logo
لهجاتنا ليست دخيلة

لهجاتنا ليست دخيلة

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام

في موسم الحج الحالي، الناجح، كل النجاح، لفت انتباهي مع مقابلات الحجيج، تنوع الأعراق والألوان... واللسان.
عند تعددية الألسنة، هذه، ندلف إلى رحاب التاريخ لنقف عند قصة تكوين الحضارة الإسلامية، من باب كاشغر شرقاً إلى مياه بحر الظلمات في الأطلنطي.
عشرات الألسنة استوعبت الإسلام واستوعبها الإسلام على مدى قرون.
غير أني أريد التأمل في معنى ثراء الألسنة وتنوعها، داخل جزيرتنا العربية، وهي كلها من اللسان العربي وليست دخيلة عليه... وهذه مسألة مهمة جدّ مهمة.
جرير اليربوعي التميمي، من أفحل شعراء صدر الإسلام، وأعذبهم، كان من أهل إقليم «الوشم» بنجد، قال؛
‏وإنّي لعفّ الفقر مشترك الغِنى
‏سريع إذا لم أرض داري انتقاليا
‏وليس لسيفي في العظام بقية
‏وللسيف (أشوى) وقعةً من لِسانيا
كلمة «أشوى» كلمة يظن كثر أنها كلمة عامية مولدة، لكن الدهشة ستصيبهم وهم يسمعون جريراً يقولها بنفس المعنى والمبنى.
معجم ضخم ألفه العلامة السعودي، محمد العبودي، في 13 مجلداً، بعنوان «معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة» جاء، كما قالت نبذة مكتبة الملك عبد العزيز العامة التي نشرت العمل، نتيجة جهد كبير قام به المؤلف، استطاع فيه أن يجمع فيه الألفاظ والكلمات التي كان أسلاف العرب القدماء يستعملونها في لغتهم المتداولة حينذاك، في أشعارهم وأمثالهم وكافة مناحي حياتهم، ثم استمر استعمال تلك الكلمات والألفاظ على مرّ القرون الماضية، حتى وصلت إلينا.
قبل أيام كشف مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية لـ«العربية.نت» أن المرحلة الأولى من مشروع «مدونة أصوات» ستوثق 52 لهجة محلية من مختلف مناطق السعودية.
ستحافظ المدونة- كما جاء في الخبر -على اللهجات السعودية، ويمتد أثر المشروع إلى إمكانية دمج البيانات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل التعرّف على الصوت والترجمة الآنية، ما يسهل التواصل ويعزز فهم اللهجات المستعملة في الحياة اليومية.
المدونة تسعى - كما أعلنوا - إلى رفع الوعي الشعبي بالتنوع اللهجي وتعزيز ارتباط الأجيال الجديدة بلهجاتها المحلية إلى جانب العربية الفصحى.
ترى هل لغة المسلسلات التاريخية المصرية والسورية حتى لغة الفصاحة هي (فقط) اللون الوحيد من اللغة العربية؟!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«القشّة الأخيرة»... دراما تُجسّد ثقل الأمومة حين تتكاثف الضغوط
«القشّة الأخيرة»... دراما تُجسّد ثقل الأمومة حين تتكاثف الضغوط

