logo
طلاب سورية في مصر... قيود تهدّد المئات بفقدان مسارهم التعليمي

طلاب سورية في مصر... قيود تهدّد المئات بفقدان مسارهم التعليمي

العربي الجديدمنذ 2 أيام

تكرّرت حالات رفض غير مبرّرة لطلبات حصول طلاب سوريين على تأشيرات لدخول مصر، حتى لمن يملكون أوراق قبول رسمية بالجامعات، بعد سنوات من السماح بالتحاقهم بالجامعات المصرية وفق تسهيلات.
يعيش الطالب السوري في السنة الخامسة بكلية الطب في إحدى
الجامعات المصرية
، محمد نجيب، كابوساً، فبعد سنوات من الدراسة، جرى ترحيله من مصر من دون سابق إنذار. لم يكن الشاب مخالفاً لأي قانون، ولم يخرق أي نظام، ذنبه الوحيد أنه سوري.
قصة محمد نجيب واحدة من عشرات القصص المتكرّرة
لطلاب سوريين
كانوا يدرسون في جامعات مصر، ووجدوا أنفسهم لاحقاً محرومين من دخول البلاد، أو مطالبين بالمغادرة، أو رُفض
تجديد إقاماتهم
، ما جعلهم مهددين بالفصل من الجامعات، وأحياناً ممنوعين من الحصول على شهاداتهم الدراسية.
ومنذ بداية العام الدراسي 2023– 2024، طرأ تحوّل مفاجئ في تعامل السلطات المصرية مع
الطلاب السوريين
، ورغم قرار رسمي نُشر في وسائل الإعلام الحكومية، يفيد بإعادة فتح الباب لمنح التأشيرات للطلاب السوريين، فإن عشرات الطلبة أفادوا برفض طلباتهم، من دون توضيح من السفارات أو القنصليات المصرية، ومن دون تمكينهم من استرداد المبالغ التي دفعوها، التي تتجاوز لدى بعضهم 8000 دولار.
يقول أحمد قاسم، وهو طالب سوري مقيم في السعودية لـ"العربي الجديد": "أرسلت ملفي إلى جامعة مصرية، وسدّدت رسوم التقديم والقيد، لكن السفارة المصرية رفضت منحي التأشيرة. لا سبب، ولا تبرير، فقط رفض، والجامعة ترفض إعادة الرسوم، بحجة أنني مقيّد فعلياً".
ووفق شهادات متكرّرة، تحدث طلاب سوريون عن معاملة سيئة في منافذ الدخول إلى مصر. تقول طالبة رفضت ذكر اسمها، إنها احتُجزت لساعات في مطار القاهرة، وتعرضت لمعاملة وصفتها بـ"التمييزية"، قبل أن يجري ترحيلها رغم حملها وثيقة قيد رسمية، وتأشيرة تعليمية سارية.
وحسب مناشدات وُجهت إلى وزارتَي الخارجية والتعليم العالي في
الحكومة السورية
، فإن "أكثر من 140 طالباً جرى ترحيلهم من مصر أو رفض منحهم تأشيرات"، فضلاً عن عشرات آخرين لا يزالون ينتظرون التأشيرات منذ أشهر. وأكدت وزارة الخارجية السورية أنها تواصلت مع الجانب المصري من دون أن تتلقى رداً.
لم تتوقف الأزمة عند المنافذ الحدودية، فبعض الجامعات المصرية، الخاصة منها تحديداً، قامت بفصل طلاب سوريين قبل الامتحانات النهائية، وبعضهم يدرسون فيها منذ سنوات، والذريعة المتكرّرة هي "أسباب أمنية"، حسب ما أُبلغ به الطلاب، لكن من دون أي إجراء قانوني يدعم ذلك، ووصل الأمر في بعض الحالات إلى منع طلاب من استلام ملفاتهم الجامعية، أو كشوف درجاتهم إلا بعد سداد مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات، وقد دفع بعضهم مرغماً حتى يمكنه الانتقال إلى جامعات أخرى.
