
محطات في تاريخ العلاقات الكويتية
قد شهدت العلاقات الكويتية - الفرنسية تطورا شاملا وملحوظا، مما ينعكس على النسق التصاعدي للعلاقات ما بين الجانبين، وذلك في مجالات متعددة ما بين السياسي، والاقتصادي (التجاري)، والثقافي (التعليمي)، والأمني (العسكري)، والطبي (الصحي)، ويبدو هذا التطور جليا إذ يبرز تفاهما يعكس إيجابيته على العلاقات بين البلدين، فكان الاحترام عنوانا ثابتا لها جاء تعزيزها إبان الاحتلال العراقي للكويت عام 1990م، ومشاركة القوات الفرنسية في حرب تحرير الكويت عام 1991م، ومن ثم الشركات الفرنسية في جهود إعمار الكويت بعد تحريرها.
مواقف وزيارات وعلاقات سياسية
كان المجال السياسي مهما في العلاقات بين البلدين، ويلاحظ الناظر لهذه العلاقات وعلى مدى سنوات عديدة، ومنذ اعتراف فرنسا باستقلال الكويت عام 1961م، وموقف المندوب الفرنسي في اجتماع مجلس الأمن الدولي إبان مطالبة عبدالكريم قاسم بالكويت بعد استقلالها بأيام، أهمية الكويت الاستراتيجية في السياسة الخارجية الفرنسية، إذ إنه بعد انضمام الكويت عضوا في الأمم المتحدة عام 1963م، بدأت العلاقات بين البلدين تأخذ منحى واضح المعالم، من حيث عمق الصداقة، ومحاولة تعميقها من خلال انسجام وجهات النظر بين البلدين.
ومنذ أن أعلنت فرنسا تعيين سفيرها المعتمد في بيروت، بيير لويس فالينز، أول سفير فرنسي غير مقيم في دولة الكويت، قابلتها الكويت بخطوة مماثلة بتعيين سعيد يعقوب شماس أول سفير للكويت لدى فرنسا في 31 يناير 1967م - 3 سبتمبر 1969م.
زيارات رسمية
وقد توالت الزيارات الرسمية بين البلدين، لتكون الزيارة التاريخية الأولى لحاكم كويتي إلى باريس عام 1967م، عبر زيارة أمير الكويت الشيخ صباح السالم، يرحمه الله، وإن كانت الزيارة صحية حسب ما صرح به أمير الكويت لوسائل الإعلام، إلا أنه حاول جاهدا استغلال فرصة وجوده هناك، فقابل الرئيس الفرنسي آنذاك، وعكست هذه المقابلة تقدير فرنسا لأهمية الكويت، لا سيما أن عام 1967م كان يحمل رمزية مهمة للدول العربية.
الكويت حظيت باحترام فرنسي لأنها تحمل هموم الأمة العربية وتتمتع بمواقف متوازنة تجاه الأزمات
وتأتي أيضا زيارة ولي العهد، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر الأحمد في 18 أبريل 1968م تأكيدا لريادة فرنسا، وصداقتها للعرب، وقد حظيت زيارته بتغطية واسعة في الصحف الفرنسية.
صديق وقت الأزمات
كما أكدت اجتماعات الكويت لدول منظمة «أوبك» حسب ما سميت في الأدبيات العربية، التي اتخذ فيها قرار وقف تصدير النفط أثناء حرب أكتوبر 1973م، والاجتماعات الثلاثة بعده، على صداقة فرنسا للعرب، وأنها صديق يعول عليه وقت الأزمات، وأن حكمة ساستها منهج يحترم، وأن تعامل السياسة الخارجية لفرنسا الديغولية مع الأزمات مقدر لدى الدول الأعضاء في «أوبك»، لذا لن تعامل فرنسا مثل الغرب، ولن تقطع عنها إمدادات النفط.
ومن المناسب هنا ذكر أن مركز سيفريبا CEFREPA KOWEIT (المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية)، الذي أحيا هذه الاجتماعات في ذكراها الخمسين، وفي القاعة نفسها التي عقدت فيها الاجتماعات الثلاثة، وفي البلد نفسه بطريقة ذكية.
