
مطلوب "جبهة" لإنقاذ الوطن
بقلم: يوسي ميلمان
أزمة اقتصادية، فساد، صعود القوى الدينية، فاشية عنصرية، ازدياد أعمال عنف اليمين حيث توجد في الخلفية حرب على الحدود وتهديد بتوسيعها، كل ذلك أدى في نهاية المطاف إلى إنشاء جبهة موحدة لوقف هذه الظواهر. هذا حدث في فرنسا في أيار 1936 عندما توحدت أحزاب الوسط واليسار، بما في ذلك الشيوعيين الذين آمنوا بقيم الديمقراطية والليبرالية، وشكلت الجبهة الشعبية برئاسة رئيس الحكومة ليئون بلوم. وقد نجحت مدة سنتين في التسامي على الاعتبارات الشخصية، الخصومات السياسية الصغيرة والخلافات الايديولوجية الصعبة، من اجل وقف الخطر الأكبر الذي يهددهم، وهو صعود الفاشية والنازية، التي ترسخت في ألمانيا، إيطاليا وأسبانيا، وانزلقت أيضا إلى وسط وشرق أوروبا. اضافة اعلان
الأمر الملح الآن في إسرائيل هو جبهة شعبية مشابهة، مناسبة للواقع هنا. جبهة تتشكل من كل القوى التي تحب الديمقراطية والليبرالية وتعارض القومية المتطرفة المتصاعدة والعنصرية والمسيحانية والتحريض والفساد وتعفن الأخلاق، التي تقود إسرائيل إلى ضياع هويتها. جبهة ربما ستنجح في وقف العزلة الدولية المتزايدة والخطر من أن تصبح إسرائيل دولة منبوذة تشبه جنوب إفريقيا في فترة الفصل العنصري، إيران الإسلامية، كوريا الشمالية، روسيا وبعض الدول التي تحكم على يد الديكتاتورية.
هذا وقت طوارئ، دعوة للنهوض، ساعة المنبه وجرس الإنذار دق. الاحتجاجات والمظاهرات بالأسلوب السابق تم استنفادها. لم يعد يوجد مكان لصوت العويل والبكاء على مصير الدولة المر كما عرفناها واحببناها إلى أن صعد إلى السلطة قبل سنتين ونصف بنيامين نتنياهو جديد. شخص لم نعرفه في سنوات حكمه السابقة. نتنياهو الذي تربى في أحضان والده، الذي كان سكرتير زئيف جابوتنسكي، وتربى على عقيدته، عقد تحالف بعد الانتخابات الأخيرة مع الكهانية واصبح جزء لا يتجزأ منها. مطلوب الآن عمل مختلف لتوحيد الصفوف. يجب على كل جهات الاحتجاج المدنية والأمنية التوحد تحت سقف واحد ومعجزة واحدة. لماذا من تخرجوا من جهاز الأمن، الذين يطالبون بوقف الحرب في غزة ويعتبرونها حرب خداع وغير أخلاقية، لا يتوحدون في جسم واحد؟. مثلهم أيضا منتدى الطيارين "555"، "قادة من أجل أمن إسرائيل"، وكل مجموعة رؤساء الأجهزة السابقين، رؤساء الأركان، رؤساء الموساد، رؤساء الشباك، المدراء العامون والمفتشون في شرطة إسرائيل.
الشعار يجب إن يكون واحد ومشترك للجميع، "فقط ليس بيبي". اليمين نجح في ترسيخ هذا الشعار كنوع من الشتيمة، ونتيجة لذلك فان عدد غير قليل من الذين يريدون إسقاط نتنياهو، يخشون القول ببساطة "فقط ليس بيبي". ولكن هناك بالتحديد ما يدعو إلى التفاخر بهذا الشعار، وحمله عاليا ورفعه كوسيلة توحد وتُجمع.
