
مواجهات طاحنة بين الجيش و"الدعم السريع" في الفاشر وبابنوسة
كبح وسيطرة
وكشفت مصادر عسكرية أن الجيش و"القوات المشتركة" الحليفة له، خاضا أمس الخميس اشتباكات عنيفة لليوم الرابع على التوالي، وتمكنا من كبح محاولة جديدة من "الدعم السريع" للتسلل نحو عمق المدينة ومقر الفرقة السادسة للجيش، وبسطا سيطرتهما الكاملة على معظم المحاور، مشيرة إلى أن الطيران الحربي تمكن من تدمير قافلة من إمدادات الأسلحة والذخائر على حدود السودانية - التشادية كانت في طريقها إلى المدينة.
أوضحت المصادر أن الجيش و"المشتركة" نصبا مكمناً ناجحاً ضد "الدعم السريع"، أسفر عن تدمير أربع مدرعات والاستيلاء على تسع أخرى، ومقتل 16 من عناصرها بينهم مرتزقة أجانب.
ومنذ منتصف الأسبوع الماضي استأنفت قوات "الدعم السريع" هجماتها العنيفة على المحور الجنوبي للمدينة، ضمن محاولاتها التقدم نحو دفاعات الفرقة السادسة مشاة للجيش.
وعلى رغم نفي الجيش إحراز "الدعم السريع" أي تقدم نحو مقر قيادة الفرقة السادسة، فإن القوات ما زالت تؤكد تقدمها واقترابها من مقر قيادة الفرقة، مشيرة إلى أن حقول الألغام حول مقر الفرقة هي ما يعوق تقدمهم أكثر.
درع حصينة
وجدد قائد الفرقة السادسة مشاة بالفاشر، اللواء محمد أحمد الخضر، تأكيد أن الفرقة ستظل درعاً حصينة للدفاع عن البلاد والفاشر ومواصلة دحر الميليشيات المتمردة وفك الحصار عن المدينة.
وأوضح الخضر، في كلمة له لمناسبة عيد الجيش المئوي، أن "القوات المسلحة والمشتركة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين والمقاومة الشعبية، سطروا ملاحم من المجد في معركة الكرامة الوطنية وظلت صامدة في وجه التحديات بعزم وإرادة قوية".
ومع تصاعد المواجهات في الصراع المحتدم للسيطرة على مدينة الفاشر شمال دارفور منذ منتصف الأسبوع الماضي من دون انقطاع، بلغت الأزمة الإنسانية المأسوية ذروتها، وبات سكان الفاشر يواجهون خطر الموت جوعاً نتيجة النقص الحاد في الغذاء والرعاية الصحية.
ويواصل وباء الكوليرا تفشيه المقلق في مناطق جديدة في دارفور، بخاصة في معسكرات طويلة وجبل مرة ونيالا وزالنجي ومحلية شعيرية بمنطقة خزان جديد، بازدياد مطرد في عدد الحالات اليومية المسجلة بمراكز النزوح، وفق المنسقية العامة للنازحين بدارفور.
وأفاد آخر تحديث للمنسقية بأن إجمال الحالات اليومية منذ تفشي المرض بلغ 6119 إصابة و260 وفاة.
وطالب والى شمال دارفور، الحافظ بخيت، المجلس باتخاذ خطوات عملية لإنفاذ القرار رقم 2730 الذي طالب فيه الميليشيات برفع الحصار عن الفاشر ووقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق.
ونوه بخيت في معرض ترحيبه ببيان مجلس الأمن الأخير في شأن أزمة الفاشر، بأن الأوضاع الإنسانية بالمدينة لا تحتمل التأخير في إيصال المساعدات الإنسانية، مبيناً أن الميليشيات عندما فشلت في إسقاط المدينة عسكرياً أصبحت تستخدم تجويع المواطنين ومحاصرتهم لإسقاطها مما يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان تستوجب المحاسبة والعقاب.
عد الوالي هذه الحرب "وجودية تستهدف وحدة السودان"، مؤكداً أن "دارفور والفاشر تحديداً لن تكون البوابة للوصول إلى هذه الأهداف مهما كان الثمن".
وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" أعلنت تسجيل وفاة 40 شخصاً في الأقل بسبب الكوليرا خلال أسبوع واحد بدارفور في ظل تفش واسع للمرض في البلاد. ونبهت المنظمة إلى أن فرقها الطبية عالجت أكثر من 2300 مريض في الإقليم، مشيرة إلى أن سكان السودان يعانون الآن أسوأ تفش للكوليرا تشهده البلاد منذ أعوام.
