
قاع المحيط أم ساحة معركة؟ المعادن النادرة تشعل جبهة جديدة بين الصين وأميركا
في وقتٍ يتشظى فيه النظام العالمي بين حرب تعريفات وانقسامات تكنولوجية، تتجه الأنظار الآن نحو أعماق لم تُكتشف بعد — لا في السياسات فحسب، بل في الجغرافيا أيضاً. الصين تُحذّر، وواشنطن تخطط: قاع المحيطات يدخل قائمة الصراع. والمعركة؟ ليست على النفط، بل على ما هو أثمن من النفط نفسه… "المعادن النادرة".
الخطوة الأميركية: كنز تحت البحر... واستراتيجية فوق العادة
تعمل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على صياغة أمر تنفيذي يسمح بتخزين كميات ضخمة من المعادن النادرة الموجودة في قاع المحيط الهادئ.
الهدف؟ حماية الولايات المتحدة من انقطاع الإمدادات الحيوية إذا تصاعد التوتر مع الصين، التي تهيمن على 90% من الإنتاج العالمي لهذه العناصر النادرة.
هذه المعادن ليست مجرد موارد اقتصادية. إنها العمود الفقري لكل ما يُشكّل الاقتصاد الحديث: من بطاريات السيارات الكهربائية، إلى المقاتلات العسكرية، إلى رقائق الذكاء الصناعي.
التخزين الأميركي ليس مشروعاً تجارياً، بل تحركاً استراتيجياً أشبه ببناء "احتياطي نووي صناعي"، يمكن استخدامه في حالة الطوارئ الجيوسياسية.
الصين ترد: هذا "إرث البشرية"... لا ملعب الهيمنة
رد بكين جاء سريعاً، وحادًا، ومشحوناً بالبعد القانوني. وزارة الخارجية الصينية صرّحت أن قاع المحيطات يُعد "إرثًا مشتركًا للبشرية" بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأن أي استكشاف أو تخزين يجب أن يتم تحت مظلة "السلطة الدولية لقاع البحار".
الرسالة لم تكن فقط دفاعاً عن القانون الدولي، بل أيضاً تحذيراً ضمنياً: أي محاولة للهيمنة على سلاسل التوريد ستقابل برد صيني في الوقت والمكان المناسبين.
ولأن الصين تملك اليد العليا حالياً – فهي المكرّر الأول في العالم لمعادن مثل النيوديميوم والديسبروسيوم – فإن تهديدها بفرض قيود على التصدير لا يبدو نظرياً، بل أداة نفوذ واقعية.
ليست معركة تجارية فقط... بل سباق على خريطة النفوذ الصناعي
ما يجعل هذا النزاع خطيراً ليس فقط كونه صراعاً بين أكبر اقتصادين في العالم، بل لأنه يضرب عمق البنية التحتية للتحوّل التكنولوجي العالمي.
السيارات الكهربائية؟ لا بطاريات دون الليثيوم واللانثانوم.
الطاقة النظيفة؟ لا توربينات رياح دون المغناطيسات الأرضية النادرة.
الذكاء الاصطناعي والدفاع؟ لا رقائق متقدمة دون الغادولينيوم والإربيوم.
بمعنى آخر، من يُسيطر على هذه السلاسل، يُسيطر على مستقبل العالم الصناعي.
هل بدأ سباق "التعدين تحت البحار"؟
المثير أن الولايات المتحدة ليست وحدها في هذا السباق.
شركات كندية ويابانية وكورية جنوبية بدأت منذ سنوات تجارب استكشاف في مناطق من المحيطين الهادئ والهندي.
لكن واشنطن تريد أن تُسرّع الخطى. ليس فقط لسد فجوة الإمداد… بل للحاق بمرحلة إعادة تصميم الاقتصاد العالمي.
الولايات المتحدة تمتلك شركات متقدمة في تقنيات استخراج هذه المعادن، لكن دون قدرات صهر وتكرير كبيرة — وهي النقطة التي تحتكرها بكين.
التحرك الأميركي نحو تخزين المعادن من قاع البحار ليس خطوة منفردة. بل هو جزء من رؤية أوسع لإعادة بناء الأمن القومي الأميركي من تحت الأرض… وتحت البحر.
في المقابل، بكين تُدرك أن هذه المعركة ليست حول معادن فقط، بل حول القدرة على تشكيل حدود القوة في القرن الحادي والعشرين.
وربما السؤال اليوم لم يعُد: من يملك الموارد؟
بل: من يملك الأعماق مستقبلاً… ومن يُجيد استخدامها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
بالفيديو- بعد سؤاله عن الطائرة القطرية... ترامب يطرد مراسلاً من المكتب البيضوي: "أنتَ صحافيّ سيّئ"
لا تزال قضية الطائرة القطرية تتفاعل في الولايات المتحدة وتُثير تساؤلات الرأي العام والصحافيين، خصوصاً بعدما وافق البنتاغون على الهدية القطرية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وخلال استقباله رئيس جنوب أفريقيا في المكتب البيضوي، أبدى ترامب انزعاجه من أحد المراسلين عند سؤاله عن التقارير حول قبول الولايات المتحدة الطائرة القطرية. وقاطع ترامب مراسل شبكة "أن بي سي" قائلاً: "ما الذي تتحدث عنه؟... أتعلم؟ عليكَ الخروج من هنا. ما علاقة هذا بالطائرة القطرية؟". وبعدما أشار ترامب بطرد المراسل من المكتب البيضوي، وصف منح قطر طائرة رئاسية لأميركا بـ"الأمر العظيم". — Annahar Al Arabi (@AnnaharAr) May 22, 2025 ثمّ وجّه ترامب إهانة للمراسل وهاجم براين روبرتس، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "كومكاست كوربوريشن"، التي تملك قناة "أن بي سي"، وقال للمراسل: "أنتَ صحافيّ سيّئ للغاية". وأمس الأربعاء، أعلن البنتاغون موافقة وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسث، على طائرة "بوينغ 747" مقدّمة من قطر سيستخدمها الرئيس، دونالد ترامب، وذلك بمجرد أن تقوم وزارة الدفاع بتحديثها بتدابير "أمنية مناسبة".


