الأردن وسوريا: الجغرافيا لا تُلغى .. فهل تأخرنا كثيرًا؟
في الوقت الذي تتغير فيه موازين القوى والتحالفات في المنطقة، وتُعقد الاتفاقيات الاستراتيجية الكبرى، يطل علينا مشهد يعكس تراجع الدور الإقليمي للأردن، وتحديدًا تجاه الشقيقة سوريا، الجار الأقرب تاريخًا وجغرافيًا، والاردن هو البوابة الجنوبية الطبيعية التي لا يمكن إنكارها أو تجاوزها في أي حسابات سياسية أو اقتصادية.من المؤسف أن نجد الأردن، وهو من أكثر الدول التي تحملت تداعيات الأزمة السورية على مدى أكثر من عقد، يتأخر في إعادة فتح الأبواب نحو دمشق، رغم دعواتنا المتكررة لضرورة الانفتاح على سوريا الشقيقة، وهي دعوات لا تنطلق من عاطفة آنية، بل من إدراك حقيقي لمصالح وطنية واستراتيجية أردنية، وكذلك لمتطلبات الاستقرار الإقليمي.الأردن يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، ويتحمل أعباءً اقتصادية واجتماعية وخدمية ضخمة جراء ذلك. ومع أن هذا الموقف الإنساني محل تقدير دولي، فإن من الطبيعي والمنطقي أن يسعى الأردن إلى استثمار هذه التضحيات في بناء علاقات ثنائية متوازنة وعادلة مع الدولة السورية، تضمن له استعادة حقوقه المالية التي سلبها النظام السوري البائد لعقود، وتفتح أمامه آفاق التعاون الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب.إننا اليوم نتابع بقلق بالغ ما حملته وكالات الأنباء عن توقيع اتفاقية كبرى بين سوريا وتحالف شركات دولية تقوده قطر، بشراكة تركية وأمريكية، بقيمة سبعة مليارات دولار في قطاع الطاقة، وذلك بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع. هذه الاتفاقية، مهما كانت خلفياتها، يجب أن تكون جرس إنذار حقيقي لصانع القرار الأردني، فهي تؤكد أن عجلة الإعمار والتحالفات الإقليمية قد بدأت تدور، فيما الأردن ما يزال واقفًا عند عتبة الانتظار.وهنا لا بد من التوقف عند ملف الطاقة، الذي يُعد أحد أكبر التحديات التي تواجه الأردن في الوقت الراهن. هذا الملف المعقد والمثقل بالألغاز والغموض، يتطلب من الدولة الأردنية التحرك بحنكة واستباقية. فوفقًا للخبير في قطاع الطاقة عامر الشوبكي، فإن الأردن يمتلك فائضًا كبيرًا في الطاقة الكهربائية يمكن تصديره إلى سوريا التي تعاني من انقطاعات مزمنة نتيجة تدمير بنيتها التحتية. استئناف تصدير الكهرباء إلى سوريا، كما كان قبل عام 2011، لا يُعد فقط فرصة لتخفيف الخسائر السنوية لشركة الكهرباء الوطنية والتي تُقدر بنصف مليار دينار، بل يمثل أيضًا مدخلًا استراتيجيًا لاستعادة الدور الأردني في الإقليم وتعزيز أمنه الاقتصادي.وفي ظل هذا الغياب الدبلوماسي الرسمي المقلق، نتساءل أيضًا عن غياب آخر لا يقل أهمية: أين هي الدبلوماسية البرلمانية من هذا المشهد؟ لماذا تأخر النواب عن دق أبواب دمشق؟ ألم يكن الأجدر بممثلي الشعب أن يبادروا بخطوات تفتح المجال للتقارب البرلماني والسياسي مع الجار الشقيق، أسوة بما تقوم به برلمانات عربية أخرى أعادت وصل ما انقطع؟ الدبلوماسية البرلمانية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في كسر الجمود السياسي وتمهيد الطريق لمشاريع شراكة واقعية ومفيدة للطرفين.وعليه، إن تأخرت الدبلوماسية الرسمية في التحرك وبحث المشاريع المشتركة، فإن على الدبلوماسية الشعبية والاقتصادية والبرلمانية أن تتحرك بجرأة ومسؤولية. زيارة الوفد التجاري الأردني إلى دمشق مؤخرًا، والتي وصفها رئيس غرفة تجارة الأردن بـ"التاريخية"، تمثل بارقة أمل، لكنها غير كافية ما لم تُتبع بخطوات عملية منسقة على أعلى المستويات.ختامًا، إن سوريا الموحدة، المستقرة، الآمنة، المدنية والديمقراطية ليست مجرد أمنية سورية، بل مصلحة أردنية خالصة، بل ومصلحة عربية وإقليمية شاملة. والجغرافيا لا تتغير، كما لا يمكن طمس حقائق التاريخ. أما التأخر في استيعاب هذه البديهيات، فقد يكون مكلفًا للغاية.فهل نتحرك قبل أن يفوت الأوان؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 9 دقائق
- جفرا نيوز
وزير الخارجية السعودي: المملكة وقطر ستدعمان موظفي الدولة في سوريا
