
مصر تسعى لزيادة الإيرادات الضريبية: رفع أسعار السجائر المحلية والبقية تأتي تباعاً
الحكومة المصرية
لرفع إيراداتها من الضرائب في إطار إصلاحات لتشجيع الممولين أو تعديل القوانين القائمة برفع الضرائب عن معدلها الحالي، إذ صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي الخميس الماضي، على تعديل قانون الضريبة على
القيمة المضافة
، بعدما أقره مجلس النواب المصري نهاية يونيو/حزيران الماضي.
ونصت التعديلات الجديدة على ضريبة القيمة المضافة، رفع حدود أسعار السجائر على الأصناف المحلية والمستوردة في مصر، إلى جانب إدخال آلية للزيادة السنوية التلقائية بنسبة 12.5% لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، كما نصّت التعديلات على خضوع البترول الخام لضريبة مستحدثة 10%، وزيادة الضريبة على المشروبات الكحولية.
ووفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي الأخير حول المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، فإنّ الحكومة تستهدف تحصيل 195.2 مليار جنيه إضافية من الإيرادات الضريبية في العام المالي 2025-2026 من خلال حزمة من الإصلاحات الضريبية، وبدأ العام المالي أول يوليو/تموز الجاري وينتهي في 30 يونيو/حزيران المقبل.
وحسب البيان التحليلي لمشروع الموازنة المصرية الجديدة الذي أصدرته وزارة المالية في إبريل/نيسان الماضي، فقد رفعت الحكومة احتياجاتها التمويلية إلى نحو 3.6 تريليونات جنيه بهدف تغطية عجز الموازنة، وأقساط وإهلاك القروض المطلوب سدادها. وتستهدف مصر رفع حصيلة الضرائب على السلع والخدمات بنسبة 34.4% على أساس سنوي إلى 1.103 تريليون جنيه، وزيادة إيرادات ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بنسبة 50.2% إلى 640.4 مليار جنيه، بزيادة 214 مليار جنيه مقارنة بتقديرات موازنة العام المالي 2024-2025.
وقالت مصادر حكومية لنشرة إنتربرايز الاقتصادية المحلية اليوم الأحد، إنّ حكومة مصر تتوقع تحصيل نحو 200 مليار دولار إضافية من الإيرادات الضريبية من خلال الإصلاحات الضريبية الأخيرة التي تشمل تعديل قانون الضريبة المضافة، وإصلاحات أخرى مرتقبة منها فرض ضريبة خصم من المنبع بنسبة 4% على سلع المناطق الحرة المباعة محلياً، وتعديل المادة 41 من قانون ضريبة الدخل، إلى تضمين ضريبة ثابتة إضافية على هذه السلع علاوة على الرسوم الجمركية، وفقاً لمصدر للنشرة ذاتها.
وتؤثر التعديلات الجديدة وفقاً للنشرة ذاتها، على أسعار العديد من السلع والخدمات الرئيسية، بما في ذلك خدمات البناء والمقاولات والبترول الخام والسجائر والمشروبات الكحولية.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
صندوق النقد ينتقد هيمنة الجيش على الاقتصاد المصري وتصاعد الديون
كما تستهدف الحكومة وفقاً لتقرير حديث لوزارة المالية المصرية، التصديق على تعديلات قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف تنفيذها بالكامل في السنة المالية الحالية، وفقاً للتقرير. وتشمل الخطة أيضاً تطبيق قانون الضريبة العقارية المطور. وتوقع التقرير مزيد من التغييرات في العام المالي 2026/2027 عبر تشريع حزمة ضريبية أخرى من الإجراءات الضريبية عالية الجودة، التي ستقدم في سياق موازنة العام المالي المقبل لتحقيق هدف الإيرادات الضريبية الخاص بالبرنامج.
