
«تحالف صمود» يُطالب بـ«تحرك دولي عاجل» لفك الحصار عن الفاشر
وقال التحالف في بيان، الجمعة، على موقع «فيسبوك»، إن الآلاف من سكان هذه المدن «يواجهون خطر الجوع وانتشار الأمراض بسبب تناقص المخزونات الغذائية». مضيفاً أن الطرفَين المتحاربَين «يمارسان سياسة التجويع بوصفها سلاحاً لفرض الهيمنة، في تجاهل لكل القوانين والأعراف الدولية، وذلك بمنع مرور المساعدات»، وهو ما أدى إلى انعدام الغذاء والدواء، وتفشي الأمراض مثل الكوليرا، وغيرها من الأوبئة المؤدية إلى فقدان الحياة. ودعا العالم إلى الانتباه للكارثة الإنسانية في السودان «قبل فوات الأوان».
سودانيون أرغمتهم الحرب على اللجوء إلى مخيم أبو شوك (أ.ب)
وشدد «صمود»، وهو أوسع تحالف «سياسي مدني» مناهض للحرب في السودان، على أن استمرار تعنت ورفض أطراف الحرب السماح بدخول المنظمات لتقديم المساعدات الإنسانية «ينذر بمجاعة، وواقع مأساوي يهدد حياة آلاف المدنيين في هذه المناطق، الذين يدفعون أرواحهم ثمناً لاستمرار هذه الحرب».
وذكر البيان أن الأمم المتحدة والفاعلين الدوليين ظلوا يؤكدون أن استمرار هذا الحصار سيؤدي إلى كارثة إنسانية «غير مسبوقة»، محذراً من «مجاعة ستفتك بأهل السودان قريباً حال استمرار الحرب». كما دعا «تحالف صمود» إلى الضغط على الأطراف المتحاربة «بشكل عاجل وجاد» من أجل إيقاف الحرب، واحترام حقوق المدنيين المنصوص عليها في القوانين والمواثيق الدولية. وشدد على فك الحصار على هذه المدن «لضمان إيصال المساعدات» من الدواء والغذاء لإنقاذ المدنيين العالقين في مناطق النزاع الدائر في غرب ووسط البلاد.
ومنذ اندلاع القتال في أبريل (نيسان) 2023، دفعت «قوات الدعم السريع» بقوات كبيرة، وطوّقت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غرب السودان، من الجهات كلها، وبدأت عمليات عسكرية في محاولة منها للسيطرة عليها.
أسر سودانية تحتمي بأسوار إحدى المدارس في أم درمان هرباً من الحرب (أ.ب)
وخلف القتال المستمر لأكثر من عام أزمة إنسانية كبيرة للمدنيين في الفاشر، وأدى إلى حركة نزوح كبيرة خارج المدينة نحو القرى، والمعسكرات المتاخمة لها.
وأمام هذا الوضع المتردي حذّر مكتب الشؤون الإنسانية، التابع لـ«الأمم المتحدة» بالسودان، في أحدث تقرير له نهاية يوليو (تموز) الماضي، من «استخدام التجويع وسيلةً للحرب»، ودعا جميع الأطراف إلى «الالتزام بضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق».
ووفق منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) يواجه 18 مليون شخص أزمة، أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان، (هو أسوأ مستوى للجوع سجّله التصنيف المرحلي للأمن الغذائي على الإطلاق).
وفي موازاة ذلك، أعلنت «المنسقية العامة للاجئين والنازحين في دارفور» عن تفشي وباء الكوليرا في مناطق واسعة بالإقليم بمستويات عالية.
وقال المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، في نشرة صحافية، إن منطقة «طويلة»، التي نزح إليها عشرات الآلاف من الفاشر، تسجل يومياً ارتفاعاً مقلقاً في عدد الحالات. مضيفاً: «لقد بلغ العدد التراكمي اليومي للحالات منذ تفشي المرض 2571 حالة، و46 وفاة، ويوجد حالياً 246 مريضاً في مركز العزل، فيما يتراوح معدل الإصابة بين 100 و200 حالة يومياً».
وقال رجال إن الوباء انتشر في مناطق قولو، وجلدو في جبل مرة غرب دارفور، حيث بلغ العدد اليومي للحالات 23 حالة، منها 7 وفيات.
ووفقاً للمتحدث باسم المنسقية، فقد وصل إجمالي الإصابات اليومية في مخيم «كلمة» بولاية جنوب درافور إلى 312 إصابة، بينها 32 وفاة، كما توجد حالات في مخيمات «عطاش» و«ديريج» و«السلام».