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

«القشّة الأخيرة»... دراما تُجسّد ثقل الأمومة حين تتكاثف الضغوط

يصف المثل الشهير «القشة التي قصمت ظهر البعير» فعلاً بسيطاً يتسبب بأمر كبير غير متوقع، وهو ما حدث في فيلم Straw (القشّة الأخيرة) الذي يتصدّر حالياً قائمة Top 10 العالمية على نتفليكس ضمن فئة الأفلام الإنجليزية، مسجّلاً أكثر من 25.3 مليون مشاهدة، وفي السعودية يأتي ضمن المرتبة الأولى في قائمة الأفلام الأعلى مشاهدة على المنصة، وذلك خلال الأسبوع الأول من عرضه. الفيلم هو من تأليف وإخراج تايلر بيري، وتجسّد تراجي بي هينسون دور البطولة عبر شخصية «جنايا ويلكنسون»، المرأة التي تفقد منزلها ووظيفتها وسيارتها في يوم واحد، وتواجه اتهامات بإهمال ابنتها ذات الثمانية أعوام، لتنهار وتدخل في حالة ذهنية متوترة تضعها في مواجهة الشرطة داخل أحد المصارف، وبينما يبدو المشهد في البداية مألوفاً، يتكشف لاحقاً أن ما يحدث لها ما هو إلا انعكاس لحالة نفسية قاسية تعيشها الأم، بعد وفاة طفلتها بشكل مأساوي. ووفقاً لأصداء الفيلم في شبكات التواصل الاجتماعي، يرى غالبية الجمهور أن أداء تراجي كان أقوى من النص، مع براعتها في تقديم هذه الشخصية التي تتأرجح ما بين الذهان والحسرة والندم، في الفيلم الذي يجبر الجمهور على التعاطف معها، خاصة أنه يلامس تجارب واقعية لنساء من فئة الأمهات العازبات اللاتي يعشن التهميش والإرهاق النفسي، في دراما تدور حول يوم كارثي في حياة أم عزباء. يحاول المخرج والكاتب تايلر بيري توجيه أنظار الجمهور نحو التعاطف والاحتواء في دعم الآخرين (نتفليكس) الفيلم يُظهر كيف يمكن للعطف والتفهّم أن يكونا أقوى من المواجهة المسلحة، من خلال العلاقة التي تشكلت بين «جنايا» ومديرة المصرف (شيري شيبرد)، وكذلك مع المُحققة (تيانا تايلور)، حيث حاولتا إنقاذها من الورطة التي وقعت بها حين رفعت السلاح داخل المصرف، في محاولة لاحتواء الألم الذي تعيشه البطلة في أصعب لحظات حياتها، وبعيداً عن تهديدات رجال الأمن الذي أحاطوا بالمكان، وكانوا يطلبون منها الاستسلام. ووسط حوارات الفيلم الذي يركز على مجتمع السود، يلمح المشاهد الخطاب غير المباشر لما يظهره الفيلم من التمييز في التعامل مع المرأة السوداء الفقيرة، التي دخلت المصرف في حالة توتر وغضب، لتطلب صرف راتبها البسيط البالغ 521 دولاراً، ثم تم التعامل معها مباشرة على أنها تهديد أمني خطير، في مقابل التلميح بأن المجتمع يغفر ويتفهم ظروف الآخرين حين يكونون من خلفية اجتماعية وعرقية مختلفة. يقول الكاتب والمخرج تايلر بيري