وثبتت وكالة "موديز" الجمعة الماضية، تصنيفها لمصرعند "Caa1" وهو تصنيف يقع في منطقة المخاطر العالية، بينما أبقت على نظرتها المستقبلية الإيجابية لمصر. وأشارت الوكالة إلى استمرار المخاطر الناجمة عن ارتفاع الديون التي تمثل نحو 89% من الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض الإيرادات التي تمثل 19% من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز الحساب الجاري عند 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
رفع أسعار السجائر المحلية
في السياق، أقرت الشركة الشرقية "إيسترن كومباني"، الأسعار الجديدة الخاصة بسعر البيع للمستهلك على منتجات الشركة. وأوضحت الشركة، أنه بدأ تطبيق الأسعار الجديدة اعتباراً من يوم الجمعة الماضية إذ ارتفع أسعار عبوة السجائر-20 سيجارة- إلى سعر موحد هو 44 جنيهاً للعبوة الواحدة من 38.5 جنيهاً.
و "إيسترن كومباني"، أكبر شركة إنتاج سجائر في منطقة الشرق الأوسط، وتستحوذ على حصة سوقية تقدر بـ75% من سوق السجائر في مصر.
وأكدت الشركة في بيان
أن هذه الخطوة تأتي للحفاظ على توازن السوق وضمان توفير السجائر بالسعر الرسمي، في ظل الالتزامات الضريبية الجديدة، مع الإشارة إلى أن هامش ربح التجار يتراوح بين 0.050 و0.250 جنيهاً لكل عبوة. وناشدت الشركة جموع المستهلكين بضرورة الالتزام بالأسعار الرسمية المعلنة، والإبلاغ الفوري عن أي مخالفات سعرية عبر الجهات الرقابية المختصة، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يأتي في وقت يشهد فيه السوق متابعة دقيقة من الجهات الرسمية لضمان الالتزام بالأسعار وضبط أيّ محاولات للمغالاة أو التلاعب.
(الدولار= 49.42 جنيهاً مصرياً تقريباً)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
ربراب الذي لاحقته السوسيولوجيا بعد السياسية
يعيش رجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب كإنسان ورب عائلة وصاحب أكبر مشروع اقتصادي في الجزائر، أحلك فترات حياته هذه الأيام، هو الذي يملك أكبر ثروة مالية في الجزائر قدرت بخمسة مليارات دولار، احتل بموجبها موقع ثالث أغنى رجل في افريقيا والأول في الجزائر. ثروة نجح في بنائها كممثل لأول جيل ناجح لعائلة ريفية متواضعة، من داخل تجربة اشتراكية، قيل لنا إنها حاربت بشتى الطرق بروز رجال أعمال أقوياء في القطاع الخاص، الذي خرج من رحم هذه التجربة الاقتصادية، التي بنيت اعتمادا على القطاع العمومي المملوك للدولة في اقتصاد ريعي. كما حصل في تجارب مشابهة في العالم، على غرار الاتحاد السوفييتي. تميزت العلاقات داخلها بالتوتر وعدم الشفافية في أغلب الأحيان، بين السياسي والمالي. يسعد ربراب ابن تقموت أعزوز بولاية تيزي وزو -81 سنة – الذي زادت مصاعبه بعد تحوله إلى رجال أعمال معروف وحاضر في أكثر من قطاع نشاط اقتصادي، تراوح بين الزراعة والصناعة والخدمات، توّجها ببناء مؤسسته العملاقة المعروفة (سيفيتال) التي توظف 18000 مستخدم، بين أبناء مجتمع جزائري لا يقبل بسهولة أشكال التميز والنجاح الفردي. الشركة التي لم تكتف بالسوق الجزائرية، بل توجهت إلى التصدير، كما كان الأمر مع مادة السكر والزيت، التي تحولت المؤسسة إلى منتج كبير لها احتكر