logo
السويداء نكسة للمشروع التركي في سوريا

السويداء نكسة للمشروع التركي في سوريا

الميادين٢٧-٠٧-٢٠٢٥
ما جرى في السويداء يتعارض مع حسابات تركيا السورية، ويهدد مصالحها بعد دخولها الواسع على الملف، ومحاولتها كسب أوراق ودعمها لتسهيل المرحلة الانتقالية. التدخل الفعّال للوساطة الأميركية والعربية والتركية حاول التصدي لظهور الحكومة السورية مهزومة أمام الضربات الخارجية الإسرائيلية، وداخلياً عبر الاقتتال بين المكونات الاجتماعية السياسية السورية حيث دخلت كعنصر مساعد للبدو بدل أن تكون عنصراً ضابطاً للأمن.
التنسيق التركي-العربي كان ملحّاً، بعد طرح أهلية الحكومة حاولت تركيا التأكيد أن الرغبة العربية ما زالت موجودة في دعم السلطة السورية الجديدة بقيادة الشرع.
تشابكت الديناميكيات المحلية والإقليمية في سوريا في عملية معقدة، إذ كشفت الأحداث الأخيرة في السويداء، عن حدود السيطرة المركزية ومحاولات فرض السيادة في سياقات محلية هشة، حيث امتزجت المشكلات المحلية بالطائفية، وتعارضت السياسات الوطنية مع الطموحات الإقليمية.
لطالما اشتعل في منطقة السويداء التنافس بين الدروز والبدو. لكن سرعان ما تصاعد الإشكال إلى عنف طائفي شاركت فيه القوات الحكومية التي يفترض بها استعادة النظام وتوفير الأمن.
العملية العسكرية التي خاضتها القوات الحكومية أدت إلى فشلها تكتيكياً وسياسياً، بعد اتهام القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد المدنيين الدروز الى جانب البدو وانتهاز "إسرائيل" الفرصة لتنفيذ قرار اتُخذ في فبراير/شباط الماضي يقضي بإبقاء جنوب سوريا منزوع السلاح، وقصف وزارة الدفاع السورية في دمشق ومنطقة قريبة من القصر الرئاسي هي رسالة إلى الشرع ومرجعتيه التركية بأن عليه الانسحاب من السويداء، ومنذ ذلك الحين جرى وقف إطلاق النار.
لكنّ الصراع تحوّل مع القبائل البدوية على أطراف محافظة السويداء إلى تضامن من العشائر المحيطة، حوّل القتال بين البدو والدروز، وانتقل الصراع من كونه نزاعاً محلياً محدوداً نسبياً إلى صراع متعدد الأطراف بوجود القوات الحكومية، وامتد إلى أن أصبح إقليمياً بعد رغبة بعض الدروز على إثر الاغتيالات والخطف في طلب الحماية.
أما القيادة السورية، فحاولت تأكيد سلطتها وسيادتها من خلال استخدام القوة، أما "إسرائيل" فهي راغبة بتوسيع نطاق نفوذها في جنوب سوريا. وكانت النتيجة سفك دماء، وأزمة ثقة في القيادة السورية، وموازين قوة جديدة في جنوب سوريا. 24 تموز 13:10
22 تموز 10:17
ما حدث في السويداء شكّل أيضاً نكسة عميقة للمجتمع السوري. أصبح العنف محفزاً للاستقطاب الطائفي، ما يهدد بتقويض التعايش بين مختلف طوائفها وبين المواطنين والدولة الناشئة.
جرى تصوير الشرع في الإعلام الخليجي والتركي على أنه محرر ومنقذ سوريا وباحث عن تثبيت سلطة الدولة مقابل خيانة اتهم بها الزعيم الروحي الدرزي، الشيخ حكمت الهجري، وجرى تجاهل نفوذ "إسرائيل" في جنوب سوريا بعد عام 2013، وكيف أصبح ساحة اختبار لنماذج مختلفة من النفوذ الإقليمي ووجود تحالف من الفصائل المتمردة المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها العرب.