جميع رؤساء الأحزاب الذين يعارضون نتنياهو وحكومته الخبيثة مجبرون على التوحد والعمل كجبهة واحدة، نفتالي بينيت، يئير لبيد، افيغدور ليبرمان، بني غانتس، غادي ايزنكوت ويئير غولان. يجب عليهم ضم أيضا الأحزاب العربية أو زعماء عرب مدنيين الذين هم جزء من المجتمع الإسرائيلي والديمقراطية في إسرائيل. يجب وقف المقاطعة، الوقت ليس وقت الصغائر، الجميع يجب عليهم التسامي مع عظم الساعة، التوحد رغم الخلافات هو الذي احدث الثورات والتغييرات الكبيرة على مدى التاريخ. سيكون أمامهم الوقت للتشاجر والتخاصم ومحاولة تمييز انفسهم. الآن مطلوب العمل بشكل فوري. محظور الانتظار حتى انتهاء العطلة الصيفية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
نقطة تحول في إسرائيل: الليبراليون يتصارعون مع فكرة الإبادة الجماعية
ترجمة: علاء الدين أبو زينة اضافة اعلان أوري غولدبرغ* - (نيو لاينز) 1/8/2025بعد أشهر من الإنكار الشامل عبر مختلف أطياف المجتمع الإسرائيلي، بدأ البعض يعترفون الآن بأن سياسات حكومتهم تتسبب في إبادة ومجاعة جماعية في غزة.* * *يشعر الليبراليون الإسرائيليون بقلق متزايد بشأن مفهوم الإبادة الجماعية. ولا يمكن للأغلبية الساحقة من اليهود الإسرائيليين حتى أن يحلموا باستخدام كلمة "الإبادة الجماعية" لوصف ما فعله بلدهم في غزة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. ومع ذلك، أصبح الشعور بعدم الراحة ملموسًا اليوم أكثر بكثير مما كان عليه قبل أسابيع قليلة فقط. وأصبح المعلقون البارزون يُعانون عندما يُطلب منهم وصف صور الأطفال والبالغين الهزيلين التي تأتي من القطاع. وفي بودكاست محترم بُث مؤخرًا حول الشؤون الراهنة، تحدث أحد الضيوف، وهو صحفي من "هآرتس" يُدعى نير حسون، عن آخر فكرة اقترحها وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس -حول بناء "مدينة إنسانية" على أنقاض رفح.حسب الاقتراح، سيتم سَوق مئات آلاف الفلسطينيين إلى داخل هذه "المدينة" بعد إخضاعهم لفحوصات أمنية مطولة (للتحقق من أنهم ليسوا أعضاء في حماس). وبمجرد أن يدخلوا إليها، لن يُسمح لهم بالخروج. والضيف، صحفي "هآرتس" نير حسون، هو واحد من مجموعة صغيرة للغاية من الصحفيين الإسرائيليين المستعدين لاستخدام عبارة "الإبادة الجماعية" لوصف ما يجري في القطاع. وسأل حسون مضيف البودكاست عما إذا كانت "المدينة الإنسانية" تذكره بشيء. وبدا على المضيف الارتباك بوضوح، وتردد قبل أن يقول إن هذا يذكره بـ"سجن". فصححه حسون بلطف: "إنه غيتو"، مثل الغيتوهات التي أنشأها النازيون لحبس اليهود وتجويعهم. وفي بودكاست آخر مشابه، لم يستطع المضيف ولا الضيف قول كلمات "معظمهم أبرياء" لوصف سكان غزة، وبدلًا من ذلك أرغما نفسيهما على قول إن بعض السكان في غزة أبرياء.ما تزال خبرة الهولوكوست تلقي بثقلها على ضمير الليبراليين الإسرائيليين، على الرغم من سهولة التنصل من الصدى الصاخب الذي أثارته الصور القادمة من القطاع. وقد اختار قادة حركة الاحتجاج، المعروفة باسم "التحالف المناهض لنتنياهو"، الذين يطالبون بوقف إطلاق النار باسم التوصل إلى صفقة للإفراج عن الرهائن المتبقين، منهجًا ذا اتجاهين. إنهم يغردون الآن بأن ما يتم فعله في غزة "ليس باسمهم"، ثم ينتقلون مباشرة إلى الحديث عن التحضيرات للانتخابات المقبلة التي يخططون لهزيمة نتنياهو فيها. والرسالة الضمنية، كما كان حالها منذ سنوات، هي: "إن حكومة نتنياهو هي انحراف يدفع إسرائيل نحو مستقبل متطرّف. نحن معتدلون. دعونا نستعد السيطرة وسترون كيف ستتسق الأمور". ومع ذلك، يبقى عدم ارتياحهم واضحًا، حتى وإن ظهر ذلك فقط في شدة إنكارهم. لكنّ الفلسطينيين أنفسهم، هذه المرة، هم الغائبون عن الروايات الليبرالية السائدة عن غزة.