مواقف متوازنة
وبالعودة للزيارات الرسمية فقد كانت مختلفة المستويات والأهداف والمعاني، وكانت عاصمتا البلدين الصديقين متوافقتين في وجهات النظر، ومنسجمتين في المواقف، فقد كان الكويت البلد الخليجي والعربي على مر السنين يحمل هموم الأمة العربية، ويتمتع بمواقف متوازنة تجاه الأزمات، لذلك حظي باحترام الجانب الفرنسي، وحاز ثقته التامة، وشكّل مع الفرنسيين لأكثر من مرة جبهة موحدة الهدف، سواء في الأزمة اللبنانية مثلا أم في غيرها من الأزمات الدولية (العراق - سورية - ليبيا - السودان - اليمن)، وربما أعطت الوساطة الكويتية إبان الأزمة الخليجية الأخيرة للعالم أجمع، وليس للفرنسيين وحدهم، درساً في كيفية التعامل الأمثل في ترتيب سلّم الأولويات عند التعاطي مع الأزمات الطارئة.
ومن جانبها، كانت الكويت تؤكد اهتمامها وتقديرها لفرنسا الأوروبية ذات المكانة المميزة، وصاحبة المقعد الدائم في مجلس الأمن، فرنسا التاريخ والحضارة والنهج الجديد الذي سطره ديغول وخلفاؤه من بعده بإيجاد صداقة حقيقية، ورؤية مختلفة عن أسلافهم ممن حكموا فرنسا.
توقيت مهم
وتأتي زيارة سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد - حفظه الله - في هذا التوقيت من شهر يوليو عام 2025م، وهو توقيت مهم للفرنسيين والجمهورية الفرنسية بمناسبة العيد الوطني، لتؤكد عمق الصداقة، ومكانة فرنسا في سلّم أولويات سياسة الكويت الخارجية، وأن الكويت ممثلة بالقيادة تهتم بكل ما يخص قطاعات، وجوانب التعاون، والمبادرات التي من شأنها أن تضيف عمقا للعلاقات بين البلدين، فهي أعلى مستوى في الزيارة منذ سنوات، والزيارة الأولى لسمو الأمير لفرنسا منذ توليه مقاليد الحكم في 16 ديسمبر 2023م.
فكلا البلدين الصديقين يمضي بجهود حثيثة لتأسيس علاقات متينة، عبر شبكة واسعة من سبل التعاون والاتفاقيات بين الجانبين، فالفرنسيون عبر شركاتهم وهيئاتهم المختلفة، والكويتيون عبر وزاراتهم، وهيئاتهم الحكومية، وهذا ما أكدته رؤية الكويت 2035م من خلال مفاصل الدولة جميعها، والمضي قُدما في تنفيذ كل ما يطلب لتحقيق أهدافها في التنمية والتطوير.
الاقتصاد والتجارة ورؤية الكويت 2035
ويأتي الجانب الاقتصادي على جانب كبير من الأهمية لسنوات خلت، وإن المشاورات والأرقام تؤكد أن التعاون بين البلدين كان وما يزال موجودا، ويحظى باهتمام من كلا الجانبين، وتحديدا المواضيع التي تشكل ثقلا اقتصاديا كبيرا لفرنسا، فإن التبادل التجاري بين البلدين يحظى بانتباه الشركات الفرنسية، وبغضّ النظر عن الأعمال اللوجستية والبنى التحتية، تبقى فرنسا بلد الأناقة والموضة، وعاصمة النور، وهذا الجانب يشكل رقما كبيرا في عملية التبادل التجاري، بعيدا عن الفرص الاستثمارية الكويتية في فرنسا، والخطط المستقبلية لها.
البلدان يمضيان بجهود حثيثة لتأسيس علاقات متينة عبر شبكة واسعة من سبل التعاون والاتفاقيات
وتحظى رؤية الكويت عام 2035م باهتمام الشركات الفرنسية، ومركز استقطاب لهم، فهي ترى فيها فرصا اقتصادية متنوعة ومتعددة، إذ تعد الكويت من البلدان التي تحظى بملاءة مالية، واستقرار اقتصادي متين بفضل الاحتياطيات المالية العالية، فالقطاع المصرفي والاستثماري ومؤشراته تعطي الأمان والراحة لأي شركة عملاقة تريد أن يكون لها بصمة لمشاريعها في المنطقة والكويت خصوصا، ويظهر التعاون التجاري على المستوى الخاص ضمن أنشطة غرفة التجارة العربية الفرنسية، والمصرف العربي الفرنسي، واتحاد المصارف العربية الفرنسية، وتقوم بعض البنوك الكويتية على غرار بنك الكويت الوطني بفتح فروع له في المدن الفرنسية لخدمة العملاء، وإدارة المحافظ الاستثمارية.