إسقاط واشتباكات
وفي غرب كردفان، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات الفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة وقوات "الدعم السريع" التي تحاصر المدينة منذ أشهر بعد تهجير معظم سكانها. ووقعت الاشتباكات أثناء هجوم شنته "الدعم السريع" للاستيلاء على المؤن ومعدات لوجيستية أسقطها الطيران الحربي لإمداد الفرقة 22 مشاة.
وبحسب المصادر، تمكنت قوات الفرقة 22 من تسلم الإمدادات "وكبدت العدو خسائر كبيرة واستولت على ثلاث عربات قتالية". وتفرض قوات "الدعم السريع" حصاراً على مدينة بابنوسة منذ أشهر عدة، مع تصعيد وتيرة هجماتها المتكررة على المدينة منذ ذلك الحين، لكنها فشلت في إسقاط الفرقة نتيجة الدفاع المستميت عنها.
آلاف النازحين
في شمال كردفان تشهد مناطق وأرياف غرب مدينة بارا عمليات حربية نشطة نفذت خلالها "قوات العمل الخاص" عملية ناجحة خلف خطوط "الدعم السريع" بهدف الاقتراب أكثر وتضييق الخناق على مدينة الأبيض عاصمة الولاية، مما أدى إلى تشتيت عناصرها وأحدثت في صفوفها خسائر كبيرة، بحسب مصادر ولائية.
وكشفت "شبكة أطباء السودان" عن وصول قرابة 3 آلاف أسرة مهجرة من 66 قرية بولاية شمال كردفان إلى ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، بعد الهجمات التي شنتها الميليشيات على قراهم.
وأكد بيان للشبكة أن تلك الأسر تعرضت لعمليات طرد وتهجير قسري، ونهب للأموال والحيوانات، فضلاً عن حملات اعتقال لعدد من قادتها، في هجمات ممنهجة شنتها الميليشيات على مناطقهم في إداريتي أم سيالة وأم قرفة.
وأكدت الشبكة أن هذه الأعمال الإجرامية أدت إلى تشريد آلاف الأسر مما يعرضهم لأخطار كبيرة بخاصة مع قرب موسم الزراعة الذي يعد شريان حياة لكثيرين في المنطقة. وأضافت أن "استمرار مثل تلك السياسات ستفاقم الأزمة الإنسانية في شمال كردفان، وتفشل الموسم الزراعي، مما يعني فرض جوع ممنهج على السكان الذين يعتمدون بصورة رئيسة في معيشتهم على الزراعة".
لا مصالحة أو مهادنة
إلى ذلك جدد قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، "العزم على المضي في معركة الكرامة وعدم المهادنة والمصالحة ودحر التمرد مهما كانت الكلفة".
وهنأ البرهان، في كلمة ألقاها أمس الخميس لمناسبة مرور 100 عام على تأسيس القوات المسلحة، و71 عاماً على "سودنتها"، الضباط وضباط الصف والجنود على "المجد الذي بناه السودانيون، وهم نفسهم بناة هذه الحضارة العظيمة وهم نفسهم من بنوا القوات المسلحة وداوموا على إسنادها".
وحيا قائد الجيش، "السودانيين الذين ظلوا يقفون إلى جانب القوات المسلحة"، مشيداً بـ"الأبطال المرابطين في الثغور في كل مكان، لا سيما في الفاشر وبابنوسة وكادوقلي وفي كل متحركات القوات التي تدافع عن الحق وتحمي السودان".
على نحو متصل شدد رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، على ضرورة "تسخير كل الإمكانات المتاحة وتوفير الدعم اللازم لتمكين القوات المسلحة من أداء واجبها الوطني بفعالية وكفاءة، وتطويرها وتعزيز قدرتها القتالية لتحقيق التميز والريادة بين الجيوش العالمية".
"تأسيس" ومجلس الأمن
في المقابل، وتعقيباً على بيان مجلس الأمن الدولي، الرافض لقيام حكومة موازية لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس) لتهديدها وحدة السودان، أكد التحالف أن "وحدة البلاد مبدأ غير قابل للمساومة ويمثل حجر الزاوية في مشروعه السياسي الهادف لإنهاء الحرب وبناء دولة علمانية تحقق الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية".
