logo
هآرتس: حاخامان وعداهم بالسلامة وصواريخ إيران دكت بلدتهم

هآرتس: حاخامان وعداهم بالسلامة وصواريخ إيران دكت بلدتهم

الجزيرةمنذ 20 ساعات

منذ تأسيس دولة إسرائيل، لم يسقط صاروخ واحد على ضاحية بني براك في شرق مدينة تل أبيب، هكذا نقلت صحيفة هآرتس عن أحد الأشخاص ممن هرعوا من باب الفضول لمشاهدة الأضرار التي لحقت بالحي جراء سقوط صاروخ واحد في الحرب الجارية الآن بين إسرائيل وإيران.
يقول مراسل الصحيفة جوش برينر في تقريره إن الدمار الذي أحدثه الصاروخ الإيراني أصاب سكان بني براك بالصدمة، خاصة عندما سمعوا بمقتل أحد الأشخاص.
دانيال: لم يسبق أن سقط صاروخ هنا، ولكن يبدو أن الوعد لم يعد ساري المفعول اليوم، حيث لم يعد الحاخام كانيفسكي معنا. فلطالما اعتقدنا أن المدينة محروسة، ذلك أنه حتى خلال حرب الخليج الأولى لم تسقط أي صواريخ هنا، بل كانت دائما تسقط في مدينة رامات غان أو في مستوطنة بتاح تكفا
كان من الصعب عليهم هضم خبر مقتل أحد سكان المدينة، لذلك افترضوا أنه لا بد أن يكون عاملا أجنبيا، أي أنه ليس يهوديا، لكن المراسل يقول إنهم كانوا مخطئين، فالرجل المقتول هو في الحقيقة من سكان الضاحية ويبلغ من العمر 84 عاما، كما أنه يهودي متدين ومتشدد مثلهم.
ووفق الصحيفة، فقد أدت قوة الصاروخ الإيراني -الذي سقط في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين- إلى انهيار مبنى مدرسة البنات في قلب بني براك بالكامل ولم يتبق منها شيء، وأصاب سكان هذه الضاحية من اليهود الأرثوذكس المتشددين بحالة من الصدمة.
ولم تكن مدرسة البنات وحدها هي التي دُمِّرت، بل عشرات الشقق في الحي الواقع شرقي تل أبيب أيضا التي لم تصمد أمام قوة الانفجار الهائلة.
وأشار المراسل برينر إلى أن ما حدث يوم الاثنين جاء مخالفا لوعد سبق أن قطعه اثنين من رجال الدين اليهودي -هما الحاخام شزون إيش ثم الحاخام حاييم كانيفسكي- اللذين أكدا للسكان أن مدينتهم "ستنجو من صواريخ العدو بفضل كثرة علماء التوراة الموجودين في بني براك".
والآن يتساءل السكان كيف حدث ذلك لهم. يقول رجل عرَّف عن نفسه للصحيفة باسم دانيال: "لم يسبق أن سقط صاروخ هنا، ولكن يبدو أن الوعد لم يعد ساري المفعول اليوم، حيث لم يعد الحاخام كانيفسكي معنا. فلطالما اعتقدنا أن المدينة محروسة، ذلك أنه حتى خلال حرب الخليج الأولى لم تسقط أي صواريخ هنا، بل كانت دائما تسقط في مدينة رامات غان (وسط تل أبيب) أو في مستوطنة بتاح تكفا".
ونقلت هآرتس عن صديق لدانيال القول إن الحاخام كانيفسكي "قام بحمايتنا، والآن تغير شيء ما. عليك أن تفهم أن القدوس تبارك اسمه لا يعمل معنا".
وأرفقت الصحيفة صورا معبرة عن حجم الدمار الذي لحق ببني براك، مشيرة إلى أن حشدا كبيرا من الناس تجمعوا في الموقع الذي سقط فيه الصاروخ: رجال يرتدون ملابس اليهود المتشددين ونساء بسراويل قصيرة، وعمال أجانب من سريلانكا، وإسرائيليون علمانيون.
ومن بين هذه الجموع، شاب هندي يدعى هارناك شاند يعيش في إحدى الشقق المتضررة مع 7 من أصدقائه السريلانكيين وجميعهم عمال آسيويون يشتغلون في مجال البناء بإسرائيل.
وقال شاند للصحيفة إنه ترك بنطاله في شقته، ولم يُسمح له بالعودة إلى الداخل واستعادته، وإن كل ما تبقى في حوزته هي الحقيبة الصغيرة التي كان يحملها على ظهره.
ومنذ الجمعة الماضي، قُتل 24 إسرائيليا وأصيب نحو 600 آخرين بجروح جراء الضربات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت إسرائيل، من بينهم ذلك اليهودي المتشدد من سكان بني براك، الذي لقي حتفه يوم الاثنين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيران تطلق الموجة الصاروخية 13 على وسط إسرائيل
إيران تطلق الموجة الصاروخية 13 على وسط إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

