
مستقبل الاقتصاد العراقي بين تزايد السكان وتراجع النفط
يواجه مستقبل الاقتصاد العراقي تحديات كبيرة أهمها استمرار تزايد السكان بالتزامن تراجع النفط مستقبلاً.
ان فهم تلك التحديات التي ستواجه الاقتصاد العراقي لابد أولاً معرفة واقع الاقتصاد العراقي مروراً بالتحديات والانتهاء بأهم الخطوات الواجب اتباعها لتجنب او التخفيف من تلك التحديات.
ادارياً: على الرغم من اتجاه العراق نحو اللامركزية الاقتصادية وتبني نظام السوق والقطاع الخاص إلا ان الدولة لازالت تقود الاقتصاد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. إذ لازالت الدولة تملك النسبة الأكبر من عناصر الانتاج من ناحية، ولم تعمل على بناء بيئة اعمال جاذبة ومشجعة للاستثمار المحلي والاجنبي من ناحية أخرى. وما زاد من سوء الأمر هو تصلب الثقافة الاقتصادية بحكم تطبع المجتمع بثقافة الدولة قبل عام 2003 واستمرت بعد 2003 بحكم فقدان فاعلية المؤسساتية واحلال النفط محل الدولة. بمعنى ان النفط وبحكم فقدان فاعلية المؤسساتية؛ أخذ دور الدولة ليجعل المجتمع تابعاً للدولة استكمالاً لدورها الذي كان سائداً قبل2003.
أي ان المجتمع لم يقود نفسه بنفسه اقتصادياً وظل تابعاً للدولة في تسيير شؤونه الاقتصادية.
قطاعياً: حيث يهمن النفط على الاقتصاد في مجمل مؤشراته الانتاجية والمالية والنقدية والتجارية والعّمالية.
- الناتج المحلي الاجمالي:
إذ تتراوح نسبة مساهمة النفط لوحدة بين 40 و60% في الناتج المحلي الاجمالي، والنسبة المتبقية تشمل كل النشاطات الاخرى، مما يعني استحواذ النفط على الحصة الأكبر في الانتاج.
- الايرادات العامة
حيث تشكل الايرادات النفطية نسبة كبيرة حوالي 90% من الايرادات العامة، وتشكل الايرادات الاخرى 10%.
- الصادرات النفطية
تشكل الصادرات النفطية نسبة كبيرة جداً بما لا يقل عن 98 من الصادرات السلعية، وهذا ما يعكس احادية الاقتصاد العراقي.
من هذه المؤشرات يتضح ان العراق يفتقد لإدارة النفط بالشكل السليم، لان الادارة السليمة تعمل على توظيف النفط بما يسهم في تنويع الاقتصاد انتاجياً وتجارياً ومالياً في حين هذا التنويع لم يتحقق بل لازال الاقتصاد العراقي شديد الاعتماد على النفط كما اتضح في المؤشرات اعلاه.
ما يُعقّد الأمر أكثر، هو انخفاض اهمية النفط مستقبلاً، التي بدأت بوادر هذا الانخفاض من الان، وما يؤكد انخفاض أهمية النفط مستقبلاً هو تطور انتاج السيارات الكهربائية في الدول المستهلكة للنفط بشكل كبير.
علماً ان جذور التقليل من اهمية النفط تعود لعام 1974 عندما تأسست وكالة الطاقة الدولية كردة فعل على استخدم النفط كسلاح من قبل الدول العربية ضد الدول الغربية الداعمة لإسرائيل في حرب اكتوبر عام 1973، مما تسبب في ازمة نفط عالمية عُرفت بالصدمة النفطية الاولى.
وبدأت نتائجها تتضح في السنوات الاخيرة، حيث أنتج العالم 2 مليون سيارة كهربائية عام 2020 وارتفع ليصل الى 9.5 مليون سيارة عام 2024 ومن المتوقع أن يصل الانتاج الى 28 مليون سيارة عام 2030، وكما موضح في الشكل أدناه. ومن المتوقع ان تحل المركبات الكهربائية محل أكثر من 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030. بعبارة اخرى انه سيتم الاستغناء عن 5 مليون برميل عام 2030 مما يعني حصول فائض في العرض النفطي العالمي ومن ثم انخفاض اسعار النفط الى من 71 دولار عام 2026 الى 58 دولار عام 2028 وايراداته بشكل تلقائي مما سيجعل الاقتصادات النفطية الاحادية كالاقتصاد العراقي في موقف حرج جداً.
