
لماذا قد تنقلب إسرائيل على نتانياهو قريباً؟ (2-2)
شكَّلت علاقات بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية أرضية لعدد من قضايا الفساد التي يلاحق بسببها نتانياهو. قضية الحصول على هدايا باهظة الثمن من رجال أعمال لتسهيل سيطرتهم على مصالح أو وسائل إعلام.
وبسبب هذه الملاحقات القضائية توافق نتانياهو مع عدد من القوى اليمينية على إحداث انقلاب في الجهاز القضائي بل وانقلاب في بنية الدولة ومؤسساتها بما يخدم هدف إبعاد نار القانون عنه.
في البداية، حاول سنّ قانون يمنع محاكمته، وعندما فشل حاول تغيير وجهة وتركيبة القضاء عمومًا وتسليم أمره إلى الكنيست، بما يقضي على استقلالية القضاء وإخضاعه للسلطة التشريعية التي أفلح في تجريفها وإخضاعها لإمرته.
وتقريبًا كل ما نسمعه اليوم في إسرائيل عن صراع بين المستوى السياسي، والمستوى العسكري، وصراعات مع الشاباك حينًا، ومع الموساد حينًا آخر، ومع قيادة الشرطة، والمستشارة القضائية للحكومة، ينبع من هذه النقطة.
نتانياهو- واليمين من خلفه- يريد السيطرة التامة وغير المشروطة على كل مؤسسات الدولة، وتحويلها إلى أدوات لخدمة الزعيم أو اليمين وليس العمل لمصلحة الدولة.
وطبعًا كان هذا التوجه استجلب معارضة واسعة من داخل المؤسسات ومن داخل المجتمع. ومع الوقت بدأ الصراع يزداد احتدامًا عبر تظاهرات واحتجاجات شقت إسرائيل طولًا وعرضًا.
واعتبر البعض أن هذا الانشقاق والصراع كان سببًا رئيسيًا من بين أسباب اندفاع حماس لتفجير طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ولكن الحرب وطولها لم يسهما في إخماد تلك المعارضة بل زاداها إلى حد بعيد. إذ أظهرت الإخفاقات يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول ليس فقط نقاط ضعف في المنظومة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، ولكن أيضًا انهيارًا في المفاهيم التي ارتكزت إليها إسرائيل في تعاملها مع التناقضات.
وتبيّن للجميع أن سد الطريق أمام تسوية سلمية مقبولة إقليميًا ودوليًا لا يضمن الأمن لإسرائيل. كما بيّنت إخفاقات إسرائيل في الحرب وطول مدتها أن التعامل فقط بالقوة واستخدام المزيد من القوة، كلما عجزت القوة الأولية عن تحقيق الهدف، لا يضمن النصر.
ولكن إذا كان هذا استخلاص الجمهور الإسرائيلي ومؤسساته المتزنة، فليس هذا استخلاص نتانياهو واليمين الحاكم. وهذا هو المعنى الحقيقي لاستطلاعات الرأي التي تظهر أن أغلبية الإسرائيليين وأكثرية القادة العسكريين والأمنيين السابقين والحاليين يؤيدون وقف الحرب وإبرام صفقة تبادل وتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول وفي الأداء السياسي والحربي قبل ذلك وبعده.
كما أن هذا يظهر سبب تمسك نتانياهو واليمين برفض وقف الحرب بل وتطوير نظرية الحرب الدائمة كوسيلة للبقاء في الحكم؛ لأن وقف الحرب في نظرهم يعني هزيمة نتانياهو ومشروع اليمين السياسي والفكري.
وفي هذ السياق، برزت، وليس فقط في أواخر الشهر الفائت، دعوة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للتوصل إلى تسوية توفر صفقة يتم بموجبها وقف ملاحقات قضائية لنتنياهو مقابل «إقرار بالذنب»، وخروج من الحياة السياسية.
وطبعًا هذه ليست مجرد دعوة، لأن الرئيس إسرائيلي يمتلك أيضًا صلاحية العفو حتى عن مجرم مدان. ولذلك فهم كثيرون أن هذه دعوة من رئيس وسطي يريد تجنيب إسرائيل استمرار الدوران في حلقة الصراع والانقلاب القضائي والبحث عن «الدولة العميقة» والصدام معها.
