
أزمة غير مسبوقة في قطاع الصحة بالبرتغال: غرف طوارئ مغلقة وطوابير تمتد لـ30 ساعة
في هذا السياق، يؤكد بيدرو بيتا باروس، الخبير في اقتصاديات الصحة، أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم القدرة على التنظيم والإدارة، موضحًا أن هناك تنافسًا بين القطاع العام والخاص يجعل الأخير أكثر كفاءة في التوظيف وأكثر قدرة على الاحتفاظ بالكوادر الطبية، فضلاً عن اهتمام أفضل بالمرضى.
ويضيف في مقابلة مع "يورونيوز": "نواجه معضلتين رئيسيتين: ضعف الإدارة، وأزمة الموارد البشرية. وهما تحديان سيظلان يواجهان النظام الصحي خلال السنوات الثلاث المقبلة".
الحاجة إلى إصلاح شامل للقطاع
في أيار/مايو 2024، أعلنت الحكومة عن خطة طوارئ وإصلاح صحي كان من المفترض تنفيذها في غضون ثلاثة أشهر، لضمان حصول المواطنين على الرعاية الصحية اللازمة.
ومع ذلك، لم يتحقق أي تقدم ملموس، ولا تزال فترات الانتظار في بعض غرف الطوارئ تتجاوز الـ 30 ساعة. وأمام هذا الواقع، أقر رئيس الوزراء خلال نقاش برلماني الأسبوع الماضي بأن الحكومة لا تزال غير راضية عن النتائج.
من جانبه، يرى باروس أنه ينبغي تحويل خطة الطوارئ إلى برنامج مستدام لضمان تحقيق تحسّن مستمر، وقال يجب أن نعترف بأن إصلاح القطاع الصحي لا يمكن تحقيقه في غضون شهر أو شهرين. ويضيف: "القضية ليست في سنّ قوانين جديدة، بل في كيفية تعديل الخدمة الصحية الوطنية بشكل دائم لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمواطنين".
شكاوى وانتقادات
إلى جانب ذلك، يواجه النظام الصحي في البرتغال انتقادات واسعة من المستخدمين، خاصة بسبب نظام الفحص المسبق الإجباري عبر الهاتف قبل التوجه إلى غرف الطوارئ، وهو ما يؤدي إلى تأخير التدخلات الطبية ويُضاعف أوقات الانتظار في المستشفيات.
يقول أحد مستخدمي الخدمة لـ"يورونيوز": "أحد أقاربي أُحيل إلى الطوارئ عبر خدمة Saúde 24، وبقينا هناك 12 ساعة تقريبًا. كانت هناك حالات أخرى لمرضى وصلوا في الليلة السابقة وانتظروا لساعات طويلة".
وقد أثار ذلك انتقاد "حركة مستخدمي الخدمة العامة" (MUSP)، والتي أكدت أن وزارة الصحة تدرك أن "الطوابير الطويلة ناتجة عن نقص المهنيين الصحيين، وفشل النظام في استقطاب الكفاءات والاحتفاظ بها داخل الخدمة الصحية الوطنية".
من جانبها، تتهم وزارة الصحة الحكومة بالاعتماد على حلول بيروقراطية غير مجدية، بدلاً من تنفيذ إصلاحات جذرية في النظام الوطني وزيادة الاستثمار في الطواقم الطبية.
تراجع ثقة المواطنين في النظام الصحي
وفقًا لتقرير صادر عن شركة الأدوية الألمانية "ستادا"، تراجع مستوى الثقة بالرعاية الصحية العامة في أوروبا من 74% في عام 2020 إلى 56% في عام 2024. وفي البرتغال ، قال 49% فقط من المواطنين إنهم راضون عن أداء النظام الصحي.
تحتل البرتغال المرتبة 13 من بين 35 دولة في "مؤشر المستهلك الصحي الأوروبي"، فيما تتصدر سويسرا الترتيب، تليها هولندا والنرويج والدنمارك.
