logo
مع انتهاء مهلة المغادرة الطوعية ماذا ينتظر المهاجرين غیر النظامیین بإيران

مع انتهاء مهلة المغادرة الطوعية ماذا ينتظر المهاجرين غیر النظامیین بإيران

الجزيرةمنذ 10 ساعات
طهران – مع انقضاء المهلة النهائية التي حددتها السلطات الإيرانية لمغادرة المهاجرين غير النظاميين، وتحديدا في السادس من يوليو/تموز 2025، تكدست طوابير من اللاجئين الأفغان عند معبر "دوغارون" الحدودي مع أفغانستان -المعروف في الجانب الآخر باسم "إسلام قلعة"- في مشهد أعاد إلى الأذهان لحظات النزوح الكبرى التي أعقبت عودة حركة طالبان إلى السلطة عام 2021.
ويأتي هذا المشهد في سياق تصاعدت فيه الإجراءات الإيرانية تجاه المهاجرين الأفغان، على وقع التوتر الأمني الداخلي الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي على إيران في يونيو/حزيران الماضي، حيث برز ملف الهجرة، وعلى رأسه ملف اللاجئين الأفغان، بوصفه أحد أبرز هواجس الأمن القومي الإيراني.
ومنذ عقود، ظلت إيران وجهة لموجات لجوء متتابعة من دول الجوار، خصوصا من أفغانستان، مما جعل قضية وجود الأجانب، وتحديدا المهاجرين الأفغان، موضع نقاش دائم في الأوساط السياسية والمجتمعية. لكن العدوان الإسرائيلي فرض واقعا جديدا دفع السلطات في إيران إلى تسريع عمليات ترحيل غير المسجلين وفرض رقابة مشددة على وجود الأجانب داخل أراضيها، لاسيما المناطق الحساسة أمنيا.
وقد كثفت وسائل الإعلام الإيرانية منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي من تقاريرها التي تربط بين اللاجئين الأفغان ومزاعم التجسس لصالح الاستخبارات الإسرائيلية، في خطوة أثارت قلقا واسعا بين اللاجئين، ودعمت في الوقت ذاته الأصوات الرسمية المطالبة بتنظيم أوضاع المهاجرين وترحيل المخالفين منهم.
خطة مؤجلة
محسن روحي صفت الدبلوماسي السابق وعضو البعثة للإيرانية بأفغانستان سابقا أوضح -في حديث للجزيرة نت- أن خطة تنظيم أوضاع المهاجرين بدأت في الأصل قبل العدوان الإسرائيلي، وتحديدا مارس/آذار الماضي، حين حددت الحكومة يوم 6 يوليو/تموز موعدا نهائيا للمغادرة الطوعية، لكن العدوان "سرع من وتيرة التنفيذ" في ظل ما وصفه بـ"الأولويات الأمنية".
وأشار الدبلوماسي الإيراني إلى أن السلطات تتفهم التحديات التي تواجه اللاجئين، وقد تمنح بعضهم مهلة إضافية للمغادرة حتى نهاية الصيف، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن التوجه الرسمي لن يتراجع، خاصة بعد الكشف عن اعتقال بعض اللاجئين بتهم التعاون مع جهات معادية.
وبينما أعلنت الداخلية الإيرانية أن عدد اللاجئين الأفغان في البلاد يتجاوز 6 ملايين، منهم 4 ملايين غير نظاميين، ذهب الصحفي المتخصص بالشأن الأفغاني هادي كسائي زاده إلى أبعد من ذلك، قائلا إن عدد الذين تلقوا لقاحات كورونا من اللاجئين بلغ 8.5 ملايين شخص، مما يعكس برأيه أن الأرقام الرسمية "أقل من الواقع بكثير".
مهلة المغادرة
