logo
الجوع يفتك بالغزيين وسط موجة إعياء وسوء تغذية قاتلة

الجوع يفتك بالغزيين وسط موجة إعياء وسوء تغذية قاتلة

الدستورمنذ 2 أيام
غزة - أحمد زقوت
في قطاع غزة المحاصر، أصبحت لقمة العيش حلماً بعيد المنال، وسط نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، وحصار إسرائيلي خانق يمنع دخول المساعدات والبضائع التجارية، إذ لم تعد مراكز توزيع الإغاثة مكانًا للأمان، بل أصبحت تُعرف بـ «نقاط الموت»، حيث يُستشهد العشرات من الفلسطينيين ويُصابون يوميًا أثناء بحثهم عن الغذاء، في مشهد يُجسد عمق الكارثة الإنسانية في القطاع.
ومنذ آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي المعابر مع قطاع غزة بالكامل، مما أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية وجعل أكثر من مليوني شخص يواجهون خطر الجوع والعطش وسط شح الموارد ودمار واسع، كما تفاقمت الأزمة مع ارتفاع سعر الطحين، المادة الأساسية للخبز، إلى 170 شيكلاً (حوالي 50 دولارًا) للكيلوغرام الواحد، وهو سعر يفوق قدرة غالبية السكان الذين فقدوا مصادر دخلهم وتوقفت أعمالهم منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023.
ويتحكم في سوق المواد الغذائية مجموعات تُعرف بـ «لصوص المساعدات» وبعض التجار الذين يستغلون الأزمة لرفع أو خفض الأسعار حسب الأحداث الميدانية، إذ ترتفع الأسعار مع فشل مفاوضات وقف إطلاق النار وتنخفض مؤقتًا عند توقعات التوصل إلى اتفاقات تبادل أو تهدئة.
وعجزت الجهات الحكومية والأمنية في غزة عن ضبط السوق وتنظيم الأسعار، نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية المستمرة للمؤسسات الرسمية، مما فاقم الأزمة وقلّص القدرة على السيطرة، وقد زاد هذا الارتفاع الحاد في أسعار الطحين والمواد الغذائية من معاناة السكان الذين يواجهون حصارًا خانقًا وأزمة إنسانية حادة، وسط ظروف معيشية تزداد قسوة وتنذر بخطر الجوع والفقر المتفشي.
الفلسطينية ليلى الفسيس قالت لـ «الدستور»، إنّ «الوضع الإنساني في قطاع غزة وصل إلى حد مأساوي»، مشيرة إلى أنّ «الكثير من السكان باتوا أشبه بهياكل عظمية نتيجة نقص الغذاء الحاد».
وأضافت الفسيس: «الناس هنا تعاني من الجوع الشديد، وبعضهم لا يتناولون الطعام لأيام متتالية»، مبينةً أنّ «الجوع ليس مجرد كلمة أو حالة عابرة، بل هو واقع مؤلم يعاني منه كل فرد في غزة، من الأطفال إلى كبار السن، فالمشهد أصبح مأساوياً حيث إن الأجساد النحيلة تشكل دليلاً صريحاً على حجم المعاناة.»
وبينت الفسيس أنّ «المواطنين في غزة يعيشون تحت حصار خانق يمنع دخول أبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء، ما جعل من معاناة السكان اليومية مأساة مستمرة، وكل يوم يمر ونحن ننتظر المساعدات التي بالكاد تصل، وكأننا ننتظر رحمة من العالم بينما تُخنق أصواتنا في زحمة الأخبار.»
وأكدت المواطنة خديجة عزام، لـ «الدستور»، أنّ مشاهد الجوع باتت جزءًا من تفاصيل يومها، حيث تعجز عن توفير أبسط احتياجات أطفالها من طحين وحليب، في ظل تفاقم الحصار وغياب أي دعم فعلي يصل إلى الأسر المنكوبة.
وأوضحت عزام: «أطفالي يبكون من الجوع كل ليلة، ولا أملك سوى الماء وبعض الأعشاب المغلية كي أهدّئ آلام بطونهم، حيث لا طحين في البيت منذ أكثر من أسبوعين، ولا حتى حليب للرضيع، المجاعة تفتك بهم أمامي، وأنا لا أملك شيئًا أقدمه لهم»، لافتةً إلى أنّ «أهالي غزة وخصوصاً الأطفال وكبار السن يموتون جوعًا، وصراخهم لا يجد من يصغي إليه.»
