
إسرائيل... بداية ارتباك وضبابية
أقرّت الحكومة الإسرائيلية قبل نحو أسبوع، بدء عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، من دون الإعلان عن موعد انطلاقها، تحت اسم "عربات جدعون". ورفعت تصريحات صانعي القرار في إسرائيل بعد جلسة الحكومة سقف التهديدات بشكل كبير، من بينها تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن أن هدف الحملة هو تجميع كافة سكان غزة في جنوب القطاع وتطهير المناطق الشمالية بالكامل، مؤكّداً أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في القطاع حتى إنجاز مهمة القضاء على حركة حماس، كما ألمح مجدداً إلى مشروع تهجير سكان قطاع غزة. وفي السياق ذاته، ظهر وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في مقاطع فيديو مسجّلة، يوجّه فيها تهديدات مباشرة لحركة حماس. كما صدرت تهديدات مماثلة عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
رفع سقف التهديدات هذا لم يتلاءم تماماً مع عدد من التحولات على أرض الواقع.
تصرفات وقرارات الرئيس الأميركي
دونالد ترامب، وردود فعل المجتمع الإسرائيلي، فضلاً عن مواقف قسم من جنود قوات الاحتياط، وعدد من المحللين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أظهرت بوضوح أن إسرائيل ليست قادرة بالضرورة على تنفيذ كل ما تعلنه أو تحقيق كل ما ترغب فيه.
ارتباك أمام قرارات ترامب
لم تدم طويلاً توقعات نتنياهو بالحصول على حرية التصرف والدعم المطلق في ملف الحرب على غزة من قِبل الرئيس الأميركي. فقد أوضح ترامب أنه يتصرف وفقاً لقراءته هو لمصالح الولايات المتحدة وأولوياتها، وليس وفقاً لما يرمي إليه نتنياهو.
بدأت إسرائيل تبحث عن بدائل لتنفيذ مشروع التهجير بالقدر الذي كانت تطمح إليه
هكذا جاء قرار
البدء بمفاوضات مع إيران
حول مشروعها النووي، والتوصل إلى اتفاق مع جماعة الحوثيين في اليمن، إلى جانب التسريبات المتعلقة بتفاهمات بين الإدارة الأميركية والسعودية بشأن المشروع النووي المدني. وكل ذلك بدون تنسيق أو علم مسبق مع الحكومة الإسرائيلية. أضف إلى ذلك استبعاد إسرائيل من الجولة الأولى لزيارات الرئيس الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط. وفي الأيام الأخيرة، تزايد الحديث عن طرح مقترح أميركي لمعالجة أزمة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وربما الدفع نحو اتفاق جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمخطوفين بين إسرائيل وحركة حماس، قد لا يلبّي بالضرورة كافة رغبات ومصالح إسرائيل.
حتى الآن، قبل ترامب بمنح نتنياهو وحكومته حرية إدارة ملف حرب الإبادة على غزة، ومحاولة ترتيب المشهد الإقليمي بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية، مع وجود تنسيق مع الإدارة الأميركية بطبيعة الحال. لكن تعثّر التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمخطوفين وإنهاء الحرب، والحاجة الملحّة إلى مواءمة المتطلبات الاقتصادية مع المصالح الاستراتيجية الأميركية، أدّت مجتمعة إلى سحب ترامب لهذا "التفويض المفتوح" من يد نتنياهو، وإعادة إدارة الملفات الساخنة في المنطقة إلى البيت الأبيض، من ضمنها ملف الحرب على غزة. وتُرجم الأمر أولاً بإعلان "حماس"، الأحد، أنها ستفرج عن المحتجز الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر في إطار اتصالات مع الإدارة الأميركية خلال الأيام الماضية.
