
رؤى متوافقة حيال عددٍ من القضاياالرياض وواشنطن.. مرتكز أساس لتعزيز أمن المنطقة والعالم
تعتبر العلاقة الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ذات طابع خاص سواء على النطاق الخليجي والعربي أو الإقليمي.
وتمثل العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية واحدة من أكثر العلاقات الثنائية تأثيراً على الساحة الدولية، حيث ترتكز على أسس راسخة مبنية على الاحترام والتعاون المتبادل والمصالح المشتركة كما انها تحظى بمكانة خاصة لدى الجانبين نظراً لتاريخها الذي يعود إلى عام 1931م، عندما اعترفت الولايات المتحدة بالمملكة كدولة مستقلة وهي واحدة من أقدم الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع المملكة بعد توحيدها لتتطور العلاقة على مدار العقود وتشمل مجالات عدة اقتصادية، وثقافية، وتعلميه وغيرها.
وعندما بدأت رحلة استكشاف وإنتاج النفط في المملكة بشكل تجاري، حيث منح حينها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- حق التنقيب عن النفط لشركة أميركية ليتبعها بعد ذلك توقيع أول اتفاقية امتياز نفطي بين الدولتين عام 1933م، لتصبح العلاقة أكثر ترابطاً خاصةً بعد لقاء القمة التاريخي السعودي-الأميركي لقاء الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- الذي برز كزعيم عربي وبين الرئيس الأميركي الأسبق «فرانكلين روزفلت» عام 1945، وقد استمد اللقاء أهميته في نظر الأميركيين لأهمية المنقطة نفطياً واستراتيجياً ومكانة الملك الكبيرة.
الاحترام المتبادل والتناغم في المواقف
تميزت العلاقات السعودية - الأميركية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بخصوصية منفردة عن العلاقات المختلفة للولايات المتحدة في منطقة الشرق العربي، فالمصالح هي المحدد الأول لنوعية العلاقات بين الدول لذا كانت أساس العلاقة الثنائية علاقة تجارية هيمنت عليها الشركات النفطية الأميركية في تنمية موارد نفط المملكة آنذاك، فقد أصبحت المملكة العربية السعودية في نظر قادة الولايات المتحدة بدءاً برئيسها الأسبق «روزفلت» ذات أهمية لما تحتويه السعودية من مخزون عالمي هائل من النفط، كما أن المملكة تتمتع بموقع جيواستراتيجي عالمي يُشكل أهمية قصوى في الاعتبارات الاستراتيجية العالمية لدولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية، تمتد العلاقات الثنائية لما يزيد على 90 عاماً تتميز بمتانتها وقيامها على أسس قوية من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتناغم في المواقف حيال القضايا ذات الأولوية والاهتمام المشترك.
ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات استراتيجية تاريخية وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية منذ نحو 90 عاماً، فهي شريك وحليف استراتيجي سياسي واقتصادي وأمني مؤثر في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وتشكل هذه العلاقة نموذجاً معقداً من التحالفات الدولية يجمع بين الواقعية السياسية، والمصالح الاقتصادية، والتفاهمات الأمنية، ورغم ما يطرأ من تحديات، فإن الطرفين يدركان أهمية المحافظة على هذا التحالف ليس فقط من أجل مصالحهما المباشرة بل من أجل أمن واستقرار المنقطة والعالم، حيث شهدت العلاقات تطوراً لافتاً في التسعينات بنسبة كبيرة حيث زاد التمثيل الدبلوماسي وظهر جلياً في البعثات الدبلوماسية عام 1942م وأيضاً اجتماعات المسؤولين الرسمين من كلا البلدين، وفي عام 1943 اعلن الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت أن «الدفاع عن السعودية يعد أمراً حيوياً بالنسبة للدفاع عن الولايات المتحدة» وذلك عقب تعرض منشأة نفطية في الظهران للقصف من جانب القوات الإيطالية المتحالفة مع ألمانيا النازية، لِتُفتتح أول قنصلية أميركية في الظهران عام 1944م ويصبح «وليام إي إدي» أول وزير مقيم لدى المملكة ومبعوث دبلوماسي في الشرق الأوسط والذي أكد أن نجاح المنطقة عموماً والسعودية بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام مرتبط بمصالح الولايات المتحدة الأمنية والوطنية، ليبدأ التعاون العسكري بين البلدين ببناء «مطار الظهران» (قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية) حالياً، كما شكلت حرب الخليج نقطة تحول في العلاقة عندما قادت الدولتان والمملكة المتحدة بشكل مشترك تحالفاً عسكرياً دولياً رداً على الغزو العراقي للكويت.