يقول الطالب السوري كرم، وهو مقيم حالياً في الكويت، لـ"العربي الجديد": "دفعت قسط السنة في الجامعة المصرية الخاصة، وأنهيت الفصل الدراسي الأول، وقبل الامتحان أخبروني أنني مفصول لأنني لم أحصل على موافقة أمنية، رغم أني في سنتي الثالثة".
ويتابع الطلاب السوريون المتضرّرون من الخارج ما يجري في مصر من دون أي قدرة على تغيير مصيرهم، وبعضهم خسر سنة دراسية كاملة، والبعض الآخر لم يعد يستطيع الالتحاق بالتعليم بعد أن خسر وثائقه. يقول أحدهم: "لا نطلب معاملة خاصة، فقط نريد أن نحصل على حقنا في التعليم الذي دفعنا مقابله مقدماً".
ويشير حقوقيون مصريون إلى أن ما يحدث مع الطلاب السوريين قد لا يكون مجرد تعقيد إداري، بل يعكس "مزاجاً سياسياً متغيراً في التعامل مع السوريين عموماً"، وربما يرتبط بملف العلاقات بين القاهرة ودمشق، أو باعتبارات أمنية مصرية تتعلق بطبيعة وجود الجالية السورية.
يقول والد أحد الطلاب السوريين المتضرّرين لـ"العربي الجديد": "قدمت الحكومة المصرية نموذجاً رائعاً في احتضان السوريين طوال سنوات الحرب، فهل يُعقل أن تكون نهاية هذا الاحتضان هي حرمان أبنائنا من التعليم؟".
ويطالب الطلاب السوريون المتضرّرون بثلاثة أمور رئيسية، الأول تفعيل القرار المصري بإصدار تأشيرات الدراسية، خاصة للطلاب المقيدين والمستوفين للشروط، والثاني إعادة الرسوم الدراسية لمن لم يتمكنوا من الالتحاق بجامعاتهم، والثالث تسليم الوثائق الجامعية من دون شروط مالية تعجيزية كي يتمكنوا من استكمال دراستهم في دول أخرى.
وفي حال تعذر عودتهم إلى مصر، يقترح طلاب سوريون أن يجري نقلهم إلى الجامعات الحكومية السورية بنفس التخصّصات، وبنفس الرسوم التي دفعوها للجامعات المصرية، حفاظاً على مستقبلهم الدراسي.
رغم كل ذلك، يغيب أي اعتراف رسمي من الحكومة المصرية بوجود الأزمة، مع صمت من الجامعات في ظل غموض الموقف الأمني، وانعدام أي مسار قانوني واضح. وبحسب مراقبين، فإن استمرار هذا الوضع يُشكل تهديداً لمستقبل مئات الطلاب، ولسُمعة التعليم العالي المصري.
استضافت مصر مئات آلاف السوريين لسنوات، 11 نوفمبر 2022 (خالد دسوقي/فرانس برس)
ومنذ عام 2023، رصدت منظمات حقوقية تصاعداً ملحوظاً في أعداد الطلاب السوريين الذين يُمنعون من تجديد إقاماتهم الدراسية في مصر، أو أولئك الذين غادروا مؤقتاً ولم يُسمح لهم بالعودة رغم حيازتهم قبولاً جامعياً وإقامات سارية. وتشير "رابطة السوريين في مصر" إلى أن أكثر من 1200 طالب تضرّروا مباشرةً خلال العام الأخير وحده، بين منع من الدخول أو منع من تجديد الإقامة.
وأصدرت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" بياناً في مارس/آذار 2024، أكّدت فيه أن ما يجري في ملف الطلاب السوريين يعدّ انتهاكاً صريحاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي ينصّ على حق الجميع في التعليم العالي على أساس المساواة. معتبرة أن "التمييز ضد الطلاب السوريين لا يستند إلى أي أسس قانونية، بل يتناقض مع التزامات مصر بصفتها دولةً طرفاً في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، وأيضاً إعلان الدار البيضاء لعام 2005 حول حماية اللاجئين العرب".