وأكد المتحدث الرسمي باسم التحالف، علاء الدين نقد، الالتزام بتحقيق سلام عادل وشامل يعالج جذور الأزمة الوطنية ومسببات الحروب ويضمن مشاركة جميع المكونات السودانية في صياغة مستقبل البلاد، معتبراً أن التفاوض هو الوسيلة لإنهاء الحرب ولكنه لن يكون كسابقاته من جولات التفاوض التي عبث بها وخربها تنظيم "الإخوان المسلمين".
وأوضح نقد أن "التحالف أطلق نداءات عدة تدعو المدنيين إلى مغادرة مناطق العمليات النشطة في الفاشر وفتح ممرات إنسانية آمنة لخروجهم"، مبيناً أن قواته أخرجت أكثر من 800 ألف مواطن من مدينة الفاشر إلى مناطق آمنة التزاماً بالقانون الدولي الإنساني.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حماية المدنيين
على الصعيد نفسه أكد المستشار القانوني لقائد "الدعم السريع" محمد مختار أن قوات تحالف "تأسيس" ملتزمة حماية المدنيين، وتأمين الطرق الآمنة لهم، وتقديم المساعدة للنازحين من مدينة الفاشر إلى مناطق الإيواء. وأوضح مختار أن قوات "تأسيس" اتخذت التدابير اللازمة، بما في ذلك تشكيل لجان تحقيق، ومعالجة الظواهر السلبية، وإقامة محاكم ميدانية عسكرية لكل من يعبث بأمن وحياة المواطنين.
وكانت الحكومة السودانية قد رحبت بتجديد مجلس الأمن الدولي دعوته (الميليشيا) إلى رفع الحصار عن مدينة الفاشر ووقف القتال، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق
وثمن بيان لوزارة الخارجية السودانية ما ورد في بيان مجلس الأمن من إدانة واضحة لانتهاكات "الدعم السريع"، مؤكداً أن "هذا الموقف يعكس الإجماع الدولي الرافض لتلك القوات، بما في ذلك مواقف المنظمات الإقليمية والدولية والأمين العام للأمم المتحدة والدول الصديقة".
وأشار البيان إلى أن "المجلس أعرب عن قلقه العميق إزاء الاعتداءات على العمليات الإنسانية من قبل الميليشيات، وحثها على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ومبادئ العمل الإنساني".
دولياً، طالب الاتحاد الأوروبي قوات "الدعم السريع" وحلفاءها برفع الحصار عن مدينة الفاشر، امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736 لعام 2024.
ودعا بيان مشترك للجهات المانحة في شأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان، صادر عن المملكة المتحدة ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة والنرويج والسويد وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيرلندا وسويسرا وكندا، إلى جانب المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، كلاً من الجيش و"الدعم السريع" إلى الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي في حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وإزالة جميع القيود وفتح كل الطرق الممكنة والاتفاق على طرق لتقديم المعونة الإنسانية عبر خطوط النزاع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 4 ساعات
- حضرموت نت
ناقلة نفط تخترق آلية التفتيش الأممية وتصل ميناء الصليف الخاضع لسيطرة الحوثيين
كشفت منصة 'يوب يوب' عن دخول ناقلة النفط 'مينغ ري 101' (MING RI 101)، صباح أمس الخميس، إلى ميناء الصليف في محافظة الحديدة، الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي، في خرق واضح لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)، المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن (2216). وأوضحت المنصة أن الناقلة أبلغت- بشكل مضلِّل- أنها متجهة إلى ميناء جدة في السعودية، في محاولة لتفادي التفتيش والمراقبة الدولية التي تديرها الأمم المتحدة من مقرها في جيبوتي، والمخصصة لضمان تدفق السلع ومنع تهريب الأسلحة إلى الموانئ اليمنية غير الخاضعة للحكومة الشرعية. وبيّنت 'يوب يوب' أن السفينة كانت على بُعد 77 ميلًا بحريًا من صلالة بسلطنة عُمان في 9 أغسطس الجاري، قبل أن تغيّر مسارها نحو البحر الأحمر لترسو في نهاية المطاف بميناء الصليف تحت أعين المليشيا المسيطرة. وأضافت المنصة أن الناقلة مملوكة لشركة Mingriguang Shipping Co Ltd ومقرها مدينة تشانجيانغ الصينية، وأن سجلها البحري يكشف عن دخولها ثلاث مرات بين يناير وأغسطس 2025، إلى مناطق قريبة من ميناء رأس عيسى النفطي، مع قيامها بإيقاف أجهزة التعقب لتفادي الرقابة الأممية. ونبّهت 'يوب يوب' إلى أن هذه الواقعة تكشف عن ثغرات كبيرة في آلية التفتيش الأممية، وتزيد المخاوف بشأن استغلال الموانئ الخاضعة للحوثيين في أنشطة غير مشروعة تهدد جهود الاستقرار في اليمن.


