
الجزائر والولايات المتحدة.. عهد جديد نحو شراكة إستراتيجية
ذلك الزخم الممزوج بتصريحات إيجابية، أكد فيها الجانبان التزامهما بتقوية التعاون في الدفاع والأمن الإقليمي، وأيضًا الاقتصاد والتجارة، عزز التوقعات بتوجه علاقات واشنطن والجزائر 'نحو شراكة إستراتيجية' في مجالات عديدة، بحسب خبيرين.
تلك التوقعات دعمتها بقوة مخرجات الزيارة التي أجراها كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، الأحد، للجزائر وامتدت يومين، والتي رسمت، وفق الخبيرين، 'ملامح الشراكة المستقبلية وفق رؤية جديدة'.
بولس: جئت إلى الجزائر بشغف، وسأغادرها بإعجاب أكبر، خاصة لما يجمع بلدينا من تعاون
ما ذهب إليه الخبيران استند أيضًا إلى التصريح الختامي لزيارة بولس للجزائر، والذي قال فيه: 'جئت إلى الجزائر بشغف، وسأغادرها بإعجاب أكبر، خاصة لما يجمع بلدينا من تعاون'.
مستشار الرئيس الأمريكي كان قد صرح أيضًا، عقب وصوله إلى الجزائر، أنه 'جاء إلى هذا البلد العربي نيابة عن الرئيس ترامب ووزير الخارجية مارك روبيو'، معبرًا عن ارتياحه لمجريات الزيارة.
وقال، في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي بموقع 'إكس'، إنه سعد بلقاء 'وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، ثم الرئيس تبون، ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب'.
وأفاد بوجود التزام واضح من قبل بلاده للتعاون مع الجزائر، في الاقتصاد والتجارة العادلة، وفي تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، مبدياً تفاؤله بمستقبل التعاون والاستثمار في الطاقة والطاقات المتجددة والمناجم.
وبعد يوم واحد من مغادرة بولس للجزائر، أعلنت السفارة الأمريكية عما أسمته 'فصلًا جديدًا في التعاون الزراعي بين البلدين'، ضمن مشروع 'بلدنا' الزراعي الذي يجمع الجزائر وقطر بقيمة 3.5 مليارات دولار.
ومشروع 'بلدنا' هو مشروع ضخم بين الجزائر وقطر، لإنتاج بودرة الحليب المجفف والألبان واللحوم، وبدأ إنجازه على مساحة شاسعة تناهز 218 ألف هكتار بعدة محافظات جنوب الجزائر.
نشاط دبلوماسي مكثف
وبالعودة قليلًا إلى الوراء، يظهر تزايد الاتصالات بين البلدين منذ انتخاب ترامب قبل نحو 9 أشهر، إذ بعث له الرئيس الجزائري، في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، رسالة تهنئة أعرب فيها عن عزمه 'العمل من أجل ترقية علاقتنا الثنائية إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحنا المشتركة'.
بدوره بعث ترامب رسالة تهنئة لنظيره الجزائري في الخامس من يوليو/تموز الجاري، بمناسبة ذكرى استقلال الجزائر (1962)، ختمها بالقول: 'إن تعاوننا اليوم في مرحلة خلق مستقبل أكثر ضمانًا وأكثر ازدهارًا للأمريكيين كما للجزائريين'.
الرئيس الجزائري: لن نكون خصماً لأحد، بل صديقاً للجميع. الجزائر يسري في دمائها عدم الانحياز
وما بين الاتصالين، تواصل البلدان بشكل لافت، حيث استقبلت الجزائر القائد السابق للقيادة الأمريكية العسكرية في إفريقيا 'أفريكوم'، الجنرال مايكل لانغلي، في يناير/كانون الثاني الماضي، توجت بتوقيع مذكرة تفاهم وُصفت بـ'الهامّة' في التعاون العسكري بين البلدين.
أساس واضح لعلاقة متينة
وبقراءة تحليلية لتصريحات المسؤولين الجزائريين والأمريكيين مؤخرًا، يتجلى وجود سعي أمريكي حثيث لرسم معالم شراكة جديدة، قائمة على وضوح الرؤية، والحد من التقديرات السابقة التي تربط الجزائر بمحور معين من محاور العلاقات الدولية، لكن الأخيرة تصر على أن تكون صديقة للجميع، وهذا لا يمنعها من إقامة الشراكات الإستراتيجية مع من تريد.
