السياسية، مستهدفاً في الوقت ذاته شخصية بارزة لتسليط الضوء على ما يعتبره تضارب مصالح أو استغلالاً للنظام.

السوسنة
منذ ساعة واحدة
- السوسنة
ترامب لماسك: أغلق دكانك وارجع لجنوب إفريقيا
وكالات - السوسنة صعّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من هجومه ضد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، منتقدًا تفويض المركبات الكهربائية ومتهماً ماسك بالحصول على إعانات حكومية هائلة، وصفها بأنها "الأضخم في التاريخ".وقال ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "كان ماسك يعلم منذ وقت طويل، قبل أن يعلن دعمه لي، أنني أعارض بشدة تفويض السيارات الكهربائية"، واصفًا هذا القرار بأنه "سخيف" و"جزء جوهري من حملتي الانتخابية"، مؤكداً أن "السيارات الكهربائية لا بأس بها، لكن لا ينبغي فرضها على الجميع".وأضاف: "إيلون ماسك يحصل على دعم حكومي أكثر من أي شخص آخر في التاريخ، ولو لم تكن هناك إعانات، لربما أغلق شركته وعاد إلى مسقط رأسه في جنوب إفريقيا"، مضيفًا: "لن يكون هناك مزيد من الصواريخ أو الأقمار الصناعية أو سيارات كهربائية، وسنوفر مبالغ ضخمة من المال".وفي نبرة ساخرة، دعا ترامب إلى تدخل وزارة "DOGE"، التي أشار إليها كأنها وزارة خاضعة لإشراف ماسك، لفحص هذا الدعم الحكومي، مشيرًا إلى أن "هناك أموالاً طائلة يمكن توفيرها".ورد ماسك سريعًا عبر منصة "إكس"، قائلاً: "اقطعوا كل شيء الآن"، داعيًا إلى وقف الإعانات تمامًا، وأضاف: "كل ما أطلبه هو ألا نفلس أمريكا"، متسائلًا: "ما جدوى وجود سقف للدين إذا كنا نواصل رفعه؟".الهجوم العلني يعكس تصاعد التوتر بين ترامب وماسك، ويأتي في ظل جدل داخلي محتدم حول مستقبل السيارات الكهربائية ودور الحكومة في دعم التكنولوجيا الخضراء .