وكانت جهات إسرائيلية قد تقدَّمت بطلب إلى هرتسوغ للبحث في هذا المقترح في أواخر العام الفائت، لكنه اشترط أن يأتيه الطلب من جهات مخولة. ويبدو أن عرض المقترح من جديد يشهد على قتامة الصورة المرتقبة إذا استمر الصراع بين نتانياهو ومؤسسات الدولة الأخرى، وبات الرئيس نفسه يبحث عن مخرج.
لكن ثمة كلمة يمكن أن تقال: نتانياهو الذي صار رئيس الوزراء الأطول ولاية في تاريخ إسرائيل والذي حكم الدولة أكثر من مؤسسيها التاريخيين، يصعب عليه القبول بالطرد من الحياة السياسية. فهو في نظر نفسه، وربما في نظر كثيرين آخرين، أحد أنبياء اليمين الجديد في العالم، وهناك مَن قرأ وتبنَّى أفكاره التي عرضها في كتبه عن السياسة، ومكافحة الإرهاب، والصراع الحضاري.
كما أن اليمين المتطرف، ليس فقط في إسرائيل وإنما أيضًا في أميركا وربما في بعض الدول الأوروبية، لن يستسيغ مثل هذا الخروج من الحياة السياسية. فهذه هزيمة لفكرة، ستترك خلفها نوعًا من هزة أرضية شديدة التأثير.
في إسرائيل الأمر واضح ولا يحتاج إلى تبيان. نتانياهو ليس مجرد شخص، وإنما هو تعبير عن انتقال اليمين المتطرف من أشد الزوايا بعدًا وهامشية إلى مركز القرار.
في الغالب ما سوف يُسقط نتانياهو هو الصراع داخل اليمين بين مكوناته الحريدية والدينية والقومية الفاشية. وهو ما يتبدى حاليًا في الصراع بين الليكود والحريديم حول قانون التجنيد، حيث بدأ الحريديم في عدم التصويت إلى جانب اقتراحات الحكومة.
وهناك صراع بين حزبَي سموتريتش وبن غفير على من يكون له الغلبة لدى الناخبين في الانتخابات المقبلة. وكثير من أنصار اليمين التقليدي صاروا ينفكون عنه باتجاهات أكثر أو أقل تطرفًا.
كما أن المزاج العام في إسرائيل تحت حكم نتانياهو صار أشد تشاؤمًا، ما يعني أن الانتخابات المقبلة، وكما توضح استطلاعات الرأي غير مبشرة لا لنتانياهو ولا لليمين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
يعالون: قتل الفلسطينيين "أيديولوجية قومية وفاشية"
اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون أن قتل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للفلسطينيين بمثابة "أيديولوجية مسيانية وقومية وفاشية". جاءت تصريحات يعالون اليوم الأربعاء تعليقا على أخرى أدلى بها، أمس، رئيس "حزب الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير غولان لهيئة البث الإسرائيلية قال فيها "إن الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين الفلسطينيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تنتهج سياسة تهجير السكان". وفي منشور له اليوم على منصة "إكس" قال يعالون اليوم "إن غولان أخطأ في تصريحاته، فقتل المدنيين الفلسطينيين ليست هواية بالتأكيد، بل أيديولوجية مسيانية (مفهوم يرى فيه اليهود تفوقهم الروحي والسياسي على الشعوب الأخرى) وقومية وفاشية". كما اعتبر أن "هذه الأيدولوجية التي تتبعها حكومة نتنياهو مدعومة بأحكام حاخامية تقول إنه لا يوجد أبرياء في غزة". وتابع يعالون "هذه ليست هواية، بل سياسة حكومية، هدفها النهائي هو الاحتفاظ بالسلطة، ستقود تل أبيب إلى الهلاك، ويجب استبدالها". وقال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق "ما دامت الحكومة غير مستعدة لإطلاق سراح الرهائن، واستبدال حكومة حماس وليس بحكومة عسكرية إسرائيلية، وإنهاء الحرب، فإننا سوف نستمر في فقدان الرهائن والجنود، وعلى الجانب الآخر سوف يتعرض المدنيون والأطفال والرضع للأذى". ومنتقدا حكومة نتنياهو، أكد يعالون ضرورة تغيير الحكومة قائلا "يجب أن يكون التغيير من خلال استبدال حكومة المتطرفين والمتهربين والفاسدين". كما طالب في منشوره بـ"التظاهر الجماعي والعصيان المدني السلمي رفضا لسياسات حكومة نتنياهو في مسار الحرب التي لم تسفر عن عودة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، رغم مرور نحو 20 شهرا على اندلاعها ضد القطاع الفلسطيني". من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "صدم" لسماع كلام يائير غولان ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت أمس التي حذر فيها من أن إسرائيل تقترب بشكل غير مسبوق من حرب أهلية. وقال نتنياهو إنهما يرددان دعاية حماس التي وصفها الكاذبة ضد إسرائيل وجيشها، وأضاف أنه لن يبقى صامتا أمام ما سماها افتراءات إيهود أولمرت ويائير غولان "الصادمة".


