
«أمل العودة» يتلاشى أمام السودانيين الفارين إلى ليبيا
قدّر العميد المكلف لبلدية الكفرة، مسعود عبد الله سليمان، عدد السودانيين الذين عادوا إلى وطنهم عبر رحلتين، نظمهما جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابع لحكومة أسامة حماد، بالتنسيق مع «الجيش الوطني»، خلال شهري مايو (أيار) الماضي ويونيو (حزيران) الحالي، بنحو ألف نازح. وتحدث سليمان لـ«الشرق الأوسط» عن «وجود أعداد أخرى من الفارين الموجودين بالكفرة، كانت تستعد للانضمام إلى رحلات العودة الطوعية»، التي توقفت بسبب التطورات الأخيرة، وهو ما كان سيخفف الأعباء عن بلديته، التي استقبلت الآلاف منهم منذ بدء الصراع في السودان.
وبحسب ما أعلنته المنظمة الدولية للهجرة في مارس (آذار) الماضي، عاد نحو 400 ألف سوداني إلى بلدهم خلال الشهرين ونصف الشهر الماضيين، وتحديداً إلى المناطق، التي استعادها الجيش السوداني في وسط البلاد والعاصمة الخرطوم.
أشار سليمان إلى أن تدفقات السودانيين الفارين إلى ليبيا شهدت تراجعاً كبيراً في الفترات الأخيرة، لا سيما من منطقة «المثلث الحدودي»، وقال بهذا الخصوص: «للأسف توافدُ هؤلاء السودانيين منذ بدء الصراع في السودان كان يتم عبر مسارات التهريب في الصحراء، وبالتالي يصعب رصد أعدادهم وتوثيقها بدقة، لكن بشكل عام، فإن مسارات منطقة المثلث الحدودي تكاد تكون متوقفة حالياً».
سودانية اضطرت للهروب بطفلها من بلدتها الصغيرة إلى مخيم أدري في تشاد (أ.ب)
وأوضح سليمان أن المهربين «تمكنوا للأسف من تدشين مسارات بديلة لإيصال الفارين إلى الحدود الليبية، لكن بنسبة أقل... والآن لا يتجاوز عدد من يصل إلى البلدية نحو 300 شخص يومياً، مقارنة بـ700 في فترات سابقة».
وقدّر سليمان عدد النازحين الموجودين في بلديته ما بين 160 و170 ألف نازح، أي ما يعادل نحو ثلاثة أضعاف عدد السكان الليبيين في المدينة، الذين يُقدّر عدد سكانها بنحو 60 ألف نسمة. وقال إن هذا الوضع «بات يُثقل كاهل البلدية التي تعاني من محدودية الموارد، وقلة المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية المعنية منذ بداية العام».
من جانبه، أشار رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة بالحكومة المكلّفة من البرلمان، الدكتور إسماعيل العيضة، إلى إصدار أكثر من 190 ألف شهادة صحية للنازحين السودانيين حتى الآن. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن القطاع الصحي في الكفرة «يعاني من نقص في عدد الأطباء والمستشفيات، في ظل تكرار حالات الإصابة الناجمة عن انقلاب الشاحنات التي تقل النازحين».
يشير الناشط الحقوقي الليبي، طارق لملوم، إلى أن الفارين السودانيين «باتوا عالقين بين أوضاع معيشية صعبة داخل المدن الليبية، وبين انسداد أمل العودة إلى وطنهم بعد التطورات الأمنية الأخيرة».
أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (الاستقرار)
وتوقع لملوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون المسارات البديلة، التي دشنها المهربون لإيصال السودانيين الفارين إلى الحدود «أكثر خطورة، وقد تؤدي إلى حوادث مميتة، مثل تعطّل الشاحنات بسبب وعورة الصحراء، أو تقطّع السبل بهم، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ونفاد المياه والوقود، وهي حوادث كانت تقع على طريق (المثلث)». مشيراً أيضاً إلى «إمكانية اختطاف النازحين من قبل تجار البشر في تلك المسارات البديلة، في ظل عجز الحكومتين المتصارعتين على السلطة عن مكافحة هذه الجريمة بشكل جدي».
