logo
الأوروبيون مستبعدون من مفاوضات الملف النووي الإيراني

الأوروبيون مستبعدون من مفاوضات الملف النووي الإيراني

الرأي١٧-٠٤-٢٠٢٥

بات دور الأوروبيين الذين نشطوا في التفاوض على بنود الاتفاق النووي الإيراني سنة 2015، يقتصر على كونهم مراقبين يتابعون عن بعد المباحثات الجارية حالياً بين واشنطن وطهران.
وفي 12 أبريل، باشرت إيران والولايات المتحدة اللتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية منذ 1980، مباحثات بوساطة عُمانية سعياً للتوصل إلى اتفاق جديد حول الملف النووي الإيراني.
والوقت المتاح لتحقيق ذلك ينفد، إذ إن إيران «ليست بعيدة» من امتلاك القنبلة النووية، على ما حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرّية رافاييل غروسي في مقابلة مع صحيفة «لو موند» الفرنسية نشرت الأربعاء.
وتشتبه دول غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في أن إيران تسعى إلى تطوير سلاح نووي، في حين تنفي الجمهورية الإسلامية هذه الاتهامات، مؤكّدة حقّها في استخدام الطاقة النووية لأغراض مدنية.
وتجري جولة جديدة من المحادثات الأميركية - الإيرانية غداً السبت في روما بوساطة عُمانية أيضاً.
وفي ظلّ تزايد المخاوف من ضربة إسرائيلية على إيران، أعربت الدول الأوروبية الثلاثة المنخرطة منذ فترة طويلة في الملّف الإيراني والمعروفة باسم «إي3»، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، عن تأييدها لأي مبادرة دبلوماسية حتّى لو لم تكن تشارك فيها مباشرة.
«دراية تقنية»
وقال علي فايز من «مجموعة الأزمات الدولية» إن «من المؤسف أن الأوروبيين الذين أطلقوا هذا المسار الديبلوماسي قبل 22 عاماً وأدّوا فيه دوراً بارزاً لم يحسنوا لعب أوراقهم هذه المرّة».
وقبل الإعلان عن المباحثات الأميركية - الإيرانية، أجرت مجموعة «إي3» مناقشات مع طهران في جنيف في أكتوبر ونوفمبر ويناير وفبراير وصفتها طهران بـ«البنّاءة».
أما الآن، «فيبدو أن الأوروبيين عالقون في فخّ مزدوج، فهم من جهة مستبعدون من المفاوضات الحالية ومحصورون في دور المعلّق، ومن جهة أخرى لا يستطيعون تقويض فرص أيّ اتفاق جديد، وإن كان أميركيا إيرانيا»، على ما قال دافيد خلفا من مؤسسة جان-جوريس.
ولا يتوقّع خلفا أن «يتغيّر دور الأوروبيين بشكل كبير في الأيّام المقبلة، إذ إن إدارة ترامب مناهضة للاتحاد الأوروبي».
ورأى علي فايز أن «الأمر مؤسف بالفعل، لأنه خلافا للعُمانيين، يتمتّع الأوروبيون بالدراية التقنية والذاكرة المؤسسية لدفع المفاوضات قدما».
أما تييري كوفيل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في فرنسا، فهو يعتبر أن استبعاد الأوروبيين لم يحصل نتيجة قرار واشنطن فحسب.
