logo
قرارات «فك الارتباط».. والتحديات القادمة

قرارات «فك الارتباط».. والتحديات القادمة

العربية٠٤-٠٤-٢٠٢٥

في يوم الرابع عشر من شهر مارس المنصرم، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً بحل «صوت أميركا» (VOA)، وذلك بحجة أنه، وعلى مدى سنوات، كان يبث أخباراً راديكالية عن الولايات المتحدة إلى عشرات الدول الأجنبية التي لديها إمكانية الوصول إلى برامجه. وقد بدأ «صوت أميركا» العمل في عام 1942، ومنذ ذلك الحين، قام ببث الأخبار إلى البلدان التي تفرض رقابة على التغطية الإعلامية المحلية من قبل وسائل إعلامها الخاصة. وعلى مدى سنوات، كان «صوت أميركا»، إلى جانب وسائل إعلام غربية أخرى مثل «بي بي سي»، أحد أهم مصادر المعلومات حول العالم وعن تلك البلدان نفسها، خاصة لمواطني الاتحاد السوفييتي السابق، والدول الشيوعية في شرق أوروبا، والصين وكوريا الشمالية.
لكن لن تكون هذه الخدمات الإعلامية متاحة بعد الآن، وكما هو الحال مع التخلي عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، تُعد هذه الخطوة مثالاً على مدى التغير الحاصل في سياسة الولايات المتحدة، ولو خطوة بخطوة، لا سيما على صعيد قوتها الناعمة وتأثيرها في العالم. وليس من المستغرب أن تلقى قرارات من قبيل إلغاء «صوت أميركا» ترحيباً كبيراً لدى كل منافسي الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى قرارات «فك الارتباط» أحادية الجانب هذه، والتي من شأنها تقليل البصمة الأميركية في الخارج، قرر الرئيس ترامب تقليص المؤسسات البحثية الأميركية، وذلك لاعتقاده بأنها هي أيضاً تركّز على الدعاية الراديكالية. وقد أثارت جهوده وقراراته في هذا المضمار ردود فعل غاضبة.
ففي يوم 31 مارس المنصرم، وقّع أكثر من 1900 عالم أميركي على رسالة نشرتها الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب بغية إيصال «نداء استغاثة» بشأن قرارات الرئيس ترامب حول تقليص حجم ونطاق المؤسسات العلمية الأميركية.
وقد جاء في الرسالة ما يلي: «على مدى أكثر من 80 عاماً، ساهمت الاستثمارات الحكيمة للحكومة الأميركية في بناء قطاع البحث العلمي في البلاد، مما جعله موضع حسد للعالم. ومن المذهل أن إدارة ترامب تزعزع استقرار هذا القطاع من خلال تقليص تمويل الأبحاث، وطرد آلاف العلماء، وإلغاء الوصول العام إلى البيانات العلمية، والضغط على الباحثين لتغيير أعمالهم أو التخلي عنها لأسباب أيديولوجية».
وعلى الرغم من أن الموقِّعين على الرسالة يأتون من خلفيات سياسية متنوعة، فإنهم متحدون في موقفهم: «نحن نرسل هذا النداء من أجل إطلاق تحذير واضح وصريح: يتم تدمير المؤسسات العلمية في البلاد». وتشير الرسالة إلى أن إدارة ترامب «تمنع الأبحاث في المواضيع التي تجدها غير مقبولة، مثل التغير المناخي، أو تلك التي تقدم نتائج لا تروق لها في موضوعات مثل سلامة اللقاحات والاتجاهات الاقتصادية».
وربما يكون من شأن هذه التوجيهات أن تؤدي إلى تقويض التفوق العلمي الأميركي، وتقليص حافز الطلاب الأجانب للدراسة في الولايات المتحدة والانضمام إلى مؤسساتها الرائدة عالمياً في مجال البحث والتطوير. لقد ساهمت هذه المؤسسات في تحقيق إنجازات علمية وهندسية عظيمة طوال مئة عام الماضية، والتي شاركها العالم كجزء من مساهمة أميركا في التقدم العلمي والتكنولوجي العالمي.
لقد أصبح نهج الرئيس ترامب في «إصلاح» المؤسسات الأميركية، عن طريق إغلاقها أو حرمانها من التمويل الفيدرالي، من أكثر القضايا المثيرة للجدل في النقاش العام حول الأيام الأولى للإدارة الجديدة. ومع ذلك، فإن التأثير المباشر لهذه الإجراءات سيظهر بوضوح أكبر لأولئك الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة. أما المواطنون الأميركيون الذين لن يتأثروا بشكل مباشر بالتخفيضات التي تطال الجامعات والمراكز البحثية، فسيكونون أكثر قلقاً بشأن تأثير مقترحات ترامب الراديكالية لفرض تعريفات جمركية أعلى على الدول الأجنبية.
ويعتقد معظم الاقتصاديين أن النتيجة المباشرة ستكون ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين. وإذا بدا أن الاقتصاد الأميركي يتجه نحو الركود، فإن المعارضة لترامب ستزداد وقد تؤدي في النهاية إلى تحديات لحكمه حتى من داخل الحزب الجمهوري نفسه. وعندها فقط قد يضطر ترامب إلى إعادة النظر في أكثر خططه إثارةً للجدل والخلاف، داخل الولايات المتحدة وخارجها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأمريكية
إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأمريكية

أرقام

timeمنذ 24 دقائق

  • أرقام

إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأمريكية

أكّد الملياردير إيلون ماسك الأربعاء تنحيه من منصبه في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيث قاد طوال أشهر وزارة أطلق عليها اسم "هيئة الكفاءة الحكومية" بهدف خفض الإنفاق الفدرالي. وكتب ماسك في منشور على منصته إكس للتواصل الاجتماعي أنّه "مع انتهاء فترة عملي كموظف حكومي خاص، أود أن أشكر الرئيس دونالد ترامب على فرصة الحد من الإنفاق المُبذر".

إيلون ماسك يغادر منصبه بالحكومة الأميركية.. ويشكر ترامب
إيلون ماسك يغادر منصبه بالحكومة الأميركية.. ويشكر ترامب

العربية

timeمنذ 41 دقائق

  • العربية

إيلون ماسك يغادر منصبه بالحكومة الأميركية.. ويشكر ترامب

غادر رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد فترة شهدت محاولات مثيرة للجدل لخفض الإنفاق الحكومي وتقليص دور المؤسسات الاتحادية، وفق ما ذكره مصدر مطلع لوكالة "أسوشيتد برس". وتقدم الرئيس التنفيذي لتسلا في منشور على منصة إكس يوم الأربعاء بالشكر للرئيس دونالد ترامب مع قرب انتهاء فترة عمله موظفا حكوميا خاصا في إطار إدارة كفاءة الحكومة. As my scheduled time as a Special Government Employee comes to an end, I would like to thank President @realDonaldTrump for the opportunity to reduce wasteful spending. The @DOGE mission will only strengthen over time as it becomes a way of life throughout the government. — Elon Musk (@elonmusk) May 29, 2025 وكتب "مع اقتراب انتهاء فترة عملي المجدولة كموظف حكومي خاص، أود أن أشكر الرئيس ترامب على منحي الفرصة للمساهمة في تقليص الإنفاق غير الضروري". وتنتهي فترة عمل ماسك كموظف حكومي، وهي 130 يوما، في أواخر مايو/أيار الجاري. وكلف ترامب حليفه ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، بقيادة جهود إدارة الكفاءة الحكومية في خفض الإنفاق الحكومي وإعادة تشكيل الجهاز الحكومي الاتحادي. وشاع عدم ارتياح متزايد في أنحاء الولايات المتحدة بشأن نهج ماسك القاسي في الاستغناء عن عشرات الآلاف من العاملين من القوى العاملة الحكومية. وتم تسريح نحو 200 ألف موظف، أو تحديدهم لإنهاء خدمتهم أو قبلوا تسوية تقاعدهم، بحسب "رويترز". وعانى مشرعون جمهوريون من غضب الناخبين في لقاءات واجتماعات عامة، وأصبحت جهود كثيرة لإدارة الكفاءة الحكومية محل نزاع قضائي.

تحليل بريطاني: الحوثيون يذلون أمريكا عسكريا.. هل أيامها كقوة عسكرية مهيمنة بدأت تقترب من نهايتها؟ (ترجمة خاصة)
تحليل بريطاني: الحوثيون يذلون أمريكا عسكريا.. هل أيامها كقوة عسكرية مهيمنة بدأت تقترب من نهايتها؟ (ترجمة خاصة)

الموقع بوست

timeمنذ ساعة واحدة

  • الموقع بوست

تحليل بريطاني: الحوثيون يذلون أمريكا عسكريا.. هل أيامها كقوة عسكرية مهيمنة بدأت تقترب من نهايتها؟ (ترجمة خاصة)