من جهته، الفلسطيني محمود أبو دقة، قال لـ «الدستور» إنّ الأوضاع في غزة وصلت إلى حدّ غير مسبوق من المعاناة، مؤكدًا أن الأهالي لم يعودوا قادرين على شراء الطحين أو أي مواد غذائية لإطعام أسرهم، بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، وانعدام الدخل، واستمرار الحصار.
وأضاف أبو دقة: «نحن نعيش في مأساة حقيقية، حيث لا طحين، ولا غذاء، ولا قدرة على الشراء، والناس يذهبون إلى مراكز توزيع المساعدات الأميركية وهم يعلمون أنها تحولت إلى مصائد موت، لكنهم يذهبون لأن الجوع أقسى من الخوف».
وتابع بأسى: «العالم كله يرى معاناتنا، لكن لا أحد يرحم الجوعى، وصرخات أطفالنا لا تجد من يصغي لها، ولا جهة تتحرك لنجدتنا»، مشددًا على أنّ الغزيين لا يُقتلون بالقصف فقط، بل يموتون ببطء، بالجوع القاتل، بالإهمال المتعمّد، وبصمت العالم المخزي.
وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد استُشهد نحو 900 فلسطيني وأُصيب أكثر من 5700 برصاص الاحتلال، إضافة إلى 42 مفقودًا، منذ بدء العمل في مراكز التوزيع التي فرضها الاحتلال بديلًا لآليات الأمم المتحدة.
وارتفع عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية إلى 69 طفلًا، فيما بلغ عدد الوفيات الناتجة عن نقص الغذاء والدواء 620 حالة، في ظل الحصار الإسرائيلي الكامل وغياب أي تدخل فعّال لوقف الكارثة الإنسانية المتصاعدة في القطاع، وفقاً للمكتب.
بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن تدهور غير مسبوق في الأوضاع الصحية جراء تفاقم المجاعة، مؤكدةً أن «أعداداً كبيرة من المواطنين من مختلف الأعمار تتوافد إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات وهي تعاني من حالات إعياء شديد وإجهاد تام بسبب الجوع ونقص التغذية».
وحذّرت الوزارة، في بيان صحفي يوم الجمعة الماضي، من أن المئات من المرضى الذين أنهكهم الجوع ونحلَت أجسادهم باتوا عرضة لخطر الموت المحتم، نتيجة عجز أجسامهم على الصمود في ظل استمرار الحصار ومنع إدخال الغذاء والدواء، مؤكدةً ارتفاع معدلات الوفيات جراء الجوع وسوء التغذية.
وأكدت الوزارة أن استمرار هذا الوضع دون تدخل دولي فوري وفعّال قد يؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، مطالبة المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية بتحمل مسؤولياتها والضغط من أجل فتح المعابر وإدخال المساعدات الطبية والغذائية بشكل عاجل.
من جانبها، أكدت منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة، أنّ السكان يعيشون أسوأ مراحل المجاعة، محذرة من خطر موت جماعي يهدد الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما الأطفال والمرضى والنساء وكبار السن.
ودعت المنظمات، في بيان لها، الاتحاد الأوروبي إلى التوقف عن سياسة التغطية على جريمة التجويع التي تمارسها «إسرائيل» بحق أكثر من مليوني فلسطيني، محمّلة إياه المسؤولية عن التداعيات الناجمة عن مواقفه الأخيرة التي شجعت الاحتلال على المضي في منع إدخال المساعدات.
وانتقدت المنظمات المواقف الإعلامية الأوروبية التي وفّرت غطاءً سياسيًا للاحتلال، مطالبة بزيارة المعابر ومعاينة عشرات آلاف الأطنان من المساعدات المكدسة، والتي تتعرض للتلف بسبب منع إدخالها.
ويهدّد الجوع أكثر من 650 ألف طفل في غزة، فيما يحتاج 12,500 مريض سرطان إلى علاج عاجل، إلى جانب 60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر بسبب انعدام الرعاية الصحية والغذاء.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رسوم على الفيزا الأمريكية ضمن قانون ترامب الجديد
رسوم على الفيزا الأمريكية ضمن قانون ترامب الجديد