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر كسائي زاده أن مهلة المغادرة "لن تطبق فعليا" عازيا ذلك إلى استفادة إيران من وجود الجالية الأفغانية، إضافة إلى نشاط "مافيات التهريب" التي تدير شبكات واسعة على الحدود الشرقية. وأشار إلى أن معدل دخول اللاجئين إلى إيران لايزال أعلى من معدل مغادرتهم، مما يشير إلى هشاشة الرقابة الحدودية.
ولفت إلى أن أكثر من نصف اللاجئين يقيمون في محافظة طهران، والبقية يتوزعون على مدن مشهد وشيراز وأصفهان، فضلا عن بعض المناطق الشرقية والجنوبية، كما أشار إلى أن إيران توفر خدمات صحية وتعليمية واسعة للاجئين، إذ يدرس 700 ألف تلميذ أفغاني و45 ألف طالب جامعي وآلاف آخرون في الحوزات الدينية مجانا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح الصحفي الإيراني أن طهران تخصص أكثر من 10 مليارات دولار سنويا لخدمة اللاجئين، وتقدم لهم السلع المدعومة والخدمات الأساسية كما تقدمها للمواطنين، مع اختلاف أساسي يتمثل في أن المهاجرين لا يدفعون ضرائب، مشيرا إلى أن نحو 8 آلاف شركة مسجلة باسم أفغان لكن 99% منها بلا نشاط حقيقي موثق.
شيطنة الجالية الأفغانية
أما الباحث في الشأن الأفغاني حسام رضوي، فرأى في موجة الترحيل الجارية "صدى لحرب نفسية" مرتبطة بتداعيات العدوان الإسرائيلي، ومحاولة لصرف الأنظار عن تداعياته الداخلية، وأكد رضوي أن من بين المعتقلين في قضايا تجسس مؤخرا إيرانيين وأوروبيين، وليس أفغانا فقط، محذرا من التعميم وشيطنة الجالية الأفغانية بأكملها.
وقال رضوي، في حديثه للجزيرة نت، إن هناك جهودا تبذل لتسهيل عودة اللاجئين غير المسجلين "بصورة كريمة" مشيرا إلى أن كثيرا من الأفغان جرى ترحيلهم مرات عدة لكنهم عادوا مجددا، نظرا لشعورهم بالأمان في إيران مقارنة ببلدهم الأم.
ودعا إلى تحديث قوانين الهجرة والإقامة، وإقرار مشروع قانون "المنظمة الوطنية للهجرة" بهدف تنظيم الوضع القانوني للمقيمين الأجانب وتسهيل إدماجهم أو ترحيلهم بطرق إنسانية ومنظمة.
ورغم مبررات طهران الأمنية، تبقى العديد من الأسئلة معلقة بشأن ما إذا كانت الحملة ستتواصل بنفس الوتيرة، وهل ستؤثر على العلاقات مع الحكومة الأفغانية، خاصة في ظل تنامي الانتقادات من جانب الأخيرة التي وصفت الإجراءات الإيرانية بأنها "قاسية" ودعت إلى مراعاة الروابط الإسلامية وحسن الجوار.
ومع استمرار تدفق اللاجئين إلى معبر إسلام قلعة، تزداد المخاوف من انهيار البنية التحتية في ولايات أفغانية فقيرة مثل هرات ونيمروز، في وقت تحذر فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تفاقم الأزمة الإنسانية، وتطالب بتقديم مساعدات دولية عاجلة لضمان استقرار العائدين ومنع نشوء موجات نزوح جديدة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بزشكيان يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله ويشترط للتفاوض مع واشنطن
بزشكيان يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله ويشترط للتفاوض مع واشنطن

