logo
حين يصبح الهدم بداية جديدة.. نازحو الشمال السوري يعودون لديارهم

حين يصبح الهدم بداية جديدة.. نازحو الشمال السوري يعودون لديارهم

الجزيرةمنذ 2 أيام

دمشق-"انتهت تلك الرحلة البائسة وحان وقت العودة"، بهذه الكلمات وصف محمد العمار سنوات تهجيره التي قضاها في مخيم الجزيرة بمنطقة أطمة في ريف إدلب الشمالي، بعد أن هدم خيمته، وحزم أمتعته، وعاد إلى بلدته في سهل الغاب في ريف حماة الغربي.
تضم منطقة أطمة، الواقعة على الحدود السورية التركية، مئات المخيمات، يقطنها مئات آلاف النازحين، وقد بدأ العديد منهم بالمغادرة والعودة إلى منازلهم بعد تحرير مناطقهم من نظام الأسد.
يقول العمار للجزيرة نت "مرت هذه الأيام علينا بقسوة، إنها ذكرى مؤلمة لا أتمناها حتى في المنام، كنت أشاهد أطفالي يرتجفون برداً كل شتاء، ويحترقون تحت سقف الخيمة الذي كان يشتعل نارًا في الصيف دون حول لي ولا قوة".
ويضيف، أنه قرر هدم الخيمة لتبقى أثرًا لمعاناة المهجرين، رغم أنه كان قد طوَّرها قبل سنتين من النايلون إلى البناء الإسمنتي والطوب، لتخفف عنهم حر الشمس في تلك المناطق الخالية من الأشجار، ولكن دون جدوى.
أطلال النزوح
وفي مشهد يوحي بواقع جديد بعد تحرير المناطق وسقوط النظام، بدت العديد من المخيمات في ريف إدلب الشمالي خالية من ساكنيها، وتحولت إلى مساحات يشوبها الصمت والفراغ، وتشهد على واحدة من أقسى فصول النزوح السوري.
إعلان
وعند مدخل أحد المخيمات القريبة من بلدة قاح، تتناثر الخيام الممزقة، وأدوات الطبخ البسيطة، وملابس الأطفال التي لا تزال معلقة على حبال الغسيل المهترئة.
يقول أحمد ديب، مدير مخيم، غادر نصف سكانه بمنطقة سرمدا في ريف إدلب الشمالي "رغم مغادرة معظم القاطنين، بقيت آثارهم واضحة في كل زاوية في المخيم".
ويضيف للجزيرة نت، "داخل بعض الخيام يمكن رؤية الفراش المهترئ ولعب الأطفال المحطمة وكتبهم المدرسية التي تركوها خلفهم على عجل، بعد أن جاء قرار الرحيل سريعا بعد التحرير، أو ربما اضطراريا، دون قدرة على حمل الذكريات أو الممتلكات، فقد سئم الناس من عيشة الخيام".
ورغم أن كثيرا من الأهالي -يواصل ديب- ربما لم تكن بيوتهم جاهزة، لكنهم قرروا نصب خيام مؤقتة داخل منازلهم المدمرة في قراهم، مفضلين حياة الريف على البقاء في المخيم، لعلهم يستطيعون استصلاح أراضيهم الزراعية، خاصة في ظل انعدام فرص العمل في المخيمات.
أسباب البقاء
ورغم هذا الإخلاء، لا يزال كثير من الأفراد والعائلات يقيمون في المخيمات لأسباب متعددة، منها غياب الخدمات الأساسية في مناطقهم، وتدمير منازلهم، وغياب المراكز الطبية، إضافة إلى الخشية من مخلفات الحرب.
تقول عائشة النجار، وهي إحدى المعلمات المهجّرات منذ 6 سنوات، إنها اتخذت قرارا بعدم العودة إلى قريتها حاليًا لأسباب عدة، أهمها ارتباطها بعملها في التدريس، وعدم ترميم المدارس في قريتهم بعد.
وتضيف أن الشوق للعودة يقض مضاجعهم، وأن الاجتماع مع الأقارب والأصدقاء حلم، لكن العودة في ظل غياب الكهرباء والمياه والمدارس والنقاط الطبية هي "انتحار" لأي عائلة، لأنه لا توجد مقومات للحياة.
من جهته، يقول أيهم العبد الله، وهو مهجر من ريف إدلب الشرقي: إن العمل يحول دون عودة قسم كبير من النازحين، وإن الذين فتحوا مصالح تجارية ودفعوا أموالاً خلال سنوات النزوح في مناطق الشمال السوري لا يمكن أن يتركوها فوراً ويعودوا إلى مناطقهم ليجلسوا دون عمل.
ويضيف للجزيرة نت، أن الحل الأمثل لتشجيع النازحين والمهجَّرين على العودة، هو إطلاق مشاريع لترميم منازلهم، وتشغيل عجلة الاقتصاد من مستثمرين لتنشيط الحركة التجارية في المناطق المدمرة.
دعم العودة
وفي السياق، أطلق نشطاء وإعلاميون سوريون مبادرة وطنية باسم "عودتهم حق"، تهدف إلى دعم عودة المهجَّرين والنازحين داخليًا إلى قراهم ومناطقهم الأصلية، خصوصا في شمال سوريا.
وتسعى الحملة إلى تسليط الضوء على معاناة المهجرين في المخيمات، والمطالبة بتوفير الظروف المناسبة لعودتهم الكريمة والآمنة.
وقال الإعلامي السوري محمد الفيصل، أحد المشاركين في الحملة، إن هدفها إعادة المهجرين إلى قراهم، مع التركيز على المناطق المتضررة من خلال المطالبة بترميم المدارس والمساجد والمراكز الصحية، مشيرًا إلى أن الحملة تسعى أيضًا إلى حشد الدعم الشعبي والإعلامي لقضية المهجرين.
وتعمل الحملة -حسب الفيصل- على إنتاج مقاطع فيديو توعوية تُبرز معاناة المهجَّرين، وتنظيم فعاليات ميدانية في مناطق مثل إدلب و دمشق ، بهدف رفع الوعي وتشجيع المشاركة المجتمعية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حين يصبح الهدم بداية جديدة.. نازحو الشمال السوري يعودون لديارهم
حين يصبح الهدم بداية جديدة.. نازحو الشمال السوري يعودون لديارهم

