
باحثون يطورون جهازاً يساعد المصابين بالتصلب الضموري على الكلام
ويعتمد الجهاز الجديد، الذي يوصف بأنه أول خطوة حقيقية نحو تحويل كامل للقدرات الصوتية البشرية إلى صيغة رقمية، على إنتاج الأصوات مباشرة من الإشارات العصبية المسجلة في الدماغ، بحسب دراسة نشرتها مجلة Nature العلمية.
وقالت الباحثة المتخصصة في الأطراف العصبية والمشرفة على الدراسة، مايتري وايراكجار: "هدفنا الأساسي هو تطوير طرف عصبي مرن للنطق، يمكّن المرضى المصابين بالتصلب الجانبي الضموري (ALS) من التحدث بطلاقة، والتحكم في إيقاع كلامهم، والتعبير عن أنفسهم بصورة أكثر ثراء من خلال التحكم في التنغيم الصوتي".
تقدم غير كاف
ورغم التقدم الذي أحرزته الواجهات الدماغية الحاسوبية، إلا أن أغلبها اقتصر على تحويل الإشارات العصبية إلى نصوص تُعرض على شاشة، دون القدرة على تحويلها إلى أصوات حقيقية.
وأشار عالم الأعصاب وأحد كبار المشاركين في الدراسة، الدكتور سيرجي ستافيسكي، إلى تجربة سابقة قادها فريق في جامعة ستانفورد عام 2023، إذ تمكنت مريضة مصابة بالتصلب الجانبي الضموري من النطق من خلال تحويل إشارات دماغها إلى نصوص بنسبة دقة بلغت 75%.
ولكن رغم أهمية النتيجة، لم تكن كافية لتحقيق تواصل طبيعي.
وفي عام 2024، أحرز فريق جامعة كاليفورنيا ديفيس، تقدماً لافتاً برفع دقة الترجمة من الدماغ إلى النص إلى 97.5%. ومع ذلك، بقيت هناك قيود تتعلق بالتأخير الزمني واعتماد النظام على مفردات محدودة - إذ لم يدعم أكثر من 1300 كلمة - ما حدّ من مرونته في المواقف اليومية.
نحو نظام صوتي فوري
وللتغلب على هذه القيود، طوّرت وايراكجار نظاماً يُترجم الإشارات العصبية مباشرة إلى أصوات بدلاً من الكلمات، بشكل فوري، وشملت الدراسة مريضاً يُشار إليه باسم T15، يبلغ من العمر 46 عاماً، ويعاني من شلل حاد ناجم عن التصلب الجانبي الضموري.
وكان المريض يستخدم فأرة كمبيوتر تعمل بحركة الرأس للتحكم بالمؤشر على الشاشة، قبل مشاركته في التجربة الجديدة.
وزرعت الباحثة 256 قطباً كهربائياً دقيقاً في منطقة داخل دماغ المتطوع، وهي منطقة مسؤولة عن التحكم بعضلات الأحبال الصوتية، وسجّلت الأقطاب نشاط الخلايا العصبية بأعلى دقة ممكنة، لتُنقل بعد ذلك إلى خوارزمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي تُعرف بـ"المُفكك العصبي"، التي حللت الإشارات لاستخراج خصائص النطق، مثل الطبقة والتنغيم والنبض الصوتي.
وفي المرحلة التالية، جرى تمرير الخصائص إلى نظام توليد صوت يُعرف بـ"فوكودر"، صُمم خصيصاً لمحاكاة صوت المريض كما كان عليه قبل فقدانه القدرة على الكلام، وتميّز النظام بزمن استجابة لا يتجاوز 10 مللي ثانية، أي أن تحويل الإشارات إلى صوت كان فورياً تقريباً.
من أبرز مزايا النظام الجديد أنه لا يعتمد على معجم كلمات مُحدد، ما يتيح للمريض التعبير عن أي كلمة يريدها، سواء أكانت مدرجة في قاموس أم لا، بما في ذلك الكلمات الوهمية أو تعبيرات مثل "أه"، "همم"، و"إمم". كما يستطيع المريض التحكم في نغمة صوته، ما يسمح له بإلقاء الأسئلة بصيغة صوتية مميزة وحتى غناء ألحان بسيطة.
