
هل الفكرة تموت؟
الواقع يقول إن الفكرة تموت، وقد تتعفن، وقد تنحرف إلى ضدها في التطبيق. يمكن أن نضرب أمثلة على ذلك أن النصوص المقلقة تموت.
الاشتراكية الشيوعية، فكرتها العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة، والمساواة بين الطبقات. هذه الفكرة التي تبدو جاذبة، وانتشرت لدى مجموعات من الناس، تحولت إلى أنظمة سلطوية، الاتحاد السوفييتي والصين وكوريا الشمالية، أمثلة على ذلك، وتطورت في بعضها حتى تغير شكلها جذرياً، في هذه المجتمعات. لم تمح الطبقات، ولم يوزع دخل المجتمع على الجميع بالتساوي، ولم يقم ميزان العدل، بل ساد القمع والتسلط.
فكرة سامية أخرى هي العولمة، وأساسها التقريب بين الشعوب، والانفتاح الثقافي، وتداول السلطة. تلك الأفكار تحولت إلى وسيلة للسيطرة، وبخاصة سيطرة الشركات العابرة للحدود على مصادر الثروة، وزادت من الفجوة بين الشمال والجنوب، بل وفي المجتمع الواحد، سببت عاهات، منها الشعبوية، ورفع الحواجز الوطنية أمام الآخر.
فكرة أخرى هي الديمقراطية الليبرالية، في الأصل حكم الشعب، واحترام الحريات، وتداول السلطة، هذه الفكرة مع مرور الزمن، أصبحت شكلية في بعض الدول، ومرتهنة إلى رأس المال والإعلام في دول أخرى، وأنتجت الشعبوية واليمين المتطرف.
فكرة التنوير، وأصلها تحرير العقل من الخرافات، واعتماد المنهج العلمي والمنطق وكرامة الإنسان، تحولت في كثير منها، إلى تعالٍ على الثقافات الأخرى، وبخاصة غير الغربية، وبررت الاستعمار والفروق بين الشعوب.
أما الفكرة المركزية الأخرى فهي الدين، وهي كرسالة رحمة وعدل وتكريم خلق الله، تحولت في كثير من الحالات على مر التاريخ، واستخدمت لتبرير العنف والطائفية والاستبداد، وأصبحت وسيلة سياسية أكثر من مشروع روحاني.
أما القومية، وهي فكرة أخرى صلبها الاعتزاز بالهوية والثقافة واستقلالها، تحولت إلى أداة للإقصاء في كثير من المجتمعات وقوة عنصرية في المجتمعات المختلطة، واستخدمت أيضاً تبريراً للحروب.
كثيراً ما يقال عن حقوق الإنسان إنها فكرة لتعزيز الكرامة الإنسانية غير القابلة للانتهاك وتحقيق المساواة والعدل، طبقت هذه الفكرة بازدواجية، حسب الجغرافيا والمصالح والإثنيات، وأصبحت تخدم خططاً سياسية من الدول الكبرى والمتوسطة لفرض هيمنتها.
الحرية الاقتصادية أيضاً فكرة أساسها تمكين الأفراد من دعم الابتكار وتقليل التدخل من الدولة، أصبحت صيغة لتغول الرأسمالية، وتبرير تركيز الثروة والسلطة في يد أقلية، وهي على مستوى العالم لا تتجاوز 1%.
التعليم للجميع فكرة تمكن الإنسان من إطلاق الإبداع وتحرير العقل، وفي كثير من الأنظمة أصبح التعليم للجميع، وسيلة للسيطرة الأيديولوجية، والتلقين، وتسطيح التعليم، والحرمان من التفكير النقدي.
وأخيراً محاربة الإرهاب، وهي فكرة حماية المجتمعات من العنف، لكنها اتخذت كمبرر للرقابة، والاعتقال وحرمان الأفراد من حقوقهم الطبيعية، وتضييق حرية التعبير.