ووثقت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، أكثر من 300 حالة حرمان من الإقامة الدراسية في مصر بين سبتمبر/أيلول 2023 ومارس/آذار 2024، مؤكدة أن بعضها طاول طلاب دراسات عليا وباحثين في جامعات مرموقة، مثل جامعتي القاهرة وعين شمس.
وفي اتصالات مع "المجلس الأعلى للجامعات" المصري، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، أنه لم تصدر تعليمات من وزارة التعليم العالي بقبول الوافدين السوريين الجدد في الكليات المصرية للعام الدراسي 2025- 2026 حتى الآن، كما لم تصدر وزارة التعليم العالي أو وزارة الداخلية المصرية أي توضيح بشأن المعايير الجديدة المفروضة على قبول الطلاب السوريين.
ومع غياب المسار القانوني الواضح، يضطر الطلاب إما للعيش في وضع مخالف من دون إقامة، أو مغادرة البلاد وخسارة سنوات من الدراسة والاندماج.
لجوء واغتراب
التحديثات الحية
اللاجئون السوريون في مصر واحتمال العودة طوعياً أو قسرياً
ويربط مراقبون هذه الأزمة بتغيرات أوسع في السياسة الإقليمية، خصوصاً في ظل التقارب الحذر بين مصر والنظام السوري الجديد، وما يرافقه من تحولات في التعامل مع السوريين داخل مصر. ويقول مصدر في منظمة دولية تهتم بشؤون اللاجئين، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "طريقة التعامل مع السوريين بدأت تشهد تغيراً ملحوظاً منذ منتصف 2022، لكنها بلغت ذروتها خلال العام الماضي بعد موجة شكاوى أمنية من وجود تنظيمات مفترضة داخل أفراد الجالية، ما يبدو أنه أثر على قرارات الإقامة جماعياً".
في المقابل، أكد مصدر أمني مصري لـ"العربي الجديد"، أن "ما يُثار بشأن منع الطلاب السوريين من الدراسة في مصر لا يعكس الواقع. الأمر لا يتعلق بأي قرار سياسي، وإنما هو إجراء تنظيمي يتعلق بضبط دخول السوريين، والطلاب الأجانب عموماً، وهو يُطبق على الجميع من دون تمييز. قبل فترة، قررت السلطات تنظيم دخول المواطنين السوريين، بحيث لا يُسمح بالدخول إلّا بعد تقديم طلب مسبق عبر السفارات المصرية، على أن يُراجع أمنياً كإجراء سيادي معمول به في أغلب الدول، ومن يحصل على الموافقة يدخل بشكل طبيعي".
وشدّد المصدر على أن "عدد المتأثرين بهذه الإجراءات لا يتجاوز 200 إلى 300 طالب على الأكثر، وأغلبهم إما لم يستكملوا ملفاتهم بالشكل المطلوب، أو يقيمون خارج مصر، وبعضهم يقيم في البلاد بطرق غير نظامية لا تمنحه الحق في الحصول على خدمات التعليم العالي. الحق في التعليم مكفول لمن يملك إقامة قانونية سارية، أو وضعاً معترفاً به بصفته طالباً وافداً أو لاجئاً مسجلاً، أما من يخالف الإجراءات القانونية فلا يحق له المطالبة بخدمات حكومية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكاميرون تتصدّر قائمة أزمات النزوح الأكثر إهمالاً لسنة 2024
الكاميرون تتصدّر قائمة أزمات النزوح الأكثر إهمالاً لسنة 2024