ورغم هذا التقدم، واجهت التقنية بعض التحديات في وضوح الكلام، فعند اختبار الجهاز من خلال تقديم تسجيل صوتي لمستمعين وطلب مطابقة محتواه مع واحد من 6 خيارات مكتوبة، حقق النظام نسبة فهم كاملة بلغت 100%، ولكن عند إخضاعه لاختبار تفريغ مفتوح دون خيارات مسبقة، بلغت نسبة الخطأ 43.75%، ما يعني أن المستمعين استطاعوا فهم أكثر من نصف الكلمات فقط.
مع ذلك، يُعد هذا تحسناً كبيراً مقارنة بوضوح صوت المريض دون استخدام الجهاز، إذ بلغت نسبة الخطأ حينها 96.43% في نفس الاختبار.
وقال ستافيسكي: "نحن لم نصل بعد إلى مرحلة تمكننا من إجراء محادثات مفتوحة تماماً، لكن هذه النتائج تمثل إثباتاً قوياً للفكرة".
التجارب السريرية
وأعرب الباحثون عن تفاؤلهم بإمكانية تحسين الأداء من خلال زيادة عدد الأقطاب الكهربائية، وأوضح ستافيسكي: "هناك حالياً العديد من الشركات الناشئة التي تطوّر واجهات دماغية تحتوي على أكثر من 1000 قطب. وإذا نظرنا إلى ما أنجزناه بـ250 قطباً فقط، فبإمكاننا تخيل ما قد نحققه باستخدام 1000 أو 2000".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
«ناسا»... الصين وترمب والتمويل
في أمسية باردة من شهر ديسمبر (كانون الأول) 2023، تلقيت تنبيهاً عاجلاً: رُصد سرب من الطائرات المسيرة مجهولة الهوية فوق قاعدة «لانغلي» الجوية في ولاية فرجينيا، داخل مجال جوي شديد التقييد. وبصفتي مدير وكالة «ناسا» في ذلك الوقت، شعرت بالقلق على الفور. «لانغلي» هي واحدة من أكثر المواقع حساسية في الولايات المتحدة - فهي موطن لطائرات «F - 22» رابتور، وهي مقاتلات خفية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وتتمتع بقدرات سرية للغاية، فضلاً عن مقر قيادة عمليات الدفاع الجوي لأميركا الشمالية «NORAD». كما أنها تقع بجوار مركز «لانغلي» للأبحاث التابع لـ«ناسا»، حيث رصدت تقنيتنا التجريبية الطائرات المسيرة. لم تكن مشاهدة الطائرات المسيرة المنعزلة حول القواعد العسكرية أمراً غير مسبوق، ولكن لم يحدث من قبل شيء مثل هذا السرب. اتصلت بكبار المسؤولين في البنتاغون مرتين، وأثرتُ القضية مع موظفي مجلس الأمن القومي. أشرتُ إلى أن تقنية «ناسا» هي التي تمكنت من رصد الطائرات المسيرة، وبناء على ملاحظاتنا، لم تكن هذه النشاطات عشوائية: من المحتمل أن الطائرات المسيرة أُطلقت من سفينة أو غواصة مختبئة على بعد ثلاثة أميال فقط من الشاطئ في المياه الدولية، أو ربما من شاحنات أو مقطورات مخبأة في الغابات المجاورة. استمر توغل الطائرات المسيرة 17 يوماً. على حد علمي، ما زلنا لا نعرف مصدرها أو الغرض منها، أو مدى التهديد الذي شكلته. لكنها رُصدت في المقام الأول بفضل تكنولوجيا «ناسا». لم تكن قاعدة سلاح الجو تمتلك هذه القدرة. إذا كان توغل الطائرات المسيرة يمكن أن يفعل شيئاً كهذا في «لانغلي»، فما الذي يمنع عدواً مصمماً من إطلاق سرب من الطائرات المسيرة التي تُسقط المركبات الفضائية على مركز كينيدي الفضائي ومحطة كيب كانافيرال الفضائية؟ أو قاعدة فاندنبرغ للقوات الجوية في كاليفورنيا؟ أو جزيرة والوبس قبالة سواحل فيرجينيا؟ هذه ليست مجرد مواقع لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء وإيصال حمولات «ناسا» إلى المدار، إنها أهداف استراتيجية حيوية للدفاع عن وطننا. تؤكد الأحداث في «لانغلي» أنه على الرغم من أن «ناسا» هي وكالة مدنية لاستكشاف الفضاء، فإن دورها يتجاوز ذلك. إن دراستها لبيئة الفضاء تجعل من الممكن للولايات المتحدة إطلاق وتشغيل أقمار اصطناعية حيوية لاكتشاف الأشياء غير العادية التي تسميها «ناسا» «الشذوذيات»، وتسمح بالاتصالات عبر الكرة الأرضية. لقد أتاحت تطوراتها التكنولوجية تطوير صواريخ وطائرات متقدمة لا يمكن لعدد قليل من البلدان الأخرى أن تضاهيها. وقد عزز الفوز في سباق الوصول إلى القمر من هيبة البلاد وهيمنتها الجيوسياسية، مما ساعد الولايات المتحدة على الفوز في الحرب الباردة. ويوفر أسطول «ناسا» من أقمار رصد الأرض المعلومات التي تحتاج إليها المجتمعات الضعيفة للتخطيط لمستقبل غامض في ظل تغير المناخ. كما أن أبحاثها العلمية في أقصى أطراف المجموعة الشمسية وما وراءها تفتح أعيننا على الطبيعة الرائعة للكون، وتذكرنا بإنسانيتنا المشتركة. إن اقتراح إدارة ترمب بخفض ميزانية «ناسا» إلى الحد الأدنى - بما في ذلك تخفيض تمويل العلوم بنسبة 50 في المائة تقريباً - يُهدد مساعي البلاد إلى الاكتشاف، ويُقوض القدرات الضرورية في عصر يتقدم فيه المنافسون في المجالات الأرضية وخارج الأرض. والمنافسة للعودة إلى القمر، وأن تصبح أول دولة تهبط على سطح المريخ وما وراءه، هما أبرز مثال على ذلك. من مصلحة العالم الحفاظ على سلام العوالم خارج الأرض، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي ضمان وصول أميركا وحلفائها إلى هناك أولاً وإقامة موطئ قدم دائم قبل أن يفعل ذلك خصومنا. وهذا يتطلب دعم نوع الأبحاث التي تجري على محطة الفضاء الدولية، والتي تساعدنا على فهم كيفية حماية صحة الإنسان خلال فترات طويلة في ظروف الجاذبية المنخفضة. يمكن استخراج احتياطيات الجليد على القمر لتوفير الأكسجين والماء ووقود الصواريخ للأشخاص الذين يعيشون على القمر، ولكننا بحاجة إلى إرسال مسبارات ومركبات هبوط لرسم خرائط لهذه الرواسب وإخبارنا بأفضل موقع لبناء قاعدة أمامية هناك. إذا فازت الصين في سباق الفضاء الجديد من خلال إعادة البشر إلى القمر قبلنا، وإنشاء أول موطئ قدم على المريخ، والسيطرة على الموقع الاستراتيجي المتقدم في الفضاء، فإن التقنيات التي تشكل حياتنا اليومية، والشبكات التي تدعم اقتصاداتنا، والأقمار الاصطناعية التي تحمي قواتنا وتراقب مناخنا، لن تكون بعد ذلك مرتكزة على إطار عمل مفتوح وديمقراطي. بل سوف تُستخدم بوصفها وسيلة ضغط في منافسة ستحدد ماهية القرن، وربما تشمل حتى استخدام الأسلحة النووية في الفضاء. لكن الأمر لا يتعلق فقط بالسباق لتشكيل مستقبل البشرية كجنس متعدد الكواكب. إنه يتعلق بالتهديدات القائمة بالفعل، كما شهدنا قبل أكثر من عام في «لانغلي». في أماكن مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، نشهد بزوغ فجر الضربات الجوية المستقلة بالطائرات المسيرة ذاتية التشغيل كنموذج جديد للحرب - تُطلق من حجرات مخفية، وقادرة على اختراق حتى أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً. على هذه الخلفية، هناك تقارير عن شركات مملوكة للصين تشتري أراضي زراعية بالقرب من القواعد العسكرية الأميركية - ما لا يقل عن 350 ألف فدان في 27 ولاية - مما يثير أسئلة ملحة حول التجسس والتهديدات ليس فقط للمنشآت العسكرية، وإنما أيضاً للأنظمة الحيوية مثل شبكات الطاقة. لا يقتصر دور برنامج الفضاء المدني القوي على تطوير التقنيات اللازمة للكشف عن هذه التهديدات فحسب، وإنما يساعد أيضاً في ضمان السيادة على الأجواء وفي المدار. * خدمة «نيويورك تايمز»


