
ترامب: ستّة أشهر من الأزمات… ولا صفقات
بعد ستّة أشهر على عودته إلى البيت الأبيض، يجد دونالد ترامب نفسه محاطاً بأزمات تتصاعد على أكثر من جبهة، فيما تبدو وعوده الدبلوماسية الكبيرة أقرب إلى الأوهام منها إلى الإنجازات. وبدلاً من 'السلام من موقع القوّة' الذي تبنّاه شعاراً لسياسته الخارجية، تواجه إدارته واقعاً أكثر تعقيداً في أوكرانيا، وغزّة، وسوريا، ولبنان، يعكس تراجعاً في النفوذ الأميركي وتآكلاً في صورة صانع الصفقات.
منذ اليوم الأوّل لولايته، زعم ترامب أنّ بوسعه إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية خلال أيّام. لكن بعد نصف عام، لا تزال المعارك مشتعلة، والكرملين يرفض التزحزح عن مواقفه من دون ضمانات كبرى، مثل تخفيف العقوبات وتقليص الدعم الأميركي لكييف. وهي شروط من الصعب على ترامب تلبيتها من دون أن يدفع ثمناً داخليّاً سياسياً.
في الملفّ الإيراني، لا يزال الغموض يلفّ مصير الضربة الأميركية – الإسرائيلية المشتركة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في حزيران 2025. فعلى الرغم من حجم الدمار الذي ألحقته الغارات التي استُخدمت فيها ذخائر خارقة للتحصينات، تتزايد التساؤلات داخل الدوائر الغربية عمّا إذا كانت الضربات قد قضت بالكامل على القدرات النووية الإيرانية، أم اكتفت بتأخير البرنامج من دون منعه.
الأسوأ أنّ إدارة ترامب فشلت، حتّى الآن، في التوصّل إلى أيّ اتّفاق جديد مع طهران، على الرغم من تلميحات متكرّرة إلى استعدادها لفتح قنوات خلفيّة. غياب إطار تفاوضيّ واضح لا يُبقي فقط خطر التصعيد قائماً، بل يفتح الباب أمام سباق تسلّح إقليمي تمهيداً لمواجهات إقليمية جديدة.
مشهد مأساويّ في غزّة
في قطاع غزّة، المشهد أكثر مأساويّة. فقد فشلت مفاوضات التهدئة غير المباشرة التي رعتها مصر وقطر وأدّت إلى تدهور الأوضاع سريعاً نحو كارثة إنسانية. تشير تقارير منظّمات إغاثيّة إلى أنّ سكّان أحياء بأكملها في شمال غزّة، مثل جباليا، يعيشون على ما يشبه الأعلاف ويشربون مياهاً ملوّثة. في ظلّ هذا الواقع، ظلّت قوافل المساعدات عالقة عند المعابر، في وقت لا تكفي فيه المساعدات الشحيحة إلّا لجزء صغير من السكّان.
مع كلّ ذلك، لم تُبدِ إدارة ترامب أيّ نيّة للتراجع عن موقفها، بل استخدمت حقّ النقض مراراً لإسقاط قرارات في مجلس الأمن تطالب بوقف إطلاق النار، مبرّرة ذلك بأنّ الحرب جزء من المواجهة الأشمل مع إيران وضرورة نزع سلاح 'حماس' وإنهاء إدارتها لغزّة.
انتقادات في أوروبا
في العواصم الأوروبية، تتصاعد الانتقادات للسياسة الأميركية التي يُنظر إليها على أنّها غير أخلاقية وقصيرة النظر. أمّا في العالم العربي، فقد أدّى الموقف الأميركي إلى موجات غضب واسعة، خاصّة بين الشباب، وهو ما يهدّد استقرار حلفاء واشنطن التقليديّين.
في جنوب لبنان، لا تبدو الأمور أكثر استقراراً. الاتّفاق الهشّ لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و'الحزب'، الذي تمّ بوساطة فرنسية – أميركية، يواجه ضغوطاً متزايدة مع استمرار الغارات الإسرائيلية ورفض 'الحزب' تسليم سلاحه للدولة اللبنانية. ومع تصاعد الغارات الإسرائيلية المحدودة يلوح في الأفق شبح عودة الاقتتال على نطاق أوسع.