في حوار نشرته «نتفليكس»: «يُمثل الفيلم 3 فئات مختلفة من النساء السود، في مراحل مختلفة من النجاح، لكنهن جميعاً قادرات على التعاطف مع بعضهن البعض». وعن شخصية «جنايا» يقول: «هي تحاول فقط البقاء على قيد الحياة، وأن تكون أماً عظيمة لابنتها، لكن وضعتها ظروف الحياة في هذا الموقف، وهذا حال الكثيرات من حول العالم، سواء كنّ من ذوات البشرة السوداء أم لا، إلا أنهن سيتمكنّ من التعاطف مع شعور المرء بأنه على حافة الانهيار». يتطرق الفيلم إلى غياب الدعم النفسي وتحديات الصحة العقلية التي تواجه الكثير من الأمهات العازبات في العصر الحديث (نتفليكس) يتطرق الفيلم إلى عدد من المواضيع الجدلية، أبرزها مدى الهشاشة النفسية للأمهات العازبات، حيث يلقي الضوء على الضغط اليومي الذي تعانيه الأمهات اللواتي يتحملن المسؤوليات وحدهن، وكيف يمكن أن يقود التراكم النفسي إلى الانهيار الكامل، دون أن يلاحظ أحد، وهو ما قدمته الأم «جنايا» التي كانت نموذجاً للانفجار الصامت في الفيلم، على خلاف مديرة المصرف التي جسدت دور الأم السعيدة في حياتها. كما يتناول تهميش الفقراء في النظام الاجتماعي، فمنذ المشهد الأول يلمح المشاهد تركيز القصة على صعوبة البقاء ضمن طبقة فقيرة تعيش على الحافة، بما يشمله ذلك من الطرد من السكن، وفقدان الوظيفة بسهولة، وغياب أي شبكة دعم أو رحمة في الأنظمة الرسمية المتبعة حالياً في أميركا ودول أخرى، حيث يُدين الفيلم فكرة التعامل مع الإنسان كمجرد رقم، لا ككائن له ظروفه. وواحدة من أبرز المفاجآت في الفيلم هي كشفه التدريجي لحالة «جنايا» النفسية، والتي اتضح أنها تعاني من ذهان وفقدان للواقع بعد وفاة ابنتها، ومن هنا يُصدم الجمهور في نهاية الفيلم الذي لا يُعامل المرض النفسي بوصفه عرضاً جانبياً، بل كأزمة مركزية، ويُظهر كيف أن غياب الدعم والرعاية النفسية قد يُنتج مأساة جماعية، حين كان يومها يتفاقم من سيئ إلى أسوأ، في عالم لم يكترث لوجودها إلا حين أشهرت السلاح بشكل غير مقصود. ورغم كثرة المبالغات في فيلم «القشّة الأخيرة» فإنه استطاع توجيه أنظار الجمهور نحو فئة من الأمهات غير المرئيات، وهن اللاتي قد يصادفهن في الطريق ولا يفهم دواعي الغضب والقهر المشتعل داخلهن، كما حاول المخرج أن يضاعف من اندماج الجمهور مع هذه الحالة من خلال مشهد خروج الناس للتظاهر لصالح «جنايا»، بعد أن عرفوا قصتها في الإعلام، حيث حملوا لافتات داعمة وتوجهوا نحو المصرف منادين باسمها، وهو ما جعل الشرطة تتراجع عن استخدام القوة، وهو ما يُؤكد أن تعاطف الناس قد يكون سبيلاً لنجاةِ من هم في ظروف صعبة.