وقد أقرت وزيرة الصحة آنا باولا مارتينز بأن "فترات الانتظار الطويلة في أقسام الطوارئ غير مقبولة"، متعهدة باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة.
ورغم محاولة "يورونيوز" التواصل مع مكتب الوزيرة للاستفسار عن الخطوات الإضافية التي تعتزم الحكومة اتخاذها، لم تتلقَ أي رد حتى موعد نشر هذا التقرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- يورو نيوز
أرقام صادمة: انعدام الأمن الغذائي يمسّ 91% من سكان غزة و345 ألفا يعانون من المجاعة
اعلان ويقول سكان القطاع إن "الحياة تحولت إلى جحيم لا يُطاق" حسب تعبيرهم حيث انهارت كل مقوّمات الحياة: مخابز توقفت عن العمل، مستشفيات تحولت إلى ساحات للموت البطيء، وأطفال يلفظون أنفاسهم الأخيرة جراء الجوع ، كان آخرهم الطفل عدي فادي أحمد الذي قضى بمستشفى الأقصى بدير البلح بسبب سوء التغذية. وقد عكست الأرقام الأخيرة عن حجم المأساة: 3,600 طفل يتلقون العلاج حالياً بسبب سوء التغذية ، ب زيادة 80% عن الشهر الماضي، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). أما اليونيسف، فقد حذرت من أن 335 ألف طفل دون سن الخامسة - أي كل أطفال غزة من هذه الفئة العمرية - على شفا الموت بسبب سوء التغذية الحاد. ويزداد المشهد قتامة مع تقارير تفيد بأن 96% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. 345 ألف شخص في حالة مجاعة كاملة و91% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي وبحسب شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية فإن قطاع غزة قد دخل مرحلة المجاعة الكاملة، محذرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة السكان، خاصة الأطفال والنساء، بسبب استمرار منع المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار 2025. وأشارت الشبكة في بيانها وفقا لمعطيات صادرة عن مؤسسات إغاثية إلى أن 91% من سكان قطاع غزة يعيشون الآن في مرحلة "الأزمة" من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الثالثة فما فوق)، بينما يوجد 345 ألف شخص في المرحلة الخامسة - الأخطر - والتي تعني المجاعة الكاملة. ووفقا للشبكة تكشف الأرقام أن 92% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين، بالإضافة إلى الأمهات المرضعات، لا يحصلون على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، مما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم طوال حياتهم. كما أن 65% من السكان لم يعودوا قادرين على الحصول على مياه نظيفة للشرب أو الطهو. صور لمئات الفلسطينيين يحتشدون أمام أكشاك الطعام للحصول على المساعدات الغذائية يورونيوز من جانبها، اتهمت حركة حماس إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب، وأكدت في بيان لها أن غزة دخلت مرحلة المجاعة الفعلية، واصفة الأزمة بأنها "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث". وقالت الحركة: "منذ 2 مارس/آذار، صعّدت إسرائيل حصارها بإغلاق المعابر ومنعت دخول الغذاء والماء والدواء، في جريمة تمثل تصعيداً خطيراً لسياسة الإبادة الجماعية". Related بين شبح المجاعة وصرخات الاستغاثة.. تحذيرات من كارثة وشيكة في شمال غزة المجاعة تهدد غزة.. أطفال القطاع يصطفون في طوابير للحصول على لقمة طعام تحذير