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
بعد الضوء الأخضر الإسرائيلي .. "غزة الإنسانية" بديل من المؤسسات الدولية
واشنطن – دعمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرح الحكومة الإسرائيلية المتعلق بضرورة سيطرتها على جميع المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة بعد أن منعت إدخال أي مساعدات له منذ 2 مارس/آذار الماضي، وهو ما أدى إلى انتشار الجوع ومخاوف من انتشار المجاعة لدى كل سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون شخص. وفي هذا الإطار، دعمت واشنطن تأسيس مؤسسة غير ربحية، وغير حكومية، نالت موافقة إسرائيل، وسُميت بـ "مؤسسة غزة الإنسانية" (جيه إتش إف) لتعمل بديلا من جمعيات ومؤسسات تابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتي ترفض إسرائيل استمرار قيامهما بمهام التوزيع في حالة السماح بدخول شاحنات المساعدات. واطلعت الجزيرة نت، على العرض الذي قدمته المؤسسة للحكومة الأميركية، والذي ترجح بنوده وتفاصيله أنها ستكون "دمية بيد الجيش الإسرائيلي، وستعمل كوكيل لعسكرة المساعدات، وتهميش المؤسسات الدولية والفلسطينية، وترسيخ نظام الاحتلال تحت ستار العمل الإنساني المحايد". وتقول المؤسسة، إنها ستنطلق في إدخال المساعدات بدءا من نهاية الشهر الحالي. وتعرض الجزيرة نت في هذا التقرير بصيغة سؤال وجواب كل ما يتعلق بهذه المؤسسة. ما هي مؤسسة غزة الإنسانية؟ وما تاريخها؟ وما قدراتها؟ ليس للمؤسسة أي تاريخ، إذ تم تأسيسها ورقيا وقانونيا في فبراير/شباط الماضي في مدينة جنيف بسويسرا، بناء على طلب من الحكومة الأميركية بهدف المساعدة في تخفيف الجوع في غزة، مع الامتثال للمطالب الإسرائيلية بعدم وصول المساعدات إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويترأس جيك وود المؤسسة، وله خبرة قيادة منظمة "فريق روبيكون" لتقديم الإغاثة الإنسانية أثناء الكوارث الطبيعية، وهو من قدامى المحاربين في قوات المارينز الأميركية الذي سبق له القتال في أفغانستان والعراق. وستتولى المؤسسة تجهيز وشراء المساعدات والمواد الغذائية، في حين تتولى شركتا الأمن والخدمات اللوجستية الأميركيتان الخاصتان "يو دجي سولوشنز" (UG Solutions) و"سيف ريتش سولوشنز" (Safe Reach Solutions) تأمين مسار الشاحنات ومراكز توزيع المساعدات داخل قطاع غزة. وتقول المؤسسة، إنها ستنسق مع الجيش الإسرائيلي، لكنّ الأمن ستوفره هاتان الشركتان. كيف كانت توزع المساعدات في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023؟ منذ حتى ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتولى الأمم المتحدة الإشراف على عمليات توزيع المساعدات رغم كل المضايقات التي تتعرض لها من الجيش الإسرائيلي، وعمليات النهب من بعض العصابات المسلحة. لكن الأمم المتحدة تؤكد أنه رغم ذلك، فإن نظام توزيع المساعدات، يعمل وقد ثبت ذلك خاصة خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين وانتهى في 2 مارس/آذار الماضي. وكانت إسرائيل تشرف على إدخال الشاحنات بعد تفتيشها، ثم تتلقى المنظمة الأممية الشاحنة وتشرف على إفراغها في مخازن قبل البدء في عمليات التوزيع من مراكزها المنتشرة في مختلف مناطق القطاع. ويقول ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة "لدينا نظام يعمل، لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع عجلة أخرى وإلى شريك إنساني جديد ليخبرنا كيف نقوم بعملنا في غزة". وللمنظمة الأممية 400 مركز لتوزيع الغذاء والماء ومواد النظافة والمأوى والصحة والوقود والغاز. لماذا اُقترحت خطة بديلة لتوزيع المساعدات في غزة؟ أوقفت إسرائيل دخول جميع شحنات المساعدات إلى غزة منذ 2 مارس/آذار الماضي للضغط على حركة حماس للإفراج عن المحتجزين لديها. كما تتهم حماس "بسرقتها" وهو ما تنفيه الحركة. إعلان وفي أوائل أبريل/نيسان الماضي، اقترحت إسرائيل ما وصفته بـ "آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات" إلى غزة. ورفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاقتراح بسرعة وقال، إنه يخاطر "بمزيد من السيطرة على المساعدات والحد منها". ومنذ ذلك الحين تتزايد الضغوط على إسرائيل للسماح باستئناف تسليم المساعدات وسط مخاوف دولية من مجاعة محدقة بسكان القطاع، وأقر ترامب أن "كثيرا من الناس يتضورون جوعا في غزة". في الوقت ذاته، سمح الاحتلال باستئناف دخول عدد محدود للغاية من شحنات المساعدات، وصفه مراقبون بأنه "قطرة في المحيط". وقالت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إنها حصلت على موافقة إسرائيلية على دخول نحو 100 شاحنة مساعدات أخرى إلى غزة. من سيدير هذه المؤسسة الوليدة؟ تم الإعلان عن أسماء مسؤولي هذه المؤسسة على النحو التالي: يقودها مجلس الإدارة برئاسة نيت موك الرئيس التنفيذي السابق لشركة "وورلد سنترال كتشين" (World Central Kitchen)، ومديرون آخرون يتمتعون بخبرة واسعة في التمويل والتدقيق والحوكمة. يترأس جيك وود الفريق التنفيذي. هناك مجلس استشاري يضم عددا من كبار الشخصيات في مجال المساعدات الإغاثية والخلفيات الأمنية، مثل رئيس برنامج الأغذية العالمي السابق ديفيد بيسلي، ومسؤول الأمم المتحدة السابق عن الأمن العالمي بيل ميلر، والعقيد مارك شوارتر المنسق الأمني الأميركي السابق بين إسرائيل و السلطة الفلسطينية. من أين ستحصل المؤسسة على أموالها وطعامها ومساعداتها؟ هناك غموض كبير في تمويل هذه المؤسسة، وأشار مصدر مطلع لشبكة "سي إن إن" إلى أنها تلقت فعلا أكثر من 100 مليون دولار، ولم يتضح من أين تأتي الأموال. في الوقت ذاته، أشار عرض المؤسسة إلى قيام عدة شركات قانونية وبنوك أميركية وسويسرية بالمراقبة والمراجعات المالية. وأعلنت كذلك أنها "في المراحل النهائية من شراء كميات كبيرة من المساعدات الغذائية"، وقالت إن ذلك يعادل أكثر من 300 مليون وجبة. كما أعلنت المؤسسة عن قبولها التبرعات من خلال 3 آليات: وجبات الصندوق: بما قيمته 65 دولارا يمكن تمويل 50 وجبة كاملة يتم توصيلها مباشرة للمحتاجين. التبرع بالسلع العينية وبالمواد الغذائية أو المياه أو أجهزة الصرف الصحي والنظافة الشخصية، والمواد الطبية. الشراكة عبر المنظمة غير الحكومية العاملة: ستقوم المؤسسة بنقل وتأمين شاحنات المساعدات التابعة للمنظمات غير الحكومية من ميناء أسدود أو معبر كرم أبو سالم مباشرة إلى منافذ التوزيع المؤمنة. وتعهدت واشنطن بالعمل على تأمين الدعم اللازم لعمل