فبينما ينصح مسؤولون أمريكيون بلادهم بالاندفاع نحو 'تقوية' العلاقات مع الجزائر، قصد 'الحد من النفوذ' الروسي في شمال إفريقيا والجزائر تحديدًا، على اعتبار أنها شريك إستراتيجي تاريخي لموسكو، يصر الجانب الجزائري على موقعه كبلد متشبث بعقيدة 'عدم الانحياز'.
وكان قائد عمليات القيادة الأمريكية في إفريقيا ومرشح ترامب لتولي قيادة 'أفريكوم'، الجنرال داغفين أندرسون، وجّه دعوة لإدارة بلاده من أجل التقرب أكثر من الجزائر.
وقال، في جلسة استماع أمام الكونغرس الأسبوع الماضي: 'يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لإعادة توجيه الجزائر بعيدًا عن اعتمادها التاريخي على روسيا'، وذلك 'عبر بناء شراكة عسكرية وإستراتيجية قوية'.
لكن الجانب الجزائري، وفي مقدمته الرئيس تبون، أكد في آخر حوار له مع وسائل الإعلام المحلية، قبل أسبوعين، أن 'الجزائر يسري في دمائها عدم الانحياز'.
وأوضح أن بلاده مصممة على التمسك بعلاقاتها مع الولايات المتحدة ومع الصين ومع روسيا، قائلًا: 'لن نكون خصمًا لأحد، بل صديقًا للجميع'.
وأكد تبون أن الجزائر لن ترهن علاقاتها الخارجية لدى دولة أو معسكر دولي واحد.
غير أن تبون ذهب في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد جزائري 'ينسى وقوف الولايات المتحدة مع الجزائر إبان الثورة التحريرية (1954-1962) وإدخال واشنطن الملف الجزائري إلى الأمم المتحدة'.
وأوضح أن الولايات المتحدة كانت من بين أوائل الدول التي ساعدت الجزائر عند استقلالها سنة 1962.
ويشير الرئيس الجزائري بذلك إلى أنه ينبغي التعامل مع الجزائر كشريك موثوق ذي مبادئ خارجية واضحة، ولا ينبغي أن يُحسب على محاور دولية معينة.
ويُفهم من ذلك أن الجزائر تتطلع إلى شراكة مفيدة مع الجانب الأمريكي، تعود بالفائدة على الجانبين، وليس النظر إلى هذه الشراكة باعتبارها فرصة لتقليص العلاقات الجزائرية الروسية.
مرحلة جديدة
في هذا السياق، أوضح المختص في العلاقات الدولية علي ربيج أن العلاقات الجزائرية الأمريكية 'تتجه إلى مرحلة جديدة من التعاون'.
وقال إن 'العلاقات دائمًا ما اقتصرت على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب وقطاع الطاقة، وحتى في هذا المجال أخذت دَفعًا جديدًا بعد التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون العسكري مطلع هذا العام'.
وتابع أن تطور العلاقات 'يتماشى مع رغبة معلنة' من قبل الجزائر لتنويع الشركاء على جميع الأصعدة.
وأشار المتحدث إلى أن زيارة مستشار ترامب إلى الجزائر تؤكد 'زخمًا وفعالية أكبر للعلاقات بين البلدين، وتُعبّر عن تقدير واضح من الجانب الأمريكي للدور الجزائري في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي' (تشهد أزمات سياسية وأمنية زادت نشاط الجماعات الإرهابية).
ورأى ربيج أن التعاون الجزائري الأمريكي على الصعيد الإستراتيجي يمكن أن يُقدّم أدوات جديدة لحل الأزمات والتوتر في المنطقة، خاصة بعد تأكيد الجانبين على أهمية 'السلم الإقليمي'.
مجالات الشراكة
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف أن 'براغماتية الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب، والنظرة الجديدة للجزائر، ترسخان الاعتقاد بانتقال البلدين نحو شراكة جديدة'.
وقال هادف إن 'هناك استجابة أمريكية لمسعى الجزائر في تنويع شراكاتها الاقتصادية والتحول الاقتصادي أيضًا'، تجلت في زيارة مستشار ترامب.
وذكر أن التعاون الاقتصادي بين البلدين طالما اقتصر على الطاقة الأحفورية، 'لكنه اليوم يأخذ مساحة في مجالات جديدة كالطاقات المتجددة والمناجم، خاصة أن الجزائر تحوز على ما يسمى الأتربة النادرة' (عناصر أرضية تدخل في 200 نوع على الأقل من الصناعات الحديثة).
وأفاد هادف بأن الحضور الأمريكي بدأ يلفت الانتباه في القطاعات التي تعتبرها الجزائر أولوية لتنويع اقتصادها، على غرار الزراعة والصناعة التحويلية والصناعة الدوائية إلى جانب اقتصاد المعرفة.