أممي من مجاعة وشيكة في غزة: المخزون الغذائي لن يكفي لأكثر من أسبوعين معاناة يومية مع الجوع وسوء التغذية أمام خيمتها تجلس "أم أيـمن العر" مع أسرتها المكونة من سبعة أفراد، تحكي معاناتها اليومية لـ توفير أبسط مقومات الحياة . زوجها، الذي فقد عمله بسبب الحرب، يخرج كل صباح بحثاً عن أي مصدر رزق، بينما تعتمد العائلة بشكل كامل على ما توفره "التكيات" القريبة ومشاريع الإطعام المؤقتة في المخيم، التي أصبحت بدورها تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية بعد إغلاق المعابر. "عدنا إلى المربع الأول"، تقول أم أيـمن بحسرة، مشيرة إلى اختفاء الخضروات واللحوم من الأسواق، واضطرارها إلى الاعتماد على المساعدات المحدودة التي لم تعد كافية لتلبية احتياجات أسرتها. صور لمئات الفلسطينيين يحتشدون أمام أكشاك الطعام للحصول على المساعدات الغذائية يورونيوز في مخيم آخر، تروي "سهام المبحوح" قصتها المؤلمة مع أبناء شقيقها، الذين أصبحت مسؤولة عنهم بعد مقتل والدتهم وسفر والدهم للعلاج مطلع يناير الماضي. "والله زهقنا من المعكرونة والعدس والرز"، تقول العمّة، التي تعاني مع أطفال أخيها من سوء التغذية بعد اعتمادهم على هذه الأطعمة بشكل يومي منذ بداية رمضان الماضي. وتضيف سهام أنها تعاني من حساسية تجاه المواد الحافظة في المعلبات، التي كانت لفترات طويلة تمثل شريان الحياة الوحيد للعائلة. وتحاول جاهدة حثّ الأطفال على تناول الطعام المتوفر، لكنها تفشل في كثير من الأحيان، بينما تتفاقم المشاكل الصحية لدى الجميع بسبب نقص التغذية السليمة.


يورو نيوز
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- يورو نيوز
لماذا تقلق أوروبا من تنامي السياحة الصحية خارج دول التكتل؟
اعلان يلجأ كثير من الأوروبيين إلى ما يعرف بـ"السياحة الصحية" أو "السياحة العلاجية" بفعل عوامل عدة مثل انخفاض التكاليف، وتوفير تجربة أكثر راحة، أوعدم توفّر بعض العلاجات محليًا، إلا أن هذا التوجه قد يحمل في طياته تهديدات صحية غير متوقعة. في مقابلة مع يورونيوز، قال السياسي الإيطالي وعضو البرلمان الأوروبي ميشيل بيكارو (عن كتلة اليمين المحافظ في الهيئة التشريعية للتكتل) إن أعداد المواطنين الأوروبيين الذين يسافرون لتلقي العلاج في الخارج في تزايد مستمر، بفعل التكاليف المنخفضة مشيرا إلى أنهم يلجؤون إلى ذلك لتجنب الانتظار لفترات طويلة أيضاً، "ولكن غالبًا من دون إدراك كافٍ للمخاطر التي ينطوي عليها هذا الخيار". ودعا بيكارو إلى نقاش أوروبي واسع حول ضرورة تحديد الحد الأدنى من معايير السلامة والجودة، بما يشمل مرافق الرعاية الصحية خارج التكتل، وذلك لحماية المرضى من خلال تزويدهم بمعلومات أكثر شفافية حول التحديات والمخاطر المحتملة. طبيبة تحمل فحوصات لفيروس كورونا أُجريت للسكان المحليين في جزيرة سيكينوس على بحر إيجه، في اليونان، يوم الإثنين 25 أيار/مايو 2020. Thanassis Stavrakis/ AP وفي السنوات الأخيرة، أصبحت دول مثل تركيا وتايلاند وكوريا الجنوبية وجهات مفضلة للراغبين بالعلاج، لما تقدمه من أسعار منخفضة وخدمات مشابهة لتجارب الفنادق الفاخرة. من جهته، قال النائب الأوروبي بيلي كيلير (أيرلندا) خلال جلسة نقاش برلمانية: "تتزايد كلفة الرعاية الصحية ويصبح الحصول عليها أمرًا صعبًا في بعض