النهار
منذ 4 ساعات
- النهار
النواب الأميركي يوافق على مشروع قانون ترامب الضخم لخفض الضرائب
صوّت مجلس النواب الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون الخميس لصالح مشروع قانون الميزانية الضخم للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يأمل الأخير من خلاله الإيفاء ببعض من وعوده الانتخابية، مثل تمديد التخفيضات الضريبية التي أطلقها خلال ولايته الأولى. وبات ينبغي الآن طرح النصّ على مجلس الشيوخ حيث سبق للنواب الجمهوريين أن أعلنوا عن نيّتهم إجراء تعديلات كبيرة عليه. ومن المتوقع أن تتواصل السجالات البرلمانية بشأن مشروع القانون هذا الذي يكتسي أهمية خاصة للرئيس الأميركي. وكان رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون يدفع لاعتماد هذا "القانون الكبير والجميل"، كما أطلق عليه ترامب، في أقرب مهلة. واعتمد مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع القانون صباح الخميس مع 215 صوتاً مؤيداً و214 معارضاً، اثنان منها لجمهوريين. وقبل بدء التصويت، قال رئيس مجلس النواب الذي واجه معارضة شديدة لهذه المبادرة في معسكره إنَّ "القانون الكبير والجميل هو أهمّ تشريع يعتمده حزب في تاريخه". وبالنسبة إلى دونالد ترامب، يقضي الرهان الرئيسي بتمديد التخفيضات الضريبية الكبيرة التي أقرّت في ولايته الرئاسية الأولى والتي تنتهي صلاحيتها في نهاية العام. وبحسب عدد من الخبراء، من شأن هذه التخفيضات أن تزيد عجز الدولة الفدرالية من ألفي مليار إلى أربعة آلاف مليار في العقد المقبل. وينصّ مشروع القانون أيضاً على إلغاء الضرائب المفروضة على الإكراميات، وهو ما تعهّد به ترامب خلال حملته الانتخابية في بلد يعوّل الكثير من العمّال على هذه العطيّات كمصدر دخل أساسي. وبغية تعويض ازدياد العجز بجزء منه، ينوي الجمهوريون الاقتطاع من بعض النفقات العامة، مثل التأمين الصحي "ميدك إيد" (Medicaid) الذي يعتمد عليه أكثر من 70 مليون أميركي من ذوي الدخل المحدود والمساعدات الغذائية المعروفة بـ"سناب" (Snap). وعارض كلّ النواب الديموقراطيين هذا المشروع الذي ينصّ أيضا على خفض أو إلغاء التحفيزات الضريبية التي أقرّت في عهد الرئيس جو بايدن لمصادر الطاقة المتجددة. ونجح الرئيس الأميركي في رهانه حتّى الساعة غير أن النصّ قد يخرج بحلّة مختلفة من مجلس الشيوخ.


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
سلام وعباس: لا سلاح خارج الدولة ولا تسويات على حساب السيادة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، ظهر اليوم، فخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في السراي الحكومي، حيث عقد لقاء ثنائي أعقبه اجتماع موسّع أمني، تناول العلاقات اللبنانية - الفلسطينية وتطورات الأوضاع في المنطقة. وشارك في الاجتماع عن الجانب اللبناني كل من رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني السفير رامز دمشقية، المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير، مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي، والمستشار علي قرانوح. أما عن الجانب الفلسطيني، فحضر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، السفير أشرف دبور، عضو اللجنة التنفيذية د. أحمد مجدلاني، مستشار الرئيس عباس للشؤون الدبلوماسية د. مجدي خالد، سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة د. رياض منصور، أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي أبو العردات، إلى جانب المستشارين ياسر عباس ووائل لافي. تناول الاجتماع الجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في لبنان، مع التشديد على احترام السيادة اللبنانية على كامل أراضيها، بما فيها المخيمات الفلسطينية. وأكد الجانبان أن الفلسطينيين في لبنان هم "ضيوف ملتزمون بالقانون اللبناني"، مع الرفض المطلق للتوطين، والتمسك بحق العودة. وشدّد الرئيسان سلام وعباس على ضرورة إنهاء كل المظاهر المسلحة خارج إطار الدولة اللبنانية، بما في ذلك السلاح داخل المخيمات وخارجها، والاتفاق على تشكيل لجنة تنفيذية مشتركة لمتابعة تطبيق هذه التفاهمات. كما تم الاتفاق على العمل المشترك لمعالجة الأوضاع الحقوقية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، بما يضمن تحسين ظروفهم الإنسانية دون المساس بسيادة الدولة اللبنانية. وفي الشأن الإقليمي، جدّد الرئيسان الدعوة إلى وقف العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة ورفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مع التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإعادة إعمار غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، بما يمكّن السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع. وأكد الجانبان التمسك بحلّ الدولتين كحل عادل وشامل للصراع، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تقدّمت بها المملكة العربية السعودية في قمة بيروت عام 2002. وفي ختام اللقاء، أقام الرئيس نواف سلام مأدبة غداء على شرف الرئيس محمود عباس والوفد المرافق، بعد أن كان في استقباله رسميًا في الباحة الخارجية للسراي عند الساعة الثانية عشرة والربع ظهرًا، حيث أُقيمت له مراسم تشريفات رسمية من قبل ثلة من سرية رئاسة الحكومة.