صفقات أسلحة ومواجهة الإرهاب
وتعتبر أميركا أحد أبرز موردي السلاح للسعودية مع صفقات بمليارات الدولارات حيث شملت طائرات F-15، كما تُجرى تدريبات عسكرية دورية بين البلدين لتبادل الخبرات ورفع الكفاءة القتالية، ولا زال البلدان يتمتعان بعلاقة قوية رغم ما ظهر من خلافات على مر السنين، إلا أن الدولتين أدركتا ضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب ومواجهة الإرهاب والتطرف، فقد التزمت الدولتان بمواجهة تنظيمي القاعدة وداعش، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، ومكافحة الدعاية المتطرفة العنيفة، وقطع قنوات تمويل الإرهاب، وتأسيس قنوات استخبارية مباشرة لتبادل المعلومات حول تحركات الجماعات الإرهابية خاصةً القاعدة، لتتضاعف جهود الدولتين المشتركة ويعقد في الرياض عام 2005 المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي افتتحه الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بكلمته «الإرهاب لا ينتمي إلى أي ثقافة أو دين أو نظام»، لتعد مكافحة التطرف والإرهاب من أهم أوجه الشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وقد أسهم التعاون الثنائي المميز في هذا المجال في تحقيق العديد من المكتسبات المهمة في دحر التنظيمات الإرهابية وتحييد خطرها على أمن واستقرار المنطقة والعالم، لتكون المملكة العربية السعودية أحد أبرز الأعضاء في التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا عام 2014، والعمل على تحقيق الهدف المشترك للتحالف الدولي من تفكيك بنية التنظيم دولياً ومحلياً ومنع تمدده أيديولوجياً وجغرافياً.
استضافت السعودية والولايات المتحدة العديد من المؤتمرات الدولية لمكافحة الإرهاب كالقمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض عام 2017 والتي شهدت خطاباً لترمب حول مكافحة التطرف كما أُعلن فيها عن إنشاء مركز «اعتدال» الذي يسهم في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف من خلال التقنيات العالمية التي زود بها المركز إلى جانب دوره في جمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية سواء كانوا أفراداً أو جماعات والجهات الداعمة لهم مادياً وفكرياً وتبادل المعلومات بين الدول المشاركة في أعمال المركز، كما تشارك السعودية في الجهود الأميركية لتعزيز القوانين الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب سواء في الأمم المتحدة أو المنظمات المتخصصة. تعد محاربة التطرف والإرهاب في المملكة من الأولويات الوطنية التي تبنتها المملكة بجهود متكاملة على كافة المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ومن خلال رؤية واضحة واستراتيجيات متعددة الأبعاد، فقد أنشأت مركزاً لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الولايات المتحدة عام 2005م لتدريب وتحليل البيانات، كما ساعدت الولايات المتحدة السعودية في تطوير قدرات المخابرات السعودية الفنية والتحليلية، وفرت أميركا للمملكة أجهزة مراقبة واتصالات متقدمة لمشاركة البيانات من الأقمار الصناعية والتنصت الإلكتروني لتعقب الخلايا الإرهابية، كما تعد مكافحة تمويل الإرهاب من أهم محاور الشراكة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لذا شكل هذا المجال ركيزة أساسية في استراتيجيتهما المشتركة لمواجهة الإرهاب حيث تم إنشاء المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب (TFTC) عام 2017 بمبادرة مشتركة بين الدولتين والذي يتتبع شبكات تمويل الإرهاب، وفرض عقوبات مشتركة على الأفراد والكيانات الداعمة للإرهاب، وتنسيق السياسات المالية بين الدول الأعضاء، كما صدرت أنظمة صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورقابة دقيقة على الجمعيات الخيرية، كما انضمت السعودية رسمياً كأول دولة عربية تحصل على هذه العضوية إلى مجموعة العمل المالي عام 2019 التي تقود الجهود العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أنشأت وحدة الاستخبارات المالية (SAFIU).
