
حرب القاع البحري.. هل تتجسس روسيا على غواصات بريطانيا النووية؟
كشفت صحيفة صنداي تايمز أنه تم العثور على أجهزة استشعار روسية يشتبه في أنها تتجسس على غواصات نووية بريطانية مخبأة في البحار المحيطة، وتستهدف أيضا قطاع الطاقة والإنترنت.
واعتبر هذا الاكتشاف تهديدا محتملا للأمن القومي البريطاني، وقد عثر على العديد من هذه الأجهزة بعد أن جرفتها الأمواج إلى الشاطئ، كما يعتقد أن البحرية الملكية عثرت على بعضها.
ومن المعتقد -كما تقول الصحيفة البريطانية- أن موسكو زرعت هذه الأجهزة لجمع معلومات استخباراتية عن غواصات فانغارد البريطانية الأربع التي تحمل صواريخ نووية، ويستند إليها ما يعرف بنظام الردع البحري المستمر للمملكة المتحدة.
وأوضحت صنداي تايمز -التي اختارت حجب بعض التفاصيل بما فيها مواقع أجهزة الاستشعار- أنها قامت بتحقيق استمر 3 أشهر، تحدثت فيه إلى أكثر من 12 وزير دفاع سابق، وإلى كبار ضباط القوات المسلحة وخبراء عسكريين، لكشف كيفية استخدام روسيا لقدراتها الحربية الفريدة تحت الماء لرسم خرائط البنية التحتية البريطانية الحيوية واختراقها، وربما تخريبها.
وقد سمح للصحيفة بوصول غير مسبوق إلى سفينة 'بروتيوس' لمراقبة أعماق البحار التابعة للبحرية الملكية، لتشاهد كيف تقود جهود مواجهة التهديدات في المياه الإقليمية.
وانضمت صنداي تايمز -للمرة الأولى- إلى كبار ضباط البحرية الذين نقلوا إلى سفينة البحرية الملكية 'بروتيوس' الراسية قبالة أقصى مدينة غرب أسكتلندا، حيث يجهّز طاقمها بخوذات مركبات تشغل عن بعد قبل الإنزال إلى قاع البحر، وحيث يوجد 12 فردا من أسراب الغوص وصيد الألغام التابعة للبحرية، وهم خبراء في البحث عن ذخائر 'العدو' واستعادتها وتدميرها في قاع البحر.
مواجهة شرسة
وقد بدأت روسيا في تمهيد الطريق لصراع أوسع نطاقا مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وانخرطت -حسب الصحيفة- في عمليات مراقبة وتخريب لشبكات الإنترنت تحت الماء وأنابيب الطاقة والكابلات العسكرية، قبل أن يرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دباباته إلى أوكرانيا بـ3 سنوات.
وكان تفجير خط أنابيب الغاز 'نورد ستريم' عام 2022 أول حادث كبير، ويؤكد مطلعون على شؤون البحرية الملكية البريطانية أن 'دقته العسكرية' تحمل جميع سمات عملية 'المنطقة الرمادية' التي ينفذها الكرملين.
وخلال 15 شهرا الماضية، تضرر ما لا يقل عن 11 كابل إنترنت في بحر البلطيق، وقد انصبت الشكوك -حسب صنداي تايمز- على أسطول روسيا الخفي من ناقلات النفط القديمة. وقد استجابت قوة الاستطلاع المشتركة، وهي مجموعة من دول شمال أوروبا ودول البلطيق بقيادة المملكة المتحدة، بتفعيل ما يسمى 'نورديك واردن' وهو نظام رد فعل يستخدم الذكاء الاصطناعي لتتبع مواقع أسطول روسيا الخفي.
وأضاف مسؤول عسكري بريطاني رفيع قائلا 'لا شك أن هناك حربا مستعرة في المحيط الأطلسي، إنها لعبة القط والفأر منذ نهاية الحرب الباردة، وهي الآن تشتعل من جديد. إننا نشهد نشاطا روسيا هائلا'.
وعندما عادت السفينة الروسية 'يانتار' إلى القنال الإنجليزي في يناير/كانون الثاني، أذن وزير الدفاع جون هيلي لسفينتي 'إتش إم إس سومرست' و'إتش إم إس تاين' بتتبعها من مسافة أقرب، بينما راقبت غواصة 'إتش إم إس أستوت' التي تعمل بالطاقة النووية السفينة سرا من الأسفل قبل أن تطفو إلى جانبها، وقد لاقى هذا الموقف الأكثر عدوانية ترحيبا واسعا في البحرية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، عثر على 'يانتار' في البحر الأيرلندي تتسكع بالقرب من كابلات تحمل بيانات لشركتي مايكروسوفت وغوغل، وهي مجهزة بغواصتين صغيرتين قادرتين على الوصول لأعماق تصل إلى 6 آلاف متر، تمكنها من تحديد مواقع البنية التحتية ورسم خرائطها، بالإضافة لقطع الكابلات باستخدام أذرع التلاعب أو التنصت عليها للحصول على معلومات.