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

حين يصبح الهدم بداية جديدة.. نازحو الشمال السوري يعودون لديارهم

دمشق-"انتهت تلك الرحلة البائسة وحان وقت العودة"، بهذه الكلمات وصف محمد العمار سنوات تهجيره التي قضاها في مخيم الجزيرة بمنطقة أطمة في ريف إدلب الشمالي، بعد أن هدم خيمته، وحزم أمتعته، وعاد إلى بلدته في سهل الغاب في ريف حماة الغربي. تضم منطقة أطمة، الواقعة على الحدود السورية التركية، مئات المخيمات، يقطنها مئات آلاف النازحين، وقد بدأ العديد منهم بالمغادرة والعودة إلى منازلهم بعد تحرير مناطقهم من نظام الأسد. يقول العمار للجزيرة نت "مرت هذه الأيام علينا بقسوة، إنها ذكرى مؤلمة لا أتمناها حتى في المنام، كنت أشاهد أطفالي يرتجفون برداً كل شتاء، ويحترقون تحت سقف الخيمة الذي كان يشتعل نارًا في الصيف دون حول لي ولا قوة". ويضيف، أنه قرر هدم الخيمة لتبقى أثرًا لمعاناة المهجرين، رغم أنه كان قد طوَّرها قبل سنتين من النايلون إلى البناء الإسمنتي والطوب، لتخفف عنهم حر الشمس في تلك المناطق الخالية من الأشجار، ولكن دون جدوى. أطلال النزوح وفي مشهد يوحي بواقع جديد بعد تحرير المناطق وسقوط النظام، بدت العديد من المخيمات في ريف إدلب الشمالي خالية من ساكنيها، وتحولت إلى مساحات يشوبها الصمت والفراغ، وتشهد على واحدة من أقسى فصول النزوح السوري. إعلان وعند مدخل أحد المخيمات القريبة من بلدة قاح، تتناثر الخيام الممزقة، وأدوات الطبخ البسيطة، وملابس الأطفال التي لا تزال معلقة على حبال الغسيل المهترئة. يقول أحمد ديب، مدير مخيم، غادر نصف سكانه بمنطقة سرمدا في ريف إدلب الشمالي "رغم مغادرة معظم القاطنين، بقيت آثارهم واضحة في كل زاوية في المخيم". ويضيف للجزيرة نت، "داخل بعض الخيام يمكن رؤية الفراش المهترئ ولعب الأطفال المحطمة وكتبهم المدرسية التي تركوها خلفهم على عجل، بعد أن جاء قرار الرحيل سريعا بعد التحرير، أو ربما اضطراريا، دون قدرة على حمل الذكريات أو الممتلكات، فقد سئم الناس من عيشة الخيام". ورغم أن كثيرا من الأهالي -يواصل ديب- ربما لم تكن بيوتهم جاهزة، لكنهم قرروا نصب خيام مؤقتة داخل منازلهم المدمرة في قراهم، مفضلين حياة الريف على البقاء في المخيم، لعلهم يستطيعون استصلاح أراضيهم الزراعية، خاصة في ظل انعدام فرص العمل في المخيمات. أسباب البقاء ورغم هذا الإخلاء، لا يزال كثير من الأفراد والعائلات يقيمون في المخيمات لأسباب متعددة، منها غياب الخدمات الأساسية في مناطقهم، وتدمير منازلهم، وغياب المراكز الطبية، إضافة إلى الخشية من مخلفات الحرب. تقول عائشة النجار، وهي إحدى المعلمات المهجّرات منذ 6 سنوات، إنها اتخذت قرارا بعدم العودة إلى قريتها حاليًا لأسباب عدة، أهمها ارتباطها بعملها في التدريس، وعدم ترميم المدارس في قريتهم بعد. وتضيف أن الشوق للعودة يقض مضاجعهم، وأن الاجتماع مع الأقارب والأصدقاء حلم، لكن العودة في ظل غياب الكهرباء والمياه والمدارس والنقاط الطبية هي "انتحار" لأي عائلة، لأنه لا توجد مقومات للحياة. من جهته، يقول أيهم العبد الله، وهو مهجر من ريف إدلب الشرقي: إن العمل يحول دون عودة قسم كبير من النازحين، وإن الذين فتحوا مصالح تجارية ودفعوا أموالاً خلال سنوات النزوح في مناطق الشمال السوري لا يمكن أن يتركوها فوراً ويعودوا إلى مناطقهم ليجلسوا دون عمل. ويضيف للجزيرة نت، أن الحل الأمثل لتشجيع النازحين والمهجَّرين على العودة، هو إطلاق مشاريع لترميم منازلهم، وتشغيل عجلة الاقتصاد من مستثمرين لتنشيط الحركة التجارية في المناطق المدمرة. دعم العودة وفي السياق، أطلق نشطاء وإعلاميون سوريون مبادرة وطنية باسم "عودتهم حق"، تهدف إلى دعم عودة المهجَّرين والنازحين داخليًا إلى قراهم ومناطقهم الأصلية، خصوصا في شمال سوريا. وتسعى الحملة إلى تسليط الضوء على معاناة المهجرين في المخيمات، والمطالبة بتوفير الظروف المناسبة لعودتهم الكريمة والآمنة. وقال الإعلامي السوري محمد الفيصل، أحد المشاركين في الحملة، إن هدفها إعادة المهجرين إلى قراهم، مع التركيز على المناطق المتضررة من خلال المطالبة بترميم المدارس والمساجد والمراكز الصحية، مشيرًا إلى أن الحملة تسعى أيضًا إلى حشد الدعم الشعبي والإعلامي لقضية المهجرين. وتعمل الحملة -حسب الفيصل- على إنتاج مقاطع فيديو توعوية تُبرز معاناة المهجَّرين، وتنظيم فعاليات ميدانية في مناطق مثل إدلب و دمشق ، بهدف رفع الوعي وتشجيع المشاركة المجتمعية.

