
الغموض يلفّ مصير متحف الريف والإستياء يتصاعد في الأوساط المحلية
فكري ولد علي – هبة بريس
بعد أكثر من 13 سنة على إطلاقه، عاد مشروع متحف الريف إلى الواجهة مجددًا، حيث بدأت بعض الأصوات تطالب بالكشف عن مآل المشروع والوقوف على أسباب تعثره الطويل، ويُذكر أن هذا المشروع، الذي يشكل ركيزة أساسية لحفظ الذاكرة الجماعية وتعزيز الإنصاف الرمزي بمنطقة الريف، كان من المفترض أن يكون منطلقًا ثقافيًا مهمًا في شمال المغرب، خاصة في ظل الدعم الرسمي والتمويلات الأولية التي رافقته منذ انطلاقه.
وكان مشروع متحف الريف قد انطلق في يونيو 2011 خلال ندوة علمية دولية نظّمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالحسيمة، بهدف حفظ الذاكرة الجماعية وتعزيز الإنصاف الرمزي بمنطقة الريف، وقد تميزت الندوة بتلاوة رسالة ملكية سامية دعت إلى تثمين التراث الثقافي، وتوّجت بتوقيع اتفاقيات شراكة مع وزارة الثقافة والسلطات المحلية، بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي يُقدَّر بأربعة ملايين درهم، ما شكّل بداية واعدة لهذا المشروع الثقافي الهام.
وفي عام 2013، بدأت الأشغال التحضيرية لاختيار مقر الباشوية القديمة وسط الحسيمة موقعًا للمتحف، نظرًا إلى رمزيته التاريخية العميقة، شملت هذه المرحلة تثبيت وتأمين البناية وإعداد التصاميم الهندسية، إلا أن الورش توقف فجأة لأسباب لم يُعلن عنها رسميًا، ما أدخل المشروع في حالة غموض استمرت أكثر من عشر سنوات، وسط غياب توضيحات أو تقدم ملموس.
وعلى الرغم من هذا التوقف الطويل، عاد المشروع إلى واجهة النقاش في أكتوبر 2020، خلال اجتماع رسمي بمقر عمالة الحسيمة حضره ممثلون عن وزارتي الداخلية والثقافة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، خلال هذا اللقاء، تم عرض تصور جديد يتضمن توسيع الفضاء وإعداد سينوغرافيا حديثة، مع تخصيص ميزانية تزيد عن 13 مليون درهم، تشمل التأهيل العمراني وتجهيز قاعات العرض، مما أعاد الأمل في استئناف العمل.
جهود الإحياء تواصلت في فبراير 2023، حين تم الإعلان عن إعادة إطلاق المشروع ضمن تصور موسع بإشراف الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، وتم الإعلان عن اعتماد مالي جديد تجاوز 13 مليون درهم، موجه لإعادة تصميم وتأهيل البناية وتشييد ملحق إداري ومتحفي يليق بطبيعة المشروع ووظيفته الثقافية والتاريخية، وهو ما اعتُبر خطوة مهمة لتحريك الورش المتعثر.
غير أن هذه التحركات لم تمر دون جدل، إذ في يونيو 2024 أثار اقتراح تغيير اسم المشروع من 'متحف الريف' إلى 'متحف الحسيمة' موجة استنكار بين فعاليات المجتمع المدني، اعتبرت هذه الجهات أن التغيير يهدد الطابع الجهوي للمتحف ويمس بهويته الثقافية والتاريخية، مطالبين باحترام رمزية المشروع وفتح تحقيق حول أسباب التأخير وتأثيرها على سير صرف الاعتمادات المالية.
ورغم كل هذه التطورات، لم يتم تسجيل أي تقدم ميداني ملموس حتى منتصف 2025، ما أثار تساؤلات جدية حول مدى جدية التزام الجهات المعنية، فقد ساهم غياب الجدولة الزمنية الواضحة وقلة التواصل مع الرأي العام في استمرار حالة التعليق، رغم أن المشروع يُعتبر من الالتزامات الرسمية في إطار المصالحة مع الذاكرة الجماعية للريف.
