
وادي السيليكون.. ومنعطف الذكاء الاصطناعي
في يومه الثاني بعد توليه منصبه العام الحالي، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه المطلق لصناعة التكنولوجيا، وأعلن، وهو يقف على منصة بجوار قادة التكنولوجيا، عن مشروع «ستارغيت»، الذي يعتبر خطة لضخ 500 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة على مدى أربع سنوات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وبالمقارنة بذلك، أنفقت مهمة أبولو، التي أرسلت أول رجال إلى القمر، حوالي 300 مليار دولار بأسعار اليوم على مدى 13 عاماً.
وقد قلل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» OpenAI، من شأن هذا الاستثمار، قائلاً: «يبدو المبلغ ضخماً للغاية الآن. أراهن أنه لن يبدو بهذا الحجم بعد بضع سنوات». وعلى مدى العقد الذي راقبت فيه وادي السيليكون، كمهندسة في البداية ثم كصحفية، شاهدت تحوّل الصناعة إلى نموذج جديد. ولطالما استفادت شركات التكنولوجيا من دعم الحكومة الأميركية الودي، إلا أن إدارة ترامب في شهورها الأولى أوضحت أن الدولة ستمنح الآن قوة دفع جديدة لطموحات هذه الصناعة. وكان إعلان مشروع «ستارغيت» مجرد إشارة واحدة، بينما كان مشروع قانون الضرائب الجمهوري الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي إشارة أخرى، والذي يمنع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر القادمة. ولم تعد شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة الرائدة مجرد شركات متعددة الجنسيات، بل إنها تنمو لتصبح إمبراطوريات حديثة. ومع حصولها على دعم كامل من الحكومة الفيدرالية، ستتمكن قريباً من إعادة تشكيل معظم مجالات المجتمع كما تشاء، من السياسة إلى الاقتصاد إلى إنتاج العلوم.
وكانت ثروة الصناعة ونفوذها يتوسعان بالفعل في وادي السيليكون قبل 10 سنوات، وكان لدى عمالقة التكنولوجيا مهام عظيمة، على سبيل المثال مهمة جوجل «نظيم معلومات العالم»، والتي استخدموها لجذب العمال الشباب والاستثمار الرأسمالي. لكن مع التعهدات بتطوير الذكاء الاصطناعي العام، أو ما يُعرف بـ «A.G.I»، تحولت تلك المهمات العظيمة إلى مهمات حضارية.
وتزعم الشركات أنها ستنقل البشرية إلى عصر جديد من التنوير، وأنها وحدها من تمتلك الوضوح العلمي والأخلاقي للسيطرة على تقنية، بحسب زعمها، ستقودنا إلى الجحيم إذا طورتها الصين أولاً. ويقول داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة «أنثروبيك»، وهي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي: «يجب أن تمتلك شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى نماذج أفضل من تلك الموجودة في الصين إذا أردنا النجاح». ويبدو ذلك بعيد المنال، كما أن وادي السيليكون له تاريخ طويل من الوعود التي لم تتحقق.
إلا أن الرواية التي تقول إن الذكاء الاصطناعي العام قريب، وسيجلب «ازدهاراً هائلاً»، كما كتب ألتمان، تقود الشركات بالفعل إلى جمع رؤوس أموال ضخمة، والمطالبة بالبيانات والكهرباء، وبناء مراكز بيانات هائلة تسهم في تسريع أزمة المناخ. وستعزز هذه المكاسب نفوذ وقوة شركات التكنولوجيا وتضعف حقوق الإنسان حتى بعد أن يزول بريق وعود الصناعة. ويمنح السعي وراء الذكاء الاصطناعي العام الشركات غطاءً لجمع بيانات أكثر من أي وقت مضى، مع ما يترتب على ذلك من آثار عميقة على خصوصية الأفراد وحقوق الملكية الفكرية.
