الإعلامية إيمان المومني تكتب : الفوسفات الأردنية.. قصة نجاح وطنية تتجدد
أخبارنا :
بقلم: الإعلامية إيمان المومني
في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأردني تحديات متجددة، تبرز شركة مناجم الفوسفات الأردنية كواحدة من أعمدة الاقتصاد الوطني، محققة تطورات لافتة وإنجازات استراتيجية تعكس كفاءتها وريادتها، ومكانتها الإقليمية والعالمية المتقدمة في قطاع التعدين والصناعات التحويلية.
شهد سهم الشركة قفزات نوعية خلال السنوات القليلةالماضية، ما يعكس ثقة المستثمرين المتزايدة في أداء الشركة، وسط مؤشرات إيجابية لتحسن الأرباح واستمرار الطلب العالمي على الفوسفات.
في إنجاز وطني مشرف، حلت شركة مناجم الفوسفات الأردنية ضمن قائمة أقوى 100 شركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025 وفق تصنيف مجلة فوربس الشرق الأوسط، التي اعتمدت في تصنيفها على الأداء المالي والمكانة السوقية للشركات العامة.
ووفقاً للتقرير، بلغت القيمة السوقية للشركة 5.1 مليار دولار، وحققت في العام الماضي:
• مبيعات: 1.7 مليار دولار
• أرباح صافية: 645 مليون دولار
• أصول: 3 مليارات دولار
في إطار خطتها التوسعية، تعمل الشركة على تنفيذ مشروع ضخم في منطقة الشيدية بقيمة 120 مليون دولار لإنتاج الفوسفات بتقنية "التعويم"، بطاقة إنتاجية تصل إلى 2 مليون طن سنويًا. ويهدف المشروع إلى تعزيز القيمة المضافة للفوسفات الخام، وتطوير الصناعات التحويلية المرتبطة به، بما يسهم في رفع تنافسية الأردن عالميًا وزيادة فرص التصدير والتشغيل.
خلال عام 2024، أنتجت الشركة ما يقارب 11.5 مليون طن من الفوسفات الخام، ووصلت مبيعاتها المحلية والدولية 11.3 مليون طن، بزيادة مقدارها 100 ألف طن عن العام السابق، في دلالة واضحة على النمو المتواصل وتحسين الكفاءة التشغيلية.
لم تكتفِ الفوسفات الأردنية بالأداء المالي، بل رسخت نموذجًا في الحوكمة والتميز المؤسسي، حيث أصبحت أول شركة أردنية في قطاع التعدين تحصل على شهادة الاعتراف بالتميّز – فئة الأربع نجوم من المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة (EFQM)، عبر مركز الملك عبدالله الثاني للتميّز.
ويعكس هذا الإنجاز التزام الشركة بأعلى معايير الجودة، والاستدامة، والإدارة الرشيدة، والتطوير المستمر.
تتبنّى الشركة استراتيجية متكاملة للمسؤولية المجتمعية، تشمل:
• دعم المجتمعات المحلية في مناطق عملها.
. إقامة المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة الموفرة لفرص العمل لأبناء المجتمعات المحلية في مناطق عمل الشركة.
• توفير فرص عمل نوعية للشباب الأردني والتدريب والتأهيل الفني.
• المساهمة في تحسين البنية التحتية والخدمات.
• دعم قطاعي الصحة والتعليم .
كما تعمل على فتح أسواق تصديرية جديدة، ما يسهم في زيادة الصادرات الوطنية وتعزيز ميزان المدفوعات، وترسيخ مكانة الأردن كمزود رئيسي للفوسفات في الأسواق العالمية.
تواصل شركة مناجم الفوسفات الأردنية تجسيد نموذج وطني يحتذى به في الجمع بين الربحية، والمسؤولية، والاستدامة، عبر رؤى استراتيجية واضحة، واستثمارات ذكية، وإدارة مؤسسية فاعلة.
إن نجاح الشركة لا يعكس فقط إنجازاتها الذاتية، بل يُعد رافعة حقيقية للاقتصاد الأردني، ومصدر فخر لكل أردني.