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

الكاميرون تتصدّر قائمة أزمات النزوح الأكثر إهمالاً لسنة 2024

تصدّرت الكاميرون عام 2024 قائمة تضمّ الدول التي تواجه أكثر أزمات النزوح إهمالاً في العالم، بعدما كانت بوركينا فاسو تحتل المرتبة الأولى سنة 2023 في التصنيف الذي يضعه المجلس النرويجي للاجئين. وتنشر هذه المنظمة غير الحكومية الاسكندنافية قائمة سنوية تضمّ عشر أزمات نزوح "مهملة"، بناء على ثلاثة معايير، هي "نقص التمويل الإنساني وقلة التغطية الإعلامية وغياب التفاعل السياسي الفعّال لوضع حدّ للنزاع وتحسين أوضاع النازحين ". وأشار المجلس إلى أن "الكاميرون لطالما كانت ضمن المراتب العليا في القائمة، ولا تزال تعاني من ثلاث أزمات مزمنة ومتفشية أدت إلى نزوح مئات الآلاف"، مضيفا "إنها مثال حي على الإهمال العالمي: دبلوماسية شبه غائبة، وتمويل ضئيل، وتغطية إعلامية شبه معدومة. ونادرا ما تم ذكر أزمة النزوح في الكاميرون في وسائل الإعلام العالمية، ما جعل معاناة المتأثرين بالنزاع والنزوح غير مرئية للكثيرين". وجاءت إثيوبيا في المرتبة الثانية، وهو أعلى مركز تصل إليه على الإطلاق في هذه القائمة، بينما حلّت موزمبيق في المرتبة الثالثة لأول مرة. أما بوركينا فاسو التي تصدرت القائمة في العامين الماضيين، فاحتلت المركز الرابع. وجاءت جمهورية الكونغو الديمقراطية في المرتبة الثامنة بعد أن كانت في المراتب الثلاث الأولى منذ بدء إصدار هذه التقارير. وقال المجلس إنّ "هذه التغيرات لا تعكس تحسنا حقيقيا، بل تسلط الضوء على حقيقة قاسية: كل الأزمات الإنسانية طويلة الأمد تقريبا أصبحت الآن مهملة"، مشيرا إلى أن "الفجوة بين ما كان مطلوبا لتلبية الاحتياجات الإنسانية في عام 2024 وما تم توفيره بلغت 25 مليار دولار أميركي، ما يعني أن أكثر من نصف الاحتياجات لم تتم تلبيتها. وهذا الرقم كبير، لكنه يعادل نحو 1% فقط مما أنفقه العالم على الدفاع في عام 2024". وقال الأمين العام للمجلس يان إيغلاند "لقد طغت السياسات الانعزالية والقومية بشكل متزايد في الدول المانحة، التي كانت كريمة في السابق، على روح التضامن الدولي. وهذا يزيد من إهمال المتضررين من الأزمات والنزوح في وقت بلغ فيه عدد المهجّرين من منازلهم رقما قياسيا. لقد شاهدنا كيف أدارت الدول المانحة في أوروبا، والولايات المتحدة، وأماكن أخرى، ظهرها للناس في أشد لحظاتهم احتياجاً". وأضاف "من الضروري ألا نتعامل مع انسحاب المانحين من تقديم المساعدات باعتباره أمراً محتوماً. النزوح ليس أزمة بعيدة، إنه مسؤولية مشتركة. علينا أن نقف ونطالب بوقف التخفيضات القاسية في المساعدات التي تودي بحياة المزيد من الناس كل يوم". لجوء واغتراب التحديثات الحية إدارة ترامب تنهي وضع الحماية لآلاف المهاجرين الأفغان والكاميرونيين وجمّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، المساعدات الخارجية الأميركية وحلّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، التي كانت تدير ميزانية سنوية قدرها 42.8 مليار دولار، أي ما يُمثل 42% من المساعدات الإنسانية العالمية. (فرانس برس)

