
أربعة أشهر من الوقت الإضافي الضائع... كيف ستكون نتائجها؟
كيف يمكن أن تستمرّ البلاد على الصعيد المالي والنقدي بعد انقضاء الموسم السياحيّ الذي استطاع حاليًّا تأمين الدولارات لتغطية الشحّ بالعملة الأجنبية الذي كان قد بدأ بالظهور في السوق؟ وهل إن المؤشرات الاقتصادية التي أظهرت تحسّنًا في النصف الأوّل من العام الحالي يمكن أن تحافظ على مستوياتها أم أنها ستعاود التراجع بعد فصل الصيف؟
من المؤشرات الإيجابية التي لاقت زخمًا بسبب الموسم السياحي الناشط وبسبب الآمال التي كانت معقودة على الحكومة الجديدة واتفاق وقف الحرب، نموّ الواردات بنسبة 16 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، ازدياد الطلب على الليرة اللبنانية، ما أتاح لمصرف لبنان تعزيز احتياطياته بمقدار 1.2 مليار دولار منذ بداية العام لتبلغ حوالى 11.3 مليار دولار في نهاية حزيران، وهو أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، ارتفاع أسعار سندات اليوروبوندز إلى حدود 18 سنتًا للدولار الواحد، ارتفاع الودائع بالنقد الأجنبي (الفريش) لدى المصارف بقيمة 800 مليون دولار منذ بداية العام الحالي، لتصل إلى 4 مليارات دولار حاليًا، استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق الموازية، تسجيل ميزان المدفوعات فائضًا بقيمة 1.9 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2025، وغياب العجز في حساب المالية العامة مع توازن الإيرادات والنفقات.
اليوم، ومع تلاشي الآمال بالتوصل إلى اتفاق حول نزح السلاح، وعدم إمكانية استعادة الثقة قبل إتمام الإصلاحات المطلوبة دوليًا وإقليميًا، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ما هي التوقعات للمؤشرات المالية والنقدية والاقتصادية للأشهر المقبلة؟
في هذا الإطار، أكّد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أنّ النموّ الاقتصادي ضرورة ملحّة لتوفر السيولة في البلاد، ومن دون الإصلاحات والدعم المالي من الخارج، سيبقى الوضع هشًّا وغير مستقرّ سياسيًّا، وبالتالي ستبقى الاستثمارات غائبة وسيتراجع معدل الاستهلاك لا بل سيقتصر الاستهلاك على الأساسيات. موضحًا لـ 'نداء الوطن' أنّ هذا الواقع سيجعل الدولة وماليتها العامة تستخدم ما جمعته من رصيد مالي في حسابها لدى مصرف لبنان وسيولة إضافية نتيجة زيادة الضرائب وجبايتها.
أما في ما يتعلّق باحتياطي مصرف لبنان، اعتبر أبو سليمان أنّ زيادة احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية نتج عن جباية الدولة لصالح البنك المركزي، الدولارات من خلال بيع المكلّفين، الدولارات لتسديد الضرائب والرسوم بالليرة.
وأشار إلى أن استقرار سعر الصرف نتج عن خفض الكتلة النقدية بالليرة في السوق لتصل إلى 700 مليون دولار، ما جعل سعر الصرف مستقرًّا بشكل اصطناعي بسبب سيطرة البنك المركزي على حجم الكتلة النقدية، ولكن في حال عدم حصول نموّ مدفوع بالإصلاحات المطلوبة والدعم الدولي، يمكن أن تستمرّ البلاد على هذا المنحى لغاية نهاية العام، إلّا أنّ المؤشرات الاقتصادية وميزانية الدولة أي سيولتها، ستتراجع.
وقال أبو سليمان: شئنا أم أبينا، فإن الإصلاحات هي ممرّ إلزامي لوضع الاقتصاد والمالية العامة على السكة الصحيحة. ورغم أن الدولة قادرة على الصمود لغاية نهاية العام من 'لحمها الحيّ' وكذلك الأمر بالنسبة لمصرف لبنان الذي يستطيع الحفاظ على استقرار سعر الصرف، إلّا أنّ هذا الواقع غير سليم ويحتاج إلى معالجات جذرية مثل توحيد سعر الصرف وتحريره في نهاية المطاف. مؤكدًا أن التعويل على دولارات السياحة ومن ثمّ على دولارات المغتربين ليس حلًّا مستدامًا!