واشنطن، التي تفاخر بعض مستشاري ترامب بدورها في 'تثبيت الردع'، تجد نفسها عاجزة عن منع الانزلاق نحو مواجهة جديدة. فالحكومة الإسرائيلية تشعر بالقلق من إعادة تموضع 'الحزب' وتزايد نفوذه السياسي في بيروت، بينما يرى 'الحزب' أنّ التهدئة الحالية تخدم مصالح إسرائيل في وقت تتعرّض فيه غزّة للتدمير.
في سوريا، تكرّر المشهد مع اختلاف في السياق. دعم ترامب لحكومة أحمد الشرع، التي تربطها صلات بهيئة تحرير الشام، هو محاولة لخلق واقع جديد بعد سقوط نظام الأسد. لكنّ المذبحة الطائفية التي وقعت في السويداء والساحل السوري وأسفرت عن مقتل المئات، عرّت هشاشة هذا الترتيب الجديد.
على الرغم من قرار رفع العقوبات جزئيّاً عن الحكومة الجديدة في دمشق، ما زالت البلاد غارقة في نزاعات مذهبية وقبليّة، وسط غياب توافق داخلي أو خارجي حقيقي على مستقبلها السياسي.
تراجع أولويّة الخارج
مع اقتراب انتخابات منتصف الولاية في 2026، قد تتراجع أولويّة السياسة الخارجية أمام الملفّات الداخلية كالاقتصاد والهجرة.
في هذا السياق، من المتوقّع أن يلجأ ترامب إلى تصعيد الرسوم الجمركية، والضغط لإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، حتّى لو على حساب كييف، وإبرام المزيد من الصفقات الاقتصادية في الشرق الأوسط لكي يقدّمها للرأي العامّ على أنّها إنجازات سياسية.
في غياب إنجاز واضح، قد تتزايد الضغوط داخلياً وخارجياً لإعادة النظر في المسار الحالي. لكنّ تجارب ترامب السابقة تشير إلى أنّه يفضّل المضيّ قُدماً على التراجع، كما عبّر أحد كبار المسؤولين الأميركيين: 'ترامب يريد انتصارات سريعة. لكنّ هذه ليست ألعاباً قصيرة. هذه حروب طويلة. وقد يقرّر الانسحاب ببساطة'.
إذا استمرّ هذا النهج، فربّما لا يُسجَّل إرث ترامب في ولايته الثانية كفترة صفقات واختراقات، بل كمرحلة تفاقمت فيها الحروب، واهتزّ فيها دور واشنطن كقوّة قائدة على الساحة الدولية.
موفق حرب

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ 25 دقائق
- ليبانون ديبايت
"القبة الذهبية": اختبار اعتراض أهداف متعددة في الفضاء عام 2028
أفادت شبكة "سي إن إن" أن وزارة الدفاع الأميركية حدّدت الربع الأخير من عام 2028 موعدًا لأول اختبار رئيسي لنظام الدفاع الصاروخي الفضائي الجديد "غولدن دوم" (القبة الذهبية)، في إطار ما يُعرف بـ"اختبار الطيران المتكامل" (FTI-X)، الذي سيشمل تشغيل أنظمة الاستشعار والأسلحة معًا لاعتراض أهداف متعددة. ونقلت الشبكة عن مسؤول دفاعي أن توقيت الاختبار يهدف إلى "تحقيق إنجاز يمكن الإشارة إليه خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية"، مع الحرص على تفادي أي عقبات قد تؤخر المشروع. وتتولى وكالة الدفاع الصاروخي تنفيذ الاختبار، فيما امتنعت عن التعليق على التقرير. ويتوافق هذا الموعد مع تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أيار الماضي بإنجاز المشروع خلال ثلاث سنوات، مؤكدًا أن المنظومة الجديدة ستكون قادرة على "اعتراض الصواريخ حتى لو أُطلقت من أقصى أنحاء العالم". تحديات تقنية وتمويل ضخم رغم الطموح الكبير للمشروع، يرى مسؤولون دفاعيون أنه يواجه تحديات تقنية، خصوصًا في عدد الأقمار الصناعية اللازمة لتغطية المجال الأميركي. وأوضح الجنرال مايكل جيتلين، الذي عيّنه ترامب في أيار الماضي لقيادة المشروع ضمن قوات الفضاء، أن بناء المعترض الفضائي على نطاق واسع يمثل تحديًا من حيث التكلفة والإنتاج، رغم توفر التكنولوجيا. ويُتوقع أن يشكل اختبار 2028 "المرحلة الأولى" للمشروع، الذي سيعتمد في بدايته على الأنظمة الموجودة لإثبات جدواه. وخصصت الإدارة الأميركية 25 مليار دولار من حزمة الإنفاق الدفاعي لتمويله، لكن تقديرات أخرى ترفع التكلفة النهائية إلى مئات المليارات. وتعمل شركات كبرى مثل "نورثروب غرومان" و"لوكهيد مارتن" على اختبار تقنيات أساسية للمشروع، بما في ذلك صواريخ اعتراضية فضائية ورادارات بعيدة المدى. صلاحيات استثنائية ومخاوف رقابية ترافق المشروع مخاوف بشأن نقص الرقابة، بعد إلغاء مكتب مدير الاختبارات والتقييم العملياتي الذي كان يفترض أن يشرف على اختبارات النظام. كما مُنح الجنرال جيتلين سلطات استثنائية في منح العقود وشراء التكنولوجيا، على أن يكون مسؤوله المباشر الوحيد نائب وزير الدفاع ستيفن فينبرغ. وبحسب مذكرة داخلية، فإن "القبة الذهبية" ستكون معفاة من الإجراءات التقليدية للإشراف على برامج الأسلحة، نظرًا لتعقيدها التقني، في وقت تتسابق عشرات الشركات، مثل "سبيس إكس" و"آندوريل" و"بالانتير"، للفوز بدور في تطوير النظام.