
الإدارة «الجمهورية».. من أين ستمول سياسة الإنفاق؟
الإدارة «الجمهورية».. من أين ستمول سياسة الإنفاق؟
تعيش الولايات المتحدة في وقتها الحالي مواجهةً دستوريةً حادةً بين الرئيس، دونالد ترامب، والنظام القضائي، الذي يُعد فرعاً مستقلاً من فروع السلطة الأميركية. فمنذ عودته إلى البيت الأبيض في شهر يناير الماضي، أصدر ترامب، حتى الرابع عشر من شهر أبريل الجاري، 104 أوامر تنفيذية تغطي مجموعةً واسعة من القضايا بما في ذلك الهجرة، والسياسة الاقتصادية، وإعادة هيكلة الحكومة.
وقد تم الطعن في العديد من هذه الأوامر أمام المحاكم الأميركية، وأُحيل عددٌ منها إلى المحكمة العليا لمراجعتها واتخاذ قرارات نهائية بشأنها. وقد أثارت تصرفات وزارة الكفاءة الحكومية الجديدة (DOGE)، التي يرأسها رجل الأعمال الملياردير الشهير إيلون ماسك، وفريقه الشاب من المتخصصين في الحاسوب، عدداً كبيراً من القضايا القضائية. ويرجع ذلك أساساً إلى الطريقة والسرعة التي حاولوا من خلالها فحص بيانات حسّاسة للغاية تتعلق بالعمليات الحكومية. وحتى الآن، أصدرت الوزارة إشعارات فصل لآلاف الموظفين الفيدراليين، دون تقديم أسباب جوهرية لهذه القرارات.
وأوضح مثال على ذلك هو محاولات «ماسك» إغلاق عمليات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، بما في ذلك خدماتها الصحية والإنسانية في عشرات الدول النامية والأشد فقراً. ويعود أحد أسباب الارتباك والقلق بشأن تصرفات «ماسك» إلى أن البرامج التي يسعى إلى خفضها كانت قد تم إقرارها من قبل الكونجرس الأميركي، وكذلك الأموال التي خُصصت لها. ومن الناحية النظرية، يجب أن يكون للكونجرس، باعتباره الفرع التشريعي للحكومة، السلطة العليا في تحديد البرامج، التي ينبغي إنهاؤها أو تعديلها.
ومع ذلك، وبما أن مجلسي الكونجرس يسيطر عليهما حالياً الجمهوريون، فإنهم لم يُبدوا رغبة في التصدي بجدية لمحاولات ترامب تقليص حجم الحكومة وتغيير مهام وكالاتها. وإذا تمكن «الديمقراطيون» من استعادة السيطرة على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، فسيكونون قادرين على إيقاف العديد من مبادرات ترامب من خلال حجب التمويل عنها، لأن مجلس النواب يتمتع بـ«سلطة الإنفاق». لكن انتخابات التجديد النصفي لا تزال على بعد عشرين شهراً، لذا سيتعين على معارضي مبادرات ترامب في الوقت الراهن الاعتماد على ثلاث وسائل مضادة: القضاء، والرأي العام، والأمل في أن يقوم بعض «جمهوريي» الكونجرس بعرقلة الأهداف الأكثر تطرفاً لسياسة الإدارة الحالية.
وقد أصدرت المحاكم بالفعل أحكاماً ضد الرئيس في عدد من القضايا، لكن ما لم تلتزم إدارته بهذه الأحكام، فإن الوسائل المتاحة أمام المحاكم قليلة باستثناء اللجوء إلى المحكمة العليا. وإذا ما رفض ترامب الامتثال لأحكام أعلى محكمة في البلاد، فستواجه البلاد أزمة دستورية. وفي ظل هذه الظروف، قد يكون للرأي العام والجمهوريين المعتدلين دور حاسم، خاصةً في ظل تزايد العداء العالمي لإدارة ترامب، وسعيها لتغيير نظام التجارة العالمي بشكل جذري، من خلال فرض رسوم جمركية على العديد من الدول.