تعثر إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب
يأتي هذا التحوّل إثر تعثّر إسرائيل، بعد أكثر من عام ونصف العام على بدء حرب الإبادة، ورغم الدمار الواسع وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا إلى جانب سياسة التجويع، في تحقيق كافة أهداف الحرب وتنفيذ مشروع التهجير بالقدر الذي كانت تطمح إليه. وعلى أرض الواقع، بدأت إسرائيل تبحث عن بدائل لهذا المشروع، رغم أنها لم تتخلَّ عنه بالكامل. ولا تزال إسرائيل عاجزة عن حل معضلة "اليوم التالي" في غزة، بحيث لا تملك الحكومة الحالية الأدوات ولا الرؤية لإيجاد حل. فأي
تسوية تؤدي إلى وقف الحرب
بدون إعادة احتلال كامل ومباشر لقطاع غزة، لن تُرضي أحزاب اليمين المتطرف المشاركة في الائتلاف الحكومي، مما قد يسرّع في تفكك التحالف الحاكم. مع ذلك، فإن هذا الخيار ما يزال مرفوضاً، حتى الآن على الأقل، من قِبل الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، وكذلك من قِبل غالبية المجتمع الإسرائيلي، الذي يدرك تماماً الأثمان الباهظة المترتبة على ذلك، سواء على الصعيد الاقتصادي أو العسكري أو الدبلوماسي.
رصد
التحديثات الحية
ترامب يهمش نتنياهو من جديد ويترك إسرائيل في ذهول
كما تبحث إسرائيل عن بدائل للحكم العسكري المباشر وإدارة شؤون سكان قطاع غزة، وذلك بعد أن أوضح رئيس الأركان الجديد إيال زامير، وفق ما أوردته القناة 12، أن الجيش الإسرائيلي لن يشارك بأي شكل من الأشكال في توزيع المساعدات داخل غزة، وأنه يرفض فرض حكم عسكري مباشر هناك. ففي كلا السيناريوهين،
ستكون المخاطر الأمنية عالية،
والثمن العسكري والاقتصادي باهظاً، وهو ما لا يرغب الجيش في تحمّله.
جيش مرهق... وجبهات عديدة
بعد قرار الحكومة الإسرائيلية التحضير لعملية "عربات جدعون"، تعالت الأصوات داخل المؤسسة العسكرية التي تُشكك في قدرة الجيش على توفير القوى البشرية اللازمة لتنفيذ حملة واسعة في غزة، في ظل النقص الكبير في عديد القوات، وتراجع استعداد قوات الاحتياط للامتثال لأوامر التجنيد.
استقرار التحالف الحكومي، إثر توسيع الحكومة وعودة إيتمار بن غفير إلى الائتلاف وإقرار الميزانية، بدأ يتزعزع
يُضاف إلى ذلك حجم الإصابات الجسدية الكبيرة التي تكبّدها الجيش الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة على غزة، إلى جانب الارتفاع الملحوظ في معدلات الإصابات والإعاقات النفسية. فقد أظهر بحث أعدته جامعة تل أبيب، نُشر الأسبوع الماضي، أن حرب "السيوف الحديدية" عمّقت الصعوبات النفسية، وارتفعت نسبة المشاركين في البحث الذين أبلغوا عن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الحاد إلى نحو 12% من قوات الاحتياط، ما يشكّل عائقاً إضافياً أمام توفير القوات اللازمة. كما أن توسيع الانتشار العسكري في المنطقة، نتيجة الاحتلال الجديد أراضي في سورية ولبنان، يشكّل عامل ضغط إضافي على قدرات الجيش الإسرائيلي، ويزيد من صعوبة تنفيذ عملية "عربات جدعون". الجيش الإسرائيلي مرهق وموزّع على جبهات عديدة، ويُعاني من نقص حاد في القوى البشرية اللازمة لشنّ هجوم بري واسع على قطاع غزة. في ظل هذا الواقع، أوضح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة أن الحل الوحيد لتجاوز هذا النقص يتمثل في تجنيد طلاب المعاهد الدينية. وبالفعل، بدأ الجيش بإصدار أوامر تجنيد لهذه الفئة. مع ذلك، فإن تنفيذ هذا القرار يتطلب حسماً سياسياً، ولا يقتصر فقط على قرار قائد الأركان.
