logo
دعمٌ أوروبي كبير: 600 مليون دولار للبنان

دعمٌ أوروبي كبير: 600 مليون دولار للبنان

OTV١٧-٠٧-٢٠٢٥
أعلن مكتب الإتحاد الأوروبي في بيروت، في بيان أن 'سفراء الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء اجتمعوا مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك في 10 و11 و17 تموز 2025 على التوالي.
وخلال هذه الاجتماعات، شدد السفراء على الدعم الكبير والمستمر الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء للبنان، بما في ذلك في المناطق المتضررة. ويبلغ التمويل الحالي المقدم من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لهذه المناطق أكثر من 600 مليون دولار، وهو ما يمثل ما يقارب نصف حجم دعمهم المستمر في لبنان، والذي يتجاوز حالياً مليار دولار.
وبالإضافة إلى المساعدات الإنسانية، يساهم الجزء الأكبر من هذا التمويل في دعم القطاعات الحيوية مثل التربية، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، والمياه والصرف الصحي، والزراعة، كما يساهم في التعافي الاقتصادي من خلال خلق فرص العمل ودعم القطاع الخاص.
كما يتم تخصيص تمويل إضافي للمساعدة في الحد من تأثير النزاع على أمن واستقرار البلاد، من خلال دعم قدرات الجيش اللبناني وانتشاره في الجنوب، وإزالة الركام والذخائر غير المنفجرة، وتعزيز إدارة الحدود. وتجدر الإشارة إلى أن جزءاً كبيراً من هذا الدعم لا يندرج ضمن مبلغ الـ 600 مليون دولار المذكور.
وفي هذا السياق، أكد السفراء الدور الحاسم الذي تؤديه قوات اليونيفيل في الحفاظ على الاستقرار والأمن في الجنوب، وهو دور سيبقى ضرورياً في المستقبل. كما شددوا على الحاجة القصوى لجميع الأطراف إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، بما في ذلك ضمان حصرية الدولة على السلاح، والالتزام بآلية وقف إطلاق النار المقررة في تشرين الثاني 2024.
كما ناقش السفراء مع محاوريهم التزام الحكومة وخططها بشأن الإصلاحات المالية والقضائية والإدارية الضرورية التي يمكن أن تضع البلاد على مسار التعافي. وأشادوا بالخطوات التي اتخذتها السلطات منذ بداية العام، بما في ذلك إقرار مجلس النواب لقانون السرية المصرفية، وتعبئة الشواغر الأساسية في القضاء والهيئات الرقابية وغيرها من الخطوات.
وشدد السفراء على ضرورة أن يقر مجلس النواب بسرعة قانون إصلاح المصارف بما يتماشى مع المعايير الدولية. كما دعوا الحكومة إلى الإسراع في إعداد واعتماد استراتيجية شاملة لتوزيع خسائر القطاع المالي بشكل يضمن الوضوح والعدالة والانسجام مع أفضل الممارسات الدولية. كما استفسر السفراء عن مسار قانون استقلالية القضاء، وقانون الإعلام الجديد الذي ينبغي أن يعزز حرية الإعلام ويرسخ المساءلة.
واختتم السفراء بالتأكيد لرئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب التزام الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء تجاه لبنان واستعدادهم لدعم البلاد في مسارها نحو الأمام'.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما ستشهده المنطقة مستقبلاً.. ولبنان
ما ستشهده المنطقة مستقبلاً.. ولبنان

MTV

timeمنذ 14 دقائق

  • MTV

ما ستشهده المنطقة مستقبلاً.. ولبنان

تتعثر المفاوضات في الدوحة بين حماس واسرائيل، في ظل تصريحات عالية السقف من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه حماس. وقدّم الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد ناجي ملاعب، عبر جريدة "الانباء" الالكترونية، مقاربة أمنية وسياسة لما ستشهده المنطقة مستقبلاً والتي لن يكون لبنان بمنأى عنها، لافتاً إلى أن ما يعلن عن تعثر المفاوضات الجارية في الدوحة بين حماس واسرائيل بشأن الوضع في غزة ليس دقيقاً، لأن ما يجب الاشارة اليه هو الكلام عن اليوم التالي الذي يلي الاتفاق على اتفاق غزة، كاشفاً أن عودة الوفد الإسرائيلي لبلده لا يعني تعثر المفاوضات، بل لمناقشة رد حماس والبحث في اليوم الاخر. فاسرائيل، على حد قوله، فقدت خلال الشهرين الماضيين 39 جندياً في غزة، عدا عن الجرحى الذين يقدروا بالعشرات، أما في الشهر الحالي فكل يوم يشهد مقاومة، وهناك خسائر كبيرة في صفوف الجيش الاسرائيلي في الارواح والعتاد. وأن الاعتقاد السائد بداخل اسرائيل ان المستوى العسكري غير مطابق للمستوى السياسي، لأن اسرائيل أصبحت تقاتل بقوات النخبة وهذا مؤشر خطير، وهي التي يجب أن تكون في الخطوط الخلفية لكنهم اضطروا للاستعانة بها للتعويض عن هبوط معنويات جنودها الذين أصبحوا يواجهون مقاومة شرسة. وفيما لفت الى وجود صراخ وتململ في صفوف الجيش الاسرائيلي، قال ملاعب: "عندما تهدد اسرائيل بالقضاء على حماس ثم تعود وتجلس معها على طاولة المفاوضات، هذا يعني انها تحسب لها ألف حساب ولذلك بدأت تفكر باليوم التالي. حتى اميركا نفسها تخشى من اليوم التالي. فبعد الحديث الاميركي عن صفقة القرن بصيغة جديدة تحت عنوان القضاء على حماس وتهجير سكانها بسبب التجويع والابادة ووضعها تحت وصاية أميركية والاستعانة بإحدى الدول العربية بحفظ الأمن فيها قد تكون دولة الامارات العربية المتحدة أو غيرها. وهو ما عبّر عنه ترامب قبل شهرين، بأن غزة ستكون ملكاً للاميركيين. ما يعني أن ترامب ماض في تحقيق سياسته وتنفيذ كل ما وعد به. ولقد رأينا اتفاقه مع الصين وتوقيع عقود استثمارات مع اليابان بقيمة 650 مليار دولار. وفرض ضرائب على الصادرات اليابانية بقيمة 15% وصفر % على اميركا. وبالنهاية ما ينادي به ترامب يحصل عليه بشكل او بآخر.