في هذا السياق، يرى ناشطون أن التأخر لا يقتصر على عوامل تقنية، بل يعكس إشكالات أعمق تتعلق بمكانة الثقافة والذاكرة في السياسات العمومية، لا سيما في الجهات الشمالية، ويشددون على أن إخراج هذا المشروع إلى أرض الواقع يمثل خطوة أساسية لتثمين تاريخ وموروث الريف، وتعزيز الهوية الثقافية للمنطقة.
ويبقى متحف الريف، على الرغم من كل العراقيل، مشروعًا استراتيجيًا يُنتظر منه أن يُفعّل دوره في توثيق التاريخ الوطني، وتعزيز الانتماء المجتمعي، وفتح آفاق جديدة للبحث والتربية والترويج الثقافي، وتظل الحاجة ملحّة لوضع رؤية واضحة وجدول زمني دقيق لإنجازه، على عاتق المؤسسات المسؤولة، للخروج بالمشروع من دائرة الانتظار والتعثر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
فاس تحتضن النسخة الخامسة من المنتدى الاقتصادي فاس-مكناس بحضور شخصيات بارزة (فيديو)
هبة بريس – ع. محياوي انطلقت، مساء اليوم الخميس 19 يونيو الجاري، بمدينة فاس فعاليات النسخة الخامسة من المنتدى الاقتصادي فاس-مكناس، في أجواء متميزة جمعت نخبة من المسؤولين والفاعلين في الشأن الاقتصادي. وحضر هذا الموعد البارز السيد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، إلى جانب السيد عبد الغني الصبار، والي جهة فاس-مكناس بالنيابة، وعدد من ممثلي المؤسسات العمومية والمنتخبة، وكذا فاعلين اقتصاديين ومهنيين وممثلي المجتمع المدني وعمال الجهة. وتميزت هذه الدورة بحضور لافت لمدير المركز الجهوي للاستثمار بجهة فاس-مكناس، الذي بصم منذ تعيينه على أداء فعّال ساهم في معالجة عدد من الملفات العالقة، ودفع بعجلة الاستثمار نحو الأمام. المنتدى الذي أصبح تقليدًا اقتصاديًا سنويًا بالجهة، يهدف إلى تعزيز جاذبية فاس-مكناس كوجهة استثمارية واعدة، وفتح المجال أمام شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص، في أفق بناء نموذج اقتصادي جهوي مستدام. وقد برمج المنظمون ورشات عمل وجلسات نقاش تفاعلية حول قضايا محورية تهم مستقبل الجهة، أبرزها التحول الصناعي، الاقتصاد الأخضر، الرقمنة، ودعم المقاولات والشراكات الدولية. في كلمته الافتتاحية، شدد الوزير رياض مزور على أن الجهوية المتقدمة تمثل رافعة أساسية لتحقيق تنمية مندمجة، مشيرًا إلى المؤهلات التي تزخر بها جهة فاس-مكناس والتي تؤهلها لتكون قطبًا اقتصاديًا تنافسيًا على الصعيد الوطني. من جانبه، أكد الوالي عبد الغني الصبار على أهمية المنتدى كفضاء لتلاقي الأفكار والمشاريع، مبرزًا انخراط سلطات الجهة في دعم كل المبادرات التي تخلق قيمة مضافة وتوفر فرص شغل جديدة. وبهذا، يؤكد منتدى فاس-مكناس الاقتصادي مرة أخرى مكانته كحدث وطني وجهوي بامتياز، يعكس دينامية تنموية متسارعة، ويجسد رغبة جماعية في بناء اقتصاد جهوي قوي، متكامل، ومفتوح على العالم.


