
الرياض تستقبل ترمب... شراكة استراتيجية وصفقات استثمارية غير مسبوقة
يحل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض يوم الثلاثاء المقبل، في زيارة خارجية رسمية هي الأولى له منذ توليه ولايته الثانية، وذلك عقب أخرى غير مجدولة إلى روما، كانت لحضور مراسم جنازة البابا فرنسيس.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالرياض 2017 (واس)
واختار ترمب المملكة وجهة لأول رحلة خارجية كبرى له في ولايته الثانية، تماماً كما فعل في عام 2017 في زيارة وصفها حينها بأنها «ناجحة للغاية». مع العلم بأنه يبدأ من السعودية جولته الخليجية التي ستقوده أيضاً إلى كل من قطر، والإمارات بين 13 مايو (أيار) الحالي و16 منه.
بين عامي 2017 و2025، أي خلال فترة تقارب الثماني سنوات التي تلت زيارة ترمب الأولى، والتي جاءت بعد عام من إقرار «رؤية 2030»، خطت المملكة خطوات واسعة نحو تحقيق تحولها الاقتصادي. وستكشف زيارة ترمب المرتقبة حجم هذا التقدم، لتكون بمثابة شهادة واقعية على تحقق أهداف الرؤية. فبعد مرور هذه السنوات، سيشهد ترمب تحولاً جذرياً، وواقعاً ملموساً يجسد ثمار هذا المشروع الطموح.
ومن المرتقب «إعلانات ضخمة» في الأيام القليلة التي تسبق جولة ترمب الخليجية، وهو ما كان كشفه يوم الأربعاء عقب لقائه مع رئيس وزراء كندا مارك كارني.
ويتوقع أن تشهد زيارة ترمب المملكة توقيع عدد مهم من الاتفاقات، والإعلان عن صفقات ضخمة، وهو ما يعكس حسابات واشنطن الاستثمارية، وتعزيز علاقاتها الاقتصادية بالرياض. وقد يتم الإعلان عن اتفاق للتعاون النووي المدني بين البلدين، وهو ما كان كشفه وزير الطاقة الأميركي كريس رايت خلال زيارته المملكة في أبريل (نيسان) (الماضي)، قائلاً إن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من توقيع اتفاقية أولية للتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية.
الزيارة إلى السعودية تحمل دلالات كثيرة، إذ تعكس مكانة المملكة في حسابات السياسة الخارجية الأميركية، خاصة في ظل سعي ترمب إلى تعزيز الاستثمارات الخارجية داخل الولايات المتحدة، وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي بين الرياض وواشنطن.
وتجذب الزيارة الرئاسية العديد من كبار رجال الأعمال في «وول ستريت»، و«وادي السيليكون» إلى المملكة، حيث سيشاركون في المنتدى الاستثماري السعودي-الأميركي الذي أُعلن عنه هذا الأسبوع، والمقرر انعقاده في الرياض في اليوم نفسه لوصول ترمب. ومن بين هؤلاء، الرئيس التنفيذي لشركة «بلاك روك»، لاري فينك، والرئيس التنفيذي لشركة «بالانتير»، أليكس كارب، ورؤساء تنفيذيون لشركات كبرى مثل «سيتي غروب»، و«آي بي إم»، و«كوالكوم»، و«ألفابت»، و«فرنكلين تمبلتون»، وغيرهم. كما سيحضر ديفيد ساكس، قيصر الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض.
يذكر هنا أن إدارة ترمب كانت كشفت يوم الأربعاء خطتها لإلغاء «قاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي» التي وُضعت في عهد الرئيس السابق جو بايدن، والتي فرضت ضوابط تصدير صارمة على رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حتى للدول الصديقة للولايات المتحدة.
تتمتع السعودية والولايات المتحدة بعلاقات اقتصادية قوية، ومتينة، وتتسم بالتنوع، والعمق، وتشهد نمواً مستمراً على مر السنوات. ففي عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري نحو 32.3 مليار دولار، مرتفعاً من 22.9 مليار دولار في عام 2020.
وتعتبر الولايات المتحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة، حيث تحتل المرتبة الثانية باعتبارها أكبر مُورد للمملكة، والسادسة باعتبارها أكبر مستقبل لصادراتها، وفق بيانات اتحاد الغرف السعودية.
بينما تشير أرقام مكتب الإحصاء الأميركي إلى أن إجمالي تجارة السلع الأميركية مع المملكة قُدر في عام 2024 بنحو 25.9 مليار دولار. وبلغت صادرات السلع الأميركية 13.2 مليار دولار، ووارداتها 12.7 مليار دولار، مما أسفر عن فائض في تجارة السلع الأميركية قدره 443.3 مليون دولار.
وتتنوع صادرات المملكة إلى السوق الأميركية لتشمل قطاعات حيوية مثل النفط الخام ومشتقاته، والأسمدة، والمنتجات الكيميائية العضوية، والمصنوعات المعدنية، منها الحديد والصلب، إلى جانب المراجل، والآلات، والأدوات الآلية.
وفي المقابل، تستورد السعودية من الولايات المتحدة منتجات صيدلانية، ومواد كيميائية، وحبوباً، وبذوراً، ونباتات طبية، بالإضافة إلى اللدائن، والمعدات الكهربائية والميكانيكية، ووسائط النقل، والمعدات الجوية والفضائية، والأجهزة الطبية والبصرية، والأسلحة والذخائر.
وبحسب تقرير صادر عن شركة «ماكنزي» لنهاية عام 2023، تصدّرت معدات النقل قائمة واردات السعودية من الولايات المتحدة بقيمة 5.9 مليار دولار، تلتها الأدوات الطبية بـ1.4 مليار دولار، ثم المنتجات الصيدلانية بـ1.3 مليار دولار. في المقابل، كانت موارد الطاقة أبرز صادرات المملكة إلى أميركا بقيمة 14 مليار دولار، تلتها المواد الكيميائية بـ1.7 مليار دولار، والمنتجات المعدنية بـ259 مليون دولار.
هناك استثمارات متبادلة كبيرة بين البلدين في قطاعات مثل الطاقة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، والعقارات. فاعتباراً من نهاية عام 2023، بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة في المملكة نحو 57.7 مليار دولار، متصدرةً بذلك قائمة الدول المستثمرة في المملكة بنسبة 23 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، وفق بيانات وزارة الاستثمار السعودية. وتتوزع هذه الاستثمارات في قطاعات متنوعة، تشمل الطاقة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، والعقارات.
في المقابل، تمتلك المملكة استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، تشمل سندات الخزانة الأميركية التي بلغت نحو 127 مليار دولار في فبراير (شباط) 2025، وغيرها من الأصول المالية الأميركية.
كما يقوم «صندوق الاستثمارات العامة» باستثمارات ضخمة في قطاعات استراتيجية، مثل التكنولوجيا والابتكار. وبلغت استثماراته في الأسهم الأميركية في نهاية العام 2024 ما قيمته 26.8 مليار دولار وفقاً لتقرير مقدم إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. كما يستثمر الصندوق في شركات أميركية كبرى مثل «لوسيد»، و«أوبر»، و«آرم»، و«باي بال»، و«أمازون». واستثمر في صناعة الألعاب من خلال مجموعة (سافي جيمز)، واستحوذ على شركة «سكوبلي» الأميركية، وفي شركات مثل «ماجيك ليب».
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قال في وقت سابق إن المملكة لديها «استثمارات تزيد عن 770 مليار دولار في الولايات المتحدة».
ختاماً، ومع استمرار الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، تبدو الفرص واعدة لتوسيع حجم التبادل التجاري، وتنويع مجالاته، خصوصاً في ظل التقدم الكبير الذي أحرزته الحكومة السعودية في «رؤية 2030» من جهة، ومع توجه الولايات المتحدة إلى ترسيخ شراكات استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
أميركا للعودة إلى الفحم في توليد الكهرباء
تخطط وكالة حماية البيئة الأميركية لإلغاء جميع القيود على الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم والغاز في الولايات المتحدة. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، السبت، نقلاً عن وثائق داخلية. ووفقاً لتقرير الصحيفة، قالت الوكالة في خطتها المقترحة إن ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى الناتجة عن محطات الكهرباء التي تحرق الوقود الأحفوري «لا تسهم بشكل كبير في (مستوى) خطير من التلوث» أو في تغير المناخ لأنها تمثل حصة صغيرة ومتناقصة من الانبعاثات عالمياً. وأضاف التقرير أن الوكالة رأت أن منع هذه الانبعاثات لن يكون له تأثير كبير على الصحة العامة والرفاه الاجتماعي. ويعد الفحم المسبب الأكبر في تلوث الهواء والمساهم الأكبر في ظاهرة الاحتباس الحراري. وضمن جهودها لدعم عمليات النفط والغاز والتعدين، تسعى الحكومة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب للإسراع في إلغاء جميع النفقات الاتحادية المتعلقة بجهود مكافحة تغير المناخ ورفع أي قيود تهدف إلى معالجة مسألة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.


الشرق الأوسط
منذ 30 دقائق
- الشرق الأوسط
ترمب يفتح الباب أمام بيع «يو إس ستيل»
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب ستحتفظ بمقرها الرئيسي في مدينة بيتسبرغ، في إطار ما وصفه بـ«الشراكة المخطط لها»، وهو ما يشير إلى أنه سوف يوافق على عرض من شركة «نيبون ستيل» ومقرها اليابان، لشراء شركة صناعة الصلب الأميركية الشهيرة. ومع ذلك، لم يبدد تصريح ترمب الغموض بشأن ما إذا كان سيوافق على عرض شركة «نيبون ستيل»، بعد أن تعهد كثيراً بمنع أي شركة أجنبية من امتلاك «يو إس ستيل». وفي الآونة الأخيرة، اقترح ترمب أن تستثمر شركة «نيبون ستيل» في شركة «يو إس ستيل» وألا تشتريها، واقترح أحد المسؤولين النقابيين يوم الجمعة، أن يكون للحكومة الاتحادية دور في إدارة الشركة بالمستقبل. لكن يبدو أن المستثمرين أخذوا تصريح ترمب علامة على أنه سيوافق على نوع من الاندماج، مما دفع بقوة أسعار أسهم شركة «يو إس ستيل»، وأصدرت الشركتان بيانات للموافقة. وقالت «نيبون ستيل» إن الشراكة «ستغير اللعبة» بالنسبة لـ«يو إس ستيل» وجميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك صناعة الصلب الأميركية، وقاعدة التصنيع الأميركية الأوسع. من جانبها، قالت «يو إس ستيل»: «سنظل أميركيين، وسنكون أكبر وأقوى من خلال شراكة مع شركة (نيبون ستيل)، التي ستجلب استثمارات ضخمة وتقنيات جديدة وآلاف الوظائف على مدى السنوات الأربع المقبلة». وكان الرئيس السابق جو بايدن قد رفض في الفترة الأخيرة من ولايته، عرض شركة «نيبون ستيل» الذي يبلغ نحو 15 مليار دولار لشراء «يو إس ستيل»، كما رفضه ترمب بعد أن أصبح رئيساً، وذلك في انتظار إجراء مراجعة أمنية وطنية أخرى من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة. وقال ترمب في بيان، إنه «بعد كثير من التفكير والتفاوض، ستبقى شركة (يو إس ستيل)، في أميركا، وستحتفظ بمقرها الرئيسي في مدينة بيتسبرغ العظيمة». وأضاف ترمب أن «الشراكة المخطط لها» ستوفر ما لا يقل عن 70 ألف وظيفة وتضيف 14 مليار دولار للاقتصاد الأميركي، على الرغم من أنه لم تتضح ما هي شروط الصفقة، أو من سيمتلك «يو إس ستيل»، وفقاً لهذا الترتيب.


الرياض
منذ 42 دقائق
- الرياض
تنظيمات جديدة تمنح "الطيران المدني" عشرين اختصاصاً لتطوير صناعة النقل الجوي وجذب الاستثمارات
تبدأ الهيئة العامة للطيران المدني، تطبيق التنظيمات الجديدة للهيئة، بهدف تنظيم قطاع الطيران المدني في المملكة وتطويره ومراقبة أدائه، وتهيئته لجذب استثمارات القطاع الخاص، وتطوير صناعة النقل الجوي ونموها في إقليم المملكة، وذلك بالمواءمة مع الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية. التنظيم الجديد، منح الهيئة عشرين اختصاصاً، منها الرقابة على تشغيل المطارات والمهابط المدنية، ومتابعة التزام شركات الطيران والمطارات والشركات العاملة في قطاع الطيران المدني بالأنظمة واللوائح والمعايير ذات العلاقة بقطاع الطيران المدني، وبتنفيذ استراتيجية الطيران المدني، وباستدامة الأعمال، وإصدار التراخيص والتصاريح والشهادات والإجازات والموافقات والاعتمادات ذات العلاقة بالطيران المدني، والبتّ في طلبات ممارسة أعمال الوساطة ذات العلاقة بقطاع الطيران المدني، وإصدار تصاريح الرحلات الجوية المجدولة والعارضة والخاصة بما في ذلك الرحلات العسكرية والدبلوماسية، والبتّ في طلبات تقديم الخدمات الاستشارية ذات العلاقة بقطاع الطيران المدني، والموافقة على الاتفاقيات والترتيبات التجارية التي تبرم بين الناقلات الجوية الوطنية أو الأجنبية، و الموافقة على التعاقدات بين مشغّل المطار المرخص له والأطراف الخارجية. التنظيم الجديد طالب بأن يكون للهيئة مجلس إدارة برئاسة الوزير، وعضوية الرئيس، وما لا يتجاوز (خمسة) ممثلين من الجهات الحكومية، وما لا يتجاوز (ثلاثة) أشخاص من القطاع الخاص. مع تمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيمياً بوزير النقل والخدمات اللوجستية، ويكون مقرها الرئيس في مدينة الرياض، ولها إنشاء فروع داخل المملكة، أو مكاتب داخل المملكة أو خارجها؛ بحسب الحاجة.