
مصدر سوري: مؤتمر الحسكة يُظهر عدم جدية وحدات حماية الشعب في المفاوضات
ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر حكومي سوري -الجمعة- قوله "إن المؤتمر الذي عُقد في محافظة الحسكة المحتلة (مؤتمر مكونات شمال وشرق سوريا) يُظهر "عدم جدية تنظيم "بي كيه كيه" (حزب العمال الكردستاني)، و"واي بي جي" (قوات حماية الشعب الكردية) الذي يستخدم اسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حيال المفاوضات مع دمشق".
وأضاف أن المؤتمر يُعد تصعيدا خطيرا، وسيؤثر على مسار التفاوض الحالي.
وأكد أن الحكومة السورية تدرس خياراتها، بما في ذلك إلغاء جولة المفاوضات المقررة في باريس إذا لم يكن هناك طرح جدي لتنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار.
المشاركون بالمؤتمر
وشارك في المؤتمر أكثر من 400 شخصية تمثل الإدارة الذاتية الكردية، إلى جانب ممثلين عن مكونات مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وأفادت وكالة الأناضول بأن من بين المشاركين في المؤتمر إلهام أحمد أحد ممثلي السياسات في قوات حماية الشعب الكردية، والزعيم الديني الكردي مرشد معشوق الخزنوي، وبعض ممثلي العشائر وشخصيات دينية بارزة في المنطقة.
كما شارك في المؤتمر بواسطة فيديو مصور حكمت الهجري أحد زعماء طائفة الموحدين الدروز، وغزال غزال أحد مشايخ الطائفة العلوية في المهجر.
ودعا الهجري في كلمة له بالمؤتمر إلى مشروع وطني جامع يتجاوز ما وصفها باصطفافات طائفية وسياسية ضيقة.
كما قال الشيخ غزال إن الحل العادل في سوريا يمر عبر نظام لامركزي يضمن المساواة والعدالة والمشاركة الحقيقية.
وفي 10 مارس/آذار الماضي وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" فرهاد عبدي شاهين اتفاقا ينص على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء الأراضي السورية والاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء لا يتجزأ من الدولة وضمان حقوقه الوطنية والدستورية.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي قالت وزارة الخارجية السورية إنه تم الاتفاق على جولة من المشاورات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية في باريس بأقرب وقت ممكن، لاستكمال تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار بشكل كامل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 24 دقائق
- الجزيرة
اتفاقية بين ترامب ميديا و"جي بي نيوز" البريطانية ذات التوجه اليميني
أبرمت شركة "ترامب ميديا" التابعة لعائلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، شراكة مع قناة "جي بي نيوز" (GB News) ذات التوجه اليميني، لبث القناة الإخبارية البريطانية على المنصة الأميركية للبث المباشر "تروث بلس" (+Truth). وأعلنت شركة "ترامب ميديا آند تكنولوجي غروب" (TMTG)، التي تدير تطبيق التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" (Truth Social) ومنصة البث المباشر "تروث بلس" (+Truth) أنها ستضيف قناة "جي بي نيوز" التي تستثمر بها مجموعة "ديسكوفري" الأميركية، إلى قائمة القنوات، مما يجعلها متاحة في معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. ومنذ نشأتها عام 2021، يسود اعتقاد أن "جي بي نيوز" تسعى إلى محاكاة قناة "فوكس نيوز" الأميركية التي يفضلها ترامب. يأتي ذلك، في وقت يواصل الرئيس الأميركي انتقاد وسائل الإعلام الرئيسية، ورفع دعاوى قضائية ضد عمالقة الإعلام مثل روبرت مردوخ، بالإضافة إلى محطات البث والصحف الصغيرة. وفي وقت سابق من هذا العام، قال ترامب إن وسائل الإعلام الأميركية مليئة بـ"وحوش اليسار المتطرف" الذين ارتكبوا جرائم "غير قانونية" في تغطيتهم الإخبارية. ومؤخرا، قال مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، إن "وسائل الإعلام الليبرالية" تنشر "أخبارا كاذبة" فيما يتعلق بتقارير تزعم أن اسم ترامب ورد في ملفات وزارة العدل الأميركية بشأن قضية الملياردير الراحل جيفري إبستين، المتهم بارتكاب اعتداءات جنسية. وقال ديفين نونيس، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة "ترامب ميديا"، في بيان: "جي بي نيوز هي مصدر رائع للأخبار والحقائق والتعليقات". وأضاف "من خلال توسيع نطاقها العالمي، نهدف إلى ربط جمهور دولي جديد ضخم بتقارير الشبكة الفريدة وآرائها، مع إحداث ثغرة أخرى في احتكار الأخبار العالمية". يشار إلى أن "جي بي نيوز" تعد أول قناة إخبارية تنضم إلى وسائل الإعلام التقليدية في بريطانيا منذ نحو عقدين، وتخوض منافسة مع قناة "سكاي نيوز" الخاصة ومع هيئة البث البريطانية " بي بي سي".