عندما يعترف المرء بأن إسرائيل ترتكب جرائم في غزة والضفة الغربية، فمن هم ضحايا هذه الجرائم؟ عندما تنظر يونيت ليفي، المذيعة الأكثر مشاهدة في إسرائيل، إلى الكاميرا وتصف أعمال بلدها في غزة بأنها ليست مجرد فشل استراتيجي، بل أخلاقي أيضًا، ماذا تكون ظروف وتداعيات هذه الإخفاقات؟ إن ليفي هي اسم مألوف في كل بيت؛ وقد دعمت الحرب من دون تحفظ تقريبًا حتى وقت قريب، إلى جانب الغالبية العظمى من الإعلام الإسرائيلي. لكن النقاط تم الوصل بينها الآن. لم يعد الأمر "مجرد" احتلال عسكري استمر طويلًا حتى أصبح الآن مُطبعًا ومألوفًا تمامًا. إننا ننظر الآن إلى أسوأ جريمة من بين كل الجرائم على الإطلاق، يقوم بارتكابها مباشرة، بالبث المباشر، مئات آلاف الإسرائيليين المتواطئين في جوانبها المتعددة. وربما يكون الأهم من أي شيء هو أن النتائج الظاهرة لهذه الجريمة تضع الليبراليين الإسرائيليين في موقع غير مريح بشكل ملحوظ.لماذا الآن؟ ما الذي تسبب في بلوغ لحظة التحول الحاسمة هذه؟ يمكنني التفكير في سببين رئيسيين مترابطين: الأول هو الطابع المنهجي لتجويع إسرائيل لغزة. إن الجوع الذي يدفع الناس الآن إلى الهلاك أو الإغماء أثناء سيرهم في أشباح ما كان شوارع ذات مرة، لم يأتِ فجأة، بل هو نتيجة عمل طويل لا هوادة فيه، والذي كان النظام الإسرائيلي كله متواطئًا فيه. معظم اليهود الإسرائيليين، الذين لديهم على الأقل بعض التجربة في الخدمة العسكرية، يعتبرون الأعمال الفردية الكثيرة التي تتكوّن منها "الحرب" أمورًا مشروعة بطبيعتها. والموت هو، بعد كل شيء، إحدى نتائج "الحرب"، مع مبرراتها التي لا نهاية لها للقتل والعنف: "الأشياء الجيدة تحدث للأشخاص السيئين"؛ "أحيانًا عليك أن تفعل أشياء سيئة لتحقيق أهداف جيدة"... وهكذا. فإذا ما طُلب منك تنفيذ قصف جوي أو إطلاق النار بهدف القتل على أي شخص (بما في ذلك أم وأطفالها) يدخل "منطقة قتل"، لا ينبغي أن تتحمل مسؤولية فردية عن أفعالك. إن ضغطك على زر، أو على زناد، قد يؤدي إلى نتائج "سيئة"، بينما تظل أنت "شخصًا طيبًا". في الحرب، بعد كل شيء، يبقى الأمر دائمًا "نحن" أو "هم".لكنّ الجوع مختلف. وأنا أستخدم مصطلح "الجوع" بدلاً من "المجاعة" للتعبير عن التوتر بين الشعور الفردي المباشر والمألوف بالجوع من جهة، والواقع متعدد المراحل وطويل الأمد الذي يجب أن يحدث حتى يتسع الجوع ويجتاح مجتمعًا بكامله من جهة أخرى. إن الجوع لا يشبه "الحرب". لا شيء في صناعة الجوع يمكن أن يكون طبيعيًا، بدءًا من "الخطط" الأولى (هل تذكرون "خطة الجنرالات" لحصار أجزاء من غزة بعد إخلاء المدنيين من أجل تجويع مقاتلي حماس؟) إلى التنفيذ النهائي. عندما يموت الناس جوعًا، فإن هذا يكون نتاج عملية معقدة. إنهم لا بد أن يكونوا قد حُرموا ليس من الغذاء فحسب، بل من البنية التحتية اللازمة لطهي وتوزيع الطعام (الكهرباء، الطرق)، وكذلك من الرعاية الطبية وغيرها من الأساسيات التي لا يمكن تمني محوها بأقوال مثل تلك المذكورة آنفًا.