الجنرال داغفين أندرسون: يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لإعادة توجيه الجزائر بعيداً عن اعتمادها التاريخي على روسيا، عبر بناء شراكة عسكرية واستراتيجية قوية
ولفت إلى أن الرسوم التي تنوي الإدارة الأمريكية فرضها على الجزائر بنسبة 30 بالمئة في مطلع أغسطس/آب المقبل، يمكن أن تتحول إلى فرصة لتعزيز التعاون التجاري على ضوء التفاهمات التي تكون قد حققتها زيارة مستشار الرئيس الأمريكي.
ولا تُشكّل الولايات المتحدة وجهة رئيسية في التجارة الخارجية للجزائر، لكن البلدين أكّدا مؤخرًا تطلعهما إلى فتح المجال أمام تنقل البضائع من كلا الاتجاهين، علاوة على استغلال الفرص المتاحة في التجارة والاستثمار.
وبشكل عام، تحوز العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة على رمزيات تاريخية، إذ تُعتبر واشنطن من أهم الدول التي دعمت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وافتتحت أول سفارة لها بالجزائر بعد استقلال الأخيرة عام 1962.
تلك العلاقات لم تشهد في ولاية ترامب الأولى (2016–2020) زخمًا دبلوماسيًا لافتًا، خاصة أنه قام بالاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وهو ما يتعارض مع موقف الجزائر الداعم لجبهة البوليساريو، كما أن العلاقات ظلت طيّ 'السكون' خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، التي استمرت حتى مطلع العام الجاري.
وفي 2007، اقترح المغرب حُكمًا ذاتيًا موسعًا في إقليم الصحراء تحت سيادته، بينما تدعو جبهة 'البوليساريو' إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.
(الأناضول)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 29 دقائق
- العربي الجديد
"أكسيوس": ترامب لا يعارض خطة نتنياهو لاحتلال قطاع غزة بالكامل
نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين في واشنطن وتل أبيب، يوم الأربعاء، قولهم إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يعارض خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشن عملية عسكرية جديدة لاحتلال قطاع غزة بالكامل، لكنه قرر عدم التدخل وترك الحكومة الإسرائيلية تتخذ القرار بنفسها. وقال مصدر مقرّب من نتنياهو للموقع: "لسنا مستعدين للبقاء في هذا الوضع المأزوم، ولسنا مستعدين للرضوخ لمطالب حماس، لذا لم يتبقَّ لنا سوى خيار واحد، وهو اتخاذ خطوة حاسمة. هذه هي الورقة الأخيرة التي نملكها". من جهته، أكّد مسؤول أميركي أن ترامب "تأثر بالفيديو الذي نشرته حماس لمحتجز لديها وهو يحفر قبره بنفسه"، ولهذا قرر ترك القرار لإسرائيل بشأن احتلال غزة. في المقابل، يعتزم البيت الأبيض التركيز في الأسابيع المقبلة على ملف التجويع في قطاع غزة، رغم أن توسيع نطاق الحرب سيجعل ذلك أكثر صعوبة، وفق ما أفاد به الموقع الأميركي. وناقش ترامب والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، خلال اجتماع عُقد مساء الاثنين في البيت الأبيض، خططًا لزيادة الدور الأميركي بشكل كبير في تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة. وصرّح مسؤول أميركي لموقع "أكسيوس" قائلاً: "لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بالمساعدة في تخفيف حدة الوضع في غزة، وتدعم الجهود المبذولة لزيادة المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تتولى مسؤولية جهود الإغاثة". أخبار التحديثات الحية ترامب يعلق على خطط إسرائيل لاحتلال قطاع غزة بالكامل وتأتي هذه الخطة في ظل تباينات داخل دوائر الحكم والجيش الإسرائيلي بشأن جدوى السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة. إذ عبّر عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير، عن تحفظهم على خطة الاحتلال، محذرين من تبعاتها الميدانية والسياسية والإنسانية، لا سيما في ظل غياب رؤية واضحة لليوم التالي. في المقابل، يضغط نتنياهو باتجاه المضي قدماً في العملية. وفي وقت سابق، رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإفصاح عمّا إذا كان يؤيد أو يعارض سيطرة إسرائيل المحتملة على قطاع غزة عسكرياً، مشيراً إلى أن تركيز إدارته ينصب حالياً على زيادة وصول الغذاء إلى القطاع. وقال ترامب في تصريحات للصحافيين أمس الثلاثاء: "في ما يتعلق ببقية الأمر، لا يمكنني القول حقاً. سيكون ذلك متروكاً إلى حد كبير لإسرائيل".