وقبل الاستثمار بكثافة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، جمعت شركة «ميتا» بيانات من أربعة مليارات حساب، قبل أن تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكنها لم تعد ترى أن هذا الكم من البيانات كافٍ. ولتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها، قامت الشركة باستخراج بيانات «الإنترنت» دون مراعاة تُذكر لحقوق النشر، بل وطرحت فكرة شراء شركة دار النشر «سايمون آند شوستر» لتلبية متطلبات البيانات الجديدة. ويدفع هذا الاتجاه الشركات إلى زيادة استهلاكها للموارد الطبيعية، حيث أشارت التقديرات الأولية لمشروع «ستارغيت» إلى أن حاسوبها العملاق للذكاء الاصطناعي قد يحتاج إلى طاقة تعادل استهلاك ثلاثة ملايين منزل. وتتوقع مؤسسة «ماكنزي» الآن أنه بحلول عام 2030، سيتعين على الشبكة الكهربائية العالمية أن تضيف طاقة تعادل ما بين مرتين إلى ست مرات القدرة التي احتاجت إليها ولاية كاليفورنيا بأكملها في عام 2022، فقط لمواكبة وتيرة توسع وادي السيليكون. ووصفت «ماكنزي» هذه الأرقام بأنها «استثمارات هائلة في أي سيناريو».
وقال أحد موظفي «أوبن إيه آي»، إن الشركة تعاني نقصاً في الأراضي والكهرباء. وفي الوقت نفسه، تضاءل عدد الخبراء المستقلين في مجال الذكاء الاصطناعي القادرين على محاسبة وادي السيليكون. ففي عام 2004، لم ينضم إلى القطاع الخاص سوى 21% من خريجي برامج الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي. أما في عام 2020، فقد ارتفعت هذه النسبة إلى نحو 70%، بحسب إحدى الدراسات.
وقد اجتذبهم وعد الرواتب التي قد تتجاوز بسهولة حاجز المليون دولار سنوياً، ما يسمح لشركات مثل «أوبن إيه آي» باحتكار المواهب. وقد تقوم شركات الذكاء الاصطناعي بالفعل بمراقبة الأبحاث المهمة حول عيوب ومخاطر أدواتها. وقبل أربع سنوات، أعلن قادة فريق «غوغل» الأخلاقي للذكاء الاصطناعي أنهم أُقيلوا بعد أن كتبوا ورقة بحثية أثارت تساؤلات حول التركيز المتزايد للصناعة على نماذج اللغة الكبيرة، وهي التقنية التي تدعم «شات جي بي تي» ومنتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية الأخرى. وتمر تلك الشركات بمنعطف حاسم، فمع انتخاب ترامب، ستبلغ قوة وادي السيليكون آفاقًا جديدة، لاسيما بعد أن عيّن ترامب الملياردير المغامر ديفيد ساكس، وهو مستثمر في الذكاء الاصطناعي، في منصب قيصر الذكاء الاصطناعي، كما اصطحب ترامب مجموعة من المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا في رحلته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية.
وإذا صوّت «الجمهوريون» في مجلس الشيوخ على منع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي لمدة 10 سنوات، فسيتم ترسيخ حصانة وادي السيليكون في القانون، مما يعزز وضع هذه الشركات كإمبراطوريات. ويتجاوز تأثير تلك الشركات نطاق الأعمال التجارية بكثير، فنحن الآن أقرب من أي وقت مضى إلى عالم تستطيع فيه شركات التكنولوجيا الاستحواذ على الأراضي، وإدارة عملاتها الخاصة، وإعادة تنظيم الاقتصاد، وإعادة صياغة سياساتنا كما نشاء دون عواقب تُذكر. إلا أن ذلك له ثمن، فعندما تسود الشركات، يفقد الناس قدرتهم على التعبير عن آرائهم في العملية السياسية، ولا تصمد الديمقراطية. إلا أن التقدم التكنولوجي لا يتطلب من الشركات أن تتصرف كالإمبراطوريات.
فبعض أكثر إنجازات الذكاء الاصطناعي تأثيرًا لم يأتِ من عمالقة التقنية الذين يسابقون الزمن لتقليد الذكاء البشري، بل من تطوير نماذج بسيطة غير مكلفة وموفرة للطاقة لأداء مهام محددة، مثل التنبؤ بالطقس. وقد طورت «ديب مايند» نموذج ذكاء اصطناعي غير توليدي يُدعى «ألفافولد» يتنبأ بالبنية البروتينية استناداً إلى تسلسل الأحماض الأمينية، وهي وظيفة بالغة الأهمية في اكتشاف الأدوية وفهم الأمراض.
وحصل مبتكروه على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024. ولا يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التي تخدم الجميع أن تنشأ من رؤية تنموية تتطلب انصياع الأغلبية لأجندة نخبوية تخدم القلة. ولن يكون الانتقال إلى مستقبل أكثر عدالة واستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي سهلاً، حيث سيتطلب من الجميع، صحفيين، ومجتمع مدني، وباحثين، وصانعي سياسات، ومواطنين، التصدي لعمالقة التكنولوجيا، ووضع لوائح حكومية مدروسة كلما أمكن، وزيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي الأصغر حجماً. فعندما ينهض الناس، تسقط الإمبراطوريات.لا يمكن أن تولد أدوات الذكاء الاصطناعي التي تخدم الجميع رؤية للتنمية تفرض على الغالبية الانصياع لأجندة نخبوية تخدم القلة.
