
الهند والسعودية ترسمان معاً المستقبل المشترك
يوم 15 أغسطس يمثل أهمية بالغة لكل هندي، ففي هذا اليوم من عام 1947م نالت الهند استقلالها. إن هذا اليوم يُمثّل نهاية الحكم الاستعماري وبداية رحلتنا كأكبر ديمقراطية في العالم. وفي هذا اليوم، نذكر أولئك الذين ناضلوا من أجل حريتنا، ونُكرّم الجنود الشجعان الذين يواصلون حماية حدودنا، والذين قدّم الكثير منهم أقصى التضحيات من أجل وطنهم.
وتفخر الهند بتاريخها الحضاري الغني، وثقافتها المتنوعة، وقيمها الديمقراطية الراسخة. ويرتكز نهج الهند في العلاقات الدولية على الثقة والشراكة. والهند صوتٌ رائدٌ في الجنوب العالمي، وقد ساهمت بشكلٍ كبير في جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام، ولعبت دورًا فاعلًا في دعم الاستدامة والعمل المناخي.
وبعد ما يقرب من ثمانية عقود من الاستقلال، تبرز الهند كمثال ساطع لما يمكن تحقيقه من خلال العمل الجماعي من قبل 1.4 مليار شخص. وفي المجال الاقتصادي، تعد الهند رائدة في التجارة العالمية والاستثمارات والابتكار، مدفوعة ببيئة أعمال قوية وملف ديموغرافي ديناميكي وإصلاحات اقتصادية مستدامة.
وبصفتنا رابع أكبر اقتصاد في العالم بحجم ناتج محلي إجمالي أكبر من 4 تريليونات دولار، فإننا في طريقنا لنصبح ثالث أكبر اقتصاد مع ناتج محلي إجمالي متوقع يبلغ 7.3 تريليون دولار بحلول عام 2030م، كما أن الهند هي أسرع اقتصاد رئيسي نموًا في العالم، حيث ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.5٪ في المتوسط. ولا تزال الهند وجهة مفضلة للاستثمارات العالمية، حيث وصلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمية إلى 1.05 تريليون دولار، اعتبارًا من 2024م -2025م. وقد أرست مبادراتنا الاستراتيجية مثل مخططات الحوافز المرتبطة بالإنتاج (PLI) وتنشيط المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة (MSMEs) وتوسيع البنية التحتية الرقمية الأساس لاقتصاد عالي النمو وعالي الفرص. ولقد قمنا بترسيم مسارات جديدة من الفضاء إلى أعالي البحار وحددنا أهدافنا بأن تصبح الهند دولة متقدمة بحلول عام 2047م.
ويُعدّ هذا اليوم أيضًا فرصةً للتأمل في علاقاتنا الوثيقة مع شركائنا الرئيسيين. والمملكة العربية السعودية من أكثر شركاء الهند الاستراتيجيين ثقةً وتقديرًا. وتتجذر علاقاتنا في نسيجٍ غنيّ من الروابط الحضارية والثقافية والتجارية التي تعود إلى قرون. واليوم، تمتدّ الشراكة الهندية السعودية لتشمل مجموعةً واسعةً من المجالات، بما في ذلك الدفاع والأمن والتجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم والثقافة، بالإضافة إلى التبادلات الشعبية النابضة بالحياة. ومع ذلك، فإنّ قوة علاقتنا تتجاوز بكثير القطاعات الفردية. فهي ترتكز على الثقة المتبادلة وحسن النية والإدراك المشترك بأنّ شراكتنا، في عالمٍ يتزايد فيه عدم اليقين، تُمثّل ركيزةً للاستقرار والقوة.
وكانت الزيارة الرسمية التاريخية التي قام بها رئيس وزراء الهند للمملكة العربية السعودية في شهر أبريل 2025م عكسًا حقيقيًا لهذه الروابط المتنامية. وأجرى رئيس وزراء الهند، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود لقاءات مثمرة للغاية في جدة، أسفرت عن نتائج رئيسية، بما في ذلك الاتفاقية حول إنشاء مصفاتين كمشروع مشترك بين الهند والمملكة العربية السعودية في الهند، ومذكرات تفاهم في مجالات الصحة، والتعاون البريدي، والتعاون الفضائي، والرياضة (مكافحة المنشطات)، والتعاون البريدي.