البلدان الأوروبية . لذا، من الطبيعي أن يسعى بعض المواطنين للحصول على أفضل قيمة وجودة ممكنة مقابل أموالهم، وفي الوقت المناسب، حتى لو كان ذلك خارج الحدود". ولكن مزايا العلاج في الخارج غالبًا ما تخفي وراءها مشاكل حقيقية، خصوصًا فيما يتعلق بمرحلة ما بعد العلاج والآثار الجانبية التي قد تظهر بعد العودة إلى بلدانهم الأصلية. فاتورة "العلاج الرخيص": مضاعفات ومخاطر صحية شهد الاتحاد الأوروبي حالات عديدة لمرضى خضعوا لعلاجات خارج الاتحاد الأوروبي وعانوا بعد عودتهم من مضاعفات صحية خطيرة. ففي آذار/مارس 2023، سجّل المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC) 87 حالة تسمم غذائي ناتجة عن حقن البوتولينوم العصبي (BoNT) داخل المعدة، أو ما يُعرف بـ"البوتوكس"، وقد أجريت جميعها في تركيا. وتروّج العيادات الخاصة في تركيا لهذه العلاجات بأسعار تقل غالبًا إلى النصف مقارنة بالتكاليف في أوروبا ، وهو ما يشجع الكثير من المرضى على اتخاذ هذا الخيار. ولكن بحسب التحذيرات، فـ "غالبًا ما يعود المرضى مقتنعين بأنهم حصلوا على العلاج المطلوب بنصف التكلفة، غير أن انتكاسات خطيرة تظهر بعد نحو ستة أشهر، ما يتطلب علاجات أكثر تعقيدًا وكلفة"، بحسب ما ورد في النقاشات داخل البرلمان الأوروبي. Related هل يؤثر الطعام على الصحة؟ ناجية من سرطان الثدي تكشف الأطعمة التي استبعدتها تماماً من نظامها الغذائي منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر: وفيات سرطان الثدي قد ترتفع بنسبة 68% بحلول 2050 مدير منظمة الصحة العالمية في أوروبا: "نحن في مرحلة وقف النزيف" بعد انسحاب واشنطن وتبرز إشكالية إضافية أيضًا تتعلق بعدم توفر السجلات الطبية الحديثة الخاصة بالعلاج الذي أُجري خارج الاتحاد، ما يعرقل متابعة الحالة عند العودة. وفي السياق ذاته، حذّر مفوض الصحة في الاتحاد الأوروبي، أوليفر فارهيلي، من اعتماد المرضى على عيادات موجودة في دول ثالثة لا تطبّق المعايير الأوروبية نفسها. وقال خلال جلسة للبرلمان في مدينة ستراسبورغ : "في كثير من الحالات، وعند حدوث خطأ طبي مثلا، لا تتوفر سوى وسائل قانونية محدودة، أوهي غير موجودة أصلًا، ما يعرّض المرضى لممارسات غير منظمة". وأضاف أن المنشآت الصحية في الاتحاد الأوروبي تلتزم بلوائح صارمة في ما يخص الصحة والسلامة، وهو ما يضمن جودة العلاجات، بعكس ما هو معمول به في كثير من الدول خارج التكتل، حيث تختلف التشريعات والمعايير بشكل كبير. رعاية عبر الحدود... وقواعد "غير مفعّلة" يوفّر الاتحاد الأوروبي إطارًا تشريعيًا يسمح للمواطنين باللجوء إلى العلاج الطبي خارج بلدانهم، ولكن ضمن دول الاتحاد فقط، وذلك من خلال "توجيه الرعاية الصحية عبر الحدود"، إلا أن التطبيق العملي لهذه التوجيهات ما زال يعاني من عدم التنسيق. وقال توميسلاف سوكول (كرواتيا/حزب الشعب الأوروبي): "تسمح هذه التوجيهات للمرضى في دول الاتحاد الأوروبي بتلقي العلاج في بلدان أعضاء أخرى، لكن القواعد لا تزال معقدة للغاية، ولا تُفعل بالشكل المطلوب في كثير من الحالات". وأوضح أن كثيرًا من المرضى يجهلون حقوقهم أو يجهلون كيفية الاستفادة من هذه التوجيهات، داعيًا المفوضية الأوروبية إلى تبسيط القواعد وتسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية عبر الحدود.