«خطأ إستراتيجي»
وأشار الباحث إلى أن «الخطأ الاستراتيجي ارتُكب وقت انسحاب دونالد ترامب من اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة في 2018».
وأبرم هذا الاتفاق في 2015 بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، أي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، فضلاً عن ألمانيا.
ولفت كوفيل إلى أن «الإيرانيين الذين أرادوا الحفاظ على الاتفاق طلبوا من الأوروبيين مساعدتهم من خلال الإبقاء على التبادلات التجارية مع إيران بالرغم من العقوبات الأميركية».
وصحيح أن الأوروبيين أقرّوا «بأهمّية هذا الاتفاق»، غير أن شركاتهم «هربت كلّها من السوق الإيرانية»، ما تسبّب «إلى حدّ بعيد في تدهور الوضع الاقتصادي» الإيراني وأيضا في فقدانهم مصداقيتهم، بحسب كوفيل.
ويؤكد الأوروبيون على قدرتهم على إعادة تشغيل الآلية التي تسمح بفرض عقوبات دولية من جديد على إيران والمعروفة بـ«سناب باك».
فالاتفاق المبرم في 2015 ينصّ على تخفيف العقوبات الدولية على طهران في مقابل الإشراف على برنامجها النووي.
وفي ظلّ تخلي طهران عن التزامات مفروضة عليها بموجب الاتفاق ردا على انسحاب واشنطن منه، وجّهت برلين ولندن وباريس في ديسمبر رسالة إلى مجلس الأمن تطرّقت فيها إلى احتمال إعادة تفعيل العقوبات.
وسيلة ضغط وحيدة
ولفت دبلوماسيون أوروبيون إلى أن المهلة المتاحة قصيرة، ذاكرين أنها تمتد حتى نهاية يونيو أو الصيف.
وفي العام 2018، عندما سحب دونالد ترامب بلده بقرار أحادي من الاتفاق الذي كانت طهران تلتزم ببنوده، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، أعاد فرض عقوبات شديدة على الجمهورية الإسلامية.
وتعتبر آلية «سناب باك» وسيلة الضغط الوحيدة في أيدي الأوروبيين، بحسب الخبراء.
وقال دافيد خلفا إن «إستراتيجيتهم راهنا تقضي... بجعل الأميركيين يدركون أن من مصلحتهم إشراكهم في المفاوضات في وقت ما».
غير أن هامش المناورة ضيق، إذ إنه في حال تشغيل آلية «سناب باك»، لن يعود في أيدي أوروبا أيّ وسيلة ضغط أخرى، وفق علي فايز.
كما لفت فايز، إلى أن ذلك «قد يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ما قد يفاقم الوضع بدلاً من حلّ المشكلة القائمة».
وأوضح تييري كوفيل، أن إيران ترى على الأرجح أنه «من الأجدى عقد اتفاق مع ترامب تكون استدامته مضمونة» نظراً لنفوذ الرئيس الأميركي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تونس في عصر 'الجنون القضائي'.. لوموند تحذر من انزلاق البلاد نحو الاستبداد
تونس في عصر 'الجنون القضائي'.. لوموند تحذر من انزلاق البلاد نحو الاستبداد