خاص لـ"هي": الناقدة السعودية رحاب الغذامي... تقرأ الصورة وتوثق مساحة الفنانين
خاص لـ"هي": الناقدة السعودية رحاب الغذامي... تقرأ الصورة وتوثق مساحة الفنانين

مجلة هي

timeمنذ 4 ساعات

  • مجلة هي

خاص لـ"هي": الناقدة السعودية رحاب الغذامي... تقرأ الصورة وتوثق مساحة الفنانين

حين يكون الفن جزءاً من النشأة، والنقد امتداداً للتجربة، تتكوّن علاقة لا تُصنَّف، هذا ما يتجلّى في مسيرة رحاب عبدالله الغذامي التي لا تضع حدوداً فاصلة بين النظرية والممارسة؛ فهي الفنانة التي تنظر إلى اللوحة بعين الناقد، والناقدة التي تعي أن كل فراغ لوني يحمل معنى. في هذا الحوار، تكشف الأستاذة المشاركة في الفنون البصرية والفنانة والناقدة السعودية رحاب عبدالله الغذامي عن جذورها العائلية التي صاغت علاقتها بالفن، وتستعرض تحولات المشهد النقدي في المملكة، وتفكك مشروعها التوثيقي 'رحلة تصويرية عبر المملكة' الذي يعيد صياغة العلاقة بين الفنان ومكانه، بين الصورة والنص، وبين الذاكرة والهوية. رحاب من الفن... وبصيرة تتفتح في البيت بنبرة مليئة بالفخر تفتتح الغذامي حديثها قائلة: "أنا رحاب، ابنة رجل عظيم اسمه عبد الله الغذامي، وامرأة مميزة اسمها فوزية الحميدي. بعدها أستطيع أن أقول بأنني مبدعة، باحثة، محبة للفن بكل صيغه التعبيرية... أرى نفسي فنانة، والنقد جزء مني." هذا الارتباط المبكر انعكس على اختياراتها لاحقاً، بدءاً من قرار دراسة الفنون في المرحلة الجامعية، ووصولاً إلى اشتغالها الطويل على مفاهيم التذوق الجمالي والنقد الفني. وتتذكر تحديداً لحظة تفاعل والدها مع هذا القرار: "حين اتخذت قرار دراسة الفن بالمرحلة الجامعية تلقى والدي الخبر بهذه الجملة: الحمد لله لقد تحققت أمنيتي بأن تكون إحدى بناتي فنانة تشكيلية." رحاب الغذامي لـ"هي": "أستطيع أن أقول بأنني مبدعة، باحثة، محبة للفن بكل صيغه التعبيرية... أرى نفسي فنانة، والنقد جزء مني." النقد في السعودية: من الإخبار إلى الوعي ترى الغذامي أن العقد الأخير في المملكة حمل تحوّلات واضحة في الخطاب النقدي المحلي. ليس فقط من حيث الكم، بل من حيث طبيعة الأسئلة المطروحة، وانفتاح النقاش بين الفنان والمتلقي. وتقول: "يشهد النقد الفني في المملكة العربية السعودية تحولاً ملحوظاً في العشر سنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى تزايد أعداد الدراسات والبحوث والكتابات في المجال الفني، والتي فتحت المجال للحوار النقدي بين الفنان والمتلقي والعمل الفني." لكنها في الوقت ذاته لا تتغافل عن الفجوة: "الحراك الفني أسرع من أدوات تحليله، وعدد النقاد أقل بكثير من عدد الأعمال المعروضة: "مازال نصيب النقد الفني ضعيفاً أمام الحراك الفني الضخم الذي تشهده المملكة الآن، فالأقلام أقل عدداً من فرش الألوان!" أما التحدي الحقيقي من وجهة نظرها فلا يرتبط بالبنية المؤسسية أو غياب المنصات، بل بشيء أكثر جوهرية: "الشجاعة. الشجاعة هي التحدي الذي كان ومازال حتى الآن، وهي تقوم على إظهار قوة العقل وإبداء الرأي بكل وضوح وصراحة، فهي السبيل الوحيد للنمو والتطور، فالشجاعة وحدها هي ما يعطي النقد قيمته." وتضيف: "وصوت النقد لا يحتاج إلى منصات متخصصة ليصل إلى الجمهور ويحقق أهدافه، سيجد طريقه إلى الوصول طالما هناك آذان صاغية وعقل يسمع. أما بقية الأمور كطريقة الكتابة وفن الإقناع وقوة الحجة والبصيرة والقدرة على التحليل والربط، فهي مهارات وعلوم إذا لم يمتلكها الناقد فلن يصبح ناقداً، وليس كل من أمسك قلماً اسميناه ناقداً، كما هو حال الفن: ليس كل من أمسك فرشاة أصبح فناناً." الناقد اليوم: مرافق للوعي لا وسيط للشرح في ظل التحولات الثقافية التي تشهدها السعودية، تؤمن الغذامي أن دور الناقد تغيّر. لم يعد وسيطاً يشرح العمل