الجزيرة
منذ 24 دقائق
- الجزيرة
الأردن يستضيف اجتماعا سوريا أميركيا لدعم دمشق
يستضيف الأردن بعد غد الثلاثاء اجتماعا مشتركا مع سوريا والولايات المتحدة للبحث في سبل دعم "عملية إعادة بناء سوريا". وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية في بيان لها اليوم الأحد أن الاجتماع الذي يشارك فيه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره السوري أسعد الشيباني والمبعوث الأميركي الخاص توم برّاك"سيبحث الأوضاع في سوريا وسبل دعم عملية إعادة بناء سوريا على الأسس التي تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها، وتلبي طموحات شعبها الشقيق وتحفظ حقوق كل السوريين" وجاء في البيان أن الاجتماع " يأتي استكمالا لمباحثات عقدها المسؤولون الثلاثة في عمّان 19 يوليو/تموز الماضي "لبحث تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء في جنوب سوريا وحل الأزمة هناك". وعلق براك عبر منصة إكس أن "الاجتماع يؤكد تصميمنا الجماعي على التحرك نحو مستقبل يمكن لسوريا وجميع شعبها أن يعيشوا فيه بسلام وأمن وازدهار". ويأتي اجتماع الثلاثاء استكمالا لمباحثات عقدها المسؤولون الثلاثة في عمّان الشهر الماضي، بحسب الخارجية الأردنية. واتفق الأطراف الثلاثة خلال الاجتماع الذي عُقد في 19 يوليو/ تموز، على "خطوات عملانية تستهدف دعم سوريا في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة السويداء السورية" ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد. وتضمنت الخطوات حينها "مواضيع تتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار، ونشر قوات الأمن السورية في محافظة السويداء، وإطلاق سراح المحتجزين لدى كل الأطراف وجهود المصالحة المجتمعية في المحافظة، وتعزيز السلم الأهلي، وإدخال المساعدات الإنسانية". وأنهى وقف النار الذي دخل حيز التنفيذ في 20 يوليو/تموز أسبوعا من المعارك التي خلفت مئات القتلى.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
بين الإنجازات والانتهاكات.. أداء جهاز الأمن السوري تحت المجهر
مع دخول سوريا مرحلة سياسية جديدة بعد سقوط النظام المخلوع، برز جهاز الأمن العام، الذي أعيدت تسميته بعد إعادة هيكلة لقوى الأمن والشرطة ليصبح "الأمن الداخلي"، كواحد من أبرز المؤسسات التي أنيط بها حفظ الأمن والاستقرار في ظل تحديات داخلية وخارجية معقدة. وقد شكل الزج بهذا الجهاز في المحافظات السورية المختلفة، بعدما كان يعمل في إدلب فقط في ظل حكومة الإنقاذ، خطوة ضرورية لتنظيم المشهد الأمني في مرحلة انتقالية شديدة الحساسية، وجاء في لحظة فراغ كان من شأنه أن يهدد بتفكك الدولة والمجتمع معا. ومنذ اللحظة الأولى، وجد الجهاز نفسه أمام اختبارات صعبة، تتعلق بكيفية تحقيق الأمن من جهة، وبناء علاقة جديدة مع الشارع السوري من جهة أخرى، في ظل إرث ثقيل من انعدام الثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية. وتتعدد وجهات النظر حول أداء الأمن الداخلي بين مؤيدين يرون فيه صمام أمان ضروري، وناقدين يرون أن الانتهاكات ما زالت حاضرة رغم تبدل الوجوه. يحاول هذا التقرير تسليط الضوء على أداء هذا الجهاز، كاشفا حدود قوته ونقاط ضعفه، ومجيبا عن سؤال: هل يمكن لهذا الجهاز أن يرسخ الأمن بعيدا عن الانتهاكات والتجاوزات؟ تحديات المرحلة وأعباء الأمن الداخلي منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في أواخر عام 2024، تواجه سوريا الجديدة واقعا أمنيا معقدا يتطلب استجابة فورية ومستمرة. فقد وجدت الحكومة الانتقالية نفسها أمام سلسلة من التحديات الثقيلة، أبرزها داخليا التعامل مع فلول النظام السابق الذين ما زالوا يهددون الاستقرار عبر هجمات مسلحة أو محاولات تخريبية، فضلا عن خلايا تنظيم الدولة. ويضاف إلى ذلك التوترات التي تخلقها المليشيات المحلية الخارجة عن السيطرة، كما تجلى في أحداث الساحل والسويداء، أما على الصعيد الخارجي فتبرز التحديات الإقليمية، وفي مقدمتها التهديد الإسرائيلي المتكرر. وفي محاولة لتدارك الفراغ الأمني بعد سقوط النظام، فتحت وزارة الداخلية باب الانتساب إلى جهاز الأمن العام خلال أقل من أسبوعين، مما أدى إلى انضمام آلاف العناصر الجدد بسرعة ومن دون إجراءات فرز دقيقة. ويصف الباحث في الشؤون الأمنية، عمار فرهود، هذه الخطوة بأنها تحول جذري في بنية الجهاز الأمني، الذي بات يضم أطيافا بشرية متعددة، بعضها يحمل ولاءات أو أجندات لا تنسجم مع أهداف المؤسسة. ويؤكد فرهود، في حديثه للجزيرة نت، أن هذا التنوع رغم ضرورته في المرحلة الانتقالية، خلق فجوات في الانسجام والانضباط، وأدى إلى تسلل عناصر سعت لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الاستقرار العام، في مقابل وجود عناصر منضبطة ومؤمنة بالقيم المؤسسية التزمت بأداء مهني في مختلف المناطق، وأسهمت في فرض النظام والتصدي لمحاولات التخريب. نجاحات ميدانية رغم التحديات البنيوية وواقع التأسيس في بيئة هشّة أمنيا، استطاع جهاز الأمن الداخلي في سوريا الجديدة أن يثبت حضوره كقوة ضابطة للمشهد الداخلي، وحقق خلال أشهر قليلة إنجازات ميدانية لافتة في مواجهة التهديدات المتنوعة التي واجهت البلاد. على رأس هذه الإنجازات برز الدور المحوري للجهاز في ملاحقة فلول النظام السابق الذين انخرطوا في أنشطة مسلحة تهدف إلى زعزعة الاستقرار، خصوصا في مدن الساحل السوري. فقد خاضت وحدات الأمن مواجهات عنيفة خلال حملة مارس/آذار 2025 في محافظات ومدن اللاذقية وطرطوس وجبلة، أسفرت عن تفكيك عشرات الخلايا المسلحة المرتبطة بأجهزة النظام المنهار، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر كانت مخزّنة في الجبال والمناطق الريفية. لكن هذه المواجهات جاءت بتكلفة بشرية باهظة؛ إذ دفع الأمن العام ثمنا كبيرا في معركة تثبيت الأمن، حيث بلغ عدد قتلى الجهاز في معارك الساحل وحدها 238 عنصرا بحسب تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق. وفي الجنوب، خلال أحداث السويداء التي اندلعت في يوليو/تموز، إثر مواجهات طائفية بين