الوطن الخليجية

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • الوطن الخليجية

تونس في عصر 'الجنون القضائي'.. لوموند تحذر من انزلاق البلاد نحو الاستبداد

في تقرير صادم نشرته صحيفة 'لوموند' الفرنسية، سلطت الضوء على الانحدار الخطير الذي تشهده تونس، البلد الذي كان يُعتبر منارةً للربيع العربي عام 2011، وتحول اليوم إلى نموذجٍ مأساويٍ للعودة إلى الاستبداد،وجاء التقرير تحت عنوان 'تونس في عصر الجنون القضائي'، مبرزًا كيف أصبحت البلاد ساحةً لقمعٍ سياسيٍ وقضائيٍ غير مسبوق. محاكمات صورية وعقوبات قاسية أشارت لوموند إلى أن يوم السبت 19 أبريل 2024 شهد صدور أحكامٍ قضائيةٍ استثنائيةٍ ضد ما يقارب 40 شخصًا، بينهم نشطاء سياسيون، مدنيون، مثقفون، صحفيون، ورجال أعمال، حيث تراوحت العقوبات بين سنوات طويلة وصلت في بعضها إلى 66 عامًا. ووصفت الصحيفة هذه المحاكمات بأنها 'صورية'، مشيرةً إلى انتهاك حقوق الدفاع وغياب المعايير القانونية الدولية. ونقلت لوموند عن المحامي التونسي سمير ديلو وصفه لهذه الأحكام بأنها 'جنون قضائي'، مؤكدةً أنها تشكل 'إهانةً لسمعة تونس'، التي نالت عام 2015 جائزة نوبل للسلام تقديرًا لجهودها الديمقراطية. قيس سعيد: الرئيس الذي حوّل الديمقراطية إلى ديكتاتورية كشفت لوموند أن الرئيس التونسي قيس سعيد هو المحرك الرئيسي وراء هذه الحملة القمعية، مستغلًا اتهاماتٍ غامضةٍ بـ'التآمر على أمن الدولة' لتصفية خصومه السياسيين. وأوضحت أن معظم المُدانين كانوا يفكرون ببساطة في خياراتٍ انتخابيةٍ بديلةٍ لسعيد، في إطارٍ قانونيٍ، بسبب مخاوفهم من تحوله إلى حاكمٍ مستبد. ولفتت الصحيفة إلى أن سعيد، الذي وصل إلى السلطة عام 2019 بوعودٍ بالإصلاح، قام بشكلٍ منهجيٍ بتفكيك مؤسسات الديمقراطية التونسية، مهاجمًا التعددية الحزبية، حرية التعبير، واستقلالية القضاء، تحت ذريعة 'الديمقراطية المباشرة'، التي تحولت في الواقع إلى غطاءٍ لتركيز كل السلطات في يده. لماذا صعد سعيد؟ خيبة أمل التونسيين والغرب أرجعت لوموند صعود قيس سعيد إلى خيبة أمل الشعب التونسي من فشل الطبقة السياسية بعد 2011 في تحقيق طموحات الثورة، حيث عانى المواطنون من تراجع اقتصادي حاد، انتشار الفساد، العنف الجهادي، وشلل مؤسسي. لكن بدلًا من إصلاح النظام، اختار سعيد 'محوه بالكامل'، بحسب تعبير الصحيفة. وفي الوقت الذي كان فيه الغرب يُصور تونس كـ'قصة نجاح ديمقراطي'، كانت الواقعية المريرة مختلفةً تمامًا، مما سهّل لسعيد الاستفادة من السخط الشعبي لتبرير انقلابه على الديمقراطية. أوروبا بين القلق والمصالح: صمتٌ مريب انتقدت لوموند الموقف الأوروبي، وخاصةً فرنسا وألمانيا، الذي اقتصر على التعبير عن 'القلق' إزاء الأحكام الأخيرة، دون اتخاذ أي إجراءاتٍ ملموسة. وفسرت الصحيفة هذا الصمت بـالخوف من فقدان الشريك التونسي في ملف الهجرة، حيث يُعتبر سعيد حليفًا أساسيًا للاتحاد الأوروبي في احتواء تدفق المهاجرين غير الشرعيين. وتساءلت لوموند: 'إلى متى يمكن لأوروبا أن تظل صامتةً بينما يزعزع نظام سعيد استقرار تونس ومنطقة شمال إفريقيا بأكملها؟'، محذرةً من أن الاستمرار في هذا الصمت قد يؤدي إلى كارثة إقليمية. اختتمت لوموند تقريرها بالتشديد على أن تونس، التي كانت أمل العالم العربي، أصبحت اليوم نموذجًا للتراجع الديمقراطي، حيث يُحكم عليها بنظامٍ لا يختلف كثيرًا عن الديكتاتوريات التي ثار عليها شعبها قبل 13 عامًا

قطر تشيد بتوجه الكونغو وحركة 23 مارس بشأن التوصل لوقف إطلاق النار
قطر تشيد بتوجه الكونغو وحركة 23 مارس بشأن التوصل لوقف إطلاق النار