السوق الجزائرية بهذه المواد ذات الاستهلاك الواسع. يسعد ربراب الذي تخبرنا الوقائع أن مساره السياسي لم يكن سهلا، ومن دون مطبات، منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، حين اتهمه رئيس الحكومة الأسبق عبد السلام بلعيد (1992) بشكل علني بالتسبب في إسقاط حكومته بالتواطؤ مع حلفائه من ضباط الجيش النافذين، من أبناء جهته – وهو يلمح إلى الجنرال محمد تواتي. القرب من مراكز القرار، لم يشفع له، رغم ذلك، بتوسيع مجالات حضوره نحو نشاطات جديدة أخافت الكثير منه، كان ينوي الاستثمار فيها كالإعلام السمعي البصري، بالاستحواذ على مؤسسة الخبر الصادرة بالعربية – بما فيها تلفزيون kbc بعد تجربة يومية مع ليبيرتي بالفرنسية، التي عرفت كمنبر قريب من المعارضة الديمقراطية، حسب التصنيف الجزائري المشهور للساحة السياسية – الإعلامية. أغلقها الرجل لاحقا (2022) كمؤشر حسن سيرة وسلوك بعد ضغوط كبيرة عليه. مشروع لو نجح كان سيؤهله للتحول إلى أحد وجوه الأوليغارشية الجديدة، التي عبرت عن نوايا للهيمنة السياسية على الساحة الجزائرية. برز بقوة خلال سنوات حكم بوتفليقة الأخيرة، التي تميزت بضعف الدولة كمركز قرار واضطراب كبير في أداء مؤسساتها الكبرى. مشروع تم فيه الجمع بين المال، السياسة والإعلام من قبل مجموعة من رجال الأعمال الجدد، عبروا عن ملامح نزعة هيمنة أوليغارشية بدأت في التشكل بسرعة في الحالة الجزائرية، كانت قريبة من النموذج الذي ظهر في الاتحاد السوفييتي. لتستمر صعوبات الرجل مع بعض مراكز القرار السياسي والعسكري، وهي تعيش حالة اضطراب، أدى في نهاية الأمر إلى سجنه خلال محطة الحراك لمدة سنة تقريبا 2019. بتهم ذات علاقة بالتسيير، يكون قد اقترفها كمسير لهذا المجمع الصناعي الكبير. حالة عداء مع بعض مراكز القرار، استمرت تطارده مع ابنائه لغاية اليوم. عبّرت عن نفسها بالترويج لتلك الشائعات، التي تكلمت عن أدوار سياسية لرجل الأعمال، سواء تعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية، أو بمحطات سياسية أخرى مهمة تمت الإشارة فيها، إلى أدوار مفصلية لرجل الأعمال يسعد ربراب ومؤسساته العملاقة، تكون قد أخافت مراكز القرار الرسمي، التي لم تتعود على المنافسة التي تأتيها من خارج النظام، خاصة عندما يتعلق الأمر بعالم الأعمال. الذي وجد صعوبات في ترويضه ومنحه مكانة رسمية معترفا بها، في وقت كانت فيه جهته تعيش غليانا سياسيا. المصير نفسه عرفه الابن البكر عمار، الذي منع بقرار من العدالة بحر هذا الشهر من القيام بأي نشاط اقتصادي ومالي كمسير لمشاريع العائلة التي ورثها عن الأب كبكر للعائلة المكونة من أربعة اخوة واخت واحدة متزوجة من ابن الوزير الأول الأسبق رضا ملك. مثلما حصل مع الأب قبله حين فرضت العدالة نفسها على الأب الانسحاب من على رأس تسيير مؤسسته، التي بناها كجيل مؤسس. انطلق بالعمل في القطاع العمومي كالكثير من رجال الأعمال الجزائريين، الذين لم يعرف عنهم عمق تاريخي كأرباب عمل خواص. مؤسسة لم تتمكن من الابتعاد عن منطق التسيير العائلي بكل نقاط قوته وضعفه. رغم حجمها الكبير وطابعها العصري، لم يسمح لها بالإفلات من هذه الآفة التي يعيشها القطاع الاقتصادي الخاص بما عرف عنه من