logo
لماذا يمارس العلمانيون العرب الاستعلاء؟

لماذا يمارس العلمانيون العرب الاستعلاء؟

الجزيرة٠٨-٠٥-٢٠٢٥

بنبرة طافحة بالاستعلائية والشعور بالتفوق، تخرج علينا أحزاب وشخصيات علمانية، من مدارس قومية ويسارية وليبرالية، بمقالات، تسخر فيها من قدرة (أو بالأحرى لا قدرة) الأحزاب الدينية على ممارسة السياسة والحكم في بلداننا، لكأنها من حيث تدري (أو لا تدري)، تُزكي نفسها للحكم، أو لمعاودة الحكم، وتقدم أوراق اعتماد لا جديد فيها سوى الرهان على فشل الآخرين.
حسنًا، لسنا نجادل بشأن أهلية الأحزاب الدينية لممارسة الحكم والسياسة في دولنا ومجتمعاتنا، فإن نحن دخلنا من باب تسجيل المثالب والعيوب، فلن يبقى متسع في هذه المقالة، لقول شيء آخر.. وكاتب هذه السطور ليس من أنصار "الدولة الثيوقراطية"، بعد الإخفاق المتكرر لتجارب حكم الإسلاميين، في عدد من الدول العربية والإسلامية خلال العقدين الأخيرين على أقل تقدير.
لكن ذلك، لم يمنعنا من قبل، ولا يمنعنا اليوم، من طرح السؤال البدَهَي وهو: هل لهذه الاستعلائية والإحساس بالتفوق ما يبررهما في تجارب أحزابنا "العلمانية" على اختلاف مدارسها، إن في ممارسة الحكم أو حتى في أثناء الجلوس على مقاعد المعارضة؟
وبفرض أن تجارب حكم العلمانيين في السابق قد أخفقت، وأن ثمة إقرارًا بالفشل المتكرر من عاصمة إلى عاصمة، هل ثمة ما يشي بأن "القوم" قد تعلموا الدرس، وأجروا ما يتوجب عليهم من مراجعات واستخلاصات؟ هل هم اليوم في وضع أفضل مما كانوا عليه طوال العقود الستة أو السبعة الفائتة، حتى يصبح ممكنًا الرهان بأن عودتهم للحكم ستأتي بالخير العميم والمقيم لشعوب هذه المنطقة وبلدانها؟
في تجارب العلاقة بين إسلاميي المنطقة وعلمانييها، ثمة لعبة "تلاوم" مستمرة، وتراشق بالاتهامات المتبادلة، لا تنقطع، ينخرط فيها الطرفان بذات القوة والحماسة، ودائمًا بهدف تفادي ممارسة "النقد الذاتي"، فمن الأسهل لقادة هذه التيارات والأحزاب ومفكريها، إشهار "سلاح النقد" في وجه الخصوم والمجادلين، وإبقاء سيف "النقد الذاتي" في غِمده.
رأينا إسلاميين لا يتورعون عن تكفير العلمانيين وتخوينهم، ورأينا يساريين وقوميين وليبراليين، لا ينفكون عن اتهام الإسلاميين بالجهالة و"الدروشة" و"التخلف"، وأحيانًا بخدمة أجندات استعمارية، عن قصد أو من دونه.
ومن أسفٍ، فإن التنابذ بالاتهامات وتجنب ممارسة "النقد الذاتي"، لم يكن سمة مميزة للعلاقة بين إسلاميي المنطقة وعلمانييها فحسب، فداخل كل معسكر من المعسكرين، نرى أقدارًا متفاوتة من "الاتهام" و"الإلغاء"، إذ حتى داخل الفريق الواحد، رأينا أمرًا كهذا.
فالعلاقة بين اليسار والقوميين، تلطخت بدماء بعضهم البعض في غير ساحة، وفُتحت السجون لاستقبال المئات والألوف من قادةٍ ونشطاء عندما كانت الغلبة لصالح هذا الفريق أو ذاك، ولولا محاولات شكلية متواضعة التأثير، كالمؤتمرات القومية ومؤتمرات الأحزاب العربية، لقلنا إن الصراع وليس التعاون، هو السمة البارزة لتاريخ العلاقة بين هذين المكونين.
داخل المعسكر الواحد، لم تكن العلاقة بين حركة القوميين والناصريين وحزب البعث، علاقة تكامل وتعاون، برغم الخلفية الفكرية المتقاربة بين هذه المدارس الثلاث. وداخل صفوف البعث نفسه، كان "التآمر المتبادل" هو السمة التي طبعت العلاقة بين حكمي البعث في بغداد ودمشق.
أما اليسار فلم تستقر العلاقة بين أطرافه التقليدية "الأحزاب الشيوعية"، و"اليسار المقاوم"، إلا بعد مسار من التحولات قادتها الجبهتان الشعبية والديمقراطية صوب ماركسية – سوفياتية، وأخرى قادها الحزب الشيوعي اللبناني أواخر سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الفائت، نحو "شيوعية" متلاقية مع مندرجات المقاومة والتحرر الوطني.