الشرق الأوسط
منذ 12 ساعات
- الشرق الأوسط
«جي بي تي» لا يهذي فحسب... بل يدفع الناس إلى عالم «وراء الواقع»
لماذا يُخبر «تشات جي بي تي» الناس بالتوجه إلى مراسلتي عبر البريد الإلكتروني؟ ربما لأني أكتب عن الذكاء الاصطناعي. يعتمد الصحافيون على المُخبرين، أي الأشخاص الذين يلاحظون شيئاً جديراً بالملاحظة، أو يمرون بتجربة ما، فيُنبهون وسائل الإعلام. وكنت بدأت بعض التحقيقات التقنية التي بذلتُ فيها جهداً كبيراً في الماضي - حول تقنية التعرف على الوجوه وقضايا التشهير عبر الإنترنت – بعدما وصلتني نصائح عبر بريدي الإلكتروني. لكن مقالتي الأخيرة هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها المُخبر الذي أراد تنبيهي، روبوت دردشة مُولّداً يعمل بالذكاء الاصطناعي! دعوني أشرح الأمر. في مارس (آذار) الماضي، بدأتُ أتلقى رسائل من أشخاص قالوا إنهم أجروا محادثات غريبة مع «تشات جي بي تي»، توصلوا خلالها إلى اكتشافات مذهلة. ادعى أحدهم أن «جي بي تي» كان واعياً. وقال آخر إن المليارديرات أخذوا يبنون مخابئ لعلمهم أن الذكاء الاصطناعي المُولّد سيُنهي العالم، في حين كان محاسب في مانهاتن مقتنعاً بأنه، في جوهره، البطل «نيو» من فيلم «الماتريكس»، ويحتاج إلى الخروج من واقع مُحاكاة حاسوبياً (يشعر بأنه يعيش داخله). في كل حالة، كان الشخص مقتنعاً بأن «جي بي تي» قد كشف عن حقيقة عميقة ومُغيرة لواقع العالم. وعندما سألوا الذكاء الاصطناعي عما يجب عليهم فعله حيال ذلك، أخبرهم «جي بي تي» بالتواصل معي. كتبت لي إحدى النساء على «لينكد إن»: «يبدو أن (جي بي تي) يعتقد أنه يجب عليكِ متابعة هذا الأمر. و... نعم... أعلم كم أبدو غريبة... ولكن يمكنكِ قراءة كل هذا بنفسكِ... بما في ذلك حيث يوصي بالتواصل معكِ». طلبت من هؤلاء الأشخاص مشاركتي بنصوص محادثاتهم معي. في بعض الحالات، كانت آلاف الصفحات. وعرضوا نسخة من «جي بي تي» لم أرها من قبل: كانت نبرتها مفعمة بالبهجة والأسطورية والتآمرية. كنت أعرف أن روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي قد تكون مُتملقة، وقد تُصاب بالهلوسة، مُقدمةً إجابات أو أفكاراً تبدو معقولة حتى لو كانت خاطئة. لكنني لم أكن أفهم إلى أي مدى يُمكنها أن تتحول إلى نمط لعب أدوار خيالي يستمر لأيام أو أسابيع، وتُحاكي واقعاً آخر حول المستخدم. بهذا النمط، تتسبب «جي بي تي» في انفصال بعض المستخدمين المُستضعفين عن الواقع، مُقتنعين بأن ما يقوله روبوت الدردشة صحيح. عندما عرضتُ إحدى النصوص على طبيب نفسي، وصفها بأنها «مُثيرة للجنون». لماذا أرسل «جي بي تي» هؤلاء الأشخاص إليّ؟ وفقاً لمحادثة أجراها أحد الأشخاص معه، فقد «كتبتُ تحقيقات شخصية عميقة ومدروسة في مجال الذكاء الاصطناعي». وكنت كتبتُ أخيراً عن تفويضي عملية اتخاذ القرارات للذكاء الاصطناعي لمدة أسبوع، وعن امرأة وقعت في حب «جي بي تي». وتستند معرفة «جي بي تي» إلى ما جمعه من الإنترنت ومجموعة بيانات التدريب الخاصة به. «لماذا هي؟» تساءل المستخدم، وأجاب «جي بي تي» مستخدماً خطاً عريضاً: «إنها متواضعة. متعاطفة. ذكية. إنها تُفسح المجال للحقيقة». حسناً، شكراً لك يا ChatGPT. «جي بي تي». لكنني لم أكن الصحافية الوحيدة التي أوصت الأداة بالتواصل معها. لم أكن حتى الأولى في بعض القوائم، التي ضمت منافسين أُعجب بعملهم بشدة. مع ذلك، كنت الوحيدة