أزمة التجنيد تجدّد الأزمة السياسية
أدّت حاجة الجيش وقراره بتجنيد أعداد كبيرة من الحريديم إلى اندلاع أزمة سياسية جديدة داخل التحالف الحكومي. فقد أثار تصرّف رئيس الأركان، وفقا لموران أزولاي، المحللة السياسية في موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، موجة من الغضب في الساحة السياسية. وذكرت أزولاي أن "مصادر في مكتب رئيس الحكومة والأحزاب الحريدية أكدت أن هذا الإعلان صدر من دون تنسيق مسبق مع نتنياهو وكاتس، مما يهدد بتعميق الأزمة الائتلافية حول قانون التجنيد".
وجّهت الأحزاب الحريدية غضبها أيضاً نحو رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، متهمةً إياه بأنه "أشعل النار"، في حين قيل إن رئيس الأركان "سكب الزيت عليها". وأشار مسؤولون سياسيون بارزون مطّلعون على تفاصيل الأزمة، وفقاً لأزولاي، إلى أن "قانون الإعفاء قد انتهى، ومحاولات التهرب من التشريع فشلت. بات واضحاً الآن أن إدلشتاين لا يماطل، بل يدفع فعلياً نحو سنّ قانون التجنيد".
وتُرجم غضب الأحزاب الحريدية بامتناعها عن التصويت مع التحالف الحكومي في الكنيست خلال الأسبوع الأول من الدورة الصيفية. وكان من بين الممتنعين حزب شاس وزعيمه أرييه درعي، الغاضب بدوره على نتنياهو، رغم أنه كان يشغل دور "رجل الإطفاء السياسي" في حكومة نتنياهو خلال العام الأخير، ووسيطاً مركزياً بين نتنياهو والأحزاب الحريدية في العديد من القضايا الشائكة، وفقاً لما أورده المحلل السياسي يوسي فيرتر في صحيفة "هآرتس". وقد أدّى هذا الامتناع إلى سحب كافة اقتراحات القوانين التي كان التحالف الحكومي يعتزم طرحها.
ارتفاع تكلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي
تشير التقديرات إلى أن التكلفة المباشرة للحملة العسكرية الموسعة التي أُقرت في الكابينت بشأن غزة قد تصل إلى نحو 25 مليار شيكل (الدولار يساوي 3.58 شيكل) خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، تشمل
تمويل جنود الاحتياط والتسليح.
ويعني ذلك، في حال تنفيذ هذه الخطط فعلياً، ضرورة إعادة فتح ميزانية عام 2025 وزيادة الإنفاق الحكومي، بحيث قد ترتفع ميزانية الأمن هذا العام إلى نحو 160 مليار شيكل، وربما أيضاً رفع سقف العجز المالي إلى ما يتجاوز 4.9%. كما أن السيطرة طويلة الأمد على قطاع غزة ستُكلف مليارات إضافية، وفق ما أوضحت صحيفة ذي ماركر الاقتصادية.
ورغم أن الاقتصاد الإسرائيلي أظهر حتى الآن قدرة على تحمّل تكاليف الحرب وتبعاتها الاقتصادية، إلا أن الاستمرار بهذا النسق سيكون أكثر صعوبة، لا سيما مع تصاعد الأعباء المالية. ومن غير الواضح إلى أي مدى يمكن للمجتمع الإسرائيلي تحمّل المزيد من التقليصات في ميزانيات الخدمات وزيادة الضرائب لتغطية هذه النفقات المتصاعدة.
الحالة الإسرائيلية أكثر تعقيداً
باتت الحالة الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة أكثر تعقيداً وغموضاً مما كانت عليه في الأشهر الماضية، خصوصاً في أعقاب قرارات وتصرفات ترامب بشأن ملفات الشرق الأوسط، وقرار الحكومة الإسرائيلية إطلاق عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة تحت اسم "عربات جدعون"، وما ترتب على ذلك من تداعيات داخلية. إلى جانب التحذيرات بشأن الكلفة الاقتصادية الباهظة لتوسيع الحرب وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الإسرائيلي، وتصاعد الشكوك حول مدى استعداد قوات الاحتياط للتجاوب مع دعوات التجنيد والمشاركة في هذه الحملة، وأزمة تجنيد طلاب المعاهد الدينية.