سويفت نيوز
منذ 5 ساعات
- سويفت نيوز
ألمانيا تطالب إسرائيل وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية
برلين – واس:دعت ألمانيا، حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليوم، إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية الذي يؤدي إلى انتهاك القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية -في بيان-: 'إن برلين ترفض بشدة ما أعلنته الحكومة الإسرائيلية عن الموافقة على بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية'.وأضاف 'أن خطط بناء مستوطنة 'إي1″ وتوسيع مستوطنة، ستزيد من تقييد حركة السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية من خلال تقسيمها إلى نصفين وعزلها عن القدس الشرقية'. وذكر المتحدث 'أن مثل هذا التحرك يعقّد الخطوات نحو التوصل إلى حل الدولتين عن طريق التفاوض، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية'. مقالات ذات صلة


Independent عربية
منذ 10 ساعات
- Independent عربية
مواجهات طاحنة بين الجيش و"الدعم السريع" في الفاشر وبابنوسة
تتواصل منذ أيام عدة المعارك والمواجهات والقصف المدفعي الثقيل المتبادل بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مناطق عدة بمدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، بخاصة على المحور الجنوبي الغربي. كبح وسيطرة وكشفت مصادر عسكرية أن الجيش و"القوات المشتركة" الحليفة له، خاضا أمس الخميس اشتباكات عنيفة لليوم الرابع على التوالي، وتمكنا من كبح محاولة جديدة من "الدعم السريع" للتسلل نحو عمق المدينة ومقر الفرقة السادسة للجيش، وبسطا سيطرتهما الكاملة على معظم المحاور، مشيرة إلى أن الطيران الحربي تمكن من تدمير قافلة من إمدادات الأسلحة والذخائر على حدود السودانية - التشادية كانت في طريقها إلى المدينة. أوضحت المصادر أن الجيش و"المشتركة" نصبا مكمناً ناجحاً ضد "الدعم السريع"، أسفر عن تدمير أربع مدرعات والاستيلاء على تسع أخرى، ومقتل 16 من عناصرها بينهم مرتزقة أجانب. ومنذ منتصف الأسبوع الماضي استأنفت قوات "الدعم السريع" هجماتها العنيفة على المحور الجنوبي للمدينة، ضمن محاولاتها التقدم نحو دفاعات الفرقة السادسة مشاة للجيش. وعلى رغم نفي الجيش إحراز "الدعم السريع" أي تقدم نحو مقر قيادة الفرقة السادسة، فإن القوات ما زالت تؤكد تقدمها واقترابها من مقر قيادة الفرقة، مشيرة إلى أن حقول الألغام حول مقر الفرقة هي ما يعوق تقدمهم أكثر. درع حصينة وجدد قائد الفرقة السادسة مشاة بالفاشر، اللواء محمد أحمد الخضر، تأكيد أن الفرقة ستظل درعاً حصينة للدفاع عن البلاد والفاشر ومواصلة دحر الميليشيات المتمردة وفك الحصار عن المدينة. وأوضح الخضر، في كلمة له لمناسبة عيد الجيش المئوي، أن "القوات المسلحة والمشتركة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين والمقاومة الشعبية، سطروا ملاحم من المجد في معركة الكرامة الوطنية وظلت صامدة في وجه التحديات بعزم وإرادة قوية". ومع تصاعد المواجهات في الصراع المحتدم للسيطرة على مدينة الفاشر شمال دارفور منذ منتصف الأسبوع الماضي من دون انقطاع، بلغت الأزمة الإنسانية المأسوية ذروتها، وبات سكان الفاشر يواجهون خطر الموت جوعاً نتيجة النقص الحاد في الغذاء والرعاية الصحية. ويواصل وباء الكوليرا تفشيه المقلق في مناطق جديدة في دارفور، بخاصة في معسكرات طويلة وجبل مرة ونيالا وزالنجي ومحلية شعيرية بمنطقة خزان جديد، بازدياد مطرد في عدد الحالات اليومية المسجلة بمراكز النزوح، وفق المنسقية العامة للنازحين بدارفور. وأفاد آخر تحديث للمنسقية بأن إجمال الحالات اليومية منذ تفشي المرض بلغ 6119 إصابة و260 وفاة. وطالب والى شمال دارفور، الحافظ بخيت، المجلس باتخاذ خطوات عملية لإنفاذ القرار رقم 2730 الذي طالب فيه الميليشيات برفع الحصار عن الفاشر ووقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق. ونوه بخيت في معرض ترحيبه ببيان مجلس الأمن الأخير في شأن أزمة الفاشر، بأن الأوضاع الإنسانية بالمدينة لا تحتمل التأخير في إيصال المساعدات الإنسانية، مبيناً أن الميليشيات عندما فشلت في إسقاط المدينة عسكرياً أصبحت تستخدم تجويع المواطنين ومحاصرتهم لإسقاطها مما يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان تستوجب المحاسبة والعقاب. عد الوالي هذه الحرب "وجودية تستهدف وحدة السودان"، مؤكداً أن "دارفور والفاشر تحديداً لن تكون البوابة للوصول إلى هذه الأهداف مهما كان الثمن". وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" أعلنت تسجيل وفاة 40 شخصاً في الأقل بسبب الكوليرا خلال أسبوع واحد بدارفور في ظل تفش واسع للمرض في البلاد. ونبهت المنظمة إلى أن فرقها الطبية عالجت أكثر من 2300 مريض في الإقليم، مشيرة إلى أن سكان السودان يعانون الآن أسوأ تفش للكوليرا تشهده البلاد منذ أعوام. إسقاط واشتباكات وفي غرب كردفان، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات الفرقة 22 مشاة بمدينة بابنوسة وقوات "الدعم السريع" التي تحاصر المدينة منذ أشهر بعد تهجير معظم سكانها. ووقعت الاشتباكات أثناء هجوم شنته "الدعم السريع" للاستيلاء على المؤن ومعدات لوجيستية أسقطها الطيران الحربي لإمداد الفرقة 22 مشاة. وبحسب المصادر، تمكنت قوات الفرقة 22 من تسلم الإمدادات "وكبدت العدو خسائر كبيرة واستولت على ثلاث عربات قتالية". وتفرض قوات "الدعم السريع" حصاراً على مدينة بابنوسة منذ أشهر عدة، مع تصعيد وتيرة هجماتها المتكررة على المدينة منذ ذلك الحين، لكنها فشلت في إسقاط الفرقة نتيجة الدفاع المستميت عنها. آلاف النازحين في شمال كردفان تشهد مناطق وأرياف غرب مدينة بارا عمليات حربية نشطة نفذت خلالها "قوات العمل الخاص" عملية ناجحة خلف خطوط "الدعم السريع" بهدف الاقتراب أكثر وتضييق الخناق على مدينة الأبيض عاصمة الولاية، مما أدى إلى تشتيت عناصرها وأحدثت في صفوفها خسائر كبيرة، بحسب مصادر ولائية. وكشفت "شبكة أطباء السودان" عن وصول قرابة 3 آلاف أسرة مهجرة من 66 قرية بولاية شمال كردفان إلى ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، بعد الهجمات التي شنتها الميليشيات على قراهم. وأكد بيان للشبكة أن تلك الأسر تعرضت لعمليات طرد وتهجير قسري، ونهب للأموال والحيوانات، فضلاً عن حملات اعتقال لعدد من قادتها، في هجمات ممنهجة شنتها الميليشيات على مناطقهم في إداريتي أم سيالة وأم قرفة. وأكدت الشبكة أن هذه الأعمال الإجرامية أدت إلى تشريد آلاف الأسر مما يعرضهم لأخطار كبيرة بخاصة مع قرب موسم الزراعة الذي يعد شريان حياة لكثيرين في المنطقة. وأضافت أن "استمرار مثل تلك السياسات ستفاقم الأزمة الإنسانية في شمال كردفان، وتفشل الموسم الزراعي، مما يعني فرض جوع ممنهج على السكان الذين يعتمدون بصورة رئيسة في معيشتهم على الزراعة". لا مصالحة أو مهادنة إلى ذلك جدد قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، "العزم على المضي في معركة الكرامة وعدم المهادنة والمصالحة ودحر التمرد مهما كانت الكلفة". وهنأ البرهان، في كلمة ألقاها أمس الخميس لمناسبة مرور 100 عام على تأسيس القوات المسلحة، و71 عاماً على "سودنتها"، الضباط وضباط الصف والجنود على "المجد الذي بناه السودانيون، وهم نفسهم بناة هذه الحضارة العظيمة وهم نفسهم من بنوا القوات المسلحة وداوموا على إسنادها". وحيا قائد الجيش، "السودانيين الذين ظلوا يقفون إلى جانب القوات المسلحة"، مشيداً بـ"الأبطال