إيران تطلق الموجة الصاروخية 13 على وسط إسرائيل

أفاد التلفزيون الإيراني بأن الموجة الـ13 من عمليات الوعد الصادق 3 أطلقت بعد منتصف هذه الليلة عبر إطلاق صواريخ ثقيلة وبعيدة المدى. وقال الجيش الإسرائيلي إن أنظمة دفاعاته اعترضت الدفعة الصاروخية الأخيرة التي أطلقت من إيران، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن شظايا الاعتراض أدت إلى حرائق في الرملة وسط إسرائيل. وجراء إطلاق الرشقة الصاروخية دوت صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب الكبرى بما في ذلك في مدن تل أبيب وهرتسليا وحولون وبات يام، وكذلك في مدينة القدس، ومنطقة البحر الميت ومستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة. وقبل ذلك بوقت قصير، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه جرى تفعيل صفارات الإنذار في مناطق مختلفة بإسرائيل جراء رصد إطلاق صواريخ من إيران، وأكد أن الدفاع ليس محكما وبالتالي يجب على الجمهور الاستمرار في اتباع تعليمات قيادة الجبهة الداخلية والبقاء في الملاجئ. وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم عملية الوعد الصادق الإيرانية إن طهران استخدمت أمس الأربعاء صاروخ سجيل وإن أجواء إسرائيل أصبحت مفتوحة كليا، ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤول أمني أن الصاروخ الإيراني الأخير كان استثنائيا من حيث النوع والوزن وكمية المتفجرات التي يحملها. وفي الجانب الآخر، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن 60 طائرة مقاتلة هاجمت الأربعاء أكثر من 20 هدفا عسكريا مرتبطا بمواقع إنتاج الصواريخ في منطقة طهران. ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين إسرائيليين أن الجيش دمر 120 منصة لإطلاق الصواريخ في إيران منذ بدء العملية، وأن ذلك قلص قدراتها على مهاجمة إسرائيل، حسب قولهم. وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن المقاتلات الإسرائيلية تزودت بالوقود في الجو 600 مرة منذ بدء الهجوم على إيران. صاروخ سجيل وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن أمس الأربعاء أنه استخدم في الموجة الـ12 من هجماته الصاروخية على إسرائيل "صواريخ سجيل الفائقة الثقل لاستهداف عدد من المواقع في الأراضي المحتلة"، مؤكدا أنه دمر الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وأن "أجواء الأراضي المحتلة مفتوحة لصواريخنا ومسيّراتنا". كما أكد أيضا أن "الهجمات الصاروخية ستكون مركزة ومتواصلة"، وخاطب الحرس الثوري الإسرائيليين -وفقا لوكالة تسنيم- قائلا في بيانه إن قائد حرس الثورة الإسلامية قد حذّر سابقا من أن " أبواب الجحيم ستُفتح عليكم"، وأن "صواريخ القوة الجوفضائية التابعة لحرس الثورة ستمنعكم من قضاء لحظة واحدة خارج الملاجئ تحت الأرض. لقد مضت بضعة أيام لم تروا فيها ضوء الشمس". وأضاف في بيانه "كونوا على يقين أن صوت صفارات الإنذار لن يتوقف لحظة واحدة. إما أن تختاروا "الموت البطيء" في حياة جحيمية داخل الملاجئ، أو تنقذوا أنفسكم من القصف الصاروخي المتواصل على مدار الساعة وتهربوا بأسرع وقت، لعلّكم تنجون بأرواحكم". ومنذ فجر 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل بدعم أميركي حربا على إيران تشمل قصف منشآت نووية وقواعد صواريخ، واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وأسفرت عن 224 قتيلا و1277 جريحا، في حين ترد طهران بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، خلّفت نحو 24 قتيلا ومئات المصابين. وتلوح في الأفق مخاطر توسع الصراع مع تقارير غربية وعبرية عن إمكانية انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في حربها على إيران، بالتزامن مع تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، دعا خلالها طهران إلى الاستسلام من دون أي شروط، ولوّح بإمكانية استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي.