المؤسسة. تعهدت المؤسسة بإيصال المساعدات إلى 1.2 مليون فلسطيني، مع خطط للتوسع لتشمل أكثر من مليوني شخص، من خلال مراكز توزيع مؤمنة من شركات الأمن الخاصة، مع تنسيق مع الجيش الإسرائيلي لتأمين النطاق الأوسع لمراكز التوزيع. وتقول المؤسسة إنها ستوفر "حصصا غذائية معبأة مسبقا ومستلزمات نظافة ومستلزمات طبية". وتخطط لنقل المساعدات عبر "ممرات خاضعة لرقابة مشددة، وتخضع للمراقبة في الوقت الفعلي لمنع التحويل، وإن "أشهرا من النزاع أدت إلى انهيار قنوات الإغاثة التقليدية في غزة، مما ترك ملايين المدنيين دون إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء وغيرها من الإمدادات الضرورية. وأضافت أن "تحويل المساعدات والقتال النشط وتقييد وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الأشخاص الذين من المفترض أن تخدمهم، أدى إلى تآكل ثقة المانحين. ومن هنا تم إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية للعودة لإدخال المساعدات من خلال نموذج مستقل، ودقيق، يوصل المساعدات مباشرة وفقط للمحتاجين". كم ستبلغ تكلفة إيصال كل وجبة إلى داخل غزة؟ ستكلف كل وجبة غذائية تدخل غزة 1.25 دولارا، وتوزيعها يكون على النحو التالي: 0.58 دولارا تكلفة الوجبة الغذائية. 0.67 دولارا تكلفة الخدمات اللوجستية والأمن والتوزيع والنفقات العامة الأخرى. إعلان وتقول المؤسسة، إن هذه الأسعار تتوافق مع المعايير المتعارف عليها والتي تتراوح عادة من 0.50 إلى 0.80 دولارا لكل وجبة. ما نموذج التشغيل المتوقع اتباعه؟ ستقوم المؤسسة في البداية بإنشاء 4 مواقع توزيع آمنة "إس دي إس" (SDS)، تم إعداد كل منها لخدمة 300 ألف شخص، (1.2 مليون من سكان غزة في المرحلة الأولية). مع قدرة على التوسع إلى أكثر من 2 مليون لاحقا. تنتقل الحصص الغذائية المعبأة مسبقا ومستلزمات النظافة والإمدادات الطبية عبر ممرات خاضعة لرقابة مشددة، ويتم مراقبتها طوال الوقت لمنع التسريب. ما أبرز الانتقادات لنموذج تشغيل المؤسسة؟ وصف توم فليتشر، مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، المؤسسة بأنها "عرض جانبي ساخر"، في مداخلة له أمام مجلس الأمن الدولي قبل أيام. وحذرت الأمم المتحدة من حقيقة أن المواقع الأولية التي ستكون فقط في جنوب ووسط غزة يمكن أن يُنظر إليها على أنها تشجع على هدف إسرائيل المعلن المتمثل في إجبار جميع سكان القطاع على الخروج من شماله. كذلك تقول الأمم المتحدة، إن تورط الجيش الإسرائيلي في تأمين مواقع توزيع المساعدات يمكن أن يثبط المشاركة، أو يؤدي إلى مواجهة مسلحة، مع وجود مخاوف من أن المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص يمكن أن يستخدموا القوة كآلية للسيطرة على الحشود. والأهم من ذلك، أن الآلية ببساطة غير كافية، فوجود 4 مراكز توزيع فقط يعني إجبار أهل غزة على المشي مسافات طويلة حاملين حصصا غذائية ثقيلة. ويضيف فليتشر، أن الخطة المقترحة للمؤسسة "تفرض المزيد من النزوح، بما يعرض آلاف الأشخاص للأذى. وهي تقتصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة، بينما تترك الاحتياجات الملحة الأخرى دون تلبية. وتجعل المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية، والجوع ورقة مساومة".