يورو نيوز
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- يورو نيوز
أزمة المياه في غزة: انهيار حصة الفرد بنسبة 97% وكوب واحد أصبح يساوي نحو 19 دولارا
اعلان في ظل الدمار الهائل الذي خلفته الحرب على قطاع غزة، تبرز أزمة المياه كواحدة من أقسى الكوارث الإنسانية التي يعاني منها السكان، حيث تراجعت حصة الفرد من المياه إلى مستويات خطيرة، لتسجل أدنى معدلاتها منذ سنوات. فبعد أن كانت الشبكات والآبار توفر الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية، أصبحت غزة اليوم تواجه شحّاً غير مسبوق ، زادت حدّته بسبب تدمير أكثر من 60% من البنية التحتية لشبكات المياه، فضلاً عن انقطاع الإمدادات الإسرائيلية وشح الوقود اللازم لتشغيل الآبار. ومع كل قطرة ماء يبحث عنها الغزيون، تتكشف مأساة أكبر: شبكات مدمرة، آبار متوقفة، و مصادر ملوثة تهدد الصحة العامة . وأضحت هذه الأزمة لا تشكل خطرا على الحياة اليومية فحسب، بل تمتد آثارها إلى المستقبل، حيث أصبح الوصول إلى مياه نظيفة تحديًا وجوديًا لأكثر من مليوني إنسان يعيشون في القطاع، في ظل ندرة متزايدة وموارد محدودة. انهيار حصة الفرد من المياه بنسبة 97% تحولت أجزاء كبيرة من القطاع -خاصة في شماله وجنوبه- إلى مناطق "منكوبة" وفق توصيفات أممية، بعد أن دمرت إسرائيل عشرات الآبار وشبكات التوزيع، ما جعل الحياة شبه مستحيلة في هذه البقعة الصغيرة. Related مياه الصرف الصحي والقمامة تحاصران الفلسطينيين في غزة وتتسبب بمخاطر صحية كبيرة تقرير "أوكسفام": أزمة مياه غير مسبوقة تهدد شمال غزة ورفح بكارثة صحية فقد تم استهداف مصادر المياه الرئيسية بشكل منهجي، وفقدت العائلات إمكانية الوصول حتى إلى الحد الأدنى من احتياجاتها اليومية. وتشير أرقام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا إلى تدمير أكثر من 67% من مرافق المياه والصرف الصحي، بينما تؤكد بلدية غزة توقف 80% من آلياتها الخدمية، بما فيها مضخات المياه وآليات معالجة الصرف الصحي. اليوم، يعتمد الغزيون على محطات تحلية هشة، تبرعت بها جهات عربية ودولية، لكنها تظل غير كافية لتلبية احتياجات سكان القطاع. ولم تعد الطوابير الطويلة أمام نقاط التوزيع، ومشاهد نقل المياه في دلاء وخزانات بدائية، حالة استثنائية بل واقعاً يومياً يُجبر السكان على تقنين كل قطرة ماء. محطة محلية لتحلية المياه في دير البلح بتاريخ 2 نيسان 2025 يورونيوز حيث كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه الفلسطينية عن انهيار حصة الفرد من المياه بنسبة 97% لتتراجع من 84.6 لترًا يوميًا قبل الحرب إلى ما بين 3-15 لترًا فقط حاليا وتشير البيانات إلى أن الكمية المتاحة اليوم لا تتجاوز 10-20% من إجمالي المياه التي كانت تصل إلى القطاع قبل الحرب، وهي كمية غير مستقرة، ومرهونة بتوفر الوقود اللازم لتشغيل الآبار المتبقية ومحطات التحلية وتتأثر بشكل كبير مع أزمة النزوح المتكررة. مياه البحر المالحة بين الاستعمال كما هي أو التحلية البدائية في مشهد يعكس عمق المأساة، اضطر آلاف الغزيين إلى اللجوء لمياه البحر للغسيل