وهناك بالفعل مؤشرات على أن الأسواق المالية الأميركية تتعرض لضغوط، ويعتقد العديد من الاقتصاديين الآن أن حدوث ركود اقتصادي في وقت لاحق من هذا العام أمر محتمل. وقد انخفض الطلب على سندات الخزانة الأميركية، مما يعني أن الحكومة الأميركية ستضطر إلى رفع العوائد المعروضة عليها لضمان قدرتها على الاستمرار في الاقتراض لسداد الفوائد المتزايدة على الدين الوطني.
وفي الوقت ذاته، يستعد الجمهوريون لتمرير تشريعات كبيرة يمكن أن تضيف ما يقرب من 5 تريليونات دولار إلى العجز الفيدرالي خلال العقد المقبل. هناك اختلافات جوهرية بين مشروعي القانون في مجلسي النواب والشيوخ، ومن غير الواضح ما إذا كان من الممكن الاتفاق على مشروع قانون مشترك.
ويطالب الجمهوريون المعروفون بتشددهم بشأن العجز بتخفيضات كبيرة في الإنفاق، لكن هذه التخفيضات لا يمكن أن تأتي إلا من برنامج المساعدات الطبية للفقراء «ميديكيد» الذي يوفر الرعاية الصحية للمواطنين ذوي الدخل المنخفض. سيُرفض إلغاء هذا البرنامج في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، والتي ستضطر إلى زيادة ضرائبها الخاصة لتغطية تكاليفه دون دعم فيدرالي، أو إلغاء الخدمات، مما سيُمثل مشكلة سياسية لأعضاء الكونجرس الجمهوريين الذين يسعون لإعادة انتخابهم في عام 2026.
*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال إنترست» - واشنطن
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 32 دقائق
- سكاي نيوز عربية
بـ"قرار الطلاب الأجانب".. إدارة ترامب تعاقب جامعة هارفارد
وترامب مستاء من الجامعة التي تخرّج منها 162 فائزا بجوائز نوبل ، لرفضها طلب إدارته إخضاع عمليات التسجيل والتوظيف لهيئة إشراف، على خلفية اتّهامه إياها بأنها "مؤسسة يسارية متطرفة معادية للسامية" ومنخرطة في "أيديولوجيا اليقظة (Woke)" التي لا ينفك يوجّه إليها انتقادات حادة. وجاء في رسالة وجّهتها وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم إلى رابطة "آيفي ليغ" التي تضم 8 من أشهر جامعات البلاد "بمفعول فوري، تم إبطال الترخيص الممنوح لبرنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب بجامعة هارفارد"، في إشارة إلى النظام الرئيسي الذي يُسمح بموجبه للطلاب الأجانب بالدراسة في الولايات المتحدة. في الشهر الماضي، هدّد ترامب بمنع الجامعة من تسجيل الطلاب الأجانب إذا لم توافق على طلب الإدارة الخضوع لإشراف سياسي. وكتبت نويم في رسالتها: "كما شرحت لكم في رسالتي في أبريل، فإن تسجيل الطلاب الأجانب هو امتياز". وشدّدت الوزيرة على "وجوب أن تمتثل كل الجامعات لمتطلبات وزارة الأمن الداخلي، بما فيها متطلبات الإبلاغ بموجب أنظمة برنامج الطلاب والزائرين، للاحتفاظ بهذا الامتياز". وتابعت: "نتيجة لرفضكم الامتثال لطلبات متعددة لتزويد وزارة الأمن الداخلي معلومات ذات صلة، وإبقائكم على بيئة غير آمنة في الحرم الجامعي معادية للطلاب اليهود وتشجّع توجهات مؤيدة لحماس وتطبّق سياسات التنوع والمساواة والإدماج العنصرية، فقد فقدتم هذا الامتياز". شكّل الطلاب الأجانب أكثر من 27 بالمئة من المسجّلين في هارفارد في العام الدراسي 2024-2025، وفق بيانات الجامعة.