عقود من التعاون الاستراتيجي
إن البُعد التاريخي للعلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية يؤكد أنها ليست علاقة آنية أو سطحية، بل تمتد لعقود من التعاون الاستراتيجي رغم مرورها بتحديات عديدة، فإنها استطاعت التكيف مع التحولات الإقليمية والدولية، واليوم تستمر هذه العلاقة في التطور ضمن إطار جديد من المصالح المتبادلة يدعمه التاريخ ويحكمه المستقبل.
وعبّر رئيس مركز ديمومة للدراسات الدكتور تركي القبلان: «تُعد العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية إحدى أنجح الشراكات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، لما تتمتع به من عمق تاريخي وتشابك مصالح يتجاوز الإطار الثنائي ليؤثر في استقرار المنطقة بأكملها. فمنذ اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبد العزيز آل سعود -يرحمه الله- والرئيس فرانكلين روزفلت عام 1945، حافظت هذه العلاقة على وتيرتها وكفاءتها رغم مرورها بمحطات من التحديات وصولاً إلى شراكة متعددة الأبعاد تشمل الطاقة، الأمن، الاقتصاد، ومكافحة الإرهاب، وكان للزيارتين التاريخيتين اللتين قام بهما صاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إلى الولايات المُتحدة الأميركية خلال العامين 2016 و2018، دورًا أساسيًا في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، انطلاقًا مما يجمع البلدين من مصالح مشتركة في مختلف مجالات التعاون، وقد اتسمت المرحلة ما بعد عام 2017 بتعزيز التعاون الأمني والعسكري وفي مجال التسليح المقترن بتوطين الصناعة وفق رؤية المملكة 2030 وذلك خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى إلى المملكة وهنا المأمول البناء على نتائجها لتحقيق آفاق أبعد من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين».
دور محوري للمملكة في خلق التوازن في المنطقة
وأكد القبلان: «أن المملكة تلعب دوراً محورياً في خلق حالة التوازن في منطقة الشرق الأوسط انطلاقاً من ثقلها السياسي والاقتصادي والديني وهذا الدور من شأنه إيجاد مناخ إيجابي لتعاون أميركي سعودي تجاه قضايا الشرق الأوسط، ولهذا تُعد المملكة شريكاً لا غنى عنه في الحفاظ على استقرار المنطقة، كما أن مواقفها المتوازنة إزاء النزاعات الإقليمية والدولية يضعها في صلب الاهتمامات الأميركية والمجتمع الدولي وليس أدل على ذلك اختيار المملكة من قبل أميركا وروسيا لتلعب دور الدولة الراعية لإعادة العلاقات الأميركية الروسية والمساهمة الفعالة في ايجاد الحلول الناجعة للحرب الروسية الأوكرانية، كما برزت المملكة كقوة رئيسة في محاربة الإرهاب والتطرف على المستويين المحلي والدولي.
وقد ترجمت ذلك من خلال إنشاء «مركز اعتدال» لمكافحة الفكر المتطرف، كما أسست التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب إلى جانب دورها الرئيس في انطلاق التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد مؤتمره التأسيسي في جدة 2014م، وتقوم السعودية بجهد جبار في الجانب المعلوماتي لمكافحة الإرهاب وقد كان لهذا الجهد دور إيجابي في إحباط عمليات إرهابية قبل وقوعها في دول متعددة في مقدمتها أوروبا وأميركا، وبالتالي في هذا المجال تتقاطع الجهود السعودية مع الولايات المتحدة في تبادل المعلومات الأمنية، وتعقب الشبكات الإرهابية العابرة للحدود، ورصد تمويل الإرهاب. وأسهم هذا التعاون في تحجيم قدرة الجماعات المتطرفة على تنفيذ عملياتها في المنطقة والعالم».