ترامب ينهي اجتماعه بشأن إيران بلا بيان ومجلس الأمن الدولي يجتمع مجددا
ترامب ينهي اجتماعه بشأن إيران بلا بيان ومجلس الأمن الدولي يجتمع مجددا

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

ترامب ينهي اجتماعه بشأن إيران بلا بيان ومجلس الأمن الدولي يجتمع مجددا

قال مسؤول في البيت الأبيض للجزيرة إن الاجتماع الذي عقده الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع فريق الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض لبحث الموقف من المشاركة في الحرب على إيران قد انتهى دون إصدار أي بيان. ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين أن ترامب يريد التأكد من أن الهجوم الأميركي ضروري حقا ولن يجر الولايات المتحدة إلى حرب طويلة الأمد في الشرق الأوسط، وأضاف المسؤولون الأميركيون أن ترامب يريد التأكد من أن الهجوم المحتمل سيحقق بالفعل هدف تدمير برنامج إيران النووي. من جهة أخرى، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن 3 مصادر مطلعة قولهم إن ترامب أبلغ كبار مساعديه بموافقته على خطط الهجوم على إيران لكنه أرجأ الأمر النهائي بتنفيذ الهجوم حتى معرفة إمكانية تخلي طهران عن برنامجها النووي. وفي وقت سابق، نقلت شبكة إيه بي سي عن مصدر مطلع قوله إن الهجوم الأميركي المحتمل على منشأة فوردو الإيرانية النووية لن يكون ضربة واحدة فقط بل سيكون عدة ضربات. وكان مسؤول أميركي قد قال للجزيرة إن خيار توجيه ضربة للمنشأة يتطلب أولا دراسة للتداعيات التي ستنجم عنها وكذلك ردود فعل إيران المحتملة إذا تمت مهاجمة هذه المنشأة النووية المحصنة. كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين قولهم إن القنابل الخارقة الضخمة لم يسبق مطلقا أن استخدمت في ساحة المعركة. تصريحات وكانت آخر تصريحات ترامب قبل دخوله الاجتماع هي أنه لم يتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن تدخل بلاده في المواجهة بين إسرائيل وإيران، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لم يغلق باب الحوار مع إيران، وأوضح أن طهران راغبة في الاجتماع مع الولايات المتحدة، وأنه لا يستبعد حدوث ذلك. وأضاف للصحفيين أن لديه أفكارا بشأن ما يجب فعله لكنه يفضل اتخاذ قراراته في اللحظات الأخيرة. تحذير إيراني وعلى الجانب الإيراني حذر المرشد الإيراني علي خامنئي من أي هجوم أميركي على بلاده، مؤكدا أن ذلك ستكون له تبعات خطيرة. ومن جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن على العالم أجمع أن يعلم أن إيران تتصرف دفاعًا عن النفس فقط وأن بلاده لم ترد حتى الآن إلا على النظام الإسرائيلي وليس على من يساعده ويدعمه. وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو افتعل هذه الحرب لتدمير مسار الدبلوماسية. في الأثناء، نقلت نيويورك تايمز عن مسؤول رفيع بالخارجية الإيرانية قوله إن عراقجي سيقبل لقاء المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أو نائب الرئيس الأميركي دي فانس لبحث وقف إطلاق النار. على صعيد آخر، قالت مصادر دبلوماسية للجزيرة إن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة طارئة يوم الجمعة بطلب من إيران لبحث تطورات الحرب، وقالت المصادر للجزيرة إن روسيا والصين والجزائر أيدت الطلب الإيراني لعقد الاجتماع.