أهميّة الوقت
من جهته، أكد الأكاديمي والباحث في الشؤون الاقتصادية والمالية جهاد الحكيّم أنّ سرعة الإصلاح لا تقلّ أهميّة عن الإصلاح بحدّ ذاته، 'وكلّما طال الإصلاح أصبحت الأمور أسوأ'، وبالتالي فإنّ الزخم الذي كان قائمًا للإصلاح والنهوض بالبلاد على كافة الأصعدة، والآمال التي كانت معقودة حول إمكانية استعادة الاستثمارات وضخ الأموال عبر الدعم المالي الخارجي، قد بدأت تتلاشى اليوم. 'ومن كان يأمل أو يخطط للاستثمار في لبنان، بدأ يفقد الأمل والاتجاه الإيجابي positive trend لم يعد بالوتيرة عينها'.
وقال: الظاهر أنه لا توجد نيّة للإصلاح في لبنان حاليًا في حين أن الغالبية تعارض التوصل إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي، ولا بوادر لأي دعم مالي خارجي قبل التوصل إلى حلّ جذريّ لمسألة السلاح وتوفر الاستقرار. كما أن الوضع في لبنان سيبقى على حاله في حال عدم تطبيق الإصلاحات المطلوبة وإلى حين انقضاء مهلة الورقة الأميركية لنزع السلاح وحصول لبنان على أي دعم مالي، 'لأننا بلغنا الحضيض منذ عامين، ووصلنا إلى القعر وإلى أسوأ ما يمكن للاقتصاد أن يصل له، وبالتالي كلّ ما نراه من تحسّن في المؤشرات حاليًا هو موسميّ وغير مستدام، جاء نتيجة موسم الصيف والآمال المعلّقة على الحكومة للتغيير، معتبرًا أن زيادة احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية وارتفاع الودائع في المصارف هي مجرّد أدوات للتسويق، طالما لم تحلّ مشكلة المودعين والمتقاعدين وكل من تضرر من أزمة الانهيار، وتستعيد شريحة كبيرة منهم حقوقها ومدّخراتها وتعويضاتها وشدّد أيضًا على أهميّة التخلّص من الاقتصاد النقدي.
ولفت إلى أن تحسّن حجم الواردات ناتج عن الموسم السياحي وتدفّق المغتربين، 'أما المؤشر الذي يدلّ على النموّ فهو نموّ الصادرات وزيادة فرص العمل والإنتاج الصناعي وثقة المستهلك، بالإضافة إلى نمو الاستثمارات وزيادة العمران ورخص البناء وليس زيادة الواردات'. كما أن استقرار سعر الصرف لم يعد مؤشرًا يدلّ على التعافي بعدما أصبح الاقتصاد مدولرًا بشكل تام، وبعدما فقدت العملة المحلية دورها ولم تعد عملة ادّخار أو وسيلة للتداول. بالإضافة إلى ذلك، فإن مؤشر غياب العجز في حساب المالية العامة أمر طبيعي في ظلّ اعتماد موازنة محاسبية تعتمد فقط على موازنة تركيب أرقام من الإيرادات مع أرقام النفقات من دون تحقيق فائض ومن دون ربطها بأي خطة إصلاحية اقتصادية ومالية تشمل النفقات الاستثمارية كما إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية وغيرها….
وأشار الحكيّم إلى أن الإصلاحات التي يجب على الحكومة تنفيذها بغض النظر عن مسألة نزح السلاح والحصول على دعم مالي خارجي، لم تطبّق بعد، وبالتالي'نحن ندور في حلقة مفرغة، وسيستمرّ الوضع على ما هو حاليًا، أي سيواصل الاقتصاد النقدي استفحاله، وهو المرادف للفقر ومرتع لعمليات تبييض الأموال، ما سيقضي على التأثير المضاعف multiplier effect ويمنع الاقتصاد من النمو في ظلّ عدم الاستفادة من عامل الاستهلاك بغياب القروض المصرفية نتيجة عدم حلّ أزمة المصارف وإعادة هيكلتها واستعادة دورها كمحرك للاقتصاد'.
وفيما شدّد على أن البلد الذي يعتمد على أموال السياحة فقط للصمود هو اقتصاد فاشل، أوضح أنه مع انقضاء الموسم السياحي، سيعود التعويل على تحويلات المغتربين لتأمين الدولارات، وعلى هجرة الشباب مقابل صمود الفئات العمرية الكبرى في البلاد، مع الإشارة إلى أن اقتصاد المعرفة نما بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة عبر الهجرة الافتراضية للشباب، ما ساهم في تأمين فرص العمل للشباب اللبناني.