المصدر: وكالة الطاقة الدولية
حيث نشرت وزارة التخطيط، على موقعها ان التعداد السكاني في العراق سيزداد من35.2 مليون نسمة عام 2015 الى 51.2 مليون نسمة عام 2030.
ان زيادة عدد سكان العراق بهذا الرقم يعني ان العراق بحاجة لبذل مزيد من الجهود لمواجهة متطلبات هذا الزيادة السكانية القادمة وإلا فإن الازمة ستكون أمر واقع لا محاله.
حيث ان زيادة السكان تتطلب المزيد من خدمات البنية التحتية من طرق معبدة وماء وكهرباء وصرف صحي واقتصاد قادر على خلق فرص عمل للأيدي العاملة التي ستدخل لسوق العمل.
وبحكم ان التطور المتسارع في شتى المجالات، أصبح الاقتصاد لا يكتفي بتوفر الايدي العاملة وحسب بل يتطلب ايدي عاملة ماهرة، مما يحتم على الدولة الاهتمام بالتعليم بشكل مركز للارتقاء بجودة التعليم وتسليح مخرجاته بالمهارات النوعية المطلوبة في سوق العمل. كما يتطلب ذلك، التعداد السكاني المتزايد؛ الاهتمام بالجانب الصحي والبيئي، لان الاهتمام بهما يعني رفد الاقتصاد بمجتمع معافى صحياً اضافة الى انهما جزء اساسي من حقوق الانسان.
في ضوء ما تقدم، يمكن القول ان مستقبل الاقتصاد العراقي ليس كما يرام بل سيواجه مستقبلاً صعباً بحكم تراجع النفط الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد العراقي من ناحية، وزيادة الحاجة للتمويل بسبب التعداد السكاني المتزايد من ناحية اخرى الى جانب ضعف الاقتصاد المحلي من ناحية ثالثة.
إذن ما المطلوب فعله من الآن لتجنب المستقبل الصعب؟
يتطلب العمل بشكل جدّي على الكثير من النقاط ويمكن القول من أهمها هي الآتي:
اولاً: رسم رؤية اقتصادية واضحة من شأنها تجعل الجميع يعرف اتجاه الاقتصاد العراقي ليتفاعل الجميع على اساسها.
ثانياً: العمل على تفعيل دور المؤسساتية بشكل حقيقي لضمان سير الاقتصاد بشكل آمن.
ثالثاً: توظيف الايرادات النفطية باتجاه البنية التحتية والتعليم والصحة والمجالات التي لا يقدم عليها القطاع الخاص.
رابعاً: بناء مناخ استثماري محفز للاستثمار المحلي وجاذب للاستثمار الاجنبي.
خامساً: توعية المجتمع بمدى أهمية الاعتماد على الذات من ناحية والاهتمام بالتعليم من ناحية ثانية وذلك من خلال الاعلام بكل اشكاله.
الخلاصة، ان تجنب مخاطر تراجع النفط مستقبلاً بالتزامن مع زيادة التعداد السكاني، يتطلب العمل على تقوية الاقتصاد من الان وتوعيه المجتمع بضرورة التركيز على التعلم وبناء المهارات لضمان مستقل أفضل لهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 3 ساعات
- بيروت نيوز
استقرار أسعار الذهب في السوق المصري وسط توقف التداول العالمي
سجل سعر الذهب اليوم، بالسوق المصري، حالة من الاستقرار مع تغيرات محدودة في عيار 21 وجميع الأعيرة الذهب، في ظل توقف التداول على الذهب في البورصة العالمية. أسعار الذهب اليوم سعر الذهب عيار 24: 5274 جنيهًا سعر الذهب عيار 18: 3956 جنيهًا سعر الجنيه الذهب: 36920 جنيهًا. استطاع الذهب العالمي الارتفاع للأسبوع الثاني على التوالي بعد أن وجد الدعم من ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن في ظل استمرار التوترات التجارية العالمية، بالإضافة إلى التوقعات بخفض أسعار الفائدة إلى جانب الأخبار الأخيرة عن فرض رسوم جمركية أمريكية على واردات الذهب. سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاعا خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1% ليسجل أعلى مستوى عند 3409 دولار لأونصة بعد أن افتتح تداولات الأسبوع عند 3364 دولار للأونصة وقد أغلق الذهب تداولات الأسبوع عند المستوى 3397 دولار للأونصة. ارتفع الذهب للأسبوع الثاني على التوالي وتمكن خلال الأسبوع من التداول فوق المستوى 3400 دولار للأونصة، ولكنه عند الاغلاق عاد ليغلق تحت هذا المستوى مما يدل على عدم كفاية الزخم الصاعد لاستقرار تداولات الذهب فوق هذا المستوى.


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
الذكاء الاصطناعي في أفريقيا يتجاوز 16.5 مليار دولار بحلول 2030
أصدرت ماستركارد تقريراً جديداً بعنوان تسخير القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي في أفريقيا، وهو دراسة على مستوى القارة تتناول مدى جاهزية أفريقيا لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، إلى جانب الفرص المتاحة والخطوات المستقبلية المقترحة. يقدم التقرير تحليلاً مفصلاً حول كيف يمكن للذكاء الاصطناعي، عند استخدامه بشكل عادل وشامل، أن يحقق نتائج مؤثرة في قطاعات حيوية مثل الزراعة، الرعاية الصحية، التعليم، الطاقة، والتمويل. ومع التوقعات بنمو سوق الذكاء الاصطناعي في أفريقيا من 4.5 مليارات دولار في 2025 إلى 16.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير صادر عن موقع "Statista"، يؤكد التقرير أهمية التعاون بين مختلف الأطراف والاستثمار المشترك. كما يسلط الضوء على نقاط القوة التي تميز أفريقيا، مثل التركيبة السكانية الشابة، والاعتماد الكبير على الهواتف المحمولة، وروح ريادة الأعمال المنتشرة، ما يجعلها في موقع جيد لصياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي. وقال مارك إليوت، رئيس قطاع أفريقيا في ماستركارد: "إن تفاعل أفريقيا مع الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل في تغيير حياة الناس ، ليس فقط في المختبرات، بل في الحقول والمراكز الصحية والفصول الدراسية أيضاً. ولتحقيق أقصى فائدة، نحن بحاجة إلى استثمارات في البنية التحتية والبيانات والمهارات والسياسات". ويتناول التقرير أيضاً الأثر الإيجابي المتوقع للذكاء الاصطناعي على تطوير البنية التحتية الرقمية، والسياسات العامة، والبحث العلمي، وتحسين معالجة اللغات المحلية، بالإضافة إلى تعزيز تدفق الاستثمارات في القارة. كما يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسرّع من خلق فرص العمل الرقمية، حيث يُتوقع توفير ما يصل إلى 230 مليون وظيفة رقمية بحلول عام 2030، إلى جانب تحسين الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية من خلال أدوات مثل تقييم الجدارة الائتمانية المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتقنيات كشف الاحتيال. ووفقاً للتقرير، استقطبت جنوب أفريقيا استثمارات بقيمة 610 ملايين دولار في رأس المال الاستثماري المخصص للذكاء الاصطناعي خلال عام 2023. وتحتضن البلاد "معهد الذكاء الاصطناعي في جنوب أفريقيا"، الذي يُعد بوابة للطلاب والمهنيين للوصول إلى تعليم عالمي وأحدث الأبحاث والمستجدات في القطاع. كما تهدف الخطط الوطنية إلى تطوير 300 شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وتدريب 5,000 متخصص بحلول عام 2030، ما يؤسس لنظام بيئي محلي مزدهر في هذا المجال. سيكون اغتنام إمكانيات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا عاملاً حيوياً في تسريع الشمول المالي وتعزيز النمو الرقمي والاقتصادي للقارة. وتُعد التعاونات الاستراتيجية بين الحكومات، وشركات التكنولوجيا المالية، والشركاء العالميين مفتاحاً لتحقيق الأثر الكامل للذكاء الاصطناعي.


دفاع العرب
منذ 3 ساعات
- دفاع العرب
'أسيلسان' التركية توقع عقد تصدير بقيمة 78.5 مليون دولار
أعلنت شركة أسيلسان التركية للصناعات الدفاعية، الجمعة، توقيع عقد تصدير بقيمة 78,5 مليون دولار مع عميل دولي. وذكرت الشركة في بيان لها، أن العقد لبيع أنظمة دفاع جوي، دون أن تكشف عن الجهة التي وقعت معها العقد. وتأسست 'أسيلسان' عام 1975 بمبادرة من مؤسسة 'تعزيز القوات المسلحة التركية'، بهدف تلبية احتياجات الجيش التركي في مجال أجهزة الاتصالات، وتشتهر بصناعة أنظمة وأجهزة إلكترونية لأغراض عسكرية. وتعد 'أسيلسان' من الشركات التركية الرائدة في تصميم وإنتاج وتركيب أدوات وأنظمة الاتصالات بين القوات البرية والجوية والبحرية، وفقا للمعايير العسكرية.