
هل باع الغرب إسرائيل؟
شهد شهر مايو/ أيار 2025 تحوّلًا لافتًا في المواقف الرسمية الغربية تجاه الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، تمثّل في تبنّي لغة قانونية حادّة في توصيف الانتهاكات، وطرح علني لمراجعة العلاقات مع تل أبيب، وتزايد الدعوات إلى تقييد التعاون العسكري والاقتصادي.
ما بدا لسنوات وكأنه جدار دعم غربي مطلق بدأ يتصدّع، ليس فقط في دوائر الإعلام والنقابات، بل داخل البرلمانات والحكومات ذاتها.
لكن يبقى السؤال الجوهري: لماذا الآن؟ ما الذي جعل هذا التحوّل ممكنًا بعد عقود من التواطؤ أو التجاهل؟ وما السياقات والتطورات – الإقليمية، والحقوقية، والداخلية – التي أفضت إلى هذا المشهد الجديد؟
ثم، الأهم من ذلك: إلى أي مدى ستؤثر هذه المواقف والضغوط – رغم أنها لم ترقَ بعد إلى مستوى العقوبات الشاملة – على سلوك إسرائيل فعليًا؟ وهل يمكن الرهان عليها لإحداث اختراق في جدار الحصانة السياسية التي أحاطت بها نفسها لعقود؟
في هذا المقال، نحاول تقديم إجابات ممنهجة لهذه الأسئلة من خلال تتبّع أبرز ملامح المواقف الغربية الجديدة، وتحليل منطلقاتها، وتقييم حدودها وإمكاناتها المستقبلية:
هل نحن أمام بداية تحوّل بنيوي في علاقات الغرب مع إسرائيل، أم أمام جولة مؤقتة من الغضب الأخلاقي سرعان ما تنكفئ أمام ضرورات السياسة؟
أولًا: مواقف غربية رسمية غير مسبوقة
في الأسبوع الأول من مايو/ أيار 2025، شهد الخطاب الأوروبي تحولًا نوعيًا في التعامل مع إسرائيل، عبر مواقف رسمية اتسمت بصراحة قانونية حادّة وخطوات عملية غير معهودة، في دلالة على انكسار حاجز التحفّظ الدبلوماسي الذي طالما طغى على العلاقات الغربية- الإسرائيلية.
إدانة خطط إسرائيل.. ومكانة فلسطين القانونية
في 7-8 مايو/ أيار، أصدرت ست دول أوروبية: (أيرلندا، إسبانيا، سلوفينيا، لوكسمبورغ، النرويج، وآيسلندا) بيانًا مشتركًا اعتبرت فيه محاولات إسرائيل تغييرَ ديمغرافية غزة وتهجير سكانها، ترحيلًا قسريًا وجريمة بموجب القانون الدولي. كما شدد البيان على أن غزة "جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين"، في إقرار قانوني صريح بمكانة فلسطين، طالما تجنبت حكومات أوروبية النطق به بهذا الوضوح.
اتهام إسرائيل بسياسة الحصار والتجويع
البيان نفسه وصف الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2 مارس/ آذار بأنه "مانع شامل للمساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية"، وطالب برفعه الفوري دون تمييز أو شروط.
كما وثّقت منظمة الصحة العالمية في 12 مايو/ أيار، أن غزة تواجه إحدى أسوأ أزمات الجوع عالميًا، مع وفاة عشرات الأطفال، ووصفت ما يحدث بأنه نتيجة "حرمان متعمّد من الغذاء"، في توصيف يقارب التجويع كجريمة حرب أو حتى جريمة إبادة محتملة.
رفض الآلية الأميركية- الإسرائيلية لتوزيع المساعدات
في 19 مايو/ أيار، أصدرت 22 دولة، من بينها فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، وكندا، بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن رفضها الآلية الجديدة التي اقترحتها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة لتوزيع المساعدات في غزة.
واعتبرت هذه الدول أن "النموذج الجديد" يفتقر للفاعلية، ويربط المساعدات بأهداف عسكرية وسياسية، ويقوّض حيادية الأمم المتحدة، ويُعرّض العاملين والمستفيدين للخطر. كما شددت على أن سكان قطاع غزة "يواجهون المجاعة وعليهم الحصول على المساعدات التي يحتاجون إليها بشدة".