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
فيديو من الكونغو ضمن أدلة ترامب على «الإبادة بجنوب أفريقيا»
كان مفاجئا طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عرض مقاطع فيديو لما قال إنه "أدلة على الإبادة في جنوب أفريقيا"، وذلك خلال استقباله في المكتب البيضاوي الأربعاء الرئيس سيريل رامابوسا. ترامب الذي سبق أن اشتبك لفظيا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير/شباط الماضي، في القاعة ذاتها، غير مجرى اللقاء مع رئيس جنوب أفريقيا الذي كان يتحدث عن تطوير العلاقات مع أمريكا، بأن طلب من موظفيه إطفاء الأنوار وعرض مقاطع فيديو، قال إنها تتضمن مشاهد لـ"مدافن المزارعين البيض" في جنوب أفريقيا. لكن وكالة "رويترز" قالت إن الرئيس الأمريكي عرض مشهد من تم التقاطه في جمهورية الكونغو الديمقراطية كجزء من "الأدلة على عمليات قتل جماعي لمواطنين بيض في جنوب أفريقيا". كما قال ترامب وهو يرفع نسخة مطبوعة من مقال مصحوبا بالصورة خلال الاجتماع "هؤلاء جميعا مزارعون بيض يتم دفنهم". وأكدت "رويترز" أن الفيديو الذي نشرته في 3 فبراير/شباط الماضي، وتحقق منه فريق تقصي الحقيقة التابع للوكالة، يظهر عمال إغاثة وهم يرفعون أكياس جثث في مدينة جوما بالكونغو. ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق. رد رامابوسا وسعى رئيس جنوب أفريقيا لتدارك الموقف مع ترامب، وقال إن "ما سمعتموه لا يعبر عن سياسة الحكومة. نحن حكومة متعددة الأحزاب وبعض الأحزاب تنتهج سياسات مختلفة عن الحكومة". لكن ترامب رد بأن "بعض ما شاهدتموه قام به مسؤولون في الحكومة". ليعود رئيس جنوب أفريقيا ساعيا إلى تدارك الموقف بدبلوماسية، وقال إن وزير الزراعة يرافقه في زيارته إلى واشنطن وهو أبيض، لافتا إلى أن مواجهة هذه الجرائم يحتاج إلى دعم تقني ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد في هذا الشأن. وأضاف: "لهذا أنا هنا لبحث ما يمكن أن نتشارك فيه. أفضل الحديث والتفاوض في تلك الأمور بعيدا عن وسائل الإعلام". جذور الخلاف وسبق أن انتقد ترامب جنوب أفريقيا، مشيرا إلى عدم رضاه عن سياسة الإصلاح التي تنتهجها بشأن الأراضي ودعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، أمام محكمة العدل الدولية. وخفضت إدارة ترامب التمويل لجنوب أفريقيا في فبراير/شباط، ومنحت وضع اللجوء لمجموعة من الأقلية البيضاء هناك، قائلة "إنهم يواجهون تمييزا عنصريا"، وهو اتهام تنفيه حكومة جنوب أفريقيا. وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، قرر طرد سفير جنوب أفريقيا في واشنطن إبراهيم رسول في مارس/آذار الماضي. وقال إنه "يؤجج التوترات العرقية ويكره البلاد ورئيسها دونالد ترامب". وأغضب "قانون مصادرة الأراضي" في جنوب أفريقيا، ترامب الذي اعتبر أنه ينطوي على تمييز ضد المزارعين البيض. aXA6IDE1NC4yMS4yNC41MiA= جزيرة ام اند امز ES


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
ترامب يفجر مفاجأة أمام رئيس جنوب إفريقيا
ففي ما وصف بأنه فخ نصبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لضيفه وهو نظيره الجنوب إفريقي في البيت الأبيض، عرض ترامب مواد قال إنها تُثبت وجود "إبادة جماعية" تستهدف البيض في جنوب إفريقيا.