هذه بعض الأفكار، وما يشبهها التي نشأت تحت شعارات جميلة ومغرية، ولكنها في التطبيق انتكست إلى عكسها، وأنتجت الكثير من التعاسة الإنسانية.
إذن حزب الله، وحماس، والبعث، وغيرها من الشعارات المطروحة حولنا تتغير وتشيخ، وتنتج ما هو ضدها لذلك علينا أن نعيد النظر في الرأي الذي يتبناه كثيرون، أن الفكرة لا تموت، إنها تموت وتنتج أضدادها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 4 دقائق
- الإمارات اليوم
مسؤولون حكوميون: القانون الجديد يعكس رؤية محمد بن راشد لتعزيز جودة الحياة
أكد عدد من مديري العموم في حكومة دبي أن إصدار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قانون تسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقود بناء منازل المواطنين في إمارة دبي، يجسّد رؤية سموّه الشاملة وحرصه على توفير سبل العيش الكريم وضمان مقومات الاستقرار الأُسري للمواطنين، وتسخير الإمكانات كافة لتعزيز جودة حياتهم، لاسيما في ملف إسكان المواطنين الذي يتصدر الأولويات ضمن رؤية قيادة دبي. وأشاروا إلى أن القانون يرسّخ نهجاً تشريعياً متطوراً من خلال توفير آليات سريعة ومرنة لحل النزاعات، بما يسهم في تسريع إنجاز المشاريع السكنية وضمان استدامتها، كما يمثل القانون الجديد إضافة نوعية للمنظومة القضائية في دبي، حيث يجمع بين التسوية الوديّة والقضائية ضمن إطار زمني واضح وبمشاركة قضاة وخبراء متخصصين. وقال مدير محاكم دبي، الدكتور سيف غانم السويدي، إن «إصدار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، قانون تسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقود بناء منازل المواطنين في الإمارة يجسّد حرص سموه على توفير سبل العيش الكريم والاستقرار الأسري للمواطنين، وتسخير الإمكانات كافة لتعزيز جودة حياتهم»، وأضاف: «يعزز القانون التزام محاكم دبي الكامل والمستمر بتعزيز كفاءة النظام القضائي في الإمارة، وضمان تسهيل الوصول إلى العدالة لجميع الأطراف المعنية في أسرع وقت ممكن». وأكد أن قانون تسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقود بناء منازل المواطنين في إمارة دبي جاء متماشياً وداعماً لأجندة دبي الاجتماعية 33 الهادفة إلى تعزيز أسس التنمية الاجتماعية المستدامة، وبناء مجتمع متكامل يحقق سعادة ورفاهية المواطن، حيث يسهم هذا القانون في تعزيز استقرار الأسرة الإماراتية. وقال مدير عام بلدية دبي، المهندس مروان أحمد بن غليطة: «يمثل صدور قانون تسوية المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقود بناء منازل المواطنين في دبي خطوة مهمة نحو تعزيز بيئة الإسكان في الإمارة، وتأكيداً على التزام القيادة الرشيدة بتوفير حياة كريمة للمواطنين»، مشيراً إلى أن بلدية دبي حريصة على تسخير جميع إمكاناتها ومواردها لضمان تحقيق أهداف القانون. وأكد الأمين العام للمجلس القضائي لإمارة دبي، الدكتور عبدالله سيف السبوسي، أن القانون يشكّل إضافة نوعية للمنظومة القضائية في دبي، ويعكس التوجه الاستراتيجي نحو تعزيز الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، بما يضمن تحقيق العدالة بسرعة وكفاءة.