دعوات لحظر التسليح ومراجعة الشراكات
أبدت هولندا تحولًا واضحًا في خطابها التقليدي تجاه إسرائيل. فقد صرّح وزير خارجيتها كاسبر فيلد كامب بوجوب "رسم خط أحمر" عبر مراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل، وأعلن تجميد أي دعم حكومي لتمديدها.
كما شددت السلطات الهولندية الرقابة على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج منذ أبريل/ نيسان. وفي أيرلندا، صوّت مجلس الشيوخ بالإجماع أواخر أبريل/ نيسان لصالح فرض عقوبات على إسرائيل ومنع مرور الأسلحة الأميركية عبر الأجواء الأيرلندية، في خطوة رمزية، لكنها تعكس تغير المزاج التشريعي والمؤسساتي بوضوح.
تحركات نحو الاعتراف بدولة فلسطين
من أبرز مظاهر التحول أيضًا، تلويح عدد من الدول: (فرنسا، لوكسمبورغ، إسبانيا، أيرلندا، سلوفينيا)، باعتبار الاعتراف بدولة فلسطين ضرورة سياسية لحماية حل الدولتين.
وكان قد سبق ذلك اعتراف رسمي من أيرلندا، وإسبانيا، والنرويج بدولة فلسطين في مايو/ أيار 2024، ثم سلوفينيا في يونيو/ حزيران، ما رفع عدد دول الاتحاد الأوروبي المعترفة إلى عشر دول على الأقل، معظمها من أوروبا الغربية، بما يشكّل تحوّلًا غير مسبوق في بنية العلاقات الأوروبية- الإسرائيلية.
انضمام بريطانيا إلى دائرة التحوّل
وفي تطوّر نوعي، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، خلال جلسة البرلمان في 20 مايو/ أيار 2025، تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرض عقوبات على ثلاثة مستوطنين ومنظمتين إسرائيليتين متورطتين بأعمال عنف في الضفة الغربية.
كما وصف الحصار المفروض على غزة بأنه "غير أخلاقي ولا يمكن تبريره"، مطالبًا برفعه الفوري، بينما دعا رئيس الوزراء كير ستارمر إلى وقف إطلاق النار، وزيادة المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن "مستوى المعاناة في غزة لا يُحتمل".
ولكن: لماذا الآن؟ وهل التحوّل الغربي لحظة عابرة أم بداية تغير بنيوي؟
إعلان
لم يأتِ التحول في المواقف الغربية تجاه إسرائيل كنتيجة لقرار سياسي منفرد أو يقظة أخلاقية مفاجئة، بل جاء بفعل تراكم غير مسبوق لضغوط إعلامية، شعبية، حقوقية ودبلوماسية، تقاطعت كلها في لحظة انكشافٍ عالمي كامل لما يجري في غزة. السؤال عن "لماذا الآن؟" يجد إجابته في هذه اللحظة الكاشفة التي بات فيها التغاضي الغربي مرادفًا صريحًا للتواطؤ.
صور الأطفال المتوفين جوعًا، مشاهد الدمار الكلي، المقابر الجماعية والمجازر المتواصلة، فُرضت على الإعلام التقليدي والمنصات الرقمية رغم محاولات الحجب. حتى عالم الفن والثقافة انخرط في الإدانة، كما حصل عشية مهرجان "كان" حين وقّع أكثر من 350 فنانًا عالميًا على رسالة تصف ما يحدث في غزة بـ"الإبادة الجماعية". بالتوازي، وثّقت منظمات كالعفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، واليونيسيف تفاصيل الجرائم بدقة لا تُطاق.
في الولايات المتحدة، بدأت موجة الاحتجاجات الشعبية تتصاعد بقوة في أواخر عهد الرئيس السابق جو بايدن، وسط اتهامات علنية لإدارته بالتواطؤ في الجرائم المرتكبة في غزة، وتحوّل وسم "Genocide Joe" إلى رمز للاحتجاج الرقمي.
ومع وصول إدارة ترامب الثانية، استمرت التظاهرات، لا سيما في الأوساط الجامعية والنقابية؛ احتجاجًا على استمرار الدعم غير المشروط لإسرائيل، وإن اتخذت طابعًا أكثر تحديًا للخطاب الرسمي الصدامي.