اللجنة المشتركة
وتؤكد اجتماعات اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني على التعاون في المجال النفطي ومشتقاته، والقطاعات النفطية بشركاتها المتعددة في دولة الكويت، وشركات الطاقة في فرنسا، وكذلك على مشاريع مهمة مثل مشروع معالجة النفايات، وتصدير الكيروسين للشركات الفرنسية، ومشاريع البنية التحتية، وصفقات طيارات النقل المدني (إيرباص)، وكذلك هيئة الاستثمار الكويتية ومشاريعها هناك.
كما تحظى فرنسا ومدنها بالسياحة الكويتية بها على مدار العام، فكثير من الكويتيين يملكون منازل وشققا في مختلف المدن الفرنسية، وكذلك الطيران الوطني والناقل الرسمي الكويتي ممثلا بالخطوط الجوية الكويتية يفتح في الصيف رحلات لمدن غير العاصمة الفرنسية باريس، مثل مدينة نيس، وكل ذلك من شأنه أن يدعم العلاقات بين البلدين ويطورها.
تعاون ثقافي واسع
وفيما يتعلق بالمجال الثقافي (التعليمي)، تحمل زيارة رئيس معهد العالم العربي في باريس للكويت عام 2025م الشاعر شوقي عبدالأمير في طياتها كثيرا من المعاني والدلالات، إن محاضرته التي ألقاها في الكويت، وحضرها عدد من المثقفين تشير إلى وعي باللغة الفرنسية، ومتابعة للثقافة الفرنسية، وما يحدث في الساحة الأدبية الفرنسية، فالكويت تولي معهد العالم العربي الاهتمام، لما يقوم به من التقريب بين الثقافتين العربية والفرنسية، حتى أنها تبرعت لمصلحة المكتبة الرقمية التابعة للمعهد، التي ستحمل اسم دولة الكويت، إلى جانب أن عدد الطلبة والطالبات الملتحقين بقسم اللغة الفرنسية وآدابها في كلية الآداب جامعة الكويت، يعد خير دليل على أن الثقافة الفرنسية تحظى بالتقدير والاحترام والقبول في الكويت، وإلى جانب عدد من المدارس والمعهد الفرنسي، يبقى عدد المبتعثين من الطلبة الكويتيين في الجامعات الفرنسية كبيرا لا يستهان به، ويتوزعون بين الحقوق، والطب، والهندسة، والآداب، وتعدد الجامعات الفرنسية عالية التصنيف، مما يعزز استقطاب الخبرات، واستقدام أفضل المعلمين على أعلى مستوى.
مبادرة كويتية لترميم «اللوفر»
ولا بد هنا من التذكير بمبادرة الكويت في ترميم الجناح الإسلامي في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس بقيمة 5 ملايين يورو عام 2006م، التي كان لها صيت بالغ الأهمية في الصحافة الفرنسية، فضلاً عن اتفاقيات التعاون الأكاديمي والتعليمي، وفي مجال التعليم العالي، وكذلك دعم البحوث، ومجالات الطاقة الشمسية.
إضافة إلى وجود اتفاق بين وزارة الإعلام الكويتية، والمعهد الوطني السمعي والبصري الفرنسي لإنجاز مشروع حفظ الأرشيف السمعي والبصري، كما أن الكويت تستضيف مركز سيفريبا CEFREPA KOWEIT (المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية)، الذي يعمل تحت مظلة وزارة الخارجية الفرنسية، حيث نقل من العاصمة اليمنية صنعاء إلى دولة الكويت، وقد خصصت دولة الــكويت مقرا لـه من دون أي تكلفة مادية.
وتعاون المجلس الوطني للثقافة والفنون في دولة الكويت عبر قطاعاته المختلفة مع الآثاريين الفرنسيين، للتنقيب في جزيرة فيلكا، وكذلك مع فريق التنقيب الفرنسي، ودار الآثار الإسلامية، كما استضاف المجلس الوطني عدداً من المحاضرين الفرنسيين بالتنسيق مع السفارة الفرنسية في الكويت.