حرب قاع البحر
وتمتلك روسيا قدرات أخرى -حسب الصحيفة- حيث كشفت 3 مصادر دفاعية رفيعة أن معلومات استخباراتية موثوقة قبل غزو أوكرانيا، أفادت بأن يخوتا فاخرة مملوكة لأثرياء ربما استخدمت لإجراء عمليات استطلاع تحت الماء حول بريطانيا.
وروى وزير سابق كيف أجبرت سفينة الهجوم البرمائية 'إتش إم إس ألبيون' عام 2018 على مغادرة الميناء قبل الأوان في قبرص، عندما اقترب منها يخت فاخر ضخم تابع لأحد الأثرياء، واشتبهت البحرية في وجوده لمراقبة 'ألبيون' سرا 'فتحركت بسرعة كبيرة'.
وسلط هجوم 'نورد ستريم' الضوء على هشاشة إمدادات الطاقة بالمملكة المتحدة، حيث يأتي ما يقرب من خمسها الآن من مزارع الرياح البحرية، وتنقل الكهرباء المولدة من هذه التوربينات إلى البر الرئيسي عبر كابلات بحرية، كما تنقل أنابيب النفط والغاز من النرويج، ويمكن قطعها بسهولة.
وقال مسؤول عسكري رفيع 'إذا قطعت هذه الأنابيب، فستفقد تلك الطاقة، ومثلها كابلات الإنترنت الستون التي تربط بريطانيا ببقية العالم، إذ يسهل قطعها، وهي تستخدم بشكل خاص لنقل البيانات المصرفية عبر المحيط الأطلسي، وهي جزء لا يتجزأ من عمل الأسواق المالية الغربية.
غير أن ما يثير القلق أكثر هو قدرة روسيا على تحديد أو اختراق أو تدمير الكابلات العسكرية الحيوية لعملياتها حول العالم، وقال مصدر رفيع 'هناك كابلات غير معلنة. الروس لديهم القدرة على قطع الكابلات العسكرية'.
وفي السنوات الأخيرة، عثرت البحرية البريطانية على عدد من أجهزة الاستشعار في البحار المحيطة ببريطانيا، وتعتقد وزارة الدفاع أن موسكو زرعتها هناك لرصد تحركات غواصات فانغارد البريطانية الأربع التي تشكل معا الردع النووي البحري الدائم للمملكة المتحدة.
ولم يتضح نوع أجهزة الاستشعار التي عثر عليها بعد أن جرف الماء العديد منها إلى الشاطئ، ولكن تم تحديد المزيد منها باستخدام أسطول سفن كشف الألغام التابع للبحرية الملكية.
ويعتبر اكتشاف المملكة المتحدة أدلة على نشاط روسي آخر أمرا سريا للغاية، وقال مصدر بريطاني رفيع إن 'الأمر يشبه سباق الفضاء' في عالم محاط بالسرية والخداع، ومن الصعب للغاية الحصول على وضوح مطلق، لكن هناك ما يكفي من الدخان للإشارة إلى أن هناك شيئا ما مشتعلا في مكان ما.
اللحاق بالركب
عام 2021، التزمت المراجعة المتكاملة، وهي وثيقة رئيسية تحدد أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية للمملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بشراء سفينة مراقبة لحماية البنية التحتية الحيوية تحت الماء في المملكة المتحدة، ولتمكين السلطات من فهم حجم التهديد بشكل أفضل.
وبعد عامين، اشترت وزارة الدفاع سفينة دعم بحرية نرويجية للمياه العميقة مقابل 70 مليون جنيه إسترليني، وقد عدلت اسمها إلى 'بروتيوس' قبل أن تدخل الخدمة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويضم طاقم السفينة الدائم حوالي 30 بحارا مدنيا من الأسطول الملكي المساعد، وهو الذراع التجاري للبحرية، ولكن السفينة تدار في النهاية من قبل فرق بحرية متخصصة، والحياة على متنها مرهقة، ومن المتوقع أن تكون في البحر 330 يوما في السنة.
وقبل أسبوع من زيارة صنداي تايمز، وصل أفراد من فرق كشف الألغام واستغلال التهديدات التابعة للبحرية لأول مرة، وكان من بينهم سرب الأشعة السينية، وكانت الفرق تتدرب على إحدى أحدث معداتها، وهي مركبة ذاتية القيادة مزودة بكاميرا عالية الدقة على مقدمتها، وأنظمة سونار متطورة على جانبيها كأجنحتها.