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
هل تحمل عربات جدعون نتنياهو للانتخابات المقبلة؟
رغم إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- السماح بدخول كمية قليلة جدا من المساعدات إلى قطاع غزة مبررا ذلك "بأنه من أجل استكمال النصر وهزيمة حماس وإطلاق سراح الرهائن"، فإن وزراء في حكومته عبروا عن رفضهم القاطع لهذه الخطوة. في المقابل، أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن هذا السماح جاء ضمن اتفاق بين حركة حماس والإدارة الأميركية يرتبط بصفقة الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر ، ولا يعد مبادرة إسرائيلية خالصة. وترافقت هذه التطورات مع تصاعد الضغوط الأميركية والأوروبية، إلى جانب قلق إسرائيلي من جهود دبلوماسية يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحث دول أخرى على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ورأت بعض الدوائر السياسية الإسرائيلية أن إدخال المساعدات يهدف إلى احتواء الزخم الدولي المتنامي بهذا الشأن، بحسب الصحيفة. ورقة نتنياهو لتأجيل الانتخابات وفي افتتاحيتها، تقول صحيفة "هآرتس" إن عملية " عربات جدعون" التي بدأها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لا تهدف إلى إطلاق سراح الأسرى أو توفير الأمن لمواطني إسرائيل، بل إن الهدف في أفضل الأحوال هو الحفاظ على ائتلاف نتنياهو "المتطرف" من خلال تأجيل نهاية الحرب. ووفقا للصحيفة، فإن مخطط ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط الذي من المفترض أن يُنفذ على مدار نحو شهرين، قد يتيح لنتنياهو عبور دورة الصيف في الكنيست بسلام، والتي تنتهي في 27 يوليو/تموز. وتتابع الصحيفة أنه في مثل هذا السيناريو، سيبقى الائتلاف قائما على الأقل حتى بداية الدورة الشتوية في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، مما يعني أن الانتخابات المقبلة لن تعقد قبل ربيع 2026، وهذه هي الأولوية القصوى لنتنياهو في الوقت الراهن، بينما تبدو باقي الاعتبارات ثانوية بالنسبة له. وتكرر الصحيفة في مقالات عدة أن نتنياهو يستخدم الظروف الأمنية كدرع سياسية ويصور نفسه كحاجز لا يمكن لإسرائيل الاستغناء عنه، ويعطل أي محاولة لتغييره بزعم الخطر الأمني، لتعطيل أي جهود للمعارضة أو الدعوة لانتخابات مبكرة. ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي يوني بن مناحيم أن "تحقيق نتنياهو لإنجازات في قطاع غزة هو الأساس الوحيد الذي يمنحه فرصة الفوز في الانتخابات القادمة، المقررة نهاية العام المقبل". وأضاف في مقابلة مع وكالة الأناضول أن ما بقي من عمر حكومة نتنياهو رسميا "سنة واحدة، وإذا لم تتمكن خلال هذه الفترة من إسقاط حماس بالكامل في قطاع غزة، فإنها ستسقط في الانتخابات". وفي معرض الحديث عن الخلافات في الداخل الإسرائيلي بشأن السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، قال بن مناحيم "هناك معارضة لإدخالها، ويعتبرون أن هذا جزء من الضغط على حماس للقبول بالشروط الإسرائيلية للتبادل ووقف إطلاق النار". ومن جانبه، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن "نتنياهو يستخدم عملية عربات جدعون كسيف مسلط على رقاب أهالي غزة، وأن هذا العدوان لن يتوقف إلا إذا خضعت حماس -وفق تعبير نتنياهو- لصفقة جزئية دون التزامات واضحة لإنهاء الحرب، إذ يدرك رئيس وزراء الاحتلال أن التعهد المباشر بوقف الحرب قد يعني تهديد حكومته وزعزعة ائتلافه". مفاوضات تحت النار ويتزامن هذا الجدل السياسي مع إعلان الجيش الإسرائيلي