سكاي نيوز عربية
منذ 4 دقائق
- سكاي نيوز عربية
مفاوضات هدنة غزة.. واشنطن تطالب حماس بردّ على المقترح المحدث
ونقلت "سي إن إن" عن المصدرين قولهما أن الولايات المتحدة "قد تسحب ضماناتها بأن إسرائيل ستتفاوض على إنهاء الحرب خلال الهدنة إن لم توافق حماس سريعا على المقترح المحدّث للاتفاق". وذكر المصدران أن القيادي في حماس، خليل الحية، يدعم المقترح المحدّث للاتفاق، لكنه ينتظر موافقة القيادة الداخلية في غزة. وأكد المصدران أن الولايات المتحدة ومصر وقطر "يمارسون ضغوطا كبيرة على حماس للتوصل إلى اتفاق بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة". وأشار المصدران إلى أن "الوسطاء متفائلون بشكل متزايد بإمكانية التوصل إلى اتفاق، بعد حلّ العديد من نقاط الخلاف الرئيسية الأسبوع الماضي". وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد نقلت عن مصدر مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، مساء الأحد، قوله إن حماس ستقبل المقترح المحدّث للاتفاق خلال أيام. وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى تصريح مصدر عسكري رفيع المستوى جاء فيه: "آمل أن نتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع. يوصي جيش الدفاع الإسرائيلي القيادة السياسية بالتوصل إلى اتفاق، فهناك رغبة كبيرة لدى الجانبين". وحسب المصدر، فإن توصية الجيش، كما عُرضت على القيادة السياسية، هي إبقاء القوات العسكرية في محيط المناطق الخاضعة للسيطرة والمطلّة على المستوطنات في جميع أنحاء قطاع غزة. ولفت المصدر إلى أن تفاصيل مسودة الاتفاق تشمل إطلاق سراح 28 رهينة إسرائيلية، 10 منهم أحياء و18 قتيلا، خلال فترة هدنة مدتها 60 يوما. وسيتم إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة فورا وبكميات كافية، بإشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر. وتتضمن الخرائط الجديدة التي قدمتها إسرائيل لحماس بحسب هيئة البث الإسرائيلية مرونة كبيرة من جانبها. ومن بين القضايا التي أبدت إسرائيل مرونتها بشأنها، إعادة رسم محور موراغ، وتغيير انتشار القوات في غزة. وبعد إطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، سيبدأ الجيش الإسرائيلي الانسحاب من أجزاء من شمال غزة، ولاحقا من جنوبها. ووفقا للاتفاق، سيُطلب من حماس في اليوم العاشر من وقف إطلاق النار تقديم معلومات عن وضع الرهائن المتبقين في غزة، وستكشف إسرائيل عن معلومات عن أكثر من ألفي فلسطيني من غزة محتجزين إداريا في إسرائيل منذ بداية الحرب. وستلتزم إسرائيل بالإفراج عن جميع السجناء الفلسطينيين كجزء من الاتفاق. ويبدو أيضا أن إسرائيل ستوقف جميع أنشطتها العسكرية في قطاع غزة فور دخول الاتفاق حيز التنفيذ. وستتوقف حركة الطيران لمدة عشر ساعات تقريبا يوميا، أو اثنتي عشرة ساعة في أيام تبادل الأسرى. وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الإثنين، رفضها البيان المشترك الصادر عن أكثر من 20 دولة والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة. ووصفت الخارجية هذا البيان بأنه "منفصل عن الواقع ويوجه رسالة خاطئة لحركة حماس". وأضاف البيان الإسرائيلي: "البيان يفشل في تركيز الضغط على حماس ويتجاهل دورها ومسؤوليتها عن الوضع". ودعت بريطانيا وأكثر من 20 دولة أخرى، الإثنين، إلى وقف فوري للحرب في غزة وانتقدت نظام توزيع المساعدات الإسرائيلي بعد مقتل مئات الفلسطينيين بالقرب من مواقعه في أثناء محاولات الحصول على الطعام.


صحيفة الخليج
منذ 33 دقائق
- صحيفة الخليج
المعركة المحسومة
لم يعد مفاجئاً الإعلان عن أية محاولة جديدة من جماعة «الإخوان المسلمين» للخروج على ثوابت الوطنية في أي بلد عربي، بل إن تكرار المحاولات في الأردن أو مصر وغيرهما تأكيدٌ على قاعدة ارتباط التشكيل الإرهابي بمصالحه الخاصة المقترنة بالضرورة بمصالح جهات أخرى وتذكير بأنه لا يمكن النظر إليه إلا من هذه الزاوية. لم يعد بوسع الجماعة أن تحرف الأنظار عن هذه الزاوية التي لم يعد ممكناً ولا مقنعاً التغطية عليها بادعاءات نصرة هذه القضية أو تلك وبات من المعلوم بالضرورة من أمور الدين والوطنية أن التستر بالشعارات الكبرى والقضايا العربية والإسلامية الملحة تجارة «الإخوان المسلمين» التي راجت طويلاً، لأسباب اجتماعية وسياسية، لكنها كسدت بعد أن بان فسادها، لكونها مجرد أدوات مسمومة لشق الصفوف، وفتح ثغرات لاختطاف مساحة. في المواجهة الأحدث مع الجماعة التي أحبطت السلطات المصرية سعيها لتنفيذ أعمال إرهابية داخل مصر، تؤكد الجماعة نهجها العنيف الساعي لاستغلال ظروف إقليمية بعينها لتحقيق ما تتصوره مكاسب ولو معنوية ثتبت به بقاءها في دائرة الفعل، هنا تكرار بتفاصيل مختلفة، لما أحبطته السلطات الأردنية مؤخراً من مخططات تستهدف إرهاب المجتمع والخروج على قواعده. والواقعتان وما قبلهما وما بعدهما، يقول بوضوح: إن جماعة «الإخوان المسلمين» تعجز عن إدراك حجم انكشافها أمام الشعوب العربية واستحالة عودتها إلى موقعها القديم الذي تخفّت فيه خلف شعارات أثبت الواقع زيفها، ملاذ الجماعة الآن، بعد مغادرتها المشهد السياسي، هو محاولة العودة إلى الجذر، أي العنف ومعظمه ضجيج إعلامي لادعاء الوجود، خاصة أنها تعلم تنامي الوعي بخطورة تحركاتها واليقظة في رصدها، لكن ذلك لا يعني التراخي وعدم الانتباه. إن أذرعاً عنيفة مثل «حسم»، التنظيم الإخواني بطل أحدث المخططات تجاه مصر وخططها الجديدة هي عنوان تشرذم داخل الجماعة التي ادعت تيارات فيها سعيها للمصالحة مع النظام المصري والتخلي المؤقت عن العمل السياسي، بينما تزعم جبهات أخرى قدرتها على مواجهته واستقطاب مؤيدين لها باستغلال وطأة بعض الظروف الاقتصادية والسياسية. ورغم هذا التشرذم، تتوحد تيارات الجماعة عند خصومتها مع الدولة الوطنية المستقرة وتتحين كل فرصة للإجهاز عليها مدعومة بأذرع إعلامية تتحرك من أكثر من عاصمة وأخرى إرهابية. وليس غريباً أن مخطط «حسم» الذي أحبطته القاهرة، مثلما كان الأمر في واقعة الأردن، يترافق مع هجوم إعلامي ضارٍ على النظام المصري يتعلل بما يجري في غزة ويبرئ إسرائيل و«حماس» من مقدماته وتبعاته، محملاً مصر ودولاً عربية المسؤولية عن مأساة الفلسطينيين في القطاع، داعياً الشعوب إلى الخروج على مقتضيات الأمن بحجة نصرتهم. إن الجماعة لم تعد فقط عارية أمام الشعوب العربية، فدوائر غربية بدأت تلفظها وتكشف خطورتها وربما تبدأ معها معركة، لكن معركتنا مع «الإخوان المسلمين» محسومة، رغم أي ثمن والنصر للدولة الوطنية.