logo
حروب الآخرين ولكننا ضحاياها!سعادة مصطفى أرشيد

حروب الآخرين ولكننا ضحاياها!سعادة مصطفى أرشيد

ساحة التحريرمنذ 5 أيام
حروب الآخرين ولكننا ضحاياها!
سعادة مصطفى أرشيد*
عاشت بلادنا ومحيطها الإقليمي مرحلة شهدت قدراً من التوازن في القوة بين دولة الاحتلال وحلفائها من غرب وعرب وبين قوى المقاومة ومحورها. وهذا التوازن لم يأتِ بمقياس القوة في السلاح والمال والعناصر الماديّة للقوه، التي توفرت للمعسكر المعادي بمقادير كبيرة جداً، وإنما في قدرة المقاومة على استعمال وإدارة القليل الذي توافر من عناصر القوة الماديّة، إضافة إلى قدرتها وقدرة حواضنها الشعبيّة على الصمود والاحتمال والالتفاف حولها.
لكن التداعيات اللاحقة التي أدّت إلى خروج المقاومة اللبنانية من ساحة المشاغلة والإسناد، ثم السقوط المدوي وانتقالها الفوري من معسكرها إلى المعسكر الآخر ثم انكفاء إيران واضطرارها لتصارع من أجل بقائها، فلم يبقَ في ساحة الصراع إلا اليمن البعيد والذي يُقدّم أفضل ما لديه، وغزة المترنّحة جوعاً وقتلاً ونفاداً في ذخائرها، في المقابل ينقض العدو في حرب إبادة علنية على غزة يشاهدها العالم وتدمي قلوب من يملكون قلوباً، وفي تمدّد في الجنوب اللبناني مع آلاف الخروق لاتفاق وقف إطلاق النار تلك الخروق التي يستبيح بها كامل لبنان لا جنوبه فقط. فالولايات المتحدة تقول إنها لا تستطيع إرغام «إسرائيل» على الالتزام به، ولكنها ترى أن من حقها إلزام لبنان دولة ومقاومة، كما في شرق الجولان وحوران والجبل في طريقها لشق طريق داود.
أدّت حالة الفراغ التي أعقبت انكفاء محور المقاومة إلى أن يملأ الفراغ الآخرون الأقوياء في هذا الإقليم، وهما تركيا و«إسرائيل» الأطلسيتان والتابعتان للسياسة الأميركية، وكما اقتضت أفكار المحافظين الجدد ومنظّري سياساتهم التي لطالما رأت ضرورة تلزيم المنطقة إليهما فـ(إسرائيل) هي بالأصل صنيعتهم وقلعتهم المتقدمة لحماية مصالحهم وإبقاء الأمة والوطن في حالة تفتت، كما أنها الامتداد الفكري والثقافي لذلك الغرب فيما تركيا صاحبة الإسلام السني المتحالف معه والقادر على التصدي بتقديرهم لأي تيارات قومية أو جهادية في بلادنا، ومؤخراً أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عدة مناسبات عن حبه وإعجابه بالرئيس التركي. وهذا الحب والإعجاب في عالم السياسة لا بدّ أن تتم ترجمته في الدعم والثقة ومنح أدوار ووظائف.
وإذا كانت كل من تل أبيب وأنقرة قد أصبحت صاحبتي النفوذ في بلادنا، وعلى المسافة ذاتها من واشنطن، إلا أن الاتفاق بينهما على حصة كل فريق لا زالت عالقة، فلكل منهما رغبة في الحصول على حصة أكبر وكل منهما تفترض أنها أسهمت في عملية التغيير الذي حصل في دمشق. أنقرة ترى أنها هي مَن أوصل أبا محمد الجولاني (أحمد الشرع لاحقاً) لدمشق وأنها هي من أسقطت النظام السابق، وبالتالي فإن دمشق تدخل ضمن مناطق نفوذها الواسعة، فيما ترى تل أبيب أنها الأقرب والأولى بأن تكون دمشق من حصتها إضافة إلى أنها تريد شق طريق داود الذي يلتفّ على حواف الحدود السورية الأردنية والسورية العراقية ليصل إلى شرق الفرات، حيث يحاول الأكراد إقامة دولتهم، مع ملاحظة أن واشنطن قد أخذت تتخلى عنهم بعد أن قدموا لها كل ما طلبت منهم، وذلك إكراماً للرجل الذي يحبه الرئيس الأميركي، لكن (إسرائيل) تريد دولة كردية إلا أن هذه الدولة مستحيلة القيام طالما أنها محاصرة من أربع دول معادية لإقامتها وهي سورية والعراق وإيران وتركيا، لذلك فإن (إسرائيل) بشقها لطريق داود، تفكّ العزلة والحصار عن مشروع الدولة الكردية وتجعل إقامتها أمراً محتملاً فعبر طريق داود سيكون لها منفذ على الخارج ولها بحر وموانئ في إيلات وحيفا وأشدود وغيرها من موانئ فلسطين المحتلة، ولكن أنقرة ترى أن قيام الدولة الكردية يهدد أمنها القومي ولا تستطيع اللعبة الصغيرة التي مارستها مع حزب العمال الكردستاني أن تحل المشكلة الكردية أو أن تضع حداً لطموحات الأكراد في تركيا بالانضمام إلى الدولة الكردية المحتملة.
بانتظار أن يجد الأميركي الحلّ ويصل إلى تسوية حول مناطق نفوذ كل من حليفيه أي (الإسرائيلي) والتركي في الملفات المختلف عليها تخوض كلّ من تل أبيب وانقرة حرباً غير مباشرة. وهكذا يمكن قراءة ما يجري في السويداء وحوران من حرب تبدو في الظاهر حرباً بين الدروز وعشائر البدو والسنة فأحدهم يريد الدفاع عن طرف والآخر يحرّض الطرف الآخر، فيما تتعالى النداءات للزحف من كل المناطق نصرة لهذا أو ذاك، فيما الحقيقة تقول إن هؤلاء لا يمثلون إلا أدوات وضحايا يموتون ويجرحون ويهجّرون بالمجان ويتم العمل في الوقت ذاته على تعميم هذه الحالة إلى خارج حوران وجبل الدروز وإلى فتح معارك وحروب أخرى تدور بين الطوائف والمذاهب. فهكذا يحب أن يرانا الأميركي الغربي على أننا لسنا أمة أو شعباً وإنما قبائل وعشائر وطوائف ومذاهب ومناطق.
تأخذ هذه الحرب شكلها الذي يتحدث عنه الإعلام، وتحصد ضحاياها من أهلنا ومواطنينا، وفي تحضّر قوى الشر وتنشط وسط غياب تام للقوى الطليعية في الأمة، التي تقع على كاهلها مسؤوليّة كبرى لا تبدأ بالإعلان عن حرب التحرير القوميّة وما إلى ذلك من شعارات كبيرة، وإنما في التصدّي لهذه الحالة ولوقف الانهيار الحاصل.
*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير ـ جنين ـ فلسطين المحتلة
‎2025-‎07-‎23
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الداخلية: المنتصر الرئيسي في الحرب الأخيرة هو الشعب الايراني
وزير الداخلية: المنتصر الرئيسي في الحرب الأخيرة هو الشعب الايراني