لماذا اختار نتنياهو هذا التوقيت تحديدًا للهجوم على إيران؟
لماذا اختار نتنياهو هذا التوقيت تحديدًا للهجوم على إيران؟

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

لماذا اختار نتنياهو هذا التوقيت تحديدًا للهجوم على إيران؟

الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يمثّل مفاجأة كبرى، فالتهديدات كانت قد سبقت، وجاءت في سياق تحولات إقليمية مهمة. لم تُقدم إسرائيل على هذه المواجهة اعتقادًا بأنّها ستحقق انتصارًا إستراتيجيًا حاسمًا ضد إيران، بل على الأرجح أدركت حدود ما يمكن إنجازه عسكريًا، وأنه الأفضل في متغيرات الظروف الإستراتيجية للإقليم، والتي قد لا تتكرر. حتى إن مسؤولين وخبراء إسرائيليين يقرّون بأن تدمير برنامج إيران النووي بالكامل بضربات جوية أمر غير ممكن نتيجة تشتت المواقع جغرافيًا وعمقها طبوغرافيًا. ويسود اعتقاد واسع أن هذا لن يكون واقعيًا بدون تدخل الولايات المتحدة الأميركية. وبمعنى آخر، بينما تقاتل إسرائيل بالتكنولوجيا والتفوق العسكري، تقاتل إيران بالجغرافيا، ولكل واحد منهما أثره الإستراتيجي في تحديد مآلات الحرب. اختارت إسرائيل التصعيد الآن بسبب التغيّر في الشروط الإستراتيجية للبيئة الإقليمية بعد حرب غزة 2023، وتراجع نفوذ طهران في المنطقة. خلال العام الذي تلا مواجهة غزة، تعرضت شبكة "الدفاع المتقدم" التي يمثّلها حلفاء إيران الإقليميون لضربات قاصمة: نظام الأسد في سوريا، حزب الله في لبنان، حماس في غزة. كما مهدت إسرائيل لهذه الضربات بجولتين جويتين، في أبريل/ نيسان، وأكتوبر/ تشرين الأول 2024، استهدفتا مواقع حيوية إيرانية لها علاقة بالبرنامج الصاروخي. فيما شهدت الشهور الماضية ضربات مكثفة على آخر معاقل شبكة الحلفاء المستعصية في اليمن. أما العراق، فقد بدا أداء الجماعات هناك أكثر محليّةً عن باقي الفاعلين الآخرين في المحور. هذه التطورات قلّصت قدرة طهران على الرد عبر الحلفاء الإقليميين: (سواء جماعات أو أنظمة دولتية مثل سوريا الأسد، واليمن الحوثي). إستراتيجية الأهداف الرمادية رغم ضخامة هذه الحرب، لم تُعلن إسرائيل بوضوح عن أهدافها النهائية. ولاتزال الأهداف النهائية للحرب تنبع من تحليل الخطاب السياسي والعسكري الإسرائيلي. إذ يبرز سؤال الأهداف: هل تسعى الضربات الإسرائيلية لإسقاط النظام الإيراني؟ أم تدمير مشروعه النووي كليًا؟ أم مجرد تعطيل المشروع النووي وتأخيره؟ إعلان التصريحات الرسمية الإسرائيلية اكتفت بالحديث عن ضرورة منع إيران من امتلاك سلاح نووي بأي ثمن، بل وصف نتنياهو العملية بأنها بداية حملة مطوّلة لـ "شلّ قدرة طهران على تصنيع قنبلة ذرية". أما مخاطبة نتنياهو الشعب الإيراني وتحفيزه للتحرك، فلا يمكن بحال اعتباره هدفًا يسعى لإسقاط النظام عملياتيًا، وإنما بتداعيات رغبوية للضربات. وعليه، يتضح أن الهدف المباشر المعلن يكمن في إعاقة البرنامج النووي لأطول فترة ممكنة، لأنه الأكثر وضوحًا ومباشرة في الخطاب الإسرائيلي، إضافة إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني على أمل أن يؤدي الضغط الداخلي إلى إسقاطه بالتداعيات لا بالضربات. ويبدو أن رمادية الأهداف النهائية هي درس مستفاد من حرب غزة، إذ، خلافًا لأهداف