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية مكلّفة من البرلمان، وتدير مناطق الشرق وبعض مدن الجنوب بقيادة أسامة حماد.
ويرى لملوم أن «سيطرة (الدعم السريع) على منطقة (المثلث الحدودي) ستزيد من معاناة الفارين الراغبين في العودة إلى وطنهم»، مشيراً إلى «ما يعانيه هؤلاء في عدد من المدن الليبية، شرقاً وغرباً».
من جهتها، توقّعت خبيرة الشؤون الأفريقية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتورة أميرة محمد عبد الحليم، أن النزوح في الوقت الراهن «يتم من مناطق خاضعة لسيطرة (الدعم السريع)، وبالتالي إذا ألقت هذه الأخيرة القبض على بعض الفارين، فقد تتعامل معهم كأنهم خصوم لها»، لافتة إلى أن هذا الأمر قد «يحوّل رحلة الهروب من آثار الحرب إلى مغامرة قد تنتهي بالموت أيضاً».
مواطنة سودانية هربت من ويلات الحرب ببلدها إلى مخيم أدري في تشاد (أ.ب)
وتذهب تقديرات الأمم المتحدة، في أحدث تقاريرها، إلى أن عدد الفارين من السودان إلى ليبيا بلغ قرابة 313 ألف نازح منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.
ورهنت الدكتورة أميرة محمد عبد الحليم استئناف عودة أعداد كبيرة من السودانيين الفارين بدول الجوار عموماً بـ«مجريات الصراع السوداني»، مشيرة إلى «رغبة كثير منهم في الاستمرار بالعيش بالدول التي نزحوا إليها، مثل مصر أو ليبيا، لبعض الوقت، وعدم العودة إلى مدنهم، نظراً لغياب الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء والاتصالات».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 8 ساعات
- الشرق الأوسط
المحذوف من المشهد الليبي
أصعب اللحظات على الأمم أن يهجرها الاستقرار، وأقسى الآلام عليها أن تكون لها حدود وأرض وشعب، وتفقد ذاتها بتوقيت الغدر. قطار ليبيا غادر محطة الدولة بمفهومها الشامل قبل أربعة عشر عاماً، وطالت سنوات البحث عن محطة الوصول. ليبيا، التي كتب عنها الفيلسوف العربي الكبير عبد الرحمن بدوي، وصال وجال في تاريخها الممتد آلاف السنين، تجد نفسها ممزقة الخرائط، يطل عليها طامعون وطامحون، تتقاذفها أحلام تركيا، وروسيا، وتنظر من نوافذها إيطاليا، وأميركا، وفرنسا. هذا الشعب الذي عرف الفلسفة منذ الإغريق والرومان، كأنه أصبح في مهب الريح من دون خيمة تحميه أو سفينة تبحر به إلى شاطئ الأمان. كثير من الناس لا يعرفون حضارة هذا الشعب الذي يمتد إلى آلاف السنين، وعليهم أن يقرأوا آثار «قورينا»، وفلاسفة العصر الإغريقي، وقياصرة العصر الروماني، وصولاً إلى الدور العربي الإسلامي الذي غطى شاطئ المتوسط في لحظات امتداد المنارة العربية الكبرى. في تلك اللحظات يجد الليبي نفسه مشتتاً بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب في أرض واحدة، خائفاً من أخيه، متوجساً من مستقبل غامض، لم يعد يأمن إدارة ظهره لما يجري حوله من أطماع وسباقات وصراعات، صحيح أن قدر ليبيا الجغرافي وضعها في مفترق مسارات عالمية، وصحيح أيضاً أن مأساة التاريخ جعلتها ممراً إلزامياً للغزوات بين الشرق والغرب، لذا كانت بوابة حتمية للأمن القومي للحضارات الشرقية جميعاً. ما يحدث الآن في الخريطة الليبية من سباق للنفوذ، وصراعات على المقدرات، والمصالح الاقتصادية والموارد