"إسرائيل" اليوم تسعى إلى إنشاء منطقة نفوذها الخاصة في الجنوب، مُستلهمة النموذج التركي في الشمال، مدعومة بأمن خارجي، تخدم جميعها المصالح الإسرائيلية من دون سيطرة مباشرة. في هذه الحدود تغيب السيادة الواضحة، وتُستبدل بتفاهمات عائمة تُحقق أهدافاً خارجية.
تحويل السويداء إلى منطقة نفوذ خارجي دائمة يعزز الكانتونات، يُعيد إنتاج معادلة عدم الثقة بين السوريين في نهاية المطاف، لم يكن الجنوب معزولاً عن العنف، بل كان امتداداً للأحداث التي ظهرت سابقاً على طول الساحل السوري، والتي اتسمت ببعد أيديولوجي-سياسي يعزز الهويات السياسية والطائفية، ما يدفع المجتمعات إلى التشبث بسلاحها.
طلبت وزارة الدفاع الوطني السورية دعماً عسكرياً من تركيا. ودعت قوات سوريا الديمقراطية إلى التخلي عن مطالبها بالحكم الذاتي والالتزام باتفاقية الاندماج التي أبرمتها مع إدارة أحمد الشرع.
في الوقت الذي هدد فيه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قوات سوريا الديمقراطية/وحدات حماية الشعب من محاولة "خلق حكم ذاتي"، وكانت سوريا قد طلبت إثر الأحداث من تركيا تعزيز قدرتها الدفاعية حيث إن "إسرائيل" تقصف حين تشاء إلا أن تركيا تدعم تدريبياً لمحاربة جميع التنظيمات التي تعدّها "إرهابية" بعد أن كانت قد اقترحت مساعدة دمشق في حماية وإدارة مخيمات الهول والمخيمات المماثلة التي يحتجز فيها سجناء "داعش" وعائلاتهم، حيث تقوم قوات سوريا الديمقراطية/وحدات حماية الشعب بحمايتهم بتكليف من قبل الولايات المتحدة.
تريد تركيا سحب هذه الورقة من يد قوات سوريا الديمقراطية وإلقاء أسلحتها تنفيذاً لطلب زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان. يأتي طلب سوريا للحصول على دعم عسكري من تركيا في وقت جرى تفاهم بين تركيا والولايات المتحدة للحفاظ على وحدة سوريا. وكان توم باراك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، قد صرح إن "إسرائيل" تريد أن ترى "سوريا منقسمة"، لكن واشنطن تعتقد أن الأقليات ترى أن قوتها في وحدتها.
مسارعة تركيا إلى إنهاء ملف قوات سوريا الديمقراطية التي تعدها قوات انفصالية على الحدود السورية-التركية، تمثل شوكة في خاصرة الأمن القومي التركي وأمراً في غاية الأهمية بالنسبة إليها، لكن هناك حقيقة تمظهرت في أحداث السويداء وسمحت بالتدخل الإسرائيلي، وهي تصرف القوات الحكومية كميليشيا وليس كقوة فصل بين أبناء البلاد ما أسهم في تعميق الفجوة بين الدروز والدولة السورية.
الاتهامات لكل الدروز بمقاومة فكرة الدولة المركزية وعدم خروج التحقيقات حول مجازر الساحل السوري عند العلويين، والتي ما زالت تمارس لغاية اليوم، يراد منها تحييد الأخطاء وعدم المحاسبة، أو تشجيع فكرة الضرب للاستيعاب والاستتباع.
يبقى أن الاستثمارات التي وقعت عليها السعودية مع الشرع وحكومته كانت تأكيداً أن خيارها هو إعطاء فرصة للشرع من أجل تثبيت حكمه والقضاء على الفصائل المعارضة له والتي كانت تقاتل إلى جنبه.
يبدو المطلوب من الشرع الكثير، على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي في حدوده وخارجها، لذلك تعدّ ورقته رابحة بالنسبة إلى داعميه ومهماته لم تكتمل لغاية اليوم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عراقتشي: حزب الله سيصمد في وجه الضغوط.. ويمتلك القدرة للدفاع عن نفسه
عراقتشي: حزب الله سيصمد في وجه الضغوط.. ويمتلك القدرة للدفاع عن نفسه