مجموعات مسلحة محلية، خسر الجهاز مئات من عناصره خلال محاولات فرض الاستقرار ومنع تفكك الوضع الأمني. إلى جانب هذا، واصل الأمن العام جهوده في محاربة خلايا تنظيم الدولة. وقد نُفذت عمليات نوعية، أبرزها مداهمة في مدينة حلب منتصف مايو/أيار 2025، أسفرت عن مقتل واعتقال عدد من عناصر التنظيم، وضبط عبوات ناسفة وأحزمة متفجرة، كانت معدّة لاستهداف المدنيين في مناطق مزدحمة. وفي السابع من أغسطس/آب أعلنت قيادة الأمن الداخلي في إدلب أن وحدة المهام الخاصة التابعة لها تمكنت من إلقاء القبض على خلية تابعة لتنظيم الدولة، متورطة في اغتيال 5 أشخاص من الجنسية العراقية. وأحبط الجهاز بالتعاون مع المخابرات العامة محاولة تفجير في مزار السيدة زينب جنوب دمشق، ما عزز من ثقة الشارع بقدرة المؤسسة على درء التهديدات عالية الخطورة. مكافحة المخدرات وتفكيك شبكاتها وفي ملف مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، برز الجهاز كأحد الأذرع النشطة في تفكيك شبكة الكبتاغون التي راكمها النظام السابق طوال سنوات، وقد أعلن مدير إدارة مكافحة المخدرات عن ضبط 13 مستودعا لإنتاج المواد المخدرة، ومصادرة نحو 320 مليون حبة كبتاغون كانت معدّة للتهريب. وفي أواخر يوليو/تموز نفذت القوى الأمنية عملية أمنية نوعية أسفرت عن ضبط مليون و350 ألف حبّة مخدّرة من نوع "كبتاغون"، كانت معدّة للتهريب خارج البلاد، وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية العراقية. وفي هذا السياق، يشير الباحث في الشأن الأمني عمار فرهود إلى أن هذه النجاحات تحققت بفضل العناصر المنضبطة داخل الجهاز، التي تنتمي في معظمها إلى خلفيات ثورية أو أمنية محترفة، وانتقلت من مناطق شمال سوريا للعمل تحت مظلة الدولة الجديدة. ويؤكد فرهود أن هذه الكوادر لعبت دورا أساسيا في ترسيخ صورة مهنية لجهاز الأمن العام، واستعادت جزءا من ثقة المجتمع التي كانت قد تآكلت خلال سنوات القمع الأمني في عهد الأسد. تجاوزات وانتهاكات تحت المجهر رغم ما تحقق من نجاحات ميدانية لجهاز الأمن، فإن سلوك بعض العناصر الأمنية أثار موجة من القلق الشعبي والحقوقي، خاصة بعد توثيق انتهاكات طالت المدنيين في مناطق حساسة مثل الساحل والسويداء. وقد طرحت هذه التجاوزات تساؤلات جدّية حول الانضباط المؤسسي داخل الجهاز، ومدى فاعلية القيادة في ضبط عناصره في لحظات التوتر والانفلات. ففي الساحل السوري مثلا، حيث اندلعت في مارس/آذار 2025 مواجهات عنيفة ضد فلول النظام السابق، لم تخلُ العمليات الأمنية من تجاوزات مؤلمة. وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر بعد الحملة مقتل ما لا يقل عن 420 شخصا من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح، من بينهم 39 طفلا، و49 سيدة، و27 من الكوادر الطبية. ووجهت الشبكة الاتهام إلى من وصفتهم بـ"الفصائل والتنظيمات غير المنضبطة"، والتي تتبع شكليا لوزارة الدفاع. وأكدت مصادر محلية في مدينة السويداء للجزيرة نت أن القوات التي دخلت مدينة السويداء في