الجوع، المعقّد والمركب بطبيعته الخاصة، يرسم خطًا واضحًا ومباشرًا بين الذين هم جائعون والذين ليسوا كذلك. وبينما يمكن لليبراليين الإسرائيليين أن ينظروا إلى أنفسهم كضحايا معذَّبين عليهم التزام أخلاقي بتدمير أعدائهم، فإنه لا يمكنهم أن يفكروا في أنفسهم كجائعين. ثمة أولئك من اليمين الإسرائيلي الذين يعبرون عن الغضب من وسائل الإعلام الإسرائيلية، لأنها تنقل للجمهور صور أطفال هزيلين يموتون مثل الهياكل العظمية، بينما "الأطفال يجوعون في إسرائيل، والإعلام الليبرالي لا يُظهرهم على الإطلاق". وعندما يسخر الليبراليون الإسرائيليون من مثل هذه التصريحات، يكون واضحًا أنهم يعرفون تمامًا أي جانب من الخط هو الذي يقفون عليه. إن الجوع هو ثابت إنساني جامع.السبب الثاني لانزعاج الليبراليين الإسرائيليين يتعلق بالصور نفسها. إننا نعرف هذه الصور. وقد نشأنا على هذه الصور. يتم تعليم اليهود الإسرائيليين عن المحرقة منذ رياض الأطفال. والأطفال لا يرون صور معسكرات الموت، لكن البذور الأولى تُزرع. وهم يفهمون الرسالة: "ثمة أناسٌ سيئون أرادوا أن يرتكبوا أشياء سيئة ضدنا لأننا يهود، لكننا في النهاية هزمناهم لأننا بنينا وطننا حيث نعيش كيهود بحرية". ثم يتم رفع حضور المحرقة برفق -ولكن بثبات- مع تقدم الأطفال الإسرائيليين في العمر. هناك يوم وطني لإحياء الذكرى. وعندما كنت مراهقًا، كنا نلتقي غالبًا مع ناجين من المحرقة يشاركوننا تجاربهم. وفي ذلك اليوم، لا تُعرض الكوميديا على التلفاز، وتُغلق المطاعم في مساء اليوم السابق. هذه الأشياء كلها هي جزء من الحياة في إسرائيل. لكن الصور، تلك التي تُظهر اليهود وهم يتعرضون للإهانة والاضطهاد، الصور (وهي الأكثر رعبًا على الإطلاق) لما كان يُعرف في معسكرات الإبادة النازية بـ"المسليمان"** -رجال ونساء وأطفال بعيون جوفاء، هزيلون إلى حد فقدان الهيئة الإنسانية تقريبًا- هذه الصور تحتل أعمق طبقة في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية عن المحرقة.إننا لم نشاهد فقط صور الناجين الهزيلين من معسكرات الموت، بل إننا نفهم الرسالة التي تحملها هذه الصور: "الفرق الوحيد بيننا وبين أولئك اليهود هو أن لدينا دولة مستقلة". وبالنسبة للعالم، نتعلم -من دون أن يُقال لنا ذلك بالضرورة بشكل مباشر- أننا نحن أبناء أولئك الهزالى. هذا الإحساس متجذّر بعمق إلى درجة يصعب معه التعبير عنه بالكلمات.يرى الإسرائيليون أنفسهم كضحايا دائمين، ويتماهَون مع الضحايا في كل مكان في العالم بسبب تلك الصور. والارتباط بين ذلك وبين الطبيعة المنهجية للجوع يبدو شبه بديهي. لا يمكن لليهود أن يكونوا "النظام" الذي يصنع المجاعات الجماعية. نحن شعب قائم بذاته، مرفوض حتى الموت من الجميع، من أيٍّ كان. ومجرد فكرة أننا نمتلك هذه القوة، وأننا قد نستخدمها عن طيب خاطر، وأننا جميعًا مشاركون فيها، هي تجربة صادمة.إنني أحتاج -وسأقول شيئًا عن احتياجاتي في نهاية هذا النص- إلى أن أؤكد مرة أخرى: هذا الأمر هنا لا يتعلق بالأخلاق. ما يزال الإسرائيليون يرون أن أفعالهم، الفردية والجماعية، في غزة شرعية. "لقد نهضنا لنقتل من كانوا سيقتلوننا، أليس كذلك؟ وإذا كان هناك من هو مذنب بالإبادة الجماعية، فهو حماس؛ لقد توقفوا فقط بسبب العوائق اللوجستية، وليس لنقص في النية. اقرأوا ميثاقهم! انظروا إلى جرائمهم في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) -(تاريخ بلا سنة، سيبرز وحده من بين جميع السنوات الآتية)!".يختبر الليبراليون الإسرائيليون ما يكفي من الانزعاج لدفعهم إلى النأي بأنفسهم عن الإبادة الجماعية، لأن المحرقة تُشكّل عنصرًا ابتدائيًا في الهوية الإسرائيلية. لم يعد بالإمكان إنكار التشابهات مع المحرقة، لأنها تقدم لليبراليين الإسرائيليين حقائق وصورًا يقاومها كيانهم بالكامل. "نحن" لا يمكن أن نكون النظام الذي يرتكب التسبب بالجوع. يمكن أن نكون مقاتلين، يمكن أن نكون مواطنين مخلصين، ويمكن حتى أن نضع الأخلاق جانبًا عندما نضطر إلى ارتكاب شيء شنيع من أجل إنقاذ الجماعة. لا يمكن أن نكون نحن النظام. وحتى الحقيقة الأقل تصريحًا، لا يمكن أن نكون نحن من تسبب في وصول الأطفال إلى هذه الحالة. لا يمكننا. نحن كنا أولئك الذين كُتب عليهم أن ينتهوا إلى جثث هزيلة. وقد بذلنا كل جهدنا ومواردنا لتفادي هذا المصير. من المستحيل تقبّل أننا أكملنا الدائرة وأصبحنا الآن الجلادين، لا الضحايا. لا يمكن أن يكون هذا نتيجة لأخلاقنا. لا يمكن أن يكون انعكاسًا لوجودنا. لا يمكن أن نكون قد أصبحنا ما نحن عليه اليوم.لقد تطلّب التغلب على المحرقة وتجاوزها في إسرائيل دومًا قدرًا من الإنكار. تتحدث الأساطير المؤسسة لإسرائيل عن "اليهود الجدد"، الذين أخذوا مصيرهم بأيديهم، ولم يعودوا معتمدين على حسن نية الآخرين. عندما جاء الناجون من المحرقة إلى إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، استُقبلوا بمزيج من الرهبة والشفقة، ولكن أيضًا بالازدراء، على أساس أنهم ساروا باستسلام سلبي إلى الذبح كما تُساق الخراف. ما كان اليهود الذين وُلدوا وتربّوا في أحضان الصهيونية ليسمحوا بحدوث شيء كهذا. كنا سنحميهم بما أنهم كانوا بوضوح في حاجة إلى الحماية. لكننا سنرفض كل ما يمكن أن يقدموه ليكون أساسًا لنهوض ثقافة يهودية جديدة. سوف نتذكرهم ونتعلم عنهم فقط لكي نضمن ألا نصبح ما كانوه أبدًا. سوف نتسامح مع وجود إخوتنا في "الشتات"، لكن التراتبية دائمًا واضحة -نحن الأفضل لأننا لا نحتاج إليهم. أما هم، فسيحتاجون إلينا بلا شك (عندما نُلقي بإبادتنا الجماعية على أكتافهم الضيقة ونُصرّ على أن أي انتقاد لإسرائيل هو معاداة للسامية). لقد رفض اليهود الإسرائيليون، على مدى ما يقرب من عامين، أي مقارنة بين ما فُعل بأسلافهم في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية وما يفعله جيشهم بالفلسطينيين في غزة اليوم. ومع ذلك، مهما حاولوا لم يعد بإمكانهم إنكار الصور والأرقام القادمة من غزة، والجوع الذي خططت له إسرائيل وأدامته.سوف أختم بملاحظة شخصية: لم يكن من السهل عليّ كتابة هذا النص. إنني في النهاية نتاج ثقافتي. وقد استبطنتُ آليات الرفض والإنكار هذه منذ سن مبكرة جدًا. والتفكير فيها، وتحديد علاقات القوة والسياسات التي تنتجها هذه المبادئ "المقدسة" في العالم، لم يكن ولن يكون أمرًا سهلاً بالنسبة لأي إسرائيلي. كنت ناقدًا صريحًا لأفعال إسرائيل في غزة والضفة الغربية لسنوات طويلة، بل بشكل أشد خلال الواحد والعشرين شهرا الماضية، ووجدت نفسي أتراجع خطوتين مقابل كل خطوة إلى الأمام في محاولتي التعبير عن التحول الذي يختبره الليبراليون الإسرائيليون. معظم الليبراليين الإسرائيليين سعيدون جدًا بالامتثال؛ باعتناق سردية أن إسرائيل يمكن أن تكون فردوسًا -فقط لو أنهم كانوا هم في موقع المسؤولية. قد لا يشير عدم ارتياحهم إلى تحوّل جذري، أو حتى إلى أي تحوّل على الإطلاق. وقد ينتهي الأمر بأن تكون هذه مجرد زخرفة بلاغية على أبعد تقدير؛ تركيزًا على إبراز مكانة الليبراليين الإسرائيليين لا أكثر.