الميادين

timeمنذ 5 ساعات

  • الميادين

عراقتشي: حزب الله سيصمد في وجه الضغوط.. ويمتلك القدرة للدفاع عن نفسه

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي، الأربعاء، إنّ "السعي لنزع سلاح حزب الله ليس أمراً جديداً"، بحيث "جرت محاولات سابقة في هذا الاتجاه، بعدما أظهرت ساحات المعارك للجميع فعّالية سلاح المقاومة". وفي مقابلة مع التلفزيون الإيراني، أضاف عراقتشي أنّه "مع تصوّر البعض بأن حزب الله أصبح ضعيفاً، عادوا مجدداً لطرح فكرة نزع السلاح ودفعها إلى الواجهة، إلّا أنّ الموقف الحاسم الذي عبّر عنه الأمين العامّ لحزب الله في بيانه الأخير، أثبت أنّ الحزب سيبقى صامداً في مواجهة كلّ الضغوط".كما أشار إلى أنّ شخصيات بارزة، مثل الشيخ نعيم قاسم، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أكدّوا دعمهم الثابت لحزب الله، مشدّداً على أنّ الحزب اليوم "في ذروة قوته". اليوم 22:28 اليوم 20:40 ولفت وزير الخارجية الإيراني إلى أنّ الأضرار التي لحقت بحزب الله في الحرب الأخيرة "قد جرى إصلاحها، حيث تمّت إعادة تنظيم الحزب وانتشار قواته، مع تعيين قادة جدد". ووفقاً للمعلومات المتوفّرة، "يمتلك حزب الله اليوم القدرة الكافية للدفاع عن نفسه"، بحسب عراقتشي. وأخيراً، أكّد عراقتشي أنّ القرارات المتعلّقة بالخطوات المستقبلية لحزب الله "تُتخذ من قبل قيادته"، معلناً أنّ إيران "تقدّم الدعم من دون التدخّل في هذه القرارات". وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت، أمس الثلاثاء، تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية بشأن حصر السلاح بيد الدولة، قبل نهاية العام الحالي، وتقديمها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها، في مهلة أقصاها 31 آب/أغسطس الجاري.

عراقجي: خطة نزع سلاح حزب الله التي أقرتها الحكومة ستفشل...
عراقجي: خطة نزع سلاح حزب الله التي أقرتها الحكومة ستفشل...

LBCI

timeمنذ 6 ساعات

  • LBCI

عراقجي: خطة نزع سلاح حزب الله التي أقرتها الحكومة ستفشل...

أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن محاولات نزع سلاح حزب الله ليست جديدة، وقد سُعي إليها سابقًا بسبب فعالية سلاح المقاومة التي تجلّت بوضوح في الميدان. وأشار إلى أن بعض الأطراف، ممن يظنون أن حزب الله بات ضعيفًا أو هشًا، عادوا لطرح هذا المشروع مجددًا، لكن الموقف الحازم الذي أعلنه الأمين العام للحزب، إضافةً إلى البيان الصادر عنه، أثبت أن الحزب ثابت في مواجهة الضغوط. وأضاف أن شخصيات بارزة، مثل الشيخ نعيم قاسم والرئيس نبيه بري، أكدوا دعمهم الصريح للحزب، معتبرًا أن التيار الشيعي في لبنان في ذروة قوته حاليًا. ولفت إلى أن الأضرار التي لحقت بالحزب خلال الحرب الأخيرة قد تم ترميمها، وأُعيد تنظيم صفوفه، وانتشرت قواته، واستُبدلت قياداته، ما جعله في جهوزية كاملة للدفاع عن نفسه. وختم الوزير الإيراني بالتأكيد أن قرارات الخطوات المقبلة تعود إلى حزب الله وحده، وأن إيران، من موقعها كداعم، تواصل تقديم الدعم دون التدخل في قراراته.