الطبيعية من نفط وغاز وثروة معدنية، يجعلها أغنى دولة في أفريقيا، لكن سكانها يعانون التشرد، والفاقة، وعدم الأمان. ليبيا لا تستحق كل هذه الألاعيب، فهي دولة عربية غنية بالمكان والمكانة، وقوتها تضاف إلى قوة القارة الأفريقية أولاً، والمنطقة العربية ثانياً، وكذلك في حوض البحر المتوسط المهم، لا سيما أن موقعها حاكم بيننا، نحن العرب الأفارقة، وبين أوروبا، وأي خلل في الدولة الليبية يؤثر سلباً علينا وعلى أوروبا، ورأينا ذلك بوضوح في ملف الهجرة غير الشرعية، عندما أصبحت الدولة الليبية ساحة لعبور المهاجرين غير الشرعيين، وعايشنا ذلك أيضاً في عناقيد جماعات العنف والإرهاب التي وجدت ضالتها في المسرح الليبي الشاسع، وأثرت في الأمن القومي لدول الجوار الليبي، واختطفت مقدرات الدولة من أمن وأمان، بل إنها وضعت جدول أعمالها لبسط نفوذها على مساحات واسعة اعتبرتها أرض المعركة. إن ليبيا في أمسّ الحاجة إلى إعادة بناء المؤسسات الوطنية، واستعادة وحدة أراضيها، من خلال تسوية شاملة، تبدأ من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وهذا هو الطريق الوحيد القصير إلى عودة ليبيا دولة وأمة. بالطبع لا بد، قبل إجراء مثل هذه الانتخابات الضرورية، أن يتم توحيد المؤسسات الأمنية الاستراتيجية، ومؤسسات النقد والاقتصاد، وربط الشرق بالغرب بالجنوب، من دون تحيز جهوي أو طائفي أو ديني. ليبيا غنية بثقافة عريقة وعميقة، نستطيع أن نحصي من بين أبنائها آلاف الأسماء التي أسهمت في الفكر الإنساني، يجب أن تعود إلى دورها التنويري، ويعود مبدعوها في كل مجال إلى التفاعل الحيوي في المنطقة والإقليم. وهنا أتوقف أمام ضرورة عودة الدولة الوطنية الليبية، وأمام خطر الفوضى الذي يضرب أسفل جدران الدولة، لما لهذه العودة من أهمية كبرى تنعكس على محيطها الإقليمي والدولي. مثلما أن هناك رغبة في عودة الاستقرار والأمن الليبي، فإن هناك أيضاً رغبات في تقسيم وتمزيق الخريطة الليبية، وهو ما يجب ألا يسمح به الشعب الليبي الواحد، وعليه أن يدرك أن صناديق الذخيرة لا تبني الأوطان، بل إن صناديق الانتخابات هي التي يجب أن تنتصر على صوت الرصاص، لا سيما أن هناك مخططات رهيبة تهدف إلى إبقاء ليبيا في دوامة العنف لسنوات طويلة حتى تصبح ثمرة جاهزة للقطف والوقوع بين يدى المخططين، وهم ليسوا بخافين عن حصافة الشعب الليبي الذي يفهم ويدرك أن كل ما يجري هو ترتيب وتجهيز المسرح الليبي لصالح قوى أخرى، تريد السيطرة على مقدرات الشعب الليبي ومؤسساته، وصولاً إلى تكوين منطقة «غربية» كانت حلماً طوال عقود مضت، ووجدوا في أحداث 2011 طريقاً إليها، ولا يزالون يواصلون السير، لذا فإنه على الشعب الليبي أن يأخذ بيديه القرار الوطني، ويقطع الطريق على كل من يخطط للسيطرة على مصير ليبيا، ويجعلها ساحة لا دولة، ووطناً للميليشيات، وكنزاً يتم تقسيمه بين الطامعين من الداخل والخارج. في ليبيا كل شيء، تاريخها الممتد، وحضارتها الثرية، ومواردها الغزيرة، وجغرافيتها الفريدة، لكنّ ثمة مشهداً واحداً محذوفاً هو كل المشاهد، مشهد ليبيا الدولة الواحدة والشعب الواحد، فالفرصة لا تزال سانحة، ليخرج الشعب الليبي إلى صندوق الانتخاب بدلاً من الخروج حاملاً صندوق الذخيرة.