سيطرة للعائلة على مقاليد الأمور. فرضتها على شكل علاقات وقيم في مجال التسيير. كما أظهرته الازمة الخانقة التي تعيشها هذه المؤسسة العملاقة إثر انقسام جيل الأبناء بعد ابتعاد الأب -المؤسس بقرار من العدالة الجزائرية، زاده تعقيدا زواج الرجل للمرة الثانية، كما أكد ذلك الكثير من المصادر الإعلامية وهي تربط بشكل واضح بين هذا الزواج وأزمة التسيير التي تعانيها المؤسسة العائلية، التي أوكلت قيادتها الأب يسعد إلى بكره عُمار كما جرت العادة داخل العائلة الجزائرية التقليدية، التي تمنح تفضيلا لبكر العائلة، دون أن تبعد البنت التي استمرت في أخذ مكانتها في هذا المشروع العائلي، ساعد عليه التحسن الكبير في المستوى التعليمي المتخصص لهذا الجيل لعائلة ربراب، بمن فيها البنت، الذي انطلق فيه الأب يسعد في دراسته للمحاسبة التي درسّها في بداية حياته المهنية، قبل التوجه إلى عالم الأعمال. لنكون أمام هشاشة سوسيولوجية تكون قد ألقت ظلالها على المجال الاقتصادي والمالي داخل هذا الوسط العائلي القبائلي، الذي لم يكن معروفا عنه تعدد الزوجات كما هو حاصل في مناطق أخرى من الجزائر. يكون فيها الزواج الثاني والثالث وربما أكثر هو المشروع الذي لا مفر منه أمام الأب ميسور الحال. يعبر من خلاله على ثرائه كصاحب نعمة جديد. ظاهرة ليست منتشرة في منطقة القبائل تحديدا، التي تميز أبناؤها بضعف ظاهرة تعدد الزوجات، كانت لها نتائج مدمرة على آل ربراب ومشرعهم الاقتصادي، أكدته الأرقام التي أعلنت عنها الصحافة وهي تتكلم عن تدهور الوضع المالي للمؤسسة ـ مصادر صحافية ذكرت ما نسبته أربعين في المئة انخفاضا في رقم أعمال المجموعة – ومغادرة الكثير من الأطر للمؤسسة التي بدأت تعرف الكثير من علامات الهشاشة على مستوى التسيير واتخاذ القرار. نتيجة تصدع مركز القرار الأول بطابعه العائلي والصعوبات التي يجدها مع محيطه الرسمي، ليس من المستبعد أن تكون له تداعيات سلبية على مسألة تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو السوق الجزائرية، إذا تأكد هذا المسار السلبي لمؤسسة (سيفيتال). من باب أن البلد الذي لا ينجح فيه أبناؤه من المستبعد أن ينجح فيه الغريب. كاتب جزائري


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
مصر وإسرائيل... سؤال الحرب المؤجّلة
بينما تواصل إسرائيل عدوانها الإجرامي على قطاع غزّة وسورية ولبنان واليمن، وفي ظلّ تصاعد التوترات من جديد مع إيران، يبقى السؤال الذي أصبح في الأيام الماضية أحد أكثر الأسئلة إلحاحاً في أروقة التفكير الاستراتيجي العربي: هل مصر محصّنة من سيناريو الحرب أو الاستهداف الإسرائيلي؟ وهل يمكن أن يأتي اليوم الذي تُختبر فيه العلاقة المعقّدة بين القاهرة وتل أبيب؟ أمّا في إسرائيل، فإن السؤال الذي صار يتكرّر في العامَين الماضيَين: هل كانت المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية تفكّر في إعادة رسم حدود الأمن القومي الإسرائيلي على حساب مصر؟ منذ اتفاق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حرصت القاهرة وتل أبيب على تجنّب أيّ مواجهة عسكرية مباشرة، وسادت علاقات قد تتوتر أحياناً، لكنّها ظلّت مستمرّةً ومحافظةً دائماً على التعاون والتنسيق الأمني، مع بقاء السلام بارداً لا يلبّي الطموحات الإسرائيلية التي كانت تطمح إلى أن يتحول التطبيع مع مصر إلى المستوى الشعبي. ويلاحظ المتابع للخطاب الاستراتيجي الإسرائيلي، وما يصدر عن مراكز الأبحاث، وحتى عن المسؤولين العسكريين في إسرائيل، أن المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية ما زالت تُبقي على مصر في حساباتها الاستراتيجية قوةً إقليميةً يمكن أن تشكّل خطراً على إسرائيل، كذلك فإن الخطاب الإعلامي والسياسي الإسرائيلي يظهر هوساً قديماً بمصر عدوّاً كلاسيكياً محتملاً. فخلال العقود التي تلت "كامب ديفيد" اعتبرت إسرائيل مصر شريكاً استراتيجياً من أجل ضمان استقرار حدودها الجنوبية، وخلال الحرب الحالية، ونتيجةً لحسابات تخصّ أمن مصر القومي، وموقفها الرافض لأن تكون سيناء وجهةً لتهجير سكّان قطاع غزّة، تصاعد الحديث في إسرائيل عن السبب الذي يدفع مصر إلى تعزيز ترسانتها العسكرية، واعتبار أن إسرائيل هي المُستهدَفة بهذا التسليح، خصوصاً أنها العدو الأول لدى عموم الشعب المصري. وهو موقف ابتزازي يتعمّد عدم المقارنة بين الإنفاق العسكري الإسرائيلي والمصري، ولا يضع في الحسبان أن حجم الإنفاق الإسرائيلي يفوق بعشرة أضعاف (على الأقلّ) الإنفاق العسكري لمصر. وطبقاً لما نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره السنوي الصادر هذا العام، يظهر أن نصيب مصر من إجمالي مشتريات السلاح في منطقة الشرق الأوسط يبلغ 1.3% فقط، وهي تأتي بعد الإمارات (10.7%) والجزائر (10.2%) والعراق (6.1%) وقطر (4.6%) وإيران (3.8%) والكويت (3.7%) وسلطنة عمان (3.2%) والمغرب (3.2%)، بينما تبلغ نسبة المشتريات الإسرائيلية 16.1%، ولا تسبقها أيّ دولة من دول المنطقة سوى السعودية (34.3%)، فضلاً عن الفارق الكبير جدّاً بين حجم الإنفاق العسكري عن عام 2024 لإسرائيل (33.75 مليار دولار) ومصر (2.79 مليار دولار فقط)، حسب ما نشره التقرير. ويظهر تحليل الخطاب الإسرائيلي، العدائي أخيراً تجاه مصر، أن الأمر تجاوز مجرّد الإعلام الشعبي، ليشمل تصريحات رسمية ودبلوماسية وتحليلات مؤسّسات استراتيجية، فباتت العلاقة مصنّفةً على أنها "خلل استراتيجي" قد يؤدّي إلى تصعيد دبلوماسي أو أمني، وينقل مصر من موقع الشريك إلى موقع الخصم الافتراضي. فخلال العقود التي تلت "كامب ديفيد" اعتبرت إسرائيل مصر شريكاً استراتيجياً من أجل ضمان استقرار حدودها الجنوبية، لكن مصر حالياً تُصنّف على أنها "لا يمكن التنبؤ بأفعالها"، فضلاً عمّا يبالغ فيه الإسرائيليون من الحديث عن تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء بما يتجاوز الحاجة إلى محاربة الإرهاب، ومن ثمّ لم تعد سيناء مجرّد عازل استراتيجي لإسرائيل، حسب هذه النظرة، بل باتت منصّةً يمكن أن تهدّد أمن إسرائيل. كذلك يرى الإسرائيليون أن مصر تقدّم نفسها وسيطاً، لكنّها تغلّب مصلحتها الوطنية على الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية، وهذا كلّه يدفع إسرائيل إلى إعادة التفكير في موقع مصر ضمن عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، كذلك فإنه يعيد تعريفها، بأنها ليست عدوّةً بالضرورة، بل احتمال تهديد طويل الأمد. وهو