الوطن الخليجية

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • الوطن الخليجية

قطر تشيد بتوجه الكونغو وحركة 23 مارس بشأن التوصل لوقف إطلاق النار

أشادت دولة قطر بالجهود التعاونية والبيان المشترك بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس، بشأن رغبتهما في التوصل إلى 'وقف لإطلاق النار'. وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، عبر حسابه في منصة 'إكس'، اليوم الخميس: 'متابعةً لاجتماع رؤساء الدول الذي عُقد في 18 مارس 2025 بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا ودولة قطر، يسعدنا أن نشهد الجهود التعاونية وهذا البيان المشترك بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة أم 23'. وأضاف: 'تشجع دولة قطر الطرفين على مواصلة هذا الحوار بروح بناءة، والعمل على التوصل إلى اتفاق يتماشى مع تطلعات الشعب الكونغولي للسلام والتنمية'. متابعةً لاجتماع رؤساء الدول الذي عُقد في 18 مارس 2025 بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا ودولة قطر، يسعدنا أن نشهد الجهود التعاونية وهذا البيان المشترك بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة ام 23. وتشجع دولة قطر الطرفين على مواصلة هذا الحوار بروح بناءة، والعمل على… — د. ماجد محمد الأنصاري Dr. Majed Al Ansari (@majedalansari) April 24, 2025 والأربعاء، أعلنت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس، اتفاقاً مبدئياً للعمل على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، عقب محادثات وصفت بـ'الصريحة والبنّاءة' جرت في الدوحة برعاية قطرية. وجاء في بيان مشترك بثه التلفزيون الكونغولي أن الطرفين أبديا رغبة في وقف فوري للأعمال العدائية، وأكدا التزامهما باحترام الهدنة خلال فترة المحادثات الجارية وحتى اختتامها. ويأتي هذا التطور في إطار وساطة تقودها قطر، التي استضافت في 18 مارس الماضي، اجتماعاً ثلاثياً جمع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيسين الرواندي بول كاغامي، والكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، بهدف تهدئة الأوضاع شرقي الكونغو. ورحب قادة الدول خلال الاجتماع بالتقدم في مساري لواندا ونيروبي، مؤكدين ضرورة استمرار المفاوضات لتحقيق سلام دائم، في منطقة تشهد نزاعات مستمرة رغم توقيع أكثر من عشرة اتفاقات هدنة منذ عام 2021. وكان قد أبرز تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية أن قطر تنخرط بشكل متزايد في جهود تخفيف النزاعات في القارة الأفريقية، حيث تتنامى علاقاتها ونفوذها من دارفور، إلى تشاد، ومؤخراً جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقال التقرير: بينما تلمس قطر يومياً مدى صعوبة التوصل إلى تسوية بين إسرائيل وحماس، تواجه الدوحة حالياً نزاعاً آخر لا يقل تعقيداً: الصراع المستمر منذ ثلاثين عاماً في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبين التقرير أنه في 18 مارس، حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فاجأ الجميع عندما جمع وجها لوجه في الدوحة بين طرفي الأزمة: الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي. مبرزا أن هذا التحرك الدبلوماسي جاء بفضل علاقات قطر القوية، خاصة مع بول كاغامي، حيث تعززت العلاقات بين البلدين من خلال استثمارات الخطوط الجوية القطرية في شركة الطيران الرواندية وفي مطار قيد الإنشاء شرق كيغالي، وأيضاً بطلب من تشيسيكيدي الذي يسعى إلى وساطة قطرية منذ نهاية عام 2022. وأضاف التقرير: سمحت المبادرة القطرية بإجراء أول اتصال مباشر في نهاية مارس في الدوحة، بين مبعوثي كينشاسا وممثلي التمرد الكونغولي، لوضع أسس لمفاوضات مستقبلية. وتجرى حالياً جولة ثانية من المناقشات، في الدوحة، منذ 10 مارس، بسرية تامة، ولكنها تواجه صعوبات بسبب الشروط المسبقة التي يفرضها كل طرف.

الأوروبيون مستبعدون من مفاوضات الملف النووي الإيراني
الأوروبيون مستبعدون من مفاوضات الملف النووي الإيراني