الرياض
منذ 9 ساعات
- الرياض
إعادة إعمار السودان تقدر بمئات المليارات من الدولاراتالحرب في السودان.. تحولها إلى مدن أشباح
تقف الجسور المدمرة وانقطاع التيار الكهربائي ومحطات المياه الخاوية والمستشفيات المنهوبة في جميع أنحاء السودان شاهدة على الأثر المدمر الذي لحق بالبنية التحتية جراء حرب ممتدة منذ عامين. وتقدر السلطات أن هناك حاجة إلى مئات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار غير أن الفرص تتضاءل أمام تحقيق ذلك على المدى القصير نظرا لاستمرار القتال وهجمات الطائرات المسيرة على محطات الطاقة والسدود ومستودعات الوقود. وفي عالم صار أكثر عزوفا عن تقديم المساعدات الخارجية، خفضت الولايات المتحدة، أكبر المانحين، مساعداتها. يخوض الجيش السوداني حربا مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ أبريل 2023 أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الألوف من الناس ونزوح نحو 13 مليونا في ما وصفته منظمات الإغاثة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويضطر سكان العاصمة الخرطوم إلى تحمل انقطاع الكهرباء والمياه غير النظيفة والمستشفيات المكتظة لأسابيع طويلة. وتعرض مطار الخرطوم أيضا للهجوم وتجثم على مدارجه بقايا طائرات محترقة. تعرضت معظم المباني الرئيسة في وسط الخرطوم لأضرار بالغة وصارت الأحياء، التي كانت ذات يوم راقية، مدن أشباح تنتشر في شوارعها سيارات مدمرة وقذائف لم تنفجر بعد. وقال طارق أحمد (56 عاما) إن الخرطوم لم تعد صالحة للسكن بعد أن دمرتها الحرب، وعبر عن شعوره بأنه مشرد رغم عودة الجيش للسيطرة على الوضع. وعاد أحمد إلى منزله في العاصمة لفترة قصيرة حيث وجده منهوبا ثم غادره مرة أخرى، بعد أن طرد الجيش في الآونة الأخيرة قوات الدعم السريع من الخرطوم. ويمكن رؤية إحدى تداعيات انهيار البنية التحتية في تفشي وباء الكوليرا السريع الذي أودى بحياة 172 من أصل 2729 مصابا خلال الأسبوع الماضي وحده، معظمهم في الخرطوم. ودمرت الحرب أنحاء أخرى من وسط وغرب السودان، ومنها منطقة دارفور، غير أن الأضرار الواسعة التي لحقت بالخرطوم ألقت بظلالها على باقي أنحاء البلاد بعد أن كانت العاصمة ذات يوم مركزا لتقديم الخدمات. وتقدر السلطات السودانية احتياجات إعادة الإعمار بما يصل إلى 300 مليار دولار للخرطوم و700 مليار دولار لبقية السودان. وتعكف الأمم المتحدة حاليا على إعداد تقديراتها الخاصة. وقال وزير الطاقة والنفط محي الدين نعيم لرويترز إن إنتاج السودان من النفط انخفض إلى ما يزيد على النصف ليصل إلى 24 ألف برميل