أما في أوروبا، فقد شهدت عواصم كبرى كمدريد، دبلن، لاهاي، وأوسلو مظاهرات حاشدة طالبت بوقف فوري للحرب ومحاسبة إسرائيل. ومن أبرز التحركات المؤسسية، كان تصويت اتحاد النقابات النرويجي (LO) بنسبة 88% لصالح مقاطعة شاملة لإسرائيل، تشمل سحب صناديق التقاعد من الشركات الداعمة للاحتلال، وهي خطوة غير مسبوقة في أوروبا.
الضغط الشعبي ترافق مع تصدعات في الخطاب السياسي: أكثر من 53 ألف شهيد فلسطيني، منهم 15 ألف طفل؛ تدمير كامل للبنية التحتية: (الصحية، التعليمية، الزراعية…)؛ ومجاعة جماعية وثقتها الأمم المتحدة.
ورغم ذلك، يبقى السؤال قائمًا: هل نشهد تغيرًا بنيويًا في السياسات الغربية، أم مجرّد موجة غضب ظرفية سرعان ما تنكفئ؟
إعلان
التحذير من "النكوص" مشروع، لكن المؤشرات الإيجابية لا يمكن تجاهلها: دول مثل أيرلندا وإسبانيا، تبنّت مواقف كانت تُعتبر راديكالية، منها فرض قيود على العلاقات العسكرية والاعتراف بدولة فلسطين.
كما تشكّلت كتل أوروبية تنسق مواقفها بجرأة، كما في البيان السداسي لوزراء خارجية آيسلندا، أيرلندا، النرويج، سلوفينيا، إسبانيا ولوكسمبورغ. كذلك بدأنا نلمس تغيّرات داخل البرلمان الأوروبي نفسه، مع تصاعد أصوات تطالب بمحاسبة إسرائيل قانونيًا.
ثالثًا: دور إعادة التموضع الإقليمي
لا يمكن فهم هذا التحوّل من دون التوقف عند الترتيبات الجيوسياسية التي مهّدت له. فبالتزامن مع تصاعد الخطاب الأوروبي المنتقد لإسرائيل، نشطت إدارة ترامب على عدة جبهات إقليمية في مطلع مايو/أيار 2025.
ففي 7 مايو/ أيار، تدخّلت واشنطن لاحتواء تصعيد عسكري خطير بين الهند وباكستان بالتعاون مع مجموعة السبع (G7). وفي اليمن، رعت هدنة بحرية بين الحوثيين والتحالف السعودي- الإماراتي، بوساطة عُمانية، أفضت إلى خفض التوتر في البحر الأحمر.
هذه التهدئة الإقليمية سحبت من يد إسرائيل أوراق التهديد التي طالما استخدمتها لتبرير استمرار الحرب على غزة، خصوصًا ما يتعلق بـ"محور إيران- الحوثيين-حماس".
وتُرجِم ذلك دبلوماسيًا في تراجع الحرج الأوروبي من اتخاذ مواقف علنية حادة تجاه تل أبيب. بل تشير بعض التقديرات إلى دور خليجي غير معلن في هذه التهدئة، مقابل ضغوط أميركية على إسرائيل، ما سمح للغرب بإعادة التموضع من دون الدخول في صدام مباشر مع واشنطن.
هكذا، جاء التحوّل الغربي نتيجة "ترتيب سياسي هادئ" أكثر مما هو لحظة أخلاقية خالصة. لكنه، وعلى محدوديته، شكّل بيئة جديدة أكثر تحررًا للحكومات الأوروبية التي بادرت بتعليق اتفاقيات، فرض عقوبات، واستدعت سفراء، كما حدث في لندن، دبلن، وأوسلو.
رابعًا: إسرائيل وجنوب أفريقيا
والسؤال: هل سيكون الوضع كما جنوب أفريقيا؟ هل تقود الضغوط الغربية إلى تحوّل حقيقي في سلوك إسرائيل؟
رغم أن ما فُرض حتى الآن من عقوبات غربية لا يرقى بعد إلى مستوى الردع، فإن أثرها الواقعي بدأ يظهر على أكثر من صعيد. تعليق صفقات الأسلحة، خصوصًا من دول أوروبية، ووقف مرورها عبر الأجواء، كما فعلت أيرلندا، يعقّد التموين العسكري الإسرائيلي. حظر المواد ذات الاستخدام المزدوج يقيّد تصنيع بعض مكونات الأسلحة الدقيقة. تجميد اتفاقيات تجارية، وتلويح هولندا وفرنسا بإعادة تقييم الشراكة مع إسرائيل يضعان تل أبيب في مواجهة عزلة اقتصادية بدأت فعليًا.