في "التنوير" السوري
في "التنوير" السوري

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

في "التنوير" السوري

أن تتعلّق أولى اتفاقيات الاستثمار في سورية مع شركات عالمية كبرى، وبقيمة سبعة مليارات دولار، بالكهرباء والطاقة الشمسية، كما عوين بمراسم توقيعها في 28 الشهر الماضي (مايو/ أيار) في قصر الشعب في دمشق، وبحضور الرئيس أحمد الشرع، قد يجيز الاستعانة بمجازات التعبير والإنشاء، لإنعاش حالةٍ من التفاؤل تبقى سورية في أمسّ الحاجة إليها، فبالإضافة إلى ما تلبّيه هذه الاتفاقيات من احتياجاتٍ واسعةٍ من الكهرباء والطاقة لتشغيل مصانع ومرافق ومنشآت عديدة، فإنها توفّر إنارة في الطرق والمنازل، فضلاً عن "خدماتٍ" أخرى عديدة تيسّرها الكهرباء للناس أينما كانوا. وفي الوُسع، هنا، أن يُرى الأمر، على نحوٍ مجازيٍّ مواز، كأن يُؤتى على إحالةٍ إلى شديد الحاجة في سورية لإنارة طرقٍ أخرى، طرق المجتمع، في عمومه، في وجهته إلى إعادة بناء بلده، وإلى تشكيل مؤسّساتٍ سورية الجديدة، من قبيل أن يكون التنوير عماد العمل العام، الثقافي والسياسي والاجتماعي، والمنطلق الذي تصدُر عنه مختلف المقاربات في التعليم والتأهيل والتخطيط والإدارة والتسيير. أما عن كيفيات هذا الأمر، والخروج به من مستوى التنظير إلى الأداء والفعل، فأهل مكّة أدرى بشعابها، ولا حاجة لأدمغةٍ وكفاءاتٍ سورية بلا عدد، في بلدها وخارجه، إلى وعظيّاتٍ من صاحب هذه الكلمات. ولئن اشتغل فلاسفة ومفكّرون كثيراً على مفهوم التنوير، فإن الذي يعنينا، في النهاية، أن نغادر العرَج إياه عند "تنويريين" عربٍ غير قليلين، عندما قصروه على مستوى الخطاب الديني، وصعّدوا ضد "الإسلام السياسي" بالمطلق، فراحوا يطنبون في الحديث عن "الاستبداد الديني"، بحقٍّ وبغير حقّ، وأغمضوا عيونهم الحوْلاء عن الاستبداد السياسي، فصمتوا عن انقلابيين دكتاتوريين في المنطقة العربية، وخرسوا عن شناعات بشّار الأسد المشهودة. ولئن نفض السوريون عنهم وعن بلدهم استبداد آل الأسد فهذا يجعلهم في يقظةٍ دائمةٍ ضد أي محاولة من أي سلطة، راهنة أو مقبلة، باتجاه الحدّ من الحرّيات، وتزبيط قوانين تنظم أصنافاً وألواناً من التسلّط على المجال العام. وهذا النقاش الواسع الذي يخوض فيه السوريون، وفيه النقد والنقد المضاد، ومطارحاتٌ تعاكس المسار الذي يمضي فيه وإليه الحكم القائم، ومطارحاتٌ أخرى تتعامل مع هذا الحكم بتشجيعه بعد كل خطوة إيجابية، وانتقاده بعد كل قرار يرى سلباً، هذا النقاش يؤشّر إلى مشهد يتصف بمقادير ظاهرة من الحيوية المحمودة، وإن ثمّة ملاحظة هنا أو هناك. البادي، في الأول والأخير، أن العموم السوري غادر التحديق في هيئة تحرير الشام وأرشيفها، وجبهة النصرة وما كانت عليه، وهم يُعاينون أداء السلطة القائمة، الانتقالية كما يجب التذكير والتشديد، فأولوية الأولويات لدى المواطنين، في مدنهم وقراهم وأريافهم وبواديهم، أن تتوفّر الكهرباء وفرص العمل والتشغيل، سيّما أنهم لم يلحظوا أداءً جهادياً سلفياً (أو سلفياً جهادياً؟) في أداء الرئيس ومعاونيه وحكومته، وإنْ يشدّدوا على واجب الضرورة بأن تتمأسس قوى الأمن وقطاعات الجيش بمهنية واحترافية، فلا تضم عناصر وضبّاطاً لا تعطي الصورة المهابة لها. ... ولكن مثقفين في نخبةٍ سورية في البلاد وخارجها يُغريهم المكوث في منطقة ذلك الكلام عن السلفيات و"النصرة" و"أحرار الشام". ومع كل الحق في حرية القول لهم ولغيرهم، يحسُن أن يعرفوا أن هذه الموضوعة ليس من مشاغل السوريين، ولا من أولوياتهم واهتماماتهم، لا بدليل استطلاعات رأيٍ وتحقيقاتٍ صحفية، إنما أيضاً بالمعاينة المُشاهدة وبالبديهي الذائع. وعندما يدخل الرئيس أحمد الشرع الإليزيه في باريس ويجتمع به دونالد ترامب في الرياض، وربما يلقي كلمة سورية في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، فهذا مما يدفع إلى التخفّف من تلك الحمولات الباهظة، والتي تُثقل على نفوس الذين لم يتصوّروا أن يجلس في قصر الشعب رئيس كنيته السابقة أبو محمد الجولاني، في بلد الحداثة والتجديد في الآداب والفنون والأفكار، ويدفع من قبل ومن بعد إلى التحرّر، كلّيا كما أعتقد، من ذلك الجنوح إلى التأسّي والتأسّف، والذهاب إلى ما يعضُد تفاؤلاً ممكنا (أو مطلوباً ربما؟)، تبشّر به اتفاقياتٌ لم يسبق أن شهدت مثلها سورية، من حيث ملياراتها السبعة، خصوصاً أن بالغ أهميتها أنها في الكهرباء والطاقة، وطاقة السوريين على العمل والبناء مشجّعة دائماً، والنور في أفيائهم واعد دائماً.