وأضاف الدكتور: «أنا كمراقب أجد أن منطقة الشرق الأوسط تواجه تحديات عدة نتيجة للصراعات الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقد أصبح استمرارها يؤسس إلى حقبة جديدة من عدم الاستقرار ويشكل تهديداً أمنياً مباشراً لأي شكل من أشكال التعاون الاقتصادي بمفهوم الاقتصاد الكلي، وهو ما يتطلب تحديثًا مستمرًا وفق مسارات متعددة أمنية وسياسية واقتصادية لإيجاد الحلول القطعية الناجعة، وفي هذا الإطار المأمول أن تستمر الشراكة الاستراتيجية السعودية الأميركية على النحو الذي يحقق مستقبلاً آمناً ومزدهراً للمنطقة والعالم».
من جانبه قال الباحث الاستراتيجي الدكتور خالد باطرفي: «تُعد العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية شراكة استراتيجية راسخة، لكنها متعددة الأبعاد، وتشهد من حين لآخر تقلبات بسبب اختلاف المصالح أو أولويات السياسة الخارجية لدى الطرفين. تاريخياً، تأسست هذه العلاقة عام 1933 مع توقيع اتفاقية للتنقيب عن النفط بين السعودية وشركات أميركية، لتتحول لاحقاً إلى تحالف قائم على المصالح المشتركة، أبرزها أمن الطاقة، والاستقرار الإقليمي، والتصدي للنفوذ السوفيتي خلال الحرب الباردة، كما برزت شراكة البلدين خاصةً في سنواتها الأخيرة في التحالف ضد الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر فقد شهد التعاون الأمني بين البلدين تصاعداً ملحوظاً خاصة مع كون المملكة نفسها هدفاً للتنظيمات الإرهابية».
وأكد الدكتور: «إن المملكة تلعب دوراً فاعلاً في الحرب العالمية ضد الإرهاب يتجلى ذلك من خلال، إجراءات صارمة داخلية ضد الفكر المتطرف وتمويله، ومشاركتها في تحالفات دولية لمواجهة داعش والقاعدة، والتعاون الاستخباراتي مع دول كبرى، أبرزها الولايات المتحدة، مبادرات فكرية مثل مركز «اعتدال» لمواجهة التطرف الأيديولوجي، أما ما يخص التعاون الأمني مع الولايات المتحدة فيسهم ذلك في ردع التهديدات الإقليمية وتعزيز الجاهزية الدفاعية المشتركة، حماية أمن الممرات البحرية الحيوية للتجارة والطاقة، رفع كفاءة الجيوش عبر التدريبات المشتركة وتبادل الخبرات، الحد من انتشار الأسلحة ومواجهة التهديدات غير التقليدية».