الأثر السياسي لا يقل أهمية: انكشاف إسرائيل على المسرح الدولي، تصدّع صورتها كشريك غربي "طبيعي"، وعودة قضيتها إلى ساحات المحاكم والمنظمات الدولية، كلّها تطورات تُعيد تعريف الكلفة السياسية لجرائمها.
هذا الضغط لم يأتِ فقط من الحكومات، بل من البنية المجتمعية الغربية: النقابات، الجامعات، الأحزاب، ومن داخل برلمانات كانت حتى الأمس القريب تصمت أو تبرّر.
بهذا المعنى، فإن هذه الخطوات السياسية – رغم محدوديتها – تمثل كسرًا للإجماع الغربي التقليدي حول دعم إسرائيل المطلق، وتفتح الباب أمام الانتقال من الإدانة الخطابية إلى أدوات ضغط ملموسة، تشمل مراجعة الاتفاقيات، تعليق الشراكات، وتقييد العلاقات الدبلوماسية، بما قد يتطور لاحقًا إلى تدابير أكثر صرامة.
وهي لحظة تذكّر، من حيث الشكل والمناخ الدولي، بالبدايات التي سبقت فرض العقوبات الشاملة على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حين بدأت الدول الغربية بإجراءات تدريجية قبل أن تنهار شرعية النظام تحت وطأة الضغط المتراكم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 22 دقائق
- الجزيرة
هل تفرض أوروبا عقوبات على إسرائيل أم هو ذرّ للرماد في العيون؟
باريس- في نوفمبر/تشرين الثاني 1995 وقع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل اتفاقية شراكة تشكل الأساس القانوني للعلاقات بينهما وتسهم في تسهيل التبادلات التجارية الثنائية، لا سيما الصناعية والزراعية. وبما أن المادة الثانية من الاتفاقية تنص على أن الموقعين عليها مُلزمون باحترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وجّه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ، ونظيره الأيرلندي ليو فارادكار ، في منتصف فبراير/شباط 2024 رسالة إلى المفوضية الأوروبية يطلبان فيها مراجعة عاجلة لمدى احترام إسرائيل لالتزاماتها، لكن المفوضية تجاهلت ذلك. وبعد مرور 15 شهرا على الرسالة وتفاقم الوضع الإنساني إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، أصبح من الصعب التهرب من هذه المأساة وحقائقها. وأعلنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، أن المفوضية ستجري مراجعة لمدى التزام إسرائيل بمبادئ حقوق الإنسان. فهل ستنجح أوروبا بالفعل في الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإدخال المساعدات وإنهاء الحرب، أم أنها تصريحات لذرّ الرماد في العيون؟ صحوة متأخرة وفي خرق للمواقف الحذرة والتصريحات التقليدية، أدانت فرنسا وكندا والمملكة المتحدة ما وصفته باللغة "البغيضة" التي استخدمها أعضاء حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتهديد بالتهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين، فضلا عن "الأفعال الفاضحة" التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وتبنى بيان مشترك صدر الإثنين الماضي عن هذه الدول لهجة أكثر شدة وانتقادا لإسرائيل وجيشها. وقال "نعارض بشدة تمديد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة حيث مستوى المعاناة الإنسانية لا يُطاق". ودعا قادة الدول الثلاث إسرائيل إلى استئناف توزيع المساعدات الإنسانية المتوقفة منذ الثاني من مارس/آذار. كما عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسا الوزراء البريطاني والكندي كير ستارمر و مارك كارني عن تصميمهم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية "كمساهمة في تحقيق حل الدولتين"، وقالوا "نحن مستعدون للعمل مع الآخرين لتحقيق هذه الغاية"، وفق البيان. وتعليقا على هذه الصحوة الأوروبية، قال داغ هيربورنسرود، الكاتب الصحفي ومؤسس مركز تاريخ الأفكار العالمي في أوسلو، إن المسؤولين السياسيين في أوروبا كان عليهم الاستيقاظ من غفوتهم في وقت أبكر، في ظل تراكم هذا الكم الهائل من القرارات الأممية والتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وغيرها. ويعتبر هيربورنسرود -في حديث للجزيرة نت- أن الوقت قد حان للتفكير في أن إسرائيل لا تولي اهتماما كبيرا لأطفال غزة، وهو ما أكدته الأمم المتحدة عندما أشارت إلى أنه تبقى 48 ساعة للطوارئ لإنقاذ حياة الأطفال الفلسطينيين. وبالفعل، صرح توم فليستر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، في حديثه لبرنامج "توداي" على "بي بي سي"، بأن 14 ألف طفل رضيع سيموتون في غزة خلال الساعات الـ48 القادمة إذا لم تسمح إسرائيل بدخول المساعدات فورا. فرض العقوبات وصوتت أغلبية وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي (17 دولة عضوا) لصالح مراجعة النص المعمول به منذ عام 2000، بينما أعلنت السويد أنها ستضغط على الاتحاد لفرض عقوبات على الوزراء الإسرائيليين، ولوّحت بريطانيا بفرض عقوبات على المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة. ويعتقد السفير الفرنسي السابق في قطر ثم في السعودية برتراند بيزانسينو، أن رغبة نتنياهو في تحقيق أهدافه الخاصة دون إعطاء أي فرصة حقيقية لمناقشة إيجاد حل دائم أو عملية سلام حقيقية، يولد شعور الرعب والاستياء في كل مكان في العالم تقريبا، وخاصة في أوروبا. ولتغيير هذه السياسة الدراماتيكية، أكد بيزانسينو، في حديث للجزيرة نت، على ضرورة إثارة مسألة فرض عقوبات على إسرائيل، سواء بتعليق الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل أو بتدابير أخرى مثل حظر جميع مبيعات الأسلحة. بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي جان بيير بيران، أن أوروبا أضاعت فرص التأثير على الشرق الأوسط والقضايا الإنسانية رغم امتلاكها الوسائل للسيطرة على الحكومة الإسرائيلية، لكن افتقارها إلى الإرادة السياسية منعها من اتخاذ أي إجراء سريع. وعن وسائل السيطرة، قال بيران للجزيرة نت، إن حوالي 40% من تجارة إسرائيل تتم مع أوروبا، "مما يعني أننا قد نتمكن من تطبيق سلسلة من عقوبات مماثلة للتي تم فرضها على روسيا ، واستخدام المعاهدة التي تم توقيعها في عام 1995 كورقة ضغط رئيسية". انقسام أوروبي ويبدو أن الانقسامات الداخلية التي تشهدها أوروبا على عدة مستويات لا تزال عقبة أمام اتخاذها قرارات مشتركة، بما في ذلك سياستها في الشرق الأوسط وقطاع غزة بشكل خاص. وبالتالي، يرى السفير الفرنسي السابق أن انقسام الأوروبيين بشأن الوضع المأساوي في قطاع غزة يدفع إلى ضرورة إيجاد صيغة موحدة لممارسة الضغط على نتنياهو وحكومته، مشيرا إلى أن المؤتمر الدولي الذي ستقوده فرنسا والسعودية في نيويورك بين 17 و20 يونيو/حزيران المقبل قد يكون أكثر فائدة إذا تم التوصل إلى وقف نهائي لإطلاق النار. وفي إشارة إلى سياسة التجويع التي تودي بحياة الفلسطينيين تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الثلاثاء على قناة "فرانس إنتر" أن "الوضع غير قابل للاستمرار، والعنف الأعمى يحوّل غزة إلى معسكر موت، إن لم يكن إلى مقبرة". إعلان من جهة أخرى، يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب جعلت الأوروبيين أكثر استقلالية في تصرفاتهم وقراراتهم، وقد بدا ذلك جليا في ملف الحرب الأوكرانية ، بعد ضمان الولايات المتحدة هذا الشق الأمني لأوروبا طوال 80 عاما. وفي سياق متصل، أوضح الكاتب الصحفي داغ هيربورنسرود، أن ألمانيا لا تسلك الاتجاه الأوروبي نفسه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، مما يعني عدم وجود موقف أوروبي مشترك للتعامل مع هذه القضية "بسبب المسؤولية الأوروبية عن الهولوكوست وما إلى ذلك". وفسر ذلك بالقول إن "المملكة المتحدة وأيرلندا مثلا لا تتحملان ما يُسمى بالذنب من الحرب العالمية الثانية، لذا يمكنهما التعبير عن آرائهما حول الوضع في قطاع غزة بسهولة أكبر، على عكس ألمانيا والنمسا". إسقاط نتنياهو عندما صافح ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع ، ووعده برفع العقوبات عن بلاده في القصر الملكي السعودي بالرياض الأسبوع الماضي، في لقاء هو الأول من نوعه بين رئيسين أميركي وسوري منذ 25 عاما، اعتبر مراقبون ذلك بمثابة دليل واضح على أن دبلوماسية الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط قد أزعجت وهمّشت إسرائيل. وفي هذا الإطار، رأى السفير الفرنسي السابق في قطر ثم في السعودية برتراند بيزانسينو، أن رفع الولايات المتحدة العقوبات عن سوريا وقيامها بمفاوضات مباشرة مع الحوثيين و حماس تمثل مؤشرات واضحة على أن ترامب اليوم لا يسعى إلى إرضاء إسرائيل فقط، بل يأخذ في الاعتبار رأي حلفاء واشنطن الآخرين في المنطقة، وخاصة دول الخليج. ولا يعتقد بيزانسينو أن هناك رغبة أميركية أوروبية في إسقاط حكومة نتنياهو، وإنما رغبة أوروبية في الضغط عليها وبداية للاستياء الأميركي من تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي. من جانبه، تساءل جان بيير بيران عما إذا كان هناك توتر حقيقي بين ترامب ونتنياهو، قائلا "قد يبدو أنهما مختلفان لكنهما حليفان قويان، ومشروع الرئيس الأميركي في بناء "ريفييرا" في غزة أكثر جدية مما يبدو. أما الفرق الوحيد الذي يمكن ملاحظته هو أن ترامب لا يريد شن حرب على إيران، لكنه لا يهتم بغزة على الإطلاق". وتابع المحلل السياسي "هناك رغبة على المستوى الأوروبي لمنع استمرار المذبحة اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، وتصريحات القادة كانت حازمة بهذا الشأن، لكن هل يريدون رؤية حكومة نتنياهو تسقط؟ نعم، ربما".


الجزيرة
منذ 26 دقائق
- الجزيرة
أوروبا تحذر إسرائيل من تجويع الفلسطينيين بعد 20 شهرا من الحرب
بعد 20 شهرا من حرب توصف بأنها إبادة جماعية، بدأ بعض القادة الأوروبيين التلويح باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل ما لم تسمح بإدخال المساعدات للمدنيين المحاصرين في قطاع غزة الذين تقتلهم ليل نهار.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
نائبة أيرلندية تدعو لوقف الاستثمارات مع إسرائيل ومعاقبتها
دعت نائبة في البرلمان الأيرلندي إلى وقف الاستثمارات مع إسرائيل وفرض عقوبات عليها، وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات أسرع لحل الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة. وقالت شينيد غيبني، وهي برلمانية أيرلندية عن حزب الديمقراطيين الاجتماعيين، إن القوات الإسرائيلية تتصرف بطريقة مروعة وغير مسؤولة. وتتوالى التصريحات الغربية المنتقدة لإسرائيل بسبب استمرار حربها الوحشية على غزة وفرضها حصارا خانقا يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية التي يواجهها القطاع منذ نحو 20 شهرا، في ظل استخدامها سياسة التجويع سلاحا. ودعت غيبني حكومة بلادها إلى إقرار تشريع بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأضافت "نضغط على المصرف المركزي بشأن التعاملات مع إسرائيل". ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة جماعية واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلا كل النداءات الدولية وأوامر ل محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت حرب الإبادة، التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين. وفي سياق متصل، وصفت النائبة في البرلمان الأيرلندي ما حدث للدبلوماسيين في الضفة الغربية بأنه اعتداء إسرائيلي واضح. الضفة الغربية ، للاطلاع على الواقع المأساوي للمخيم. وقررت كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال والدانمارك استدعاء سفراء إسرائيل لديها، في حين نددت الخارجية الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بما حدث، وقالتا إنه "عمل عدواني" و"إمعان في انتهاك الأعراف والمواثيق الدولية".