الرأي

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • الرأي

الأوروبيون مستبعدون من مفاوضات الملف النووي الإيراني

بات دور الأوروبيين الذين نشطوا في التفاوض على بنود الاتفاق النووي الإيراني سنة 2015، يقتصر على كونهم مراقبين يتابعون عن بعد المباحثات الجارية حالياً بين واشنطن وطهران. وفي 12 أبريل، باشرت إيران والولايات المتحدة اللتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية منذ 1980، مباحثات بوساطة عُمانية سعياً للتوصل إلى اتفاق جديد حول الملف النووي الإيراني. والوقت المتاح لتحقيق ذلك ينفد، إذ إن إيران «ليست بعيدة» من امتلاك القنبلة النووية، على ما حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرّية رافاييل غروسي في مقابلة مع صحيفة «لو موند» الفرنسية نشرت الأربعاء. وتشتبه دول غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في أن إيران تسعى إلى تطوير سلاح نووي، في حين تنفي الجمهورية الإسلامية هذه الاتهامات، مؤكّدة حقّها في استخدام الطاقة النووية لأغراض مدنية. وتجري جولة جديدة من المحادثات الأميركية - الإيرانية غداً السبت في روما بوساطة عُمانية أيضاً. وفي ظلّ تزايد المخاوف من ضربة إسرائيلية على إيران، أعربت الدول الأوروبية الثلاثة المنخرطة منذ فترة طويلة في الملّف الإيراني والمعروفة باسم «إي3»، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، عن تأييدها لأي مبادرة دبلوماسية حتّى لو لم تكن تشارك فيها مباشرة. «دراية تقنية» وقال علي فايز من «مجموعة الأزمات الدولية» إن «من المؤسف أن الأوروبيين الذين أطلقوا هذا المسار الديبلوماسي قبل 22 عاماً وأدّوا فيه دوراً بارزاً لم يحسنوا لعب أوراقهم هذه المرّة». وقبل الإعلان عن المباحثات الأميركية - الإيرانية، أجرت مجموعة «إي3» مناقشات مع طهران في جنيف في أكتوبر ونوفمبر ويناير وفبراير وصفتها طهران بـ«البنّاءة». أما الآن، «فيبدو أن الأوروبيين عالقون في فخّ مزدوج، فهم من جهة مستبعدون من المفاوضات الحالية ومحصورون في دور المعلّق، ومن جهة أخرى لا يستطيعون تقويض فرص أيّ اتفاق جديد، وإن كان أميركيا إيرانيا»، على ما قال دافيد خلفا من مؤسسة جان-جوريس. ولا يتوقّع خلفا أن «يتغيّر دور الأوروبيين بشكل كبير في الأيّام المقبلة، إذ إن إدارة ترامب مناهضة للاتحاد الأوروبي». ورأى علي فايز أن «الأمر مؤسف بالفعل، لأنه خلافا للعُمانيين، يتمتّع الأوروبيون بالدراية التقنية والذاكرة المؤسسية لدفع المفاوضات قدما». أما تييري كوفيل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في فرنسا، فهو يعتبر أن استبعاد الأوروبيين لم يحصل نتيجة قرار واشنطن فحسب. «خطأ إستراتيجي» وأشار الباحث إلى أن «الخطأ الاستراتيجي ارتُكب وقت انسحاب دونالد ترامب من اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة في 2018». وأبرم هذا الاتفاق في 2015 بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، أي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، فضلاً عن ألمانيا. ولفت كوفيل إلى أن «الإيرانيين الذين أرادوا الحفاظ على الاتفاق طلبوا من الأوروبيين مساعدتهم من خلال الإبقاء على التبادلات التجارية مع إيران بالرغم من العقوبات الأميركية». وصحيح أن الأوروبيين أقرّوا «بأهمّية هذا الاتفاق»، غير أن شركاتهم «هربت كلّها من السوق الإيرانية»، ما تسبّب «إلى حدّ بعيد في تدهور الوضع الاقتصادي» الإيراني وأيضا في فقدانهم مصداقيتهم، بحسب كوفيل. ويؤكد الأوروبيون على قدرتهم على إعادة تشغيل الآلية التي تسمح بفرض عقوبات دولية من جديد على إيران والمعروفة بـ«سناب باك». فالاتفاق المبرم في 2015 ينصّ على تخفيف العقوبات الدولية على طهران في مقابل الإشراف على برنامجها النووي. وفي ظلّ تخلي طهران عن التزامات مفروضة عليها بموجب الاتفاق ردا على انسحاب واشنطن منه، وجّهت برلين ولندن وباريس في ديسمبر رسالة إلى مجلس الأمن تطرّقت فيها إلى احتمال إعادة تفعيل العقوبات. وسيلة ضغط وحيدة ولفت دبلوماسيون أوروبيون إلى أن المهلة المتاحة قصيرة، ذاكرين أنها تمتد حتى نهاية يونيو أو الصيف. وفي العام 2018، عندما سحب دونالد ترامب بلده بقرار أحادي من الاتفاق الذي كانت طهران تلتزم ببنوده، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، أعاد فرض عقوبات شديدة على الجمهورية الإسلامية. وتعتبر آلية «سناب باك» وسيلة الضغط الوحيدة في أيدي الأوروبيين، بحسب الخبراء. وقال دافيد خلفا إن «إستراتيجيتهم راهنا تقضي... بجعل الأميركيين يدركون أن من مصلحتهم إشراكهم في المفاوضات في وقت ما». غير أن هامش المناورة ضيق، إذ إنه في حال تشغيل آلية «سناب باك»، لن يعود في أيدي أوروبا أيّ وسيلة ضغط أخرى، وفق علي فايز. كما لفت فايز، إلى أن ذلك «قد يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ما قد يفاقم الوضع بدلاً من حلّ المشكلة القائمة». وأوضح تييري كوفيل، أن إيران ترى على الأرجح أنه «من الأجدى عقد اتفاق مع ترامب تكون استدامته مضمونة» نظراً لنفوذ الرئيس الأميركي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store