رؤية 2035 تحظى باهتمام الشركات الفرنسية ومركز استقطاب لها وترى فيها فرصاً اقتصادية متنوعة ومتعددة
كما قامت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بتوقيع عدد من بروتوكولات وبرامج تعاون بين المؤسسة، وعدد من الجامعات الفرنسية، لتدريب وتطوير الطلبة والمسؤولين، كما يوجد بروتوكول معهد الأبحاث، وكذلك اتفاقية تعاون بين معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، والمدرسة القانونية للقضاء في فرنسا.
دور فرنسا في تحرير الكويت
كما يأتي الجانب الأمني (العسكري) في صدارة المشهد من خلال مشاركة القوات الفرنسية في عملية تحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991م، وتم توقيع اتفاقية بين البلدين الصديقين عام 1992م، لتأهيل الكوادر الكويتية العسكرية من خلال إجراء تمارين ومناورات جوية وبرية وبحرية عسكرية مشتركة، كما يعد قبول الضباط الكويتيين في الكليات العسكرية الفرنسية تعزيزا لذلك التعاون، وهناك تمارين مشتركة فيما يسمى «لؤلؤة الغرب»، التي تكللت بالنجاح عام 2018م.
وبذلت وزارتا الدفاع والداخلية الكويتيتان جهودا كبيرة في سبيل ترسيخ الأمن عبر توقيع صفقات للحصول على أحدث المروحيات والمعدات وقطع الغيار للطائرات، وشكل تبادل المعلومات الأمنية بين الجانبين رافدا أساسيا في مكافحة الإرهاب، فضلا عن خبرة الفرنسيين المعروفة في هذا المجال، فهي تعد إحدى أهم وأبرز الدول الأوروبية فيه.
التعاون الصحي
ويعد الجانب الطبي (الصحي) مهما أيضا، فقد حرصت وزارة الصحة في الكويت على إرسال المرضى الكويتيين لتلقي العلاج في المستشفيات الفرنسية، لما لها من سمعة عالية، ودقة متناهية، وتحديدا في معالجة مرضى السرطان، وهناك اتفاقية سترى النور قريبا في تجهيز مستشفى غوستاف روسي، وهو أكبر وأحدث وأهم مركز مختص في العالم لعلاج هذا المرض.
هذه بعض الأمثلة على جوانب التعاون بين البلدين الصديقين، فمن جهة الكويت يؤكد الجانب الكويتي اهتمامه وتقديره لفرنسا ذات الإرث الحضاري، والقيمة العلمية، والصوت الحقيقي المختلف عن أي قوى عظمى، وأيضا من جانب الجمهورية الفرنسية التي ترى في الكويت حجر الزاوية لسياسة فرنسا في المنطقة، فالاعتدال والتوازن محل تقدير وترحيب كبيرين من الفرنسيين، كما أن الاهتمام بالقضايا المشتركة ساعد على تأكيد حنكة صناع القرار في كلا البلدين.
وبالنسبة للكويتيين يبقى أعمق المواقف وأجلها كان الموقف الفرنسي أثناء الاحتلال العراقي للكويت عام 1990م، وإن مشاركة فرنسا في قوات التحالف كانت تتويجا لعلاقة سنوات طويلة بين البلدين، وجاءت مشاركة فرنسا بفاعلية ونجاعة، وسجلت اسمها بأحرف من ذهب في حرب تحرير الكويت، ويكفي هذا الموقف فخرا وتقديرا لدى الشعب الكويتي بأطيافه جميعها، ولا يزال الكويتيون يذكرون ذلك في كل مناسبة، أو زيارة، أو موقف، ويتم استحضار الموقف الفرنسي مقرونا باسم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران.
* أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر - جامعة الكويت

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ 2 ساعات
- الأنباء
الكويت تدعو إلى تنسيق الجهود الدولية لدعم خطط الحكومة الصومالية في إعادة الإعمار
دعت الكويت إلى تنسيق الجهود الإقليمية والدولية دعما لخطط الحكومة الصومالية في إعادة الإعمار وتحقيق المصالحة الوطنية وبناء مؤسساتها. جاء ذلك في كلمة القنصل العام للكويت في مدينة جدة ومندوبها الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي يوسف التنيب في اجتماع فريق الاتصال الحكومي لمنظمة التعاون الإسلامي المعني بالصومال على المستوى الوزاري الذي انطلق بالعاصمة الدوحة في وقت سابق اليوم. وقال التنيب إن دعم الصومال في هذه المرحلة المفصلية يعد مقياسا حقيقيا لقدرات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على ترجمة المبادئ التي تأسست عليها المنظمة إلى واقع ملموس، مؤكدا موقف الكويت الثابت في دعم وحدة الأراضي الصومالية وسيادتها واستقلالها السياسي. وأعرب عن تقدير الكويت العميق للجهود التي تبذلها الحكومة الصومالية والخطوات البناءة التي تتخذها لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الأمن وترسيخ سيادة القانون رغم التحديات المتعددة، لاسيما في الجانبين الاقتصادي والمناخي. كما أعرب عن خالص تهاني الكويت للصومال بمناسبة انتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2025-2026. وأوضح التنيب ان الكويت ترحب بالتقدم الملحوظ وقرارات البنك الدولي بشأن إعفاء الصومال من ديونها الخارجية، معتبرا انها خطوة محورية نحو تحقيق الاستدامة المالية ودافع نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتوسيع نطاق الخدمات الأساسية وفتح آفاق جديدة أمام التنمية المستدامة. ولفت إلى أن الكويت واصلت خلال الأعوام الماضية تقديم مساعدات إنسانية وتنموية للصومال عبر أجهزتها الرسمية ومؤسساتها الإنسانية المعتمدة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والمياه والأمن الغذائي وتمكين الشباب والمجتمعات المحلية وذلك إيمانا منها بأن التنمية المستدامة هي حجر الأساس لأي مسار سلمي ناجح. وأشاد التنيب بالتقدم الذي أحرزته الحكومة الصومالية في مكافحة الإرهاب، مشددا على أهمية تكثيف الجهود الدولية المشتركة لمحاربة مصادر الارهاب وعوامل تقويض الامن والاستقرار الاقليمي والدولي. ودعا إلى مضاعفة الجهود الدولية لدعم الصومال في التصدي للآثار الكارثية للتغيرات المناخية كالجفاف والتصحر وندرة المياه لما لها من تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي والاستقرار الإنساني، مؤكدا أهمية تبني خطط تنموية مستدامة تركز على المشاريع الزراعية وبناء السدود وتنمية المجتمعات الريفية. وأشار إلى التزام الكويت الثابت بمضامين القرارات الصادرة عن منظمة التعاون الإسلامي بشأن الصومال والعمل يدا بيد مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل تحقيق أمن واستقرار وازدهار دائم للصومال الشقيق. وأعرب التنيب عن خالص الشكر والتقدير لقطر على رئاستها الحكيمة لفريق الاتصال الوزاري المعني بالصومال وعلى استضافتها لهذا الاجتماع المهم الذي يجسد التزاما جماعيا من الدول الأعضاء تجاه دعم الاستقرار والوحدة في الصومال. كما أعرب عن أمله أن يفضي الاجتماع إلى نتائج عملية قابلة للتنفيذ تحدث فرقا حقيقيا على أرض الواقع وتعزز من قدرة الصومال على النهوض واستكمال مسيرته نحو السلام والتنمية الشاملة. وشارك من الكويت في الاجتماع إلى جانب القنصل يوسف التنيب المستشار في مندوبية الكويت لدى المنظمة تركي الديحاني.