وتابع باطرفي: «إن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في دعم قدرات السعودية العسكرية وذلك عبر صفقات سلاح ضخمه تشمل مقاتلات، دفاعات جوية، وسفناً حربية، نقل تقنيات عسكرية في بعض الحالات لتعزيز التصنيع المحلي، برامج تدريب متقدمة للقوات المسلحة السعودية على استخدام الأنظمة الأميركية، مناورات عسكرية مشتركة لتعزيز التنسيق والتأهب المشترك، ورغم المتغيرات الإقليمية والدولية إلا أن المتوقع استمرار التعاون الأمني بين الرياض وواشنطن».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 44 دقائق
- العربية
"جثث متفحمة".. 20 قتيلا بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين بغزة
أفادت مراسلة العربية، فجر الإثنين، بمقتل 20 شخصا في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين بغزة. وأكدت سلطات الصحة المحلية لرويترز أن ما لا يقل عن 20 شخصا قتلوا وأصيب العشرات في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في غزة، مع تصعيد إسرائيل لحملتها العسكرية في القطاع. وذكر مسعفون أن عشرات القتلى والمصابين سقطوا جراء استهداف المدرسة التي تقع في حي الدرج في مدينة غزة، منهم نساء وأطفال. وتسبب القصف، الذي وقع دون سابق إنذار، في اندلاع النيران داخل المدرسة وفي الخيام المقامة في ساحتها الخارجية، مما أدى إلى تفحم العديد من الجثث وتقطع بعضها، وفق شهود عيان. وقال محمود بصل، الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، إن فرق الإنقاذ انتشلت 20 جثة، بينها جثامين متفحمة لأطفال ونساء، مضيفا أن العديد من المصابين يعانون من حروق خطيرة. وأشار إلى أن العمليات مستمرة للبحث عن مفقودين محاصرين تحت الأنقاض والنيران التي اشتعلت في المكان، وسط صعوبات كبيرة بسبب شدة الدمار. وأكد أحد المسعفين أن "سيارة إسعاف واحدة نقلت أربعة أكياس تحتوي على أشلاء 12 قتيلا'، مما يعكس قوة ودموية الهجوم. ووصف شهود عيان المشهد بـ'المروع'، حيث هز انفجار عنيف المدرسة ومحيطها، وتطايرت أجساد الضحايا وسط صرخات الأهالي وحالة من الهلع. وقال خالد سليمان، أحد سكان المنطقة القريبة من المدرسة، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "استيقظنا على صوت انفجار هائل هز المنطقة، ثم رأينا النيران والدمار في كل مكان وأجسادا متفحمة داخلها". وأضاف أن الحادث أشبه بـ"زلزال" بسبب شدة القصف. وامتلأ مستشفى المعمداني في مدينة غزة بالضحايا والمصابين وأقاربهم، وسط شكاوى من الأطباء بنقص حاد في الإمدادات الطبية والأدوية. وتزامن الهجوم مع غارات مكثفة على أحياء الشجاعية والتفاح شرقي المدينة، حيث استهدفت طائرات حربية عمارة سكنية قيد الإنشاء قرب مفترق التايلندي وسط مدينة غزة، مما تسبب في سقوط الركام على مخيم مجاور يضم حوالي 10 خيام، مسببا قتلى وإصابات إضافية، وفق شهود. ووثقت فيديوهات ومقاطع فيديو نشرها نشطاء وصحفيون صورا صعبة لجثث تفحمت بعد اشتعال النيران فيها بينما تعمل طواقم الدفاع المدني على إخمادها . وأثارت الحادثة غضبا واسع النطاق على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصف ناشطون الهجوم بـ'المجزرة البشعة'. ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي حول الغارة، التي تأتي ضمن تصعيد مستمر في القطاع شهد خلال الساعات الأخيرة غارات مكثفة على أحياء الزيتون والشجاعية، إلى جانب تفجيرات شمال غرب بيت لاهيا، أدى إلى تدمير منازل إضافية. وأفادت مصادر محلية بتحليق مكثف للطائرات المسيرة وسماع أصوات قصف مدفعي في محاور عدة. وتواصل فرق الإنقاذ جهودها وسط نقص حاد في الموارد، بينما يعاني القطاع من أزمة إنسانية متفاقمة. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، أسفرت الحرب في غزة عن مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني وتشريد معظم السكان منذ أكتوبر 2023. ودعت منظمات حقوقية إلى تدخل دولي عاجل لوقف الهجمات وحماية المدنيين، محذرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة.