خطاب قد يُستخدم مستقبلاً لتبرير أيّ خطوات تصعيدية إسرائيلية إذا تغيّرت الظروف الإقليمية، أو حدث أيّ تغيّر سياسي في مصر، مثلما جرى في أثناء ثورات الربيع العربي. ثمّة أمثلة كثيرة على هذا الخطاب الابتزازي العدائي تجاه مصر، منها تصريحات صادرة على لسان مسؤولين إسرائيليين، مثل تأكيد بن غفير ضرورة ضمان إسرائيل أمنها من دون الاعتماد على أيّ طرف خارجي (يقصد مصر)، أو إشارة وزير الأمن السابق، يوآف غالانت، (أكثر من مرّة) إلى "الحاجة لتشديد الرقابة" في الحدود الجنوبية، ما فُهم ضمناً أنه تقليل من كفاءة التنسيق الأمني مع القاهرة، علاوة على تصريحات إعلاميين مقرّبين من الحكومة تتهم مصر بالتواطؤ في تهريب الأسلحة إلى المقاومة عبر الأنفاق. هذه التصريحات وغيرها، تنقل رسائل ضمنية إلى القاهرة، إذ تمثّل ضغطاً مبطّناً عليها، وابتزازاً واضحاً لها، لإبداء مزيد من التعاون الأمني، خصوصاً في سيناء، وربّما قبول فتح الحدود لتهجير سكّان القطاع، وهي تهدف كذلك إلى تهيئة الرأي العام الإسرائيلي لاحتمالات تدهور العلاقات مع مصر، أو على الأقلّ تحجيم دورها الإقليمي، كذلك فإنها تنقل رسائلَ تحذيريةً لمصر عبر الإعلام، بأن تحييد الموقف المصري في أيّ صراع إقليمي مقبل هو أمر ممكن ومطروح بقوة لدى إسرائيل. ومن أمورٍ أصبحت ظاهرةً أخيراً، أن الحكومة الإسرائيلية في تل أبيب لم تعد تبدي احتراماً واضحاً لحليفَي السلام التقليديَّين، مصر والأردن، فجميع المواقف الإسرائيلية التي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، واعتبارها خياراً عملياً للتهجير القسري، تبدو إملاءاتٍ، وتعني رغبةً في فرض حلول تضرّ بأمن مصر القومي، وحين نضع ذلك جنباً إلى جنب مع البلطجة التي تمارسها في المنطقة، فضلاً عن التصريحات والتهديدات المبطّنة أو الصريحة، التي يحملها الخطاب الإسرائيلي، والتي لا يمكن اعتبارها مجرّد زلات لسان، بل توجّهاً متعمّداً نحو تحجيم النفوذ المصري في المنطقة، فإن ذلك يعزز الشعور الشعبي في مصر بعدم الثقة في إسرائيل، ويقوي الموقف الشعبي الرافض للتطبيع، كذلك من المفترض أن تؤدّي هذه المواقف أو التصريحات الإسرائيلية إلى وضع الدولة المصرية في موقف حرج بين الاستمرار في التنسيق أو إعادة تقييم العلاقة في ظلّ الاستفزازات الإسرائيلية. أمّا الأخطر بالنسبة إلى إسرائيل، فاحتمالية أن يحفّز ذلك مصر على عقد تحالفات مع قوى إقليمية (تركيا، وربّما إيران)، إن اختارت القاهرة أن تلعب دوراً مستقلّاً بعيداً عن حسابات إسرائيل والولايات المتحدة، وهو أمر تكتنفه صعوبات كبيرة في ظلّ تراجع مكانة مصر في المنطقة، وفي ضوء أزماتها الاقتصادية الطاحنة. تتضمن تصريحات إسرائيلية رسائلَ تحذيريةً لمصر بأن تحييد موقفها في أيّ صراع إقليمي أمر مطروح بقوة لدى إسرائيل والحقيقة أن هناك عوامل مختلفة تجعل من استهداف مصر، ولو سياسياً أو أمنياً، احتمالاً غير مستبعد، فأيّ تغيير في الموقف المصري تجاه قضايا غاز شرق المتوسط، أو التحالف مع تركيا، والدخول معها في شراكة استراتيجية، أو عسكرية، أو حتى أن يصبح القرار المصري مستقلاً في قضايا تخدم أمنها القومي، وتكون ضدّ مصالح إسرائيل، قد يكون سبباً من أسباب ذهاب إسرائيل