جفرا نيوز - أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان السبت من دمشق أن بلاده ستكون في مقدم الدول التي تقف الى جانب سوريا في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، بعيد رفع العقوبات الأميركية والذي كان للرياض اليد الطولى فيه. وتشكل السعودية أبرز الداعمين الاقليميين للإدارة الجديدة في دمشق. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الرياض في أيار/مايو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ اندلاع النزاع، في خطوة تمهد لبدء مسار التعافي الاقتصادي بعد 14 عاما من اندلاع نزاع مدمر. وقال بن فرحان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري أسعد الشيباني "نؤكد أن المملكة العربية السعودية ستظل في مقدم الدول التي تقف الى جانب سوريا في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي". وأضاف "هناك توجه ورغبة كبيرة من المستثمرين في المملكة للاستفادة من هذه الفرص بالتعاون مع الأشقاء في سوريا"، مشيرا الى أن بلاده "ستقدم بمشاركة دولة قطر دعما ماليا مشتركا للعاملين في القطاع العام". والتقى بن فرحان الذي ترأس وفدا اقتصاديا سعوديا رفيع المستوى الرئيس أحمد الشرع، كما زار برفقة الشيباني المسجد الأموي في دمشق، حيث أم المصلين. وقال بن فرحان إن وفودا اقتصادية سعودية ستزور دمشق قريبا، لافتا الى أن "العمل جار على بحث أوجه الدعم الاستثماري والتعاون الاقتصادي والتجاري" بين البلدين. وشكّلت السعودية وجهة أول زيارة أجراها الشرع إلى الخارج بعد تولّيه الحكم. كما سددت مع قطر، داعمته الرئيسية، الديون المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار، في خطوة رحبت بها دمشق. وأعرب الشيباني خلال المؤتمر الصحافي عن امتنان بلاده "للدور الذي قامت به المملكة خصوصا في موضوع رفع العقوبات" الأميركية الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته الرياض. وأعلن دخول البلدين في "مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك"، مشيرا الى "مبادرات استراتيجية تهدف الى إعادة البنى التحتية وإنعاش الزراعة وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل حقيقية للسوريين". وبعيد رفع العقوبات الغربية، خصوصا الأميركية، تعوّل دمشق على دعم حلفائها والمجتمع الدولي من أجل إطلاق مسار التعافي الاقتصادي وعملية إعادة الاعمار، بعد 14 عاما من اندلاع نزاع اودى بأكثر من نصف مليون سوري. وأنهكت سنوات النزاع الاقتصاد السوري واستنزفت مقدراته. وقدرت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته في شباط/فبراير مجمل خسائر الناتج الإجمالي المحلي بنحو 800 مليار دولار.

سرايا الإخبارية
منذ 13 دقائق
- سرايا الإخبارية
بين سان جيرمان وإنتر .. كم يجني الفريق الفائز بدوري أبطال أوروبا؟
سرايا - يطمح فريقا باريس سان جيرمان الفرنسي، وإنتر ميلان الإيطالي، للفوز بجائزة مالية قياسية عندما يتواجهان في وقت لاحق من يوم السبت في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. ويمكن للفائز أن يحصل على إجمالي جائزة مالية تقارب 150 مليون يورو (170.2 مليون دولار)، وذلك بفضل نظام البطولة الجديد وآلية التوزيع المحدثة. وكان ريال مدريد، بطل الموسم الماضي، حصل على 138.8 مليون يورو. وسيحصل الفائز على 10.5مليون يورو. ومن هذا المبلغ، هناك 4 ملايين يورو بمثابة مكافأة مشاركة في كأس السوبر الأوروبي، التي ستجمع بين بطل دوري أبطال أوروبا وبطل الدوري الأوروبي، توتنهام. وحصل الناديان على أكثر من 135 مليون يورو حتى الآن هذا الموسم، بما في ذلك 18.6 مليون يورو مكافأة المشاركة في مرحلة الدوري. وأنهى إنتر ميلان مرحلة الدوري في المركز الرابع، لذلك، حصل على مبالغ مالية أكثر في هذه المرحلة من سان جيرمان، الذي أنهى مرحلة الدوري في المركز الخامس عشر. وبعد نجاحهما في الأدوار الإقصائية، حصل الفريقان على مايقرب من 57 مليون يورو. بالإضافة إلى ذلك، هناك مدفوعات خاصة من صفقات البث. وحصل سان جيرمان على حصة أكبر من إنتر ميلان لأن قنوات البث التلفزيوني الفرنسية تدفع مبالغ أكبر من الإيطالية.


الوكيل
منذ 19 دقائق
- الوكيل
"تواصل" يناقش واقع ريادة الأعمال في الأردن
الوكيل الإخباري- ناقش منتدى "تواصل"، الذي نظمته مؤسسة ولي العهد، اليوم السبت، في جلسته الثالثة موضوع "واقع ريادة الأعمال: لماذا ينجح البعض ويفشل الآخرون؟"، لبيان أهمية ريادة الأعمال في دعم الاقتصاد الوطني. اضافة اعلان وقال الرئيس التنفيذي للصندوق الأردني للريادة، محمد المحتسب، إن الصندوق جاء نتيجة شراكة استراتيجية بين البنك المركزي والحكومة، حيث يمتلك البنك 49 بالمئة من أسهمه بمساهمة تبلغ 48 مليون دولار، بينما تملك الحكومة 51 بالمئة بتمويل قدره 50 مليون دولار من البنك الدولي.