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

بزشكيان يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله ويشترط للتفاوض مع واشنطن

اتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الاثنين إسرائيل بمحاولة اغتياله، مؤكدا أن بلاده لم تكن هي من بدأت الحرب، مجددا استعداد إيران لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي شريطة استعادة الثقة بين الطرفين. وكشف بزشكيان -في مقابلة مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون- عن محاولة اغتياله، قائلا إن إسرائيل خططت لها بقصد استهدافه خلال اجتماع رسمي، دون أن يشير في حديثه إلى توقيت العملية. وأوضح أنه علم من المخابرات أن إسرائيل حاولت قصف المنطقة التي كان يعقد فيها اجتماعا، قائلا "لا أخشى التضحية بنفسي دفاعا عن وطني وحماية سيادته واستقلاله، ولا أحد من المسؤولين الحكوميين يخشى الموت في سبيل الدفاع عن الوطن". وأكد بزشكيان في تصريحاته استعداد إيران لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي، مشددا على أن استعادة الثقة بين الطرفين تمثل شرطا أساسيا لأي عودة إلى طاولة الحوار. وتساءل الرئيس الإيراني: كيف لنا أن نثق بالولايات المتحدة وأن نتأكد من أنها لن تسمح لإسرائيل بمهاجمتنا من جديد خلال المفاوضات؟ كما قال بزشكيان "أدركنا أن إسرائيل تحصل على معلومات من عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، إذ كان لدى الوكالة كامل الصلاحية للإشراف على المنشآت ومراقبتها"، مؤكدا أن انعدام الثقة جاء نتيجة التقرير الأخير للوكالة "الذي مهّد الطريق أمام هجوم إسرائيل غير القانوني على منشآتنا النووية". وجدد الرئيس الإيراني تأكيده أن بلاده لم تبدأ الحرب، ولا تريد لها أن تستمر بأي شكل من الأشكال، لافتا إلى أن شعار إدارته منذ البداية "هو تعزيز الوحدة الوطنية داخل البلاد والسلام والهدوء والصداقة مع الدول المجاورة ومع بقية العالم". ودعا بزشكيان الإدارة الأميركية إلى "عدم التورط في حرب ليست حربها، بل حرب رئيس الوزرء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي له أجندة خاصة لتدمير المنطقة وخوض حروب لا نهاية لها"، مشيرا إلى أن الرئيس دونالد ترامب"قادر على قيادة المنطقة والعالم نحو السلام والهدوء أو إلى حروب أبدية". وقال الرئيس الإيراني إنه في أذهان كل رؤساء أميركا منذ عام 1983 أن إيران ترغب في امتلاك القنبلة النووية، مشيرا إلى أن "الحقيقة هي أننا لم نسع قط إلى تطوير قنبلة نووية لا في الماضي ولا الحاضر ولا في المستقبل، وتطوير مثل تلك يتناقض مع الفتوى الشرعية التي أصدرها المرشد الأعلى لإيران". وكان بزشكيان أكد أواخر الشهر الماضي أن بلاده لن تخرق وقف إطلاق النار ما لم تخرقه إسرائيل، وأنها مستعدة للحوار والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني على طاولة المفاوضات. وكانت إسرائيل شنت حربا على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري، واستهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية واغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين، في حين ردت إيران بسلسلة هجمات صاروخية خلفت قتلى ودمارا غير مسبوق في مدن إسرائيلية عدة.

المسلمون وأسباب حرمانهم من السلاح النووي
المسلمون وأسباب حرمانهم من السلاح النووي