إلى مواجهة تعرف أنها مقبلة يوماً ما. وهي مواجهة غير مستبعدة في ظلّ موقع مصر الجيوسياسي، ووجود حدود طويلة مشتركة مع فلسطين المحتلة، علاوة على ضعف البيئة العربية الواضح، وميل بعض الدول العربية إلى تعميق هذا الضعف عبر دعم المليشيات وسيناريوهات التقسيم في العالم العربي بما يخدم المصالح الإسرائيلية. ما سبق قد لا يعني بالضرورة أن إسرائيل تحضّر لمواجهة عسكرية ضدّ مصر، لكنّه يؤشّر على أن معاهدة السلام لم تعد تعتبر كافيةً لضمان تحييد الجبهة الجنوبية لإسرائيل. كذلك فإنها، وإن لم تكن تحارب مصر "عسكرياً" الآن، فهي لا تنزعها بالطبع من حسابات التهديد المستقبلية، وهي في هذا السياق تعمل على إضعاف مصر، وحصارها عبر التعاون مع أطراف عربية تموّل الفوضى وتدعمها عند حدود مصر مع ليبيا والسودان. وإذا وضعنا في الاعتبار التغيّر السريع للتوازنات على مستوى الإقليم، وسير إسرائيل نحو هيمنة على شرق أوسط جديد بدعم من الولايات المتحدة، وتحوّل قوىً تضرب في أعماق الحضارة والتاريخ إلى قوىً هامشيةً في ظلّ هذا النظام الجديد، فإن السؤال المطروح ليس عن احتمال اندلاع المواجهة، بل عن موعدها، ومتى تختبر الثوابت، وهل تمتلك مصر خيارات الفعل في وقت تزداد فيه أسئلة المصير إلحاحاً؟


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
هجوم ترامب على التعليم... جمهوريون مستاؤون
في وقت يندر أن يختلف مشرعون جمهوريون علناً مع رئيس ينتمي إلى حزبهم في شأن قضايا سياسة أو ينتقدون تحركاته علناً، طالب عشرة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الرئيس دونالد ترامب بالتراجع عن تجميد مبلغ 6.8 مليارات دولار لتمويل المدارس من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر. وسبق قرار تجميد التمويل تأييد المحكمة العليا قرار الإدارة تسريح 1300 موظف من وزارة التعليم، أي نحو نصفهم، وهو ما حاولت محاكم فيدرالية وقف تنفيذه بحجة أنه "يُضعف عدداً من أقسام الوزارة، أحدها مكتب الحقوق المدنية الذي يحقق في ادعاءات التمييز في المدارس". طلاب وشباب التحديثات الحية مسؤول يعترف: إدارة ترامب استخدمت تقارير منظمات صهيونية لترحيل طلاب وكان تحالف لولايات ذات غالبية ديمقراطية قد رفع دعوى قضائية ضد تجميد التمويل المُستخدم لدعم تعليم عمال المزارع المهاجرين وأطفالهم، وتوظيف وتدريب المعلمين، وتعلّم إتقان اللغة الإنكليزية، والإثراء الأكاديمي، وبرامج ما بعد المدرسة والبرامج الصيفية. ويصف خبراء تربويون قرار تجميد تمويل المدارس بأنه "خيانة قاسية للطلاب في كل الولايات، خصوصاً كاليفورنيا وتكساس اللتين ستخسران معظم التمويل". وتوضح الجمعية الوطنية للتعليم، أكبر نقابة عمالية في الولايات المتحدة، أن المدارس قد تُجبر على خفض رواتب المعلمين أو البدء في تسريحهم، ما قد يتسبب في تضخم في أحجام الفصول الدراسية، وزعزعة استقرار هذه المهنة التي تهيمن عليها النساء. وتعلّق رئيسة الجمعية بيكي برينغل على التجميد بأنه "شائن وغير مقبول خصوصاً أن المدارس تعاني فعلاً نقصاً حاداً في المعلمين، وإرهاقاً شديداً، ونقصاً في موارد الفصول الدراسية التي ستنتزع الحكومة الفيدرالية المزيد منها". وتقول: "حجب التمويل