الحرب التي لم تنتهِ هناك، تبدأ العمليات العسكرية على إيران بأهداف واقعية "تأخير وتعطيل البرنامج النووي"، ثم يُترك للأثر الذي تخلفه العمليات العسكرية تطوير أهداف أخرى أكثر طموحًا أثناء المعركة. ففكرة إسقاط النظام عبر ضربات جوية ليست لها سوابق تاريخية مشجعة عالميًا، وهي تحتاج دومًا رديفًا على الأرض، إما بقوة عسكرية برية (وهو أمر خارج نطاق النقاش في هذه الحالة)، أو بوجود ثورة شعبية تستغل حالة ترنح النظام السياسي خلال الضربات. هذه الأخيرة يبدو أنها ستلعب في صالح الخطاب السياسي الداخلي للنظام الإيراني، وليس العكس. ففي مثل هذه الحالات يصبح التوحد في وجه الغزو أو العدوان الخارجي هو السردية الأكثر قوة. جعل الأهداف النهائية في منطقة ضبابية مع البدء من أسفل سُلمها الواقعي يتيح لنتنياهو الإعلان عن نصر ما في أي لحظة تتوقف فيها الحرب، دون قدرة أحد على قياس هذا النصر حقيقةً، باستثناء تقارير الخبراء التي لا تزال مطرحًا للأخذ والرد منذ عشرين عامًا. في مثل هذه الحالة تكمن المشكلة الإسرائيلية في تسويق النصر. إن كان السقف بهذه الدرجة، فما الذي يدفع إسرائيل نحو هذه المغامرة؟ يكمن الجواب في طبيعة الظرف الإستراتيجي الذي تشكل في المنطقة، وفي قناعة المؤسسة الإسرائيلية (وليس نتنياهو وحده) بأن عدم قدرة إسرائيل على التعامل الخشن مع برنامج إيران النووي الآن، يعني أنها لن تكون قادرة على التعامل معه عسكريًا في أي وقت آخر. من هنا، تبدو الضربات الإسرائيلية نتاجًا لخبرات عشرين عامًا من حرب ظل كان بُعده الأعمق استخباريًا، جرى خلالها تقييم الظروف العامة لقوة ونفوذ إيران في المنطقة، وخلصت إلى أن إسرائيل أمام اللحظة التاريخية الأفضل نسبيًا لنقل الحرب إلى أحد أبعادها التقليدية الممكنة (الجو)، وبالتالي تنفيذ هذا الهجوم. بناءً على هذا، يبدو العدوان العسكري الإسرائيلي على إيران كحتمية إستراتيجية قامت على مبدأ "ما هو سيئ اليوم لن يكون أفضل غدًا". لذلك، هذه الحرب ستختلف عن تلك التي شنتها إسرائيل على غزة أو لبنان، أو تلك الانتهاكات المزمنة المتتالية على أهداف إيرانية في سوريا قبل سقوط الأسد، والتي اعتمدت على الإفراط في استخدام النار بهدف الردع. أما هذه الحرب فتحتمل بشكل كبير أن تحدد المكانة الإقليمية لكل من أطرافها للسنوات القادمة. فبالنسبة لإيران، إما أن تنتهي كليًا كنظام إقليمي (بهزيمة عسكرية أو دبلوماسية)، أو أنها ستعيد ترميم صورتها كلاعب بات من الصعب تجاوزه. كذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل، مع فارق جوهري، وهو أن دور إسرائيل الإقليمي ليس نابعًا من ظروفها الذاتية، بل بشرط الدعم الغربي المنفلت لها، والذي سيبقى أهم محددات دور إسرائيل في المنطقة مستقبلًا. سيناريوهات التصعيد والمخاطر الغموض في أهداف الحرب يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة للتطورات المقبلة، تقف عند حدود ثلاثة احتمالات: نصر عسكري لأحد الأطراف، أو هزيمة لأحدهما، أو تعادل (فعلي أو نسبي). إيران لا تزال تمتلك القدرة على إيذاء إسرائيل بطرق شتى رغم الضربات التي تلقتها. فترسانة الصواريخ والمسيّرات الإيرانية ما زالت قادرة على الوصول لعمق إسرائيل، وقد أثبتت ذلك بهجمات