انطلاق "عربات جدعون" كعملية عسكرية شاملة تهدف لتحقيق أهداف الحرب في غزة، أبرزها القضاء على حماس وتحرير الرهائن". ووفق ما صرح به وزير الدفاع يسرائيل كاتس ، فإن الضغط العسكري بسبب عربات جدعون ونزوح مئات الآلاف تحت نار القصف والتجويع، هي السبب لقبول حماس بالانخراط في المفاوضات التي تجري في الدوحة. ورغم أن نتنياهو أعلن بقوة بدء عملية عربات جدعون بهدف القضاء على حماس وتحرير الأسرى والسيطرة على كامل قطاع غزة، فإنه ما زال يصر على شروطه التعجيزية السابقة برفض الحديث عن وقف الحرب، وهو شرط حماس الرئيسي. على الطرف المقابل، حمّل رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تل أبيب مسؤولية تقويض فرص السلام، مشيرا إلى أن قصف القطاع عقب الإفراج عن الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر أجهض محاولات جرت في هذا السياق. وقال في كلمته خلال افتتاح منتدى قطر الاقتصادي إن المفاوضات التي استضافتها الدوحة خلال الأسابيع الماضية لم تفضِ إلى أي تقدم، مرجعا ذلك إلى "خلافات جوهرية بين الأطراف"، حيث تتمسك إسرائيل باتفاق مرحلي، في حين تطالب حركة حماس باتفاق شامل ينهي الحرب ويشمل إطلاق الأسرى. انتقادات واعتراضات وفي سياق الحديث عن المساعدات الشحيحة التي ستسمح إسرائيل بدخولها لقطاع غزة، تؤكد وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن نتنياهو نفسه يعتبر أن قرار المساعدات مؤقت لمدة أسبوع تقريبا حتى الانتهاء من إنشاء مراكز توزيع تخضع لإشراف الجيش الإسرائيلي وتديرها شركات مدنية أميركية، لحرمان حماس من قدراتها الحكومية ومنعها من الوصول إلى توزيع المساعدات. غير أن لهجة الانتقادات كانت كبيرة من قبل وزراء بارزين داخل حكومته، وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي قال إن "أي مساعدة إنسانية تدخل القطاع ستغذي حماس وتزودها بالأكسجين، بينما يقبع رهائننا في الأنفاق" واعتبر أن نتنياهو "يرتكب خطأ فادحا" إذ لا يحظى بدعم الأغلبية الحاسمة بين شركاء الائتلاف. أما وزير المالية بتسلئيل سموترتيش ، فقد هاجم القرار واصفا الحديث عن إدخال المساعدات إلى غزة بـ"الجنون المطلق"، مضيفا أنه "لا ينبغي السماح بدخول حتى المياه، لحين الإفراج عن آخر أسير إسرائيلي". ورأى أن استمرار الحكومة في هذا المسار قد يدفع المجتمع الدولي لفرض وقف الحرب على إسرائيل. من جانبه، حذر الوزير عميحاي إلياهو من أن إدخال المساعدات في هذا التوقيت يعد ضربة مباشرة للجهد الحربي، ويشكل عقبة إضافية أمام تحرير الأسرى. أما عضو الكنيست عن حزب الليكود ، تالي غوتليب، فاتهمت وزير الخارجية جدعون ساعر بأنه وراء القرار بالضغط على رئيس الحكومة، استجابة للمخاوف الأوروبية من اتخاذ عقوبات ضد إسرائيل. جدل الصفقة ورغم ما تتداوله وسائل الإعلام الإسرائيلية من مقترحات تقتصر على إطلاق سراح 10 أسرى أحياء وبعض جثث القتلى مقابل تهدئة مؤقتة لمدة 40 يوماً، يبقى إنهاء الحرب خارج نطاق النقاش، إذ يرفض نتنياهو بشكل قاطع التعهد بذلك، معتبراً الأمر خطا أحمر. ووفقاً لما نشره إيتمار إيخنر في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن وزراء في الحكومة يرون أن نتنياهو يواجه قرارا مصيريا بين المضي في المرحلة الأولى من خطة ويتكوف، التي تنص على إطلاق سراح 10 رهائن، أو القبول بصفقة شاملة، في ظل رفض بن غفير وسموتريتش لفكرة الإفراج عن جزء من المختطفين فقط، وتشديدهم على ضرورة ردع حماس الكامل حتى في حال إبرام صفقة شاملة. من ناحية أخرى، أضاف إيخنر أن هناك في الحكومة من يعتقد أن أي صفقة يجب