سلطت وسائل إعلام بريطانية الضوء على تجربة حرب أميركا الفاشلة ضد جماعة الحوثي في اليمن، وقالت إن أميركا لا تستطيع حتى الاقتراب من النصر في اليمن". وقال موقع " UnHerd" في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن جماعة الحوثي كشفت عن إذلال أمريكا العسكري وتراجع قوتها في إطار المواجهات التي اندلعت في البحر الأحمر خلال الأشهر الماضية. وأضاف "في عالمنا الحالي، لا تملك أميركا سلاحاً جديداً يمكنه حتى الاقتراب من تحقيق النصر في اليمن". وتابع "عندما بدأ الحوثيون في اليمن، ردًا على حرب غزة، بفرض حصارهم على البحر الأحمر، اعتُبر ذلك علامة أكيدة على تراجع القوة الأمريكية: قوة عالمية مهيمنة تسمح بالتنافس على سيطرتها على طريق بحري حيوي. وفي خضم اندفاعهم لفهم سبب حدوث ذلك، زعم منتقدو الرئيس آنذاك أنه ببساطة ضعيف للغاية، ومُهادن للغاية، لدرجة أنه لا يستطيع استخدام كامل القوة العسكرية الأمريكية للقضاء على المشكلة". وأردف "في الواقع، ردًا على ذلك، أذن بايدن بحملتين عسكريتين. الأولى كانت عملية "حارس الرخاء"، التي هدفت إلى الجمع بين القوة البحرية الأمريكية وتحالف من الدول الراغبة في حماية الملاحة وكسر الحصار. تحول ذلك إلى كارثة محرجة، حيث انسحب معظم شركاء التحالف، واستمرت صواريخ الحوثيين في قصف السفن. وهكذا، في يناير 2024، أُطلقت عملية "رامي بوسيدون"، والتي شملت طائرات بريطانية وأمريكية حاولت قصف الحوثيين لإخضاعهم". وزاد "هنا أيضًا، باءت العملية بالفشل، ولم تُحقق أي تقدم يُذكر. كبح هجمات الحوثيين أو فتح البحر الأحمر أمام حركة الملاحة. ولكن حتى في ذلك الوقت، أُلقي باللوم على بايدن؛ إذ كان الجيش الأمريكي الجبار يُعاق بطريقة ما. وهكذا، كان الاستنتاج الطبيعي أنه بمجرد تولي ترامب منصبه، ستُنزع القفازات". وقال "كان منتقدو بايدن مُحقين جزئيًا. فبمجرد تولي ترامب منصبه، سُحبت القفازات. أعقبت عملية "بوسايدون آرتشر" عملية "راف رايدر"، في مارس من هذا العام، والتي حاولت إظهار رد عسكري أمريكي جديد وأكثر قوة ضد أهداف الحوثيين في اليمن - لمدة ستة أسابيع فقط". وأضاف "لمدة ستة أسابيع، قصفت الطائرات الحربية الأمريكية اليمن على مدار الساعة، مع قاذفات شبح نادرة وباهظة الثمن تُحلق في مهمات من دييغو غارسيا لدعم الطائرات الموجودة على حاملات الطائرات. ومع ذلك، بمجرد انتهاء تلك الأسابيع الستة، أعلن ترامب بفخر أن اليمن "استسلم" وأنه لم تعد هناك حاجة للولايات المتحدة لمواصلة القصف. وقد توسطت عُمان في وقف إطلاق النار. وقد تم الترويج لهذا على أنه انتصار مجيد للجيش الأمريكي، حيث وعد الحوثيون أخيرًا بعدم مهاجمة السفن الأمريكية بعد الآن، وأعادت أمريكا بلطف... لفتة. بالطبع، لم يذكر ترامب شروط "الاستسلام". واستدرك "كان على الحوثيين فقط التوقف عن مهاجمة السفن الأمريكية مقابل توقف أمريكا عن القصف؛ وكانوا أحرارًا في مواصلة حصار البحر الأحمر أو إطلاق الصواريخ على إسرائيل. بمعنى آخر، منحت أمريكا الحوثيين حرية مطلقة لمواصلة السلوك الذي كان سببًا لشن الحرب في المقام الأول. لذا، كان وصف هذه الصفقة بالاستسلام أمرًا مناسبًا تمامًا؛ لكن الحوثيين لم يكونوا هم من يرفعون الراية البيضاء". وقال الموقع البريطاني "من الشائع جدًا إلقاء اللوم على الانتكاسات وحتى الهزائم في حروب أمريكا الاختيارية المختلفة على أنها مجرد مسألة نقص في الإرادة. إذا أرادت أمريكا حقًا الفوز، فستفوز، كما تقول القصة؛ إن فشل الولايات المتحدة هو مجرد فشل لم تبذل فيه القوة اللازمة لإنهاء القتال. لكن اليوم، يبدو هذا العذر واهٍ". وأشار إلى أن عملية ترامب "الراكب الخشن"، على عكس عمليات بايدن، استخدمت العديد من الأسلحة الأمريكية الأكثر محدودية وتكلفة وتطورًا في محاولة لإخضاع الحوثيين. ومع ذلك استسلمت. وبالتالي، فإن الدروس هنا قاتمة للغاية. لم تعد طريقة الحرب المفضلة لأمريكا والوحيدة القابلة للتطبيق بشكل متزايد - الحرب الجوية - فعالة من حيث التكلفة ولا عملية". وخلص التحليل إلى القول "لكن الولايات المتحدة ليس لديها أساليب حرب بديلة تعتمد عليها، مما يعني أن أيامها كقوة عسكرية مهيمنة ربما تقترب من نهايتها. لفهم مدى ضخامة الفوضى التي تحولت إليها الحرب الجوية ضد الحوثيين، من المهم فهم قاعدة أساسية للغاية للمخزونات العسكرية الأمريكية. في حين أن أمريكا تمتلك نظريًا 11 حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، وهو رقمٌ هائلٌ يفوق بكثير أي دولة أخرى في العالم، إلا أن هذا العدد الإجمالي لا يُذكر عمليًا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store