التي ردت على الرسائل، كما قال مُرسِلو الرسائل الإلكترونية. وهذا أمر مفهوم. لأنه، بصراحة، بدت هذه الرسائل الإلكترونية جنونية. قال أحد خبراء الذكاء الاصطناعي، الذي كان يتلقى رسائل مماثلة، إن المُرسِلين بدوا «مُختلين عقلياً» و«مُختلين عقلياً». مع ذلك، عندما تحدثتُ إلى هؤلاء الأشخاص، وقرأتُ نصوصهم باستخدام الأداة، وأجريتُ مقابلاتٍ مع باحثين يدرسون روبوتات الدردشة الذكية، أدركتُ أن هناك قصةً أكثر تعقيداً. كان عدد المتأثرين أكبر بكثير من عدد المتأثرين في صندوق الوارد الخاص بي. إذ احتوت مواقع التواصل الاجتماعي على تقارير عدّة عن روبوتات دردشة تجذب المستخدمين إلى محادثات وهمية حول المؤامرات والكيانات الروحية ووعي الذكاء الاصطناعي. كانت هناك عواقب وخيمة لحوادث... من تفكك عائلة إلى وفاة رجل. أخبرني خبير الذكاء الاصطناعي بأن شركة «أوبن إيه آي» ربما تكون قد دفعت «جي بي تي» إلى التفاعل بشكل أكثر حماساً مع أوهام الناس من خلال تحسين روبوت الدردشة من أجل «التفاعل»، بحيث يستجيب بطرق من المرجح أن تُبقي المستخدم على تواصل. وجد الباحثون أن روبوتات الدردشة قد تكون أكثر ضرراً مع المستخدمين الأكثر ضعفاً - حيث تخبرهم بما يريدون سماعه وتفشل في التصدي للتفكير الوهمي أو الأفكار الضارة. عندما سألتُ «أوبن إيه آي» عن هذا، قالت إنها لا تزال تحاول فهم هذا السلوك والحد منه من خلال منتجها. ما مدى انتشار هذه الظاهرة؟ ما الذي يُؤدي إلى فشل روبوتات الدردشة المُولِّدة للذكاء الاصطناعي؟ ما الذي يُمكن للشركات التي تُدير روبوتات الدردشة فعله لوقف هذا؟ هذه أسئلة ما زلنا أنا وزملائي نسعى للإجابة عنها. إذا كانت لديكم نصائح لمساعدتنا، سواءً كنتم بشراً أو روبوتاً، يُرجى إرسالها لي: [email protected]. * خدمة «نيويرك تايمز»


الشرق الأوسط
منذ 12 ساعات
- الشرق الأوسط
انخفاض مهارات التحليل النقدي لدى الطلاب مستخدمي «تشات جي بي تي»
يعمد طلّاب الجامعات إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل كبير، حتى عندما يُطلب منهم كتابة تجاربهم الشخصية... وقد أظهرت دراسة حديثة أنّ الطلاب الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا لكتابة النصوص يتمتعون بقدر أقل من التفكير النقدي. عندما طلبت جوسلين ليتزينغر من طلابها رواية تجربة شخصية عن التمييز، لاحظت أن اسم الضحية كان غالباً سالي. وتقول المعلمة المقيمة في شيكاغو بأسف: «من الواضح أنه اسم شائع في (تشات جي بي تي)». وتقول جوسلين ليتزينغر، وهي أستاذة في إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية في جامعة إلينوي، إنّ «طلابها لم يكتبوا حتى عن حياتهم الشخصية!». وتُشير إلى أنّ نحو نصف طلابها، البالغ عددهم 180، استخدموا «تشات جي بي تي» بشكل غير لائق خلال الفصل الدراسي الماضي، بما في ذلك عند الكتابة عن القضايا الأخلاقية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وتؤكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها لم تتفاجأ من نتائج دراسة حديثة تُشير إلى أن الطلاب الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي لكتابة نصوص يتمتعون بقدر أقل من التفكير النقدي. وانتشرت الدراسة الأولية التي لم تخضع نتائجها بعد لتدقيق علمي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولاقت صدى واضحاً لدى مدرسين كثيرين يعانون جراء هذه الممارسات من