logo
لماذا نحتاج إلى "ديتوكس رقمي"؟

لماذا نحتاج إلى "ديتوكس رقمي"؟

الميادين٢٧-٠٢-٢٠٢٥

مع ازدياد إدماننا على الإنترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، هل حان الوقت لاعتماد تقنيات التنظيف أو التطهير الرقمي، للحفاظ على صحتنا النفسية وإنتاجيتنا؟
في عالمنا الرقمي المتسارع، أصبح الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. إذ نقضي ساعات طويلة أمام الشاشات، سواء للعمل أو الترفيه أو التواصل الاجتماعي. وبينما يبدو الأمر طبيعياً، بدأت الدراسات الحديثة تسلط الضوء على الآثار السلبية للإفراط في استخدام الإنترنت، من تراجع التركيز إلى القلق والتوتر واضطرابات النوم.
وهنا يبرز مفهوم "الديتوكس الرقمي" (Digital Detox) كحل محتمل لمواجهة هذا الإدمان واستعادة التوازن في حياتنا. فهل نحن بحاجة فعلاً إلى "ديتوكس رقمي"، وما مدى تأثيره على صحتنا وإنتاجيتنا؟
لم يعد استخدام الإنترنت مجرد وسيلة للوصول إلى المعلومات، بل أصبح سلوكاً قهرياً لدى الكثيرين، مما أدى إلى ظهور مصطلح "إدمان الإنترنت".
ووفقاً لدراسة نشرتها "منظمة الصحة العالمية"، يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من الاستخدام القهري للإنترنت، خاصة مع صعود وسائل التواصل الاجتماعي التي تستهدف استهلاك وقت المستخدم لأطول فترة ممكنة.
ويشير تقرير صادر عن مؤسسة "DataReportal" لعام 2024 إلى أن متوسط الوقت الذي يقضيه الفرد يومياً على الإنترنت يتجاوز7 ساعات، بينما يقضي المستخدم العادي نحو2.5 ساعة يومياً على منصات التواصل الاجتماعي. هذه الأرقام تعكس تحوّل الإنترنت إلى جزء أساسي من روتين حياتنا، لكنه في الوقت نفسه قد يكون سبباً رئيسياً في التوتر والإجهاد الذهني.
يؤدي الاستخدام المفرط للإنترنت، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تأثيرات سلبية على الصحة العقلية والنفسية، ومنها:
- تشير الأبحاث إلى أن التنقل المستمر بين التطبيقات والإشعارات يقلل من قدرتنا على التركيز لفترات طويلة، مما يؤثر سلباً على الأداء المهني والأكاديمي.
- الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يعطل إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم، مما يؤدي إلى الأرق واضطرابات النوم.
- كما كشفت دراسات علمية أن الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي مرتبط بارتفاع مستويات القلق والاكتئاب، بسبب المقارنات الاجتماعية والتعرض المستمر للأخبار السلبية.
- مع تكرار الاستخدام، يصبح من الصعب على الكثيرين التوقف عن تصفّح هواتفهم، حتى في المواقف التي تتطلب تركيزاً مثل الاجتماعات أو أثناء القيادة.
يُقصد بـ "الديتوكس الرقمي" الامتناع المؤقت أو التقليل من استخدام الأجهزة الرقمية، خاصة الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، بهدف استعادة التوازن العقلي والجسدي. ويهدف هذا النهج إلى إعادة ضبط عاداتنا الرقمية وتحسين جودة حياتنا من خلال تقليل التشتت الذهني، وتحفيز التفاعل الاجتماعي الواقعي، وتعزيز الإنتاجية.
يمكن أن يكون "الديتوكس الرقمي" وسيلة فعّالة لتحسين الحالة المزاجية، وتقليل التوتر، وتعزيز جودة النوم والإنتاجية. لكن لتحقيق ذلك من دون التأثير على الالتزامات اليومية، لا بد من اتباع نهج مدروس يساعد على تقليل الاعتماد على الإنترنت بطريقة عملية.
تبدأ الخطوة الأولى بتحديد الهدف من هذه التجربة، سواء كان تحسين النوم، تقليل التوتر، أو زيادة التركيز. بعد ذلك، يمكن تنظيم الوقت المخصص لاستخدام الإنترنت عبر أدوات مثل "Digital Wellbeing" أو "Screen Time"، مما يساعد على مراقبة وتقليل عدد الساعات التي نقضيها أمام الشاشات. ولتفادي الانشغال المستمر بالهاتف، يُفضَّل إيقاف الإشعارات غير الضرورية التي تسبب تشتت الانتباه وتجعل العودة المتكررة إلى الأجهزة عادة يصعب كسرها.
إلى جانب ذلك، يُنصح بتخصيص أوقات خالية من الشاشات، مثل الامتناع عن استخدام الهاتف قبل النوم بساعة، أو جعل وقت الوجبات والتجمعات العائلية خالياً من الأجهزة الرقمية، مما يعزز التفاعل الحقيقي. وبدلاً من قضاء وقت الفراغ في تصفّح الإنترنت، يمكن استبداله بأنشطة أكثر تفاعلية مثل القراءة، الرياضة، التأمل، أو قضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء. كما قد يكون من المفيد تجربة "إجازة رقمية" قصيرة بين الحين والآخر، كقضاء يوم أو عطلة نهاية الأسبوع بعيداً عن الشاشات لاستعادة الطاقة الذهنية والتخلص من التوتر الرقمي.
لكن في ظل الاعتماد الكبير على الإنترنت في العمل والدراسة، قد يكون الانقطاع التام عن الأجهزة الرقمية غير عملي. لهذا، يمكن استبدال فكرة "التطهر الرقمي" التام بنهج أكثر توازناً، يهدف إلى إدارة الوقت الرقمي بذكاء بدلاً من التخلي عنه تماماً.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع حدود واضحة لاستخدام الإنترنت، مثل تحديد أوقات محددة لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو متابعة الأخبار، مع تجنّب التصفح العشوائي الذي يستهلك الوقت من دون فائدة.
كما أن إدخال فترات راحة رقمية قصيرة خلال اليوم، مثل التوقف عن استخدام الشاشات لبضع دقائق بعد كل ساعة من العمل، يساعد في الحفاظ على التركيز وتقليل الإرهاق الذهني. بالإضافة إلى ذلك، فإن استبدال بعض العادات الرقمية بأنشطة واقعية، مثل القراءة الورقية بدلاً من متابعة الأخبار على الهاتف، أو المشي بدلاً من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، يعزز الشعور بالتوازن والارتباط بالعالم الحقيقي.
في النهاية، لا يتعلق الأمر بالابتعاد عن التكنولوجيا بالكامل، بل بإيجاد إيقاع متوازن يسمح بالاستفادة منها من دون الوقوع في فخّ الاستخدام المفرط وغير الواعي، من خلال ضبط العادات الرقمية واعتماد أسلوب أكثر وعياً في التعامل مع الإنترنت، يمكن تحقيق حياة أكثر توازناً بين حياتنا الرقمية والواقعية.
لكن يبقى السؤال الأهم هو: هل نملك الشجاعة الكافية لإغلاق هواتفنا لبضع ساعات يومياً، أم أننا أصبحنا أسرى التكنولوجيا؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي ... وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من "التبغ"
اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي ... وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من "التبغ"

صوت لبنان

timeمنذ ساعة واحدة

  • صوت لبنان

اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي ... وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من "التبغ"

لم يعد الهواء في لبنان صالحاً للتنفس، فقد تحول إلى نوع جديد من "التبغ" يفتك بسكان البلاد، وفقًا لتعبير منظمة الصحة العالمية، حيث يعتبر تلوث الهواء من أخطر المشكلات البيئية التي يواجهها لبنان اليوم، حيث يشكل تهديدا صامتا وخطرا على حياة المواطنين وجودة البيئة، وأخطر ما في الأمر أنه يتزايد عامًا بعد آخر. يشار إلى أن تلوث الهواء أو تلوث الجو، هو احتواء الهواء على مواد وعناصر في الغلاف الجوي، تعتبر مضرة بصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، أو تسبب أضرارا للمناخ أو المواد. وهناك العديد من الأنواع المختلفة لملوثات الهواء مثل الغازات (بما في ذلك الأمونيا وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروز والميثان وثاني أكسيد الكربون ومركبات الكلوروفلوروكربون)، والجسيمات المعلقة (العضوية وغير العضوية) والجزيئات البيولوجية. تلوث الهواء لم يعد مجرد ظاهرة بيئية عابرة، بل أصبح أزمة صحية وإنسانية تمس حياة كل فرد. فتحول الهواء إلى خليط من الغازات السامة والملوثات الدقيقة الناتجة من عوامل متعددة. وفي هذا السياق، اكدت البروفيسور زينه داغر وهبه، اختصاصية في علم السموم وتلوث الهواء في الجامعة اللبنانية للديار أن "أسباب تلوث الهواء في لبنان متعددة، لكن ابرزها الحرق العشوائي للنفايات المنزلية والصناعية، وغياب المعايير البيئية في المنشآت الصناعية والورش". وأضافت " إن كثافة استخدام المولدات الكهربائية الخاصة التي تعتمد على المازوت، تطلق جسيمات دقيقة وملوثات سامة في الأحياء السكنية، إضافة إلى الاكتظاظ المروري ووجود عدد من السيارات القديمة، دون فحص ميكانيكي فعال يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون". وبحسب الحركة البيئية اللبنانية، فقد تجاوز عدد المولدات الكهربائية 9 آلاف مولد يعمل على الديزل، في بيروت الإدارية وحدها وبحدود 30 ألف مولد في لبنان. وأكدت وزيرة البيئة تمارا الزين على أنّه "في المدن الكبرى كبيروت، تشكل مولدات الكهرباء أكبر مصدر لتلوث الهواء"، داعية "الى الالتزام بقانون البيئة لضمان خفض نسب تلوث الهواء، التي باتت كارثية على كل المستويات وأخطرها نسب مرض السرطان المتزايدة". ويهدف قانون حماية البيئة رقم 444/2002، وبشكل خاص قانون حماية نوعية الهواء رقم 78/ 2018 إلى ضمان خفض نسب تلوث الهواء، من خلال تحديد قواعد وإجراءات للوقاية من التلوث وكبح تدهوره، كما يحدد القانون الإطار القانوني العام لتنفيذ سياسة حماية البيئة الوطنية، مع التركيز على حماية الهواء والوقاية من الأضرار البيئية. يعتبر التلوث البيئي من أخطر المشاكل التي تواجه الإنسان والكائنات الحية الأخرى على وجه الأرض. وفي لبنان التلوث يتفاقم بصمت، وأنفاس الناس تختنق شيئاً فشيئاً تحت وطأة التلوث، حيث باتت هذه الأزمة تهدد صحة المواطنين وتؤثر سلبا في الاقتصاد والبيئة، حيث أكدت البروفيسور داغر وهبه "أن التعرض المزمن لتلوث الهواء، يزيد من حالات الربو وأمراض القلب والسرطان، إضافة إلى الاضطرابات المناعية"، مشيرة إلى أن "دراسات الجامعة اللبنانية أظهرت آثارا واضحة على خلايا الرئة، وارتفاع مؤشرات الالتهاب". ويعد تلوث الهواء من أبرز العوامل المساهمة في ارتفاع الإصابات بالسرطان في لبنان، لا سيما سرطان الرئة الذي يستحوذ على 12% من مجمل الحالات (ويحل ثانياً بعد سرطان الثدي)، كما يشكل السبب الأول للوفيات بهذا المرض بنسبة 19.3%، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، وإن حوالى 7 ملايين حالة وفاة مبكرة تحصل في العالم يعود سببها الى تلوث الهواء، أي وفاة 800 شخص كل ساعة او وفاة 13 شخصا كل دقيقة. يشكل التلوث الهوائي تحديا كبيرا للمجتمع العالمي، حيث إنه يؤثر في صحة المجتمع في جميع أنحاء العالم، ويسبب خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة لتكاليف الرعاية الصحية، وفقدان الإنتاجية، وزيادة الوفيات المبكرة. وفي هذا الإطار أكدت وهبه أن "آثار التلوث لا تقف عند الحدود الصحية، بل تتجاوزها لتصل آثارها الى الاقتصاد، حيث ترتفع كلفة الرعاية الصحية المرتبطة بأمراض التنفس، كما أن التلوث يصبح مصدرا يهدد السياحة في بعض المناطق". وأشارت إلى أن "مستوى تلوث الهواء في لبنان مرتفع بحسب مصادر علمية ودراسات ميدانية نشرت في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال، إن متوسط تركيز الجسيمات الدقيقة (PM2.5) في منطقة طريق المطار في بيروت بلغ 54 ميكروغرام/م³، أي أكثر من 3.5 مرات الحد الأقصى المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية (15 ميكروغرام/م³). وتتكرر هذه المستويات في مناطق أخرى ذات كثافة سكانية أو مرورية عالية، دون تحسن ملحوظ في البنية التحتية للرقابة". وأضافت "محطات رصد تلوث الهواء في لبنان، التي تعمل على قياس مستويات ملوثات محددة مثل الجسيمات الدقيقة، ثاني أوكسيد النيتروجين، الأوزون، وأول أكسيد الكربون، غير كافية لمراقبة جودة الهواء بشكل شامل، فهي موزعة على مناطق محددة ومعظم المناطق الريفية والضواحي تفتقر الى محطات فعالة، فمعظمها إما غير مفعل أو يواجه مشاكل في الصيانة، مما يعيق إصدار قرارات تستند إلى بيانات دقيقة". يذكر أن الشبكة الوطنية لرصد نوعية الهواء في لبنان تم إنشاؤها على مرحلتين، حيث تم افتتاح خمس محطات في عام 2013 مع مساعدة مالية من اليونان، ثم تم إنشاء 21 محطة إضافية في عام 2017 بتمويل من الاتحاد الأوروبي. والشبكة هي نظام من المحطات الثابتة والمتحركة، يهدف إلى قياس جودة الهواء في منطقة معينة، يتم استخدام هذه البيانات لتقييم جودة الهواء واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسينها. تأثرت جودة الهواء في لبنان بشدة، مما يضع اللبنانيين بمواجهة خطر غير مرئي لكنه قاتل، مما يستوجب اتخاذ خطوات عملية لمواجهته. وشددت وهبه على "ضرورة معالجة مصادر التلوث نفسها، باستبدال المولدات الخاصة بشبكة كهرباء وطنية نظيفة، ودعم التحول نحو الطاقة الشمسية والبديلة، إضافة إلى تطبيق فحص بيئي إجباري للسيارات وضبط الانبعاثات، وإيقاف الحرق العشوائي ودعم النقل العام، وإعادة تنظيمه لتقليل السيارات الخاصة، وتفعيل محطات الرصد وتحديثها وربطها بنظام إنذار مبكر، وتعزيز الوعي البيئي بالتعاون مع الجامعات والمدارس والمجتمع المدني". اضافت: "نحن في الجامعة اللبنانية نعمل على تدريب طلاب الدراسات العليا على أدوات التحليل البيئي ونشر ثقافة الوقاية البيئية، وتقديم توصيات علمية لوزارات الصحة والبيئة، من خلال أبحاث مخبرية وميدانية دقيقة. فوزارة وضعت مؤخرا تلوث الهواء كأولوية استراتيجية ضمن خطتها الوطنية، من خلال تعزيز نظام رصد جودة الهواء، وتحديث القوانين المتعلقة بالانبعاثات، وزيادة التعاون مع الوزارات الأخرى، لكن التحدي الأكبر يكمن في تطبيق وتنفيذ هذه الخطط على الأرض، في ظل غياب التمويل الكافي وضعف الرقابة، وتضارب الصلاحيات، مما يستدعي تفعيل دور الجهات الرقابية، وتعزيز الشراكة مع الجامعات ومراكز الأبحاث لدعم القرار البيئي بالمعلومات". الحلول موجودة لمكافحة التلوث الهوائي، وتحقيق بيئة صحية ومستدامة للجميع، وعالم أكثر نظافة وصحة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية وتعاون فعال بين الدولة والمجتمع المدني والمواطنين، فالتنفس في بلد مثل لبنان يجب أن يكون حقا طبيعيا، لا خطرا يوميا. وكشف تقرير جديد من البنك الدولي الصادر بعنوان "تسريع وتيرة توفير الهواء النقي على كوكب صالح للعيش"، عن إمكان خفض عدد الأشخاص المعرضين الى مستويات خطرة من تلوث الهواء، بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2040، وذلك من خلال تنفيذ سياسات وتدابير مستهدفة وفعالة. يشار إلى ان منظمة "آي كيو إير" السويسرية لجودة الهواء، أوصت البلدان بأن تعمل على جعل مدنها أكثر قابلية للمشي وأقل اعتمادا على السيارات، وتعديل ممارسات الغابات للمساعدة في الحد من تأثير دخان حرائق الغابات، والتحرك بسرعة أكبر لتبني الطاقة النظيفة بدلا من الوقود الأحفوري. بيانات منظّمة الصحة العالمية بينت أن جميع سكان العالم تقريباً (99٪) يتنفسون هواء ملوثًا، بما يتجاوز الحدود القصوى الواردة في المبادئ التوجيهية الصادرة عن المنظّمة، ويحتوي على معدّلات عالية من الملوثات، بحيث تعاني البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من أعلى معدلات التعرض للتلوث. يذكر أن لبنان جاء في المرتبة الثالثة عالميا ضمن قائمة الدول الاكثر تلوثا، بحسب ما نشره موقع "عالم الإحصاء"( World of Statics) على منصة 'إكس' ضمن قائمة الدول الأكثر تلوثا في العالم، كما سجل لبنان أعلى نسبة تلوث بين الدول العربية لعام 2025 وفق مؤشر Numbeo، بينما تتصدر عُمان القائمة كأكثر الدول العربية نظافة من حيث جودة الهواء.

اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي … وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من 'التبغ'
اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي … وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من 'التبغ'

المردة

timeمنذ 3 ساعات

  • المردة

اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي … وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من 'التبغ'

لم يعد الهواء في لبنان صالحاً للتنفس، فقد تحول إلى نوع جديد من 'التبغ' يفتك بسكان البلاد، وفقًا لتعبير منظمة الصحة العالمية، حيث يعتبر تلوث الهواء من أخطر المشكلات البيئية التي يواجهها لبنان اليوم، حيث يشكل تهديدا صامتا وخطرا على حياة المواطنين وجودة البيئة، وأخطر ما في الأمر أنه يتزايد عامًا بعد آخر. يشار إلى أن تلوث الهواء أو تلوث الجو، هو احتواء الهواء على مواد وعناصر في الغلاف الجوي، تعتبر مضرة بصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، أو تسبب أضرارا للمناخ أو المواد. وهناك العديد من الأنواع المختلفة لملوثات الهواء مثل الغازات (بما في ذلك الأمونيا وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروز والميثان وثاني أكسيد الكربون ومركبات الكلوروفلوروكربون)، والجسيمات المعلقة (العضوية وغير العضوية) والجزيئات البيولوجية. تلوث الهواء لم يعد مجرد ظاهرة بيئية عابرة، بل أصبح أزمة صحية وإنسانية تمس حياة كل فرد. فتحول الهواء إلى خليط من الغازات السامة والملوثات الدقيقة الناتجة من عوامل متعددة. وفي هذا السياق، اكدت البروفيسور زينه داغر وهبه، اختصاصية في علم السموم وتلوث الهواء في الجامعة اللبنانية للديار أن 'أسباب تلوث الهواء في لبنان متعددة، لكن ابرزها الحرق العشوائي للنفايات المنزلية والصناعية، وغياب المعايير البيئية في المنشآت الصناعية والورش'. وأضافت ' إن كثافة استخدام المولدات الكهربائية الخاصة التي تعتمد على المازوت، تطلق جسيمات دقيقة وملوثات سامة في الأحياء السكنية، إضافة إلى الاكتظاظ المروري ووجود عدد من السيارات القديمة، دون فحص ميكانيكي فعال يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون'. وبحسب الحركة البيئية اللبنانية، فقد تجاوز عدد المولدات الكهربائية 9 آلاف مولد يعمل على الديزل، في بيروت الإدارية وحدها وبحدود 30 ألف مولد في لبنان. وأكدت وزيرة البيئة تمارا الزين على أنّه 'في المدن الكبرى كبيروت، تشكل مولدات الكهرباء أكبر مصدر لتلوث الهواء'، داعية 'الى الالتزام بقانون البيئة لضمان خفض نسب تلوث الهواء، التي باتت كارثية على كل المستويات وأخطرها نسب مرض السرطان المتزايدة'. ويهدف قانون حماية البيئة رقم 444/2002، وبشكل خاص قانون حماية نوعية الهواء رقم 78/ 2018 إلى ضمان خفض نسب تلوث الهواء، من خلال تحديد قواعد وإجراءات للوقاية من التلوث وكبح تدهوره، كما يحدد القانون الإطار القانوني العام لتنفيذ سياسة حماية البيئة الوطنية، مع التركيز على حماية الهواء والوقاية من الأضرار البيئية. يعتبر التلوث البيئي من أخطر المشاكل التي تواجه الإنسان والكائنات الحية الأخرى على وجه الأرض. وفي لبنان التلوث يتفاقم بصمت، وأنفاس الناس تختنق شيئاً فشيئاً تحت وطأة التلوث، حيث باتت هذه الأزمة تهدد صحة المواطنين وتؤثر سلبا في الاقتصاد والبيئة، حيث أكدت البروفيسور داغر وهبه 'أن التعرض المزمن لتلوث الهواء، يزيد من حالات الربو وأمراض القلب والسرطان، إضافة إلى الاضطرابات المناعية'، مشيرة إلى أن 'دراسات الجامعة اللبنانية أظهرت آثارا واضحة على خلايا الرئة، وارتفاع مؤشرات الالتهاب'. ويعد تلوث الهواء من أبرز العوامل المساهمة في ارتفاع الإصابات بالسرطان في لبنان، لا سيما سرطان الرئة الذي يستحوذ على 12% من مجمل الحالات (ويحل ثانياً بعد سرطان الثدي)، كما يشكل السبب الأول للوفيات بهذا المرض بنسبة 19.3%، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، وإن حوالى 7 ملايين حالة وفاة مبكرة تحصل في العالم يعود سببها الى تلوث الهواء، أي وفاة 800 شخص كل ساعة او وفاة 13 شخصا كل دقيقة. يشكل التلوث الهوائي تحديا كبيرا للمجتمع العالمي، حيث إنه يؤثر في صحة المجتمع في جميع أنحاء العالم، ويسبب خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة لتكاليف الرعاية الصحية، وفقدان الإنتاجية، وزيادة الوفيات المبكرة. وفي هذا الإطار أكدت وهبه أن 'آثار التلوث لا تقف عند الحدود الصحية، بل تتجاوزها لتصل آثارها الى الاقتصاد، حيث ترتفع كلفة الرعاية الصحية المرتبطة بأمراض التنفس، كما أن التلوث يصبح مصدرا يهدد السياحة في بعض المناطق'. وأشارت إلى أن 'مستوى تلوث الهواء في لبنان مرتفع بحسب مصادر علمية ودراسات ميدانية نشرت في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال، إن متوسط تركيز الجسيمات الدقيقة (PM2.5) في منطقة طريق المطار في بيروت بلغ 54 ميكروغرام/م³، أي أكثر من 3.5 مرات الحد الأقصى المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية (15 ميكروغرام/م³). وتتكرر هذه المستويات في مناطق أخرى ذات كثافة سكانية أو مرورية عالية، دون تحسن ملحوظ في البنية التحتية للرقابة'. وأضافت 'محطات رصد تلوث الهواء في لبنان، التي تعمل على قياس مستويات ملوثات محددة مثل الجسيمات الدقيقة، ثاني أوكسيد النيتروجين، الأوزون، وأول أكسيد الكربون، غير كافية لمراقبة جودة الهواء بشكل شامل، فهي موزعة على مناطق محددة ومعظم المناطق الريفية والضواحي تفتقر الى محطات فعالة، فمعظمها إما غير مفعل أو يواجه مشاكل في الصيانة، مما يعيق إصدار قرارات تستند إلى بيانات دقيقة'. يذكر أن الشبكة الوطنية لرصد نوعية الهواء في لبنان تم إنشاؤها على مرحلتين، حيث تم افتتاح خمس محطات في عام 2013 مع مساعدة مالية من اليونان، ثم تم إنشاء 21 محطة إضافية في عام 2017 بتمويل من الاتحاد الأوروبي. والشبكة هي نظام من المحطات الثابتة والمتحركة، يهدف إلى قياس جودة الهواء في منطقة معينة، يتم استخدام هذه البيانات لتقييم جودة الهواء واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسينها. تأثرت جودة الهواء في لبنان بشدة، مما يضع اللبنانيين بمواجهة خطر غير مرئي لكنه قاتل، مما يستوجب اتخاذ خطوات عملية لمواجهته. وشددت وهبه على 'ضرورة معالجة مصادر التلوث نفسها، باستبدال المولدات الخاصة بشبكة كهرباء وطنية نظيفة، ودعم التحول نحو الطاقة الشمسية والبديلة، إضافة إلى تطبيق فحص بيئي إجباري للسيارات وضبط الانبعاثات، وإيقاف الحرق العشوائي ودعم النقل العام، وإعادة تنظيمه لتقليل السيارات الخاصة، وتفعيل محطات الرصد وتحديثها وربطها بنظام إنذار مبكر، وتعزيز الوعي البيئي بالتعاون مع الجامعات والمدارس والمجتمع المدني'. اضافت: 'نحن في الجامعة اللبنانية نعمل على تدريب طلاب الدراسات العليا على أدوات التحليل البيئي ونشر ثقافة الوقاية البيئية، وتقديم توصيات علمية لوزارات الصحة والبيئة، من خلال أبحاث مخبرية وميدانية دقيقة. فوزارة وضعت مؤخرا تلوث الهواء كأولوية استراتيجية ضمن خطتها الوطنية، من خلال تعزيز نظام رصد جودة الهواء، وتحديث القوانين المتعلقة بالانبعاثات، وزيادة التعاون مع الوزارات الأخرى، لكن التحدي الأكبر يكمن في تطبيق وتنفيذ هذه الخطط على الأرض، في ظل غياب التمويل الكافي وضعف الرقابة، وتضارب الصلاحيات، مما يستدعي تفعيل دور الجهات الرقابية، وتعزيز الشراكة مع الجامعات ومراكز الأبحاث لدعم القرار البيئي بالمعلومات'. الحلول موجودة لمكافحة التلوث الهوائي، وتحقيق بيئة صحية ومستدامة للجميع، وعالم أكثر نظافة وصحة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية وتعاون فعال بين الدولة والمجتمع المدني والمواطنين، فالتنفس في بلد مثل لبنان يجب أن يكون حقا طبيعيا، لا خطرا يوميا. وكشف تقرير جديد من البنك الدولي الصادر بعنوان 'تسريع وتيرة توفير الهواء النقي على كوكب صالح للعيش'، عن إمكان خفض عدد الأشخاص المعرضين الى مستويات خطرة من تلوث الهواء، بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2040، وذلك من خلال تنفيذ سياسات وتدابير مستهدفة وفعالة. يشار إلى ان منظمة 'آي كيو إير' السويسرية لجودة الهواء، أوصت البلدان بأن تعمل على جعل مدنها أكثر قابلية للمشي وأقل اعتمادا على السيارات، وتعديل ممارسات الغابات للمساعدة في الحد من تأثير دخان حرائق الغابات، والتحرك بسرعة أكبر لتبني الطاقة النظيفة بدلا من الوقود الأحفوري. بيانات منظّمة الصحة العالمية بينت أن جميع سكان العالم تقريباً (99٪) يتنفسون هواء ملوثًا، بما يتجاوز الحدود القصوى الواردة في المبادئ التوجيهية الصادرة عن المنظّمة، ويحتوي على معدّلات عالية من الملوثات، بحيث تعاني البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من أعلى معدلات التعرض للتلوث. يذكر أن لبنان جاء في المرتبة الثالثة عالميا ضمن قائمة الدول الاكثر تلوثا، بحسب ما نشره موقع 'عالم الإحصاء'( World of Statics) على منصة 'إكس' ضمن قائمة الدول الأكثر تلوثا في العالم، كما سجل لبنان أعلى نسبة تلوث بين الدول العربية لعام 2025 وفق مؤشر Numbeo، بينما تتصدر عُمان القائمة كأكثر الدول العربية نظافة من حيث جودة الهواء.

اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي ... وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من "التبغ"
اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي ... وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من "التبغ"

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 5 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

اللبنانيّون بمواجهة خطر غير مرئي ... وأنفاس الناس تختنق بنوع جديد من "التبغ"

لم يعد الهواء في لبنان صالحاً للتنفس، فقد تحول إلى نوع جديد من "التبغ" يفتك بسكان البلاد، وفقًا لتعبير منظمة الصحة العالمية، حيث يعتبر تلوث الهواء من أخطر المشكلات البيئية التي يواجهها لبنان اليوم، حيث يشكل تهديدا صامتا وخطرا على حياة المواطنين وجودة البيئة، وأخطر ما في الأمر أنه يتزايد عامًا بعد آخر. يشار إلى أن تلوث الهواء أو تلوث الجو، هو احتواء الهواء على مواد وعناصر في الغلاف الجوي، تعتبر مضرة بصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، أو تسبب أضرارا للمناخ أو المواد. وهناك العديد من الأنواع المختلفة لملوثات الهواء مثل الغازات (بما في ذلك الأمونيا وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروز والميثان وثاني أكسيد الكربون ومركبات الكلوروفلوروكربون)، والجسيمات المعلقة (العضوية وغير العضوية) والجزيئات البيولوجية. تلوث الهواء لم يعد مجرد ظاهرة بيئية عابرة، بل أصبح أزمة صحية وإنسانية تمس حياة كل فرد. فتحول الهواء إلى خليط من الغازات السامة والملوثات الدقيقة الناتجة من عوامل متعددة. وفي هذا السياق، اكدت البروفيسور زينه داغر وهبه، اختصاصية في علم السموم وتلوث الهواء في الجامعة اللبنانية للديار أن "أسباب تلوث الهواء في لبنان متعددة، لكن ابرزها الحرق العشوائي للنفايات المنزلية والصناعية، وغياب المعايير البيئية في المنشآت الصناعية والورش". وأضافت " إن كثافة استخدام المولدات الكهربائية الخاصة التي تعتمد على المازوت، تطلق جسيمات دقيقة وملوثات سامة في الأحياء السكنية، إضافة إلى الاكتظاظ المروري ووجود عدد من السيارات القديمة، دون فحص ميكانيكي فعال يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون". وبحسب الحركة البيئية اللبنانية، فقد تجاوز عدد المولدات الكهربائية 9 آلاف مولد يعمل على الديزل، في بيروت الإدارية وحدها وبحدود 30 ألف مولد في لبنان. وأكدت وزيرة البيئة تمارا الزين على أنّه "في المدن الكبرى كبيروت، تشكل مولدات الكهرباء أكبر مصدر لتلوث الهواء"، داعية "الى الالتزام بقانون البيئة لضمان خفض نسب تلوث الهواء، التي باتت كارثية على كل المستويات وأخطرها نسب مرض السرطان المتزايدة". ويهدف قانون حماية البيئة رقم 444/2002، وبشكل خاص قانون حماية نوعية الهواء رقم 78/ 2018 إلى ضمان خفض نسب تلوث الهواء، من خلال تحديد قواعد وإجراءات للوقاية من التلوث وكبح تدهوره، كما يحدد القانون الإطار القانوني العام لتنفيذ سياسة حماية البيئة الوطنية، مع التركيز على حماية الهواء والوقاية من الأضرار البيئية. يعتبر التلوث البيئي من أخطر المشاكل التي تواجه الإنسان والكائنات الحية الأخرى على وجه الأرض. وفي لبنان التلوث يتفاقم بصمت، وأنفاس الناس تختنق شيئاً فشيئاً تحت وطأة التلوث، حيث باتت هذه الأزمة تهدد صحة المواطنين وتؤثر سلبا في الاقتصاد والبيئة، حيث أكدت البروفيسور داغر وهبه "أن التعرض المزمن لتلوث الهواء، يزيد من حالات الربو وأمراض القلب والسرطان، إضافة إلى الاضطرابات المناعية"، مشيرة إلى أن "دراسات الجامعة اللبنانية أظهرت آثارا واضحة على خلايا الرئة، وارتفاع مؤشرات الالتهاب". ويعد تلوث الهواء من أبرز العوامل المساهمة في ارتفاع الإصابات بالسرطان في لبنان، لا سيما سرطان الرئة الذي يستحوذ على 12% من مجمل الحالات (ويحل ثانياً بعد سرطان الثدي)، كما يشكل السبب الأول للوفيات بهذا المرض بنسبة 19.3%، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، وإن حوالى 7 ملايين حالة وفاة مبكرة تحصل في العالم يعود سببها الى تلوث الهواء، أي وفاة 800 شخص كل ساعة او وفاة 13 شخصا كل دقيقة. يشكل التلوث الهوائي تحديا كبيرا للمجتمع العالمي، حيث إنه يؤثر في صحة المجتمع في جميع أنحاء العالم، ويسبب خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة لتكاليف الرعاية الصحية، وفقدان الإنتاجية، وزيادة الوفيات المبكرة. وفي هذا الإطار أكدت وهبه أن "آثار التلوث لا تقف عند الحدود الصحية، بل تتجاوزها لتصل آثارها الى الاقتصاد، حيث ترتفع كلفة الرعاية الصحية المرتبطة بأمراض التنفس، كما أن التلوث يصبح مصدرا يهدد السياحة في بعض المناطق". وأشارت إلى أن "مستوى تلوث الهواء في لبنان مرتفع بحسب مصادر علمية ودراسات ميدانية نشرت في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال، إن متوسط تركيز الجسيمات الدقيقة (PM2.5) في منطقة طريق المطار في بيروت بلغ 54 ميكروغرام/م³، أي أكثر من 3.5 مرات الحد الأقصى المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية (15 ميكروغرام/م³). وتتكرر هذه المستويات في مناطق أخرى ذات كثافة سكانية أو مرورية عالية، دون تحسن ملحوظ في البنية التحتية للرقابة". وأضافت "محطات رصد تلوث الهواء في لبنان، التي تعمل على قياس مستويات ملوثات محددة مثل الجسيمات الدقيقة، ثاني أوكسيد النيتروجين، الأوزون، وأول أكسيد الكربون، غير كافية لمراقبة جودة الهواء بشكل شامل، فهي موزعة على مناطق محددة ومعظم المناطق الريفية والضواحي تفتقر الى محطات فعالة، فمعظمها إما غير مفعل أو يواجه مشاكل في الصيانة، مما يعيق إصدار قرارات تستند إلى بيانات دقيقة". يذكر أن الشبكة الوطنية لرصد نوعية الهواء في لبنان تم إنشاؤها على مرحلتين، حيث تم افتتاح خمس محطات في عام 2013 مع مساعدة مالية من اليونان، ثم تم إنشاء 21 محطة إضافية في عام 2017 بتمويل من الاتحاد الأوروبي. والشبكة هي نظام من المحطات الثابتة والمتحركة، يهدف إلى قياس جودة الهواء في منطقة معينة، يتم استخدام هذه البيانات لتقييم جودة الهواء واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسينها. تأثرت جودة الهواء في لبنان بشدة، مما يضع اللبنانيين بمواجهة خطر غير مرئي لكنه قاتل، مما يستوجب اتخاذ خطوات عملية لمواجهته. وشددت وهبه على "ضرورة معالجة مصادر التلوث نفسها، باستبدال المولدات الخاصة بشبكة كهرباء وطنية نظيفة، ودعم التحول نحو الطاقة الشمسية والبديلة، إضافة إلى تطبيق فحص بيئي إجباري للسيارات وضبط الانبعاثات، وإيقاف الحرق العشوائي ودعم النقل العام، وإعادة تنظيمه لتقليل السيارات الخاصة، وتفعيل محطات الرصد وتحديثها وربطها بنظام إنذار مبكر، وتعزيز الوعي البيئي بالتعاون مع الجامعات والمدارس والمجتمع المدني". اضافت: "نحن في الجامعة اللبنانية نعمل على تدريب طلاب الدراسات العليا على أدوات التحليل البيئي ونشر ثقافة الوقاية البيئية، وتقديم توصيات علمية لوزارات الصحة والبيئة، من خلال أبحاث مخبرية وميدانية دقيقة. فوزارة وضعت مؤخرا تلوث الهواء كأولوية استراتيجية ضمن خطتها الوطنية، من خلال تعزيز نظام رصد جودة الهواء، وتحديث القوانين المتعلقة بالانبعاثات، وزيادة التعاون مع الوزارات الأخرى، لكن التحدي الأكبر يكمن في تطبيق وتنفيذ هذه الخطط على الأرض، في ظل غياب التمويل الكافي وضعف الرقابة، وتضارب الصلاحيات، مما يستدعي تفعيل دور الجهات الرقابية، وتعزيز الشراكة مع الجامعات ومراكز الأبحاث لدعم القرار البيئي بالمعلومات". الحلول موجودة لمكافحة التلوث الهوائي، وتحقيق بيئة صحية ومستدامة للجميع، وعالم أكثر نظافة وصحة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية وتعاون فعال بين الدولة والمجتمع المدني والمواطنين، فالتنفس في بلد مثل لبنان يجب أن يكون حقا طبيعيا، لا خطرا يوميا. وكشف تقرير جديد من البنك الدولي الصادر بعنوان "تسريع وتيرة توفير الهواء النقي على كوكب صالح للعيش"، عن إمكان خفض عدد الأشخاص المعرضين الى مستويات خطرة من تلوث الهواء، بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2040، وذلك من خلال تنفيذ سياسات وتدابير مستهدفة وفعالة. يشار إلى ان منظمة "آي كيو إير" السويسرية لجودة الهواء، أوصت البلدان بأن تعمل على جعل مدنها أكثر قابلية للمشي وأقل اعتمادا على السيارات، وتعديل ممارسات الغابات للمساعدة في الحد من تأثير دخان حرائق الغابات، والتحرك بسرعة أكبر لتبني الطاقة النظيفة بدلا من الوقود الأحفوري. بيانات منظّمة الصحة العالمية بينت أن جميع سكان العالم تقريباً (99٪) يتنفسون هواء ملوثًا، بما يتجاوز الحدود القصوى الواردة في المبادئ التوجيهية الصادرة عن المنظّمة، ويحتوي على معدّلات عالية من الملوثات، بحيث تعاني البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من أعلى معدلات التعرض للتلوث. يذكر أن لبنان جاء في المرتبة الثالثة عالميا ضمن قائمة الدول الاكثر تلوثا، بحسب ما نشره موقع "عالم الإحصاء"( World of Statics) على منصة 'إكس' ضمن قائمة الدول الأكثر تلوثا في العالم، كما سجل لبنان أعلى نسبة تلوث بين الدول العربية لعام 2025 وفق مؤشر Numbeo، بينما تتصدر عُمان القائمة كأكثر الدول العربية نظافة من حيث جودة الهواء. المصدر: الديار الكاتب: ربى أبو فاضل انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store