الإسلاميون بدورهم واجهوا ما واجهوا، من صراعات بين جناحي الإسلام السياسي السنّي والشيعي، وداخل المدرسة السنيّة، بين سلفية وإخوانية وغيرهما، وداخل المدرسة الإخوانية، بين تيار حداثوي أقرب للإسلام التركي، وآخر أصولي، أكثر تشددًا وانغلاقًا، وعبرت هذه الخلافات عن نفسها بانشقاقات متتالية، وعمليات نزف أخرجت كثرة من القادة والمفكرين الإسلاميين من صفوف حاضنتهم الأم.
أما العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين، فكانت شهدت نوعًا من التناغم في العقد الأول من القرن الحالي، بالذات بعد موجة المبادرات والمشاريع الإصلاحية التي أطلقتها الجماعات الإخوانية في منتصفه، والتي قرّبتها بدرجة كبيرة من خطاب الحركات اليسارية والقومية، لكن عقد الربيع العربي، واصطفاف كل فريق في معسكر مقابل الآخر، لا سيما بعد انتقال "شراراته" إلى سوريا، قد أعاد هذه العلاقة إلى مربع الصراع والصدام، وأفضى الخلاف، إلى تفكيك أو إضعاف "أطر تنسيقية" عدة، سبق أن نشأت في عشرية التعاون والتلاقي، تحت عنوان حفز الإصلاح والتغيير والدمقرطة في عالمنا العربي، بعد عقود من الركود.
الخلاصة الأولى: ليس الانقسام بين إسلاميين وعلمانيين بجديد، ولكنه يكتسب بعد كل التطورات التي أعقبت طوفان الأقصى، بعدًا جديدًا ومنحى مختلفًا.
والصراع ليس سمة العلاقة بين هذين المكونين فحسب، بل هو عابر لتيارات الفكر والسياسة في العالم العربي، وإذا كان سلاح النقد هو الأشد مضاءً في العلاقة بينها، إلا أن الغائب الأكبر عن حلبة السجال، هو "سلاح النقد الذاتي".
استعلائية بلا مبرر
يحتاج العلمانيون العرب، إلى ما هو أكثر وأبعد من مجرد محاولة "تجريد الإسلاميين من أهليتهم" لممارسة الحكم والسياسة، حتى يضمنوا قبول أوراق اعتمادهم الجديدة – القديمة. يحتاجون للبرهنة على أن تجاربهم في الحكم كانت "قصص نجاح"، أو على أقل تقدير، أن يثبتوا لجمهورهم وجمهور غيرهم من الأحزاب والتيارات، أنهم تعلموا من دروس الفشل والإخفاق.
هذا لم يحدث حتى الآن، أو لم يحدث بالقدر المقنع، بل ثمة مؤشرات، أن بعض قوى ورموز هذه التيارات، قد فقدت هويتها، وتماهت مع قوى الفساد والاستبداد، وتحولت إلى أدوات لتجميل الصور القبيحة لدكتاتوريات و"دول عميقة".
على هؤلاء ألا ينسوا، وأن يتذكروا صباح مساء، حقيقة أنه ما كان للإسلام السياسي على اختلاف مدارسه ومذاهبه، أن ينتشر على مساحة الخريطة المجتمعية العربية، لولا فشلهم هم. الفراغ الذي خلفته مدارس اليسار والقوميين في الحكم والمعارضة، ملأته قوتان لا ثالث لهما حتى الآن: "دول عميقة" و"حركات إسلامية"، أما "التيار الثالث" فظل في معظم، إن لم نقل جميع، دولنا، مجرد فكرةٍ أو حلمٍ، عصي على التحقيق.
هم يعرفون ذلك في قرارة أنفسهم، بيد أن المكابرة و"الكسل الفكري" ما زالا يحولان دون إقرارهم بذلك علنًا. فالهزيمة في 1967 لم تكن مجرد نكسة ناجمة عن قصور إجرائي يتحمل مسؤوليته هذا المسؤول أو ذاك، بل هو سياق لناصرية مشتبكة مع تيارات اليسار والإسلاميين (وحتى القوميين)، كان طبيعيًا أن تنتهي بـ"الساداتية" التي هي "ناصرية ما بعد النكسة" وامتداداتها.
والحركات القومية "المشرقية" لم تُخفق في إزالة آثار عدوان "سايكس- بيكو" فحسب، بل وجرّفت مجتمعاتنا وجوّفتها إلا من مؤسستين: الدين والقبيلة، فكان انفجار "الهويات القاتلة" نتاجًا طبيعيًا لمرحلة ما بعد صدام حسين في العراق، وما بعد آل الأسد في سوريا، وليبيا ما بعد القذافي.