وترأس القائدان الاجتماع الثاني لمجلس الشراكة الاستراتيجي الهندي - السعودي خلال هذه الزيارة. وتماشيًا مع تعميق الشراكة الاستراتيجية على مدى السنوات القليلة الماضية، تم إنشاء لجنتين وزاريتين جديدتين تحت مظلة مجلس الشراكة الاستراتيجي؛ إحداهما: التعاون الدفاعي، والأخرى: التعاون السياحي والثقافي.
وعلى الصعيد التجاري، بلغ حجم تجارتنا الثنائية نحو 42 مليار دولار في السنة المالية 2024م-2025م. وتُعدّ الهند الآن ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، بينما تحتل المملكة المرتبة الخامسة بالنسبة للهند.
وتقوم الشركات الهندية بالاستثمار بشكل متزايد في المملكة العربية السعودية. ويشارك العديد منها في مشاريع رئيسية للبنية التحتية والطاقة في إطار رؤية 2030م.
وتساهم شركات تكنولوجيا المعلومات والتقنية الهندية في التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية، بينما يتزايد الاهتمام أيضًا بمجالات مثل الرعاية الصحية والخدمات اللوجستية والتعدين والشركات الناشئة، لقد أنشأنا أطرًا مؤسسية قوية، بما في ذلك لجنة وزارية حول التجارة والطاقة والاستثمار والتكنولوجيا، وفريق العمل رفيع المستوى حول الاستثمار، وتتكامل رؤيتنا الاقتصادية - رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية ورؤية الهند 2047 - مما يخلق تآزرًا واسعًا للنمو.
ولا تزال الطاقة ركيزة أساسية في شراكتنا. والمملكة العربية السعودية مورد رئيسي وموثوق للنفط والغاز، التي تواصل دعم تنمية الهند. كما نعمل مع المملكة العربية السعودية في مجالات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين. وتغطي مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها في عام 2023م الربط الكهربائي والهيدروجين وسلاسل التوريد. وندرس فكرة ربط شبكاتنا الكهربائية، وهو مشروع يندرج ضمن مشروع الممر الاقتصادي الأوسع بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEEC) الذي تم الإعلان عنه عام 2023م.
ونُدرك أن الاستقرار في المنطقة وخارجها يعود بالنفع على دولنا والعالم. ولتحقيق هذه الغاية، شهد التعاون الدفاعي نموًا مطردًا. وتم إجراء التمرين الأول العسكري المشترك، «صدى التنسيق-١»، العام الماضي، إلى جانب 2 من التمارين البحرية، «المحيط الهندي»، في عامي 2021م و2023م، وهناك تبادل منتظم للقيادات العسكرية، وبرامج تدريبية، وتعاون متزايد في الصناعات الدفاعية. وعلى الصعيد الأمني، نعمل معًا بشكل وثيق لمكافحة الإرهاب والتطرف والاتجار بالمخدرات والتهديدات السيبرانية.
وهناك رابط طبيعي في الثقافة والعلاقات بين الشعوب في البلدين. ويحظى المحتوى السينمائي والتلفزيوني الهندي بشعبية كبيرة في المملكة العربية السعودية، كما يشهد التعاون في قطاعي الإعلام والترفيه نموًا متزايدًا، بما في ذلك الإنتاج المشترك. وقد اكتسبت اليوغا شعبية في المملكة، بدعم قوي من حكومة المملكة العربية السعودية. وتوسعت التبادلات الأكاديمية. وبدأنا أنشطة بحثية مشتركة في الأرشيفات التاريخية. وهناك اهتمام متزايد بلعبة الكريكيت بين المواطنين السعوديين. ويشارك عدد أكبر من اللاعبين الهنود في بطولات الرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية. كما ازدادت أعداد السياح القادمين من كلا الاتجاهين في البلدين بشكل مطرد. كما نرحب بقرار المملكة العربية السعودية الانضمام إلى التحالف الدولي للقطط الكبيرة (IBCA).