عراقتشي: لا موعد للتفاوض مع واشنطن وهناك حاجة لإطار عمل جديد مع وكالة الطاقة الذرية
عراقتشي: لا موعد للتفاوض مع واشنطن وهناك حاجة لإطار عمل جديد مع وكالة الطاقة الذرية

الميادين

timeمنذ 6 ساعات

  • الميادين

عراقتشي: لا موعد للتفاوض مع واشنطن وهناك حاجة لإطار عمل جديد مع وكالة الطاقة الذرية

أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي، في تصريح للتلفزيون الإيراني اليوم الأربعاء، إلى الحاجة إلى "إطار عمل جديد للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، لافتاً إلى "وجود واقع جديد، يجب العمل وفقه، عقب العدوان على المنشآت النووية، وقانون البرلمان الإيراني". عراقتشي كشف أن طهران دعت نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبحث الآلية الجديدة للعلاقات، مؤكّداً أنّ الزيارة لن تشمل أيّ تفتيش لمنشآت إيران النووية "ولن نسمح لهم بذلك". وعن العودة إلى المفاوضات، قال عراقتشي إنها تعتمد على مصالح إيران، مشدّداً على أنّ التفاوض أداة لحماية مصالح الشعب الإيراني، في مواجهة الولايات المتحدة. وكشف عن تلقّي بلاده رسائل من الطرف الآخر، مجدّداً التأكيد أنه لم يتمّ تحديد موعد جديد للتفاوض مع الأميركيين. وزير خارجية إيران أرجع هذا الموقف من العودة إلى التفاوض، إلى أنّ "طهران لم تقتنع بعد أنّ الطرف الآخر مستعد لمفاوضات جادة من أجل الوصول إلى نتيجة سياسية"، مشدّداً على أنه "لن يحصل على ما عجز عن تحقيقه في الحرب". وقبل نحو أسبوع، أكّد وزير الخارجية الإيراني "عدم وضع خطة للتفاوض مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي"، موضحاً أنّ هدف طهران، "في أي ساحة، بما في ذلك ساحة المفاوضات، هو الدفاع عن دماء الشهداء وعن المبادئ التي استشهدوا من أجلها". اليوم 20:40 اليوم 18:39 وفي سياق آخر، اعتبر الوزير عراقتشي أن سبب محاولات نزع سلاح حزب الله والمقاومة في لبنان هو أنه "أظهر قدرته في ساحة المعركة". ووصف مواقف الحزب وأمينه العام بـ "القوية والصامدة في وجه الضغوط". وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً، أمس الثلاثاء، بتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية بشأن حصر السلاح بيد الدولة، قبل نهاية العام الحالي، وتقديمها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها، في مهلة أقصاها 31 آب/أغسطس الجاري. وعن العلاقة مع الحلفاء، قال الوزير الإيراني إنّ "موقف الصين وروسيا، إزاء العدوان الأميركي والإسرائيلي على إيران، كان حاسماً في إدانة العدوان، والإعلان عن التضامن مع طهران ودعمها". كما لفت إلى أن العلاقات مع موسكو وبكين تشهد تطوّراً مستمراً في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية. كذلك وصف عراقتشي دعم الدول الاقليمية لإيران، إزاء العدوان الإسرائيلي والأميركي، بالـ "واسع وغير المسبوق"، وتابع: "علاقاتنا مع دول المنطقة في حالة تطور مستمر". وحول العلاقة مع مصر، أشار عراقتشي إلى أنها شهدت "تقدّماً كبيراً"، خلال العام الماضي، مضيفاً أنه التقى الرئيس المصري، خلال ذلك العام، 4 مرّات. ولفت الوزير الإيراني إلى وجود تشاور مع المصريين في مختلف القضايا، ومنها الملف النووي، كاشفاً أنّ عودة العلاقات بين البلدين قد تحدث خلال أشهر. في السياق، أعلنت الخارجية المصرية، اليوم، أنّ الوزير بدر عبد العاطي، بحث مع نظيره الإيراني، ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في اتصالين هاتفيين منفصلين، أهمية استعادة الثقة وتوفير المناخ الداعم لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store