الأيام الأولى للاشتباكات كانت خليط من الفصائل العسكرية التابعة لوزارة الدفاع ومن عناصر الأمن الداخلي، وبحسب هذه المصادر فإن التمييز بين العناصر كان صعبا بسبب عدم وجود لباس خاصة بكل فئة. من جهتها أفاد تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها يوم 22 يوليو/تموز أن سكان بعض المناطق في السويداء أفادوا بوجود أعمال نهب وحرق للمنازل واعتداءات طائفية وإعدامات تعسفية ارتكبتها قوات تابعة لوزارة الداخلية ووزارة الدفاع السورية، أثناء دخول لفرض الأمن على حد قول المنظمة الحقوقية. ويعود جزء كبير من هذه الانتهاكات إلى الشحن الطائفي والإثني المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي غذّى مشاعر الكراهية وساهم في تفلّت بعض العناصر من ضبط النفس، وذلك بحسب الخبير العسكري العقيد فايز الأسمر. ويربط الأسمر في حديثه للجزيرة نت هذه السلوكيات بضعف في التأهيل والتدريب والانضباط القيادي، مشيرا إلى أن بعض العناصر التي تم قبولها بعد سقوط النظام دخلت إلى صفوف الأمن من دون تدقيق حقيقي في خلفياتها أو جاهزيتها المهنية، ما أوجد ثغرات أمنية وسلوكية واضحة. أداة نفوذ من جانبه، يفسّر الباحث الأمني عمار فرهود هذه التجاوزات بأن بعض العناصر الأمنية المنضمة حديثاً لجهاز الأمن الداخلي تعامل مع الجهاز كأداة نفوذ، لا كمسؤولية وطنية، ما انعكس في سلوكيات قائمة على الابتزاز وتصفية الحسابات مع المدنيين أو الخصوم المحليين. ويدعم هذه المخاوف ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان من انتهاكات أوسع نطاقا، شملت مقتل 50 مدنيا -بينهم أطفال ونساء- على يد عناصر الأجهزة الأمنية، ووقوع 192 حالة اعتقال تعسفي خلال النصف الأول من عام 2025. ورغم تأكيد الحكومة على أنها أفرجت عن أعداد كبيرة من الموقوفين، إلا أن تقارير المنظمات الحقوقية ما زالت تشير إلى وجود حالات تعذيب واحتجاز خارج القانون، ما يعيد إلى الذاكرة ممارسات القبضة الأمنية التي كانت سائدة في عهد النظام السابق. إعلان حادثة اقتحام منزل الشاب عبد القادر ثلجي في حي المزة بدمشق أواخر يوليو/تموز الماضي، كانت من أبرز الأمثلة على هذا التوتر في العلاقة بين المواطن وجهاز الأمن. فقد أظهرت تسجيلات مصوّرة -انتشرت على نطاق واسع- عملية المداهمة العنيفة التي رافقها إطلاق نار وترهيب لأفراد العائلة، من دون وجود مبرر قانوني واضح، مما فجّر موجة من الغضب الشعبي ودفع وزارة الداخلية إلى إصدار بيان اعتذار وفتح تحقيق فوري في الحادثة. ويرى محللون أن استمرار هذه الذهنية، حتى لو كانت محدودة، يهدد الثقة المجتمعية التي بدأت تتشكل حيال الجهاز، ويضعف فرص بناء عقد اجتماعي جديد يقوم على العدالة وسيادة القانون. جهود الإصلاح وتطمينات رسمية أطلقت وزارة الداخلية سلسلة من الإجراءات التنظيمية تمثلت في إعادة هيكلة الجهاز الأمني، ودمج قوى الأمن العام والشرطة في كيان موحد تحت اسم "قيادة الأمن الداخلي"، بهدف توحيد الصلاحيات، وتعزيز القدرة على الضبط والمساءلة. كما