أن تتم بسرعة، حتى لو كانت تتعلق فقط بنصف الرهائن، وبعد ذلك "إذا ظهرت إمكانية التوصل إلى صفقة شاملة، فيجب مناقشة استسلام حماس ووقف الحرب". ويرى عصمت منصور أن نتنياهو لا يمكن أن يوافق على صفقة شاملة كالتي طرحتها إدارة ترامب، وأنه نجح باللعب على عامل الوقت، فقد أرسل وفدا لا يملك أي تفويض وبتمثيل يعتبر متوسط لكسب الوقت والتحرر من ضغط زيارة ترامب للمنطقة الذي حاول عبر تصريحاته والتسريبات إيصال رسالة بأنه مهتم بإنهاء ملف غزة". وأضاف منصور أن استمرار الحرب يمثل مفتاح استقرار ائتلاف نتنياهو، في ظل ضغوط قوية من سموتريتش وبن غفير لدفع عملية عربات جدعون قُدماً، وتجسدت هذه الضغوط بتصريحات حول حصار الفلسطينيين جنوب محور موراغ تمهيدا لتهجيرهم والسيطرة على غزة لعقود. من جهة أخرى، يرجح الخبير في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد أن نتنياهو قد يقبل بصفقة جزئية من دون أي التزام بإنهاء الحرب، مستغلاً سياسة التجويع للضغط على الغزيين وإخضاعهم، بينما تستمر آلة الحرب في غزة سعياً لتحقيق "نصر مطلق" يسعى إليه نتنياهو. سقف التوقعات وتبقى التوقعات بإنهاء حرب الإبادة ضد غزة تراوح مكانها مع حالة من التشكيك بقدرة إدارة ترامب على الضغط على نتنياهو بشكل جدي لإنهائها. فقد اعتمد نتنياهو سياسة مزدوجة، يظهر مرونة معلنة أمام واشنطن بينما يعمل خلف الكواليس لإعاقة أي تقدم نحو إنهاء الحرب، في الوقت ذاته، يسعى لتسويق صورة "الانتصار" للرأي العام الإسرائيلي لتمرير صفقة مؤقتة والحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني مع بن غفير وسموتريتش، بحسب صحيفة هآرتس. ويرى عماد أبو عواد أن إسرائيل ستوسع عملياتها العسكرية في غزة، اعتمادا على أن العالم بات معتادا على ما يحدث وباتت شلالات الدماء تسيل من دون أي ردود فعل، وصولا لإنجاز ميداني يمكن لنتنياهو وتسويقه لشركائه من اليمين المتطرف في صورة انتصار من بينها، سعيا لتحقيق إنجاز ميداني يمنحه ورقة قوة أمام شركائه. أما منصور، فيرى أن أي حل لغزة يجب أن يرتبط بتسوية إقليمية أوسع، لأن عربة التعاون والاتفاقيات التي وقعت لا يمكن أن تنجح مادامت الحرب قائمة. ويتوقع أن تصعيد عمليات عربات جدعون قد يمنح نتنياهو موقعا ميدانيا أفضل يسمح له بفرض إملاءات جديدة على شركائه إذا ما تبلورت تحركات لإنهاء الحرب. الإبادة مستمرة رغم المفاوضات التي تجري بالدوحة، صعدت آلة الإبادة الإسرائيلية وتيرة مجازرها في قطاع غزة، مما أدى إلى تهجير واسع في شمال القطاع، خصوصا بيت لاهيا وتل الزعتر، ومحاصرة المستشفى الإندونيسي، إضافة إلى استهداف منطقة الرمال الجنوبي ومستشفى الشفاء، ومعظم محافظة خان يونس. وأكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سقوط نحو ألفي فلسطيني بين شهيد وجريح خلال التصعيد الإسرائيلي الأخير، بينما أفاد الدفاع المدني بأن عشرات الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض، إذ تعيق غارات الاحتلال وصول فرق الإنقاذ والإسعاف إلى المناطق المنكوبة نتيجة الاستهداف المباشر. وتعليقا على الجرائم في غزة، اعتبرت صحيفة "هآرتس" أن سكان القطاع لم يكونوا بحاجة لإعلان رسمي عن بدء عملية عربات جدعون كي يدركوا حجم المأساة، مشيرة إلى أنه لم يعد بالإمكان التغاضي عما يفعله الجيش في قطاع غزة. واستشهدت الصحيفة بتصريح لعضو الكنيست تسفي سوكوت الذي قال "الجميع اعتاد أن يقتل 100غزي في ليلة واحدة أثناء الحرب، ولم يعد أحد يكترث"، موضحة أن هذا التصريح يُمثّل حالة تبلد أخلاقي خطيرة وليست دعوة للاستفاقة أو التحذير.