وأطلق عدد كبير من النشطاء السودانيين حملة في مواقع التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على تفاقم المجاعة في الفاشر، جراء الحصار، وطالبوا الحكومة السودانية والمنظمات الدولية بالتدخل العاجل والفوري لإنقاذ آلاف الأبرياء من المدنيين العزل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
الأمم المتحدة: ما يدخل إلى قطاع غزة من مساعدات أقل من نصف احتياجاتها
قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، الاثنين، إن ما يدخل إلى قطاع غزة من مساعدات أقل من نصف احتياجاتها. وأضاف فرحان حق، في بيان، أن كل ما يدخل لقطاع غزة لا يكفي وهناك حالة كبيرة من الجوع، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في أن إسرائيل تسيطر على كل المعابر الحدودية ونقاط التفتيش. ونوّه إلى أن عملية التفتيش في معبرين سمح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات عبرهما معقدة وطويلة، وأن ما نحتاجه هو العودة إلى شبكة التوزيع التي كانت تديرها الأمم المتحدة. وشدد على ضرورة أن نعود إلى توزيع المساعدات في غزة من خلال الشاحنات التي تدخل من المعابر البرية.


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
وفد تقني من الخارجية السورية يصل إلى السودان
وصل وفد تقني من وزارة الخارجية والمغتربين السورية، أمس، إلى السودان، لمناقشة مشكلات السوريين المقيمين في السودان، وبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين. وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك، إن الوفد باشر أعماله بجلسة بناءة مع مدير الإدارة العامة للجوازات والهجرة السوداني اللواء شرطة حقوقي عثمان محمد الحسن دينكاوي بحضور عدد من كبار المسؤولين. ووفق البيان، ناقش الجانبان مشكلات السوريين في السودان وتسوية أوضاعهم القانونية، حيث أبدى الجانب السوداني تعاونًا كاملًا. كما أكد الجانبان عمق العلاقات بين البلدين والشعبين، واتفقا على العمل المشترك لتعزيز هذه العلاقات. يأتي ذلك في إطار جهود الحكومة السورية، التي تولت إدارة البلاد تحت رئاسة أحمد الشرع بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، لتشجيع السوريين الذين فروا من البلاد إبان حكم بشار، على العودة للبلاد.


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
الدولة والسلاح
يشهد الإقليم العربي منذ ما يسمى «الربيع العربي» حالة من الانكشاف السياسي والمؤسسي، تحول فيها الطموح بالتغيير إلى مسار استنزاف طويل الأمد. أحد أبرز تجليات هذا الانكشاف هو تصاعد الميليشيات المسلحة التي باتت تزاحم الدولة، لا في حدودها الرمزية فقط، بل في صميم وظائفها السيادية، وهذا الاستنزاف لا يقل خطراً عن استمرار مأساة فلسطين؛ فكلاهما يفرغ الجغرافيا من السيادة، والشعب من القدرة، والدولة من المعنى، فقد بات الخطر الأكبر على استقرار الخرائط هو الخطاب والسردية، وهما اللذان يتم الترويج لهما الآن، بدافع إفساح الطريق أمام التنظيمات والأحزاب المسلحة، لتشارك الدولة الوطنية في واجبها الأساسي، أي احتكار السلاح دون سواها، وقد عاشت المنطقة تجربة أن يكون السلاح في أيدي قوى غير الدولة، وكانت النتيجة أن تلاشى الاستقرار، وتمدّدت الفوضى. تشهد دول عربية كثيرة، مثل اليمن وسوريا والعراق ولبنان والسودان وليبيا، تآكلاً في مركز الدولة بفعل تغول الميليشيات، سواء كانت ذات طابع طائفي أو حزبي أو مناطقي. أضعفت هذه القوى الدولة، وحاصرت سلطتها، وأفقدتها هيبتها، ما جعلها عُرضة للانقسام، ومغرية للتدخلات الخارجية، سواء بالاحتلال العسكري المباشر أو بالوصاية