اليوم الثامن
منذ 4 ساعات
- اليوم الثامن
القضاء الإيراني يسرّع الإعدامات ووسائل إعلام النظام تحرض على القتل الجماعي
أصدر تحالف مؤثر يضم 301 من خبراء حقوق الإنسان العالميين، وحائزي جائزة نوبل، ومسؤولين أمميين سابقين تحذيرًا عاجلاً في 23 يوليو، معلنين أن النظام الإيراني يظهر علامات واضحة على التحضير لإعدام جماعي جديد للسجناء السياسيين. البيان، الذي نظمته منظمة العدالة لضحايا مذبحة 1988 في إيران (JVMI)، أُرسل إلى كبار مسؤولي الأمم المتحدة والدول الأعضاء، محذرًا من أن "خطر وقوع فظاعة جماعية أخرى، مشابهة لمذبحة 1988، أصبح حقيقة مقلقة". يأتي هذا التحذير الخطير في وقت بدأت فيه وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبل النظام بالتحريض علنًا على القتل الجماعي، بينما يُسرع القضاء وتيرة الإعدامات، مستهدفًا بشكل خاص أنصار المعارضة المنظمة. دعوة علنية للإبادة في خطوة غير مسبوقة ومروعة، أعلن الحرس الثوري الإيراني نواياه الإجرامية علنًا. نُشرت افتتاحية في 7 يوليو 2025 بوكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري، بعنوان "لماذا يجب تكرار إعدامات 1988"، أشادت بذبح أكثر من 30,000 سجين سياسي عام 1988 ووصفته بأنه "تجربة تاريخية ناجحة". ودعت الافتتاحية صراحة إلى اتخاذ إجراءات وحشية مماثلة ضد السجناء السياسيين المحتجزين حاليًا في سجون النظام. هذا ليس مجرد خطاب؛ إنه توجيه سياسي واضح من قلب جهاز النظام القمعي، يشير إلى نية إبادة جميع أشكال المعارضة. تصاعد الإعدامات في عهد بزشكيان تتطابق تهديدات النظام مع أفعاله. في عهد رئيس النظام مسعود بزشكيان، الذي تولى منصبه في أغسطس 2024، تضاعفت وتيرة الإعدامات بشكل مذهل. تم إعدام أكثر من 1300 شخص منذ توليه المنصب، منهم 650 شنقًا في عام 2025 وحده. تستهدف هذه الموجة من القتل بشكل متزايد المعارضين السياسيين وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. في 12 يوليو 2025، حُكم على ثلاثة ناشطين معارضين—فرشاد اعتماديفر، مسعود جامعي، وعلي رضا مرداسي—بالإعدام في الأحواز بتهمة "المحاربة" بسبب دعمهم لمنظمة مجاهدي خلق. ويواجه العشرات غيرهم مصيرًا مشابهًا، بما في ذلك السجينان السياسيان بهروز إحساني ومهدي حساني، اللذان أصبحا في خطر الإعدام الوشيك بعد رفض المحكمة العليا استئنافهما النهائي لمراجعة قضائية في يوليو. تحذير مروع من داخل جدران السجن يُطلق الإنذار أيضًا من قبل أولئك الذين سيكونون أولى الضحايا. تمكن السجين السياسي سعيد ماسوري، شخصية بارزة في حملة إضراب الجوع "لا للإعدام الثلاثاء"، من تهريب رسالة من سجن قزلحصار. حذر فيها من أن محاولة النظام نقله قسرًا كانت مقدمة لإعدامات جماعية لسجناء آخرين على قوائم الإعدام. ومشبهاً الوضع بمقدمات مذبحة 1988، كتب: "جريمة جارية". نواب أوروبيون يدقون ناقوس الخطر تحذير الـ301 خبيرًا ليس حدثًا منعزلاً. إنه يتردد صداه عبر موجة منسقة من التحذيرات تجتاح أوروبا، حيث تصدر لجان برلمانية في المملكة المتحدة، وألمانيا، ورومانيا، وهولندا، والدول الشمالية بياناتها العاجلة. يحذر هؤلاء النواب من أن النظام الإيراني يستغل الأزمات الدولية للتحضير لـ"مذبحة ثانية" للسجناء السياسيين. يجادلون بأن هذه استراتيجية مدروسة للقضاء على المعارضة المنظمة، مشيرين إلى أن ما لا يقل عن 15 سجينًا سياسيًا يواجهون الإعدام حاليًا بسبب انتمائهم إلى منظمة مجاهدي خلق. تسلط بياناتهم الضوء على الحقائق اللا مناص منها: أحكام الإعدام على الناشطين، استهداف السجناء طويلي الأمد مثل سعيد ماسوري، وقانون النظام القمعي الجديد المصمم لتسريع الإعدامات. يطالبون برد دولي موحد، يشمل ربط جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع طهران بوقف فوري ومثبت للإعدامات وبعثة تقصي حقائق عاجلة من الأمم المتحدة إلى سجون إيران. رسالتهم واضحة: يجب ألا يضحي العالم بالحقوق الإنسانية الأساسية من أجل المناورات الجيوسياسية. يجب ألا يكرر العالم صمت 1988 حدد الخبراء الدوليون مسارًا واضحًا للتحرك لمنع هذه الفظاعة الوشيكة. دعوا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك والمقررة الخاصة بشأن إيران الدكتورة ماي ساتو إلى إدانة تحريض النظام والإعدامات بشكل لا لبس فيه. كما طالبوا كندا والدول الديمقراطية الأخرى الراعية لقرار الجمعية العامة السنوي للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في إيران بإضافة إشارة صريحة إلى مذبحة 1988، لضمان الاعتراف بها كجريمة مستمرة ضد الإنسانية. وقف العالم متفرجًا عام 1988 بينما قتل النظام عشرات الآلاف. كما يختم بيان الخبراء: "فشل المجتمع الدولي في التحرك عام 1988. يجب ألا يفشل مجددًا. تقع مسؤولية منع تكرار هذه الجرائم ضد الإنسانية على عاتق الأمم المتحدة ودولها الأعضاء".