وأشار إلى أنه في ظلّ قيام اقتصاد نقدي هو مرتع لتبييض الأموال، فإنّ التدفّقات المالية يمكن ألّا تنقطع عن البلاد من دون إمكانية تحديد مصادرها أو حجمها، إلّا أن مفعولها يظهر جليًا في السوق. خاتمًا 'أن البلاد تعاود النهوض ظاهريًا على غرار بناءٍ يعلو على أساسات غير سليمة!' مؤكدًا أن حالة عدم اليقين منعت بلورة أو تنفيذ الاستثمارات المنتظرة والتي كانت قد أخذت دعمًا وزخمًا من العهد الجديد الذي بدأ يفقد بريقه مع تأخره في تطبيق الإصلاحات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


OTV
منذ 13 دقائق
- OTV
متعهدو تغذية السجناء: سنتوقف عن تسليم المواد الغذائية إذا لم نقبض مستحقاتنا
وجه متعهدو تغذية السجناء في كافة السجون اللبنانية بيانا إلى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي – شعبة الشؤون الإدارية، جاء فيه: 'بعد نفاد الاعتماد المرصود لدفع مستحقاتنا حتى ۲٥/٦/٣١، وبعد طلب إعطاء ٧٥ مليارا إضافية لإكمال دفع مستحقات شهر ایار وحزیران ۲۰۲۵ عبر إعطاء سلفة من موازنة المديرية العامة لقوى الامن الداخلي العائدة لتأمين المواد الغذائية والوجبات الجاهزة والبالغة ٦٠٠ مليار ليرة لبنانية عن عام ۲۰۲٥، أتى جواب وزارة المالية بتنظيم فواتير ليتم صرفها عبر حوالات من وزارة المالية لصالح المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، وهذا ما لا يمكننا تحمله كمتعهدي تغذية المساجين لسببين : الاول، ان الفواتير بعد تنظيمها تأخذ قرابة الشهر لكي يوقعها سعادة المدير العام، وبعدها سيتم إرسالها الى وزارة المالية حيث تأخذ اكثر من ثلاثة اشهر لقبضها. ثانيا، التأخير في دفع مستحقاتنا في ظل وضع مالي غير سليم مما يجعلنا أمام خطر ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية، وهذا ما حل بنا خلال الأزمة المالية السابقة والتي تكبدنا خلالها خسائر فادحة من خلال ضياع قيمة رأسمالنا فرقا في سعر صرف الدولار، مما دفع الإدارة حينها الى اعتماد طريقة الدفع من خلال السلفة وذلك لعدم ضياع حقوقنا . نرجو من حضرتكم الأخذ بمطالبنا المحقة والسعي لدى وزارة المالية الى إكمال الدفع عن طريق السلف لأننا غير قادرين على التعامل مع نظام الدفع بالحوالات من وزارة المالية لأنها تأخذ وقتا طويلا غير قادرين على انتظاره . في حال عدم تلبية مطالبنا بقبض المستحقات بطريقة السلفات نقدا، سنصل في وقت قريب جدا الى الإفلاس خاصة أن رساميلنا فقدت قيمتها بسبب اعتماد طريقة الدفع بالحوالات وارتفاع الدولار في الفترة السابقة. وكما تعلمون إن المواد الغذائية كالخبز واللحم والدجاج هي مواد يومية، وقد توقف التجار بعد الأزمة عن تسليم هذه المواد قبل دفع ثمنها نقدا وكذلك القطاع المصرفي الذي أوقف كافة القروض التجارية، كما اننا عند موافقتنا على تمديد التلزيم قد ذكرنا المحافظة على طريقة الدفع بموجب سلفات تُدفع نقدا، مما يدفعنا مرغمين وبسبب عدم تمكننا من تأمين الأموال اللازمة لشراء المواد الغذائية وتسليمها للسجون، الى التوقف عن تسليم كافة المواد الغذائية في كل السجون عند نهاية شهر تموز ٢٠٢٥'.