إن الانتقال إلى مستقبل أكثر عدلاً واستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي لن يكون سهلاً: سيتطلب من الجميع - صحفيين، ومجتمعاً مدنياً، وباحثين، وواضعي سياسات، ومواطنين - أن يواجهوا عمالقة التقنية، وأن يدفعوا نحو تنظيم حكومي مدروس أينما أمكن، وأن يستثمروا أكثر في تقنيات ذكاء اصطناعي صغيرة النطاق. *صحفية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، ومحررة بمجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 3 دقائق
- العين الإخبارية
وداعا SEO أهلا بـGEO.. الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل خارطة الإنترنت
تم تحديثه الثلاثاء 2025/8/5 01:21 ص بتوقيت أبوظبي بعد عقود من هيمنة غوغل وتحسين محركات البحث (SEO)، يشهد الإنترنت ثورة جديدة، فالذكاء الاصطناعي، بقيادة روبوتات الدردشة، يغير طريقة الوصول للمعلومات ويهدد ملايين الوظائف والممارسات القديمة.. هل ينقرض SEO فعلا؟ ورصد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز هذه الرحلة، حيث أكد أنه منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، كان على أي نشاط تجاري قائم على الإنترنت تقريبا، من أصغر متجر صغير ذي موقع إلكتروني إلى أكبر متاجر التجزئة في العالم، أن يقلق بشأن غوغل. بداية أسطورة الـSEO كان هذا يعني، في أبسط صوره، التأكد من أن موقعك الإلكتروني متاح وسهل القراءة لمحركات البحث، بحيث يتمكن المستخدمون من العثور عليك عند البحث عنك. وبشكل أكثر مباشرة، يمكنك دفع المال لغوغل للإعلان في نتائج البحث، مما يضمن لك ظهورا أكبر، ويساعد عملاق البحث على النمو ليصبح شركة قيمتها تريليون دولار. وأوضحت الصحيفة في تقريرها أنه كان هناك خيار ثالث: تحسين محركات البحث، أو SEO، وهو قطاع قائم بذاته بقيمة 75 مليار دولار، مكرس لتحسين نتائج البحث العضوية. كان هذا يعني أكثر بكثير من مجرد التأكد من قدرة غوغل على زحف موقعك الإلكتروني. لقد ساهم تحسين محركات البحث في تشكيل كيفية ظهور وقراءة كل شيء تقريبا على الإنترنت. وهذا هو سبب ظهور العناوين الرئيسية بهذه الطريقة (وسبب نشر الكثير من الأخبار أصلا). كان تحسين محركات البحث (SEO) بمثابة فلتر يمر عبره الويب بأكمله تقريبا وحوله بنيت شركات بمليارات الدولارات. وقد نما ليصبح صناعة تضم استشاريين صريحين وخبراء بأجورٍ مجزية - كان لدى العديد من الشركات فرق تحسين محركات البحث الداخلية التي أمضت أيامها في تعديل مواقع الشركات والتوصل إلى محتوى مؤسسي سهل البحث - بالإضافة إلى جحافل من المحتالين الذين يقدمون نصائح واستراتيجياتٍ للضغط على غوغل أو التلاعب بها أو خداعها صراحة. إطلاله ChatGPT ثم جاء ChatGPT، في غضون بضعة أشهر، كانت مايكروسوفت وغوغل تلمحان إلى محركات بحث تبدو وتعمل مثل روبوتات الدردشة؛ وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت روبوتات الدردشة الشائعة في دمج ميزات تعمل كثيرا مثل البحث. أصبح الباحثون متحدثين، وكان المتحدثون يحصلون على إجابات، وليس روابط، وبدأت غوغل في وضع إجابات مولدة بالذكاء الاصطناعي في أعلى صفحات البحث، وأشارت بوضوح إلى أن منتجها الأساسي على وشك التغيير بشكل أكبر. بالنسبة لبعض المواقع، كان الأمر بمثابة "نهاية العالم" لحركة المرور، وبالنسبة للويب بأكمله، كانت هذه هي الخطوة التالية في عملية طويلة من التهميش. هل هي فوضى؟ بالنسبة لعشرات الآلاف من خبراء تحسين محركات البحث، وخبراء غوغل، ومحترفي التسويق الذين يعملون في مجال البحث وما حوله - وهم مجموعة من الأشخاص الذين اعتادوا على التغييرات المفاجئة وفقا لأهواء عمالقة البرمجيات - فقد كانت فوضى. تقول أليدا سوليس، الرئيسة التنفيذية لشركة أورينتي، وهي شركة استشارية مقرها إسبانيا: "لا يريد العديد من خبراء تحسين محركات البحث قبول حقيقة أن الأمور تتغير". وتضيف: "تحافظ برامج الدردشة الآلية على جميع المستخدمين على المنصة حتى يحصلوا على إجابة مرضية، وإذا كانت معلوماتية، فقد لا يزورونك على الإطلاق.. وإذا كانت تجارية، فقد يحيلونك في النهاية". يتفق تيم وورستيل، رئيس الاستراتيجية الرقمية في شركة التسويق Adogy، مع هذا الرأي، وقال: "إذا كنت تعمل في مجال محاولة تحقيق الدخل من خلال الإعلانات والنقرات، فسيتغير هذا بشكل كبير". وأضاف: "إنها إعادة ضبط، لكن الجميع في نفس القارب". أهلا GEO بشكل إجمالي، استجابت الصناعة، بتسريح العمال، لكن مع وجود بعض البيانات المتفائلة التي تشير إلى أن برامج الدردشة الآلية ترسل المزيد من الزوار إلى المواقع الإلكترونية - وإن لم يكن ذلك كافيا لتعويض انخفاض زيارات غوغل - فإنها تتجه أيضا نحو سيناريو جديد، لقد انتهى عصر تحسين محركات البحث، فأهلا بعصر GEO. تحسين محركات البحث التوليدية - المعروف أيضا باسم تحسين محركات البحث، أو GEO، أو LLMGEO إن كنت تشعر بالمرونة - يفهم على أفضل وجه على أنه مصطلح طموح، وهو وسيلة للمسوقين لطمأنة أصحاب العمل والعملاء بأنه في عالم يقضي فيه الناس أيامهم في الدردشة مع روبوتات الدردشة سريعة التطور التي استحوذت على الويب بالكامل ويمكنها إعادة إنتاجها عند الطلب، لا تزال هناك طرق لتحقيق ميزة لعلاماتهم التجارية. يتم تدريب روبوتات الدردشة على الويب، وتبحث باستمرار في الويب، وغالبا ما تظل مرتبطة به؛ بعضها مزود بميزات بحث مدمجة أو يستدعي محركات البحث أثناء محادثاته مع المستخدمين. بعبارة أخرى، لا يزال لدى المحسنين أمل، والحكمة الشعبية القديمة تتشكل وتنتشر وتجد طريقها إلى التطبيق العملي. تقول سوليس: "ستستخدم برامج LLM، مثل نموذج الذكاء الاصطناعي من غوغل أو ChatGPT، ما يسمى بتقنية التوزيع المتفرع مع العديد من الاستعلامات التي تغطي جميع الجوانب". وأضافت: "ثم سيطابقون هذه الاختلافات ليس مع صفحات كاملة، بل مع فقرات أو أجزاء". بمعنى آخر، عند الرد على سؤال، يميل روبوت المحادثة إلى التلخيص والاقتباس، مع الاستشهادات بدلا من الروابط البارزة. وتقول إنه إذا كنت ترغب في الحصول على الاستشهادات، فعليك نشر المحتوى مع مراعاة ذلك. وأضافت أن الكثير من المحتوى المُوجّه لتحسين محركات البحث "كان مطولا للغاية"، وهو ما لا يساعد على استخلاصه بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقالت إنه ينبغي على الناشرين الآن "هيكلة المحتوى بطريقة أسهل للفهم" - في أجزاء قابلة للاستشهاد، مع تحديد مؤلفيها بوضوح. ماذا بعد؟ يوافق وورستيل الرأي، ويقول: "وجدت أنه عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، تحقق القوائم نجاحا كبيرا على المواقع المتخصصة". وقال "إنهم يبحثون عن محتوى متخصص. إذا استطعت تجميع مستند يسهل الوصول إليه، فسيقومون بالبحث عنه". لقد تبلور مفهوم سهولة الاستشهاد - أي إنتاج نص يمكن تقطيعه أو تلخيصه بسهولة لإدراجه في محادثة متعددة الأجزاء - لدى كل من تحدثتُ إليه، وكذلك المواد المنظمة: جداول المقارنة؛ والتصنيفات؛ والتوصيات الواضحة والموثوقة والبحوث الأصلية". وأضاف: اجمع هذه التوصيات معا لتحصل على شيء يشبه إلى حد كبير الطريقة التي تتحدث بها روبوتات الدردشة الذكية الشائعة بشكل افتراضي: مع الكثير من النقاط، بأسلوب