الفيدرالي جزء من نهج إدارة ترامب لعرقلة التعليم العام من خلال حرمانه من الموارد الرئيسية، في محاولة لدعم المدارس الخاصة والدينية غير المُلزمة بقبول الطلاب الأكثر ضعفاً، خاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات في التعلم أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أو من ينتمون إلى فئات مهمشة على أساس العرق أو الدين أو الهوية الجنسية". أما رئيسة الاتحاد الأميركي للمعلمين، راندي وينغارتن، فقالت: "تجميد التمويل حيلة غير قانونية مدفوعة أيديولوجياً ضد برامج يعتمدها الكونغرس، وهذا بالتالي اغتصاب غير قانوني آخر لسلطة الكونغرس. وهذا القرار يضرّ مباشرة بالأطفال في بلدنا، فبدلاً من التخطيط للعام الدراسي المقبل، يُترك قادة المدارس الحكومية من الروضة إلى الصف الثاني عشر في أنحاء البلاد في حيرة من أمرهم بشأن الخدمات التي يمكن تقديمها أو حتى من يستطيعون توظيفهم". تعليم اللغة الإنكليزية في صف دراسي، 26 مارس 2025 (Getty) ويقدّر المشرف على التعليم العام في كاليفورنيا، توني ثورموند، أن إدارة ترامب تحرم الولاية من نحو مليار دولار، من دون أن تُبرّر قانونياً سبب حجب الأموال. تعاقب الإدارة الأطفال لأن الولايات رفضت الاستجابة لأيديولوجية ترامب السياسية، وهم سيشعرون بتأثير الاضطراب الذي حدث قبل وقت قصير من بدء العام الدراسي". ويشير إلى أن كاليفورنيا سبق أن اتخذت إجراءات قانونية ضد إدارة ترامب، وهي مستعدة لتكرار ذلك الآن لضمان قدرتها على خدمة طلاب المدارس الحكومية في الولاية. من جهتها، تُقدّر رابطة المعلمين الأميركية في تكساس، أن الولاية ستخسر 660.8 مليون دولار إذا لم تُصرف الأموال الفيدرالية قريباً. وفي ظل معاناة تكساس من نقص حاد في المعلمين، فإن البرامج الأكثر تضرراً هي دعم التدريس الفعّال والتطوير المهني وجهود التوظيف والاحتفاظ بالمعلمين. ويستغرب رئيس اتحاد المعلمين في تكساس، زيف كابو، عدم استخدام الحاكم غريغ أبوت حق النقض ضد برنامج يُغذّي أفقر الأطفال في ولايتنا خلال العطلة الصيفية، وأيضاً عدم تحدث مُشرّعي تكساس علناً عن مصادرة ترامب للتمويل، ما يشكل اعترافاً منهم بمساهمته في تقويض التعليم العام، وفي نهاية المطاف خصخصته. ويضيف: "يستحق طلاب تكساس فصولاً دراسية ممولة بالكامل، ومعلمين موهوبين يتقاضون رواتبهم بما يتناسب مع جدارتهم. يستحق ناخبو تكساس قادة يقاتلون بشراسة من أجل المدارس". طلاب وشباب التحديثات الحية إدارة ترامب تهدد بسحب اعتماد هارفارد وتطلب سجلات الطلاب الأجانب وتقول المديرة التنفيذية لتحالف الدفاع عن القيم الأميركية، أندريا أبرامز، والذي يدافع عن التنوع والمساواة والشمول والوصول العادل إلى الفرص: "يعزز الهجوم على التعليم العنصرية والطبقية ويكرّس التمييز على أساس الجنس، وأيضاً التمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاصة والأهل، ما يحرم أشخاصاً يعيشون في مجتمعات مهمشة من الحماية والفرص لتحقيق الحلم الأميركي، ويسمح لقليلين بالاستحواذ على الكثير". تتابع: "من المهم أن نتذكر أن هذه التراجعات تحدث في وقت تهاجم إدارة ترامب أيضاً التنوع والمساواة والشمول في وكالات حكومية أخرى والجيش".