والاستحمام، بينما يحاول البعض تحليتها بطرق بدائية مثل التبخير عبر نار الحطب، دون جدوى تُذكر. أما محطات التحلية الدولية، التي كانت شريان الحياة الوحيد، فقد تعطلت بنسبة 95% بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود ، ما أجبر السكان على الانتظار في طوابير تمتد لساعات للحصول على 20 لترًا من المياه كل أسبوعين. طوابير أمام نقطة توزيع الماء في غزة بتاريخ 2 نيسان 2025 يورونيوز آبار تُحفر على عجل لكن ماءها لا يصلح للاستهلاك في زاوية من معسكر دير البلح، يقف أحمد شرف أمام "بئر العطش" الذي حفره بمجهوده الشخصي، محاولاً إنقاذ 300 أسرة من كارثة الجفاف. لكن المياه التي يضخها هذا البئر على عمق 22 متراً ليست سوى "سم زعاف" – كما يصفها – إذ تبلغ ملوحتها ضعف المسموح به عالمياً، مما يجعلها غير صالحة حتى للغسيل، ناهيك عن الشرب. بعد أن توقفت بلدية دير البلح عن ضخ المياه، اضطر شرف لإنشاء هذا البئر الارتوازي الذي يعمل بالطاقة الشمسية، ليوزع المياه المجانية (أو شبه المجانية) على الأسر بمبلغ لا يتجاوز 10 دولارات شهرياً. ويضيف وهو يفحص التمديدات وما بقي من جهد ببطاريات الطاقة البديلة: "الناس تنتظر لساعات تحت الشمس، وبعضهم يغادر دون حصته." تمديدات لتعبئة المياه المالحة معسكر دير البلح بتاريخ 2 نيسان 2025 يورونيوز وفي مشهد يلخص الانهيار الكامل لقطاع المياه، يصطف العشرات أمام البئر منذ الفجر، يحملون أواني بلاستيكية مهترئة. يقول شرف: "بعض العائلات تعيد استخدام الماء 3 مرات: للغسيل ثم التنظيف ثم المرحاض". أسوء أزمة منذ عقود في مشهد يختزل مأساة إنسانية متكاملة الأبعاد، يواجه قطاع غزة أزمة مياه هي الأسوأ منذ عقود، حيث أدت الحرب الأخيرة إلى تدمير ما يقارب 70% من البنية التحتية للمياه و الصرف الصحي وفق تصريحات اتحاد بلديات القطاع. إذ أكد حسني مهنا الناطق الرسمي للاتحاد أن الدمار طال بشكل خاص شمال وجنوب غزة، ما عطل بالكامل تقديم الخدمات الأساسية للسكان. ومازاد في تفاقم الأوضاع هو استمرار إسرائيل في منع دخول المعدات الثقيلة ومواد إعادة الإعمار، مما يحول دون أي محاولات جادة لترميم ما تبقى من شبكات المياه المتضررة. وأصبح المشهد اليوم في غزة يظهر شاحنات مياه غير معقمة تقف في طوابير طويلة أمام نقاط التعبئة، بينما ينتظر السكان لساعات لملء أوعية بلاستيكية مهترئة، في عملية نقل بدائية تعرض المياه للتلوث وتزيد من مخاطر انتشار الأوبئة. طوابير توزيع المياه شمال قطاع غزة بتاريخ 2 نيسان 2025 يورونيوز وتكشف الأرقام الرسمية أن 39 بئراً مائياً دمرت بالكامل، بينما تعرض 93 بئراً أخرى لأضرار جسيمة، ولم يعد يعمل من أصل 284 بئراً جوفياً سوى 17% منها. في شوارع دير البلح المدمّرة، يجرّ نبيل البحيصي عربته الخشبية التي يعلوها خزان بلاستيكي يحوي هذه المادة الحيوية، يحاول بيع "كوب من الماء" للمارة العطشى. لكن ما كان سابقاً سلعة متاحة للجميع بـ5 شواكل، أصبح اليوم رفاهية، بعد أن ارتفع سعره إلى 70 شيكلاً للكوب الواحد. يقول البحيصي "الناس تشتري الماء اليوم كما تشتري الذهب.. قطرة قطرة بحساب". المأساة