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
هل استنسخت المنصوري مشروع بنعبد الله للسكن الموجه للكراء؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة على مر السنوات، ظل قطاع الإسكان في المغرب يواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها ارتفاع أسعار العقارات وندرة العروض المناسبة للفئات المتوسطة والشباب، في سياق هذا الواقع، أعلنت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان عن إطلاق طلب عروض دولي يتعلق بإعداد دراسة تقنية ومالية لبرنامج السكن الإيجاري المتوسط، الذي يهدف إلى توفير سكن موجه للكراء بإيجارات مضبوطة، وسط مدن تتسم بضغط عمراني واقتصادي متزايد مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة، لكن ما يثير التساؤل هو ما إذا كان هذا المشروع هو مجرد استنساخ لمشروع مشابه كان قد طرحه الوزير السابق نبيل بنعبد الله قبل أكثر من عقد من الزمن، في فترة حكومة بنكيران. – مشروع بنعبد الله: بداية الفكرة في عام 2012، وبالتحديد خلال الولاية الأولى لحكومة عبد الإله بنكيران، قدم وزير السكنى والسياسة المدينة، نبيل بنعبد الله، مشروعًا يقضي بإحداث قانون للسكن الموجه للكراء، كان الهدف حينها توفير وحدات سكنية موجهة للطبقات المتوسطة، على أن تكون الإيجارات مناسبة، في إطار جهد حكومي لتحفيز المنعشين العقاريين على الاستثمار في هذا النوع من السكن. المشروع تضمن حوافز ضريبية، وضمانات قانونية تسهل العلاقة بين المالك والمستأجر، وكان بمثابة تجربة جديدة تهدف إلى إحداث نوع من التوازن بين الرغبة في التملك والطلب المتزايد على الإيجار. ورغم الإعلانات الرسمية، فإن المشروع لم يجد تجاوبًا من المنعشين العقاريين، الذين اعتبروا أن المردودية التجارية للإيجار أقل جاذبية مقارنة مع الاستثمارات الأخرى في السكن الاجتماعي أو الاقتصادي، ورغم إقرار الحكومة آنذاك بتعديل السومة الكرائية وتحفيزات إضافية، إلا أن المشروع اصطدم بعدم وجود ثقافة قوية للكراء في المغرب، حيث تفضل غالبية الأسر التملك بدلاً من الإيجار. – المشروع الحالي: استمرار للمسعى أم استنساخ؟ اليوم، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمن، يجدنا أمام إعلان جديد عن إطلاق برنامج السكن الإيجاري المتوسط، الذي يعكس بدوره رغبة الحكومة في تقديم حلول سكنية للفئات المتوسطة. ومع تشابه الأهداف والتوجهات بين المشروعين، تبرز بعض التساؤلات حول ما إذا كان المشروع الجديد هو مجرد استنساخ للمشروع الذي تقدم به بنعبد الله قبل سنوات، أم أن هناك إضافة حقيقية على مستوى التنفيذ والتوجهات السياسية. في سياق المشروع الحالي، يتم الحديث عن توفير سكن موجه للكراء في المدن الكبرى، مع التركيز على إيجارات مضبوطة تتراوح بين كلفة السوق الحرة والسكن الاجتماعي، وهو ما يتماشى مع الفكرة التي طرحها بنعبد الله في البداية. إلا أن هذه المرة، يظهر أن هناك وعيًا أكبر بحاجة لخلق مناخ قانوني وتنظيمي يضمن نجاح هذا المشروع. – مقارنة بين المشروعين: ما الجديد؟ من خلال مقارنة بين المشروعين، نجد أن الفكرة الأساسية ما زالت كما هي: توفير سكن موجه للكراء للأسر ذات الدخل المتوسط، والذي من شأنه تخفيف الضغط على سوق التملك. لكن مع مرور الوقت، يبدو أن المنهجية التي يتبعها المشروع الحالي تتضمن تحسينات على مستوى عدة جوانب: – الدراسة التقنية والمالية: تم الإعلان عن تخصيص 3.5 مليون درهم لدراسة جدوى المشروع، وهو ما يظهر رغبة في تفصيل أكثر دقة للمشروع من الناحية الفنية، وهو ما لم يتحقق في عهد بنعبد الله. تحفيز الاستثمار الخاص: المشروع الجديد يبدو أنه يعتمد على إشراك أكبر للقطاع الخاص، مع ضمانات قانونية وتشريعية