واشنطن تبدأ تقليص وجودها العسكري في سورية
واشنطن تبدأ تقليص وجودها العسكري في سورية

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

واشنطن تبدأ تقليص وجودها العسكري في سورية

قال المبعوث الأميركي إلى سورية، توم باراك، إن الولايات المتحدة بدأت تقليص وجودها العسكري في سورية، وتهدف إلى إغلاق كل قواعدها في هذا البلد باستثناء واحدة. وأوضح المبعوث في مقابلة مع محطة "إن تي في" التلفزيونية التركية، مساء الاثنين، أن "هناك تقليصاً في حضورنا العسكري في عملية العزم الصلب"، مضيفاً "انتقلنا من ثماني قواعد إلى خمس فثلاث. وسنبقي على الأرجح على قاعدة واحدة". لكن المبعوث الأميركي اعترف أن سورية لا تزال تواجه تحديات أمنية كبيرة تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع. وفي إبريل/ نيسان، أعلن البنتاغون عزمه خفض عدد الجنود الأميركيين المنتشرين في سورية إلى أقل من ألف جندي تقريباً في الأشهر المقبلة. تقارير عربية التحديثات الحية تقليص الوجود العسكري الأميركي بسورية... تركيز على النفوذ السياسي ودخلت القوات الأميركية إلى سورية في عام 2015 بموجب تفويضات استخدام القوة العسكرية لعامَي 2001 و2002، التي أُصدرت حينها لمحاربة تنظيم القاعدة في أفغانستان، وغزو العراق لإطاحةِ نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقد رأى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أنه بإمكانه استخدام تلك التفويضات لمحاربة "داعش" أيضاً، مع توسّع نشاط التنظيم وسيطرته في عام 2014 على مناطق واسعة في العراق وسورية، وتبنيه هجمات عسكرية في أوروبا عام 2015، إذ شنّت الولايات المتحدة وحلفاؤها آلاف الضربات الجوية على مواقع للتنظيم في سورية، ودعمت عمليات قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ضده. وفي عام 2018، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى سحب القوات الأميركية من سورية، وقد أمر بالفعل بسحب الجزء الأكبر من الوجود العسكري الأميركي بسورية مبقياً على نحو 400 جندي فحسب، لكنْ بناءً على نصائح حلفاء في المنطقة، وقادة ميدانيين ووزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، زاد العدد لاحقاً، حتّى وصل في صيف عام 2024، وفق بيانات معهد بحوث الكونغرس، إلى نحو 900 جندي، بتمويل مقداره 156 مليون دولار، قبل أن يكشف البنتاغون عن أن الوجود العسكري الأميركي بسورية بلغ ألفَي جندي أميركي بالفعل نهاية العام الماضي، نتيجة التوترات التي سادت المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى في غزة. (فرانس برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store