والجالية الهندية النابضة بالحياة في المملكة العربية السعودية جسرٌ حيٌّ يربط بلدينا، نُقدّر تقديرًا عميقًا دور القيادة السعودية في رعاية رفاهية 2.7 مليون هندي مقيمين في المملكة العربية السعودية، كما نُهنئ القيادة السعودية على تنظيم موسم الحج هذا العام بنجاح.
ولا تُرسّخ الهند والمملكة العربية السعودية شراكةً ديناميكية فحسب، بل تُرسّخان أيضًا رؤيةً جريئةً للمستقبل. ونحن معًا على أهبة الاستعداد للعب دورٍ محوريٍّ في صياغة السلام والتقدم والازدهار، ليس فقط لشعبينا، بل للعالم أجمع.
وبالنيابة عن حكومة وشعب الهند والجالية الهندية في المملكة، أغتنم هذه الفرصة لأُعرب عن أطيب تمنياتي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، متمنياً المزيد من التقدم والازدهار المستدامين للمملكة العربية السعودية.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
الصندوق السعودي للتنمية يشارك في مراسم توقيع عقود خدمات استشارية لمشروعات يموّلها في باكستان
شارك الصندوق السعودي للتنمية ممثلًا في مدير عام عمليات آسيا الدكتور سعود بن عايد الشمري، في مراسم توقيع عقود الخدمات الاستشارية للمشروعات التي يموّلها الصندوق في جمهورية باكستان الإسلامية، بحضور وكيل وزارة الشؤون الاقتصادية في باكستان الدكتور كاظم نياز، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى باكستان نواف بن سعيد المالكي. وجرى توقيع العقود من قِبل شركات متخصصة في المجالات الاستشارية من المملكة وباكستان؛ مما يعزز هذا التعاون تبادل الخبرات والأعمال المشتركة، وتهدف العقود إلى البدء في تنفيذ الخدمات الاستشارية لمشروع مستشفى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في إسلام آباد الذي يموّله الصندوق عبر منحة مقدمة من المملكة بقيمة (20) مليون دولار، ومشروع إنشاء محطة شاونتر الكهرومائية بتمويل من الصندوق عبر قرض تنموي بقيمة (66) مليون دولار، إضافة إلى مشروع محطة جقران الكهرومائية الرابعة الذي يأتي بتمويل من الصندوق عبر قرض تنموي بقيمة (35) مليون دولار. يُذكر أن الصندوق قدم لجمهورية باكستان الإسلامية منذ عام 1976م، التمويل لتنفيذ أكثر من (18) مشروعًا وبرنامجًا إنمائيًا بقيمة نحو (1.2) مليار دولار، إضافة إلى المنح المقدمة من المملكة العربية السعودية لباكستان من خلال الصندوق التي تتجاوز قيمتها (533) مليون دولار، للإسهام في دعم التنمية الاجتماعية وتحفيز الأنشطة الاقتصادية، عبر قطاعات البنية الاجتماعية، والنقل والمواصلات، والطاقة، والمياه والصرف الصحي، والإسكان والتنمية الحضرية، وقطاعات الأمن الغذائي.