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • اذاعة طهران العربية

وزير الداخلية: المنتصر الرئيسي في الحرب الأخيرة هو الشعب الايراني

وانعقدت الدورة 172 للمجلس الوطني الاجتماعي اليوم الأحد في وزارة الداخلية برئاسة إسكندر مؤمني وزير الداخلية ونائب رئيس المجلس وحضور زهراء بهروزاذر مساعدة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة، وحجة الإسلام عبد الحسين خسرو بناه أمين المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وأصغر جهانغير المتحدث باسم السلطة القضائية، وحجة الإسلام مرتضى آقا طهراني رئيس اللجنة الثقافية، وأحمد نادري عضو هيئة رئاسة مجلس الشورى الإسلامي، وممثلي المؤسسات وأعضاء آخرين في المجلس. وفي هذا الاجتماع، قدم وزير الداخلية تعازيه في أيام صفر و اربعينية شهداء الحرب العدوانية الاسرائيلية من المواطنين والعلماء والقادة العسكريين قائلاً: "إن المنتصر الرئيسي في هذه الحرب هو الشعب. وفي رسالته المتلفزة بعد الحرب، شكر قائد الثورة الاسلامية أيضًا 90 مليون إيراني، وليس فئة محددة". وأكد مؤمني على ضرورة الحفاظ على اللحمة الوطنية التي نشأت في أعقاب الحرب المفروضة، قائلاً: "لقد نشأ هذا التضامن عندما شاركت إيران في الحرب. لقد وضع الشعب كل الخلافات والاستياء جانبًا ونزل إلى الميدان.. كما طلب قائد الثورة من القائمين على المراسم في حسينية الإمام الخميني (رض) عزف النشيد الوطني الإيراني؛ وهذا الإجراء من قائد الثورة يُظهر حرصه على الحفاظ على هذة اللحمة المتماسكة. وأضاف أيضًا: "إن كل من يحاول، بوعي أو بغير وعي، زعزعة هذا التضامن، قد ارتكب خطأً فادحًا ويجب أن نمنع إثارة الفتنة ونواصل هذا التضامن".

الاسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاجات
الاسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاجات

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 11 ساعات

  • وكالة الصحافة المستقلة

الاسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاجات

المستقلة/-شهدت العاصمة الاسكتلندية إدنبرة تجمعات احتجاجية واسعة، تزامناً مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البلاد في زيارة تشمل جولات تجارية ولعب الغولف، في حين كان من المقرر تنظيم احتجاجات في مدن بريطانية أخرى، ضمن إطار ما يُعرف باسم 'ائتلاف وقف ترامب'. وتجمع مئات المحتجين أمام القنصلية الأميركية في إدنبرة، حيث احتشدوا في الشارع المظلّل بالأشجار، رافعين لافتات ترفض زيارة ترامب، بينما تعاقب الخطباء على منصة مؤقتة لوصفه بـ'غير المرحّب به'، والتنديد باستقباله الرسمي في المملكة المتحدة. كما وجه المحتجون انتقادات لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بسبب اتفاق تجاري تم التوصل إليه مؤخراً مع الولايات المتحدة لتفادي فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع البريطانية، واعتبروا أن الاتفاق يُمثل تنازلاً أمام الضغوط الأمريكية، ويتعارض مع المبادئ التي تدّعي بريطانيا التزامها بها. ومن بين المشاركات في المظاهرة جون أوسبورن (52 عاماً)، مصوّرة ومؤرخة فنية من إدنبرة، التي ارتدت عباءة حمراء وغطاء رأس أبيض مستوحى من رمزية مسلسل 'حكاية الجواري'، كتعبير عن مخاوف من التراجع في الحريات المدنية. وقالت: 'أعتقد أن هناك الكثير من الدول التي تشعر بالضغط من ترامب، وتشعر أنها مضطرة لقبوله، لكننا لا يجب أن نقبله هنا'. ورفعت صورة لترامب عليها عبارة 'قاوموا' مطبوعة على وجهه. وأُعلن عن نية تنظيم احتجاجات في مدن بريطانية أخرى، حيث توحد عدد من النشطاء البيئيين، ومعارضين للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، ومؤيدين للقضية الفلسطينية، وجماعات تضامنية مع أوكرانيا. ورغم حجم التجمع في إدنبرة، فإن أعداد المتظاهرين لم تصل إلى المستوى الذي شهدته الاحتجاجات الواسعة خلال زيارة ترامب السابقة إلى اسكتلندا عام 2018، عندما خرج آلاف المواطنين في مظاهرات ضخمة. وخلال زيارته الحالية، أمضى ترامب جزءاً من يومه في لعب الغولف في ملعب 'تيرنبيري' على الساحل الجنوبي الغربي لاسكتلندا، وهو ملعب تاريخي استحوذت عليه شركة عائلة ترامب عام 2008. وشارك في الجولة ترامب وابنه إريك، إلى جانب السفير الأمريكي لدى بريطانيا، وارن ستيفنز. ومن المقرر أن يجري ترامب خلال الزيارة محادثات تجارية مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تتركز على العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. كما سيزور ترامب ملعب غولف آخر تابع له في منطقة أبردين بشمال شرق اسكتلندا، حيث من المخطط له أن يُدشّن رسمياً الملعب الثاني تحت علامته التجارية في حفل من المقرر أن يُقام يوم الثلاثاء. المصدر:يورونيوز

ترامب: سنقدم مزيداً من المساعدات إلى غزة
ترامب: سنقدم مزيداً من المساعدات إلى غزة

الأنباء العراقية

timeمنذ 12 ساعات

  • الأنباء العراقية

ترامب: سنقدم مزيداً من المساعدات إلى غزة

متابعة - واع أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأحد، بأن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إضافية إلى غزة، مشيرًا إلى أنه على الاتحاد الأوروبي المساهمة أيضا. وقال ترامب في تصريحات صحفية، تابعتها وكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إضافية إلى غزة والاتحاد الأوروبي يجب أن يساهم أيضًا". وأضاف "قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد"، مضيفًا "لا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة، و يجب على (إسرائيل) ان تتخذ قرارًا حاسمًا بشأن الوضع في غزة". واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن "ما يحدث في غزة يمثل معضلة دولية وليست أميركية، وأن جميع الدول معنية بتقديم المساعدة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store