ونبرة يشبهان وثائق البرامج أو الأسئلة الشائعة التي يتم عرضها من خلال مرشح عامي. بعيدا عن نافذة الدردشة، حيث تتنافس على قصاصات الحواشي السفلية، قد يحسن هذا النوع من المحتوى المُركز على الموقع الجغرافي، القابل للجمع والتعديل، فرص ظهورك في "المرتبة صفر" - أي في مقتطف بحث أو نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي، والتي تظهر الآن أعلى العديد من صفحات نتائج بحث غوغل، فوق الروابط وحتى الإعلانات. يمكن أن تساعد الإشارات الجيدة على ويكيبيديا وريديت، والتي تظهر كثيرا في إجابات الذكاء الاصطناعي وتُضمّن في بيانات التدريب، وكذلك الإشارات في مقاطع فيديو يوتيوب، التي تستوعبها النماذج أيضًا. ومن التقنيات المألوفة الأخرى إلقاء نظرة ثانية: تحديد الموقع والإشارات على مواقع الويب الشائعة التي يتم الزحف إليها. يقول بعض المستشارين إن روبوتات الدردشة تُفسر المحتوى كشخص أكثر من خوارزمية ترتيب غوغل، مما يعني أنه يمكن التأثير عليها بطريقة تقريبية كإنسان يتصفح المحتوى بسرعة. يقول وورستيل: "كلما زادت علاقاتك العامة، زاد تحيزك. أنت الآن على هذه المواقع، وهناك يتصفحها جميع طلاب الماجستير. ويقولون: "لا بد أن هذا شيء ما". نقطة تحول في تاريخ الويب لدى متخصصي تحسين محركات البحث (SEO) ذوي التوجهات الجماعية شريك في رأس المال الاستثماري: ففي العامين الماضيين، ظهرت عشرات الشركات الناشئة وجمعت مئات المليارات من الدولارات في تحليلات روبوتات الدردشة، والتحسين، والتسويق. وقد جمعت Profound، وهي منصة تحليلات تعد بمساعدة عملائها على "الظهور" في ChatGPT وGemini وMeta AI وPerplexity وغيرها - بما في ذلك Deepseek - عشرات الملايين من الدولارات من شركات رأس المال الاستثماري الكبرى، وتضم بين عملائها علامات تجارية عالمية كبرى. يقول الرئيس التنفيذي جيمس كادوالادر: "نحن عند نقطة تحول حيث لا يحتاج الناس إلى زيارة مواقع الويب". ويضيف: "تزور ChatGPT نيابةً عني، وتنشأ صفحة ويب جديدة، وهذه هي الاستشهادات، وهذا هو مصدرها، ولا أحد يهتم". "محركات الإجابات تخترق العلاقة، أو تسرقها". محتوى مُحسّن بالذكاء الاصطناعي وبالطبع، يقترح كادوالادر أن شركته يمكنها تقديم المساعدة، حيث ترسل منصة التتبع الخاصة بها آلاف الاستفسارات إلى نماذج الذكاء الاصطناعي حول أسئلة ومصطلحات مُحددة، مما يساعد العملاء على فهم كيفية رؤية النماذج لمواقعهم الإلكترونية وعلاماتهم التجارية. ويقول: "أنت تراقب النظام الغذائي للنموذج"، ثم تُحدد كيفية تعديله. ويضيف: "أنت تنشئ محتوى على أمل أن يُمتص ويُعاد إنتاجه"، مُشبّهًا العملية بلعبة الهاتف. لتحسين الأداء، تُقدّم Profound لعملائها شيئا آخر، حيث يقول كادوالادر: "لم يعد استخدام عقل بشري آلي للبحث في البيانات وإنشاء المحتوى هو الحل الأمثل. نحتاج الآن إلى استخدام التكنولوجيا لإنشاء هذا المحتوى". هذا يعني محتوىً مولدا بالذكاء الاصطناعي مع مراعاة مقاييس وتنسيقات جديدة. وقال "سنستخدم نماذج تفكير متطورة لتحليل هذه البيانات واستبدال سير عمل العميل، لإنشاء محتوى مُحسّن بالذكاء الاصطناعي، مُصمّم بشكل مُحكم للغاية، وغني بالمعلومات". (للحصول على فكرة عن شكل المحتوى المُستقبلي المُساعد بالذكاء الاصطناعي والصديق للبيئة، يكفيك البحث في موقع Profound الإلكتروني أو نتائج أي أداة "بحث مُعمّق" تقدمها شركات الذكاء الاصطناعي - كل ذلك يشبه تقريبا نتائج روبوت محادثة). بمعنى آخر، سيُساعد الذكاء الاصطناعي في حل مشكلة الذكاء الاصطناعي. مع "إشراك الإنسان" بالطبع. ما هو التحسين المسؤول؟ يعمل أبيشيك آير، مهندس سابق في غوغل ويدير الآن شركة من بنغالور، وفق فرضية مماثلة، يقول: "ستخفض غوغل تصنيف أي محتوى تراه رديء الجودة، ومن الواضح أنه بريد مزعج مكتوب آليا. هذا ما يجب عليها فعله للبقاء". لكن "العلامات التجارية تعتمد بالفعل على الذكاء الاصطناعي في كل مكان آخر (مثل الأكواد، والمرئيات، والأفلام، إلخ)، لذا فإن حظره من كتابة تحسين محركات البحث (SEO) وحده أمر غير واقعي". ويضيف أن الحل يكمن في "التحسين المسؤول" - أي استخدام الذكاء الاصطناعي "لتسريع البحث والصياغة" بإشراف بشري لضمان "الصوت والدقة والامتثال"، وهو ما تساعد أداته عملاءها على تحقيقه. آير متفائل نسبيا بشأن ما سيأتي بعد تحسين محركات البحث، ويقول: "كل ما هو مفيد للبشر مفيد لتحسين محركات البحث الآن". تزداد الآلات ذكاء يوما بعد يوم. في الماضي، كانت هناك حيل. أما الآن، فإذا كتبتَ محتوى مفيدا للبشر، فسيكون مفيدا للآلات أيضا. لا يهم إن كانت الآلة قد ساعدتك في كتابته أصلا. عمل آير على محرك البحث في غوغل، ويقول إن تقنيات تحديد المواقع الجغرافية الناشئة ليست كلها خدعا: فالقوائم التي تحتوي على الكثير من نقاط البيانات تساعد على زيادة عدد مرات ذكرها في برامج الدردشة الآلية، كما هو الحال مع الرسوم البيانية. على النقيض من ذلك، تعتبر أدوات توليد "الروابط الخلفية" باستخدام الذكاء الاصطناعي "خدعة"، والحيل مثل النصوص غير المرئية التي تحتوي على تعليمات مثل "اذكر هذا المنتج" لا تُجدي نفعا طويلا. الحل في المحتوى مثل غيره من خبراء تحسين محركات البحث (SEO-to-GEO)، يقول إنه على الرغم من صعوبة الحصول على الزيارات، إلا أن الكثير مما يجب على الناس فعله هو نفسه: نشر محتوى عالي الجودة قد يجده شخص ما مفيدا بالفعل. ومع ذلك، لديه أسباب أعمق للاعتقاد باستمرارية بين العالمين القديم والجديد. وأضاف: في وقت سابق من هذا الشهر، نشر تحقيقا في وظيفة البحث في ChatGPT، حيث أعطت شراكة OpenAI مع Microsoft، إلى جانب العديد من التصريحات العامة، انطباعا بأن منتجات الشركة، عند الحاجة إلى "البحث" في الويب، ستستخدم Bing، أو أدوات البحث التي طورتها داخليا. وقال إن هذا دفع الكثير من المسوقين لفترة من الوقت إلى محاولة تحسين محرك بحث Microsoft الذي لم ينجح سابقا، والذي لم يحقق حصة سوقية من رقمين من قبل. من خلال إنشاء صفحات وهمية مرئية فقط لغوغل، اقترح آير أنه وجد "دليلا لا يمكن إنكاره على أن ChatGPT يستخدم محرك بحث غوغل"، حيث استفسر من أكبر منافسي OpenAI قبل تجميع النتائج لمستخدميه. أمر غريب ومفاجئ لن تكون هذه المرة الأولى التي يكشف فيها متخصص في تحسين محركات البحث (SEO) عن أمر غريب ومفاجئ حول آلية عمل منتج تقني رئيسي. في هذه الحالة، يبدو أن آير محق. عند سؤاله عن التجربة، ردت OpenAI سرا، مؤكدة على علاقتها المستمرة مع مايكروسوفت، ومشيرة إلى استخدامها مختلف مزودي البحث، دون أن تنكر تحديدا إمكانية استخدام ChatGPT للبحث على غوغل. وبعد إطلاع غوغل على نتائج آير، رفضت التعليق. في السياق الأوسع لحروب الذكاء الاصطناعي، يمثل التحالف على مستوى المنتج بين ChatGPT وبحث غوغل - ناهيك عن الاستخدام غير المصرح به - تطورا كبيرا (أعلنت الشركتان مؤخرا عن عقد حوسبة سحابية، وعلاقة OpenAI المتوترة مع مايكروسوفت موثقة جيدا). كما أن هذا منطقي، حيث أصبحت روبوتات الدردشة أشبه بمحركات البحث، بينما بدأت محركات البحث تشبه روبوتات الدردشة - ولا تزال غوغل تسيطر على البحث. الأمر مضحك بعض الشيء أيضًا. ChatGPT، رمز ثورة الذكاء الاصطناعي، يخبر مستخدميه: "حسنًا، دعوني أبحث عن ذلك لكم على غوغل". مع التقارير التي تفيد بأن ميزات الذكاء الاصطناعي من غوغل تستخدم نفس فهرس البحث، يمكن تحويل هذا إلى قصة واعدة لمحسني محركات البحث، ربما لا يختلف الأمر كثيرا غوغل لا تزال كما هي وحتى ChatGPT هو غوغل، نوعا ما. كارثة حقيقية لكن إحصائيات حركة المرور لا تكذب، هناك كارثة حقيقية. فالشبكة التي كُتبت لجذب انتباه محركات البحث قد تتحول قريبا إلى شبكة تكتبها الآلات لجذب انتباه الذكاء الاصطناعي، فهرس حواشي سفلية قابلة للزحف كتبت للاستشهاد بها، وقوائم ورسوم بيانية تتوق لمقتطف عابر، أو ربما لحظة في "المركز الأول". ستتمتع شركات الذكاء الاصطناعي، التي تتمتع بتحكم شامل في تجارب مستخدميها، بنفوذ يسمح لها ببساطة بفرض رسوم على الإعلانات، وقد أعلنت جميعها تقريبا عن نيتها القيام بذلك. وسيظل هناك اهتمام للمسوقين الأذكياء الذين يستغلون برامج الدردشة الآلية ومحركات البحث بالذكاء الاصطناعي هنا وهناك، لكن المنافسة على تلك المشاهدات المتبقية ستكون شديدة. سيبحث الجميع عن ميزة، وسيزعم عالم GEO أنه يوفرها. aXA6IDkyLjExMi4xNjYuMTQ2IA== جزيرة ام اند امز AU


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
«بايدو» الصينية ستطلق سيارات أجرة آلية على تطبيق «ليفت» الأمريكي
تعتزم شركة الإنترنت الصينية العملاقة «بايدو» إطلاق سيارات أجرة آلية عبر تطبيق ليفت الأمريكي لتأجير السيارات في ألمانيا وبريطانيا العام 2026، شرط الحصول على الموافقة التنظيمية، وفق ما أعلنت الشركتان الإثنين. أعلنت بايدو الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق مماثل مع أوبر في آسيا والشرق الأوسط، في مسعى لتكريس وجودها في مجال القيادة الذاتية، على الصعيد المحلي والدولي. وأعلنت ليفت وبايدو الإثنين أنه «في السنوات المقبلة»، سيتم توسيع أسطول «أبولو غو»، لخدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة المصنعة من عملاق التكنولوجيا الصيني، إلى آلاف المركبات في جميع أنحاء أوروبا. ولم تحدد الشركتان الدول الأخرى التي ستُنشر فيها هذه السيارات، ولا المدة اللازمة للحصول على الموافقة التنظيمية للطرح الأولي. وتعمل سيارات الأجرة ذاتية القيادة بالفعل على بعض الطرق بعدد محدود في الولايات المتحدة والصين، ولا سيما في مدينة ووهان (وسط الصين) حيث تشغل منصة الحجز أسطولاً يضم أكثر من 500 مركبة في مناطق محددة. ويشهد نطاق هذه السيارات انتشاراً فقد أعلن الحي المالي بودونغ في شنغهاي عن مجموعة من التصاريح لتشغيل سيارات الأجرة ذاتية القيادة لصالح عدة شركات. استثمرت شركات التكنولوجيا وصناعة السيارات الصينية مليارات الدولارات في القيادة الذاتية في السنوات الأخيرة، فقد شهدت ساحة القيادة الذكية منافسة جديدة في سوق السيارات شديدة التنافسية في البلاد. بايدو ليست الشركة الصينية الوحيدة التي تتطلع إلى توسيع حضورها في الخارج. وتنشط منافستها «وي رايد» في دول الخليج، وفي يناير، أعلنت عن اختيارها لقيادة مشروع تجريبي صغير في سويسرا. وأعلنت «بوني إيه آي» وهي شركة صينية أخرى، في مايو توقيع اتفاق لإطلاق سيارات أجرة ذاتية القيادة على تطبيق أوبر في «سوق رئيسة في الشرق الأوسط» هذا العام. في أبريل، أعلنت شركة «ليفت»، ومقرها سان فرانسيسكو، موافقتها على شراء تطبيق «فريناو» الألماني لحجز سيارات أجرة، ما يمهد لدخولها إلى السوق الأوروبية. وقالت الشركة آنذاك إن هذا الاستحواذ يُمثل «أهم توسع لشركة ليفت خارج أمريكا الشمالية».