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
إيطاليا تمضي ببناء جسر بـ15.5 مليار دولار يربط صقلية بالبر الرئيسي
أعلنت وزارة النقل الإيطالية، اليوم الأربعاء، أن مشروع الجسر المزمع إنشاؤه لربط جزيرة صقلية بالبر الرئيسي الإيطالي قد تجاوز عقبة إدارية رئيسية، مما يمهّد الطريق لبدء الأعمال التمهيدية خلال الصيف الجاري، إيذانًا بانطلاق تنفيذ أطول جسر معلق في العالم. وذكرت الوزارة في بيان أن اللجنة الوزارية المشتركة المعنية بالإشراف على الاستثمارات العامة الاستراتيجية وافقت على المشروع، الذي تبلغ تكلفته نحو 13.5 مليار يورو (15.5 مليار دولار). وأكد وزير النقل، ماتيو سالفيني، أن المشروع "سيساهم في تسريع التنمية بجنوب إيطاليا"، في إشارة إلى المناطق الفقيرة اقتصاديًا مقارنة بشمال البلاد. ومن المتوقع أن تبدأ أعمال البناء الفعلية للجسر خلال العام المقبل، بعد استكمال التجهيزات التمهيدية هذا الصيف.. يربط مشروع "جسر مضيق ميسينا" بين مدينتي ميسينا في صقلية وريجّو كالابريا في البر الإيطالي، ويُعد من أكثر المشاريع المثيرة للجدل في إيطاليا على مدى العقود الماضية. فبينما يراه أنصاره مشروعًا استراتيجيًا يعزز الوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية، يرى معارضوه أنه محفوف بالمخاطر البيئية والمالية. تعود فكرة الربط بين صقلية والبر الرئيسي إلى العصر الروماني، حين ظهرت أول تصورات لبناء جسر فوق المضيق. لكن العقبات الجيولوجية – أبرزها النشاط الزلزالي في المنطقة – كانت دائمًا عائقًا أمام التنفيذ. منذ عام 1969، طُرح المشروع رسميًا عدة مرات، وتعرّض للتجميد والإلغاء بسبب تغير الحكومات، وضغوط الموازنات، والانتقادات المرتبطة بتأثيره على الحياة البحرية وخطر سيطرة عصابات المافيا على عقود التنفيذ. اقتصاد عربي التحديثات الحية إيطاليا تلمح لوساطة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لحل الخلاف التجاري وأعادت حكومة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني إحياء المشروع عام 2023، ضمن خطة قومية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الوطنية، وإغلاق الفجوة التنموية بين شمال البلاد وجنوبها، خاصة صقلية التي تعاني من ضعف شبكات النقل والاستثمار. بين الطموح السياسي والجدل البيئي، يجد مشروع جسر مضيق ميسينا نفسه مجددًا في صدارة النقاش الإيطالي. فنجاح تنفيذه قد يشكّل تحولًا بنيويًا في ربط صقلية بالاقتصاد الوطني ويعزز الاندماج الاجتماعي، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات تقنية ومالية، إضافة إلى الهواجس الأمنية والبيئية. وفي وقت تتسارع فيه خطوات التنفيذ، يبقى المشروع اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة الإيطالية على الموازنة بين التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومكافحة الفساد، في واحدة من أكثر مناطق أوروبا حساسية على المستويين الجغرافي والسياسي. (أسوشييتد برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
غوغل تستثمر مليار دولار لتدريب الجامعات الأميركية على الذكاء الاصطناعي
أعلنت شركة غوغل ، التابعة لألفابت، يوم الأربعاء، عن إطلاق مبادرة تعليمية ضخمة تستهدف قطاع التعليم العالي في الولايات المتحدة، وتتضمن استثماراً بقيمة مليار دولار على مدى ثلاث سنوات لتوفير التدريب العملي، والأدوات التقنية، والموارد السحابية، لدعم تعليم الذكاء الاصطناعي في أكثر من 100 جامعة، في خطوة وُصفت بأنها الكبرى من نوعها في تاريخ الشركة بمجال التعليم. تفاصيل المبادرة تشمل المبادرة جامعات بارزة ضمن أنظمة التعليم العام في الولايات المتحدة، مثل جامعة "تكساس إيه آند إم" وجامعة "نورث كارولينا"، إلى جانب مؤسسات غير ربحية. ومن المقرر أن تحصل الجامعات المشاركة على دعم مالي مباشر، إلى جانب خدمات الحوسبة السحابية المتقدمة التي توفرها "Google Cloud"، ومزايا تدريبية تتيح للطلاب التفاعل العملي مع أدوات الذكاء الاصطناعي. وسيتم منح الطلاب نسخاً متقدمة من روبوت الدردشة "Gemini"، أحد أبرز منتجات غوغل