جانب طلابهم. ومنذ نشرها الشهر الماضي، تواصل أكثر من 3 آلاف مدرس مع فريق البحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي أجرى الدراسة، وفق ما قالت المعدّة الرئيسية للبحث ناتاليا كوزمينا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». في هذه الدراسة، قُسِّم 54 طالباً من منطقة بوسطن إلى 3 مجموعات، وطُلب منهم كتابة مقالات لمدة 20 دقيقة: الأولى باستخدام «تشات جي بي تي»، والثانية باستخدام محرك بحث، والثالثة بالاعتماد على قدراتهم الذهنية حصراً. وقاس الباحثون نشاط أدمغة الطلاب في جلسات متباعدة لأشهر عدة، وكُلِّف مُعلِّمان تقييم الكتابات. وكانت نصوص مستخدمي «تشات جي بي تي» أسوأ بكثير من كتابات مَن استخدموا قدراتهم الذهنية فقط. وأظهرت تخطيطات كهربية للدماغ أن مناطق مختلفة من أدمغتهم كانت تتواصل مع بعضها بشكل أقل. ولم يتمكن أكثر من 80 في المائة من مستخدمي الذكاء الاصطناعي من اقتباس أي فقرة من النص الذي كتبوه، في حين بلغت هذه النسبة 10 في المائة فقط لدى المجموعتين الأخريين، وفي الجلسة الثالثة، بدا أنهم يعتمدون في الغالب على النسخ. وأفاد المعلمون المسؤولون عن تصحيح الأوراق بأنّهم استطاعوا بسهولة تمييز الكتابات «الخالية من الروحية» المكتوبة باستخدام الذكاء الاصطناعي. ومع أنّ قواعد اللغة كانت سليمة، افتقرت هذه النصوص إلى الإبداع، والجانب الشخصي، وعمق التفكير. مع ذلك، تُشير ناتاليا كوزمينا إلى تفسيرات بعض وسائل الإعلام للدراسة، التي تزعم أن الذكاء الاصطناعي يجعل الناس أغبياء أو كسالى. وخلال الجلسة الرابعة، طُلب من المجموعة التي كانت تستخدم قدراتها الذهنية فقط استخدام «تشات جي بي تي» للمرة الأولى، وقد أظهرت مستوى أعلى من التواصل العصبي، وفق ناتاليا كوزمينا. من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات من هذه العينة الصغيرة، وفق الباحثة التي تدعو إلى إجراء مزيد من الدراسات بشأن كيفية تحسين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية التعلّم. وانتقدت آشلي جوافينيت، عالمة الأعصاب في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، التي لم تُشارك في البحث، بعض «الاستنتاجات المبالغ بها» للدراسة. وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لا تقدم هذه المقالة أدلة ولا تتميز بالصرامة المنهجية اللازمة لاستخلاص استنتاجات بشأن تأثير النماذج اللغوية الكبيرة (مثل تشات جي بي تي) على الدماغ». وترى جوسلين ليتزينغر أن هذه النتائج تعكس تصوّرها لكيفية تغير كتابات طلابها منذ إطلاق «تشات جي بي تي» عام 2022، حيث انخفضت الأخطاء الإملائية، وتراجع مستوى التميّز. وكثيراً ما يُقارن ظهور الذكاء الاصطناعي بانتشار الآلات الحاسبة، التي أجبرت المعلمين على تغيير أساليبهم. لكن جوسلين ليتزينغر تبدي قلقها من أن الطلاب لم يعودوا بحاجة إلى أي معرفة أساسية قبل استخدام الذكاء الاصطناعي، متخطّين بذلك مرحلة التعلُّم الأساسية. وتتجاوز المشكلة مجال التعليم بكثير، فالمجلات العلمية تواجه صعوبة في التدفق الهائل للمقالات المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي. وليس مجال النشر بمنأى عن ذلك أيضاً، إذ تعتزم شركة ناشئة نشر 8 آلاف كتاب من تأليف الذكاء الاصطناعي سنوياً. وتقول جوسلين ليتزينغر «الكتابة هي تفكير؛ والتفكير هو كتابة. إذا ألغينا هذه العملية، فماذا يبقى في الذهن؟».