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

المسلمون وأسباب حرمانهم من السلاح النووي

أعاد الإجماع الغربي، على تصفية المشروع النووي الإيراني، السؤال مجددًا بشأن ما إذا كان لمنطقة الشرق الأوسط الحق في امتلاك سلاح نووي. الخطاب الشعبوي العربي، منذ عقود مضت وإلى الآن، يعتقد بأن الفيتو، الذي عادة ما يرفع، في وجه أحلام، أي دولة عربية (أو مسلمة) في دخول نادي الكبار النووي، يمثل امتدادا لحقبة الحروب الصليبية القديمة (1096 ـ 1291). استقى هذا الخطاب ـ المؤسس على "تديين الفيتو" ـ شرعيته الجماهيرية، من "شواهد" عززت فيه هذه النزعة، نحو "التفسير الديني" للإجابة عن هذا السؤال الكبير: لماذا المسلمون وحدهم، الذين تُقمع أشواقهم في هذا الإطار؟! لا سيما أن "مبدأ المعاملة بالمثل" المتأصل في القانون الدولي والعلاقات بين الدول لا يُصادر حقهم قانونيًا وأخلاقيًا في امتلاك أسلحة دمار شامل؛ بما فيها السلاح النووي؟ والحال أن الغرب ذاته، عزز من "صدقية"، هذا الخطاب الشعبوي، بما يكفي، سواء بالتطبيق غير المتكافئ، للقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل، أو لمعرفته بأن الشريعة الإسلامية، لا تتمتع بنفوذ كبير في مجال التطبيق في الدول الشرق أوسطية ، وأن الصناعات النووية الوظيفية، لا تزال على بعد سنوات عديدة من تحقيقها في أغلب البلدان العربية. ومع ذلك فإنه ـ أي الغرب ـ ما انفك يثير الشكوك والمخاوف، بادعائه أن إضفاء الشرعية، على أسلحة الدمار الشامل، بين المثقفين الدينيين ذوي التوجهات الحكومية، يظهر مستوى جديدًا من القلق الغربي، إزاء ما يشير إلى سعي المنطقة، إلى الحصول على الطاقة النووية، تحت غطاء من المؤسسة الدينية الرسمية. ليس بوسع "الشعبويين"، أن يلجوا إلى مساحات أخرى، تتخطى الديني إلى ما هو سياسي، يتعلق ببنية الدولة، والنظم السياسية المتعاقبة على الحكم بها. وما إذا كان الفيتو الغربي، يستند إلى مخاوف، من أن تمتلك نظم غير ديمقراطية السلاح النووي، ورهن قرار استخدامه في يد شخص واحد "الزعيم" الذي لا يخضع لأي مساءلة برلمانية أو قضائية؟! بيد أن التفسير السياسي، يفتقر إلى أسس الإقناع، إذ تمتلك نظم غير ديمقراطية، مثل الصين وكوريا الشمالية وروسيا السلاح النووي، فيما تظل تجربتا الهند وباكستان، محل تساؤلات مشروعة، بشأن تفلتهما من الرقابة الدولية، الصارمة والقلقة من انتشار الأسلحة النووية، وانضمامهما إلى نادي الكبار النوويين. وإن كان ثمة تفسير يرى أن نجاح إسلام آباد "المسلمة"، في امتلاك أسلحة نووية، حدث خلال فترة وجيزة، من عدم الاستقرار الجيوسياسي، عقب سقوط جدار برلين. ولعل بُعد باكستان الجغرافي، ومحدودية مدى القوة الجوية الغربية، هما السببان الوحيدان في تجنّبها التدخل العسكري. وتبقى إسرائيل وحدها، أسهل نموذج يمكن استدعاؤُه، للتدليل على "الانحياز الديني"، أو " الفرز الديني" للدول التي تتلقى "المساعدات النووية"، من الغرب الذي يملك وحده فتح "طاقة القدر" لأية دولة في العالم، ترغب في امتلاك السلاح النووي، أو منعها ولو باستخدام القوة والتدخل العسكري (العراق وإيران نموذجان). ليس بوسع أي مراقب، إنكار أن إسرائيل، أيًا كان نظام الحكم بها، هي دولة "أقلية دينية/اليهود"، يتمتع فيها اليمين المتطرف، بنفوذ كبير، وربما يخضع قرار الحرب والسلام فيها، لإرضاء هذا التيار المتوحش والعدواني، وأثناء العدوان على غزة، طُرح خيار "القنبلة النووية" للخروج بنصر، استعصى عليهم تحقيقه، بعد دخول الحرب عامها الثاني، دون أن تحقق تل أبيب هدفًا واحدًا من أهدافها المعلنة. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قال وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، إن أحد الخيارات هو إلقاء قنبلة نووية على غزة، للرد على هجوم حماس، على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. ومع ذلك شاركت الدول الغربية بحماس لم يفتر، في بناء ترسانتها النووية وعلى سبيل المثال: بنت فرنسا مفاعل ديمونة النووي، ووفرت المملكة المتحدة والنرويج الماء الثقيل للمفاعل، ووفرت الولايات المتحدة – بشكل مباشر وغير مباشر – اليورانيوم المخصب، والصمامات النووية، وتقنيات التوجيه (تكنولوجيا نظام توجيه صاروخ بيرشينج-2) لصاروخ أريحا-3، وقاذفات مقاتلة طويلة المدى متطورة، لإطلاق القنابل النووية (طائرات إف-15 وإف-16). كما زودت واشنطن إسرائيل، بأجهزة كمبيوتر فائقة السرعة، تُستخدم لمحاكاة التجارب النووية والتحقق من حيوية الترسانة، وزودت ألمانيا إسرائيل، بغواصات متطورة (دولفين)، قادرة على إطلاق صواريخ كروز ذات رؤوس نووية، وزودت بلجيكا الدولة اليهودية، بخامات اليورانيوم، من مستعمرتها السابقة زائير. وفي عام 1979، قامت أجهزة المخابرات الفرنسية، بمساعدة الموساد، بتخريب قلب المفاعل النووي الذي باعته فرنسا للعراق قبل شحنه، وأطاح حلف شمال الأطلسي بالقذافي، كما خضعت ليبيا لعقوبات اقتصادية من الغرب. لا يعجز منظرو السياسات الغربية، عن "الشوشرة" على أي تفسيرات منطقية، تبرئ ساحتهم، من الاحتكام إلى "الفرز الديني" كلما تطرق الأمر إلى الفيتو الغربي على الشرق المسلم، على وجه الخصوص، كلما شاء أن يمتلك السلاح النووي، إذ يعتقد المبررون له "أن الشرق الأوسط النووي ليس شرقًا أوسط آمنًا". ويجادل "دانيال سيروير" الأستاذ بمعهد السياسة الخارجية بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، بأن أي خطوة حاسمة من جانب إيران ـ مثلًا ـ نحو الأسلحة النووية، قد تفتح الباب على مصراعيه. لافتًا إلى أنه إذا حدث ـ والحال كذلك ـ فإنه، في غضون أشهر، قد نشهد أربع قوى نووية جديدة في المنطقة، بالإضافة إلى القدرات النووية الحالية في إسرائيل. وحذر من أن دقائق فقط من زمن إطلاق الصواريخ، تفصل عواصم القوى النووية المحتملة في الشرق الأوسط، حيث ينتشر العداء المتبادل، وعدم الفهم في جميع أنحاء المنطقة. لا أحد هنا في الشرق، يصدق ما يقال هناك في الغرب، خاصة أن الخلط بين الديني والسياسي، مع ترجيح الأول على الثاني، له ما يبرره، إذ إن ما يتردد من شعارات، ما بعد الحرب العالمية الثانية- ومن بينها أن هوية أوروبا "مسيحية ـ يهودية"- ما زال حاضرًا، في الخطاب السياسي الرسمي الغربي، كلما تنامى في العواصم الغربية، جدل المخاوف من التمدد الإسلامي الرمزي. على سبيل المثال، كتب حزب الشعوب الأوروبي – أكبر كتلة سياسية في أوروبا – في بيان له، أن القارة الأوروبية، تشترك في "ثقافة وتراث يهودي- مسيحي مشترك"، وأن "علينا حماية أسلوب حياتنا الأوروبي بالحفاظ على قيمنا المسيحية". وفي مقال رأي، أكد رئيس الوزراء الفلمنكي جان جامبون، على هذا "التراث اليهودي المسيحي"، واضعًا إياه جنبًا إلى جنب، مع الديمقراطية اليونانية، وسيادة القانون الرومانية باعتبارها المبادئ الأساسية الثلاثة للهوية الأوروبية. وأثناء الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران، ترددت في بعض المواقع الإسلامية آراء تستند إلى ما استقر في الضمير الشعبوي العربي والمسلم، بشأن الفيتو الغربي، على أي أحلام عربية، بامتلاك مظلة نووية، مشيرة إلى أن إسرائيل ليست امتدادًا لهذه الهوية الغربية المزعومة وحسب، وإنما تخدم أيضًا طموحات الحركات الدينية في الغرب، التي تخشى إحياء الحضارة الإسلامية، ووصولًا إلى الحركات المسيحية الصهيونية، التي تؤمن بأن الهيمنة اليهودية على الشرق الأوسط، ضرورية للمجيء الثاني للمسيح. هذه الجماعات، ذات التأثير العميق على صنع القرار الأميركي، ترى في كل دولة عربية أو إسلامية – بغض النظر عن هوية قادتها تهديدًا يجب احتواؤه. وفي نهاية المطاف، فإن التطورات المُحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، أكدت حقيقةً أكبر، وهي أن الصراع على الطاقة النووية، جزءٌ من صراع حضاري أوسع. وأن الغرب قد عزم، على حرمان العالم الإسلامي، من الوصول إلى الطاقة النووية، حتى لو استلزم ذلك اللجوء إلى الحرب.

مع انتهاء مهلة المغادرة الطوعية ماذا ينتظر المهاجرين غیر النظامیین بإيران
مع انتهاء مهلة المغادرة الطوعية ماذا ينتظر المهاجرين غیر النظامیین بإيران

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

مع انتهاء مهلة المغادرة الطوعية ماذا ينتظر المهاجرين غیر النظامیین بإيران

طهران – مع انقضاء المهلة النهائية التي حددتها السلطات الإيرانية لمغادرة المهاجرين غير النظاميين، وتحديدا في السادس من يوليو/تموز 2025، تكدست طوابير من اللاجئين الأفغان عند معبر "دوغارون" الحدودي مع أفغانستان -المعروف في الجانب الآخر باسم "إسلام قلعة"- في مشهد أعاد إلى الأذهان لحظات النزوح الكبرى التي أعقبت عودة حركة طالبان إلى السلطة عام 2021. ويأتي هذا المشهد في سياق تصاعدت فيه الإجراءات الإيرانية تجاه المهاجرين الأفغان، على وقع التوتر الأمني الداخلي الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي على إيران في يونيو/حزيران الماضي، حيث برز ملف الهجرة، وعلى رأسه ملف اللاجئين الأفغان، بوصفه أحد أبرز هواجس الأمن القومي الإيراني. ومنذ عقود، ظلت إيران وجهة لموجات لجوء متتابعة من دول الجوار، خصوصا من أفغانستان، مما جعل قضية وجود الأجانب، وتحديدا المهاجرين الأفغان، موضع نقاش دائم في الأوساط السياسية والمجتمعية. لكن العدوان الإسرائيلي فرض واقعا جديدا دفع السلطات في إيران إلى تسريع عمليات ترحيل غير المسجلين وفرض رقابة مشددة على وجود الأجانب داخل أراضيها، لاسيما المناطق الحساسة أمنيا. وقد كثفت وسائل الإعلام الإيرانية منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي من تقاريرها التي تربط بين اللاجئين الأفغان ومزاعم التجسس لصالح الاستخبارات الإسرائيلية، في خطوة أثارت قلقا واسعا بين اللاجئين، ودعمت في الوقت ذاته الأصوات الرسمية المطالبة بتنظيم أوضاع المهاجرين وترحيل المخالفين منهم. خطة مؤجلة محسن روحي صفت الدبلوماسي السابق وعضو البعثة للإيرانية بأفغانستان سابقا أوضح -في حديث للجزيرة نت- أن خطة تنظيم أوضاع المهاجرين بدأت في الأصل قبل العدوان الإسرائيلي، وتحديدا مارس/آذار الماضي، حين حددت الحكومة يوم 6 يوليو/تموز موعدا نهائيا للمغادرة الطوعية، لكن العدوان "سرع من وتيرة التنفيذ" في ظل ما وصفه بـ"الأولويات الأمنية". وأشار الدبلوماسي الإيراني إلى أن السلطات تتفهم التحديات التي تواجه اللاجئين، وقد تمنح بعضهم مهلة إضافية للمغادرة حتى نهاية الصيف، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن التوجه الرسمي لن يتراجع، خاصة بعد الكشف عن اعتقال بعض اللاجئين بتهم التعاون مع جهات معادية. وبينما أعلنت الداخلية الإيرانية أن عدد اللاجئين الأفغان في البلاد يتجاوز 6 ملايين، منهم 4 ملايين غير نظاميين، ذهب الصحفي المتخصص بالشأن الأفغاني هادي كسائي زاده إلى أبعد من ذلك، قائلا إن عدد الذين تلقوا لقاحات كورونا من اللاجئين بلغ 8.5 ملايين شخص، مما يعكس برأيه أن الأرقام الرسمية "أقل من الواقع بكثير". مهلة المغادرة وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر كسائي زاده أن مهلة المغادرة "لن تطبق فعليا" عازيا ذلك إلى استفادة إيران من وجود الجالية الأفغانية، إضافة إلى نشاط "مافيات التهريب" التي تدير شبكات واسعة على الحدود الشرقية. وأشار إلى أن معدل دخول اللاجئين إلى إيران لايزال أعلى من معدل مغادرتهم، مما يشير إلى هشاشة الرقابة الحدودية. ولفت إلى أن أكثر من نصف اللاجئين يقيمون في محافظة طهران، والبقية يتوزعون على مدن مشهد وشيراز وأصفهان، فضلا عن بعض المناطق الشرقية والجنوبية، كما أشار إلى أن إيران توفر خدمات صحية وتعليمية واسعة للاجئين، إذ يدرس 700 ألف تلميذ أفغاني و45 ألف طالب جامعي وآلاف آخرون في الحوزات الدينية مجانا. وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح الصحفي الإيراني أن طهران تخصص أكثر من 10 مليارات دولار سنويا لخدمة اللاجئين، وتقدم لهم السلع المدعومة والخدمات الأساسية كما تقدمها للمواطنين، مع اختلاف أساسي يتمثل في أن المهاجرين لا يدفعون ضرائب، مشيرا إلى أن نحو 8 آلاف شركة مسجلة باسم أفغان لكن 99% منها بلا نشاط حقيقي موثق. شيطنة الجالية الأفغانية أما الباحث في الشأن الأفغاني حسام رضوي، فرأى في موجة الترحيل الجارية "صدى لحرب نفسية" مرتبطة بتداعيات العدوان الإسرائيلي، ومحاولة لصرف الأنظار عن تداعياته الداخلية، وأكد رضوي أن من بين المعتقلين في قضايا تجسس مؤخرا إيرانيين وأوروبيين، وليس أفغانا فقط، محذرا من التعميم وشيطنة الجالية الأفغانية بأكملها. وقال رضوي، في حديثه للجزيرة نت، إن هناك جهودا تبذل لتسهيل عودة اللاجئين غير المسجلين "بصورة كريمة" مشيرا إلى أن كثيرا من الأفغان جرى ترحيلهم مرات عدة لكنهم عادوا مجددا، نظرا لشعورهم بالأمان في إيران مقارنة ببلدهم الأم. ودعا إلى تحديث قوانين الهجرة والإقامة، وإقرار مشروع قانون "المنظمة الوطنية للهجرة" بهدف تنظيم الوضع القانوني للمقيمين الأجانب وتسهيل إدماجهم أو ترحيلهم بطرق إنسانية ومنظمة. ورغم مبررات طهران الأمنية، تبقى العديد من الأسئلة معلقة بشأن ما إذا كانت الحملة ستتواصل بنفس الوتيرة، وهل ستؤثر على العلاقات مع الحكومة الأفغانية، خاصة في ظل تنامي الانتقادات من جانب الأخيرة التي وصفت الإجراءات الإيرانية بأنها "قاسية" ودعت إلى مراعاة الروابط الإسلامية وحسن الجوار. ومع استمرار تدفق اللاجئين إلى معبر إسلام قلعة، تزداد المخاوف من انهيار البنية التحتية في ولايات أفغانية فقيرة مثل هرات ونيمروز، في وقت تحذر فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تفاقم الأزمة الإنسانية، وتطالب بتقديم مساعدات دولية عاجلة لضمان استقرار العائدين ومنع نشوء موجات نزوح جديدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store