اليوم الثامن
منذ 7 ساعات
- اليوم الثامن
حل الدولتين في نيويورك: مؤتمر دولي يواجه تحديات المقاطعة والحرب
انطلقت في نيويورك، الإثنين، أعمال "المؤتمر الدولي لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين"، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وبمشاركة واسعة من دول العالم، وسط مقاطعة معلنة من الولايات المتحدة وإسرائيل. يهدف المؤتمر إلى وضع خريطة طريق واضحة لإقامة دولة فلسطينية، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والحرب المستمرة في قطاع غزة، مما يعكس انقساماً دولياً حول سبل حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تضم 193 دولة، في سبتمبر 2024، عقد هذا المؤتمر، الذي كان مقرراً في يونيو 2025، لكنه تأجل بسبب الهجوم الإسرائيلي على إيران. ويسعى المؤتمر إلى إحياء حل الدولتين من خلال وضع معايير ملزمة تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ويأتي المؤتمر في سياق دعم دولي متزايد للحقوق الفلسطينية، حيث أيدت 143 دولة في مايو 2024 مسعى فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر 2025 خلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة. وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في تصريحات لصحيفة "لا تريبيون ديمانش" وشبكة CBS، أن المؤتمر يمثل "محطة حاسمة" لإطلاق ديناميكية سياسية تدعم حل الدولتين. وأضاف أن فرنسا ستحث دولاً أخرى على الاعتراف بدولة فلسطين، متوقعاً أن تصدر الدول العربية إدانة لحركة حماس وتطالب بنزع سلاحها خلال المؤتمر. وشدد بارو على أن حل الدولتين هو "الطريقة الوحيدة" لإعادة السلام والاستقرار إلى المنطقة. أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن رئاسة المملكة للمؤتمر، بالشراكة مع فرنسا، تعكس موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن المؤتمر يدعم جهود "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، الذي أطلقته السعودية والنرويج والاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2024، بالإضافة إلى عمل "اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة". وأضاف أن المملكة تسعى لإنهاء معاناة الفلسطينيين ووقف دائرة العنف المستمرة من خلال دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة وقيام دولة فلسطينية. أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل مقاطعتهما للمؤتمر، معتبرتين أنه يقوض فرص التوصل إلى حل سلمي. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن المؤتمر "هدية لحماس" التي ترفض مقترحات وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن واشنطن صوتت ضد قرار الجمعية العامة لعقده. من جانبها، قالت إسرائيل، عبر متحدثها جوناثان هارونوف، إنها لن تشارك في مؤتمر لا يركز على إدانة حماس وإعادة الرهائن. وتتهم الولايات المتحدة وإسرائيل المؤتمر بالانحياز للفلسطينيين، في وقت تواجه فيه إسرائيل انتقادات دولية بسبب الحرب في غزة، التي تسببت في معاناة إنسانية واسعة. يدعو المؤتمر إلى تطبيق القانون الدولي ودعم السلطة الفلسطينية سياسياً ومالياً لتعزيز إصلاحاتها ومؤسساتها، بهدف ضمان الأمن والاستقرار. كما يسعى إلى تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل مع التركيز على إحياء حل الدولتين. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة منذ 22 شهراً، وتصاعد الاتهامات لإسرائيل باستخدام التجويع كسلاح، مما يعقد المشهد السياسي والإنساني. يمثل مؤتمر الأمم المتحدة خطوة مهمة نحو إعادة إحياء حل الدولتين، بدعم قوي من السعودية وفرنسا ودول أخرى، لكنه يكشف عن انقسام دولي عميق بسبب مقاطعة الولايات المتحدة وإسرائيل. في ظل التوترات الإقليمية والحرب المستمرة في غزة، يبقى السؤال حول قدرة المؤتمر على تحقيق اختراق ملموس يعيد الأمل في تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.