وفي تجربته "اليتيمة" في الحكم، أخفق اليسار الاشتراكي (الماركسي) في جنوب اليمن في تقديم نموذج مغاير، فالحزب الاشتراكي اليمني، سليل "القوميين العرب"، وبعد أن لم يجد من يقاتله، قتّل نفسه وقادته وكوادره، وثورة الجنوب أكلت أبناءها تباعًا، تارة بحجة مواجهة الانحرافات اليمينية "قحطان" و"سالمين" و"علي عنتر"، وأخرى بحجة مواجهة اليسار "الرومانسي" وصولًا إلى مذبحة مدرسة الكادر، ودائمًا تحت شعار "الثورة والحزب يتقويان بالتخلص من العناصر المنحرفة والانتهازية والمتساقطة"!
ومقابل تآكل أو تلاشي أحزاب ملأت الأرض والفضاء، من ناصرية وبعثية وقومية، بدا اليسار في العقدين الفائتين تائهًا تمامًا. بعضه، ونكاية بالإسلام السياسي "الرجعي- المتخلف" (حسب وصفهم)، تلوّن بـ"البرتقالي"، وقبل على نفسه أن ينخرط في علاقة ذيلية- تبعية لأنظمة وحركات مستبدة، وبعضها مطعون في ولاءاته وتموضعاته وتحالفاته.
شيوعيون لبنانيون ساروا خلف سمير جعجع، عراقيون اصطفوا خلف أمراء الطوائف والمليشيات والأقوام، وباتوا يظهرون في خلفية صورهم، ومصريون تحولوا إلى جزء من ماكينة "الدولة العميقة" الدعائية، ويساريون عرب آخرون تماهوا أو كادوا يتماهون مع قوى وأنظمة، لا وظيفة لها سوى تأبيد حالة الاستلاب للهيمنة الغربية والإسرائيلية في المنطقة عمومًا.
آخرون، ممن احتفظوا بثوبهم "الأحمر"، وتحت شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المقاومة"، انخرطوا في علاقة "ذيلية- تبعية" أيضًا، ولكن مع حركات وجماعات الإسلام السياسي المسلحة، سنيّة أكانت أم شيعية، ولقد كنت شاهدًا على خطاب ألقاه قائد فلسطيني يساري راحل في طهران، ذات اجتماع لقوى المقاومة، استحضر فيه أقوالًا للإمام الخميني أكثر مما استخرج من مألوف قاموسه الثوري.
لم يتعلم هذا الفريق من دروس ما قبل النكسة، عندما رهن حركته الخاصة بنضج الحالة الناصرية، فترك أمر المبادرة في مقاومة الاحتلال لغيره، إلى أن صار مجرد فصيل في حركة وطنية، صبغتها "فتح" بطابعها وقيادتها وبرنامجها. سعى هذا الفريق في تقليد غيره واستعارة مفرداته، فكان كالغراب الذي حاول تقليد الحمامة، لا أتقن مشيتها ونسي مشيته.
اليوم، يستشعر فريق من العلمانيين، من يساريين وقوميين، أنه ما دام التيار الليبرالي العربي، لم تقم له قائمة بعد (حاضر اقتصاديًا وغائب سياسيًا وثقافيًا واجتماعيًا)، منذ أفول "النهضة والتنوير" في مفتتح القرن الفائت، فإن الوقت قد حان للانقضاض على خصم تاريخي، أصيب بضربات مميتة بفعل تداعيات الطوفان، وما أعقبها من تجدد حملات التطويق والشيطنة ومساعي الاستئصال التي تستهدف الإسلام السياسي والمسلح بكل مدارسه ومكوناته وكياناته.
يستشعر هذا الفريق، فائض قوة، ليست نابعة من قواعد اجتماعية كسبها وأعاد تنظيمها وتحشيدها، ولا من خطاب جرى تنقيحه ومراجعته وتطويره، فهو أضعف حتى من أن يجاهر بـ"علمانيته"، بل من رهانات داخلية على الدولة العميقة بأشكالها وصيغها وأدواتها المتفاوتة من حيث الشدّة واللين، ورهانات على "خارج" يستكلب في مطاردة المقاومات العربية وتجفيف حواضنها الشعبية، من دون تمييز بين من حمل السلاح أو من شاركه الفكرة والدعم والمناصرة.
والخلاصة الثانية: أن مشكلة هذا الفريق لا تكمن في أنه لم يتعلم من تجارب الآخرين، بل وفي أنه لم يتعلم من تجاربه الخاصة كذلك.
هو يقبل بأن يكون "مُستخدَمًا" في معركة ليست معركته، ويكتفي بما يقدم له من فتات المزايا والتسهيلات، التي إن كان لها من أثر، فهو تعميق حالة "التيه" التي ضربته ومن سبقه، بدل أن يضطلع بمسؤولياته التاريخية، في بلورة "قطب يساري" مستقل، برؤية جديدة وبرنامج جديد، وللحديث صلة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سوريا الجديدة: تحولات ما بعد العقوبات
سوريا الجديدة: تحولات ما بعد العقوبات