في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، دون مقابل مادي. وتطمح الشركة من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز مهارات الطلبة وتجهيزهم للمشاركة الفعالة في سوق العمل الذي يشهد تحوّلات متسارعة بفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي. أهداف المبادرة ورؤية غوغل صرّح جيمس مانيكا، النائب الأول لرئيس غوغل، في مقابلة مع "رويترز"، بأن الهدف الأساسي من المبادرة هو "دمقرطة الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي"، مضيفاً أن الشركة تسعى لتوسيع نطاق البرنامج ليشمل جميع الكليات غير الربحية المعتمدة في الولايات المتحدة، مع احتمالية تطبيق مبادرات مشابهة في دول أخرى. ورغم امتناعه عن الكشف عن تفاصيل توزيع الاستثمار بين التمويل النقدي والخدمات التقنية، أشار مانيكا إلى أن البرنامج صُمم ليكون شاملاً وقابلاً للتكيّف مع الاحتياجات المتباينة للمؤسسات التعليمية، سواء من حيث البنية التحتية أو مستوى الطلاب. السياق التنافسي والتكنولوجي تأتي مبادرة غوغل في وقت تشهد فيه صناعة التكنولوجيا سباقاً محموماً بين الشركات الكبرى لتعزيز وجودها في قطاع التعليم، الذي يُنظر إليه على أنه أحد الميادين المستقبلية الحاسمة للذكاء الاصطناعي. وكانت شركات مثل "OpenAI" (المدعومة من مايكروسوفت)، و"Anthropic"، و"أمازون"، قد أطلقت برامج مماثلة خلال الأشهر الماضية، لتقديم أدوات تعليمية ومنصات تدريب تعتمد على الذكاء الاصطناعي . وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت مايكروسوفت عن تخصيص 4 مليارات دولار لتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم على مستوى عالمي، ضمن شراكات مع وزارات تعليم ومؤسسات أكاديمية حول العالم. اقتصاد دولي التحديثات الحية الذكاء الاصطناعي يدفع اقتصاد تايوان إلى أعلى نمو منذ 4 سنوات الذكاء الاصطناعي والتعليم: فرص ومخاوف رغم الفرص الهائلة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة التعليم، وتعزيز الفهم الفردي للطلبة، وتوسيع إمكانية الوصول إلى المعرفة، إلا أن المخاوف لا تزال حاضرة بقوة. فقد أظهرت دراسات أكاديمية عديدة مخاوف من أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تيسير الغش، أو في تراجع مهارات التفكير النقدي والتحليل لدى الطلاب، خاصة مع الاعتماد الزائد على النماذج التوليدية. وأكد مانيكا أن غوغل لم تواجه حتى الآن أي مقاومة من إدارات الجامعات منذ بدء العمل على المبادرة في وقت سابق من العام الجاري، لكنه أقرّ بوجود "أسئلة مشروعة ومفتوحة" حول تأثير التقنية على النظم التعليمية التقليدية، مضيفاً أن الشركة ملتزمة بالعمل بشفافية مع المؤسسات الأكاديمية لمعالجة هذه الهواجس. تصاعد اهتمام الشركات بالتعليم يشكّل التعليم العالي أحد الميادين الحيوية التي تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى إلى التوسع فيها، نظراً لقدرته على تشكيل مستقبل المهارات، وتوجيه احتياجات السوق نحو تقنيات ناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، وتحليل البيانات. كما تساهم هذه المبادرات في تحسين صورة الشركات أمام الرأي العام وصنّاع القرار، وسط تصاعد الدعوات إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي ووضع أطر قانونية لاحتوائه. وتأتي هذه المبادرة أيضاً في سياق سياسي واقتصادي حساس، حيث يشكّل الذكاء الاصطناعي أحد محاور التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما يدفع واشنطن إلى الاستثمار في تطوير المواهب المحلية وتعزيز قدرتها التكنولوجية ذاتياً. مع هذه المبادرة، ترسّخ غوغل موقعها لاعبا رئيسيا في توجيه مستقبل الذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية، واضعةً بذلك نموذجاً جديداً للشراكة بين القطاعين التكنولوجي والأكاديمي. وفيما تتزايد التحديات الأخلاقية والتربوية المصاحبة لتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي، يبقى الاستثمار في التعليم حجر الزاوية في بناء استخدام مسؤول ومستدام لهذه التقنية. (رويترز، العربي الجديد)