استُحدثت إدارات جديدة لتلقي شكاوى المواطنين ومتابعة التجاوزات، من بينها دوائر مركزية مختصة بالشكاوى، بالإضافة إلى منصة إلكترونية تهدف لتسهيل الإبلاغ عن أي مخالفات يرتكبها عناصر الأمن أو الشرطة، وفق ما أعلن المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا في يونيو/حزيران الماضي. من جهته، شدد وزير الداخلية أنس خطاب في أكثر من مناسبة على أن وزارته عازمة على تغيير الصورة الذهنية السلبية المرتبطة بالمؤسسة الأمنية منذ عهد النظام السابق، وهي صورة ارتبطت بالخوف والسلطة المطلقة. وأشار خطاب إلى أن الوزارة تعمل على تحسين معايير الانتقاء والتدريب والانضباط، وتستعين بكفاءات وطنية من الضباط المنشقين وذوي الخلفيات القانونية والأكاديمية، في محاولة لإعادة بناء الهرم القيادي للجهاز الأمني على أسس مهنية حديثة. ومن أبرز الخطوات الرمزية التي اتخذتها الوزارة، توقيف رئيس دورية أمنية وعناصرها على خلفية اقتحامهم منزل الشاب عبد القادر ثلجي في دمشق بطريقة غير قانونية، إضافة إلى توقيف عدد من عناصر الأمن في مدينة حماة في السادس من أغسطس/آب بسبب مخالفات مسلكية بحسب ما أعلن قائد شرطة حماة العميد ملهم محمود الشنتوت. ولم تقتصر مواقف الحكومة على وزارة الداخلية، بل شملت رأس الدولة، ففي خطاب متلفز أعقب أحداث الساحل، تعهد الرئيس أحمد الشرع بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات وشكل لجنة للتحقيق فيها. كما أدانت الرئاسة السورية رسميا في بيان أعقب أحداث السويداء الانتهاكات التي وقعت هناك، مؤكدة أن "أي جهة مسؤولة عن هذه الأعمال، سواء كانت فردية أو منظمات خارجة عن القانون، ستتعرض للمحاسبة القانونية الرادعة، ولن نسمح بمرورها من دون عقاب". شروط نجاح محاولات التقويم ورغم أن هذه الخطوات لا تزال في طور التأسيس، إلا أن مراقبين يرون فيها محاولة جادة لتقويم أداء الجهاز الأمني وإعادة بنائه على قواعد قانونية ومجتمعية أكثر متانة. وهذا ما يؤكد عليه الباحث عمار فرهود بالقول إن بعض الإصلاحات بدأت تعكس نفسها على الأرض، خصوصا من خلال إتاحة قنوات للتواصل بين المواطن والمؤسسة الأمنية، وظهور خطاب رسمي يعترف بوجود تجاوزات ويعد بمحاسبة مرتكبيها. غير أن التحدي الأكبر -بحسب محللين- لا يكمن فقط في سنّ التعليمات، بل في القدرة الفعلية على تنفيذها بصرامة، وفصل العناصر المنفلتة، وإعادة تشكيل الثقافة الأمنية من داخل الجهاز، بحيث تكون قائمة على الشراكة مع المجتمع لا التسلط عليه. فالوصول إلى الأداء المنشود يتم عن طريق الإعداد الفكري والمهني لعناصر الأمن الداخلي ومن خلال صياغة عقيدة أمنية للمؤسسات الأمنية السورية، بحسب الباحث في الشؤون الأمنية لورانس الشمالي. وإلى جانب هذه العقيدة الأمنية يشير الباحث الشمالي في حديثه للجزيرة نت أنه لا بد من وجود قيادة مؤهلة، وعناصر مدربة ومنضبطة، لكي تؤدي كلمة "الأمن" المعنى المطلوب منها لدى المجتمع، وليس المدلول القمعي الذي رافق المؤسسة الأمنية طيلة فترة حكم الأسدين.