قطر الخيرية تطلق مشروعا لترميم مئات المنازل في سوريا
قطر الخيرية تطلق مشروعا لترميم مئات المنازل في سوريا

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

قطر الخيرية تطلق مشروعا لترميم مئات المنازل في سوريا

أطلقت منظمة قطر الخيرية ، بالتعاون مع فريق الاستجابة الطارئة، مشروعا جديدا لترميم 300 منزل في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي في سوريا، ضمن حملة شاملة تهدف إلى ترميم المنازل المتضررة في عدد من المحافظات السورية. ويأتي هذا المشروع امتدادا لحملة جمع التبرعات الموسعة التي أُعلن عنها خلال "تحدي ليلة 27" من شهر رمضان المبارك الماضي، والتي شهدت تفاعلا واسعا من الشعب القطري. وأوضح مدير إدارة العمليات التنموية في قطر الخيرية، عبد العزيز حجي، أن المشروع يندرج ضمن خطة تهدف إلى ترميم أكثر من 1500 منزل في محافظات إدلب وحلب (شمال) وحماة (وسط). وأشار حجي إلى أن المرحلة الأولى تستهدف ترميم 300 منزل، وذلك بالتعاون مع فريق الاستجابة الطارئة، بهدف المساهمة في إعادة الإعمار وتوفير الأمن والاستقرار للسكان المتضررين. إشادة سورية من جانبه، ثمّن محمد جهاد طعمة، نائب محافظ حماة، جهود قطر الخيرية في دعم الأسر المتضررة شمالي سوريا، مؤكدا أهمية المشروع في تحسين ظروف المعيشة وإعادة تأهيل المساكن المتضررة بما يسهم في إعادة الأمل والاستقرار للأهالي، خاصة أولئك العائدين إلى قراهم بعد سنوات من النزوح. ويجري تنفيذ المشروع بالتنسيق مع الجهات المحلية لضمان استهداف الأسر الأكثر احتياجا، مع الالتزام بتطبيق معايير السلامة والجودة في أعمال الترميم، بما يضمن استدامة الأثر الإنساني لهذا التدخل. وتواصل قطر الخيرية دورها الإنساني الفاعل في دعم المتضررين داخل سوريا من خلال مشاريع إغاثية وتنموية متنوعة، تركز على تأمين سبل العيش الكريم وتحسين أوضاع المعيشة، وتمكين المجتمعات المحلية من التعافي في ظل التحديات المستمرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store