الأنباء السعودية
منذ 2 ساعات
- الأنباء السعودية
عام / أمانة المدينة المنورة توقّع اتفاقية تعاون لتأسيس "أستوديو المدينة لبناء الشركات"
المدينة المنورة 21 صفر 1447 هـ الموافق 15 أغسطس 2025 م واس وقّعت أمانة منطقة المدينة المنورة مع إحدى الشركات المتخصصة في المجالات التقنية, اتفاقية تعاون إستراتيجية لتأسيس "أستوديو المدينة لبناء الشركات"، الذي سيعمل منصة مبتكرة تهدف إلى إيجاد حلول عملية ومستدامة للتحديات الحضرية من خلال بناء وتطوير شركات ريادية بكفاءة عالية، في مجالات التقنيات العميقة (Deeptech)، والذكاء الاصطناعي، والصحة الرقمية، والاستدامة، ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG)، والمشاريع ذات الأثر المباشر. ويأتي ذلك ضمن توجهات الأمانة لتعزيز مكانة المدينة المنورة مركزًا عالميًا للمشاريع الريادية المؤثرة، ودعم بيئة الابتكار وريادة الأعمال في المملكة. وتهدف الاتفاقية إلى استقطاب الكفاءات الوطنية المتميزة وربط منظومة الابتكار في المدينة المنورة بشبكة عالمية من المبتكرين والخبراء، بما يسهم في تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع واقعية ذات جدوى اقتصادية واجتماعية وبيئية، وتسعى إلى دعم رواد الأعمال وتمكينهم من تطوير منتجات وخدمات تلبي احتياجات الحاضر وتستشرف مستقبل المدينة، في خطوة تتوافق مع ارتفاع الطلب على الخدمات الذكية، والحاجة إلى بنية تحتية مرنة تلبي تطلعات السكان والزوار، وبما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. وسيعمل "أستوديو المدينة لبناء الشركات" على جعل المدينة المنورة بيئة جاذبة للمبتكرين من خلال تقديم برامج متكاملة تبدأ من توليد الأفكار، وتطوير نماذج الأعمال، وتطبيق تقنيات متقدمة، مرورًا بتمكين نقل التكنولوجيا وتقديم التدريب التطبيقي، وصولًا إلى دعم الاستثمار والتوسع، وإعادة الاستثمار لضمان اقتصاد دائري مستدام للابتكار. وأكدت الأمانة أن توقيع هذه الاتفاقية يمثل خطوة محورية نحو تعزيز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وتوحيد الجهود لتطوير حلول مبتكرة تخدم المدينة والمملكة والعالم، مشيرة إلى أنها تجسد التزامها بدعم المبادرات التي تحقق التنمية المستدامة وتعزز القدرة التنافسية للمدينة على المستوى الدولي، وتُمكّنها من صناعة إرث من الابتكار الهادف، وجعل المدينة منارة للمشاريع المؤثرة محليًا وعالميًا، من خلال منصة تجمع بين الخبرة العالمية والالتزام المحلي لإحداث أثر مستدام يعود بالنفع على الأجيال القادمة ويسهم في بناء مستقبل أكثر ابتكارًا.


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
هل تصبح الصين القوة النووية الأولى في العالم؟
تسعى الصين إلى تعزيز ترسانتها النووية بشكل ملحوظ، إذ تشير تقارير إلى أنها ضاعفت عدد الرؤوس النووية الحربية التي تمتلكها منذ عام 2020 ليصل إلى نحو 600 رأس نووي، وهو رقم لا يزال أقل من الترسانات الضخمة التي تحتفظ بها أميركا وروسيا. وكانت بكين قد أجرت أول اختبار نووي لها في أكتوبر 1964، ومنذ ذلك الحين وحتى أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، التزمت باستراتيجية "الردع النووي المحدود"، والتي قامت على الاكتفاء ببضع مئات من الرؤوس النووية، وتجنّب الدخول في سباق تسلح مع واشنطن وموسكو، مع التركيز على تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز القوات التقليدية للجيش الصيني. إلا أن العقد الحالي شهد تحولاً في هذا النهج، حيث يبدو أن الرئيس الصيني شي جين بينج قد تخلى عن السياسة التاريخية لبلاده، وبدأ بتوسيع الترسانة النووية بوتيرة متسارعة. وفي فبراير الماضي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الصين "متأخرة كثيراً" عن