تكمن في التفاصيل التي يرويها البحيصي: محطة تحلية دير البلح - التي أصبحت المصدر الوحيد تقريباً للمياه الصالحة للشرب في المنطقة - هي نفسها تعاني من شح الوقود وانهيار قطع الغيار. ما كان يكلفه 3 شواكل لملء الكوب الواحد قبل الحرب، أصبحت كلفته الآن 30 شيكلاً حين يخرج من المحطة، قبل أن يبيعه بـ70 شيكلاً بعد حساب تكاليف النقل المتوفرة من الغاز أو السولار الذي يُشترى من السوق السوداء بأسعار فلكية. اعلان معاناة النازحين في شمال غزة للحصول على مياه الشرب في المخيمات المكتظة بشمال القطاع، يتحول الحصول على كوب ماء نظيف إلى معركة يومية تنهك النازحين . موسى عليان، عضو فريق مبادرة "رحماء بينهم"، يروي كيف تحولت مشاريع سقيا الماء من أعمال خيرية مؤقتة إلى شريان حياة أساسي لآلاف العائلات التي تعيش في خيام مزدحمة تفتقر لأدنى مقومات الحياة. يقول عليان: "أطلقنا مبادرات طويلة الأمد لسقيا الماء بسبب الشح الكبير في الموارد، نحاول توفير الجهد والوقت على النازحين الذين يعيشون في ظروف لا إنسانية". لكن هذه المهمة تواجه تحديات جمة، أبرزها ندرة الوقود اللازم لتشغيل سيارات نقل المياه، بالإضافة إلى الخوف الدائم من استهداف هذه السيارات من قبل الجيش الإسرائيلي. حين يصبح كوب الماء في غزة حلما بعيد المنال تكلفة نقل المياه أصبحت باهظة بشكل غير مسبوق، حيث يصل سعر الكوب الواحد من المياه الصالحة للشرب ما بين 150 و200 شيكل، مما يعني أن تكلفة تعبئة عربة واحدة قد تصل إلى 1000 شيكل. "نحن كفريق نتكفل بهذه التكاليف من خلال المساعدات، ونوفر المياه مجاناً للنازحين ومراكز الإيواء"، يضيف عليان. تعبئة المياه المعالجة من محطة تحلية في دير البلح وسط قطاع غزة بتاريخ 2 نيسان 2025 يورونيوز لكن هذه الجهود تبقى قليلة مقارنة بحجم الكارثة. أم محمد وشاح، نازحة في أحد المخيمات، تروي معاناتها: "ننتظر أربعة أيام كاملة حتى تأتي سيارات توزيع الماء، ثم نقف في طوابير طويلة تحت الشمس الحارقة للحصول على حصتنا". اعلان بعد ذلك تبدأ معاناة أخرى، حيث تضطر هذه الأم إلى نقل الماء بنفسها من نقطة التوزيع إلى خيمتها البعيدة، ثم توزيعه بحذر شديد على أفراد أسرتها ليكفيهم حتى الدورة التالية بعد أربعة أيام. تعبئة المياه المالحة في معسكر دير البلح وسط غزة تاريخ 2 نيسان 2025 يورونيوز Related تقرير: إسرائيل تستخدم الماء كسلاح حرب في غزة والفلسطيني يحصل على أقل من 5 لترات يوميا وكانت منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش و أوكسفام، قد اتهمت إسرائيل ب استخدام المياه كسلاح ، عبر حرمان الغزيين من الحد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية للبقاء على قيد الحياة (وهو الحصول على كمية تتراوح ما بين 15 إلى 20 لترًا يوميًا). وأكدت تلك المنظمات أن هذه الممارسات قد ترقى إلى جرائم إبادة جماعية بموجب القانون الدولي لكن تل أبيب تواصل نفي هذه الاتهامات، رغم إعلانها قطع المياه والكهرباء عن القطاع منذ اليوم الأول للحرب الذي تلى هجوم حركة حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيليا.