
مخطط مركبات جدعون.. أجندة خسائر ومكاسب إسرائيلية
يُشكّل مخطط مركبات جدعون الإسرائيلي محاولة مفضوحة لإعادة تشكيل واقع قطاع غزة عسكريًا، وسياسيًا، وديموجرافيًا، كما ورد في تقرير معهد دراسات الأمن القومي INSS.
يهدف المخطط الإسرائيلي إلى تفكيك المقاومة الفلسطينية، احتلال القطاع بالكامل، وإعادة توزيع سكانه، مع تشجيع الهجرة الطوعية إلى الخارج.
لكن المخطط، رغم وضوح أهدافه العسكرية، يحمل مخاطر جسيمة على الصعد الإنسانية والقانونية والاقتصادية والدبلوماسية، ما قد يعيد صياغة مكانة إسرائيل إقليميًا ودوليًا.
أهداف وتحديات
تسعى إسرائيل عبر مخطط مركبات جدعون إلى القضاء على حركة حماس كسلطة حاكمة، من خلال عزلها عسكريًا وإداريًا، مع إخلاء شامل لسكان القطاع إلى منطقة رفح المحدودة.
هذا الإجراء يهدف إلى تسهيل العمليات العسكرية وإضعاف قدرة حماس على التمويه بين المدنيين، لكن التنفيذ يواجه عقبات لوجستية وأخلاقية.
يتطلب تنفيذ مخطط مركبات جدعون نقل مليوني شخص إلى منطقة ضيقة، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويثير انتقادات دولية.
إنشاء منطقة معقمة لتوزيع المساعدات تحت إشراف شركات أجنبية قد يُنظر إليه كمحاولة لتجريد حماس من نفوذها الشعبي، لكنه يزيد من تعقيد إدارة القطاع في ظل احتلال مفتوح.
يُربط مخطط مركبات جدعون بالزيارة التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول خليجية، حيث يُستخدم كأداة ضغط على حماس لقبول اتفاق جزئي لإطلاق الأسرى.
رغم المفاوضات، يُتوقع تنفيذ المخطط عسكريًا، ما ينذر بتصعيد غير مسبوق، مع دعم أمريكي قوي، لكن تراجع الدعم التقليدي قد يُضعف قدرة إسرائيل على تحمّل الضغوط الدبلوماسية الناتجة.
نتائج أمنية
من المتوقع أن يؤدي مخطط مركبات جدعون إلى إسقاط حماس كسلطة حاكمة، لكن بقاء خلايا مسلحة سيُطيل أمد الصراع، مع حاجة إلى أشهر من القتال وسنوات من العمليات الأمنية.
فتح جبهات إضافية مع حزب الله أو في الضفة الغربية قد يُرهق الجيش الإسرائيلي، خصوصًا وحدات الاحتياط.
هذه التحديات المصاحبة لمخطط مركبات جدعون تتفاقم في ظل إمكانية فقدان معلومات عن الأسرى، ما يُعقّد تحقيق أحد الأهداف الثانوية للخطة.
يشكّل المخطط خطرًا كبيرًا على حياة الأسرى، إذ قد يؤدي التصعيد إلى فقدان أي معلومات عنهم. أمّا تهجير السكان إلى رفح، فقد يُصنّف كـ تطهير عرقي أو جريمة إبادة جماعية بموجب القانون الدولي.
ويُعرّض إسرائيل لدعاوى في المحكمة الجنائية الدولية، كما أن تحمّل إسرائيل مسئولية الاحتلال الكامل سيفرض عليها تقديم خدمات مدنية للسكان، وهو عبء اقتصادي وسياسي ثقيل.
تكاليف اقتصادية
تُقدّر التكاليف العسكرية بـ25 مليار شيكل سنويًا، مع 10 مليارات إضافية للخدمات الأساسية.
هذه الأعباء ستؤدي إلى تراجع الناتج المحلي بنسبة 0.5% سنويًا، مع انهيار الاقتصاد المحلي في غزة، وانخفاض محتمل في الدعم الإنساني الدولي.
غياب مصادر دخل من القطاع سيُفاقم التحديات الاقتصادية، ما قد يُثير استياءً داخليًا في إسرائيل، كما يهدّد المخطط العلاقات مع مصر والأردن، خصوصًا إذا تم الدفع نحو تهجير الفلسطينيين.
سيكون له أثر كبير على توسيع اتفاقات التطبيع الإسرائيلية-العربية، أي تقويض اتفاقيات أبراهام، وبالتالي، عزلة إسرائيل، مع تصاعد الانتقادات الدولية، قد يُفضي إلى عقوبات غير مسبوقة، ما يُضعف صورتها كدولة ملتزمة بالقانون الدولي.
انعكاسات داخلية
من المتوقع أن تُثير الخطة انقسامات داخلية حادّة، مع إرهاق جنود الاحتياط الإسرائيليين وزيادة الاحتجاجات الشعبية.
مشاهد المواجهات مع السكان قد تُضعف الدعم الشعبي، بينما إعادة طرح الاستيطان في غزة من قبل اليمين المتطرف ستُعمّق الشرخ الاجتماعي والسياسي.
مخطط مركبات جدعون يُمثّل رهانًا محفوفًا بالمخاطر، فرغم إمكانية تحقيق أهداف عسكرية قصيرة المدى، فإن التكاليف الإنسانية والاقتصادية والدبلوماسية قد تُغيّر قواعد اللعبة بشكل جذري.
نجاح الخطة يعتمد على دعم أمريكي قوي واستعداد إسرائيل لتحمّل تبعات قانونية ودولية غير مسبوقة. في المقابل، قد تُفضي إلى تعميق العزلة الإسرائيلية وإعادة تشكيل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بطرق غير متوقعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد العربي
منذ 42 دقائق
- المشهد العربي
استقالة مديرة CBS News بعد نزاعها مع ترامب
استقالت الرئيسة التنفيذية لشبكة "CBS News" الأمريكية، ويندي ماكماهون، أمس الإثنين، بعد نزاعها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأوردت صحيفة "واشنطن بوست"، تقريرًا ذكرت فيه أن ماكماهون وصفت الأشهر الماضية بأنها كانت "صعبة". وأكدت أنه بات من الواضح وجود تباين في الرؤى بينها وبين الشركة بشأن التوجه المستقبلي للمؤسسة الإعلامية.


مصراوي
منذ 2 ساعات
- مصراوي
هل تنسحب واشنطن من جهود تسوية نزاع أوكرانيا وروسيا؟
وكالات أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن واشنطن قد تنسحب من الجهود لتسوية النزاع في أوكرانيا وتترك الأمر للأوروبيين في حال عدم تحقيق أي تقدم في هذا المجال. قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، ردا على سؤال حول "خطوط واشنطن الحمراء" في ما يتعلق بالتسوية الأوكرانية: "لدي خط محدد، لكنني لا أريد أن أتحدث عما تتمثل فيه خطتي، لأن ذلك قد يجعل المفاوضات أكثر تعقيدا برأيي". وتوقع ترامب حدوث "شيء كبير" في عملية التسوية، وفقا لروسيا اليوم. وتابع: "وإن لم يحدث ذلك، فإنني سأنسحب وهم الأوروبيون سيضطرون للاستمرار، وهكذا كان الوضع في أوروبا ويجب أن يبقى هناك". واعتبر أن الولايات المتحدة أصبح مشاركة في العملية بسبب سياسات الرئيس السابق جو بايدن. ويأتي ذلك بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب، الذي بحثا خلاله التسوية في أوكرانيا إلى جانب قضايا أخرى. وكانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت مرارا في وقت سابق أن واشنطن قد تدير ظهرها لعملية التسوية في حال عدم إحراز أي تقدم.


أخبار اليوم المصرية
منذ 2 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
إعلام: الزعماء الأوروبيون مصدومون من نتائج محادثات بوتين وترامب
أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" بأن القادة الأوروبيين اندهشوا عندما شاركهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاصيل محادثته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وجاء في المقال: "كما أبلغ ترامب أنه بعد المكالمة مباشرة مع بوتين، قام بإطلاع فلاديمير زيلينسكي وقادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا والمفوضية الأوروبية على جوهر المحادثة". وأفاد مصدر مطلع على سير المحادثة أن القادة اندهشوا مما أخبرهم به ترامب. وأضافت الصحيفة أن رئيس البيت الأبيض قرر التخلي عن دور الوساطة بين أوكرانيا وروسيا، وأن على البلدين الآن إجراء مفاوضات مباشرة فقط. كما أشارت الصحيفة إلى أن القادة الأوروبيين استغربوا عدم رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فرض عقوبات جديدة على روسيا. وأشار المصدر إلى أنه كان من الواضح من كلمات الرئيس الأمريكي أنه غير مستعد لممارسة مزيد من الضغط على روسيا. وكان بوتين وترامب قد أجريا محادثة هاتفية يوم الاثنين الماضي استمرت لأكثر من ساعتين. ومن بين ما ذكره الرئيس الروسي خلالها استعداد موسكو للعمل على مذكرة تفاهم مع كييف تتضمن وقفا لإطلاق النار.