وطنا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • وطنا نيوز

رسوم على الفيزا الأمريكية ضمن قانون ترامب الجديد

وطنا اليوم:في خطوة جديدة ضمن قانون 'One Big Beautiful Bill Act' الذي أقرّته إدارة ترمب مؤخرًا، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض رسوم جديدة تُعرف باسم 'رسوم النزاهة للتأشيرة الأمريكية' على جميع الزوار الذين يحتاجون إلى تأشيرات غير مهاجرين لدخول البلاد. وبحسب ما ورد، فإن هذه الرسوم لا يمكن التنازل عنها أو إعفاؤها، وستُفرض عند إصدار التأشيرة بدءًا من السنة المالية 2025 (من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2024 حتى 30 أيلول/سبتمبر 2025)، على أن تكون الرسوم 250 دولارًا كحد أدنى، مع إمكانية زيادتها من قبل وزير الأمن الداخلي. رسوم النزاهة للتأشيرة – من المتأثر بهذه الرسوم الجديدة؟ تنطبق رسوم النزاهة للتأشيرة الأمريكية على جميع المسافرين الحاصلين على تأشيرات غير مهاجرين، بما في ذلك السياح، ورجال الأعمال، والطلاب الدوليين. وستُضاف هذه الرسوم إلى الرسوم الحالية، مثل رسوم طلب التأشيرة ورسوم استمارة I-94 التي تم رفعها من 6 دولارات إلى 24 دولارًا. هل يمكن استرداد رسوم النزاهة للتأشيرة وفقًا لنص القانون، يمكن للمسافرين المطالبة باسترداد الرسوم لاحقًا، لكن بشرط الالتزام بشروط التأشيرة وعدم تجاوز مدة الإقامة المسموح بها بأكثر من 5 أيام. إلا أن تفاصيل آلية الاسترداد لا تزال غير واضحة، ما دفع بعض المحامين للهجرة إلى نصح عملائهم باعتبار الرسوم غير قابلة للاسترداد عمليًا. تحديات في التنفيذ ما زالت العديد من الأسئلة قائمة حول آلية تحصيل الرسوم وتوقيت تطبيقها، خصوصًا أن وزارة الأمن الداخلي ليست الجهة التي تصدر التأشيرات فعليًا. وأكدت الوزارة أن التنفيذ يتطلب تنسيقًا بين عدة وكالات حكومية. تأثير الرسوم على السفر إلى أمريكا من المتوقع أن تؤثر الرسوم الجديدة بشكل خاص على المسافرين بتأشيرات B للسياحة أو الأعمال، وكذلك الطلاب الدوليين، نظرًا للكلفة الإضافية. ويأتي هذا في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لاستضافة أحداث كبرى في عام 2026، مثل الذكرى الـ250 لتأسيس البلاد وجزء من مباريات كأس العالم لكرة القدم

أميركا تفرض رسوم النزاهة على تأشيرات غير المهاجرين بدءًا من 2025
أميركا تفرض رسوم النزاهة على تأشيرات غير المهاجرين بدءًا من 2025

خبرني

timeمنذ 2 أيام

  • خبرني

أميركا تفرض رسوم النزاهة على تأشيرات غير المهاجرين بدءًا من 2025

خبرني - في خطوة جديدة ضمن قانون 'One Big Beautiful Bill Act' الذي أقرّته إدارة ترمب مؤخرًا، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض رسوم جديدة تُعرف باسم 'رسوم النزاهة للتأشيرة الأمريكية' على جميع الزوار الذين يحتاجون إلى تأشيرات غير مهاجرين لدخول البلاد. وبحسب ما ورد، فإن هذه الرسوم لا يمكن التنازل عنها أو إعفاؤها، وستُفرض عند إصدار التأشيرة بدءًا من السنة المالية 2025 (من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2024 حتى 30 أيلول/سبتمبر 2025)، على أن تكون الرسوم 250 دولارًا كحد أدنى، مع إمكانية زيادتها من قبل وزير الأمن الداخلي. رسوم النزاهة للتأشيرة – من المتأثر بهذه الرسوم الجديدة؟ تنطبق رسوم النزاهة للتأشيرة الأمريكية على جميع المسافرين الحاصلين على تأشيرات غير مهاجرين، بما في ذلك السياح، ورجال الأعمال، والطلاب الدوليين. وستُضاف هذه الرسوم إلى الرسوم الحالية، مثل رسوم طلب التأشيرة ورسوم استمارة I-94 التي تم رفعها من 6 دولارات إلى 24 دولارًا. هل يمكن استرداد رسوم النزاهة للتأشيرة وفقًا لنص القانون، يمكن للمسافرين المطالبة باسترداد الرسوم لاحقًا، لكن بشرط الالتزام بشروط التأشيرة وعدم تجاوز مدة الإقامة المسموح بها بأكثر من 5 أيام. إلا أن تفاصيل آلية الاسترداد لا تزال غير واضحة، ما دفع بعض المحامين للهجرة إلى نصح عملائهم باعتبار الرسوم غير قابلة للاسترداد عمليًا. تحديات في التنفيذ ما زالت العديد من الأسئلة قائمة حول آلية تحصيل الرسوم وتوقيت تطبيقها، خصوصًا أن وزارة الأمن الداخلي ليست الجهة التي تصدر التأشيرات فعليًا. وأكدت الوزارة أن التنفيذ يتطلب تنسيقًا بين عدة وكالات حكومية. تأثير الرسوم على السفر إلى أمريكا من المتوقع أن تؤثر الرسوم الجديدة بشكل خاص على المسافرين بتأشيرات B للسياحة أو الأعمال، وكذلك الطلاب الدوليين، نظرًا للكلفة الإضافية. ويأتي هذا في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لاستضافة أحداث كبرى في عام 2026، مثل الذكرى الـ250 لتأسيس البلاد وجزء من مباريات كأس العالم لكرة القدم.