أكبر، ما يعكس محاولة لتجاوز الإشكالات التي كانت قائمة في السابق. لكن يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى استعداد المنعشين العقاريين للانخراط الفعلي في هذا المشروع. – - التحديات الاقتصادية: بينما كان مشروع بنعبد الله يواجه تحديات تتعلق بالثقافة المغربية التي تفضل التملك، يبدو أن المشروع الحالي يراهن على الجوانب الاقتصادية الأكثر مرونة، مثل إمكانية التدرج من الإيجار إلى التملك عبر برامج كالادخار الإيجاري. لكن تبقى إمكانية تفعيل هذا النموذج مرهونة بكيفية تطوير الشروط القانونية والتمويلية. – هل هو استنساخ؟ في النهاية، يمكن القول إن المشروع الحالي يعكس تطورًا وتراكمًا لما بدأه مشروع بنعبد الله، لكنه ليس مجرد استنساخ. بل إن هذه المرة هناك إدراك أكبر للتحديات الاقتصادية والقانونية التي قد تواجهه، مع محاولات لتحسين الشروط الجاذبة للاستثمار الخاص، لكن النجاح يبقى مرهونًا بعوامل عدة، منها تفعيل قوانين الإيجار المنظم وتوفير الشروط المحفزة للقطاع الخاص والمستثمرين العقاريين. ورغم أن المشروعين يتقاطعان في الهدف الأساسي، فإن تنفيذ المشروع الحالي يتطلب تجاوز العقبات التي حالت دون نجاح سابقه، وهو ما قد يجعل من السكن الموجه للكراء أحد الحلول الممكنة للأزمة السكنية في المغرب بشرط وجود إرادة سياسية قوية لتفعيل هذا النوع من البرامج.


كش 24
منذ 3 ساعات
- كش 24
واردات الفواكه والخضروات المغربية تكتسح الأسواق الأوروبية وتثير القلق
يشهد سوق الأغذية في أوروبا تحولًا ملحوظًا مع تزايد المخاوف حول قدرة المنتجات المحلية على مواجهة المنافسة المتصاعدة من الواردات الزراعية المغربية. وفي إسبانيا على وجه الخصوص، تصاعدت أصوات المزارعين الذين يطالبون بحماية الإنتاج المحلي في ظل الزيادة السريعة في واردات الفواكه والخضروات من المغرب. وأبرزت صحيفة "El Economista" الإسبانية قلق الفلاحين المحليين من ما وصفوه بـ"الزحف الفلاحي المغربي"، بعد تسجيل نمو ملحوظ في كميات الفواكه والخضروات الطازجة القادمة من المغرب خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث ارتفعت الواردات بنسبة 24%، وزادت قيمتها المالية بحوالي 23% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ولا تقتصر هذه الظاهرة على السوق الإسبانية فقط، بل تشير البيانات إلى تزايد حضور المنتجات الزراعية المغربية في المتاجر الأوروبية بشكل عام، حيث بات المغرب أحد المزودين الرئيسيين للقارة الأوروبية، مستفيدًا من إنتاجه لمحاصيل ذات جودة مقبولة وأسعار تنافسية. وتتصدر الطماطم المغربية قائمة أكثر المنتجات استيرادًا من قبل الاتحاد الأوروبي، تليها الفلفل الحلو والفاصولياء الخضراء. ففي إسبانيا تحديدًا، قفزت واردات الخضروات المغربية من 24 ألف طن إلى أكثر من 32 ألف طن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بينما ارتفعت قيمتها المالية من 33 مليون يورو إلى 52 مليون يورو. هذا التطور أثار مخاوف الفلاحين الإسبان الذين يرون في هذه الأرقام تهديدًا مباشرًا لإنتاجهم المحلي، مؤكدين أن الاتفاقيات التجارية الحالية لم تضمن شروط منافسة عادلة. وأوضحت الصحيفة أن الأسعار المحددة في اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لم تحقق الهدف المتمثل في حماية السوق الأوروبية من الإغراق. وفي مواجهة هذا الواقع، يطالب الفلاحون الإسبان والأوروبيون بمراجعة القوانين التجارية وفرض معايير جودة وإنتاج مماثلة على الواردات كما هو الحال مع المنتجات المحلية. ويحذرون من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى مزيد من تهميش القطاع الزراعي الأوروبي، ولا سيما الإسباني، في المستقبل القريب.