السياسية والاقتصادية. وهذه دول كانت، قبل الغزو أو الحرب الأهلية أو حراك ما يسمى «الربيع»، تمتلك مؤسسات قائمة، ودوراً إقليمياً وازناً، وإن لم تكن كما ينبغي أو عادلة، طبقاً لمفهوم الدولة بمعناه الشامل. ورغم تكرار مفردة «الدولة» في الخطاب السياسي والإعلامي العربي، وظهورها في المعاهدات والإعلام والمحافل الدولية، فإن واقع الحال يكشف أن هذا الكيان أو ذاك كثيراً ما يكون هشاً، أو فارغاً من مضمونه، فكأن بعض الدول العربية المعاصرة، في كثير من حالاتها، لم تكتمل بعد، أو أنها تتعرض لعملية «تفريغ» ممنهجة، تُبقي على قشرتها وتنهك مضمونها. في هذا السياق، يصبح من المفيد استحضار تعريف عالم الاجتماع السياسي الألماني ماكس فيبر، الذي لم يكن ينشد دولة طوباوية، بل وضع معياراً واقعياً وعقلانياً، لتعريف الدولة الحديثة. قال فيبر: «الدولة هي الكيان الذي يحتكر الاستخدام المشروع للعنف داخل إقليم معين». وبحسب هذا التعريف، ليست المشكلة في استخدام الدولة للعنف، فهذا حقها ومن واجبها، بل في أن يكون هذا الاستخدام معبراً عن الشعب لا عن طائفة أو حزب أو فئة نافذة. نحن نعلم أن أغلب الدول العربية لم تنشأ، كما في التجربة الأوروبية، عبر تطور داخلي طويل أدى إلى بناء بيروقراطيات مستقرة ومؤسسات جامعة، بل نشأت غالباً نتيجة خرائط استعمارية، أو تسويات دولية، وقد تم تركيب الدول على شعوب لا على عقد اجتماعي، ونتيجة لذلك، غابت المشاركة، وتعددت مصادر العنف، وتحولت الميليشيات أحياناً إلى أدوات للسطوة والعنف أكثر منها أدوات لخدمة المواطنين، فيما ظهرت ميليشيات رديفة أو موازية أو مضادة، تقاتل باسم الطائفة أو الجماعة أو الآيديولوجيا. المشكلة هنا ليست أمنية فقط، بل بنيوية، تنبع من هشاشة النسيج الوطني، ولأجل بناء دولة بالمعنى الذي طرحه ماكس فيبر، فالمطلوب مسار عميق، يبدأ من احتكار السلاح بيد الدولة وحدها، مروراً بإعادة صياغة دستور تشاركي، إلى بناء مؤسسات مستقلة عن الطائفة والعائلة والحزب، ووصولاً إلى هوية وطنية تتجاوز الانتماءات الضيقة، دون أن تسحقها. هذه التحولات تحتاج إلى نخب مسؤولة، قادرة على تجاوز فكرة الغنائم السياسية، ومهمتها ليست إنتاج الخطاب فقط، بل المساهمة في صياغة العقد الجديد الذي يُلزم الجميع، كما تحتاج إلى شعوب ناضجة الوعي والذاكرة، تدرك أن الميليشيا التي تدافع عنها اليوم قد تنقلب ضدها غداً، وأخيراً، تحتاج إلى قوى إقليمية ودولية تتوقف عن استخدام السلاح وسيلة نفوذ، وتدعم بناء الدولة بدل تمويل وكلاء العنف. الطريق نحو الدولة ليس سهلاً، لكن التجربة التاريخية تكشف أن الأمم التي واجهت لحظات انهيار كاملة، مثل ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، أو رواندا بعد الإبادة، أو كولومبيا بعد الحرب الأهلية، استطاعت أن تبدأ من نقطة الصفر، عندما توافرت الشجاعة، والاعتراف بالحقيقة، والإرادة السياسية. والسؤال إذن ليس: هل فات الأوان؟ بل: هل لدينا ما يكفي من الشجاعة لفهم جذور المأزق؟ وهل نستطيع طرح سؤال الدولة لا كأنها سلطة بل بوصفها مشروعاً جماعياً مشتركاً؟ في قلب هذا الإقليم المأزوم، هناك دول تنتظر ولادتها، ليست تلك التي تلوح بالأعلام، بل التي تبني مؤسسات لا طائفية، وتخضع نفسها للقانون، وتحمي المواطن لا المذهب، فالدولة ليست القوة فحسب، بل الحق المشروع في استخدامها باسم الجميع، وهي ليست شعاراً، بل السؤال الدائم: من يحكم؟ ولماذا؟ وكيف؟ وباسم من؟ وعندما تُجاب هذه الأسئلة بوضوح، وعندما يرفع السلاح عن السياسة، وتعاد السياسة إلى ميدانها المدني، يصبح مستقبل الدولة العربية أكثر من حلم: يصبح ضرورة.