المرابطين في الثغور في كل مكان، لا سيما في الفاشر وبابنوسة وكادوقلي وفي كل متحركات القوات التي تدافع عن الحق وتحمي السودان". على نحو متصل شدد رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، على ضرورة "تسخير كل الإمكانات المتاحة وتوفير الدعم اللازم لتمكين القوات المسلحة من أداء واجبها الوطني بفعالية وكفاءة، وتطويرها وتعزيز قدرتها القتالية لتحقيق التميز والريادة بين الجيوش العالمية". "تأسيس" ومجلس الأمن في المقابل، وتعقيباً على بيان مجلس الأمن الدولي، الرافض لقيام حكومة موازية لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس) لتهديدها وحدة السودان، أكد التحالف أن "وحدة البلاد مبدأ غير قابل للمساومة ويمثل حجر الزاوية في مشروعه السياسي الهادف لإنهاء الحرب وبناء دولة علمانية تحقق الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية". وأكد المتحدث الرسمي باسم التحالف، علاء الدين نقد، الالتزام بتحقيق سلام عادل وشامل يعالج جذور الأزمة الوطنية ومسببات الحروب ويضمن مشاركة جميع المكونات السودانية في صياغة مستقبل البلاد، معتبراً أن التفاوض هو الوسيلة لإنهاء الحرب ولكنه لن يكون كسابقاته من جولات التفاوض التي عبث بها وخربها تنظيم "الإخوان المسلمين". وأوضح نقد أن "التحالف أطلق نداءات عدة تدعو المدنيين إلى مغادرة مناطق العمليات النشطة في الفاشر وفتح ممرات إنسانية آمنة لخروجهم"، مبيناً أن قواته أخرجت أكثر من 800 ألف مواطن من مدينة الفاشر إلى مناطق آمنة التزاماً بالقانون الدولي الإنساني. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حماية المدنيين على الصعيد نفسه أكد المستشار القانوني لقائد "الدعم السريع" محمد مختار أن قوات تحالف "تأسيس" ملتزمة حماية المدنيين، وتأمين الطرق الآمنة لهم، وتقديم المساعدة للنازحين من مدينة الفاشر إلى مناطق الإيواء. وأوضح مختار أن قوات "تأسيس" اتخذت التدابير اللازمة، بما في ذلك تشكيل لجان تحقيق، ومعالجة الظواهر السلبية، وإقامة محاكم ميدانية عسكرية لكل من يعبث بأمن وحياة المواطنين. وكانت الحكومة السودانية قد رحبت بتجديد مجلس الأمن الدولي دعوته (الميليشيا) إلى رفع الحصار عن مدينة الفاشر ووقف القتال، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق وثمن بيان لوزارة الخارجية السودانية ما ورد في بيان مجلس الأمن من إدانة واضحة لانتهاكات "الدعم السريع"، مؤكداً أن "هذا الموقف يعكس الإجماع الدولي الرافض لتلك القوات، بما في ذلك مواقف المنظمات الإقليمية والدولية والأمين العام للأمم المتحدة والدول الصديقة". وأشار البيان إلى أن "المجلس أعرب عن قلقه العميق إزاء الاعتداءات على العمليات الإنسانية من قبل الميليشيات، وحثها على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ومبادئ العمل الإنساني". دولياً، طالب الاتحاد الأوروبي قوات "الدعم السريع" وحلفاءها برفع الحصار عن مدينة الفاشر، امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736 لعام 2024. ودعا بيان مشترك للجهات المانحة في شأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان، صادر عن المملكة المتحدة ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة والنرويج والسويد وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيرلندا وسويسرا وكندا، إلى جانب المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، كلاً من الجيش و"الدعم السريع" إلى الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي في حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وإزالة جميع القيود وفتح كل الطرق الممكنة والاتفاق على طرق لتقديم المعونة الإنسانية عبر خطوط النزاع.