مكثفة وغير مسبوقة استطاعت اختراق الدفاعات، والتسبب بأضرار جسيمة نفسيًا قبل المادية. إيران أيضًا يمكنها تفعيل جماعات حليفة متبقية- ولو بوتيرة أقل نظرًا لضعفها الراهن- في ساحات مثل: العراق، أو اليمن لإشغال إسرائيل أو القوات الأميركية إقليميًا. مع كل ذلك، لا يمكن موازاة ما تحدثه صواريخ إيران بأثر الضربات الإسرائيلية إلا في الجانبين: النفسي، والذهني. في ظل هذه الاحتمالات الثلاثة، تبدو إسرائيل عاقدة العزم على ألا تخرج من هذه الحرب بمظهر الخاسر. فالخسارة هنا لا تعني بالضرورة هزيمة عسكرية ساحقة – إذ قد يكون هذا مستبعدًا للطرفين- بل تكفي صورة عجز إسرائيل عن وقف تهديدات إيران على الرغم من تفتت شبكتها الإقليمية. مثل هذا السيناريو سيمثل كارثة سياسية لنتنياهو وحكومته، وقد يهز هيبة الردع الإسرائيلية إقليميًا بشكل كبير، وقد يعكس مسار الصورة الذهنية التي حاول الجيش الإسرائيلي ترسيخها من خلال حجم الإبادة التي مارسها في غزة، والاختراقات الأمنية، واتباع أسلوب الضرب الشديد من أعلى في لبنان وإيران. والصورة الذهنية هي رأسمال إسرائيل التي تقوم عليها عقيدة الردع أصلًا. لذا ستفعل إسرائيل كل ما بوسعها لتجنب صورة النصر الإيراني أو حتى الظهور بمظهر المتعادلين. ولذلك سيلزم إسرائيل الحصول على نتيجة واضحة قابلة للقياس الإعلامي (وليس الفني التقني)، بأن مشروع إيران النووي تعطل لسنوات مقبلة. أقل من ذلك، فإن الساحة السياسية الإسرائيلية والمنطقة ستشهدان طحنًا جديدًا باتجاهات مختلفة. التصورات الإيرانية بدورها ستستند هي الأخرى إلى احتمالات سيناريو النصر أو الهزيمة أو التعادل النسبي (نسبة لما لدى كل طرف من تقنيات وإمكانات عسكرية). هنا تبدو إيران قادرة على التعامل مع ثلثي السيناريوهات (نصر أو تعادل نسبي) بمقابل قدرة إسرائيل على التعامل مع ثلث هذه السيناريوهات فقط (نصر واضح قابل للتسويق). مثل هذا التصور قد يشكل قناعة لدى إيران بأنها بعيدة نسبيًا عن الوصول للخيارات الصفرية، مثل ضرب قواعد أميركية أو إغلاق مضيق هرمز. ففي حال وصول إيران لهذا المستوى من السلوك، ستكون مؤشرات ذلك سلبية على وضع النظام الإيراني برمته وقدرته على الاستمرار بالحرب بالوتيرة الحالية. قد تكون إيران معنية بالحفاظ على مستويات تقليدية (التي نراها الآن)، وربما تكون معنية بخفض ضرباتها على إسرائيل لتقليل الحافز الانتقامي الذي قد ينقل الحرب لوتيرة أكبر تُخل بأفضلية إيران في التعامل مع الاحتمالات المذكورة. هناك احتمال رابع، وهو الاستمرار الطويل في ضربات متبادلة بين الطرفين. قد لا يبدو خيارًا مفيدًا للطرفين. لا إسرائيل قادرة على تسويقه سياسيًا في جبهتها الداخلية، ولا إيران قادرة على ضمان تماسك القاعدة الاجتماعية من الانفجار. فضلًا عن السؤال حول قدرة الطرفين على تحمل التكاليف، الفنية والمادية، لمثل هذا النموذج. والمعطيات تشير إلى أن الجميع يسعى لجولة متوسطة المدى تستمر أسابيع في حدها الأقصى. وتبقى التجارب التاريخية لوقوع الكارثة مرتبطة بتداعيات تُخرج التحليل السياقي عن سياقه، الذي ينتج انحرافات غير منطقية من شأنها صناعة خطوط اللاعودة. إعلان

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store