الولايات المتحدة في المجال النووي، لكنها قد تتمكن خلال خمس أو ست سنوات من الوصول إلى مستوى مماثل. وبحسب موقع Defense One، فإن الصين قد تصبح في نهاية المطاف صاحبة أكبر ترسانة نووية في العالم، مشيراً إلى أن فهم مسار برنامجها النووي يستلزم أولاً مراجعة تاريخه وتطوراته السابقة. خيارات الصين لتطوير ترسانتها النووية وفي الوقت الحالي، يبدو أن المسار النووي للصين يتجه، على الأقل، نحو تحقيق "تكافؤ فعّال على المستوى الإقليمي"، فيما يظل الاتجاه المستقبلي غير محسوم. ولا تقتصر القدرة الإجمالية للترسانة النووية الصينية على عدد الرؤوس الحربية فقط؛ إذ يمكن لبكين أن تواصل تطوير صواريخها النووية، وغواصاتها، وطائراتها، إضافة إلى تعزيز شبكات القيادة والسيطرة، بغضّ النظر عن حجم مخزونها من الرؤوس الحربية. كما قد تختار تقسيم ترسانتها إلى "رؤوس منتشرة" وأخرى "احتياطية"، الأمر الذي يزيد من صعوبة مقارنتها مباشرةً بقدرات القوى النووية الكبرى الأخرى. ورغم تغيّر وتيرة الإنتاج، لا يزال الهدف النهائي لهذه الترسانة غامضاً، مع بروز "ثلاثة سيناريوهات محتملة" أمام الصين لتطوير الأسلحة النووية. 1- التوقف عند ألف رأس نووي قد تختار الصين الحد من إنتاجها عند سقف يقارب 1000 رأس حربي، وهو عدد أقل بكثير من 1550 سلاحاً استراتيجياً تنشره كل من الولايات المتحدة وروسيا بموجب معاهدة "نيو ستارت". هذا المستوى سيُحدث توازن ردع مع واشنطن على المستوى الإقليمي، ويقوّض ميزة التصعيد التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة تاريخياً بسبب تفوقها العددي. كما يمنح بكين ثقة ومرونة أكبر لتهديدات نووية صريحة أو ضمنية في أزمات مثل قضية تايوان. لكن الوصول لهذا السقف سيتطلب من الرئيس الصيني إبطاء أو التراجع عن سياسة التوسع الحالية. 2- التكافؤ مع ترسانة واشنطن وموسكو الخيار الثاني هو السعي لمضاهاة عدد الرؤوس النووية المنشورة لدى الولايات المتحدة أو روسيا، أي نحو 1550 رأساً، وهو ما توقعت وزارة الدفاع الأميركية أن تحققه الصين بحلول عام 2035، العام الذي حدد فيه شي هدف "التحديث الأساسي" للجيش الصيني. وقد تتبنى بكين معياراً أوسع للتكافؤ، يشمل إجمالي الرؤوس الحربية العاملة، سواء المنشورة أو المخزنة، بما في ذلك الرؤوس الاستراتيجية والنووية غير الاستراتيجية. هذا المعيار يعني الوصول إلى نحو 3700 رأس حربي، وهو ما قد يتطلب إنتاجاً سنوياً أكبر بكثير من المعدل الحالي البالغ نحو 100 رأس منذ 2023. 3- تجاوز التكافؤ والسعي للهيمنة النووية الخيار الثالث هو التوسع إلى ما بعد مستوى التكافؤ، بهدف التفوق على الولايات المتحدة وروسيا وامتلاك أكبر ترسانة نووية في العالم. يعتمد هذا المسار على قدرة التصنيع الصينية الضخمة، كما حدث في مجالات الصواريخ والسفن، لكنه يواجه تحديات أبرزها التكلفة الاقتصادية، وخطر تكرار تجربة الاتحاد السوفيتي، حيث ساهم الإنفاق العسكري المفرط في انهياره. ورغم أن اقتصاد الصين أقوى بكثير، إلا أن تباطؤ الاقتصاد المدني والضغوط المتزايدة على الميزانية العسكرية قد يحدان من هذا المسار. ويرجح أن يعتمد مصير ترسانة الصين جزئياً على رد فعل الولايات المتحدة، وكذلك روسيا والهند، وربما دول أخرى، ولكن ليس من الواضح ما الذي سيدفع الصين إلى مزيد من التحفيز لبناء الأسلحة النووية. وفي الخريف الماضي، أجرت الصين تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات فوق المحيط الهادئ لأول مرة منذ عام 1980. وأبلغت بكين البنتاجون مسبقاً بتجربة الصاروخ. وفي حال بقيت واشنطن وموسكو تقريباً عند مستويات معاهدة "ستارت الجديدة"، على الرغم من احتمال انتهاء المعاهدة رسمياً في فبراير المقبل، فقد تتسارع الصين نحو التكافؤ عند مستوى 1550 رأساً حربياً.