تغييرات جذرية تضرب صناعة البتروكيماويات: الأسباب والأسواق المتضررة
تغييرات جذرية تضرب صناعة البتروكيماويات: الأسباب والأسواق المتضررة

شبكة النبأ

timeمنذ 14 دقائق

  • شبكة النبأ

تغييرات جذرية تضرب صناعة البتروكيماويات: الأسباب والأسواق المتضررة

تمرّ صناعة البتروكيماويات العالمية بمرحلة دقيقة من عمر القطاع، وتحاول كبريات الشركات إظهار مرونة في التعامل مع المتغيرات الجديدة، وأجرت 11 شركة ذات صيت في القطاع -خلال العام الماضي 2024 والأشهر الفائتة من العام الجاري- تغييرات في خطط بعض أصولها، استجابة لمتغيرات السوق، واتجهت شركات بتروكيماويات عدّة إلى بيع مصانع... تمرّ صناعة البتروكيماويات العالمية بمرحلة دقيقة من عمر القطاع، وتحاول كبريات الشركات إظهار مرونة في التعامل مع المتغيرات الجديدة، وأجرت 11 شركة ذات صيت في القطاع -خلال العام الماضي 2024 والأشهر الفائتة من العام الجاري- تغييرات في خطط بعض أصولها، استجابة لمتغيرات السوق، واتجهت شركات بتروكيماويات عدّة إلى بيع مصانع ووحدات خاصة بها، لتعزيز قدرتها على تجاوز التحديات المتفاقمة، وفق تحديثات للقطاع تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن). وتعدّ سوق البتروكيماويات ضمن أسواق الطاقة شديدة الحساسية للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية؛ ما وضعها تحت ضغط أَسهَم في إعادة تشكيل خريطة الإنتاج. صناعة البتروكيماويات العالمية تأثرت صناعة البتروكيماويات العالمية بـ3 متغيرات رئيسة خلال الآونة الماضية، أدت في نهاية الأمر إلى تصاعُد وتيرة إغلاق وحدات الشركات والاستغناء عن بعض الأصول، وتعدّ غالبية هذه العوامل ذات صلة بالصين وأوروبا، في حين كانت المؤثرات أكثر هدوءًا في الشرق الأوسط وأميركا. وبالتوازي مع ذلك، تُمسِك الشركات في آسيا العصا من منتصفها، إذ تتراجع مستويات الطاقة الإنتاجية، لكن بمعدل أكثر بطئًا مقارنة بأوروبا، وتسبَّب ارتفاع إنتاج البتروكيماويات في الصين بزيادة وفرة المعروض في السوق العالمية، ونموّ حدّة المنافسة مع المنتجين الآخرين. وفي الوقت ذاته، ترتفع تكاليف الإنتاج والتطوير في أوروبا لمستويات كبيرة، بجانب التحديات التنظيمية والإدارية، والاندفاع تجاه نشر الطاقة النظيفة والوقود البديل، وإجمالًا، كانت صناعة البتروكيماويات العالمية إحدى ضحايا الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت 12 يومًا في يونيو/حزيران الماضي، وانتهت بإعلان وقف متبادل إطلاق النار عقب ضربة أميركية استهدفت مواقع نووية في طهران. 11 شركة تغير خطط التطوير عدّلت 11 شركة بتروكيماويات من خطط أصولها، بعد إعادة تقييم لجدواها الاقتصادية والعوامل الضاغطة، وتنوعت هذه التغييرات بين تقليص للإنتاج، أو إغلاق الوحدات بالكامل والتخارج من مشروعاتها، وفي الأسطر التالية نتطرق إلى تطورات هذه الشركات وتغير خططها، طبقًا لما أورده تقرير لرويترز. 1) سابك السعودية أفصحت شركة سابك السعودية، العام الماضي، عن نيّتها تطبيق الإغلاق الدائم على واحدة من أصل وحدتَي تكسير تعتمدان على "النافثا"، في مصنع تابع لها بهولندا. 2) إكسون موبيل الأميركية شهد العام الماضي أيضًا إعلان شركة إكسون موبيل الأميركية إغلاق وحدة تكسير في مصنع "غرافينشون" بفرنسا، ووقف إنتاج الكيماويات. وأرجعت الشركة قرارها إلى خسائر المصنع المتراكمة منذ عام 2018 حتى الآن، التي بلغت خلال هذه المدة 500 مليون يورو (582 مليون دولار أميركي). وأدت هذه الخسائر إلى إضعاف قدرة المصنع على المنافسة. 3) شل العالمية باعت شركة شل العالمية مجمع لإنتاج الكيماويات في سنغافورة أبريل/نيسان الماضي، وشملت عملية بيع المنشأة مصفاة ووحدة لتكسير الإيثيلين وغيرها من أصول البتروكيماويات. وفي مايو/أيّار الماضي، كشفت الشركة أنها تواصل إجراء مراجعة لأنشطة الكيماويات الخاصة بها في أوروبا. ويباشر مراجعة الإستراتيجيات الكيماوية للشركة في أوروبا وأميركا "مورغان ستانلي" للخدمات المصرفية والاستثمارية. 4) شركة النفط البريطانية تبحث شركة النفط البريطانية بي بي عن مشترين لوحدة تكسير ومصفاة تابعة لها، منذ فبراير/شباط الماضي. وتشمل عملية البيع المرتقبة أصول تكرير في ألمانيا. 5) توتال إنرجي الفرنسية تعتزم شركة توتال إنرجي الفرنسية إغلاق أقدم وحداتها للتكسير في بلجيكا بحلول عام 2027، بحسب ما أعلنته في أبريل/نيسان الماضي. وتوقعت الشركة توافر كميات فائضة كبيرة من الإيثلين في أوروبا. 6) إيني الإيطالية أغلقت شركة إيني الإيطالية مصنعًا لإنتاج البولي إيثيلين في صقلية، وتُواصل العمل على إغلاق وحدتي تكسير محليتين بحلول نهاية العام الجاري. 7) إينيوس اليابانية دفع تراجع الطلب أكبر شركات التكرير اليابانية "إينيوس" إلى اتخاذ إجراءات بشأن مرافقها. ويتضمن ذلك: بحث غلق وحدة تنتج الإيثيلين في "مصفاة كاواساكي" بصورة جزئية، بحلول عام 2027، تبعًا لما أوضحته الشركة في فبراير/شباط الماضي. وقف إنتاج زيوت التشحيم وبعض المشتقات النفطية في مصنع يوكوهاما تدريجيًا، بحلول مارس/آذار 2028. 8) ليوندل باسل الأميركية شرعت شركة "ليوندل باسل" الأميركية في بدء مشاورات بيع 4 مصانع أوليفينات وبولي أوليفينات تابعين لها في أوروبا، وتتخذ المواقع المقترح بيعها من (فرنسا، وألمانيان وبريطانيا، وإسبانيا) مقرّات لها. وانطلقت هذه المباحثات شهر يونيو/حزيران الماضي، مع المشتري الألماني المحتمل "إيكويتا". وبالتوازي مع ذلك، تدرس "ليوندل باسل" الخيارات المستقبلية المحتملة بشأن مصانعها في هولندا، وإيطاليا. 9داو الأميركية تتجه عملاقة الكيماويات الأميركية "داو" إلى إغلاق 3 مواقع إنتاج أوروبية، بحسب ما أعلنته مطلع يوليو/تموز الجاري. والمواقع الـ3 هي: وحدة لتكسير الإيثيلين ومنشأة لمعالجة الكلور القلوي -تقع كلتاهما في ألمانيا، ومصنع للسيلوكسانات في بريطانيا. وقبل هذه الخطوة، كشفت شركة "داو" -في يناير/كانون الثاني الماضي- خطّتها لوقف تشغيل وحدة تكسير هولندية تابعة لها أيضًا. 10) شركة أورلن البولندية قرّرت شركة أورلن البولندية -نهاية العام الماضي- تغيير خطط مشروع الأوليفينات، وتأجيل الإنتاج إلى عام 2030 أو بعد ذلك. وبالتوزاي مع ذلك، تستهدف الشركة خفض التكلفة المقدَّرة للمشروع بمقدار "الثلث". 11) هانتسمان الأميركية تواصل مجموعة هانتسمان الأميركية للكيماويات تقليص مشروعاتها في أوروبا، ويشمل ذلك: إغلاق مصنع بولي يوريثان، ومصنع آخر (لم يفصح تقرير رويترز عن أنواع الكيماويات التي يعالجها)، وتتجه الشركة لإتمام عملية الإغلاق، نهاية الربع الجاري (الثالث من العام، ويستمر من يوليو/تموز حتى نهاية سبتمبر/أيلول).

سوريا تعيد هيكلة اقتصادها سرا
سوريا تعيد هيكلة اقتصادها سرا

شبكة النبأ

timeمنذ 14 دقائق

  • شبكة النبأ

سوريا تعيد هيكلة اقتصادها سرا

القيادة السورية الجديدة تعمل سرا على إعادة هيكلة الاقتصاد المثقل بأعباء الفساد والعقوبات التي ظلت مفروضة لسنوات ضد حكومة الأسد، وذلك تحت رعاية مجموعة من الأشخاص لا تزال هوياتهم مخفية حتى الآن تحت أسماء مستعارة. وتتركز مهمة اللجنة في فك رموز الإرث الاقتصادي من حقبة الأسد ثم تحديد... بعد أسابيع من سيطرة مسلحين من المعارضة السورية على دمشق، تلقى رجل أعمال كبير اتصالا هاتفيا في ساعة متأخرة من الليل للحضور لمقابلة "الشيخ". كان العنوان مألوفا، وهو مبنى شهد عمليات ابتزاز متكررة لرجال أعمال مثله في عهد بشار الأسد. لكن الجديد هذه المرة كان الوجوه. بلحية طويلة داكنة ومسدس على الخصر، لم يعرّف الشيخ نفسه سوى باسم مستعار هو أبو مريم. وبصفته الآن رئيس لجنة مهمتها إعادة هيكلة الاقتصاد السوري، كان يطرح أسئلة بلغة عربية مهذبة تظهر فيها لكنة أسترالية خفيفة. وقال رجل الأعمال "سألني عن عملي، والأموال التي نجنيها... وظللت أنا أنظر إلى المسدس". وخلص تحقيق أجرته رويترز إلى أن القيادة السورية الجديدة تعمل سرا على إعادة هيكلة الاقتصاد المثقل بأعباء الفساد والعقوبات التي ظلت مفروضة لسنوات ضد حكومة الأسد، وذلك تحت رعاية مجموعة من الأشخاص لا تزال هوياتهم مخفية حتى الآن تحت أسماء مستعارة. وتتركز مهمة اللجنة في فك رموز الإرث الاقتصادي من حقبة الأسد ثم تحديد ما الذي يتعين إعادة هيكلته وما الذي يجب الإبقاء عليه. وبعيدا عن المتابعة والتدقيق الجماهيري، جمعت اللجنة أصولا تزيد قيمتها عن 1.6 مليار دولار. ويستند هذا التقدير إلى ما قالته مصادر مطلعة على صفقاتها للاستحواذ على حصص في شركات وأموال نقدية تمت مصادرتها، بما في ذلك أصول لا تقل قيمتها عن 1.5 مليار دولار صودرت من ثلاثة رجال أعمال، وشركات تابعة لتكتل كان يسيطر عليه سابقا مقربون من الأسد، مثل شركة تشغيل الاتصالات الرئيسية في البلاد، بقيمة لا تقل عن 130 مليون دولار. ووفقا لما توصلت إليه رويترز فإن الشخص الذي يشرف على إعادة هيكلة الاقتصاد هو حازم الشرع الشقيق الأكبر للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، أما من يرأس اللجنة فهو أبو مريم الأسترالي أو إبراهيم سكرية وهو أسترالي من أصل لبناني مدرج على قائمة بلاده للأفراد الخاضعين لعقوبات بتهم تمويل الإرهاب. ويصف نفسه على الإنترنت بأنه رجل أعمال محب للكريكيت والشاورما. قامت الحكومة السورية الجديدة بتفكيك الجهاز الأمني مهيب الجانب الذي كانت ترتعد لذكره الفرائص في عهد الأسد، وصار بإمكان الناس التحدث بحرية أكبر مما ظلوا يعهدونه لعقود. لكن مزيج إشراك الأقارب والرجال الذين لا يُعرفون إلا بأسماء حركية والذين يديرون الاقتصاد السوري الآن يثير قلق عدد من رجال الأعمال والدبلوماسيين والمحللين الذين يقولون إنهم يخشون من أن يكون التطور الذي شهدته سوريا لا يتجاوز حدود استبدال نخبة أقلية بأخرى في القصر. واستند تحقيق رويترز إلى مقابلات مع أكثر من 100 من رجال الأعمال والوسطاء والسياسيين والدبلوماسيين والباحثين، فضلا عن مجموعة من الوثائق تتضمن سجلات مالية ورسائل بريد إلكتروني ومحاضر اجتماعات وتسجيل شركات جديدة. ولم يسبق أن أعلنت الحكومة عن عمل اللجنة أو حتى عن وجودها للرأي العام السوري. ولا يعرف أحد أي شيء عن تفويضها إلا من يتعاملون معها بشكل مباشر رغم أن مهمتها يمكن أن تؤثر على حياة جميع السوريين ومصادر أرزاقهم وربما على غيرهم، في الوقت الذي تحاول فيه البلاد إعادة الاندماج في الاقتصاد العالمي. وقال أحد أعضاء اللجنة لرويترز إن حجم الفساد في عهد الأسد، والذي بُني على هياكل مؤسسية مصممة لاستنزاف الأصول وتكديس الأموال، لا يُبقي سوى خيارات محدودة للإصلاح الاقتصادي. وبمقدور اللجنة مقاضاة رجال الأعمال المشتبه في تورطهم في الكسب غير المشروع، وهو أمر يطالب به كثير من السوريين، أو مصادرة شركاتهم بشكل مباشر، أو عقد صفقات خاصة مع أشخاص من عهد الأسد لا يزالون يخضعون للعقوبات الدولية. وكل هذه أمور تحمل في طياتها احتمالات إثارة المزيد من التوتر بين السوريين بعضهم البعض، بين الأغنياء والفقراء، وبين من استمتعوا برغد العيش وبحبوحته في عهد الأسد ومن عانوا من شظف العيش وقسوة الحياة. وبدلا من مقاضاة رجال الأعمال الذين استفادوا من عهد الأسد أو مصادرة شركاتهم، قررت اللجنة التفاوض لاستعادة الأموال التي تحتاج البلاد إليها بشدة وفرض سيطرتها على الأنشطة التي تعد من دعائم الاقتصاد، بما يسمح لها بالعمل دون اضطراب. ولم ترد الحكومة السورية ولا حازم الشرع ولا سكرية على طلبات متكررة للحصول على تعليق أو الإجابة على أسئلة تتعلق بهذا التقرير. وأحال مكتب الرئيس الأسئلة إلى وزارة الإعلام. وعرضت رويترز تفاصيل هذا التقرير خلال اجتماع مباشر الأسبوع الماضي مع وزير الإعلام وكشفت عن تفاصيله وقدمت أسئلة كتابية للوزارة. لكن الوزارة لم ترد حتى وقت النشر. وعلى مدى سبعة أشهر، أجرت اللجنة مفاوضات مع أغنى رجال الأعمال السوريين، وبعضهم يخضعون لعقوبات أمريكية. وأضافت مصادر أن اللجنة حققت تقدما أيضا في الاستحواذ على مجموعة من الشركات التي كانت تدار من داخل قصر الأسد. ولا يزال عدد من كبار رجال الأعمال المرتبطين بالأسد، وبينهم قطب طيران فُرضت عليه عقوبات لصلته بتهريب المخدرات والأسلحة وكذلك رجل أعمال متهم بجمع وصهر المعادن من البلدات السورية التي تسبب جيش الأسد في تحويلها لمناطق مهجورة، يحتفظون بجزء من أرباحهم ويتجنبون الملاحقة القضائية مقابل دفع الثمن. لكن صفقة العفو مقابل مزيج من المال والسيطرة على الشركات قد تثير غضب السوريين الذين يطالبون بتحقيق العدالة. وصرح أربعة دبلوماسيين غربيين كبار بأن تكديس السلطة الاقتصادية في أيدي شخصيات غامضة لا يُعرف عن ماضيها شيء قد يعرقل الاستثمار الأجنبي ويقوض مصداقية سوريا في الوقت الذي تسعى فيه للانضمام مجددا لركب النظام المالي العالمي. وقال العضو الذي تحدث عن أنشطة اللجنة إنها التقت بعشرات الأشخاص، أحيانا لتبرئتهم وأحيانا أخرى سعيا للحصول على حصة من ثرواتهم. ولفت إلى أن السوريين العاديين سيستفيدون في نهاية المطاف عند خصخصة الشركات أو طرحها لشراكات بين القطاعين العام والخاص أو تأميمها، مع تحويل عائداتها إلى صندوق سيادي. وأعلن الرئيس الشرع في التاسع من يوليو تموز إنشاء صندوق سيادي تابع للرئاسة. وصرح ثلاثة أشخاص مطلعين على عمل الصندوق بأنه سيكون خاضعا لإشراف شقيقه. وفي اليوم نفسه، كشف الشرع عن إنشاء صندوق تنمية برئاسة أحد المقربين منذ فترة طويلة من حازم. كما أصدر الرئيس في الآونة الأخيرة مرسوما بتعديلات على قانون الاستثمار. ورغم أنه لم يتم الإعلان عن شغل حازم أو سكرية لأي منصب حكومي، فقد توصلت رويترز إلى أنهما هما من حررا النص النهائي للتعديلات. وقال ستيفن هايدمان أستاذ دراسات الشرق الأوسط في سميث كولدج في ماساتشوستس لرويترز إن صندوق ثروة سيادية في سوريا أمر "سابق لأوانه". وانتقد اعتماد الصندوق على "أصول غير نشطة" غامضة، وحذر من أن منح الاستقلال لإدارة الصندوق بما في ذلك للرئيس من شأنه أن يقوض المساءلة. تأتي تفاصيل الجهود السياسية السرية للحكومة الجديدة في الوقت الذي ترفع فيه الحكومة الأمريكية العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة السورية، والتي تعود إلى عهد الأسد. وردا على طلب للتعليق من أجل هذا التقرير، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرفع العقوبات "لمنح سوريا فرصة للنمو والتطور". وقال المسؤول في بيان لرويترز "لقد كان الرئيس واضحا أيضا في أن الرئيس الشرع يجب أن يستغل هذه الفرصة التاريخية لتحقيق إنجاز مهم". خباز في المصرف المركزي يعتمد الدور البارز للجنة في فك رموز الاقتصاد السوري على النفوذ الذي كان يتمتع به أعضاؤها في إدارة الأموال في إدلب، الجيب الشمالي الذي عززت فيه هيئة تحرير الشام، التي كانت في السابق جماعة إسلامية مسلحة، سلطتها تحت قيادة الشرع. واعتاد سكان إدلب، وخاصة المقاتلين فيها، على استخدام أسماء مستعارة ومنهم الرئيس الشرع، الذي كان يدعى أبو محمد الجولاني عندما كان قائدا لهيئة تحرير الشام. وكانت الجماعة تُعرف عند تأسيسها باسم جبهة النصرة، الذراع السورية لتنظيم القاعدة، وصنفتها معظم دول العالم جماعة إرهابية حتى الإطاحة بالأسد في ديسمبر كانون الأول. وقالت مصادر سورية مطلعة إن هيئة تحرير الشام أسست هياكل مالية وإدارية بعد انفصالها عن تنظيم القاعدة عام 2016. وفي عام 2018، أنشأت الجماعة شركة "وتد"، وهي شركة بترول تتمتع بحقوق حصرية لاستيراد مشتقات الوقود من تركيا، بالإضافة إلى تأسيس بنك الشام. وقال عضو اللجنة ومسؤولان كبيران في الجماعة لرويترز إن أبو عبد الرحمن، وهو خباز سابق تحول إلى قائد عسكري بارز، يقف وراء دخول هيئة تحرير الشام إلى قطاع الأعمال. وأضافوا أن أبو عبد الرحمن أسس اللجنة الاقتصادية لإدلب، التي كانت تضم في البداية بضعة رجال موالين لأحمد الشرع، لكنه أشرف فيما بعد على تطور عملها لتصبح مؤسسة تضم عشرات الأشخاص، من محاسبين ومحامين إلى مفاوضين ومنفذين. وهذه اللجنة خارج إطار الهياكل الرسمية للدولة. وأضافت المصادر أن اللجنة أنشأت فرعا للاقتصاد يركز على كسب المال، برئاسة أبو مريم، وفرعا ماليا لإدارة هذه الأموال، بقيادة أبو عبد الرحمن. وذكرت ثلاثة مصادر في هيئة تحرير الشام أن اسم أبو عبد الرحمن الحقيقي هو مصطفى قديد. وقال موظفان سابقان إنه أقام مكتبه في الطابق الثاني من مصرف سوريا المركزي في اليوم التالي لسقوط دمشق. ولم يرد قديد على طلب للتعليق أرسل إليه عبر أحد كبار مساعديه، الذي أقر باستلامه تقريرا عما خلصت إليه رويترز. وأصبح أبو عبد الرحمن معروفا لدى بعض المسؤولين والمصرفيين السوريين باسم "حاكم الظل"، الذي يتمتع بسلطة رفض القرارات التي يتخذها الحاكم الرسمي للمصرف. وعندما عُرضت عليه النتائج التي خلصت إليها رويترز عن إعادة هيكلة الاقتصاد ودور أبو عبد الرحمن، قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية في رسالة "هذا غير صحيح"، ولم يرد على طلبات للتوضيح. وقال الموظفان السابقان إن القرارات الكبرى تتطلب موافقة أبو عبد الرحمن، الذي وصفاه بأنه دمث الخلق ولكنه يُفضل مركزية السلطة. وقال أحدهما "الأمر كما كان من قبل، عندما كان القَصر (الرئاسي) هو من يقرر كل شيء". وقبل أشهر، شعر أحد الزوار بالدهشة عندما تعرف على أبو عبد الرحمن. ومثل أبو مريم، كان يُشار إليه باسم "الشيخ" أيضا. وخلصت رويترز إلى أن الاسم الحقيقي لأبو مريم هو إبراهيم سكرية. وقال الادعاء الأسترالي إن أبو مريم الذي خلصت رويترز إلى أن اسمه الحقيقي إبراهيم سكرية غادر مدينة برزبين عام 2013 قبل يوم واحد من تفجير شقيقه أحمد شاحنة ملغومة عند نقطة تفتيش للجيش السوري، ليصبح بذلك أول انتحاري أسترالي معروف في سوريا. وحُكم على شقيقه الثاني عمر في عام 2016 بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف في أستراليا بعد إقراره بالذنب في تهم تتعلق بإرسال عشرات الآلاف من الدولارات إلى جبهة النصرة. ووردت أنشطتهم في وثائق قدمها الادعاء الأسترالي إلى المحكمة العليا في البلاد عند استئناف عمر للحكم الصادر بحقه. ولم تتمكن رويترز من تحديد مكان عمر، ولم يرد محاميه السابق على طلب للتعليق. وأكدت الحكومة الأسترالية أن إبراهيم سكرية لا يزال خاضعا للعقوبات، لكنها امتنعت عن الإفصاح عما إذا كانت على علم بدوره الحالي مشيرة إلى سياسة الخصوصية التي تمنعها من التعليق على الأفراد. وقالت ستة مصادر على معرفة شخصية به إنه يستخدم اسما مستعارا آخر على منصة إكس وهو إبراهيم بن مسعود. ويصف نفسه على الصفحة الشخصية في حسابه بأنه "صاحب عمل" و"عاشق للشاورما" و"مشجع للكريكيت". وينشر الحساب منشورات عن خسائر الحرب في إدلب وتعاليم إسلامية. كان سكرية لاعب كريكيت شرسا في أستراليا، وفقا لزميل سابق له في الفريق الأسترالي عرفه في شبابه، ولا يزال يكتب منشورات عن هذه الرياضة عبر الإنترنت. كما قدم برامج حوارية (بودكاست) باللغة الإنجليزية تناول فيها قضايا مثل النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وبأي درجة من الحماس ينبغي أن ينظر المسلمون إلى المركز الرابع الذي حققه المغرب في كأس العالم 2022. ولم يتم الرد على طلبات للتعليق أرسلت إلى سكرية عبر حسابه على إكس وإلى كبير مساعديه عن الدور الذي يؤديه في إعادة هيكلة الاقتصاد السوري أو النتائج الأخرى التي خلص إليها هذا التقرير. ويشير الملف الشخصي لحازم الشرع، شقيق الرئيس، على منصة لينكدإن إلى أنه كان يشغل منصب المدير العام لشركة بيبسيكو في مدينة أربيل العراقية. وقال مصدران مطلعان إنه كان موردا رئيسيا للمشروبات الغازية إلى إدلب. ولم ترد شركة بيبسيكو على طلب للتعليق عن عمل حازم الشرع لديها أو ما إذا كانت على علم بأنشطته السابقة أو دوره الحالي. يشرف حازم حاليا على عمل اللجنة الاقتصادية، في إطار سلطته الواسعة على شؤون الأعمال والاستثمار في سوريا الجديدة. وعلى الرغم من أنه لا يشغل أي منصب حكومي معلن، فقد ظهر إلى جانب شقيقه الرئيس خلال زيارة رسمية إلى السعودية في فبراير شباط. وكان حازم الشرع أول من قدّمه شقيقه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفقا لمقطع مصور بثّته وسائل إعلام رسمية سعودية، رغم أن اسمه لم يرد في البيانات الرسمية الصادرة عقب الاجتماع. مكيافيلي قال موظف في فندق "فور سيزونس" ومصدران مطلعان إن اللجنة عند وصولها إلى دمشق في ديسمبر كانون الأول استقرت مبدئيا في الفندق، وهو المقر الذي تستضيف فيه الأمم المتحدة بعثتها في سوريا ويقيم فيه عدد من الشخصيات الأجنبية. وذكر مصدران مطلعان أن أعضاء اللجنة بالإضافة إلى مسؤولين آخرين من هيئة تحرير الشام أقاموا في غرف وأجنحة فندقية دون دفع أي رسوم. وذكر موظفون في الفندق وعدة مصادر مطّلعة أن القسم الخاص بتقديم المشروبات الكحولية بالفندق أُزيل من أجل تهيئة المكان لاستضافة الشيوخ وعقد الاجتماعات الخاصة، بما في ذلك جلسات التسوية. وقالت إدارة شركة "فور سيزونس" إنها لم تعد تدير هذا الفندق منذ عام 2019، وهو العام ذاته الذي فرضت فيه الولايات المتحدة عقوبات على مالكه رجل الأعمال سامر فوز، الذي أحجم عن التعليق على التقرير. ومع مرور الوقت، انتقلت اللجنة إلى مكاتب كان يستخدمها في السابق رجال أعمال بارزون وقيصر الاقتصاد في نظام الأسد، يسار إبراهيم، الذي يقيم حاليا في الإمارات منذ الإطاحة بالنظام السابق. ولم يرد إبراهيم على طلبات للتعليق. وقال عضو اللجنة إن الأعضاء قرروا سريعا عدم مقاضاة رجال الأعمال المشتبه بتحقيقهم أرباحا غير مشروعة قائلا "كنا سنلعب في ملعبهم". فعلى الرغم من أن بعض القضاة فقدوا وظائفهم بعد سقوط الأسد، فإن عددا كبيرا منهم ما زالوا على رأس عملهم. وذكر عضو اللجنة ومراجع حسابات مطّلع أن الحكومة الجديدة تخشى من أن يتفوق عليها رجال أعمال متمرّسون في التعامل مع النظام القضائي، أو أن تفتقر لأدلة كافية لإدانتهم في قضايا مالية معقّدة. وأضافا أن فكرة المصادرة المباشرة للأصول رُفضت تفاديا لترويع المستثمرين المحتملين. ولدى سوريا تاريخ طويل في تأميم الممتلكات يعود إلى اتحادها القصير مع مصر عام 1958، وهو ما استمر خلال الحرب الأهلية عندما صادرت حكومة الأسد ممتلكات تعود لمعارضين سياسيين. وبقي خيار إبرام صفقات مع رجال الأعمال، يتخلّون بموجبها عن بعض أصولهم مقابل السماح لهم بالعودة للعمل داخل سوريا، مما يسمح للحكومة الجديدة بالاستفادة من خبراتهم أيضا. وقال مصرفي مطلع على المحادثات إن حكّام سوريا الجدد ليسوا "فيدل كاسترو"، في إشارة إلى الدكتاتور الكوبي الذي أمّم أغلب اقتصاد بلاده. وتابع "إنهم أقرب إلى مكيافيلي". وبهذه الطريقة بدأت القيادة السورية الجديدة تفكيك اقتصاد عهد الأسد، والذي كان موزعا في معظمه بين رجال أعمال نافذين سيطروا على قطاعات رئيسية في مقابل دفع رشى للأسد ودائرته المقربة والإمبراطورية التجارية التي كان يديرها يسار إبراهيم. وكانت تلك الإمبراطورية تُعرف داخل الدوائر الضيقة باسم الجروب أي "المجموعة". الجروب في عام 2020، بدا أن الأسد قد خرج منتصرا من الحرب الأهلية بفضل الدعم الذي قدمته له روسيا وإيران. بحلول ذلك الوقت، كانت القيادة السورية قد أسست مجموعة تضم أكثر من 100 شركة أطلقت عليها اسم "العهد"، وفقا لمصدر شارك في إعداد المخطط منذ بدايته ووثائق شركات. وجنى مسؤولون في حكومة الأسد ومقرّبون منه أرباحا من هذه الشركات، كما هو الحال مع أصحابها من رجال الأعمال. وكان يسار إبراهيم يشرف على المنظومة بأكملها. وبعد سقوط الأسد، ازداد هيكل الملكية غموضا. واطلعت رويترز على إعلان غير منشور يعود لعام 2020 كان مُعدا للجمهور العام وربط بشكل مباشر بين الأسد ومجموعة العهد ووصفها بأنها شركة خاصة تساهم في إعادة إعمار سوريا. ويُظهر الإعلان المصوّر لقطات جوية لمدينة سورية تتناثر فيها المباني المهدّمة واللاجئون المنكوبون، ثم ينتقل فجأة إلى مشاهد مليئة بالموسيقى الحماسية تُظهر ورش بناء وحقولا خضراء وخطوط إنتاج. ويقول صوت المتحدث في الإعلان "أحيانا، يمكنك أن تهزم الحرب بابتسامة أو بشخص يمكنه أن يمسح الحزن عن وجهك"، وذلك في الوقت الذي تظهر فيه لقطات في الإعلان لبشار الأسد وزوجته أسماء وهما يمسحان دموع طفل. ويتابع المتحدث "قررنا أن نستمر ونصنع واقعا جديدا يُشبه أحلامنا". وتظهر، في جزء من عرض تقديمي داخلي قُدّم إلى الدائرة المقربة من الأسد في عام 2021، مجموعة من الشركات الحقيقية والوهمية التي أُنشئت تحت مظلة "العهد" للسيطرة على قطاعات اقتصادية رئيسية مثل الاتصالات والمصارف والعقارات والطاقة. ومع سقوط دمشق في الثامن من ديسمبر كانون الأول، فرّ يسار إبراهيم. وعبّرت شقيقته نسرين عن أسفها لفقدان الجروب للسيطرة. وفي رسالة على تطبيق واتساب اطلعت عليها رويترز، كتبت نسرين إلى عدد من المقرّبين "لم تعد لدينا صلة بأي من هذه الشركات. فليديروا الأمور كما يشاؤون". وتعذر التواصل مع نسرين للحصول على تعليق منها. وحصلت اللجنة على العرض التقديمي وتستخدمه للاسترشاد به في عمليات الاستحواذ، حيث استُبدل علم سوريا في عهد الأسد بالعلم الجديد، وفقا لنسخة من الوثيقة المحدثة التي اطلعت عليها رويترز. وقال راينوود ليندرس، وهو أستاذ بجامعة كينجز كوليدج لندن على دراية بالاقتصاد السياسي في سوريا، إن يسار إبراهيم توغل في جميع القطاعات الاقتصادية السورية تقريبا، وربما سيطر على ما يصل إلى 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024. وقال البنك الدولي إن تقديراته تشير إلى أن الناتج المحلي لسوريا في 2023 بلغ 6.2 مليار دولار، أي حوالي عُشر مستواه قبل الحرب. وذكر مدير مالي سابق في "الجروب" أن القيمة الإجمالية لعملياته الأساسية قد تصل إلى 900 مليون دولار. لكنه استحوذ أيضا على أصول أخرى، من بينها شركة الاتصالات الرئيسية للهواتف المحمولة (سيريتل)، عبر شراكات فرضها نظام الأسد على رجال أعمال، مما أثر بالسلب على الاقتصاد خلال سنوات الحرب. وتضمنت تلك الشراكات كلا من سامر فوز، قطب صناعة السكر والعقارات الذي يخضع لعقوبات أمريكية، ورجل الأعمال متعدد الأنشطة محمد حمشو، بالإضافة إلى الشقيقين محمد وحسام قاطرجي، اللذين أدارا عمليات واسعة في قطاعي النفط والقمح. وواجهت اللجنة صعوبات في البداية في إدارة الشؤون المالية للجروب، وقال ثلاثة من كبار المديرين في الجروب إن السبب في ذلك يعود إلى أن شخصا واحدا فقط يُدعى أحمد خليل، وهو أحد المقربين من يسار إبراهيم، كانت لديه صلاحية الوصول القانوني إلى الحسابات المصرفية. وذكرت مصادر مطلعة أن اللجنة طالبت خليل وإبراهيم بالتخلي عن 80 بالمئة من هذه الإمبراطورية مقابل الحصانة من الملاحقة القضائية إلا أن المفاوضات تعثرت. ولم يرد أي من الرجلين على طلبات للتعليق، كما تجاهل فوز والأخوان قاطرجي أيضا طلبات التعليق. أما حمشو فقد أنكر ارتكابه أي مخالفات. وحتى بدون أي تعاون من إبراهيم، تمكنت اللجنة من إحراز تقدم من خلال إبرام اتفاقات مع قيادات المستوى المتوسط. وقال أحد الموظفين الرئيسيين الذي كان يعمل مع إبراهيم إنه سلّم بيانات مقابل الحصول على الحصانة. وذكر موظف مالي ثان في المجموعة، يتعاون مع اللجنة منذ أشهر، أن ما لا يقل عن نصف إمبراطورية الشركات التي تأسست في عهد الأسد تخضع الآن لسيطرة اللجنة. ويشمل ذلك شركة الاتصالات (سيريتل)، التي أصبحت تحت إدارة اللجنة من خلال عضو مُعيّن يتمتع بصلاحية التوقيع، وفقا لوثيقة تسجيل تجاري اطلعت عليها رويترز. وقالت شركة سيريتل إن بعض النتائج التي خلصت إليها رويترز في التقرير غير دقيقة، لكنها لم ترد على طلبات للتوضيح. وذكر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أن العقوبات التي لا تزال قائمة تهدف إلى تعزيز المساءلة. وأضاف "تعزيز الاستقرار وضمان استمراره في سوريا سيتوقفان على إرساء العدالة والمساءلة الحقيقية عن الانتهاكات التي ارتكبتها جميع الأطراف على مدار السنوات الأربع عشرة الماضية". شركة طيران "جديدة"؟ قالت ثلاثة مصادر مطّلعة ووثيقة اطلعت عليها رويترز إن بعضا من أكبر شركات المجموعة استأنف نشاطه ولكن تحت أسماء جديدة، ومن بينها شركة "أجنحة الشام"، وهي شركة الطيران الخاصة الوحيدة في سوريا. وتحوّلت الشركة إلى كيان جديد يُعرف باسم "فلاي شام" بموجب تسوية جرى التوصل إليها مع مالكها عصام شموط، وفقا لثلاثة مصادر كبيرة في قطاع الطيران وموظف في شركة "أجنحة الشام" وسجل تجاري اطّلعت عليه رويترز. وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على "أجنحة الشام" وشموط بسبب اتهامات تتعلق بنقل مرتزقة إلى ليبيا ومهاجرين غير شرعيين إلى روسيا البيضاء وتهريب أسلحة والاتجار في مخدر الكبتاجون. وأظهرت الوثيقة تخلّى شموط عن 45 بالمئة من أسهم الشركة بموجب اتفاق منحه حصانة من الملاحقة القضائية. وقالت مصادر في قطاع الطيران إنه دفع أيضا 50 مليون دولار وسلّم طائرتين إلى الخطوط الجوية السورية المملوكة للدولة. أما الطائرات الثلاث المتبقية، وجميعها من طراز إيرباص إيه320، فقد أعيد طلاؤها بألوان "فلاي شام" مع الإبقاء على أرقام تسجيلها المكتوبة على الذيل. وذكرت المصادر أن شموط احتفظ بتوكيل "شموط أوتو" للسيارات. وأحجم متحدث باسم شركة "أجنحة الشام" عن التعليق، فيما قال متحدث باسم فلاي شام إن "أجنحة الشام أُغلقت. فلاي شام شركة جديدة تماما". وفي بيان لاحق، طُلب من رويترز التواصل مع اللجنة مباشرة. وفي مايو أيار، قال سامح عرابي المدير العام لشركة الخطوط الجوية السورية لوكالة الأنباء الرسمية "سانا" إن طائرتين جديدتين ستنضمان إلى الأسطول الوطني، دون أن يقدّم تفاصيل إضافية. وبعد أيام، ظهرت طائرة من طراز إيه320 تابعة لشركة "أجنحة الشام" برمز التسجيل واي.كيه-بي.إيه.جي مطلية بألوان شركة الخطوط الجوية السورية. مدن مصهورة أبرم بعض من أكبر أقطاب الأعمال في سوريا اتفاقات أيضا. وقال مصدر مطّلع إن سامر فوز، الذي فرضت عليه واشنطن عقوبات في عام 2019 بتهمة التربح من إعادة إعمار سوريا، سلّم حوالي 80 بالمئة من أصوله التجارية والتي تقدر قيمتها بين 800 مليون إلى مليار دولار. وأضاف المصدر أن الصفقة تضمنت واحدة من أكبر مصافي السكر في الشرق الأوسط ومصنعا لصهر الحديد وعدة منشآت صناعية أخرى. أما محمد حمشو، الذي تدير عائلته أنشطة تشمل إنتاج الكابلات والصناعات المعدنية والإلكترونيات واستوديوهات السينما، فقد سلّم نحو 80 بالمئة من أصوله التجارية التي تُقدّر قيمتها بأكثر من 640 مليون دولار، وفقا لثلاثة مصادر مطّلعة على الصفقة. وقالت المصادر إن حمشو احتفظ بحوالي 150 مليون دولار، فيما احتفظ أفراد عائلته بشركاتهم الخاصة. وفي إطار الاتفاق، تخلى حمشو عن مصنع ضخم لمعالجة الصلب كان "الجروب" قد استحوذ على جزء منه في السابق. وتتهم المعارضة السورية ومنظمات حقوقية ورجال أعمال حمشو بأنه استغل المصنع لمعالجة المعادن المُستخرجة من الأحياء التي دمرتها قوات الأسد. وتُشير وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن حمشو كون ثروته من خلال علاقاته بالنظام وأنه عمل واجهة لماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق والذي كان يقود الفرقة الرابعة في الجيش السوري. وتقول حكومات غربية إن الفرقة الرابعة على صلة بإنتاج الكبتاجون، وهو مخدر شبيه بالأمفيتامينات، والإتجار فيه. وعاد حمشو إلى سوريا في يناير كانون الثاني ويقيم الآن تحت حماية الدولة في شقة فاخرة بحي المالكي الراقي في دمشق. ورصد صحفيون من رويترز مرارا مسلحين يرتدون الزي الرسمي ويتمركزون عند مدخل المبنى. كانت الآمال كبيرة في أن سقوط الأسد سيمهّد الطريق لفتح صفحة جديدة في سوريا، لكن حكومة أحمد الشرع واجهت صعوبات متراكمة، كان أحدثها أعمال عنف دامية في الجنوب الذي تقطنه أغلبية درزية. وقال عمرو سالم، وزير التجارة الأسبق والذي عمل أيضا مستشارا للأسد، إن النهج العملي الذي تتبعه الحكومة الجديدة قد يكون مفيدا لبلد مدمر لكن غياب الشفافية والمعايير الواضحة لتسوية الملفات المالية يُثيران المخاوف من إساءة استخدام السلطة مجددا. وأضاف سالم لرويترز "طُلب مني شخصيا إبرام تسوية لكنني رفضت، لأنني لم أرتكب أي خطأ". وأثارت هذه الاتفاقات غضب عدد كبير من السوريين الذين كانوا يأملون في رؤية شخصيات بارزة مرتبطة بالأسد خلف القضبان، مما أدى إلى اندلاع احتجاجين محدودين في يونيو حزيران. وقال عبد الحميد العسّاف، وهو ناشط شارك في احتجاج ضد عودة حمشو "هذا الأمر يمثل إهانة للسوريين. هناك استياء في الشارع السوري من عودة رجال الأعمال الذين كانوا في عهد الأسد، أو أي شخص تعاون معه". وأكد حمشو لرويترز أنه أجرى محادثات مع اللجنة، لكنه يتحفظ على الإدلاء بأي تعليقات أخرى لحين الإعلان رسميا عن تسوية. وقال حمشو "أشجّع قادة الأعمال والمستثمرين على التطلع إلى سوريا... البلد يتبنى اقتصاد السوق الحرة ويُوفّر بيئة خصبة لاستثمارات متنوعة وواعدة". وحصلت سوريا على وعود استثمار بوتيرة متسارعة. وقاد وزير الاستثمار السعودي وفدا تجاريا إلى سوريا لحضور مؤتمر استثماري انطلق يوم الأربعاء ويستمر لمدة يومين وسط توقعات بطرح فرص استثمارية تصل قيمتها إلى ستة مليارات دولار في قطاعات اقتصادية رئيسية. ومع اقتراب التسويات، بدأ بعض أعضاء اللجنة في تقلّد مناصب عامة. وصدر قرار بتعيين اثنين منهم على الأقل ضمن لجنة رسمية شكّلها الشرع في مايو أيار لإدارة جزء من الأصول المكتسبة بطريقة غير مشروعة. وقال عضو اللجنة إن هذا يأتي في إطار الجهود المبذولة لإضفاء الطابع الرسمي على عمل يقومون به في الخفاء. وأضاف "إنها إعادة هيكلة شاملة.. من الداخل والخارج". ويجري الآن العمل على تغيير لقب "شيخ" الذي كان أعضاء اللجنة يُنادون به بعضهم بعضا سابقا ليحل محله لقب "الأستاذ". ورغم أن الاتصالات والاجتماعات لا تزال تُعقد في ساعات متأخرة من الليل، فإن المعاملات الورقية تُنجز خلال ساعات العمل الرسمية. وأوضح عضو اللجنة أن الأعضاء تلقوا تعليمات بارتداء البزّات الرسمية بدلا من الملابس العسكرية أو الملابس غير الرسمية، كما صدرت لهم أوامر بإخفاء مسدساتهم بعيدا عن الأنظار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store