الفني للمتلقي، بل مرافقاً يعينه على رؤيته. الهدف ليس التفكيك الأكاديمي، بل بناء وعي بصري يتيح لكل فرد أن يرى، ويشعر، ويفهم. توضح ذلك قائلة: "الناقد هو العدسة التي يرى المتلقي من خلالها، وليس العقل الذي يفكر عنه.. وهذا هو الهدف السامي الذي يسعى الناقد المعاصر لتحقيقه الآن، بأن يجعل متلقي الفن قادراً على الاستمتاع به قبل فهمه، وقادراً على وضع المعاني التي يراها ويشعر بها قبل أن يسأل عنها، وقادراً على التمييز بين الفن من غيره، وبذلك يكون قد وصل إلى نهاية الرحلة وهي الوعي بالفن وتقديره." في الكتاب، يوثّق كل من الغذامي والشهري المساحات الخاصة لفنانين سعوديين، لكن المسألة أبعد من مجرد توثيق. عن الكتاب: "رحلة تصويرية عبر المملكة" من هذا المنطلق جاء مشروعها المشترك مع المصوّر عبدالله الشهري، كتاب "رحلة تصويرية عبر المملكة – فنانون ومساحاتهم". المشروع لا يكتفي بتوثيق بصري لمساحات الفنانين، بل يحاول قراءة هذه المساحات بوصفها امتداداً لهويتهم. توضح فكرة الكتاب قائلة: "أتت فكرة الكتاب حينما طرح الفنان والمصور الفوتوغرافي عبد الله الشهري تساؤلات متعددة حول رواد الفن التشكيلي السعودي: من هم؟ وما هي أشكالهم؟ وأين هم الآن؟ وهو ما قاده إلى إجراء دراسة استكشافية محاولاً من خلالها الدخول إلى عالمهم واكتشاف مواطن إبداعهم، ليخلص إلى إنتاج صورة حيّة تعكس هوية الفنان الفنية داخل مساحته، ويكون بذلك قد ساهم في نقل التاريخ الفني إلى أجيال المستقبل." ومن هنا بدأت تساؤلات رحاب: "هل يمكن ترجمة هذه الصور؟ هل يمكن تحليل أعمال الفنانين لاكتشاف هويتهم الفنية المختبئة داخلها؟ وأن أقدم نصّاً علمياً يُعدُّ صورة مكتوبة من صاحبها يوازي بثقل معانيه حجم هذه الصورة." المساحة الخاصة: مرآة الشعور في الكتاب، يوثّق كل من الغذامي والشهري المساحات الخاصة لفنانين سعوديين. لكن المسألة أبعد من مجرد توثيق. تقول رحاب: "هي قصة حياة، وكان لا بد من الدخول إلى عالمهم لفهم أفكارهم وحياتهم الاجتماعية والكشف عن مدى انعكاسها على أعمالهم التي عرفوا من خلالها. هذه المساحة تشكل منطقة الراحة لدى الفنان، والمتصفح لصور الكتاب سيرى تنوع وتعدد المساحات واختلافها، إلا أنها تشترك بسمه واحدة وهي شعور الفنان. قد نراها مساحة، ولكنها بالأصل شعور بداخل الفنان وانعكس على المكان مبتكراً إياه من جديد." أتت فكرة الكتاب حينما طرح الفنان والمصور الفوتوغرافي عبد الله الشهري تساؤلات متعددة حول رواد الفن التشكيلي السعودي الصورة والنص: خطاب بصري مزدوج لم يكن الهدف من الكتاب مجرد التوثيق البصري، بل تمرير خطاب نقدي بصري يعيد تأطير علاقة الفنان بمحيطه. وتشرح: "كانت الفكرة أن نقدم نصين مكملين لبعضهما: الأول متمثلاً بالصورة التي تعكس هوية الفنان، والثاني متمثلاً بالكلمة، وهي كتابة سيرة ذاتية مثيرة وملهمة تجعل القارئ يعيد القراءة، ويخرج في كل مرةٍ بمعانٍ جديدة تختلف عن تلك المعاني التي خلص إليها في القراءة التي تسبقها. وفي كل جملة يقرأها، يحاول أن يبحث عنها ويطابقها مع ما يراه في الصورة." تجربة قابلة للتكرار؟ تختم رحاب بالقول: "من الصورة الخام إلى الصورة الحية، ومن الكتابة التاريخية السردية إلى الكتابة التحليلية النقدية، أرى بأن هذا الكتاب هو تجربة مختلفة تعد بمثابة النافذة التي ستفتح الطريق أمام الباحثين لإجراء تجارب مماثلة تهدف إلى حفظ الإرث الثقافي ونقله بصورة معاصرة لأجيال المستقبل." رحاب الغذامي لا تكتب من مسافة، بل من الداخل. لا تحاكم المشهد، بل تشاركه. وفي هذا الاشتباك اليومي بين الفكر والإحساس، بين النص والفرشاة، يتكوّن مشروعها: بناء ذائقة بصرية سعودية واعية، تنتمي لزمانها ومكانها، وترى في الفن أكثر من مجرد ممارسة... بل امتداداً للهوية.