الجوع يفتك بالغزيين وسط موجة إعياء وسوء تغذية قاتلة
الجوع يفتك بالغزيين وسط موجة إعياء وسوء تغذية قاتلة

الدستور

timeمنذ 2 أيام

  • الدستور

الجوع يفتك بالغزيين وسط موجة إعياء وسوء تغذية قاتلة

غزة - أحمد زقوت في قطاع غزة المحاصر، أصبحت لقمة العيش حلماً بعيد المنال، وسط نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، وحصار إسرائيلي خانق يمنع دخول المساعدات والبضائع التجارية، إذ لم تعد مراكز توزيع الإغاثة مكانًا للأمان، بل أصبحت تُعرف بـ «نقاط الموت»، حيث يُستشهد العشرات من الفلسطينيين ويُصابون يوميًا أثناء بحثهم عن الغذاء، في مشهد يُجسد عمق الكارثة الإنسانية في القطاع. ومنذ آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي المعابر مع قطاع غزة بالكامل، مما أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية وجعل أكثر من مليوني شخص يواجهون خطر الجوع والعطش وسط شح الموارد ودمار واسع، كما تفاقمت الأزمة مع ارتفاع سعر الطحين، المادة الأساسية للخبز، إلى 170 شيكلاً (حوالي 50 دولارًا) للكيلوغرام الواحد، وهو سعر يفوق قدرة غالبية السكان الذين فقدوا مصادر دخلهم وتوقفت أعمالهم منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023. ويتحكم في سوق المواد الغذائية مجموعات تُعرف بـ «لصوص المساعدات» وبعض التجار الذين يستغلون الأزمة لرفع أو خفض الأسعار حسب الأحداث الميدانية، إذ ترتفع الأسعار مع فشل مفاوضات وقف إطلاق النار وتنخفض مؤقتًا عند توقعات التوصل إلى اتفاقات تبادل أو تهدئة. وعجزت الجهات الحكومية والأمنية في غزة عن ضبط السوق وتنظيم الأسعار، نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية المستمرة للمؤسسات الرسمية، مما فاقم الأزمة وقلّص القدرة على السيطرة، وقد زاد هذا الارتفاع الحاد في أسعار الطحين والمواد الغذائية من معاناة السكان الذين يواجهون حصارًا خانقًا وأزمة إنسانية حادة، وسط ظروف معيشية تزداد قسوة وتنذر بخطر الجوع والفقر المتفشي. الفلسطينية ليلى الفسيس قالت لـ «الدستور»، إنّ «الوضع الإنساني في قطاع غزة وصل إلى حد مأساوي»، مشيرة إلى أنّ «الكثير من السكان باتوا أشبه بهياكل عظمية نتيجة نقص الغذاء الحاد». وأضافت الفسيس: «الناس هنا تعاني من الجوع الشديد، وبعضهم لا يتناولون الطعام لأيام متتالية»، مبينةً أنّ «الجوع ليس مجرد كلمة أو حالة عابرة، بل هو واقع مؤلم يعاني منه كل فرد في غزة، من الأطفال إلى كبار السن، فالمشهد أصبح مأساوياً حيث إن الأجساد النحيلة تشكل دليلاً صريحاً على حجم المعاناة.» وبينت الفسيس أنّ «المواطنين في غزة يعيشون تحت حصار خانق يمنع دخول أبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء، ما جعل من معاناة السكان اليومية مأساة مستمرة، وكل يوم يمر ونحن ننتظر المساعدات التي بالكاد تصل، وكأننا ننتظر رحمة من العالم بينما تُخنق أصواتنا في زحمة الأخبار.» وأكدت المواطنة خديجة عزام، لـ «الدستور»، أنّ مشاهد الجوع باتت جزءًا من تفاصيل يومها، حيث تعجز عن توفير أبسط احتياجات أطفالها من طحين وحليب، في ظل تفاقم الحصار وغياب أي دعم فعلي يصل إلى الأسر المنكوبة. وأوضحت عزام: «أطفالي يبكون من الجوع كل ليلة، ولا أملك سوى الماء وبعض الأعشاب المغلية كي أهدّئ آلام بطونهم، حيث لا طحين في البيت منذ أكثر من أسبوعين، ولا حتى حليب للرضيع، المجاعة تفتك بهم أمامي، وأنا لا أملك شيئًا أقدمه لهم»، لافتةً إلى أنّ «أهالي غزة وخصوصاً الأطفال وكبار السن يموتون جوعًا، وصراخهم لا يجد من يصغي