يوميا وتوقفت قدراته التكريرية بعد أن تعرضت مصفاة الجيلي الرئيسة لتكرير النفط لأضرار بقيمة ثلاثة مليارات دولار خلال المعارك. وأضاف أن السودان، بدون قدرة على التكرير، يصدر كل نفطه الخام ويعتمد على الواردات في حين يبذل جهودا مضنية من أجل الحفاظ على خطوط الأنابيب التي يحتاجها جنوب السودان لصادراته. وقال نعيم إن جميع محطات الكهرباء في الخرطوم تعرضت للتدمير. وأعلنت شركة كهرباء السودان في الآونة الأخيرة خطة لزيادة الإمدادات من مصر إلى شمال السودان. وكانت قد ذكرت في وقت سابق من العام أن الهجمات المتكررة بالطائرات المسيرة على المحطات في محيط الخرطوم تستنزف قدرتها على الحفاظ على استمرار عمل الشبكة. نحاس منهوب استعادت القوات الحكومية السيطرة على الخرطوم في وقت سابق من العام الجاري. ومع عودة السكان إلى منازلهم، وجدوا أنها قد تعرضت للنهب. ومن الأمور الملحوظة التي جرى رصدها هي وجود ثقوب عميقة في الجدران والطرق استخرج منها الناهبون الأسلاك النحاسية الثمينة. وفي شارع النيل بالسودان، الذي كان في يوم ما أكثر شوارع البلاد ازدحاما، يوجد شق في الأرض عمقه متر وطوله أربعة كيلومترات خال من الأسلاك الكهربائية فيما تظهر آثار حروق. وذكر الطيب سعد الدين المتحدث باسم ولاية الخرطوم أن محطتي المياه الرئيستين في الخرطوم توقفتا عن العمل في بداية الحرب إذ نهب جنود قوات الدعم السريع الآلات واستخدموا زيت الوقود لتشغيل المركبات. وبات من بقى في الخرطوم يلجأون إلى الشرب من مياه النيل أو الآبار القديمة، مما يعرضهم للأمراض المنقولة عبر المياه. كما أن عدد المستشفيات المجهزة لاستقبال المرضى قليل. وقال هيثم محمد إبراهيم وزير الصحة إن المستشفيات تشهد أعمال تخريب ترتكبها فصائل مسلحة وإن المعدات الطبية تعرضت للنهب والتدمير، مضيفا أن خسائر النظام الصحي تقدر بنحو 11 مليار دولار. وقال لوكا ريندا، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات لتفادي مزيد من حالات الطوارئ الإنسانية مثل تفشي الكوليرا، وذلك في وقت يتطلع فيه حوالي مليونين أو ثلاثة ملايين للعودة إلى الخرطوم. لكن استمرار الحرب ومحدودية الميزانية يعرقلان وضع خطة شاملة لإعادة الإعمار. وذكر ريندا "ما يمكننا فعله... بالقدرات المتاحة لدينا فعليا هو النظر في إعادة تأهيل البنية التحتية على نطاق صغير"، مثل مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية والمستشفيات والمدارس. وأضاف أن بهذه الطريقة، قد تُتيح الحرب فرصة لإلغاء مركزية الخدمات بعيدا عن الخرطوم، والسعي إلى مصادر طاقة أكثر استدامة.