الروائيون أشبه بـمن يحمي الأرض من التصحّر..إشراف بن مراد: المملكة كشفت أهمية الثقافة وصناعة الإنسان
الروائيون أشبه بـمن يحمي الأرض من التصحّر..إشراف بن مراد: المملكة كشفت أهمية الثقافة وصناعة الإنسان

الرياض

timeمنذ 9 ساعات

  • الرياض

الروائيون أشبه بـمن يحمي الأرض من التصحّر..إشراف بن مراد: المملكة كشفت أهمية الثقافة وصناعة الإنسان

أدب الطفل.. جسرٌ نحو ذاتي قبل أن يكون جسراً نحو الطفل تؤكد الروائية التونسية إشراف بن مراد، التي صدر لها عدد من الكتب في أدب الطفل والتربية وقد فازت مؤخرة راويتها «حلم نور» بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل 2025 أن المشهد الثقافي السعودي يشهد تحولًا كبيرًا ومتسارعًا في السنوات الأخيرة، خاصة منذ انطلاق رؤية السعودية 2030، التي عبّرت بوضوح عن التوجه نحو دعم الثقافة والفنون كجزء أساسي من عملية التحول الوطني. وعن فوزها بالجائزة تقول: لقد كانت الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل في دورتها السادسة عشرة 2025 بالنسبة إليّ أكثر من مجرّد جائزة. فهي، إلى جانب قيمتها الأدبية الرفيعة والمادية، تحمل قيمة نفسية عميقة. أعتبر فوزي بهذه الجائزة محطة فارقة في مسيرتي الإبداعية. لقد شعرت أن ما أكتبه أصبح معترَفاً به من طرف جائزة ذات مصداقية عالية، سواء من حيث ما تنتجه من أعمال مميزة، أو من حيث أسماء الكتّاب الكبار الذين مرّوا بها فائزين أو محكّمين، من تونس ومن العالم العربي. وعن اختيارها أدب الطفل تقول إشراف: لم أختر أدب الطفل بقرارٍ واعٍ أو مسبق، فقد كنت آنذاك منشغلة بحياتي العائلية والمهنية، منشغلة بتفاصيل الأمومة والعمل اليومي. ولهذا، يمكنني القول إنَّ أدب الطفل هو من اختارني، وأن الأمومة كانت النافذة الأولى التي انفتحت منها على هذا العالم الساحر. الكتابة أعادتني أيضًا إلى طفولتي أنا: إلى حكايات جدتي، إلى تلك اللحظات البريئة، إلى الطفل الذي كنتُه يومًا وما زال يسكنني. ومن خلال هذا الرجوع، وجدت في الكتابة للطفل، أو لليافع، سلامًا داخليًا ناعمًا، ساعدني كثيرًا على تجاوز ضغوط الحياة ومخاوفها. وتؤكد الروائية إشراف بن مراد: أن أدب الطفل بالنسبة لها: هو جسرٌ نحو ذاتي قبل أن يكون جسرًا نحو الطفل، وهو أيضًا معبر بين الواقع والمأمول، بين عوالم الكبار وعوالم الصغار. أراه فعلًا نضاليًا ناعمًا وذكيًا، يحمل في جوهره مقاومة صامتة، لكنه نشِط في عمقه، هدفه حماية عقل الطفل من التلقين، ومن سطوة الشاشات، ومن تسلل الأفكار الخادعة التي تُخدّر خياله وتطفئ شعلة التساؤل فيه. الكاتب في أدب الطفل، كما أراه، هو أشبه بـمُزارع حكيم، لا يكتفي ببذر الكلمات، بل يحمي الأرض من التصحّر، ويرويها بالمعنى حتى تبقى خضراء، خصبة، وواعدة بالحياة. هذا الأدب هو أيضًا أداة لتعزيز الهوية بكل طبقاتها: اللغوية، الثقافية، التاريخية، والوجدانية. إنه مشروع ثقافي طويل النفس، لا يسعى إلى صناعة قارئ فحسب، بل إلى صناعة إنسان: طفل يمتلك أدوات الوعي، والذوق، والانتماء، والتأمل.. وفي كلمة واحدة، أقول إن أدب الطفل هو تربية للغد. وعن الرواية الفائزة تقول إشراف: «حلم نور» هو عنوان الرواية التي شاركتُ بها في الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل ضمن الدورة 16، والتي نلتُ بها المركز الأول. هي رواية تخييليّة في ظاهرها، لكنها عميقة في رموزها وأبعادها الإنسانية. بطلتها «نور» هي طفلة من أطفال القمر، تواجه تحديات جسيمة على مستوى علاقاتها الاجتماعية داخل محيطها المدرسي، وأيضًا على مستوى علاقتها بذاتها. هي طفلة تحلم باللعب والحرية والانطلاق، لكنها تجد نفسها مكبّلة بتحذيرات مستمرة تُفرَض عليها باسم الخوف والحذر والحرص على