بنوك عربية
منذ 32 دقائق
- بنوك عربية
المركزي اليمني يطلق مشروع أنظمة المدفوعات
بنوك عربية يستعد البنك المركزي اليمني في عدن لإطلاق وتنفيذ مشروع أنظمة المدفوعات، الذي أقره مجلس إدارة البنك الدولي مؤخرًا. ويهدف هذا المشروع إلى دعم اليمن والبنك المركزي في الحكومة المعترف بها دوليًا على وجه التحديد، بهدف تقوية وتحديث القطاع المالي والمصرفي اليمني. وتعد هذه الخطوة جزءًا من سلسلة الإصلاحات التي أعدها البنك المركزي في عدن بالتعاون مع الحكومة، وتأتي بعد مبادرات سابقة مثل تشكيل لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد، وتثبيت سعر صرف الريال السعودي عند 757 ريالًا للشراء و760 ريالًا للبيع، وما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى. وأكد المستشار الاقتصادي في مكتب رئاسة الجمهورية بعدن، فارس النجار، أن مشروع نظام المدفوعات يمثل بنية تحتية مالية ومصرفية أساسية تهدف إلى تنظيم حركة الأموال بين البنوك والصرافين والجهات الحكومية والأفراد. ويهدف تنفيذ هذا النظام إلى توحيد المعاملات المالية مثل التحويلات والرواتب والمدفوعات الحكومية والرسوم والضرائب من خلال نظام رقابي إلكتروني يشرف عليه البنك المركزي. وأضاف النجار أن الهدف الأسمى من ذلك هو تقليص الاعتماد على التعامل النقدي وتشجيع التعامل الإلكتروني، مما يمكن البنك المركزي من تتبع حركة الأموال وتدفقها لحظة بلحظة، ومراقبة التحويلات المرتبطة بشبكات غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما يسهم زيادة الاعتماد على التعاملات الإلكترونية في مكافحة الفساد وتقليل فرص التلاعب والحد من التهرب الضريبي والجمركي. وناقش وفد من البنك الدولي زار عدن مؤخرًا التحضيرات للبدء بتنفيذ مشروع أنظمة المدفوعات، بالإضافة إلى بحث خطط وبرامج أخرى ينوي البنك الدولي تنفيذها في القطاعات التنموية والخدمية والمالية في اليمن. وأشار النجار إلى أن هذه الخطوة المهمة تأخرت كثيرًا، وكان من المفترض تنفيذها بعد نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن نهاية عام 2016، معتبرًا إياها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تأسيس بنية تحتية مالية ونقدية ومصرفية قوية. واستعرض اللقاء مع وفد البنك الدولي التطورات الاقتصادية، لا سيما المالية والنقدية، بعد توقف صادرات النفط وانحسار المساعدات الرسمية والإنسانية، وما لذلك من انعكاسات على استقرار الأسعار وتدني مستوى الخدمات. كما ناقشوا التدخلات المطلوبة من السلطات لاستعادة التوازن وتحقيق الاستقرار، والدور المحوري الذي يلعبه البنك الدولي في التخفيف من آثار التبعات الاقتصادية عبر تدخلاته المباشرة وغير المباشرة.


بنوك عربية
منذ 32 دقائق
- بنوك عربية
369 مؤسسة مالية عاملة في البحرين
بنوك عربية أظهرت تقارير مصرف البحرين المركزي أن عدد المؤسسات المالية في مملكة البحرين بلغ 369 مؤسسة حتى نهاية مايو 2025، مما يعكس جاذبية السوق البحريني للمؤسسات المالية الإقليمية والدولية. وتشير البيانات المصرفية إلى أن إجمالي الموجودات في القطاع وصل إلى 245.6 مليار دولار أمريكي حتى مايو 2025. ويضم القطاع 83 بنكًا، من بينها 15 مصرفًا إسلاميًا بإجمالي موجودات قدرها 62.6 مليار دولار أمريكي. كما أفادت الإحصاءات بأن إجمالي القوى العاملة في القطاع المالي بلغ 14775 موظفًا في عام 2024، حيث يشكل البحرينيون 69% من القوى العاملة، بينما يشكل غير البحرينيين 31%. وعلى الصعيد الاقتصادي، سجل الناتج المحلي الإجمالي للبحرين 47.1 مليار دولار أمريكي في عام 2024، مع نمو بنسبة 2.0%. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 40.3 مليار دولار أمريكي، محققًا نموًا بنسبة 2.6%، وقد حافظ القطاع المالي على أدائه القوي، حيث ساهم بنسبة 17.2% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة. وفي سياق متصل، شهد قطاع التأمين نموًا مستمرًا، حيث بلغ عدد الشركات المرخصة للعمل في البحرين 137 شركة حتى ديسمبر 2024، وبلغ مجموع أقساط التأمين 239.4 مليون دينار بحريني. كما شهد قطاع الاستثمار نموًا ملحوظًا، حيث بلغ عدد الشركات الاستثمارية العاملة في المملكة 50 شركة حتى نهاية العام.