الشرق الأوسط
منذ 10 ساعات
- الشرق الأوسط
نائب حميدتي يدعو لبناء «جيش سوداني جديد»
أعلن عبد العزيز آدم الحلو، نائب تحالف «تأسيس» الذي يرأسه قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، أن استعادة الأمن والسلم في السودان يجب أن تقوم على «تفكيك جيوش النظام البائد والكتائب الإرهابية، بغرض بناء جيش جديد مهني يحمي المواطنين وحدود البلاد». وأضاف في خطاب إعلامي بعد يومين من إعلان الهيكل القيادي للتحالف، أن «(تأسيس) سيعمل على إعادة إعمار البلاد وجبر الضرر وتحقيق التعايش السلمي بين السودانيين». وأكد أن «الحركة الشعبية لتحرير السودان» لا تبحث عن تسويات هشة وحلول قصيرة المدى، وهي «تمضي بثبات في مشروعها السياسي الوطني. فنحن وشركاؤنا في تحالف (تأسيس) نؤمن بأن السودان لا بد أن يُعاد إلى منصة التأسيس، وإبرام عقد اجتماعي يضع حجر الأساس لدولة علمانية ديمقراطية لا مركزية توحد السودانيين». وأضاف أن «الأزمة في السودان ليست سياسية عابرة، بل هي أزمة ذات جذور تاريخية عميقة في بنية الدولة، ونحن لسنا في معركة سلطة أو مكاسب ضيقة، بل في مسار تحرر وطني شامل». نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان في يونيو 2024 (أ.ف.ب) في غضون ذلك، تدور معارك عنيفة حول مدينة الخوي في ولاية غرب كردفان، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» التي تقاوم بشدة للحفاظ على المدينة التي سيطرت عليها في مطلع مايو (أيار) الماضي، في حين حشد الجيش والفصائل المتحالفة معه قوات كبيرة للزحف على المدينة واستعادة السيطرة عليها. وتداولت عناصر من الجيش، يوم الخميس، مقاطع فيديو يزعمون فيها سيطرتهم على الخوي التي تبعد نحو 50 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة النهود، كبرى محليات ولاية غرب كردفان، لكن مراقبين أشاروا إلى أن التسجيلات المتداولة في منصات التواصل الاجتماعي لا تظهر أي معالم واضحة للمدينة. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن مواجهات مسلحة تدور في محاور عدة خارج الخوي، وقالت إن المدينة تشهد موجات نزوح كبيرة إلى مناطق في محيط مدينة الأُبيّض، عاصمة ولاية شمال دارفور. وتضم ولاية غرب كردفان الحدودية مع دولة جنوب السودان نحو 15 محلية، بالإضافة إلى معظم حقول النفط في مناطق هجليج وأبو جابرة وبليلة، وباتت تشهد معارك هي الأعنف بين طرفَي الحرب المشتعلة منذ أكثر من عامين بين الجيش و«قوات الدعم السريع». معارك بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب) وفي الوقت ذاته، تتواصل المواجهات العنيفة بين الطرفين في مدينة بابنوسة، حيث توجد قيادة «الفرقة 22 مشاة» التابعة للجيش، والتي فقدت في وقت سابق ثلاثاً من حامياتها العسكرية المهمة في كل من بلدات النهود والفولة وهجليج، لصالح «قوات الدعم السريع». ويشن الجيش هجمات بطائرات مسيّرة تستهدف مواقع واسعة في ولاية غرب كردفان التي باتت معقلاً رئيسياً لـ«قوات الدعم السريع» التي تسعى للتقدم نحو مدينة الأُبيّض الرئيسية من مناطق سيطرتها الواقعة شمال الولاية، وعلى رأسها مدينة بارا، في حين يسعى الجيش لإنهاء وجود «الدعم السريع» في شمال الولاية وبعض المناطق جنوبها، تمهيداً لفك الحصار عن مدن جنوب غربي كردفان. من جهة ثانية، قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن الاستجابة الإنسانية بشكل عام غير كافية، وليس هناك قاعدة عمليات للأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، بالإضافة إلى ذلك هناك تراجع لتمويل العمل الإنساني من المؤسسات الدولية. ودعت في مؤتمر صحافي عبر تطبيق «زووم» الأطراف المتنازعة لوضع حد للعنف ضد المدنيين، والمرافق الطبية والمدنية، وتسهيل الاستجابة الإنسانية. وحضّت المنظمة «قوات الدعم السريع» وحلفاءها على رفع الحصار عن الفاشر، وضمان الطرق الآمنة لمن يرغبون في الفرار من مناطق القتال والصراع. وأطلقت «أطباء بلا حدود» نداءً لمساعدة إنسانية كبيرة يتم تسييرها، مع إعطاء الأولوية للمناطق التي تأكد فيها وجود مجاعة. وذكرت في التقرير أن المنظمات الإنسانية عالقة بين السلطتين المتنازعتين، ويزيد من تأجيج الوضع الإنساني التشكيل الجديد الذي أعلنت عنه «قوات الدعم السريع» في دارفور.