سلامتها، مما يجعلها تعيش بين الرغبة في الحياة والخشية منها. تأخذ الرواية القارئ من هذا الواقع المقيّد إلى عالم تخييلي رحب، حين تتعرف نور على صديقتها القمرية لالا، التي تصحبها في رحلة إلى القمر. هناك، تكتشف نور عالمًا متقدمًا ومختلفًا، وتفهم العلاقة العميقة بين القمر والأرض، وتُدرك تأثير التلوث وعقلية الإنسان المدمّرة على البيئة وعلى الأرض والحياة، كما تتأمل في عبثية الحروب ونتائجها. ورغم سحر القمر وتقدّمه، إلا أن الحنين إلى الأرض سرعان ما يتسلل إلى قلبها. تشتاق إلى بيتها، إلى عائلتها، إلى كوكبها، وتفهم أن الانتماء لا يُقاس براحة الجسد فقط، بل بدفء الروح وحنين القلب. قدّمتُ هذه الرحلة في الرواية على شكل حلمٍ تختلط فيه حدود الواقع بالخيال، في دعوة واضحة إلى التأمل في قيمة الحلم وأثره في تشكيل الواقع. الرواية جاءت مزجًا بين الحلم والفن والهوية والانتماء، وربطت الخيال بالحاجة إلى إعادة النظر في واقع أطفال القمر، وما يواجهونه من تحديات نفسية واجتماعية وصحية. وفيما يخص رؤيتها عن مستقبل أدب الطفل تقول إشراف: أنا بطبعي متفائلة، وأؤمن بأن هناك وعيًا متزايدًا بقيمة أدب الطفل، ورغبةً حقيقية في النهوض به وتطويره. لكن نجاحنا في هذا المسار لا يُقاس بالنوايا وحدها، بل بمدى التزامنا وجديتنا في صناعة قارئ عربي جديد، قادر على الفهم، والتساؤل، والإبداع. نحن نعيش مرحلة متغيرة بعمق، تفرض علينا أن نُعيد النظر في ما نقدمه للطفل. فالعالم يتطور بسرعة، ومعه تتبدّل أدوات المعرفة، وطرق التعبير. وعن تطور المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية: مما لا شكّ فيه أن المشهد الثقافي السعودي يشهد تحولًا كبيرًا ومتسارعًا في السنوات الأخيرة، خاصة منذ انطلاق رؤية السعودية 2030، التي عبّرت بوضوح عن التوجه نحو دعم الثقافة والفنون كجزء أساسي من عملية التحول الوطني. ويتجلى هذا التوجه في إنشاء وزارة الثقافة عام 2018، وإطلاق عدد من الهيئات المتخصصة مثل هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المتاحف وغيرها. وقد انعكس هذا الدعم بشكل مباشر على الإنتاج الثقافي، حيث شهدنا تطورًا ملحوظًا في الرواية والسينما والمسرح والموسيقى، إلى جانب ازدهار المواهب المحلية من خلال برامج تدريبية، ومنح، ومسابقات متنوعة. أما على صعيد النشر، فقد برزت دور نشر سعودية جديدة أسهمت في إثراء المحتوى العربي، وأصبح معرض الرياض الدولي للكتاب وكذلك معرض جدة الدولي للكتاب من أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة. كما أصبحنا نلاحظ انخراطاً متزايداً للمرأة السعودية في مختلف مجالات الإبداع، من الكتابة والإخراج السينمائي إلى الفنون التشكيلية والنشر، إلى جانب دور فاعل للشباب من الجنسين في تشكيل المشهد الثقافي الجديد. وما يميز هذا التحول أنه يجمع بين الحفاظ على التراث والانفتاح على الحداثة، في توازن يعبّر عن هوية سعودية متجددة. ويمكن القول إن المملكة اليوم تُعيد رسم ملامح هويتها الثقافية، وهذا يكشف عن وعي كبير بأهمية الثقافة في بناء المجتمعات. وإذا استمر هذا الزخم الثقافي الذي يبدو جلياً للمتلقي السعودي والعربي، فإن السعودية تؤكد خطواتها باتجاه التحول إلى مركز ثقافي مؤثر في العالم العربي خلال السنوات المقبلة. وتختم الروائية التونسية إشراف بن مراد بأمنية: أرجو من الحكومات العربية أن تدعم أدب الطفل ليس فقط بالتمويل، بل عبر سياسات توزيع فعالة ونافذة، ودعم النشر، وتوفير الكتب في المدارس والمكتبات العامة، وتشجيع المبادرات المسرحية والسمعية والبصرية المرتبطة بهذا الأدب. فالطفل القارئ اليوم هو المواطن الواعي غدًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store