ومع ذلك، فإن انزعاجهم ينبع من أعمق الأماكن وأكثرها ظلمة في الهوية الإسرائيلية. حتى هم لم يعودوا في مأمن من آثار الإبادة الجماعية التي نرتكبها في غزة.*أوري غولدبرغ Ori Goldberg: أستاذ جامعي سابق، كتب بكثافة عن إيران وإسرائيل والعلاقة بين الدين والسياسة في الشرق الأوسط.*نشر هذا المقال تحت عنوان: A Tipping Point in Israel: Israeli Liberals Grapple With the G-Wordهامش المترجم:**مُسليمان Muselmänner: مصطلح ألماني كان يُستخدم في معسكرات الاعتقال النازية أثناء الهولوكوست لوصف السجناء الذين في حالة إنهاك شديد، وعلى وشك الموت من الجوع أو المرض أو الإرهاق. كان هؤلاء الأشخاص يتسمون بضعف شديد في الجسد، ومشية متمايلة، ونظرة شاردة، وفقدان للإرادة تقريبًا، حتى بدا وكأنهم مستسلمون تمامًا للموت. والمصطلح نفسه يعني حرفيًا "المسلمون" بالألمانية، لكنه في هذا السياق كان يحمل دلالة مهينة ومجردة من المعنى الديني، ويُعتقد أن سبب التسمية يعود إلى مظهرهم المنحني أو استسلامهم القدري الذي شبّهه الحراس بتصوراتهم النمطية عن المسلمين في الصلاة أو الخشوع.


الغد
منذ 4 ساعات
- الغد
هاجس الأردن الأكبر
اضافة اعلان التطورات الجارية في الضفة الغربية حاليا، هي الهاجس الأكبر لدوائر القرار الأردني. حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، وظفت أحداث السابع من أكتوبر لتسريع خطط الضم في الضفة الغربية. أخطر الوزراء في حكومة نتنياهو؛ سموتريتش وبن غفير هما من يديرا الملف في الأراضي الفلسطينية المحتلة.وفق معلومات أردنية، الحكومة الإسرائيلية كانت على وشك اتخاذ قرار ضم بعض المناطق"ج" قبل أسابيع، ثم تأجل الأمر لاعتبارات سياسية. لكن النية ما تزال قائمة وربما تتم الخطوة خلال الفترة القصيرة المقبلة.لم يعد من رادع داخلي أو خارجي لخطوة كهذه. اليمين الصهيوني يهيمن على الخريطة السياسية في إسرائيل، والإدارة الأميركية لا تنوي على ما يبدو الوقوف في وجه مخطط الضم.قرار حكومة نتنياهو بتوسيع دائرة الحرب في غزة وإطالة أمدها تم بموافقة أميركية، ومعارضة أوروبية أضعف من أن توقف الخطط. استمرار الحرب في غزة، يمثل غطاء لتنفيذ خطط الضم في الضفة الغربية.تقرير نيويورك تايمز وقف على الحقيقة؛ إسرائيل بدأت بتوسيع حدودها بشكل فعلي. تحتل خمسة نقاط داخل الأراضي اللبنانية، وتفعل الشيء ذاته على نطاق أوسع داخل الأراضي السورية، حيث أقامت ست نقاط عسكرية داخل المنطقة العازلة، ونقاط أخرى في عمق الأراضي السورية، إضافة إلى حفر خندق بطول 30 كيلو مترا يمتد على طول الحدود السورية.الخطوة التوسيعة الأهم بالنسبة لإسرائيل ستكون، ابتلاع ما يعادل 60 % من أراضي الضفة الغربية، ومن ضمنها غور الأردن.إسرائيل مصممة على تحويل انتصاراتها في غزة ولبنان وسوريةوحربها ضد إيران، إلى مكاسب إستراتيجية دائمة، تخدم أهداف الحركة الصهيونية، والاتجاهات الأكثر تطرفا داخلها، وهي المسيطرة اليوم على الحكومة.