الشرق للأعمال
منذ ساعة واحدة
- الشرق للأعمال
لماذا طرحت مصر سندات لأجل 5 سنوات لأول مرة منذ عامين؟
باع البنك المركزي المصري، بالنيابة عن وزارة المالية، أمس الاثنين سندات خزانة محلية بعائد ثابت لأجل 5 سنوات لأول مرة منذ عامين بقيمة 20 مليار جنيه، أي بأكثر من 9 أضعاف حجم السيولة المستهدف جمعه والبالغ ملياري جنيه، فيما خفض "المركزي" المستهدف في عطاء إصدار سندات خزانة لأجل عامين و3 سنوات بعائد ثابت، مكتفياً ببيع أوراق مالية بنحو 710 ملايين جنيه، ما يعادل 5% فقط من السيولة المستهدف جمعها والبالغة 13 مليار جنيه. عزا 5 مصرفيين ببنوك حكومية وخاصة في مصر، تحدثوا مع "الشرق"، التحول تجاه إصدار أدوات دين طويلة الآجل، إلى سعي مصر لتنويع الآجال في إدارة الدين لتقليل مخاطر كلفة الفائدة المرتفعة بالموازنة المقبلة، في ظل وجود طلب من المستثمرين قبل الخفض المرتقب للفائدة. البنك المركزي المصري باع سندات خزانة لأجل 5 سنوات لمستثمر واحد بمتوسط سعر فائدة 19.98%، من أصل 41 طلباً مقدماً من المستثمرين بقيمة 25.8 مليار جنيه بسعر فائدة وصل إلى 28%، بحسب بيانات المركزي. وفي المقابل تخطى متوسط سعر الفائدة على سندات الخزانة لأجل عامين و3 سنوات 21.6% و22.5% على التوالي، وفق بيانات المركزي. كانت وزارة المالية ترفض خلال العطاءات السابقة بيع سندات خزانة لأجل 5 سنوات بعائد ثابت بسبب ارتفاع تكلفة أسعار الفائدة، مع الاكتفاء ببيعها بعائد متغير في ظل احتمالات خفض الفائدة لتقليل مخاطر تكلفة العائد عليها. إطالة أجل الدين يرى نائب رئيس أحد البنوك الكبرى خلال حديثه مع "الشرق"، طلب عدم ذكر اسمه، أن سلوك وزارة المالية هذا الاتجاه يأتي لأنه: "لابد من وجود أدوات دين مختلفة ومتوازنة لتغطية تكلفة الفترات القصيرة ومتوسطة الأجل". وأوضح مسؤول حكومي تحدث لـ"الشرق" أن وزارة المالية تستهدف إطالة أجل الدين، مشيراً إلى أن نتائج الطرح الأخير لسندات الخزانة يتوافق مع قرار السلطات المصرية بخفض سعر الفائدة بالسوق. مضيفاً أن هذا النهج يستهدف فتح شهية المستثمرين والبنوك. سندات قياسية خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، باعت وزارة المالية كمية قياسية من أذون وسندات الخزانة بنحو 4.5 تريليون جنيه بهدف تمويل عجز الموازنة، وفق بيانات منشورة على موقع البنك المركزي قامت "الشرق" بجمعها. وخلال الربع الأخير من العام الحالي تخطط وزارة المالية المصرية لطرح كمية قياسية من أذون وسندات الخزانة المحلية بنحو 2.2 تريليون جنيه خلال الربع الرابع من العام المالي الحالي (أبريل إلى يونيو) لسد عجز الموازنة، وتتوزع بواقع 1.905 تريليون جنيه لأذون الخزانة، و270 مليار جنيه لسندات الخزانة ذات العائد الثابت والمتغير. ترقب قرار الفائدة أضاف المسؤول الحكومي الذي تحدث مع "الشرق": "ما يحدث أمر طبيعي خاصة أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ستعقد اجتماعها الدوري بعد غد، وسط توقعات لمواصلة الخفض التدريجي لسعر الفائدة". يعقد البنك المركزي المصري ثالث اجتماع له خلال العام الحالي، الخميس المقبل، لحسم أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وسط تباين التوقعات بخفض آخر جديد بين 1% و2%، أو الإبقاء عليها دون تغيير تحوطاً من تسارع التضخم. يأتي الاجتماع المرتقب بعد أن قرر البنك المركزي المصري خفض الفائدة لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف بنسبة 2.25% في آخر اجتماع له في أبريل إلى 25% للإيداع و26% للإقراض بعد تباطؤ معدل التضخم واتساع العائد الحقيقي على الجنيه بنحو 11.4%. في موازنة العام المالي المقبل تستهدف وزارة المالية المصرية طرح أذون وسندات خزانة وغيرها من الأدوات بنحو 3.57 تريليون جنيه، بزيادة 25% عن التقديرات في الموازنة الحالية، وفق البيان التحليلي للموازنة العامة للدولة الذي حصلت "الشرق" على نسخة منه. من اشترى؟ قال نائب رئيس إدارة المعاملات الدولية والخزانة في أحد البنوك الخاصة لـ"الشرق"، إن التحول إلى طرح سندات أطول أجلاً يتوافق مع خطة الحكومة في مد أجل الدين لتقيل تكلفة عبء الاقتراض. وأضاف أن "المالية" قد تكون لجأت إلى تحويل جزء من استحقاقات ديونها قصير الأجل في سندات خزانة، إلى ما هو أطول أجلا بالتعاون مع أحد البنوك الحكومية الكبرى التي تستثمر بكثافة لتمويل عجز الموازنة لتقليل تكلفة الفائدة. ويرى محمود نجلة المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية خلال حديثه لـ"الشرق" أن هذا الطرح ربما جاء بعد وجود طلب من مستثمر أجنبي لشراء سندات خزانة لأجل 5 سنوات عبر بنك محلي للاستفادة من العائد المرتفع قبل اجتماع المركزي المقبل واحتمالات الخفض. وأكد أن دخول مستثمر أجنبي في سندات أطول أجلاً لا يعني بالضرورة كونه توجهاً عاماً لدى كل المستثمرين الأجانب، لكنه جاء بغرض محدد مثل الاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة قبل الخفض المرتقب.


الشرق للأعمال
منذ ساعة واحدة
- الشرق للأعمال
ترمب يؤجل موعد فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيمدد الموعد النهائي الذي سيفرض فيه رسوماً جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي حتى التاسع من يوليو، وذلك عقب مكالمة هاتفية أجراها مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وأضاف ترمب للصحفيين يوم الأحد أثناء عودته إلى واشنطن: "أجرينا مكالمة لطيفة جداً، ووافقت على تأجيل الأمر". وكانت فون دير لاين قد نشرت في وقت سابق من يوم الأحد منشوراً على منصة "إكس" قالت فيه إن "أوروبا مستعدة للمضي سريعاً وبشكل حاسم في المحادثات"، لكنها أضافت أن "إبرام اتفاق جيد سيستغرق وقتاً حتى 9 يوليو". وهذا التاريخ هو نهاية فترة التجميد التي حددها ترمب لرسومه الجمركية المعروفة بـ"الرسوم المتبادلة"، والتي كانت مدتها 90 يوماً. وكان من المقرر أن يخضع الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية بنسبة 20% بموجب تلك الرسوم التي أُعلن عنها في أبريل، في إطار ما أطلق عليه ترمب اسم "يوم التحرير". تهديد برسوم أعلى لكن ترمب هدّد يوم الجمعة بفرض رسوم أعلى، تصل إلى 50%، متهماً التكتل بتأخير المفاوضات عمداً، وباستهداف الشركات الأميركية بشكل غير عادل من خلال الدعاوى القضائية والتنظيمات. وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم الأسبوع الماضي مقترحاً تجارياً محدثاً إلى الولايات المتحدة، في محاولة لدفع المحادثات قدماً، كما أجرى مفوّض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، اتصالاً هاتفياً يوم الجمعة مع نظيره الأميركي جايمسون غرير. وبحسب تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس"، فإن التهديد الأخير من ترمب بفرض رسوم جمركية على التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تبلغ قيمتها 321 مليار دولار، سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنحو 0.6%، وزيادة الأسعار بأكثر من 0.3%.