في ظل هذه النجاحات المتراكمة، تبرهن الفوسفات الأردنية على أن الاستثمار في العقول، والتخطيط، والموارد الوطنية قادر على تحقيق نتائج استثنائية تتجاوز التوقعات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
د. حمد الكساسبة : رغم التوتر... الشرق الأوسط لا يزال جاذبًا للاستثمار الذكي
أخبارنا : هل لا يزال الشرق الأوسط جاذبًا للاستثمار في ظل تصاعد التوترات والصراعات الجيوسياسية؟ هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه اليوم بقوة، مع تنامي المخاوف من اتساع رقعة المواجهة بين إسرائيل وإيران. ورغم أن رأس المال عادةً ما يتفادى المخاطر، إلا أن هناك مؤشرات متزايدة على أن نمط الاستثمار في المنطقة قد يشهد تحوّلًا نوعيًا، خاصة نحو القطاعات الرقمية والذكية. فالمنطقة، رغم التحديات، لا تزال تملك موارد بشرية ومواقع جغرافية وفرصًا تنظيمية تجعلها محط اهتمام المستثمرين الدوليين. تُعدّ المشاريع الرقمية اليوم خيارًا استثماريًا مثاليًا، ليس فقط بسبب سرعة تنفيذها وتكلفتها المنخفضة، بل لأنها تستمر في العمل بكفاءة حتى في ظل التحديات الكبرى، مثل إغلاق الحدود أو تعطل سلاسل التوريد. وهذا ما يمنحها جاذبية خاصة في أوقات التوتر. ووفقًا لبيانات منصة "ماجنيت"، استحوذت شركات التكنولوجيا في عام 2024 على نحو 23% من الصفقات الاستثمارية الكبرى في الخليج، مع توقعات بتجاوز هذه النسبة 30% خلال عام 2025. ويُعزى هذا النمو إلى المرونة العالية التي تتمتع بها الشركات الرقمية، وقدرتها على التوسع السريع وتكييف منتجاتها مع المتغيرات دون الاعتماد على بنى تحتية ثقيلة. كما أن جزءًا متزايدًا من هذه المشاريع يركّز على الأمن السيبراني والخدمات الرقمية العابرة للحدود، ما يجعلها أكثر قدرة على الصمود في وجه الأزمات. التحول الرقمي لا يمكن أن يتم دون أساس متين. فهو يتطلب بنية تحتية رقمية متقدمة، وشبكات إنترنت قوية، وخدمات سحابية فعّالة، بالإضافة إلى كفاءات بشرية تمتلك المهارات الرقمية الحديثة. وقد نجحت بعض دول المنطقة، مثل الإمارات والسعودية، في تحقيق قفزات كبيرة بفضل استراتيجيات واضحة واستثمارات ضخمة في هذا المجال. أما باقي الدول، فلا تزال تواجه فجوة رقمية واضحة، بسبب ضعف الاستعداد الفني وقلة الكفاءات، مما يقلل من جاذبيتها أمام الاستثمارات الرقمية الواعدة. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن سد هذه الفجوة يتطلب استثمارات تتجاوز 1.6 تريليون دولار بحلول عام 2030. ومع ذلك، تُظهر بيانات البنك الدولي أن غالبية الاستثمارات في الشرق الأوسط لا تزال تذهب إلى مشاريع تقليدية مثل البنية التحتية والطاقة، بينما تُهمَّش القطاعات الرقمية. هذا التباين يكشف عن حاجة ملحّة لإعادة هيكلة أولويات الاستثمار في المنطقة، من خلال توجيه الموارد نحو الاقتصاد الرقمي كخيار استراتيجي قادر على تحفيز النمو وخلق فرص عمل مستدامة. في حال تصاعد الصراع وتزايد التهديدات التي تُحدق بالممرات التجارية العالمية، قد يجد العالم نفسه مضطرًا للبحث عن مسارات بديلة أكثر أمنًا ومرونة. وهنا، يُمكن للشرق الأوسط أن يعرض نفسه ليس فقط كجسر جغرافي، بل كمنصة ذكية للتجارة والاستثمار. موانئ مثل العقبة في الأردن وبور سعيد في مصر تمتلك المقومات للتحول إلى مراكز لوجستية رقمية، تعتمد على أنظمة جمركية مؤتمتة وخدمات لوجستية ذكية، ما يضمن حركة سلسة وآمنة للسلع حتى في أوقات الأزمات. إن من يسبق إلى هذا التحول، سيحظى بفرصة لقيادة مستقبل التجارة الرقمية في المنطقة. في النهاية، ورغم أن الصراعات لا تزال عنصر قلق رئيسيًا، إلا أن من يقرأ المشهد بعين استراتيجية سيجد أن الاستثمار في المستقبل الرقمي للشرق الأوسط قد يكون رهانًا أكثر أمانًا على المدى الطويل، إذا ما اقترن بإصلاحات بنيوية وتشريعية تواكب هذا التحول. فالتنمية الاقتصادية المستدامة باتت اليوم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرة الدول على احتضان التكنولوجيا وتحويلها إلى أداة لتعزيز الاستقرار والمناعة في مواجهة الأزمات.


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
د. رعد محمود التل : هي حرب "استنزاف اقتصادي" أيضاً (2-2)
أخبارنا : تدخل الحرب بين إيران ودولة الاحتلال مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، تتجاوز حدود المواجهة العسكرية إلى صراع استنزاف اقتصادي واسع النطاق، يمتد أثره إلى ما هو أبعد من حدود الجغرافيا. فهذه الحرب، التي تدور في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية لإمدادات الطاقة والتجارة العالمية، لا تقتصر كلفتها على الجبهات القتالية، بل تُلقي بظلال ثقيلة على الأسواق، والنمو، والاستقرار المالي، وميزانيات الدول. وفي ظل التداخل بين الجغرافيا الاقتصادية والسياسة الإقليمية، يبدو أن هذه المواجهة ستعيد رسم التوازنات في المنطقة، وقد تشعل سلسلة من الأزمات في أسعار الطاقة والتضخم والاستثمار، لا تمس أطراف النزاع وحدهم، بل تمتد إلى الاقتصاد العالمي بأسره. فكلفة الحرب تقدر بين إيران ودولة الاحتلال بنحو مليار دولار يوميًا لكل طرف، ومع استمرارها لفترة أطول قد تصل لكلف عالية جدا (الكلفة الإجمالية 150 مليار دولار لثلاثة شهور يعادل تقريبًا36% من الناتج المحلي لإيران وربع الناتج المحلي لدولة الاحتلال)، ما يعني أن الحرب لا يمكن أن تستمر دون أن تترك أثراً عميقاً طويل الأمد في الاقتصادين. في المقابل، تبقى أسواق النفط هادئة نسبيًا رغم وقوع الحرب في منطقة مسؤولة عن 30% من إنتاج النفط العالمي و17% من إنتاج الغاز. فقد استقر سعر برميل النفط عند 74 دولارًا تقريباً، وهو ما يعكس استقرار العرض من دول مثل السعودية والإمارات وروسيا، ويقلل من تأثير الحرب على المدى القصير. لكن، إذا ما تطورت المواجهة إلى تعطيل طرق الملاحة في مضيق هرمز أو استهداف منشآت نفطية في الخليج، فإن الأسواق ستواجه اضطرابًا كبيرًا، مما قد يدفع الأسعار إلى مستويات تتجاوز 100 دولار، ويؤثر على النمو العالمي. بالنسبة للغاز الطبيعي، فالتطورات الأخيرة تشير إلى أن هذه الحرب قد تتسبب في اندلاع أزمة غاز عالمية، خصوصًا في أوروبا. فقد ارتفعت أسعار الغاز هناك بنسبة تقارب 15%، بما يعادل 4 دولارات إضافية لكل مليون وحدة حرارية. وتلوح في الأفق تحذيرات من أن الأسعار قد تقفز إلى 25 دولارًا في حال تعطّل مرور الغاز عبر مضيق هرمز، وهو ما قد يضع أوروبا أمام أزمة طاقة حادة خلال ذروة الشتاء المقبل. فمنذ وقف الاعتماد على الغاز الروسي، باتت أوروبا تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي المسال القادم من دول الخليج، والذي يمر معظمه عبر المضيق. أما على مستوى التخزين، فلا تبدو الأوضاع مطمئنة، إذ لا تتجاوز مستويات تخزين الغاز في ألمانيا – أكبر اقتصاد أوروبي – نسبة 49% فقط، وهي نسبة مقلقة إذا استمرت الاضطرابات الجيوسياسية. إيران تنتج سنوياً نحو 275 مليار متر مكعب من الغاز تصدر منه كميات محدودة بسبب العقوبات، وأبرز الصادرات الايرانية تتجه الى تركيا والتي استوردت نحو 7 مليارات متر مكعب العام الماضي، وبالتالي أي اضطراب في هذه الامدادات سيدفع باتجاه زيادة المنافسين على الطلب في سوق الغاز العالمي. اما بالنسبة للغاز الطبيعي الذي يتم ضخه الى الاردن ومصر من حقول الغاز البحرية والذي انخفض انتاجها بنحو الثلث مع بدء الحرب ما يخلق فجوة جديدة في إمدادات الشرق الاوسط. ويقدر تقرير البنك الدولي (أبريل 2025) أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستحقق نموًا بنسبة 2.6% هذا العام، على أن ترتفع إلى3.7% في 2026 و4.1% في 2027، مستفيدة من زيادة الإنتاج النفطي والتوسع في الاستثمارات. لكن استمرار الحرب قد يقلب هذه التوقعات، ويؤدي إلى تباطؤ النمو في الدول غير النفطية وارتفاع كلفة التأمين والنقل، وتأجيل مشاريع استثمارية ضخمة في قطاعات مثل اللوجستيات والطاقة والتكنولوجيا. التحليل الاقتصادي يُظهر بوضوح أن الحرب بين إيران ودولة الاحتلال تُضعف الطرفين وتفرض عليهما كُلفة عالية لا يمكن تعويضها بسهولة، سواء على مستوى المالية العامة أو استقرار الأسواق أو ثقة المستثمرين. ففي الوقت الذي يعتمد فيه كل طرف على أدواته الاستراتيجية (إيران عبر الجغرافيا والطاقة، ودولة الاحتلال عبر التقنية والدعم الغربي)، إلا أن كليهما يتحرك ضمن هامش ضيق جدًا من المناورة، بسبب الضغوط الاقتصادية المتراكمة. ومع أن اقتصاد دولة الاحتلال يظهر تنوعًا وقدرة على الصمود على المدى القصير، فإن هشاشة الوضع الأمني والضغط على البنية الاجتماعية قد ينتج عنها ارتدادات طويلة الأمد. وفي المقابل، تبدو إيران غارقة في مزيج من العقوبات والتضخم وفقدان البدائل، تجعل من استمرار الحرب تهديدًا مباشرًا لاستقرارها الداخلي!


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
د. ايوب ابو دية : حرب الخليج الثالثة وتداعياتها الاقتصادية
أخبارنا : قبل فرض العقوبات الدولية المشدَّدة، كانت إيران تُعدُّ عملاقًا نفطيًّا بامتياز. تمكَّنت من تصدير كميات ضخمة من النفط الخام إلى أسواق عالمية متنوعة، خاصة في أوروبا وآسيا. كانت خطوط الإنتاج تعمل بكامل طاقتها، والبنى التحتية للتصدير متطورة، مما جعل النفط عصب الاقتصاد الإيراني. مع تشديد العقوبات، انكمشت صادرات النفط الإيراني انكماشًا حادًّا، لكنها لم تتوقف. اتَّبعت طهران استراتيجيات مرنة لتفادي القيود، مثل التحوُّل نحو شركاء آسيويين، خاصة العملاق الاقتصادي في الشرق، الذي ظلّ المستورد الرئيسي عبر قنوات غير مباشرة. واعتماد أساطيل مموهة لنقل النفط، مع عمليات نقل بين السفن في عرض البحر. كذلك منح خصومات كبيرة لجذب مشترين مستعدين لتخطي المخاطر السياسية. أما صادرات الغاز، فظلّت مُحاصَرة بالعقوبات، إلا أنها استمرت عبر خطوط أنابيب برّية نحو دول الجوار، رغم عدم استقرارها أحيانًا. فالغاز يبقى حبيس الجغرافيا، فمعظم صادراته تُوجَّه برًّا لدول مجاورة، بينما تمنع العقوبات تطوير مشاريع التسييل الضخمة. في تقرير صادر حديثا عن منتدى العالم الاقتصادي لعام 2024، كان هناك طلب قياسي على الطاقة، حيث أدت النزاعات العالمية، ومنها الحرب الروسية الإوكرانية تحديدا، إلى تعطيل تدفقات التجارة، بينما دفع الطلب المتزايد على الكهرباء، بما في ذلك استهلاك مراكز البيانات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي (AI)، دفع الطلب العالمي على الطاقة إلى الارتفاع بنسبة 2.2% (أسرع وتيرة منذ سنوات). ان طلب بحث واحد على نموذج ذكاء اصطناعي متطور قد يستهلك طاقةً تزيد ١٠ مرات عن طلب بحث في محرك عادي. وفي بعض مراكز البيانات العملاقة تستهلك طاقةً تُضاهي استهلاك مدن. وعلى الرغم من التوسع المستمر في مصادر الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة، فقد وصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة إلى مستوى قياسي بلغ نحو 38 مليار طن. وهذه أخبار سيئة لتطلعات العالم للحد من معدل ارتفاع درجة الحرارة عالميا. وفي الوقت نفسه نما الاستثمار في الطاقة النظيفة إلى أكثر من 2 تريليون دولار - أي ضعف مستويات عام 2020، ولكنه ظل أقل بكثير من 5.6 تريليون دولار المطلوبة سنويًا حتى عام 2030. وربما يكون السبب في ذلك أيضا استنزاف الحرب في شرقي أوروبا أموال هائلة على المعدات العسكرية وتكنولوجيا الدمار. ففي ضوء ذلك وضعنا سيناريوها افتراضيا مماثلا لحرب الخليج الثالثة (حزيران 2025)، اذ نتوقع تفاقم أزمات سلاسل التوريد هذا العام مع احتمالية إغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره 30% من النفط العالمي، وعندها ستنهار إمدادات النفط والغاز المسال إلى آسيا وأوروبا. وربما يتجاوز ارتفاع سعر برميل النفط 200 دولار، مع نقص حاد في منتجات التكرير. لذلك فإن التوجه نحو المركبات الكهربائية يزيد من الأمان. والاخطر من ذلك هو ان تحدث صدمة للطلب العالمي على الطاقة فتواجه مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي انقطاعات كهربائية متكررة في آسيا وأوروبا، ما يهدد نمو القطاع الرقمي ويُكبد الشركات خسائر بمليارات الدولارات. عندذاك فلا مناص من التحول إلى الفحم، اذ ستلجأ دول مثل الهند والصين إلى زيادة انتاج الفحم لتعويض نقص الغاز والنفط، مما يرفع الانبعاثات فوق المستوى القياسي. وما قد يزيد الامر تعقيدا تراجع استثمارات الطاقة النظيف وتوجه دول الخليج وأوروبا استثماراتها نحو الأمن العسكري والطاقة التقليدية، مما يخفض تمويل الطاقة المتجددة. وهذا بدوره سوف يؤدي الى تباطؤ النمو وانخفاض معدل نمو الاستثمار في الطاقة النظيفة، مع إلغاء مشاريع كبرى (مثل محطات الرياح البحرية في أوروبا) نتيجة عجز التمويل، فالفجوة سوف تتسع، متأثرة بارتفاع تكاليف المواد بسبب الحرب. وهناك تبعات أخرى محتملة لهذه الحرب، مثل انهيار منظمة أوبك بفعل تضارب مصالح روسيا والصين (المتحالفة مع إيران) ودول الخليج. فضلا عن ظهور أزمة لوجستية عالمية بفعل ارتفاع تكاليف الشحن وتأمين السفن بسبب تحويل السفن حول رأس الرجاء الصالح، مما يرفع أسعار السلع الأساسية. وبالتالي هناك سيناريوهات التكيف المحتملة، مثل التسريع النووي، فدول مثل الصين وبريطانيا وفرنسا قد تُسرّع برامج الطاقة النووية لضمان أمن إمدادات الكهرباء. وربما تؤدي خطط طوارئ الطاقة في أوروبا الى إعادة تشغيل محطات الفحم المغلقة وتأجيل خطط التخلص منها حتى 2040، وأيضا إعادة تشغيل المحطات النووية القديمة، الأمر الذي سوف يزيد من احتمالات حدوث كوارث نووية على غرار تشرنوبل وفوكوشيما. ولكن بالمقابل ربما تحدث اختراقات تكنولوجية في تخزين الطاقة (البطاريات المطورة )، والتوسع في إنتاج الطاقة النظيفة وزيادة كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك. وبناء عليه، فإن تداعيات حرب الخليج الثالثة ربما تُعمق أزمات الطاقة السابقة بزيادة الانبعاثات وتراجع الاستثمار الأخضر لأول مرة منذ أزمة كورونا 2020، مع عواقب طويلة المدى بشأن التكيف مع التغير المناخي، فيغدو الركود العالمي حتمياً بسبب التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، علما بان التأثيرات سوف تكون أقسى على الاقتصادات النامية. هذا السيناريو ليس تنبؤاً بل إنذاراً استراتيجياً يُظهر كيف يمكن لصراع جيوسياسي واحد أن تكون له تبعات متعددة. ولكن هناك بدائل، فيمكن للدول النفطية الاستثمار في الأردن بوصفها الأكثر أمنا في المنطقة، وصلة الربط بالعالم الغربي، كبناء أنابيب للنفط والغاز عبر السعودية إلى العقبة جنوبا، وشمالا عبر الاردن وسوريا الى دول البحر المتوسط واوروبا الشمالية. وهكذا يمكن لدول الخليج تنويع جغرافيا تصدير الطاقة إلى العالم، الامر الذي يجنبها ازمات مشابهة في المستقبل.