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

سوريا الجديدة: تحولات ما بعد العقوبات

تمثل مرحلة رفع العقوبات الأميركية عن سوريا -بعد سقوط النظام المخلوع وتسلّم الرئيس أحمد الشرع مقاليد الحكم- نقطة تحول محورية في تاريخ البلاد المعاصر. فهذا التطور لا يعكس مجرد تغيير في السياسة الخارجية الأميركية، بل يشير إلى اعتراف دولي بالتحولات العميقة التي شهدتها سوريا على المستويات؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. وتأتي هذه الخطوة في سياق إقليمي ودولي متغير، يتطلب فهمًا عميقًا لدلالاتها وتداعياتها المستقبلية. السياق التاريخي للعقوبات فُرضت العقوبات الأميركية على سوريا على مدى عقود طويلة، وتصاعدت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة من حكم النظام السابق. لم تكن هذه العقوبات مجرّد إجراءات اقتصادية، بل مثّلت أداة سياسية هدفت إلى عزل نظام اتُّهم بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتقويض الاستقرار الإقليمي. وقد شكلت هذه العقوبات جزءًا من منظومة ضغط دولية، استهدفت تغيير سلوك النظام السابق، لكنها أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد السوري والمواطنين العاديين. وبالتالي، فإن رفعها اليوم يمثل اعترافًا ضمنيًا بالتغيير الجذري في بنية النظام السياسي السوري. يحمل قرار رفع العقوبات دلالات سياسية عميقة، أبرزها الاعتراف الدولي بشرعية النظام الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع؛ فالولايات المتحدة، من خلال هذا القرار، تقدم إشارة واضحة بأنها ترى في سوريا الجديدة شريكًا محتملًا في المنطقة، وليس خصمًا يجب احتواؤه. كما يعكس هذا القرار تحولًا في الإستراتيجية الأميركية تجاه المنطقة، حيث تسعى واشنطن إلى إعادة ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط، وتعزيز العلاقات مع الدول التي تتبنى مسارات إصلاحية، وهذا يفتح المجال أمام سوريا للعودة إلى المشهد الإقليمي والدولي كفاعل مؤثر. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الانفتاح إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والدول الغربية، وإعادة فتح السفارات، وتنشيط قنوات التواصل السياسي، ما يسهم في كسر العزلة التي عانت منها البلاد لسنوات طويلة. التداعيات الاقتصادية المرتقبة تفتح هذه المرحلة الجديدة آفاقًا واسعة للاقتصاد السوري الذي عانى من الركود والانهيار خلال سنوات الصراع والعقوبات؛ فرفع العقوبات يعني إمكانية استئناف التعاملات المصرفية الدولية، وعودة الاستثمارات الأجنبية، وفتح الأسواق العالمية أمام المنتجات السورية. كما يتيح هذا التطور فرصة للحصول على قروض وتمويلات من المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لدعم برامج إعادة الإعمار، وتأهيل البنية التحتية المتضررة. ويمكن أن يسهم ذلك في خلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى المعيشة، وتخفيف معدلات الفقر المرتفعة. غير أن الاستفادة القصوى من هذه الفرص تتطلب إصلاحات هيكلية في الاقتصاد السوري، وتبنّي سياسات شفافة في إدارة الموارد، ومكافحة الفساد، وتحسين بيئة الأعمال لجذب المستثمرين. الانعكاسات الاجتماعية والإنسانية على المستوى الاجتماعي، يمكن أن يسهم رفع العقوبات في تحسين الأوضاع الإنسانية للمواطنين السوريين، من خلال توفير السلع الأساسية والأدوية، التي كانت شحيحة بسبب القيود المفروضة على الاستيراد. كما يمكن أن يساعد في تطوير قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية. ومن المتوقع أن يشجع هذا الانفتاح على عودة