وقال الكابتن سيمون بريسدي وهو أحد كبار الضباط المشاركين في الزيارة 'دورنا هو دحر أي تهديدات للمملكة المتحدة، وإخراجها من المنطقة الرمادية، ونقوم بذلك من خلال فهم الجهات المتورطة وتقديم الأدلة اللازمة لتجنب أي سوء فهم، ومحاسبة من يهددون المملكة المتحدة على أفعالهم'.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع 'نحن ملتزمون بتعزيز أمن البنية التحتية البحرية الحيوية. وإلى جانب حلفائنا في حلف الناتو وقوة المشاة المشتركة، نعزز استجابتنا لضمان عدم قدرة السفن والطائرات الروسية على العمل بسرية بالقرب من المملكة المتحدة أو بالقرب من أراضي الناتو، وتسخير تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، وتنسيق الدوريات مع حلفائنا'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ يوم واحد
- الميادين
الكرملين: لم نتفق بعد على مكان انعقاد الجولات المقبلة مع أوكرانيا
أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو وكييف لم تتفقا بعد على مكان انعقاد الجولات المقبلة من المحادثات. وأشار بيكسوف، رداً على سؤال لوكالة "تاس"، إلى أن هذا القرار لا يمكن أن يتخذه طرف واحد، بل يتطلب موافقة الطرفين". وأضاف: "عندما يحين الوقت، سيُتخذ هذا القرار تلقائياً". اليوم 14:55 اليوم 14:28 ورجح دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة "بلومبرغ"، أن الجولة الثانية من المحادثات المباشرة بين الطرفين قد تُعقد الأسبوع المقبل. ووفقاً للوكالة، يُناقش الفاتيكان كمكان محتمل للمحادثات، إلا أن مسؤولين أوروبيين أفادوا بعدم وجود اتفاقات واضحة بشأن مكان الاجتماع بين الوفود. ويتواصل ممثلون أميركيون مع الجانب الأوكراني للتحضير للجولة المقبلة من المفاوضات مع روسيا. وأوضحت مصادر بلومبرغ أيضاً أن واشنطن تُشير إلى موسكو بأنها تُفضل عدم المشاركة في اجتماع جديد مع الممثلين الروس الذين اتخذوا موقفاً تفاوضياً صارماً ضد كييف. ولفتت إلى أن روسيا تعتبر إسطنبول المكان المثالي لمواصلة المفاوضات. وكان الكرملين قد أشار منذ أيام إلى أن موسكو وكييف تواجهان "اتصالات معقدة" لصياغة مذكرة سلام ووقف إطلاق نار. ويوم الجمعة الماضي، انطلقت الاجتماعات الثلاثية بين روسيا وأوكرانيا في تركيا، للمرّة الأولى منذ العام 2022، بناءً على اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.


المركزية
منذ 3 أيام
- المركزية
بوتين من كورسك: الجيش الأوكراني يحاول اختراق الحدود
زار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء، مقاطعة كورسك، في أول زيارة له إلى المقاطعة منذ إعلان تحريرها الكامل من القوات الأوكرانية، حسبما أكد بيان صادر عن الكرملين. وكان بوتين قد زار المقاطعة في آذار الماضي، عقب تنفيذ عملية 'بوتوك' بنجاح، وهي العملية التي مكّنت القوات الروسية من التوغل في عمق مواقع القوات الأوكرانية داخل كورسك. كما قام بوتين خلال الزيارة بتفقد موقع بناء محطة كورسك للطاقة النووية-2 في مدينة كورشاتوف. وخلال الزيارة، عقد الرئيس الروسي اجتماعاً مع ممثلي منظمات المتطوعين، كما التقى القائم بأعمال حاكم مقاطعة كورسك، ألكسندر خينشتيين.


IM Lebanon
منذ 3 أيام
- IM Lebanon
بوتين من كورسك: الجيش الأوكراني يحاول اختراق الحدود
زار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء، مقاطعة كورسك، في أول زيارة له إلى المقاطعة منذ إعلان تحريرها الكامل من القوات الأوكرانية، حسبما أكد بيان صادر عن الكرملين. وكان بوتين قد زار المقاطعة في آذار الماضي، عقب تنفيذ عملية 'بوتوك' بنجاح، وهي العملية التي مكّنت القوات الروسية من التوغل في عمق مواقع القوات الأوكرانية داخل كورسك. كما قام بوتين خلال الزيارة بتفقد موقع بناء محطة كورسك للطاقة النووية-2 في مدينة كورشاتوف. وخلال الزيارة، عقد الرئيس الروسي اجتماعاً مع ممثلي منظمات المتطوعين، كما التقى القائم بأعمال حاكم مقاطعة كورسك، ألكسندر خينشتيين.