استقرار الحالة السياسية والتحالف الحكومي، إثر توسيع الحكومة وعودة إيتمار بن غفير إلى الائتلاف الحكومي وإقرار الميزانية، بدأ يتزعزع. كما أخذ التفاؤل المفرط، بل وربما المصطنع، الذي ساد عقب فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، بالتلاشي والتآكل تدريجياً. وبدأ يحلّ مكانه
جو من القلق وعدم اليقين،
يرافقه شعور عام بالإحباط والضبابية داخل المجتمع الإسرائيلي.
من السابق لأوانه الاستنتاج أن هذه التحولات ستؤدي إلى تصدع وشرخ جدي بين نتنياهو وترامب، أو بين المؤسسة العسكرية والحكومة الإسرائيلية، أو ستؤدي إلى انسحاب الأحزاب الحريدية من التحالف الحكومي. إلا أن تزامن وتداخل هذه الملفات معاً يشير إلى تزايد صعوبة إدارة الحالة السياسية الداخلية والأمنية والاستراتيجية. استمرار وإدامة هذه الأزمات من دون حلول، وهو المرجح، يمكن أن يؤدي إلى أزمة سياسية جدية، بدون أن يجد نتنياهو مخارج لها هذه المرة.
تحليلات
التحديثات الحية
صحوة مشوّهة على معونات غزة عشية جولة ترامب في المنطقة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
ترامب يتسبب في استقالة منتج برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني
أعلن منتج برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني الشهير بيل أوينز، الثلاثاء، استقالته بسبب الهجمات التي طاولت استقلاليته في الأشهر الأخيرة في ظلّ معركة قانونية يخوضها الرئيس دونالد ترامب ضدّ البرنامج. "60 دقيقة"، الذي يُعتبر جوهرة التاج بالنسبة لشبكة "سي بي إس نيوز" المملوكة لشركة باراماونت، برنامج أسبوعي عريق غطّى الشؤون الجارية في الولايات المتحدة منذ بُثّ للمرة الأولى في 1968. لكنّ البرنامج يخوض حالياً نزاعاً قضائياً حادّاً مع ترامب. وأعلن منتج البرنامج والصحافي المخضرم استقالته في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلها إلى فريقه واطّلعت عليها وكالة فرانس برس، وقال في الرسالة إنّه "خلال الأشهر الماضية، اتّضح لي أيضاً أنّه لن يُسمح لي بإدارة البرنامج كما كنتُ أُديره دائماً من أجل اتخاذ قرارات مستقلة بناء على ما هو مناسب لـ60 دقيقة وما هو مناسب للجمهور". وأضاف: "من هنا، وبما أنّني دافعتُ عن هذا البرنامج -وما نمثّله- من كلّ الجوانب وبكلّ ما أوتيتُ من قوة، فإنّني أتنحّى جانبا حتى يتمكّن البرنامج من المضي قدماً". إعلام وحريات التحديثات الحية ترامب في حرب ضد الإعلام الأميركي التقليدي وأضحى برنامج "60 دقيقة"، الذي يجذب نحو عشرة ملايين مشاهد أسبوعياً، هدفاً رئيسياً لهجوم ترامب على وسائل الإعلام. وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، رفع الملياردير الجمهوري دعوى قضائية ضدّ "60 دقيقة"، متّهماً إياه بالتلاعب بمقابلة أجراها البرنامج مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ونفت شبكة " سي بي إس " بشدّة هذه الاتهامات التي وصفها معلّقون بأنّها لا أساس لها. وواصل البرنامج بثّ تحقيقات تنتقد إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض. وردّاً على هذه التحقيقات، دعا ترامب إلى إلغاء "60 دقيقة"، بينما أشار مستشاره الملياردير إيلون ماسك إلى أنّه يأمل بأن تصدر بحق فريق هذا البرنامج التلفزيوني أحكام بالسجن لفترات طويلة. واشتدّ الخلاف بين الطرفين على خلفية سعي "باراماونت"، الشركة الأم لشبكة سي بي إس نيوز، إلى الاندماج مع "سكاي دانس"، وهو أمر يجب أن يوافق عليه أولاً رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية بريندان كار الذي يعتبر من أنصار ترامب. ويسعى ترامب للحصول على تعويض مالي من "سي بي إس نيوز" بقيمة 20 مليار دولار بسبب مقابلة هاريس. وتتحدّث أوساط إعلامية عن إمكانية التوصّل إلى تسوية بين ترامب والشبكة التلفزيونية بشأن هذا النزاع، لكنّ أوينز تعهّد بـ"عدم الاعتذار" إذا ما تمّ التوصل إلى تسوية كهذه. (فرانس برس)


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
استقالة رئيسة "سي بي إس نيوز" وسط تصاعد الخلاف مع ترامب
فقدت شبكة "سي بي إس نيوز" CBS News الأميركية شخصية بارزة جديدة في ظل نزاعها المستمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأعلنت الرئيسة التنفيذية للشبكة ويندي ماكماهون استقالتها، أمس الاثنين، بحسب ما أفادت عدة وسائل إعلام أميركية نقلاً عن مذكرة داخلية وُجّهت إلى الموظفين. ووصفت ماكماهون، في المذكرة، الأشهر الماضية بأنها كانت "صعبة"، وفقاً لما أورده تقرير في صحيفة واشنطن بوست، وأشارت إلى أنه بات من الواضح وجود تباين في الرؤى بينها وبين الشركة بشأن التوجه المستقبلي للمؤسسة الإعلامية. وكان بيل أوينز، المنتج التنفيذي لبرنامج "60 دقيقة" الشهير، قد غادر "سي بي إس نيوز" الشهر الماضي، بعدما رفع ترامب دعوى قضائية بمليار دولار ضد البرنامج الإخباري. ويتهم ترامب برنامج "60 دقيقة" بالتلاعب في تحرير مقابلة مع كامالا هاريس ، منافسته الديمقراطية في حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي، ما أدى، بحسب زعمه، إلى التأثير على مشاعر الناخبين. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن محامين يشككون في فرص نجاح هذه الدعوى، إلا أن شاري ريدستون، المساهم المسيطر في الشركة الأم لشبكة "سي بي إس نيوز"، وهي "باراماونت غلوبال"، لا تزال تسعى للتوصل إلى تسوية مع الرئيس. وقد يكون ذلك مرتبطاً أيضاً بخطط اندماج شركة "باراماونت" مع "سكاي دانس ميديا"، وهو اتفاق بمليارات الدولارات لا يزال بانتظار موافقة السلطات. إعلام وحريات التحديثات الحية ترامب يتسبب في استقالة منتج برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني معارك ترامب المتتالية ضد الإعلام الأميركي منعت إدارة الرئيس دونالد ترامب أي مراسلين من وكالات الأنباء العالمية من مرافقة الرئيس على متن طائرة "إير فورس وان" خلال رحلته إلى الشرق الأوسط الأخيرة. ولم يكن على متن الطائرة أي مراسل من وكالات: أسوشييتد برس أو بلومبيرغ أو رويترز، علماً أن الرؤساء اعتادوا التحدث إلى الصحافيين المرافقين لهم خلال مثل هذه الرحلات. ويخوض البيت الأبيض نزاعاً قانونياً مع " أسوشييتد برس " منذ أن مُنعت من تغطية بعض الفعاليات "المحدودة"، بعدما رفضت الامتثال لأمر تنفيذي أصدره ترامب يقضي بتغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أميركا". وإلى جانب خطابه الناري ضد الصحافة، رفع ترامب دعوى قضائية على شبكة سي بي إس نيوز، وصحيفة دي موان رجستر الإقليمية، وضغط على شبكة "إيه بي سي" ABC التي دفعت 15 مليون دولار بعد تهديدها بدعوى تشهير. وتحركت إدارة ترامب بسرعة لتفكيك إذاعة صوت أميركا، وإذاعة أوروبا الحرة، وإذاعة آسيا الحرة، وهددت بحرمان الإذاعة العامة الأميركية NPR وخدمة البث العام PBS من