هذه التحولات الخطيرة في المشهد، تضع الأردن في مواجهة حسابات دقيقة ومصيرية. الضم يعني قتل ما تبقى من فرص لقيام دولة فلسطينية مستقلة. وهذا لم يعد سرا إنما هدف معلن لحكومة نتنياهو.في غزة يخطط نتنياهو لحرب تهجير جديدة تنتهي بالقضاء على حماس وتسليم حكم القطاع لهيئة مدنية تحت غطاء أمني إسرائيلي. وفي الضفة الغربية، ستكون الخطوة التالية للضم، تفكيك السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى" كانتونات" بلدية لا يعود معها ممكنا قيام سلطة مركزية في أراضي الضفة الغربية، بل نظام حكم إداري على غرار روابط القرى التي أنشأتها إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.مثل هذه الخطوات النوعية، ستجعل خيار" الترانسفير" مطروحا على طاولة اليمين الصهيوني المندفع بقوة لإنجاز مشروعه التاريخي.هذا السيناريو يرفع من منسوب القلق في الأردن، لكنه في ذات الوقت يجعل الدولة في حالة انتباه ويقظة حيال كل خطوة تجري هناك. فعندما يتعلق الأمر بمصالح الأمن القومي العليا، لن يتردد الأردن من اتخاذ كل الخطوات التي من شأنها حماية وجوده وكيانه السياسي، بمنع التهجير أو فرض حلول على حسابه.إسرائيل على علم بموقف الأردن هذا، ولا شك أن الإدارة الأميركية كذلك بصورة ما يدور في العقل السياسي الأردني.الأكيد أن هناك تصميما أردنيا على جميع المستويات بالوقوف في وجه أي محاولة لفرض واقع جديد على حساب الأردن.الأسابيع والأشهر المقبلة حبلى بالأحداث والتطورات. ليس مطلوبا منا أن نقف ونراقبها، بل التحرك وعلى الأصعد كافة لحماية مصالحنا والدفاع عن بلادنا. ولدينا من الأوراق ما يمنحنا فرصا غير قليلة للتأثير بمجريات الأمور.


الغد
منذ 6 ساعات
- الغد
ماذا يريد نتنياهو حقا؟
يديعوت أحرونوت اضافة اعلان بقلم: ناحوم برنياعفي أيار 1999 أجريت انتخابات للكنيست ولرئاسة الوزراء. في حملة الانتخابات تعهد المرشحان، بنيامين نتنياهو واهود باراك بإخراج قوات الجيش الإسرائيلي من لبنان. مثل هذا النوع من الإجماع نادر جدا في حملات الانتخابات في إسرائيل: كل مرشح لرئاسة الوزراء يعد بالسلام والأمن، النمو والازدهار، لكن على تعهد مسبق بانسحاب يوجد بشكل عام محظور شبه ديني، في اليمين وحتى في الوسط – اليسار. في إسرائيل الإمعات وحدهم ينسحبون. 17 سنة تمسكت إسرائيل بلبنان ثلاثة منهم تحت حكم نتنياهو.ما حسم الأمر لدى نتنياهو كان الضغط الجماهيري: الإسرائيليون تعبوا من لبنان. إذا لم يتعهد بالخروج فإنهم لن يصوتوا له. فهل من الصواب ان نستنتج من نتنياهو في حينه عن نتنياهو اليوم؟ ليس مؤكدا. غزة مختلفة، الإسرائيليون مختلفون، سياسة اليمين مختلفة. وأساسا، نتنياهو مختلف. هو أقل انصاتا للأصوات من الخارج وأكثر بكثير للأصوات من الداخل – من الزوجة، من الابن، من إحساسه الداخلي. هو الضحية الأولى لعبادة الشخصية التي تطورت حوله. الكثير جدا من القوة توجد الآن تحت تصرفه. حكمة أقل بكثير. أمس، ارتفع مرة أخرى مستوى التفاؤل في طاقم المفاوضات: اردوغان انضم إلى الضغوط على حماس. إذا كانت صفقة والإسرائيليون العشرون المتبقون على قيد الحياة عادوا إلى الديار فستنشأ مسابقة كبرى لادعاء الإنجاز. القطريون سيطالبون بنصيبهم؛ المصريون سيصرون على ما لهم؛ أردوغان سيلوح بحقه؛ ترامب سيعزو الإنجاز لنفسه ولنفسه فقط؛ نتنياهو سيقول فقط تهديدي بالسيطرة على غزة لين مواقف حماس؛ الجيش وضع ارجلا، العائلات أضرت، لكن أنا، فقط أنا فرضت عليهم التوقيع على الاتفاق.