إليه.» من جهته، الفلسطيني محمود أبو دقة، قال لـ «الدستور» إنّ الأوضاع في غزة وصلت إلى حدّ غير مسبوق من المعاناة، مؤكدًا أن الأهالي لم يعودوا قادرين على شراء الطحين أو أي مواد غذائية لإطعام أسرهم، بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، وانعدام الدخل، واستمرار الحصار. وأضاف أبو دقة: «نحن نعيش في مأساة حقيقية، حيث لا طحين، ولا غذاء، ولا قدرة على الشراء، والناس يذهبون إلى مراكز توزيع المساعدات الأميركية وهم يعلمون أنها تحولت إلى مصائد موت، لكنهم يذهبون لأن الجوع أقسى من الخوف». وتابع بأسى: «العالم كله يرى معاناتنا، لكن لا أحد يرحم الجوعى، وصرخات أطفالنا لا تجد من يصغي لها، ولا جهة تتحرك لنجدتنا»، مشددًا على أنّ الغزيين لا يُقتلون بالقصف فقط، بل يموتون ببطء، بالجوع القاتل، بالإهمال المتعمّد، وبصمت العالم المخزي. وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد استُشهد نحو 900 فلسطيني وأُصيب أكثر من 5700 برصاص الاحتلال، إضافة إلى 42 مفقودًا، منذ بدء العمل في مراكز التوزيع التي فرضها الاحتلال بديلًا لآليات الأمم المتحدة. وارتفع عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية إلى 69 طفلًا، فيما بلغ عدد الوفيات الناتجة عن نقص الغذاء والدواء 620 حالة، في ظل الحصار الإسرائيلي الكامل وغياب أي تدخل فعّال لوقف الكارثة الإنسانية المتصاعدة في القطاع، وفقاً للمكتب. بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن تدهور غير مسبوق في الأوضاع الصحية جراء تفاقم المجاعة، مؤكدةً أن «أعداداً كبيرة من المواطنين من مختلف الأعمار تتوافد إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات وهي تعاني من حالات إعياء شديد وإجهاد تام بسبب الجوع ونقص التغذية». وحذّرت الوزارة، في بيان صحفي يوم الجمعة الماضي، من أن المئات من المرضى الذين أنهكهم الجوع ونحلَت أجسادهم باتوا عرضة لخطر الموت المحتم، نتيجة عجز أجسامهم على الصمود في ظل استمرار الحصار ومنع إدخال الغذاء والدواء، مؤكدةً ارتفاع معدلات الوفيات جراء الجوع وسوء التغذية. وأكدت الوزارة أن استمرار هذا الوضع دون تدخل دولي فوري وفعّال قد يؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، مطالبة المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية بتحمل مسؤولياتها والضغط من أجل فتح المعابر وإدخال المساعدات الطبية والغذائية بشكل عاجل. من جانبها، أكدت منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة، أنّ السكان يعيشون أسوأ مراحل المجاعة، محذرة من خطر موت جماعي يهدد الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما الأطفال والمرضى والنساء وكبار السن. ودعت المنظمات، في بيان لها، الاتحاد الأوروبي إلى التوقف عن سياسة التغطية على جريمة التجويع التي تمارسها «إسرائيل» بحق أكثر من مليوني فلسطيني، محمّلة إياه المسؤولية عن التداعيات الناجمة عن مواقفه الأخيرة التي شجعت الاحتلال على المضي في منع إدخال المساعدات. وانتقدت المنظمات المواقف الإعلامية الأوروبية التي وفّرت غطاءً سياسيًا للاحتلال، مطالبة بزيارة المعابر ومعاينة عشرات آلاف الأطنان من المساعدات المكدسة، والتي تتعرض للتلف بسبب منع إدخالها. ويهدّد الجوع أكثر من 650 ألف طفل في غزة، فيما يحتاج 12,500 مريض سرطان إلى علاج عاجل، إلى جانب 60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر بسبب انعدام الرعاية الصحية والغذاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store