التمويل الفيدرالي. و إيلون ماسك ، الداعم الرئيسي لترامب والعضو في إدارته، صرّح بأن الفريق الذي يقف وراء برنامج "60 دقيقة" الرائد على شبكة "سي بي إس" يستحق السجن. وأطلقت لجنة الاتصالات الفيدرالية، التي يرأسها حليف لترامب، تحقيقاتٍ ضد شبكات CBS وABC وNBC، إلى جانب NPR وPBS. وتراجعت الولايات المتحدة من المركز 45 إلى المركز 55 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود عام 2024. ونقلت وكالة فرانس برس عن مديرة برنامج الولايات المتحدة في لجنة حماية الصحافيين كاثرين جاكوبسن أن "تحركات البيت الأبيض لتقليص قدرة الصحافيين على أداء عملهم وتوثيق ما يحدث غير مسبوقة". وأضافت أن "هذه المحاولة للسيطرة على السرد الصحافي تهدّد حرية الصحافة والقيم الديمقراطية الأميركية"، كما نقلت عن أستاذ الصحافة في جامعة مدينة نيويورك ريس بيك اعتقاده بـ"أننا في وضع جديد تماماً، من خلال استخدام سلطة الحكومة لقمع حرية التعبير وتهديد المؤسسات الإخبارية". (أسوشييتد برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
"مِس ريتشل" ترد على منتقدي دعمها أطفال غزة: الصمت لم يكن خياراً
ردّت "مِس ريتشل" على الانتقادات وحملات هجومية طاولتها الشهر الماضي من مؤيدي إسرائيل، بسبب دفاعها المستمر عن أطفال غزة ، واصفةً الاتهامات لها بالترويج لدعاية حركة حماس بـ"الكذب الصريح". واشتهرت "مِس ريتشل" على منصات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية، من خلال تقديمها مقاطع مصورة لتعليم الأطفال أو تقديم النصح للأهل، بوجه طفولي مبتسم. لكن الجمهور انقسم حول الممثلة الأميركية في الفترة الماضية، لأنها اتخذت موقفاً صريحاً ضد الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة. منذ العام الماضي، بدأت "مِس ريتشل"، واسمها الحقيقي ريتشل أكورسو، بالتحدث عن المآسي التي يواجهها أطفال غزة جراء العدوان الإسرائيلي في تغيير جذري عن الصورة التي صنعت شهرتها، وهي التحدث بأسلوب طفولي محبب وهي ترتدي زيّاً من الجينز وتلف رأسها بربطة زهرية اللون. في مايو/أيار 2024، أطلقت "مِس ريتشل" حملة جمعت خلالها 50 ألف دولار لصالح منظمة سايف ذا تشيلدرن. وتحدثت بتأثر بالغ عن تعليقات قاسية و"تنمّر" تعرضت له عبر منصات التواصل الاجتماعي، واتهام منتقديها لها باتخاذ موقف منحاز مناهض لإسرائيل. كتبت أكورسو رداً على ذلك أن "الأطفال الفلسطينيين، الأطفال الإسرائيليين، الأطفال في الولايات المتحدة، الأطفال المسلمين، اليهود، المسيحيين. كل الأطفال، في أي بلد كانوا، لا أحد مستثنى من حق الحياة". "مِس ريتشل" تتمسك بدعم أطفال غزة لكن ذلك، لم يخفف من وقع الاتهامات المتزايدة لها بمعاداة السامية أو مناهضة إسرائيل. في إبريل/نيسان الماضي، طلبت مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل من وزيرة العدل الأميركية، بام بوندي، فتح تحقيق بشأن ما إذا كانت أكورسو "تتلقى تمويلاً من طرف خارجي للترويج لدعاية مناهضة لإسرائيل بهدف تضليل الرأي العام". كذلك، اتهمتها منظمة أوقفوا معاداة السامية (StopAntisemitism) بأنها تعمل على ترويج "دعاية حماس"، وإن كانت قد أقرّت بأن أكورسو نشرت فيديوهات داعمة لأطفال إسرائيليين منهم أرييل وكفير بيباس، أصغر الرهائن سناً، واللذان لقيا حتفهما في قطاع غزة. من جهتها، وصفت "مسِ ريتشل" في مقابلة مع "نيويورك تايمز"، الأربعاء الماضي، الاتهامات الموجهة لها بالترويج لدعاية "حماس" بأنها "أمر عبثي" و"كذب صريح". ونقلت عنها الصحيفة الأميركية قولها: "الحقيقة المؤلمة... هي أن آلاف الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة قتلوا وما زالوا يقتلون، ويتعرّضون للتشويه والتضوّر جوعاً. من الخطأ الاعتقاد بأن الاهتمام بمجموعة من الأطفال يحول دون اهتمامنا بمجموعة أخرى من الأطفال". وفي مقابلة أجرتها مع الصحافي الأميركي البريطاني، مهدي حسن، مطلع الأسبوع الماضي، رأت الممثلة البالغة 42 عاماً، وهي أم لولدين، أن "عدم قول أي شيء هو ما يجب أن يثير الجدل"، وعبّرت عن خيبة أملها من الانتقادات المتزايدة التي تتعرض لها بسبب حملات جمع التبرعات والمناصرة التي تقوم بها لمساندة الأطفال في القطاع الفلسطيني. وأضافت: "من المحزن أن يحاول الناس إثارة الجدل ضد من يرفع الصوت دفاعاً عن أطفال يتعرضون لمعاناة لا تقاس. الصمت لم يكن خياراً بالنسبة لي". سلّط هذا الاندفاع الضوء على الشخصية المحبوبة التي دخلت بابتسامتها العريضة ووجها البشوش، قلوب ومنازل ملايين من العائلات في الولايات المتحدة، وأصبحت من أبرز الوجوه على منصات التواصل الاجتماعي التي تقدم النصائح لمرحلة الطفولة المبكرة. في الوقت الحالي، يناهز عدد متابعي "مِس ريتشل" على منصة يوتيوب 15 مليون شخص. نجوم وفن التحديثات الحية "مِس ريتشل" تغضب جماعة مؤيدة للاحتلال انقسام أميركي متزايد يأتي الجدل حول الممثلة في وقت تزداد حدة الأزمة الإنسانية في غزة، مع منع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية منذ مطلع مارس/آذار الماضي إلى القطاع المحاصر، ما أثار انتقادات دولية لاذعة لدولة الاحتلال التي قالت إنها ستعاود السماح بدخول "كمية أساسية" من المعونات. لفتت "فرانس برس" إلى أن الانتقادات المثارة حول فيديوهات "مِس ريتشل" التي تتطرق إلى معاناة الأطفال في غزة تعكس الانقسام العمودي في الولايات المتحدة بشأن الحرب الإسرائيلية على القطاع، من الجامعات إلى المؤسسات الخاصة والمجتمع بشكل عام. ومنذ بدء حربها على القطاع، قتلت إسرائيل أكثر من 53 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 10 آلاف طفل، بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة غزة. ألغت "مِس ريتشل" إمكانية التعليق على بعض منشوراتها الداعمة لأطفال غزة، لكن المستخدمين لجأوا إلى منشوراتها الأخرى للتعبير عن آراء متفاوتة، فبينما كتب أحد المستخدمين: "أحب برنامجك وليس سياستك"، اعتبر آخر أن "مِس ريتشل كنز وطني". ودافعت بعض الشخصيات عن "مِس ريتشل"، مثل تومي فيتور الذي كان ضمن فريق الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ويعمل حالياً مقدم بودكاست. كتب فيتور أن "معاداة السامية مشكلة حقيقية، والإدلاء بهذه التعليقات (بحق مِس ريتشل) بشكل خبيث... لغايات سياسية، يجعل الأمور أسوأ". وعلى الرغم من كل الانتقادات تمسكت ريتشل أكورسو بمواقفها الداعمة لأطفال غزة، ونشرت مؤخراً صورة برفقة الطفلة رهف البالغة ثلاثة أعوام التي فقدت ساقيها في الحرب، وكتبت: "نعلم أن معاملة الأطفال كما يحصل في غزة ليست أمراً صائباً أخلاقياً. نعلم ذلك في قلوبنا وأرواحنا"، متوجهةً بالقول إلى "القادة الملتزمين الصمت الذين لا يساعدون هؤلاء الأطفال، يجب أن تشعروا بالعار. صمتكم سيبقى في الذاكرة". (فرانس برس، العربي الجديد)