لا يهم، بل فليوزعوا الحظوة على الإنجاز على الجميع. فالصفقة ليس فقط ستنقذ الحياة وتسمح لعائلات الضحايا بإغلاق دائرة، بل ستسمح لإسرائيل بالبدء في مسيرة إعادة التأهيل اللازمة والوداع لحرب لم تعرف كيف تنتهي. صحيح، نهاية الحرب لا تستجيب للتوقعات التي زرعتها الحكومة في قلب الجمهور. لكن فكروا بالبديل لإنهاء الحرب: هل هذا ما تريدونه؟نتنياهو، في ظهوره أمام الصحفيين امس، اتهم منتقدي خطة الاحتلال بانهم يضعفون الشعب. سمعت وصعب علي التصديق: مثل كثيرين آخرين، أنا امقت حماس وغيرها من المنظمات، اكثر من نتنياهو. صدمت حين مول حماس. حين بعث بقائد المنطقة الجنوبية إلى قطر باستجداء حكامها لان يبعثوا المال إلى غزة. الخروج إلى الحرب بعد مذبحة 7 أكتوبر كان مبررا. فقد كانت هذه حرب اللامفر. لكننا استنفدنا: حسم حماس بات خلفنا. حملة "عربات جدعون" اثبتت باننا وصلنا إلى نقطة الفائدة فيها اقل من الثمن، أقل على نحو ظاهر.من يدعي بان حسم حماس سيتحقق فقط بالنفق الأخير، بالكلانش الأخير، لم يتعلم كثيرا عن قيود الحرب ضد قوات عصابات. الا إذا كانت له مصلحة أخرى، أجندة أخرى.حتى الخريطة التي عاد نتنياهو وعرضها بعيدة عن الدقة: كان يمكن التوقع من رئيس الوزراء أن يعرض على الجمهور خريطة اكثر توثيقا من رسم صبياني. مليون نسمة يوجدون في هذه اللحظة في كتلة غزة وفي داخلهم بعض من المخطوفين. 600 الف في المواصي؛ 400 ألف في مخيمات الوسط. مساحة الكتل اكبر مما يعرض في الخريطة. غزة محفورة كلها. أحد لا يعرف ماذا سيحصل في عملية الطرد والاحتلال. كم مخطوفا سيقتل؛ كم جنديا سيسقط؛ ماذا سيحصل للسكان، من بينهم مئات آلاف الأطفال، النساء، الشيوخ؛ كيف ستستقبل المشاهد في العالم.شيء واحد نحن نعرفه: انه في كل ما يتعلق بمكانة إسرائيل في العالم نحن في السحب الزائد. الدول الثلاثة المقررة في أوروبا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا لم تعد مستعدة لان تترك لترامب تحديد سياسة الغرب تجاه إسرائيل. نعم، توجد هناك لاسامية أيضا، عميقا في الوعي، ذاكرة المحرقة منعتها من التفجر. لكن الصور من غزة أخرجت الجني من القمقم. الحكومات كفيلة بان تغير نهجها لكن الجني الذي خرج لن يسارع إلى العودة. إسرائيل من شأنها أن يلقى بها من النادي الوحيد الذي يمكنها أن تعيش فيه.ماذا يريد نتنياهو، هل يريد صفقة مخطوفين أم احتلال؟ جلسة الكابينت يوم الخميس انتهت بقرار ليس بقرار. لا نحتل غزة، "نسيطر" عليها. أنا لا أفهم المعنى العسكري لـ "السيطرة". لست واثقا أن أحدا ما في الجيش يفهمه. في الماضي، عندما لم يريدوا بسبب الثمن بالخسائر احتلال أرض ما، مثل بلدة بن جبيل في حرب 2006، استولوا على ارض عالية وتمترسوا فيها. هذا ليس المقصود في قرار الكابينت. القرار يضمن لسموتريتش احتلال ولترامب تواجد مؤقت. الاصطلاح ذو معنيين، ذو وجهين: مثل المناطق المحتجزة؛ مثل الإدارة المدنية؛ مثل الإصلاح القضائي. تترافق معه سلسلة من المطالب، كلها جيدة لكن بعضها متعذر على نحو مقصود. ويوجد أيضا وجه إيجابي: اختفى مطلب النصر المطلق؛ اختفى مطلب التهجير؛ اختفى الترحيل؛ خطاب أمس هو ممحاة اليوم.