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
الفقراء يدفعون الثمن الأكبر لتباطؤ النمو بالولايات المتحدة
وتشير البيانات إلى أن العاملين ضمن أعلى فئة دخل يتقاضون ما يقارب 1,887 دولاراً أسبوعياً. ويُصدِر مكتب العمل تقارير عن حالة سوق العمل والتضخم، وتؤثّر بدورها في تسعير أصول عالمية، تُقدّر قيمتها بتريليونات الدولارات. وفي الوقت ذاته، تخلّفت عن ركب الارتفاع، الأجور في الوظائف ذات الرواتب المنخفضة، مثل قيادة السيارات، واللوجستيات. وكشفت البيانات الصادرة عن فيدرالي أتلانتا، أن العاملين ذوي الأجور الأقل، شهدوا أسرع زيادات في الأجور خلال الفترة الأولى لترامب رئيساً للبلاد، حينما شهد التوظيف نمواً قوياً. وفي تعليق لشبكة «سي بي إس»، أوضح بريان موينيهان الرئيس التنفيذي لدى «بنك أوف أمريكا»، أن تباطؤ نشاط الأعمال، إنما كان نتيجة لحالة عدم اليقين. وفي حين تتمتع الشركات بيقين أكبر، بشأن ما ستصير إليه الأمور على صعيد الضرائب والسياسة التجارية، إلا أنها «تتطلع للوضوح بشأن تخفيف القيود التنظيمية والهجرة. وتشي المؤشرات الصادرة عن الشركات، بأنها تعتمد توجهات أكثر حذراً، وأنها تتوق للمزيد من الإجابات». وشدد موينيهان أيضاً على حاجة الحكومة لتحسين عملية جمع البيانات، تفادياً لإجراء مراجعات كبيرة، من شأنها التسبب في تراجع الثقة. وأسهب: «نراقب ما يفعله المستهلكون حقاً، ونراقب ما تفعله الشركات كذلك». وتشير تقديرات مختبر جامعة «ييل» للموازنة، إلى أن التعريفات الجمركية ستقلل من الدخل المتاح للعُشر الأكثر فقراً من الأسر، بما لا يقل عن 3% على المدى القصير، فيما توقع أن تتأثر الأجور المتاحة للفئة الواقعة في أغنى 10 % بواقع 1 % فقط. وتوصّل التحليل أيضاً إلى أن القانون سيعزز أجور نسبة 10 % الأكثر ثراء بمقدار 12,000 سنوياً، بما أن القانون يمدد التخفيضات الضريبية المُعلنة في الفترة الرئاسية الأولى لترامب، فيما يقلل من الوصول إلى برنامج «ميديكيد» وقسائم المعونة الغذائية. وتعتقد الإدارة الأمريكية أيضاً أن سياساتها التجارية، ستعيد وظائف التصنيع من جديد إلى الولايات المتحدة، بينما سيسهم تخفيف القيود التنظيمية عن سوق الطاقة في خفض تكاليف الغاز والوقود. وأضاف: «في فترته الحالية، ينفذ الرئيس ترامب المزيج السياسي ذاته، المتمثل في تخفيف القيود التنظيمية والتجارة الأكثر عدلاً، وتخفيضات ضريبية مشجّعة للنمو، لكن على نطاق أكبر، مع دخول هذه السياسات حيز التنفيذ، لكن الأفضل لم يأتِ بعد».