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردًا على تصريحات مدفيديف!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين "في المناطق المناسبة"، ردًا على تصريحات اعتبرها "استفزازية للغاية" أدلى بها نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف. وفي تغريدة على منصة "تروث سوشال"، قال ترامب: "بناء على التصريحات الاستفزازية للغاية التي أدلى بها الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف، والذي يشغل حاليًا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي في روسيا، فقد أصدرت أوامر بتمركز غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة، تحسبًا لاحتمال أن تكون هذه التصريحات الطائشة والمثيرة للفتنة أكثر من مجرد كلمات". وأضاف: "الكلمات مهمة جدًا، وقد تؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب غير مقصودة، وآمل ألا تكون هذه إحدى تلك الحالات". وكان مدفيديف قد انتقد ما وصفه بـ"لغة الإنذارات" التي يستخدمها ترامب تجاه موسكو، قائلاً إن على الأخير أن يتذكر بأن "روسيا ليست إسرائيل ولا حتى إيران"، وإن "كل إنذار جديد يمثل تهديدًا وخطوة نحو الحرب، ليس فقط مع أوكرانيا بل مع بلده". ويأتي التصعيد الكلامي بعدما منح ترامب، مطلع الشهر، روسيا مهلة قدرها 50 يومًا للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مهددًا بفرض رسوم جمركية "صارمة" على الشركاء التجاريين لموسكو في حال عدم الالتزام. لكن خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الإثنين، أعلن ترامب أنه بصدد تقليص هذه المهلة إلى "10 أو 12 يومًا"، مبررًا ذلك بـ"خيبة أمله من الرئيس فلاديمير بوتين الذي لم يُبدِ أي استعداد للتسوية". من جهته، أكد الكرملين أنه لن يرضخ للضغوط لعقد أي صفقة. وقال المتحدث باسمه دميتري بيسكوف إن مسار تطبيع العلاقات مع واشنطن قد تباطأ، مشددًا في الوقت نفسه على اهتمام موسكو بالحفاظ على قنوات التواصل، وأملها في أن تستعيد العملية زخمها.


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
ترامب يرد على تهديدات ميدفيديف بنشر غواصات نووية قرب الحدود الروسية
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الجمعة إنه أمر بنشر غواصتين نوويتين في مناطق قريبة من روسيا ردا على تهديدات الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف. وذكر ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال 'أمرت بنشر غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة تحسبا لأن تكون هذه التصريحات الحمقاء والتحريضية أكثر من مجرد تصريحات'. كما تابع: «التصريحات مهمة للغاية، وغالبا ما تؤدي إلى عواقب غير مقصودة وآمل ألا يكون هذا أحد تلك الحالات». ووجّه الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف انتقادا شديدا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما هدد الأخير بتعجيل الموعد النهائي الذي منحه لروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا. 'ليست إسرائيل أو إيران' وقال ميدفيديف: «كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع أميركا»، وأضاف في منشور على منصة «إكس» أن «روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران»، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين في آذار (مارس) الماضي، والتي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. وجاءت تصريحاته ردا على تصعيد ترامب لهجته ضد روسيا في ظل عدم إحراز تقدم لوقف الحرب في أوكرانيا.