اللاجئين والمهجرين السوريين من دول الجوار وأوروبا، خاصة مع تحسن الظروف الأمنية والاقتصادية، وهذا يتطلب برامج وطنية لإعادة الإدماج، وتوفير السكن والعمل، وضمان المصالحة المجتمعية. كما يمكن أن يسهم الانفتاح في تعزيز دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، التي يمكنها الآن العمل بحرية أكبر وتلقي الدعم الدولي لبرامجها التنموية والإنسانية. التحديات والفرص المستقبلية رغم الإيجابيات المتوقعة، تواجه سوريا الجديدة تحديات كبيرة في مرحلة ما بعد العقوبات؛ فالبلاد بحاجة إلى إعادة بناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية، وتحقيق المصالحة الوطنية، ومعالجة إرث الانتهاكات السابقة من خلال آليات العدالة الانتقالية. كما أن إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة تتطلب موارد ضخمة وخططًا إستراتيجية طويلة المدى. وهناك تحدي إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، بعيدًا عن الاعتماد على قطاعات تقليدية محدودة. نجاح سوريا في استثمار هذه الفرصة التاريخية سيكون له انعكاسات إيجابية، ليس فقط على مستقبل البلاد، بل على استقرار المنطقة بأكملها غير أن هذه التحديات تقابلها فرص واعدة، خاصة مع الدعم الدولي المتوقع، والموقع الإستراتيجي لسوريا، وإمكانية الاستفادة من خبرات السوريين في المهجر. ويمكن لسوريا الجديدة أن تستثمر هذه الفرصة التاريخية لبناء نموذج تنموي مستدام، يقوم على المشاركة والشفافية والعدالة الاجتماعية. يمثل رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بداية مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، تحمل في طياتها آمالًا كبيرة وتحديات جسيمة. وتتطلب هذه المرحلة رؤية وطنية شاملة، وإرادة سياسية قوية، وتعاونًا دوليًا فاعلًا، لتحويل الانفتاح السياسي والاقتصادي إلى واقع ملموس يلمسه المواطن السوري في حياته اليومية. إن نجاح سوريا في استثمار هذه الفرصة التاريخية سيكون له انعكاسات إيجابية، ليس فقط على مستقبل البلاد، بل على استقرار المنطقة بأكملها. وتبقى المسؤولية مشتركة، بين القيادة السياسية الجديدة والمجتمع السوري والمجتمع الدولي، لضمان أن تكون هذه المرحلة بداية حقيقية لسوريا ديمقراطية مزدهرة ومستقرة.

أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان
أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

أولمرت: بن غفير وسموتريتش إرهابيان

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ، اليوم الخميس، وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش بأنهما "إرهابيان"، محمّلهما مسؤولية تدهور الوضع في إسرائيل داخليا وخارجيا. وقال أولمرت في تصريحات لإذاعة "103 إف إم" الإسرائيلية إن "السياسة التي يقودها إرهابيان هما بن غفير وسموتريتش تُسبب كارثة لإسرائيل، وستؤدي إلى عزلتها ونبذها من العالم أجمع". وردا على سؤال مباشر بشأن وصفه لهما بـ"الإرهابيين"، أجاب: "نعم بالتأكيد، إرهابيان". وانتقد أولمرت بشدة استمرار الحرب على قطاع غزة، قائلا: "هذه حرب بلا هدف وبلا أي أمل للنجاح، وإنما خداع وتباهٍ متعجرف لا أساس له". ودعا أولمرت إلى "وضع حد لتجاوزات الحكومة وغطرستها"، مشددا على أن إسرائيل تنجرف نحو الهاوية تحت قيادة حكومة "متطرفة وفاشية"، حسب تعبيره. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه الانتقادات داخل إسرائيل وخارجها ضد حكومة بنيامين نتنياهو، وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والتي خلفت أكثر من 175 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store